جلسة 19 من يناير سنة 2003
برئاسة السيد المستشار / مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين / محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي ، فرغلي زناتي وعاصم عبد
الجبار نواب رئيس المحكمة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14)
الطعن 11373 لسنة 71 ق
قتل عمد . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى
" . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " . إثبات " اعتراف " " شهود " . إكراه
. استدلالات . قصد جنائي . سبق إصرار. ترصد . ظروف مشددة . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير الاعتراف ""
سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " " سلطتها في تقدير جدية التحريات
" .
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة
النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانت وقائع الدعوى ـ كما وقرت في
يقين المحكمة واستقرت في وجدانها ـ أخذاً بما تضمنته الأوراق والتحقيقات التي تمت
فيها وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة ـ تتحصل في أنه لسابقة حدوث مشاجرة بين
المتهمة ...... وبين والدة المجني عليه الطفل ..... صباح يوم الحادث ، فقد عقدت
العزم على قتله ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنة بأنها أولاً : قتلت عمداً ...... مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله بأن تربصت له
أمام مسكنها المواجه لمسكنه حتى أيقنت خلو الطريق من المارة وما أن ظفرت به حتى استدرجته وخنقته
بيدها حتى أغمى عليه ثم قامت بذبحه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة
بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته . ثانياً : ـ أحرزت سلاحاً أبيض "
سكيناً " دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
وأحالتها إلى
محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة . وادعى والدي المجني عليه مدنياً قبلها بمبلغ ......
جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي
الجمهورية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة .....
للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً بإجماع
الآراء عملاً بالمادتين 230 ، 231 من قانون العقوبات والمادتين 25 مكرراً/1 ، 30 /1
من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند
(11) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون رقم 97 لسنة
1992 مع إعمال المادة 32 /2 من قانون العقوبات بالإعدام شنقاً ومصادرة السكين
المضبوط وإلزامها بأن تؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ ...... جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعنت المحكوم
عليها فى هذا الحكم بطريق النقض " قيد برقم ...... " .
ومحكمة النقض
قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
ومحكمة الإعادة
قضت بهيئة مغايرة بإجماع الآراء بالإعدام شنقاً ومصادرة السكين المضبوط وإلزامها
بأن تؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ ...... جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعنت المحكوم
عليها في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ...... إلخ .
وعرضت النيابة
العامة القضية ..... إلخ .
ومحكمة النقض قضت بجلسة ...... بقبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم الصادر بإعدام
المحكوم عليها ...... وتحديد جلسة ......
لنظر الموضوع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن وقائع الدعوى - كما وقرت في
يقين المحكمة واستقرت في وجدانها ـ أخذاً بما تضمنته الأوراق والتحقيقات التي تمت
فيها وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة ـ تتحصل في أنه لسابقة حدوث مشاجرة بين
المتهمة ...... وبين والدة المجني عليه الطفل ...... صباح يوم الحادث ، فقد عقدت
العزم على قتله انتقاماً من والدته وإنجازاً لهذا الغرض استدرجته إلى مسكنها لدى
لعبه منفرداً بالشارع الذى يوجد فيه منزليهما وخنقته بيديها حتى غاب عن وعيه فقامت
بذبحه بسكين أعدته لهذا الغرض فأحدثت إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
والتي أودت بحياته . ومن حيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد ثبت وقوعها من المتهمة وتوافرت
الأدلة على صحة حدوثها وثبوتها في حق المتهمة من اعترافها بتحقيقات النيابة العامة
ومما شهد به ...... و...... والنقيب .....
معاون مباحث مركز ...... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه . فقد
اعترفت المتهمة بتحقيقات النيابة العامة بأنه إثر خلاف بينها وبين والدة الطفل
المجنى عليه عقدت العزم على الانتقام منها بقتل ولدها وأنها تحينت فرصة وجوده بالشارع الذي به مسكنيهما فاستدرجته إلى مسكنها
بمداعبته بالألفاظ وحركات اللعب حتى دخل معها فكتمت أنفاسه بيديها حتى غاب عن
الوعى فتركته وخرجت إلى الشارع حتى تأكدت من خلوه من المارة وأن أحداً لم يرها ،
عادت إليه وذبحته بسكين أعدته لهذا الغرض وبعد أن تأكدت من موته وضعت جثته بجوال
ألقت به بسطح منزل جارها وأنها أزالت آثار الدماء بالسكين وبأرضية المسكن بالرمال
. وشهد ...... والد المجني عليه أن زوجته أخبرته بوجود خلاف بينها وبين المتهمة
بسبب لعب الأطفال الذي أدى إلى نفوق دجاجة الأخيرة وأنها توعدتها بالانتقام منها
في شخص طفلها المجني عليه وأنها قامت بقتله .
وشهدت ...... والدة المجني عليه بمضمون
ما شهد به الشاهد الأول وشهد النقيب ..... أن تحرياته أسفرت عن نشوب مشاجرة بين
المتهمة ووالدة المجني عليه بسبب لعب الأطفال
بالشارع والذي أدى إلى نفوق دجاجة للمتهمة فانتوت الانتقام من أم المجني عليه بقتل
ابنها ، وإذ رأته مساء يوم المشاجرة يلعب أمام مسكنه استدرجته إلى مسكنها وخنقته
بيديها ثم ذبحته بسكين قاصدة قتله وأخفت جثته أعلى مسكن جارها ...... وأخفت السكين
المستخدم في الحادث بجوار باب مسكنها أسفل السلم والذي ضبط بإرشاد المتهمة .
وثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة
الطفل المجني عليه وجود جروح قطعية حيوية حديثة بالعنق حدثت من جسم صلب ذو حافة
حادة يجوز حدوثها من مثل السكين المضبوطة ، والذي ثبت معملياً أن التلوثات التي
كانت عليها لدم آدمي ، وأن الوفاة تعزى إلى الجروح القطعية التي بالعنق وما أحدثته
من تمزقات حادة بالأوعية الدموية الرئيسية للعنق وما صاحبها من نزيف دموي خارجي
جسيم.
وحيث إن المتهمة أنكرت بجلسة المحاكمة
الاتهام المسند إليها وجرى دفاعها على بطلان الاعتراف المعزو إليها أمام النيابة
العامة لصدوره إثر إكراه مادي ومعنوي تمثل في تعذيبها وحضور الضابط بغرفة التحقيق
، وبطلان التحريات لعدم صدقها ولاستقائها من أهلية المجنى عليه وأن أحداً لم يشاهد
المتهمة وهي ترتكب الجريمة أو تستدرج المجني عليه إلى مسكنها ، كما وأن ظرفي سبق
الإصرار والترصد غير متوافرين .
وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف
المتهمة لصدوره إثر إكراه ، فإنه لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية
في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات ولها أن تأخذ به ولو عدل عنه بعد ذلك كما
أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه قد انتزع منه بطريق
الإكراه ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة
والواقع فلها أن تأخذ به بغير معقب عليها ، كما وأن مجرد تواجد رجال الشرطة بغرفة
التحقيق وخشية المتهم منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل لاعترافه لا معنى ولا حكماً
مادام سلطان رجال الشرطة لم يستطل إليه بالأذى مادياً كان أو معنوياً ، وكانت
أوراق الدعوى قد خلت مما يظاهر أو يساند دفاع المتهمة بادى الذكر الأمر الذي يكون
معه هذا الدفاع عار عن دليله ، وإذ تسترسل المحكمة بثقتها ويطمئن وجدانها إلى أن
اعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة العامة قد صدر منها عن إرادة حرة طواعية
واختياراً وخلا من شائبة الإكراه وجاء صادقاً ومطابقاً لحقيقة الواقع فإنها تتخذ
منه دليلاً في حق المتهمة . لما كان ذلك ، وكان
لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما
هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة
باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى ـ كما هو الحال في الدعوى الراهنة ـ وإذ
كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات ومن بينهم النقيب ...... الذي أجرى التحريات فإن ما يلمح إليه المدافع عن المتهمة لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط
معتقدها ومن ثم فإن هذا الدفاع من المتهمة يكون غير سديد حرى بإطراحه . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها
شخص عن آخرين متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت عنهم حقيقة وكانت تمثل الواقع في
الدعوى إذ المرجع في تقدير الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها
فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها
والتعويل عليها . ومن ثم فإن ما يثيره المدافع عن المتهمة من أن أحداً من الشهود
لم ير كيفية وقوع الحادث أو استدراج المتهمة للمجني عليه لا يكون سديداً .
وحيث إنه عن قصد القتل ، فإنه لما كان
قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى
والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، ومن ثم
فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع وفى حدود سلطته
التقديرية ، وكانت المحكمة تستخلص توافر هذه النية في حق المتهمة من نشوب مشاجرة
بين المتهمة ووالدة المجني عليه بسبب قيام المجنى عليه وبعض الأطفال باللعب
بالشارع الذي به مسكنيهما والذي أدى إلى نفوق دجاجة للمتهمة وذلك بأن استدرجت
المجني عليه لمسكنها وكتمت أنفاسه حتى غاب عن الوعى فقامت بذبحه من رقبته بسلاح من
شأنه إحداث القتل " سكين " وهذه الإصابة التي أحدثتها المتهمة بالمجني
عليه من شأنها إحداث الوفاة وهي النتيجة التي لم تترك المتهمة المجني عليه إلا بعد
أن تيقن لها تحققها .
وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما
كان هذا الظرف يستلزم بطبيعته أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو
هادئ البال ، فإذا لم يتيسر له التدبر والتفكير وارتكب جريمته وهو تحت تأثير
عامل الغضب والهياج ـ كما هو الحال في الدعوى - فلا يكون سبق الإصرار متوافراً ،
ذلك بأن المتهمة قد قارفت فعلتها بقتل المجني عليه مدفوعة بعامل الغضب والانفعال
بعد مشاجرتها مع والدته ومن ثم فإن ما أثاره المدافع عن المتهمة في هذا الشأن يكون
سديداً.
وحيث إنه عن ظرف
الترصد فإنه غير متوافر في هذه الدعوى ذلك بأنه يعني تربص الجاني للمجني عليه مدة
من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته
بالاعتداء عليه ، وكانت المحكمة لا ترى توافر هذا الظرف ذلك بأن المتهمة قد أبصرت
المجني عليه بالشارع وهو يلهو مع أقرانه فتولدت لديها فكرة استدراجه إلى مسكنها
وقتله .
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم ،
يكون قد ثبت في يقين المحكمة على سبيل الجزم أن المتهمة ...... في يوم ...... بدائرة
مركز ...... 1ـ قتلت عمداً ...... بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله بأن أطبقت
بيديها على رقبته حتى غاب عن الوعي ثم ذبحته " بسكين " قاصدة من ذلك
قتله فأحدثـت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته . 2ـ
أحرزت سلاحاً أبيضاً " سكيناً " دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية
. الأمر المؤثم بالمادة 234 /1 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 25 مكرراً ، 30 /1
من القانونين 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 1 الأمر الذى يتعين معه
معاقبة المتهمة بمقتضى هذه المواد عملاً بنص المادة 304 إجراءات جنائية مع مصادرة
السكين المضبوط .
وحيث إن الجريمتين المسندتين إلى
المتهمة قد انتظمهما نشاط إجرامي واحد وارتبطا ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة
فإنه يتعين اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما عملاً بالمادة
32/ 2 عقوبات .
وحيث إنه عن الدعوى المدنية ، فإنه لما
كانت المحكمة قد انتهت إلى إدانة المتهمة وهي المدعى عليها فيها وتوافرت ـ من ثم ـ
في حقها جميع الأركان الموجبة لإجابة المدعيين إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي
لهما التعويض المؤقت الذي طلباه إعمالاً لنصوص المواد 220 ، 221 ، 251 ، 320 من
قانون الإجراءات الجنائية وهو ما تقضي به مع إلزامها المصاريف ومقابل أتعاب
المحاماة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق