جلسة 19 من فبراير سنة 2004
برئاسة
السيد المستشار / عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أحمد
عبد القوى أيوب ، رضا القاضي ، أحمد مصطفى " نواب رئيس المحكمة " وعبد الرسول
طنطاوي .
--------------
(23)
الطعن 11225 لسنة 70 ق
(1) تسجيل المحادثات
. دفوع " الدفع ببطلان إذن تسجيل المحادثات ". حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب" . نقض " المصلحة في الطعن
" " أسباب الطعن . مالا يقبل منها" .
الدفع ببطلان التفتيش شرع للمحافظة على المكان .التمسك
ببطلان تفتيشه . لا يقبل من غير حائزه . ولو كان يستفيد منه . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التسجيل والضبط لتجاوز مكان ونطاق
الإذن .
(2) إثبات
" شهود " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود
" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه
الموضوعية. حد ذلك ؟
(3) إثبات " شهود " . دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير عيب ". نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها
" .
الدفع بتلفيق التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً
. استفادته من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم .
(4) رشوة . جريمة " أركانها
". موظفون عموميون . حكم " تسببيه . تسبيب غير معيب ".
القانون لا يشترط في جريمة الرشوة
أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة . كفاية
أن يكون له نصيب فيها يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة .
تحقق جريمة الرشوة ولو خرج العمل من دائرة اختصاص الموظف
. شرطه : اعتقاد الموظف خطأ أنه من أعمال وظيفته أو زعمه ذلك كذباً . الزعم بالاختصاص في جريمة الرشوة . توافره . ولو لم
يفصح عنه الموظف أو يصرح به . كفاية إبدائه استعداده للقيام بالعمل الذي يدخل في نطاق
اختصاصه أو الامتناع عنه . علة ذلك ؟
مثال .
(5) رشوة . جريمة " أركانها
". موظفون عموميون . حكم " تسببيه . تسبيب غير معيب ".
جريمة عرض الرشوة . مالا يوثر في قيامها ؟
(6) قانون " صدوره " "القانون الأصلح" " تطبيقه
" . محكمة النقض " سلطتها " .
صدور القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني
العقوبات والإجراءات الجنائية . قانون أصلح للمتهم . أثره ؟
لمحكمة النقض نقض الحكم جزئياً وتصحيحه . المادة 35 من
القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – لما كان الحكم المطعون فيه قد
عرض للدفع ببطلان إذن التسجيل والضبط لتجاوز مكان الضبط ونطاق الإذن ورد عليه بما يفيد
اطراحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة
بالتسجيل والضبط لتجاوزه مكان الضبط ونطاق الإذن ، فهو مردود ذلك أن إذن النيابة العامة
تضمن إجراء التسجيل والتصوير بشقة المبلغة الكائنة ...... تليفونها رقم .... وقد تم
تسجيل المكالمة واللقاء بهذا العنوان ووضعت الأجهزة المعينة بالعنوان المذكور إحدى
الكاميرات في الصالة والأخرى بحجرة النوم ، أما توصيل الأسلاك الكهربائية بشقة الجار
المواجهة فلا علاقة لها بالإذن ولا تبطله ولا حاجة للرجوع مرة ثانية للنيابة العامة
بعد رضا الجار وموافقته على المساعدة والمعاونة ولم يحدث أي تجاوزات للإذن أو خروج
عليه وقد تمت كافة الإجراءات سليمة ولا تشوبها شائبة " . وكان ما رد به الحكم
على الدفع سالف الذكر سليماً وسائغاً لاطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا
يكون سديداً . هذا فضلاً عن أنه وعلى فرض أنه تم تركيب أجهزة المراقبة بشقة الجار المواجهة
لشقة المبلغة . وكان الطاعن لا يدعى ملكية أو حيازة هذه الشقة ومن ثم فإن التمسك ببطلان
دخولها وتركيب الأجهزة بها لا يقبل من غير حائزها اعتباراً بأن الحائز هو صاحب الصفة
في ذلك وأن الصفة تسبق المصلحة فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه
لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بالتبعية وحدها ، ويكون منعاه على الحكم في هذا الصدد
غير مقبول .
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي
يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها
من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذى تطمئن إليه بغير معقب . وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد فإن ذلك
يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها . وكان
من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية
يثيرها فإنه يكفي لسلامة الحكم أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم.
3 - من المقرر أن ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك
في أقوال شاهدي الإثبات وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق ونفى التهمة لا يعدو أن يكون
من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً
من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الدعوى
التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود
الإثبات والتفاته عن دفاع الطاعن في هذا الشأن . ومن ثم فإن ما يثيره في وجه طعنه إنما
ينحل في واقعه إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة
محكمة النقض .
4 – من المقرر
أن مؤدى نص المادة 103 من قانون العقوبات أن كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل
أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً . ومؤدى نص المادة
103 مكرراً المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 أنه يعتبر مرتشياً ويعاقب بنفس العقوبة
المنصوص عليها في المادة السابقة كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً
أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه . ويستفاد
من الجمع بين النصين في ظاهر لفظهما وواضح عباراتهما أنه لا يشترط في جريمة الرشوة
أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى
أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها ، كما تتحقق أيضاً ولو خرج العمل عن
دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال وظيفته أو يزعم كذلك كذباً ،
بصرف النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد أو
زعم ، وكان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به . إذ
يكفى مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذى لا يدخل فى نطاق اختصاصه أو الامتناع
عنه ، لأن ذلك السلوك منه يفيد حتماً زعمه بالاختصاص . وكان الحكم المطعون فيه بعد
أن استعرض أدلة الثبوت قبل الطاعن تعرض لدفاعه بشأن عدم اختصاصه باستخراج الترخيص سواء
اختصاصاً حقيقياً أو مزعوماً بقوله ......... .
5 – من المقرر
أنه لا يؤثر في جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً
فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً فى ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه
جدى منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره . وكان الثابت بمدونات الحكم
المطعون فيه أن الطاعن هو الذى سعى بنفسه إلى المبلغة في مسكنها الذى اتفقا على اللقاء
فيه وأنه هو الذى طلب الرشوة بناء على الاتفاق الذى جرى بينهما فإن مفاد ذلك أن الطاعن
هو الذي انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة . وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة وإذ كان
ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة فإن ما يثيره
من القول بأن المبلغة هي التي حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من ضابطي الشرطة لا
يكون صحيحاً . ومن ثم يكون ما يدعيه الطاعن على خلاف ذلك غير قائم على أساس يحمله قانوناً
ويكون ما يثيره غير سديد .
6 – لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤقتة
لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألف جنيه ، وكان قد صدر من بعد القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل
بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية على أن : "
تلغى عقوبة الأشغال الشاقة ، أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي قانون أو نص عقابي
آخر ، ويستعاض عنها بعقوبة " السجن المؤبد " إذا كانت مؤبدة وبعقوبة
" السجن المشدد " إذا كانت مؤقتة " وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح
للمتهم فى حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، فإنه يتعين نقض الحكم
المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة
1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بجعل العقوبة المقضي بها " السجن المشدد " بدلاً من الأشغال الشاقة بالإضافة إلى عقوبة
الغرامة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
بصفته موظفاً عمومياً " مدير إدارة المتابعة الميدانية بحي .... " طلب
لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته بأن طلب من ...... معاشرتها
جنسياً مقابل إنهاء إجراءات ترخيص الكشك الخاص بها على النحو المبين تفصيلاً
بالتحقيقات . وأحالته إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا .... لمعاقبته طبقاً
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً
بالمادتين 103 ، 103 مكرر من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة
... وتغريمه ........... .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض ....... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب رشوة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في
الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأن دفاع المدافع عن الطاعن تمسك
ببطلان إجراءات التسجيل والضبط والتفتيش لتجاوز ضابطي شرطة المرافق لمكان الضبط
ونطاق الإذن بيد أن الحكم التفت عن ذلك الدفاع . كما عول الحكم على أقوال المبلغة
وضابط المباحث رغم كذبها وتلفيق الأخير الاتهام للطاعن هذا إلى أن الطاعن ليس
مختصاً بالعمل المقول بطلب الرشوة من أجله ولم يزعم لنفسه الاختصاص به وهو ما قرره
للمبلغة . كما أن الجريمة وقعت بتحريض من جانب المبلغة وضابطي المباحث للإيقاع به
بدلالة ما قدمه دفاع الطاعن من مستند رسمي دال على أن المبلغة توقفت عند حد الحصول
على تأشيرة المحافظ والبحث الاجتماعي ولم تمض في استخراج الترخيص بما مفاده أنها
ليست بحاجة إلى الكشك هذا فضلاً عما ثبت من الأوراق أن ملف الكشك الخاص بالمبلغة
وقت الضبط كان مودعاً بالحي وليس لدى الطاعن بما يقطع بكذب المبلغة في اتهامها
للطاعن بالرشوة ، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم
المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة
التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لا يجادل الطاعن في أن
لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما
كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التسجيل والضبط لتجاوز
مكان الضبط ونطاق الإذن ورد عليه بما يفيد اطراحه في قوله : " وحيث إنه عن
الدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بالتسجيل والضبط لتجاوزه مكان الضبط
ونطاق الإذن ، فهو مردود ذلك أن إذن النيابة العامة تضمن إجراء التسجيل والتصوير
بشقة المبلغة الكائنة ...... تليفونها رقم .... ، وقد تم تسجيل المكالمة واللقاء بهذا
العنوان ووضعت الأجهزة المعينة بالعنوان المذكور إحدى الكاميرات في الصالة والأخرى
بحجرة النوم ، أما توصيل الأسلاك الكهربائية بشقة الجار المواجهة فلا علاقة لها
بالإذن ولا تبطله ولا حاجة للرجوع مرة ثانية للنيابة العامة بعد رضا الجار
وموافقته على المساعدة والمعاونة ولم يحدث أي تجاوزات للإذن أو خروج عليه وقد تمت
كافة الإجراءات سليمة ولا تشوبها شائبة " . وكان ما رد به الحكم على الدفع
سالف الذكر سليماً وسائغاً لاطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون
سديداً . هذا فضلاً عن أنه وعلى فرض أنه تم تركيب أجهزة المراقبة بشقة الجار
المواجهة لشقة المبلغة . وكان الطاعن لا يدعى ملكية أو حيازة هذه الشقة ومن ثم فإن
التمسك ببطلان دخولها وتركيب الأجهزة بها لا يقبل من غير حائزها اعتباراً بأن
الحائز هو صاحب الصفة في ذلك وأن الصفة تسبق
المصلحة فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا
تلحقه إلا بالتبعية وحدها ، ويكون منعاه على الحكم فى هذا الصدد غير مقبول . لما
كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها
من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي
تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب . وكان الأصل أنه متى أخذت
المحكمة بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع
لحملها على عدم الأخذ بها . وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم فى
مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها فإنه يكفى لسلامة الحكم أن يثبت أركان
الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره الطاعن
لدى محكمة الموضوع من تشكيك في أقوال شاهدي الإثبات وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق ونفي التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع
الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم ، فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الدعوى
التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا فى تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال
شهود الإثبات والتفاته عن دفاع الطاعن في هذا الشأن . ومن ثم فإن ما يثيره في وجه
طعنه إنما ينحل في واقعه إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما
يخرج عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان مؤدى نص المادة 103 من قانون
العقوبات أن كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء
عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً . ومؤدى نص المادة 103 مكرراً المعدلة بالقانون
رقم 120 لسنة 1962 أنه يعتبر مرتشياً ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها فى المادة
السابقة كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل
يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه . ويستفاد من الجمع بين
النصين فى ظاهر لفظهما وواضح عباراتهما أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون
الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون
له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها ، كما تتحقق أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة
الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال وظيفته أو يزعم كذلك كذباً ، بصرف
النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد أو زعم ، وكان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو
لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به . إذ يكفى مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام
بالعمل الذى لا يدخل فى نطاق اختصاصه أو الامتناع عنه ، لأن ذلك السلوك منه يفيد
حتماً زعمه بالاختصاص . وكان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت قبل
الطاعن تعرض لدفاعه بشأن عدم اختصاصه باستخراج الترخيص سواء اختصاصاً حقيقياً أو
مزعوماً بقوله : " .. لما كان ذلك ، وكان الثابت أن المتهم قد تلقى المبلغة
فور وصولها لمكتب .... وتسلم منها أوراق الترخيص وشرع في استكمالها بدعوى أنه
المختص بذلك ، كما أنه عرض الأوراق بنفسه على رئيس الحى وحصل منه على موافقة على
نحو ما أدلى به رئيس الحى في التحقيقات كما قدمه للمختص بالإشغالات . وفوق ذلك فهو
رئيس مكتب المتابعة الميدانية بمنطقة ....... وهو رئيس المكتب بحكم أقدميته ، وان
هذا المكتب منشأ حديثاً وهناك خلط واضطراب في الاختصاصات استغله المتهم وفرض نفسه
على العمل ونصب من نفسه مختصاً . وفي النهاية فإن العبرة بما تم في هذه الواقعة وهل المتهم قام بهذا العمل من
عدمه والثابت أنه قام به واستغله في الضغط على المبلغة لمعاشرتها
جنسياً ، وقد تم ضبطه وهو في حجرة نوم المبلغة بعد أن تجرد من ملابسه إلا ما يستر
عورته الأمر الذى يقطع بأن هذا الدفع في غير محله ولا يسانده واقع ولا يؤيده قانون
" . وكان الحكم بهذا الرد قد تفطن إلى المعاني القانونية المقدمة وأبان عن
زعم الطاعن الاختصاص بالعمل المقصود في جريمة الرشوة ونوع هذا العمل ، فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا
يؤثر في جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشى جاداً
فيما عرضه على المرتشى متى كان عرضه الرشوة جدياً فى ظاهره وكان الموظف المتهم قد
قبله على أنه جدى منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشى أو غيره . وكان
الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذى سعى بنفسه إلى المبلغة فى
مسكنها الذى اتفقا على اللقاء فيه وأنه هو الذى طلب الرشوة بناء على الاتفاق الذى
جرى بينهما فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذى انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة . وكان
ذلك منه عن إرادة حرة طليقة وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً
لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة فإن ما يثيره من القول بأن المبلغة هي التي حرضته على
ارتكاب الجريمة بإيعاز من ضابطي الشرطة لا يكون صحيحاً . ومن ثم يكون ما يدعيه
الطاعن على خلاف ذلك غير قائم على أساس يحمله قانوناً ويكون ما يثيره غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة
المؤقتة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألف جنيه ، وكان قد صدر من بعد القانون رقم 95
لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته
الثانية على أن " تلغى عقوبة الأشغال الشاقة ، أينما وردت في قانون العقوبات
أو في أي قانون أو نص عقابي آخر ، ويستعاض عنها بعقوبة " السجن المؤبد "
إذا كانت مؤبدة وبعقوبة " السجن المشدد " إذا كانت مؤقتة " وهو ما
يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات .
لما كان ذلك ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بنص
المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة
النقض بجعل العقوبة المقضي بها " السجن المشدد " بدلاً من الأشغال
الشاقة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق