الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 15 أبريل 2014

الطعن رقم 895 لسنة 80 ق جلسة 28 / 11 / 2011

باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائـــرة الجنائيـــة
دائرة الاثنين (ب)
                                           ----
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / مصطفـى كامـل           نائب رئيس المحكمــة
وعضوية السادة المستشارين / جاب اللـه محمـد           وعاصم الغايـــــش
                             ومحمد هلالــــى           وحـازم بـــــدوى
                                               نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد صفوت
وأمين الســر السيد / ياسر حمــدى
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة 0
فى يوم الاثنين 3 من محرم سنة 1433 هـ الموافق 28 من نوفمبر سنة 2011 م
أصدرت الحكم الآتى
نظر الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 895 لسنة 80 ق 0
المرفوع من 
محمد السيد إبراهيم محمد                                          محكوم عليـه
ضــد
النيابة العامــة
" الوقائــع "
        اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 18429 لسنة 2007 مركز الزقازيق( المقيدة بالجدول الكلى برقم 2420 لسنة 2007 )
ـ        بوصف أنه فى غضون عام 2007 بدائرة مركز الزقازيق ـ حافظة الشرقية0
أولاً:ـ وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً فى محرر رسمى هو محضر مخالفة مبانى بأن قام بإنشائه على غرار المحررات الرسمية الصحيحة وأثبت به خلافاً للحقيقة أن ...... المقيمة بالزنكلون قد قامت بالبناء بدون الحصول على ترخيص من الوحدة المحلية بالزنكلون ووقع على المحضر بتوقيعات عزاها زوراً إلى الموظفين المختصين
ثانياً:ـ اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول فى استعمال المحرر المزور سالف الذكر فيما زور من أجله بأن اتفق مع المجهول وساعده بأن أمده بالبيانات اللازمة لاستعماله حيث قدمه المجهول لمركز شرطة الزقازيق محتجاً بما ورد به وتم قيده بدفتر قيد القضايا بالشرطة على النحو المبين بالتحقيقات 0
        وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة0
        والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 11 من نوفمبر سنة 2009 عملاً بالمـواد 40 / ثانياً وثالثا ، 41/1 ، 206 / 2 ، 3 ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/2 من ذات القانون  بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة 0
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 14 ، 29  من ديسمبر سنة 2009 وقدمت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن فى 30 من ديسمبر سنة 2009 ، 9 ، 10 من يناير سنة 2010 موقعاً عليها من الأساتذة / بهاء الدين أبو شقة ونجاتى سيد وعلى العزونى المحامين0
        وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة 0 
المحكمـــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة والمداولة قانوناً 0
        حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون 0
        وحيث إن الطاعن بمذكرات أسبابه الثلاث ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى التزوير فى محررات رسمية والاشتراك فى استعمالها قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والبطلان فى الإجراءات والخطأ فى الإسناد والإخلال بحق الدفاع ، كما أخطأ فى تطبيق القانون ، ذلك أنه خلا من بيان أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، كما لم يستظهر بحقه ـ على الأخص ـ توافر القصد الجنائى فى جريمة الاشتراك فى استعمال المحرر المزور ، ولم يورد الأعمال التي ارتكبها الطاعن والتى تدل على اشتراكه مع المتهم الآخر المجهول فى ارتكاب تلك الجريمة ، ودانه عن الاشتراك فيها رغم أن فاعلها الأصلى مجهول 0 وعول الحكم فى الإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحة تصويرهم للواقعة ودون أن يورد مؤدى تلك الأقوال على نحو واف وملتفتاً عن أن أياً منهم لم يشهد بأن الطاعن هو من ارتكب التزوير أو استعمل المحرر المزور 0 وأثبتت المحكمة فض الحرز المحتوى على المحرر المزور واطلاعها واطلاع الدفاع عليه دون أن تثبت ما أسفر عنه الاطلاع على ذلك المحرر من ملاحظات ، كما لم تجر تحقيقاً لاستجلاء كيفية وصول ذلك المحرر إلى مركز الشرطة 0 ونسب الحكم إلى الطاعن أنه وضع التوقيعات المزورة على المحررات حال أن التقرير الفنى خلا من ذلك 0 ولم يبد المحامون المدافعون عن الطاعن دفاعاً جدياً بجلسة المحاكمة ، واقتصر دفاعهم على الإقرار بارتكاب الطاعن للجريمتين المسندتين إليه رغم إنكاره لهما فضلاً عن طلب استعمال الرأفة معه ، ولم تفطن المحكمة إلى ذلك القصور الذى شاب مرافعة الدفاع وقعدت عن منحه أجلاً لإعداد دفاع جاد أو انتداب محامين آخرين للدفاع عن الطاعن ـ وأخيراً ، فقد أوقع الحكم على الطاعن عقوبة مستقلة عن الواقعة محل الاتهام رغم ما تمسك به دفاعه من وجود قضايا أخرى منظورة بذات الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وترتبط بالقضية الراهنة ارتباطاً لا يقبل التجزئة بعد أن انتظمتهم جميعاً خطة جنائية واحدة بما كان يوجب ضمنهم ونظرهم معاً وإعمال مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات بتوقيع عقوبة الجريمة الأشد دون سواها ، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ قانوناً إطراحه به . وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
        وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجنى عليها أسماء حسن محمد كانت قد أقامت بناء بدون ترخيص ، وقد علمت من جيرانها بقدوم بعض الأشخاص للاستعلام عن اسم صاحب ذلك البناء المخالف ، فتوجهت إلى الطاعن وأبلغته بذلك فأخبرها بأنه قد تحرر ضدها مخالفة بناء بدون ترخيص واتفق معها على أن يتقاضى ألفى جنيه مقابل الحصول لها على حكم بالبراءة فى تلك الجريمة ، ثم قام باصطناع محضر مخالفة بناء بدون ترخيص ضد المجنى عليها المذكورة على غرار نماذج المحاضر الصحيحة ناسباً صدور ذلك المحضر إلى الموظفين المختصين بالوحدة المحلية ووضع عليه توقيعات نسبها زوراً إليهم ثم قام ببصم ذلك المحرر ببصمتى خاتمين مقلدين أحدهما كودى والآخر لشعار الدولة ، كما اصطنع كتاباً نسبه زوراً إلى الوحدة المحلية موجهاً منها إلى مركز الشرطة وبصمة بذات الخاتمين المقلدين سالفى الذكر ، واستعان الطاعن بآخر مجهول اتفق معه وساعده على توصيل تلك المحررات المزورة إلى مركز الشرطة ، حيث قيدت الأوراق برقم قضائى وقدمت المجنى عليها إلى المحاكمة الجنائية ، حيث مثل الطاعن محامياً عنها وقضت المحكمة بندب خبير فى الدعوى ، حيث ـ ولدى مباشرة المأمورية أمام الخبيرة المنتدبة ـ أفاد موظفو الوحدة المحلية بأن محضر المخالفة لم يصدر عن الوحدة وأنه مزور صلباً وتوقيعاً كما أن الأختام الممهورة بها مقلدة وأقام الحكم على ثبوت الواقعة بحق الطاعن على المساق المتقدم أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وهم موظفوا الوحدة المحلية بقرية الزنكلون والمجنى عليها وضابط قسم مكافحة جرائم الأموال العامة ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى ، وهى أدلة سائغة أوردها الحكم فى بيان واف من شأنها أن تؤدى إلى رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً .
        لما كان ذلك ، وكان الأصل فى المحاكمات الجنائية هو باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائى لم يجعل لإثبات جريمة التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة بحيث ينبئ كل دليل ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير فى محررات رسمية ، مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وأن القصد الجنائى فى التزوير يتحقق متى تعمد الجانى تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان الحكم ـ على ما تقدم ـ قد أثبت أن الطاعن قام باصطناع وتزوير محضر مخالفة بناء بدون ترخيص ضد المجنى عليها ونسبه إلى الوحدة المحلية المختصة والعاملين بها ومهره بتوقيعات مزورة منسوبة إليهم وبصمه بخاتمين مقلدين ، كما اصطنع وزور خطاباً آخر نسبه كذلك زوراً إلى ذات الوحدة المحلية ومهره بتوقيعات غير صحيحة وأختام مقلدة ، واتبع ذلك بالاتفاق مع مجهول بأن ساعده على توصيل تلك المحررات ـ بعد تزويرها ـ إلى مركز الشرطة0 لما كان ذلك ، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه فى الإدانة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم فى التدليل على توافر أركان هاتين الجريمتين فى حقه لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن من النعى على الحكم بدعوى أنه جاء قاصر البيان فى شأن التدليل على توافر القصد الجنائى بحقه بالنسبة لجريمة الاشتراك فى استعمال محرر مزور ، أو فى شأن التدليل على عناصر اشتراكه فى تلك الجريمة ، أو عدم إمكان تصور قيام ذلك الاشتراك قانوناً مع مجهول بدعوى ابتنائه على افتراضات ، مادامت أسبابه وافية لا قصور فيها ـ على نحو ما تقدم ـ بالنسبة لجريمة التزوير فى محررات رسمية التي أثبتها الحكم فى حقه ، وأوقع عليه عقوبة واحدة عن الجريمتين اللتين دارت عليهما المحاكمة ، وذلك بالتطبيق للمادة 32 من قانون العقوبات ، وهى عقوبة مقررة للجريمة الأخيرة ، فيبقى الحكم محمولاً عليها ، بما لا يكون معه للطاعن مصلحة فيما ينعاه فى هذا الخصوص .
        لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت فى وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها فى بيان واف ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم فى صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا فى تعويله فى قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات ، بما ينحل معه ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض 0 لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوى على المحرر المزور واطلعت عليه ومكنت الدفاع من الاطلاع عليه وكان لا يلزم إثبات بيانات المحرر أو ثمة ملاحظات عليه فى صلب الحكم بعد أن ثبت أنه كان مطروحاً على بساط البحث والمناقشة فى حضور الخصوم ، وكان فى مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع عليه أن يبدى ما يعن له بشأنه فى مرافعته ، ومن ثم يكون النعى على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس .
        لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن كيفية وصول المحرر المزور إلى مركز الشرطة ، ولم يطلب إجراء تحقيق معين فى شأن ذلك ، فليس له أن يتمسك بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يصح له النعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هى حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن لا يكون له وجه 0لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ فى الإسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما أورده الحكم من أن الطاعن مهر المحرر المزور بتوقيعات منسوبة إلى موظفى الوحدة المحلية ـ بفرض أنه استخلاص من المحكمة ليس له مأخذ من الأوراق ـ فإنه لا أثر له فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة ، إذ يستوى فى ذلك أن يكون الطاعن قد مهر المحرر بالتوقيع المزور بنفسه أو بواسطة غيره مادام الحكم قد أثبت فى حقه بدليل سائغ مستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى أنه اصطنع المحرر المزور وأثبت فيه على خلاف الحقيقة بيانات صلب محضر مخالفة البناء بدون ترخيص ونسبها إلى المجنى عليها ، وهو ما لم ينازع فيه الطاعن ، ومن ثم يكون منعاه فى هذا الخصوص غير قويم .
        لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره وتقاليد مهنته وأن ما اقتضاه القانون من أن كل متهم بجناية يجب أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محام موكلاً كان أو منتدباً بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من أوجه دفاع ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المحامين الذين حضروا للدفاع عن الطاعن لم يبدوا ما يدل على أنهم لم يتمكنوا من الاستعداد فى الدعوى ، وترافع ثلاثتهم وأبدوا دفاعاً فحواه قيام ارتباط بين القضية الماثلة وقضايا أخرى بما يوجب نظرهم معاً كما قرروا بارتكاب الطاعن للواقعة المسندة إليه ودفعوا بحسن نيته وانتفاء قصده الجنائى وطلبوا براءته واستعمال الرأفة بعد أن عددوا مسوغاتها ، وكان من المقرر أن المحامى ليس مقيداً بطريقة معينة فى الدفاع وكان الطاعن لم يدع أن المحكمة قد منعت محامييه من الاستطراد فى دفاعهم فلا محل للنعى عليها إن هو أمسك عن ذلك ، لما هو مقرر من أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن ينبنى عليه طعن مادامت المحكمة قد وفرت له حقه فى الدفاع ولم تمنعه من مباشرته كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بأسباب طعنه من سوء تصرف محامييه فى الدفاع عنه وأنهم لم يوفوا ذلك الدفاع حقه وما يزعم من نتائج يقول أنها ترتبت على ذلك لا يكون مقبولاً أمام محكمة النقض 0 ولا يغير من ذلك أن الدفاع عن الطاعن قد أقر بجلسة المحاكمة بارتكابه الواقعة مادام أن الحكم لم يعول على دليل مستمد من ذلك الإقرار .
        لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به دفاع الطاعن من قيام ارتباط بين القضية الماثلة وقضايا أخرى كانت منظورة بذات الجلسة التي صدر فيها الحكم ، وأطرحه فى قوله : " وحيث إنه عما أثاره الدفاع الحاضر مع المتهم من وجود ارتباط بين الدعوى الماثلة وباقى الدعاوى السبع المقيدة ضد المتهم والمنظورة بجلسة اليوم والمبينة بأمر الإحالة ، فلما كان نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات قد جرى على أنه " وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم 0 ولما كان من المقرر قانوناً أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها ، وتقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذى حصله الحكم تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه ، ومفاد ذلك أن تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات يتطلب توافر شرطين أولهما وحدة الغرض الإجرامى والثانى عدم القابلية للتجزئة ، كما أنه من المقرر أنه لا يصح القول بوحدة الواقعة فيما يختص بالأفعال المسندة إلى المتهم إلا إذا اتحد الحق المعتدى عليه ، فإذا اختلف فإن السبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض ـ وحيث إنه وترتيباً على ما تقدم ، فلما كان الثابت من مطالعة الأوراق والدعاوى المطلوب ضمها أن المتهم فى غضون عام 2007 قد ارتكب عدة جرائم مماثلة للجرائم المنسوبة إليه فى الدعوى الماثلة ضد أشخاص مختلفين ومتعددين وفى أوقات وظروف مختلفة ، وقد استقلت الجرائم المنسوبة للمتهم فى الدعوى الماثلة مجرد حلقة فى سلسلة خطة جنائية واحدة متعددة الأفعال ، ومن ثم فإنه لا يوجد ارتباط بين نشاط المتهم الإجرامى فى الدعوى الماثلة وبين نشاطه فى الدعاوى الأخرى المطلوب ضمها وإن تشابهت هذه الدعاوى فى الغرض الإجرامى وإسلوب تنفيذه ، إلا أن هذا التشابه ليس من قبيل الارتباط الذى لا يقبل التجزئة ، ومن ثم فقد خلت الأوراق من شروط تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات ويضحى طلب ضم القضايا قد ورد فى غير محله مفتقراً إلى سنده الصحيح من الواقع والقانون ومن ثم تلتفت عنه المحكمة" .
        لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه فى رده على دفاع الطاعن ، وعلى ما يسلم به الأخير فى طعنه ، تشير إلى أن الجرائم التي قارفها قد وقعت على أشخاص مختلفين وفى تواريخ وأمكنة وظروف مختلفة ، وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منه فى كل جريمة لم يكن وليد نشاط إجرامى واحد ، فإن ذلك لا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجريمة موضوع الدعوى الحالية وبين الجرائم الأخرى موضوع القضايا المشار إليها بأسباب الطعن والتى كانت منظورة معها فى الجلسة نفسها التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ، ويكون ما أورده الحكم رداً على هذا الدفاع سائغ ومقبول ويضحى منعى الطاعن عليه فى هذا الخصوص غير قويم .
        لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
        حكمت المحكمة :ـ بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

أمين الســـر                                                 نائب رئيس المحكمة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق