جلسة 21 من يناير سنة 2003
برئاسة السيد المستشار/ عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / د. سعيد فهيم خليل، السيد عبد الحكيم نائبي رئيس المحكمة ممدوح القزاز ومحمود العيسوي .--------------------------(37) الطعن 2388 لسنة 71 قبيع . ثمن . عقد " دفع العربون " . محكمة الموضوع " سلطتها في تفسير نية المتعاقدين ".دلالة دفع العربون . المرجع في بيانها بما تستقر
عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني . لمحكمة الموضوع استظهارها
نيتهما من ظروف الدعوى ووقائعها لتتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع هو جزء من
الثمن الذى انعقد به البيع باتا أم أنه عربون في بيع مصحوب بخيار العدول . لا
رقابه لمحكمة النقض عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
-------------------
المقرر
في قضاء هذه المحكمة أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 103 من القانون المدني
على أن " دفـع العربـون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في
العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك " يدل على أنه وإن كان لدفع العربون
دلالة العدول إلا أن شروط التعاقد قد تقضى بغير ذلك والمرجع في بيان هذه الدلالة
هو بما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه في القانون . وأن لمحكمة
الموضوع أن تستظهر نية المتعاقدين من ظروف الدعوى ووقائعها لتتبين ما إذا كان
المبلغ المدفـوع هـو بعض الثمـن الذى انعقد به البيع باتا أم أنه عربون في بيع
مصحوب بخيار العدول إذ أن ذلك يدخل فى سلطتها التقديرية التي لا تخضع فيها لرقابة محكمة النقض طالما أن
قضاءها يقوم على أسباب سائغة .
-----------------------------
المحكمـة
بعـد الاطلاع علـى الأوراق وسماع التقرير
الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث
إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن
المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى ..... لسنة ..... مدني شمال القاهرة الابتدائية
بطلب الحكم بفسخ عقد الاتفاق المؤرخ 16/10/1992 وما تلاه بتاريخ 13/11/1992
والتسليم مع اعتبار ما تم دفعه بموجب هذا الاتفاق مقابل انتفاع بالشقة محله وفى
حالة رفض طلب الفسخ بإلزام الطاعن بأن يدفع له خمسين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار
المادية والأدبية التي لحقت به على سند من أنه اتفق معه على أن يبيعه الشقة
المبينة بالصحيفة لقاء ثمن قدره ثمانين آلف جنيه سدد منه ستين ألف جنيه كعربون على
قسطين متسـاويين وأن يسدد باقي الثمن عند كتابه عقد البيع وتحديد الشروط وموافقة
باقي الملاك إلا أن الطاعن غصبها زاعما شراءه لها ورفض سداد باقي الثمن . وأقام
الطاعن على المطعون ضده الدعوى رقم ..... لسنة ..... مدنى شمال القاهرة الابتدائية
بطلب الحكم بصحه ونفاذ عقد الاتفاق سالف الذكر المتضمن بيع المطعون ضده له شقة
النزاع وقام بسداد كامل الثمن وأودع باقي الثمن خزانة المحكمة ـ ضمت المحكمة
الدعويين وبتاريخ 29/4/1999 قضت في الدعوى الأولى بالرفض وفى الثانية بالطلبات ـ
استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف ...... سنة ..... القاهرة مأمورية شمال
القاهرة وبتاريخ 24/4/2001 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وقضت في دعوى
المطعون ضده بفسخ عقد الاتفاق والتسليم ورد ما تسلمه من مبالغ للطاعن وألزمت الأخير بدفع ثلاثين ألف جنيه مقابل الانتفاع بالشقة
منذ 15/12/1992 وحتى تاريخ الحكم والتسليم الفعلي وفى دعوى الطاعن بالرفض ـ طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه ،
عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة ، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة
رأيها .
وحيث
إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت
بالأوراق والفساد في الاستدلال إذ كيف العقد موضوع الدعويين بأنه وعد بالبيع لما
أثبت بسندي الاتفاق المحررين بتاريخ 16/10/1992، 13/11/1992 أن ما تم سداده
بموجبهما هو عربون لحين كتابة العقد الابتدائي لخلوها من تحديد المبيع محل الاتفاق
تحديدا نافيا للجهالة من حيث الموقع ونصيب الوحدة من أرض العقار ، في حين أن
الثابت بهذيـن المستندين أنهما تضمنا بيعاً باتاً لشقـة النزاع حدد فيهما المبيع
تحديدا نافيا للجهالة والثمن بمبلغ 80000 جنيه قام بسداد 60000 جنيه منه ، وقد خلا
الاتفاق بموجبهما من خيار العدول لطرفي التعاقد أو أي شرط جزائي مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
وحيث
إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في الفقرة
الأولى من المادة 103 من القانون المدني على أن " دفع العربون وقت إبرام العقد
يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق فى العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك
" يدل على أنه وإن كان لدفع العربون دلالة العدول إلا أن شروط التعاقد قد
تقضى بغير ذلك والمرجع في بيان هذه الدلالة هو بما تستقر عليه نية المتعاقدين
وإعطاء العربون حكمه في القانون وأن لمحكمة الموضوع أن تستظهر نية المتعاقدين من
ظروف الدعوى ووقائعها لتتبين ما إذا كان المبلغ المدفـوع هـو بعض الثمـن الذى
انعقد به البيع باتا أم أنه عربون في بيع مصحوب بخيار العدول إذ أن ذلك يدخل فى
سلطتها التقديرية التي لا تخضع فيها لرقابة محكمة النقض طالما أن قضاءها يقوم على
أسباب سائغة لما كان ذلك وكان البين من الإيصالين المؤرخين 16/10/1992، 13/11/1992 أنهما تضمنا البيانات اللازمة
لتوافر أركان عقد البيع من تراض ومحل وثمن و معاينة للشقة المبيعة المحددة تحديدا
نافيا للجهالة وإقرار المطعون ضده في كل من الإيصالين بأن المبلغ المسدد دفعه
مقدمه من الثمن الإجمالي للشقة البالغ مقداره ثمانين ألف جنيه ولا ينال من ذلك
إطلاق لفظ عربون على المبالغ المسددة إذ لم يقصد به إعطاء الحق للمتعاقدين فى
العدول عن البيع وإنما قصدا به أن عقدهما مبرم على وجه نهائي وبدليل أن المطعون
ضده لم يختر العدول عن العقد برغم فوات وقت على العقد ووضع المشتري يده على شقة
النزاع بل قام المطعون ضده بمطالبة الطاعن بإعلان على يد محضر بسداد باقي الثمن
وقدره عشرون ألف جنيه بما ينبئ وبطريق اللزوم العقلي أن النية قد انصرفت إلى إتمام
البيع وليس إلى مجرد الوعد به أو بيعا بالعربون ـ وإذا التفت الحكم المطعون فيه عن
دلالة الإيصالين والإعلان سالف الذكر وكيف العقد بأنه وعد بالبيع لمجرد اختلاف
المبيع في الإيصالين وخلوهما من تحديد الشقة المبيعة تحديدا واضحا ومن بيان حصة
الشقة في أرض عقار النزاع رغم أن اختلاف المبيع في كلا الإيصالين على فرض صحته لا
أثر له في التعرف على نية المتعاقدين طالما أن الطرفين لا يختلفان على أن الشقة
التي وضع الطاعن يده عليها هي موضوع الاتفاق بينهما أيا كان هذا الاتفاق بيعا تاما
أو بيعا بالعربون أو وعدا بالبيع ومن ثم فإن هذا الاختلاف أو خلو العقد من بيان
الحصه في الأرض لا يؤدى إلى تلك النتيجة التي انتهى إليها الحكم من أن البيع غير
نهائي بما يجعله معيبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وهو ما جره إلى
الخطأ في تطبيق القانون إذ رتب على ذلك أن الاتفاق محل التعاقد ليس بيعا باتا وهو
ما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق