جلسة 1 من نوفمبر سنة 2005
برئاسة
السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / سمير
أنيس، عمر بريك، فرحان بطران وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة .
-------------
(83)
الطعن 10812 لسنة 67 ق
(1) طفل. اختصاص " الاختصاص الولائي
" . نظام عام. قانون "سريانه" "تطبيقه" "القانون
الأصلح".
نص المادة 122
من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 . مفاده ؟
الأصل أن
قوانين الإجراءات تسري من يوم نفاذها ولو تعلقت بجرائم وقعت قبل نفاذها.
القوانين
المعدِلة للاختصاص تنفذ بأثر فوري شأنها شأن قوانين الإجراءات. ما لم يُنص على أحكام
انتقالية. مؤدى ذلك ؟
قواعد الاختصاص
في المواد الجنائية من النظام العام. وجوب تطبيق القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن
الطفل على الواقعة. مادام قد صدر أثناء فترة المحاكمة.
مجال إعمال
قاعدة القانون الأصلح. القواعد الموضوعية دون الإجرائية. مؤدى وأساس ذلك؟
(2)
استئناف "ما يجوز استئنافه من الأحكام". طفل. قضاة. محكمة الطفل " تشكيلها " .
الحكمة التي تغياها
المشرع من الرعاية الجنائية للطفل في مفهوم القانون رقم 12 لسنة 1996 ؟
الغرض من إعمال
مبدأ تخصص القضاة في محاكمة الطفل؟
الغرض من تشكيل
محكمة الطفل من ثلاثة قضاة وخبيرين احدهما على الأقل من النساء. زيادة الضمانات
المقررة للطفل.
جواز الطعن
بالاستئناف فيما تصدره محكمة الطفل من أحكام في الجنايات والجنح.
الغرض من فرض
السرية في محاكمة الطفل ؟
الخطأ في تقدير
سن الطفل. أثره: إعادة النظر في أحكام محكمة الطفل. أساس ذلك؟
لمحكمة الطفل
سلطة إنهاء التدبير المحكوم به عليه أو تعديل نظامه أو إبداله ولرئيسها الفصل في
منازعات التنفيذ التي يجري التنفيذ في دائرتها.
(3)
طفل. محكمة الطفل " تشكيلها " . محكمة الجنايات "اختصاصها".
أمر بألا وجه. دعوى جنائية " انقضاؤها بالحكم النهائي ".
محكمة الطفل
وفق تشكيلها القانوني وإجراءاتها واختصاصها. هي القاضي الطبيعي لإجرام الطفل.
الحكمة التي تغّياها المشرع من ذلك ؟
الغرض من اختصاص
محكمة الجنايات بمحاكمة الطفل. استثناء من الأصل العام في حالة المساهمة الجنائية
في الجريمة مع بالغين ؟ الفقرة الثانية من المادة 122 من قانون الطفل.
الحكمة من
إفراد الاختصاص الاستثنائي لمحكمة الجنايات في محاكمة الطفل ؟
اختصاص محكمة
الجنايات بمحاكمة الطفل. استثناء لا يجوز التوسع فيه. علة وشرط ذلك ؟
صدور أمر بألا
وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم البالغ وانقضاؤها لأي سبب. أثره: انتفاء
موجب اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الطفل الذي أسهم في الجريمة معه. علة ذلك؟
(4)
طفل. محكمة الطفل " اختصاصها " . محكمة الجنايات " اختصاصها
" . قوة الأمر المقضي .
الاختصاص
الاستثنائي لمحكمة الجنايات بمحاكمة الطفل. شرطه وجود مقتضى لرفع الدعوى الجنائية
مع بالغ .
انقضاء الدعوى الجنائية قبل
المتهمين البالغين بصدور حكم بات حائز لقوة الأمر المقضي. أثره : اختصاص محكمة الطفل
وحدها بمحكمة الطفل . أساس ذلك ؟
مثال .
(5)
اختصاص "تنازع الاختصاص" "الاختصاص الولائي". نيابة
عامة.
طلب تعيين
المحكمة المختصة وفقاً لمفهوم نص المادتين 226 ، 227 من قانون الإجراءات الجنائية.
منوط بالجهة التي يطعن أمامها في أحكام المحكمتين المتنازعتين أو أحداهما.
قيام التنازع
بموجب حكم واحد . للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة دون انتظار صدور
حكم آخر من محكمة أخرى. شرط ذلك؟
مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن
القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل قد نص في المادة 122 منه على"
أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم
أو تعرضه للانحراف ، كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد من 113
إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون ، واستثناء من حكم الفقرة السابقة يكون
الاختصاص لمحكمة الجنايات بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنة خمس
عشرة سنة وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع
الدعوى الجنائية عليه مع الطفل ، وفي هذه الحالة يجب على المحكمة قبل أن تصدر
حكمها أن تبحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه من الخبراء". لما
كان ذلك ، وكان الأصل أن قوانين الإجراءات تسرى من يوم نفاذها على الإجراءات التي
لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها ، وقد جرى قضاء محكمة النقض
على أن القوانين المعدِلة للاختصاص تطبق بأثر فورى، شأنها في ذلك شأن قوانين
الإجراءات، فإذا عدّل القانون من اختصاص محكمة قائمة بنقل بعض ما كانت مختصة بنظره
من القضايا طبقاً للقانون القديم إلى محكمة أو جهة قضاء أخرى، فإن هذه الجهة
الأخيرة تصبح مختصة ولا يكون للمحكمة التي عُدّل اختصاصها عمل بعد نفاذ القانون الجديد
، ولو كانت الدعوى قد رفعت إليها بالفعل طالما أنها لم تنته بحكم بات وذلك كله مالم ينص المشرع على
أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال . ومؤدى ذلك أن أحكام المادة 122 من القانون رقم
12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل هي الواجبة التطبيق باعتبارها تنظم قاعدة إجرائية
متعلقة بقواعد الاختصاص ، كما خلا قانون الطفل آنف البيان من النص على أحكام وقتية
تنظم مرحلة الانتقال لما هو مقرر من أن قواعد الاختصاص في المواد الجنائية من
النظام العام ولا وجه للقول بتطبيق
القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث بحسبان أن القانون رقم 12 لسنــة 1996
بإصدار قانون الطفل قد صدر في تاريخ لاحق على تاريخ ارتكاب الجريمة المسندة إلى
المتهم الحدث وأثناء فترة محاكمته ، كما لا وجه لإعمال قاعدة سريان القانون الأصلح
المقررة بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فأن مجال إعمال تلك القاعدة – وفقاً
لما سبق إيضاحه على السياق المتقدم – يمس فى الأصل القواعد الموضوعية. أما القواعد
الإجرائية ، فإنها تسرى من يوم نفاذها بأثر فورى على القضايا التي لم تكن قد تم
الفصل فيها ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها ، ما لم ينص القانون على خلاف
ذلك- وهو الحال في الدعوى الماثلة.
2- لما كان البيّن من
استقراء أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، أن المشرع كفل في
الباب الثامن منه الرعاية الجنائية للطفل ووضع ضوابطها الموضوعية والإجرائية
تغيَّاً منها فى جميع الأحوال – على ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية – وقاية الطفل
من خطر الانحراف والجناح وإصلاح سلوكه وتقويمه والبعد به عن شبهات الإجرام ومظانه
وإدراكا لحقيقة ثابتة هي أن الطفل لا يطرق باب الإجرام لشر متأصل في نفسه وإنما
الغالب أن يكون ضحية الظروف الاجتماعية والبيئية التي تحيط به، مما يتعين أن يعامل
الطفل بأساليب الإصلاح والوقاية أكثر مما
يعامل بالأساليب الجنائية التي تتضمن معنى الإيلام والعقاب أخذاً بنظرية الخطورة
الاجتماعية وتمشياً مع ما استهدفه المشرع من الضوابط الإجرائية التي وضعها لمعاملة
الطفل جنائياً، فقد أفرد له – كقاعدة عامة- محكمة الأحداث دون غيرها للنظر في أمره
عند تعرضه للانحراف وعند اتهامه في الجرائم . وقد أخذ المشرع – وعلى نهج ما أخذت
به كثير من الدول المتحضرة وما كان عليه الحال في التشريعات السابقة بشأن
الأحداث بمبدأ تخصص القضاة عند محاكمة
الطفل لتحقيق كل صور الرعاية له وراعى في تشكيل محكمة الأحداث في القانون الحالي
زيادة الضمانات المقررة للأحداث ، بأن جعل تشكيل هذه المحكمة من ثلاثة قضاة بدلاً
من قاضي واحـد في القانـون السابق ، كما ضم إلى تشكيـل محكمة الأحداث إثنيـن
من الخبراء أحدهما على الأقل من النساء وهما جزء من تشكيلها تَبطُل
الإجراءات بعدم حضورهما ، كما أجاز القانون الطعن بالاستئناف فيما تصدره
محكمة الأحداث من أحكام سواء في الجنايات أو الجنح ، كما فرض القانون السرية في
محاكمة الأحداث خلافاً للأصل العام في المحاكمات الجنائية من وجوب العلانية. وقصد
القانون من ذلك حماية نفسية الحدث وحماية حياته الخاصة وسمعته وسمعة أسرته وبعث
الاطمئنان إلى نفس الحدث ، كما نظم القانون إعادة النظر في أحكام محكمة الأحداث
لمواجهة الخطأ في تقدير السن ، كما خص رئيس محكمة الأحداث- التي يجري التنفيذ في
دائرتها- بالفصل في جميع منازعات التنفيذ ، كما أعطى القانون للمحكمة صلاحية إنهاء
التدبير المحكوم به على الحدث أو تعديل نظامه أو إبداله.
3- من المقرر أن محكمة
الأحداث - بتشكيلها المنصوص عليه في القانون والإجراءات المتبعة أمامها واختصاصها
بنظر جرائم الأحداث بما فيها الجنايات التي يتهم فيها الحدث أو عند تعرضه لانحراف-
تعتبر القاضي الطبيعي وفقاً للرؤية الحضارية لإجرام الأحداث وجنوحهم وحكمة المشرع
التي تغيّاها من إفراد هذا الاختصاص لهذه المحكمة تكمن في بث الطمأنينة والثقة في
نفوس الأحداث مع إبعادهم عن المحاكمات
التقليدية- بما تمثلها من قيود السجن والحراسة- ويكون فيها القاضي بمثابة الأب
الذى يرعى بنيه يهمه الحدث قبل أن تهمه الجريمة ويهتم بتكوين النشء وبناء المجتمع
أكثر من الاهتمام بتوقيع العقاب. بيد أنه استثناء من هذا الأصل العام فقد نص المشرع
في المادة 122 /2 من قانون الطفل على اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الحدث في حالة
المساهمة الجنائية فى الجريمة مع البالغين. والغرض من هذا الاستثناء هو وجود
ارتباط غير قابل للتجزئة بين إجرام الحدث وإجرام البالغ فى الواقعة محل المحاكمة،
فالمتهم الحدث إما فاعلاً أصلياً مع المتهم البالغ أو شريكاً له ، والحكمة من
إفراد هذا الاختصاص الاستثنائي لمحكمة الجنايات في محاكمة الحدث أمامها تكمن في
منع التضارب بين الأحكام التي تصدر من محكمة الجنايات في محاكمة البالغين وتلك
التي تصدر من محكمة الأحداث في محاكمة الأحداث في جريمة واحدة ساهم فيها الطرفان ،
فمما يؤذى العدالة أن تقضى محكمة الأحداث بإدانة المتهم الحدث باعتباره شريكاً
للمتهم البالغ بينما يُحكم من محكمة الجنايات ببراءة المتهم البالغ باعتباره فاعلا
أصليا بالمخالفة لما استقر عليه الفقه الجنائي من أن الشريك يستمد إجرامه من
الفاعل الأصلي ، لذلك فإنه لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة خص المشرع محكمة
الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث استثناء من أصل عام لا يجوز التوسع فيه وذلك بشروط
حددها المشرع وهي : 1- أن يكون عمر الحدث جاوز الخامسة عشر عاماً وقت ارتكاب
الجريمة . 2- أن تكون الجريمة التي ارتكبها الحدث جناية 3- أن يساهم البالغ مع
الحدث في الجريمة سواء باعتباره فاعلاً أصلياً معه أو شريكاً له 4- أن يقتضي الأمر
رفع الدعوى الجنائية على الحدث ومن أسهم في الجريمة معه من غير الأحداث ومؤدى هذا
الشرط أن تقدر النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية على كل من المتهمين البالغ
والحدث إلى محكمة الجنايات ، فإذا صدر أمراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية
بالنسبة للمتهم البالغ أو انقضت الدعوى الجنائية لأى سبب من أسباب الانقضاء
بالنسبة له، فلا ينطبق هذا الاستثناء لانتفاء حكمة المشرع من تقريره ، إذ أن مثول
المتهم الحدث بمفرده ومحاكمته أمام محكمة الجنايات يتنافى مع قصد المشرع ويعصف بمبادئ العدالة الجنائية
وضوابط المعاملة الجنائية للطفل التي رسم المشرع أبعادها وحدد نطاقها.
4- لما كان الثابت من
الاطلاع على الأوراق والمفردات المنضمة أن المتهم الحدث وإن تجاوز الخامسة عشر من
عمره وقت ارتكاب الجريمة وقد أسهم معه في جناية القتل العمد المقترن بجناية الشروع
في القتل المتهمين البالغين " ..... " و" ..... "، إلا
أن الثابت- من الشهادة المرفقة الصادرة من النيابة المختصة- أن الدعوى الجنائية التي
أقامتها النيابة العامة ضد المتهمين البالغين قد انتهت بصدور حكم جنائي من محكمة
الجنايات المختصة بإدانة المتهم الأول وببراءة المتهم الثاني وأن هذا الحكم قد
أصبح باتاً حائزاً لقوة الأمر المقضي بصدور حكم من هذه المحكمة – محكمة النقض –
برفض الطعن موضوعاً. ومن ثم ، يكون قد تخلف شرط من شروط تحقق الاختصاص الاستثنائي
المقرر لمحكمة الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث وهو وجود مقتضى لرفع الدعوى الجنائية
على المتهم الحدث مع بالغ وذلك لانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهمين البالغين
بصدور حكم بات في موضوعها حاز قوة الأمر المقضي ، ومؤدى ذلك ورجوعاً الى الأصل
العام ، فإن محكمة الأحداث تكون هي المختصة وحدها بمحاكمة المتهم الحدث لعدم
انطباق نص المادة 122/ 2 من قانون الطفل.
5- من المقرر أن مؤدى
نص المادتين 226، 227 من قانون الإجراءات الجنائية يجعل طلب تعيين المحكمة المختصة
منوطاً بالجهة التي يُطعن أمامها في أحكام المحكمتين المتنازعتين أو أحداهما، ذلك
أن التنازع قد يقيمه حكم واحد فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة
المختصة بنظر الدعوى، دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى وذلك حرصاً على
العدالة وتجنب تعطيلها. ولكن شرط ذلك أن تكون الأوراق قاطعة بذاتها ودون إعمال
السلطة التقديرية للمحكمة بقيام هذا التنازع . ولما كان ما تقدم ، وكان الحكم
الصادر من محكمة جنح أحدث مستأنف "....." قد تنكب تطبيق صحيح القانون
بالقضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ، حالة ثبوت هذا الاختصاص لهذه المحكمة
وليس لمحكمة الجنايات، فإنه يكون من المتعين إعمالاً لنص المادة 227 من قانون
الإجراءات الجنائية قبول طلب النيابة العامة وبتعيين محكمة "......"
الكلية دائرة الأحداث للفصل في الدعوى بالنسبة للمتهم الحدث " ......
"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة
العامة كلاً من 1- ... 2- "......3- .... بأنهم : حال كون أولهم
حدث – قتلوا " ... " عمداً بأن أحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية بواسطة " عصى " قاصدين من ذلك قتله مما أودى بحياته واقترنت
هذه الجناية بأخرى وهي أنهما في ذات الزمان والمكان شرعوا فى قتل " ..."
بأن صدموه بجرار زراعي قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير
الطبي المرفق وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو فراره ومداركته بالعلاج
وأحالتهم إلى محكمة جنح أحداث " ..... " التي قضت بإحالة الدعوى إلى
محكمة " ......" الكلية دائرة الأحداث .
ومحكمة " .......
" الابتدائية مأمورية استئناف "
......." – بهيئة استئنافية - قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها
إلى محكمة جنايات " ..... " للاختصاص . فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم أمام ذات المحكمة والتي قضت بقبول
الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاصها نوعياً
بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها .
فرفعت النيابة العامة إلى محكمة النقض طلب
بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى مشفوعاً بمذكرة أسباب حاصلها أن الحكم المطروح
سيقابل حتماً من محكمة الجنايات بالقضاء بعدم الاختصاص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث أن مبنى الطلب المقدم
من النيابة العامة هو أن محكمة جنح أحداث مستأنف "....." قضت حضورياً
بجلسة 22 ديسمبر سنة 1996 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المستأنف وبعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتحاد
شئونها على سند من أن المتهم الحدث والذى
جاوز سنه خمس عشرة سنة قد ارتكب جناية مع آخرين بالغين . ومن ثم ، فإن الاختصاص
بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة جنايات "....." التي تنظر الدعوى الخاصة
بالمتهمين البالغين طبقاً لنص المادة 122 /2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن
الطفل . وأنه لما كان قانون الطفل آنف البيان قد صدر بعد ارتكاب الواقعة وليس أصلح
للمتهم . ومن ثم ، فإن القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث – وهو الذي ارتكبت
الواقعة في ظل سريان أحكامه – يكون هو الواجب التطبيق وبالتالي تكون محكمة الأحداث
هي المختصة بمحاكمة المتهم الحدث طبقاً لأحكام هذا القانون . ومن ثم، فإن محكمة
الجنايات سوف تقضى حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى قبل المتهم الحدث فيما لو
أحيلت إليها الدعوى، مما يؤذن للنيابة العامة أن تطلب إلى محكمة النقض تعيين
المحكمة المختصة بالفصل في الدعوى تطبيقاً للمادة 227 من قانون الإجراءات
وحيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت
الدعوى الجنائية على المتهم الحدث لارتكابه وآخرين بالغين – تمت إحالتهما إلى
محكمة جنايات "....." – جريمة القتل العمد المقترن بالشروع في
القتل ، ومحكمة جنح أحداث "جرجا" قضت حضورياً بجلسة الأول من يونية بعدم
اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة جنايات "....."
للاختصاص ، فاستأنفت النيابة العامة وبجلسة 22 ديسمبر سنة 1996 قضت محكمة جنح
أحداث مستأنف "........" حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأحالتها للنيابة العامة
لاتخاذ شئونها على سند من أن المتهم الحدث والذى جاوز سنة خمس عشرة سنة قد ارتكب
الجناية مع متهمين آخرين بالغين . ومن ثم، ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات المختصة
بمحاكمة المتهمين البالغين إعمالاً لنص المادة 122/2 من القانون رقم 12 لسنة 1996
بشأن الطفل .
لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 12 لسنة
1996 بإصدار قانون الطفل قد نص في المادة 122 منه على" أن تختص محكمة الأحداث
دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف ،
كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد من 113 إلى 116 والمادة 119
من هذا القانون ، واستثناء من حكم الفقرة السابقة يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات
بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنة خمس عشرة سنة وقت ارتكابه
الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع
الطفل ، وفى هذه الحالة يجب على المحكمة قبل أن تصدر حكمها أن تبحث ظروف الطفل من
جميع الوجوه ، ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه من الخبراء". لما كان ذلك ،
وكان الأصل أن قوانين الإجراءات تسري من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد
تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل
نفاذها ، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن القوانين المعدِلة للاختصاص تطبق بأثر
فورى، شأنها في ذلك شأن قوانين الإجراءات، فإذا عدّل القانون من اختصاص محكمة
قائمة بنقل بعض ما كانت مختصة بنظره من القضايا طبقاً للقانون القديم إلى محكمة أو
جهة قضاء أخرى، فإن هذه الجهة الأخيرة تصبح مختصة ولا يكون للمحكمة التي عُدّل
اختصاصها عمل بعد نفاذ القانون الجديد ، ولو كانت الدعوى قد رفعت إليها بالفعل
طالما أنها لم تنته بحكم بات وذلك كله
ما لم ينص الشارع على أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال . ومؤدى ذلك أن أحكام المادة
122 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل هي الواجبة التطبيق باعتبارها
تنظم قاعدة إجرائية متعلقة بقواعد الاختصاص ، كما خلا قانون الطفل آنف البيان من
النص على أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال لما هو مقرر من أن قواعد الاختصاص في
المواد الجنائية من النظام العام ولا وجه
للقول بتطبيق القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث بحسبان أن القانون رقم 12
لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل قد صدر في تاريخ لاحق على تاريخ ارتكاب الجريمة
المسندة إلى المتهم الحدث وأثناء فترة محاكمته ، كما لا وجه لإعمال قاعدة سريان
القانون الأصلح المقررة بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فأن مجال إعمال تلك
القاعدة – وفقاً لما سبق إيضاحه على السياق المتقدم – يمس في الأصل القواعد
الموضوعية. أما القواعد الإجرائية ، فإنها تسرى من يوم نفاذها بأثر فوري على
القضايا التي لم تكن قد تم الفصل فيها ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها ،
ما لم ينص القانون على خلاف ذلك- وهو الحال في الدعوى الماثلة - لما كان ذلك ،
وكان البين من استقراء أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، أن
المشرع كفل في الباب الثامن منه الرعاية الجنائية للطفل ووضع ضوابطها الموضوعية
والإجرائية تغيَّاً منها في جميع الأحوال – على ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية –
وقاية الطفل من خطر الانحراف والجناح وإصلاح سلوكه وتقويمه والبعد به عن شبهات
الإجرام ومظانه وإدراكا لحقيقة ثابتة هي أن الطفل لا يطرق باب الإجرام لشر متأصل
في نفسه وإنما الغالب أن يكون ضحية الظروف الاجتماعية والبيئية التي تحيط به، مما
يتعين أن يعامل الطفل بأساليب الإصلاح والوقاية أكثر مما يعامل بالأساليب الجنائية
التي تتضمن معنى الإيلام والعقاب أخذاً بنظرية الخطورة الاجتماعية وتمشياً مع ما
استهدفه المشرع من الضوابط الإجرائية التي وضعها لمعاملة الطفل جنائياً، فقد أفرد
له – كقاعدة عامة- محكمة الأحداث دون غيرها للنظر في أمره عند تعرضه للانحراف وعند
اتهامه في الجرائم . وقد أخذ المشرع – وعلى نهج ما أخذت به كثير من الدول المتحضرة
وما كان عليه الحال في التشريعات السابقة بشأن الإحداث بمبدأ تخصص القضاة عند محاكمة الطفل لتحقيق كل
صور الرعاية له وراعى في تشكيل محكمة الأحداث في القانون الحالي زيادة الضمانات المقررة
للأحداث ، بأن جعل تشكيل هذه المحكمة من ثلاثة قضاة بدلاً من قاضي واحـد فـي
القانـون السابق إلى تشكيل محكمة الأحداث إثنيـن منا تَبطُـل الإجـراءات
بعـدم حضورهما ، كما أجاز القانون الطعن بالاستئناف فيما تصدره محكمة
الأحداث من أحكام سواء فقب الجنايات أو الجنح ، كما فرض القانون السرية في محاكمة
الأحداث خلافاً للأصل العام فى المحاكمات الجنائية من وجوب العلانية. وقصد القانون
من ذلك حماية نفسية الحدث وحماية حياته الخاصة وسمعته وسمعة أسرته وبعث الاطمئنان
إلى نفس الحدث ، كما نظم القانون إعادة النظر فى أحكام محكمة الأحداث لمواجهة
الخطأ في تقدير السن ، كما خص رئيس محكمة الأحداث- التي يجرى التنفيذ في دائرتها-
بالفصل في جميع منازعات التنفيذ ، كما أعطى القانون للمحكمة صلاحية إنهاء التدبير
المحكوم به على الحدث أو تعديل نظامه أو إبداله . ومؤدى ما تقدم، إن محكمة الأحداث
- بتشكيلها المنصوص عليه في القانون والإجراءات المتبعة أمامها واختصاصها بنظر
جرائم الأحداث بما فيها الجنايات التي يتهم فيها الحدث أو عند تعرضه لانحراف-
تعتبر القاضي الطبيعي وفقاً للرؤية الحضارية لإجرام الأحداث وجنوحهم وحكمة المشرع
التي تغيّاها من إفراد هذا الاختصاص لهذه المحكمة تكمن في بث الطمأنينة والثقة في
نفوس الأحداث مع إبعادهم عن المحاكمات التقليدية- بما تمثلها من قيود السجن والحراسة-
ويكون فيها القاضي بمثابة الأب الذى يرعى بنيه يهمه الحدث قبل أن تهمه الجريمة
ويهتم بتكوين المنشئ وبناء المجتمع أكثر من الاهتمام بتوقيع العقاب. بيد أنه
استثناء من هذا الأصل العام فقد نص المشرع في المادة 122 /2 من قانون الطفل على
اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الحدث في حالة المساهمة الجنائية في الجريمة مع
البالغين. والغرض في هذا الاستثناء هو وجود ارتباط غير قابل للتجزئة بين إجرام
الحدث وإجرام البالغ في الواقعة محل المحاكمة، فالمتهم الحدث إما فاعلاً أصلياً مع
المتهم البالغ أو شريكاً له ، والحكمة من إفراد هذا الاختصاص الاستثنائي لمحكمة
الجنايات في محاكمة الحدث أمامها تكمن في منع التضارب بين الأحكام التي تصدر من
محكمة الجنايات في محاكمة البالغين وتلك التي تصدر من محكمة الأحداث فى محاكمة
الأحداث في جريمة واحدة ساهم فيها الطرفان ، فمما يؤذى العدالة أن تقضي محكمة الأحداث
بإدانة المتهم الحدث باعتباره شريكاً للمتهم البالغ بينما يُحكم من محكمة الجنايات
ببراءة المتهم البالغ باعتباره فاعلا أصليا بالمخالفة لما استقر عليه الفقه
الجنائي من أن الشريك يستمد إجرامه من الفاعل الأصلي ، لذلك فإنه لوحدة الواقعة
وحسن سير العدالة خص المشرع محكمة الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث استثناء من أصل
عام لا يجوز التوسع فيه وذلك بشروط حددها المشرع وهى : 1- أن يكون عمر الحدث جاوز
الخامسة عشر عاماً وقت ارتكاب الجريمة .
2- أن تكون الجريمة التي ارتكبها الحدث جناية 3- أن يساهم البالغ مع الحدث في
الجريمة سواء باعتباره فاعلاً أصلياً معه أو شريكاً له 4- أن يقتضي الأمر رفع
الدعوى الجنائية على الحدث ومن أسهم في الجريمة معه من غير الأحداث ومؤدى هذا
الشرط أن تقدر النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية على كل من المتهمين البالغ
والحدث إلى محكمة الجنايات ، فإذا صدر أمراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية
بالنسبة للمتهم البالغ أو انقضت الدعوى الجنائية لأى سبب من أسباب الانقضاء
بالنسبة له، فلا ينطبق هذا الاستثناء لانتفاء حكمة المشرع من تقريره ، إذ أن مثول
المتهم الحدث بمفرده ومحاكمته أمام محكمة الجنايات يتنافى مع قصد المشرع ويعصف
بمبادئ العدالة الجنائية وضوابط المعاملة الجنائية للطفل التي رسم المشرع أبعادها
وحدد نطاقها .
وحيث أنه لما كان ما تقدم ، وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق
والمفردات المنضمة أن المتهم الحدث وإن تجاوز الخامسة عشر من عمره وقت ارتكاب
الجريمة وقد أسهم معه في ---- جناية القتل العمد المقترن بجناية الشروع في القتل
المتهمين البالغين " ...... " و" ......"، إلا أن
الثابت- من الشهادة المرفقة الصادرة من النيابة المختصة- أن الدعوى الجنائية التي
أقامتها النيابة العامة ضد المتهمين البالغين قد انتهت بصدور حكم جنائي من محكمة
الجنايات المختصة بإدانة المتهم الأول وببراءة المتهم الثاني وأن هذا الحكم قد
أصبح باتاً حائزاً لقوة الأمر المقضي بصدور حكم من هذه المحكمة – محكمة النقض –
برفض الطعن موضوعاً. ومن ثم ، يكون قد تخلف شرط من شروط تحقق الاختصاص الاستثنائي
المقرر لمحكمة الجنايات بمحاكمة المتهم الحدث وهو وجود مقتضى لرفع الدعوى الجنائية
على المتهم الحدث مع بالغ وذلك لانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهمين البالغين
بصدور حكم بات في موضوعها حاز قوة الأمر المقضي، ومؤدى ذلك ورجوعاً الى الأصل
العام ، فإن محكمة الأحداث تكون هي المختصة وحدها بمحاكمة المتهم الحدث لعدم
انطباق نص المادة 122/ 2 من قانون الطفل . لما كان ذلك ، وإذ كان مؤدى نص المادتين
226، 227 من قانون الإجراءات الجنائية يجعل طلب تعيين المحكمة المختصة منوطاً
بالجهة التي يُطعن أمامها في أحكام المحكمتين المتنازعتين أو أحداهما، ذلك أن
التنازع قد يقيمه حكم واحد فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة
بنظر الدعوى، دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى وذلك حرصاً على العدالة وتجنب
تعطيلها. ولكن شرط ذلك أن تكون الأوراق قاطعة بذاتها ودون إعمال السلطة التقديرية
للمحكمة بقيام هذا التنازع ، ولما كان ما تقدم ، وكان الحكم الصادر من محكمة جنح
أحدث مس..." قد تنكب تطبيق صحيح القانون بالقضاء بعدم
اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ، حالة ثبوت هذا الاختصاص لهذه المحكمة وليس لمحكمة الجنايات ، فإنه يكون من المتعين
إعمالاً لنص المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية قبول طلب النيابة العامة
وبتعيين محكمة "....." الكلية دائرة الأحداث للفصل في الدعوى بالنسبة
للمتهم الحدث " ..... ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق