جلسة 8 من يناير سنة 2003
برئاسة السيد المستشار / عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين / يحيى خليفة ، محمد عيد سالم ، منصور القاضي نواب رئيس المحكمة
وعلاء مرسي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6)
الطعن 44817 لسنة 72 ق
(1) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره
" . دفوع " الدفع بنفي التهمة ". نقض " أسباب الطعن . ما يقبل
منها " .
متابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة .
غير لازم . حد ذلك ؟
دفاع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة لعدم
وجوده بمكان الحادث وقت وقوعه جوهري . علة ذلك ؟
إغفال الحكم التعرض لهذا الدفاع إيراداً
ورداً . قصور وإخلال بحق الدفاع .
(2) موظفون
عموميون. قانون "تفسيره". تعذيب . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ".
المادة 126 من قانون العقوبات . مفادها : ضرورة
توافر صفة المتهم فيمن يتعرض للتعذيب من الموظف العام إضافة لباقي شروط النص .
إيراد الحكم وصفين متعارضين بشأن توجيه الاتهام
إلى المجني عليه بارتكاب جريمة معينة . تناقض يعيبه .
ــــــــــــــــــــ
1- لما كان
الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة إلا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت
بها على وجه يفصح أنها فطنت إليها ووازنت بينها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه
إنه بعد أن حصل واقعة الدعوى وساق الأدلة على ثبوتها انتهى إلى إدانة الطاعن دون
أن يمحص دفاعه المار بيانه وموقفه من التهمة وما قدمه من مستندات وما جرت عليه
أقوال الشهود التى ظاهرت هذا الدفاع مع ما لذلك كله من شأن فى خصوص الدعوى
المطروحة ، لما يترتب عليه من أثر فى تحديد مسئولية الطاعن الجنائية وجوداً و
عدماً مما كان يتعين معه علي المحكمة أن تعرض له استقلالاً وأن تمحص عناصره وأن
ترد عليه بما يدفعه إن رأت اطراحه ، أما وقد أمسكت المحكمة عن ذلك والتفتت كلية عن
تمحيص دفاع الطاعن وموقفه من الاتهام الذي وجه إليه بما يكشف عن أنها اطرحت هذا
الدفاع وهي على بينة من أمره، فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في
التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يعيبه .
2- لما كان نص المادة 126 من قانون
العقوبات قد جرى على أنه " كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل
ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى
عشر سنوات ، وإذا مات المجنى عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد " ، مما
مفاده ضرورة توافر صفة المتهم فيمن يتعرض للتعذيب من الموظف العام إضافة إلى باقي
شروط تطبيق النص القانوني سالف الإشارة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
فيما أورده علي السياق المتقدم - قد تشابهت عليه الأوصاف فبينما أورد في مجال
تحصيله لواقعة الدعـوى اتهام المجنى عليه في ارتكاب واقعة سرقة ، أورد عند رده على
دفاع الطاعن الثاني بأن المجني عليه قد أحاطت به الشبهات في مساهمته في واقعة سرقة
، وهناك فارق بيّن بين التعبيرين ، مما يشوب الحكم بالتناقض بشأن توجيه اتهام إلى
المجني عليه بارتكاب جريمة معينة ، ويدل على اختلال صورة الواقعة لدى المحكمة وعدم
استقرارها في عقيدتها بما يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ويعجز بالتالي محكمة
النقض عن مراقبة استخلاص محكمة الموضوع لتوافر شروط انطباق المادة 126 من قانون
العقوبات سالفة الإشارة ، مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
ــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهما أولاً:ـ المتهمان : بصفتهما موظفين
عمومين الأول " رائد شرطة ورئيس مباحث قسم شرطة ..... " والثاني "
ملازم أول شرطة ومعاون مباحث قسم شرطة ..... " عذبا المجني عليه ..... وشهرته
..... والمتهم في القضية رقم ..... جنح قسم ..... بالاشتراك وآخرين مجهولين بأن
أمره الأول أن يتجرد من ملابسه فامتثل كرهاً عنه وشد المجهولان وثاقه بأن أحكما
قيده من يديه وقدميه ثم انهالا عليه ضرباً بعصي في مواضع شتى من جسده واتبعهم
المتهمان بالتعدي عليه بأن قام الأول بتوليد تيار كهربائي بواسطة محول معد لذلك
أوصله الثاني بأنحاء متفرقة من جسده فأحدثا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية صعقاً بالكهرباء والتي أودت بحياته وكان ذلك بغية حمله على الاعتراف
بواقعة السرقة المتهم فيها في القضية سالفة البيان وأي جرائم أخرى مماثلة لها على
النحو المبين بالتحقيقات . المتهم الثاني :- ( أ ) بصفته موظفاً في مصلحة عمومية
غير بقصد التزوير موضوع المحرر الرسمي " محضر الضبط الرقيم ..... لسنة .....
إداري قسم ..... " وحال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة
واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة أن المجنى عليه ..... سقط مغشياً عليه حال
مناقشته في التهمة موضوع المحضر .... جنح قسم ..... على النحو المبين بالتحقيقات .
(ب) استعمل المحرر المزور سالف الذكر فيما زور من أجله بأن قدمه لنيابة .... مع
علمه بتزويره على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهما
إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 126، 213 ، 214 ،
234/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال أحكام المادتين " 17 ، 32" من ذات
القانون بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات .
فطعن الأستاذان / ..... المحاميان بصفتهما وكيلين عن المحكوم عليهما
في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذ
دانهما بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف تعذيباً أدى إلى موته ، قد شابه
القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن لم يعرض لدفاع الطاعن الأول
المؤيد بالمستندات وأقوال شهود النفي بانتفاء صلته بالواقعة لعدم وجوده بمكان
الحادث وقت وقوعه ، وأطرح دفاع الطاعن الثاني القائم على عدم توافر صفة "
المتهم " بالمجنى عليه طبقاً لما تستلزمه المادة 126 من قانون العقوبات بما
لا يصلح لاطراحه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة في ..... أن دفاع
الطاعن الأول قام . من بين ما قام عليه . على أنه لم يكن متواجداً بمكان الحادث
وقت وقوعه لوجوده آنذاك في اجتماع بمديرية الأمن التابع لها ، كما يبين من
المفردات المضمومة أن الطاعن المذكور أنكر بتحقيقات النيابة العامة الاتهام المسند
إليه وتمسك بنفي صلته بالواقعة إذ غادر قسم الشرطة الذي يعمل رئيساً لوحدة المباحث
به في الساعة الرابعة والنصف من مساء يـوم الحادث . قبل ضبط المجنى عليه وإحضاره
إلى القسم . ثم حضوره اجتماع بمديرية الأمن عقد من الساعة التاسعة من مساء ذلك
اليوم حتى الواحدة والنصف من صباح اليوم التالي حيث أبلغه أحد معاوني المباحث
بالقسم المذكور بأن المجنى عليه شعر بالإرهاق وفارق الحياة لدى مناقشة الطاعن
الثاني له في واقعة السرقة التي اتهم بها ، فقام الطاعن بإخطار مفتش المباحث بما
أبلغ به وانتقل إلى قسم الشرطة ومعه ثلاثة من الضباط سماهم لفحص الحادث وقدم
إقرارات صادرة منهم بذلك ، كما شملت التحقيقات سؤال سبعة من ضباط الشرطة تظاهر
أقوالهم دفاع الطاعن ، كما أرفق بالأوراق محضر الاجتماع المشار إليه . لما كان ذلك
، ولئن كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة إلا
أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها
على وجه يفصح أنها فطنت إليها ووازنت بينها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه إنه
بعد أن حصل واقعة الدعوى وساق الأدلة على ثبوتها انتهى إلى إدانة الطاعن دون أن
يمحص دفاعه المار بيانه وموقفه من التهمة وما قدمه من مستندات وما جرت عليه أقوال
الشهود التي ظاهرت هذا الدفاع مع ما لذلك كله من شأن في خصوص الدعوى المطروحة ،
لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئولية الطاعن
الجنائية وجوداً أو عدماً مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالاً وأن
تمحص عناصره وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه ، أما وقد أمسكت المحكمة عن ذلك
والتفتت كلية عن تمحيص دفاع الطاعن وموقفه من الاتهام الذى وجه إليه بما يكشف عن
أنها اطرحت هذا الدفاع وهى على بينة من أمره ، فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوباً
بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يعيبه . لما كان ذلك ، وكان البين من
الحكم المطعون فيه أنه حصل دفاع الطاعن الثاني الوارد بوجه الطعن وأطرحه في قوله
" وحيث إنه لما كان البين من الأوراق أن المجني عليه ...... قد أحاطت به
الشبهات في مساهمته في واقعة السرقة المحرر عنها المحضر رقم ...... والذي يتولى
المتهمان مهمة جمع الاستدلالات فيها ، ومن ثم فإن المجني عليه المذكور يعد متهماً
وقد وقع التعذيب عليه من المتهمين سالفي الذكر وأولهما رئيس وحدة البحث الجنائي
بقسم ...... والثاني ضابطاً بها وكان القصد من التعذيب هو حمله على الاعتراف
بواقعة السرقة سالفة الذكر .... " ، وكان الحكم عند تحصيله لواقعة الدعوى
قد أورد أن الواقعة " تتحصل في أنه في الساعة ...... من مساء يوم ...... تم
ضبط المجنى عليه ...... الشهير ...... لاتهامه في ارتكاب واقعة السرقة المحرر عنها
المحضر رقم ...... جنح قسم ...... " كما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة
والحكم المطعون فيه أنها خلت من اطلاع المحكمة على المحضر رقم ...... لسنة ...... جنح
قسم ...... موضوع جريمة السرقة لبيان الاتهامات التي وجهت فيها . لما كان ذلك ،
وكان نص المادة 126 من قانون العقوبات قد جرى على أنه " كل موظف أو مستخدم
عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالأشغال الشاقة
أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات ، وإذا مات المجنى عليه يحكم بالعقوبة
المقررة للقتل العمد"، مما مفاده ضرورة توافر صفة المتهم فيمن يتعرض للتعذيب
من الموظف العام إضافة إلى باقي شروط تطبيق النص القانوني سالف الإشارة . لما كان
ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده . على السياق المتقدم . قد تشابهت عليه
الأوصاف فبينما أورد في مجال تحصيله لواقعة الدعوى اتهام المجني عليه في ارتكاب
واقعة سرقة ، أورد عند رده على دفاع الطاعن الثاني بأن المجني عليه قد أحاطت به
الشبهات في مساهمته في واقعة سرقة ، وهناك فارق بيّن بين التعبيرين ، مما يشوب الحكم
بالتناقض بشأن توجيه اتهام إلى المجنى
عليه بارتكاب جريمة معينة، ويدل على اختلال صورة الواقعة لدى المحكمة وعدم
استقرارها في عقيدتها بما يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ويعجز بالتالي محكمة
النقض عن مراقبة استخلاص محكمة الموضوع لتوافر شروط انطباق المادة 126 من قانون
العقوبات سالفة الإشارة ، مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك بغير حاجة
إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق