الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 9 يناير 2017

الطعن 4923 لسنة 78 ق جلسة 7 / 4 / 2009 مكتب فني 60 ق 26 ص 201

جلسة 7 من إبريل سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة  وعضوية السادة القضاة/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب، أحمد أحمد خليل نواب رئيس المحكمة، وإسماعيل خليل.
-------------
(26)
الطعن 4923 لسنة 78 ق
(1) نيابة عامة. إعدام. نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده". محكمة النقض "نظرها الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. 
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) إثبات "اعتراف" "بوجه عام". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاعتراف الذي يعول عليه. شرطه وأساسه؟ 
الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير إكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول عليه في الإدانة. 
الوعيد أو الإغراء. يعد قرين الإكراه. على المحكمة بحثه وبيان الصلة بينه وبين اعتراف المتهم. إغفال ذلك. يعيب الحكم. 
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟ 
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي. شرطه: صدورها عنه اختيارياً. 
الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. إغفال ذلك. قصور. لا يغني عنه إيراد أدلة أخرى. 
مثال.
-----------------
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون - بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - بفرض حصوله - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة ..... أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف للتعذيب الواقع على المتهم وللإكراه المادي والأدبي ..... وأن النيابة حين ناظرت المتهم وجدت به إصابات عديدة ولا يعقل أن المتهم أحدثها بنفسه .... وأن هذه الإصابات قبل عرض المتهم على النيابة بوقت كبير ...، وأضاف أن والدة المتهم وأشقاءه تم تعذيبهم في ديوان الشرطة حتى يعترف المتهم وأن المتهم قبض عليه من يوم ... وظل محجوزاً حتى يوم ... وأنه بوشر عليه التعذيب حتى يعترف وأيضاً القبض السابق وهو اعتراف باطل من أثر الإكراه المعنوي والتعذيب". كما تبين من مطالعة المفردات وجود شكوى مقدمة من الطاعن إلى مدير نيابة مركز ... بتاريخ ... يلتمس فيها إعادة سماع أقواله لبطلان اعترافه لأنه وليد إكراه مادي ومعنوي تعرض له هو ووالدته وأشقاؤه وزوجة شقيقه وبناته وقد تأشر عليها بالنظر والإرفاق، كما تبين وجود برقية تلغرافية من ... - شقيق الطاعن - إلى محامي عام ... ومقيدة برقم ... عرائض وهي تتضمن ذات مضمون الشكوى المقدمة من الطاعن سالفة الذكر وتأشر عليها من المحامي العام في ... بما يفيد إرسالها لنيابة ... لاتخاذ اللازم قانوناً، كما تبين وجود شكوى من نفس شقيق الطاعن إلى مدير نيابة ... بها ذات المضمون وتأشر عليها من مدير النيابة بتاريخ ... وقد تم سؤاله في تحقيق النيابة في ذات التاريخ فقرر أنه بتاريخ ... تم القبض عليه وشقيق الطاعن ووالدته ... وزوجته ... وشقيقته ... وابنته ... وقامت الشرطة بتعذيب والدته بالكهرباء وحلق شعر رأسها أمام الطاعن لإجباره على الاعتراف، وأن الطاعن طلب من الشرطة ترك أهليته وسوف يقول ما يملى عليه، وأنه أشهد على ذلك كلا من ... و... وبسؤالهما شهدا بصحة واقعة حجز الطاعن وأهليته بديوان نقطة ... التابعة لمركز شرطة ... إبان حدوث واقعة قتل المجني عليها وأن الحجز استمر حوالي ثمانية أيام، ويبين من مطالعة قرار المحامي العام لنيابة ... أنه بعد أن أمر بإحالة الطاعن إلى محكمة جنايات ... أمر بنسخ صورة من الأوراق تخصص عن واقعة الحجز بدون وجه حق يتم التصرف فيها استقلالاً، ويبين أيضاً من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أنه بسؤال ... ابنة شقيق الطاعن شهدت بالقبض عليها ووالديها وجدتها وشقيقتها وحجزها بنقطة شرطة ... وتعذيبهم أمام الطاعن، كما شهدت أيضاً هي وشاهدتا الإثبات ... - جارة المجني عليها - ... شقيقة الطاعن أن ما شهدن به في تحقيقات النيابة لا يطابق الحقيقة وأنهن أدلين به إثر ما تعرضن له من ضغط وتعذيب من رجال الشرطة، كما شهد ... بواقعتي القبض والحجز بدون وجه حق. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعن إلى اعترافه في تحقيق النيابة، وأنه عرض لدفاع الطاعن ببطلان اعترافه لما شابه من إكراه مادي تمثل في الاعتداء عليه بالضرب من أفراد الشرطة واستدل بما ورد بتقرير الطب الشرعي من جواز حدوث إصابات المتهم وفقاً لما قرره بالتحقيقات بأنه أحدثها بنفسه، بيد أن الحكم لم يعرض لما أثاره الطاعن ومدافعه ببطلان اعترافه المعزو إليه بتحقيقات النيابة لصدوره وليد إكراه أدبي للقبض عليه وذويه وحجزهم داخل مقار الشرطة وممارسة الضغط عليه وتهديده بأفراد أسرته. لما كان ذلك، وكان من المقرر عملاً بمفهوم نص المادة 42 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أن الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختيارياً وهو لا يصير كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به، كائناً ما كان قدره، وكان الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف، وكان الوعيد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأن له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في القبض على والدته وأشقائه وحجزهم بمقار الشرطة وتعذيبهم إذا هو أنكر الاتهام والوعد بتجنيبه ما هدد به في حالة إدلائه بالاعتراف أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتقدير الأدلة التي أشارت إليها أوراق الدعوى والمتمثلة في البلاغات والشكاوى والبرقيات المرسلة من الطاعن وشقيقه للنيابة وأقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة وبمحاضر جلسات المحاكمة، وتبحث الصلة بين هذا الإكراه المدعى به وسببه وعلاقته بهذا الاعتراف فإن هي نكلت عن ذلك، ولم تعرض البتة للصلة بين التهديد والوعد وبين اعترافه الذي عولت عليه وتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال الشهود ... و... و... وهن على السياق السالف سرده قد عدلن أمام محكمة الموضوع عن أقوالهن السابق إبداؤها بتحقيقات النيابة ناعين على تلك الأقوال بصدورها منهن تحت تأثير الإكراه والتعذيب الواقع عليهن من ضابط مركز شرطة المراغة، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارياً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أيضاً أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، وكان الحكم المطعون فيه عول في الإدانة على أقوال تلك الشاهدات بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلين بها نتيجة إكراه وقع عليهن ويقول كلمته فيها فإنه يكون معيباً - أيضاً - بالقصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.
-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- قتل/ ... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لهذا الغرض سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وتربص لها في المكان الذي أيقن تواجدها فيه - مسكنها - وما أن ظفر بها حتى كال لها عدة ضربات في عنقها قاصداً من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ..... قبل المتهم بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت حضورياً وبإجماع الآراء إرسال أوراق القضية لفضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبجلسة ... قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملا بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 25 مكرراً/1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 وبعد إعمال أحكام المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عن الاتهام المسند إليه وألزمته بالمصروفات الجنائية وبأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ ألفي وواحد جنيه وبمصروفات الدعوى المدنية وأمرت بمصادرة السلاح الأبيض المضبوط
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
من حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر في القانون
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون - بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - بفرض حصوله - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح أبيض - مطواة قرن غزال - بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إليه بتحقيق النيابة قد صدر وليد إكراه أدبي وقع عليه من رجال الشرطة تمثل في القبض عليه واحتجازه وأفراد أسرته داخل مقار الشرطة قبيل عرضه على النيابة لمدة تزيد عن الأسبوع وأنهم كانوا تحت وطأة التهديد والوعيد في هذه الفترة بدلالة الشكاوى والبرقيات المرسلة للنيابة العامة والمرفقة بالمفردات وأقوال الشاهدين ... و... بتحقيقات النيابة العامة وأقوال شهود الإثبات ... و... و... بجلسة المحاكمة وأقوال شاهد النفي ...، وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات سالفي الذكر بتحقيقات النيابة رغم أنها جاءت وليدة إكراه وحجز باطل تعرضوا له من رجال الشرطة رغم عدولهم عنها بجلسة المحاكمة، وقد أغفل الحكم هذا الدفاع إيراداً ورداً، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة ... أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف للتعذيب الواقع على المتهم وللإكراه المادي والأدبي ... وأن النيابة حين ناظرت المتهم وجدت به إصابات عديدة ولا يعقل أن المتهم أحدثها بنفسه .... وأن هذه الإصابات قبل عرض المتهم على النيابة بوقت كبير ...، وأضاف أن والدة المتهم وأشقاءه تم تعذيبهم في ديوان الشرطة حتى يعترف المتهم وأن المتهم قبض عليه من يوم ... وظل محجوزاً حتى يوم ... وأنه بوشر عليه التعذيب حتى يعترف وأيضاً القبض السابق وهو اعتراف باطل من أثر الإكراه المعنوي والتعذيب. "كما تبين من مطالعة المفردات وجود شكوى مقدمة من الطاعن إلى مدير نيابة مركز ... بتاريخ ... يلتمس فيها إعادة سماع أقواله لبطلان اعترافه لأنه وليد إكراه مادي ومعنوي تعرض له هو ووالدته وأشقاؤه وزوجة شقيقه وبناته وقد تأشر عليها بالنظر والإرفاق، كما تبين وجود برقية تلغرافية من ... - شقيق الطاعن - إلى محامي عام ... ومقيدة برقم ... عرائض وهي تتضمن ذات مضمون الشكوى المقدمة من الطاعن سالفة الذكر وتأشر عليها من المحامي العام في ... بما يفيد إرسالها لنيابة ... لاتخاذ اللازم قانوناً، كما تبين وجود شكوى من نفس شقيق الطاعن إلى مدير نيابة ... بها ذات المضمون وتأشر عليها من مدير النيابة بتاريخ ... وقد تم سؤاله في تحقيق النيابة في ذات التاريخ فقرر أنه بتاريخ ... تم القبض عليه وشقيق الطاعن ووالدته ... وزوجته ... وشقيقته ... وابنته ... وقامت الشرطة بتعذيب والدته بالكهرباء وحلق شعر رأسها أمام الطاعن لإجباره على الاعتراف، وأن الطاعن طلب من الشرطة ترك أهليته وسوف يقول ما يملى عليه، وأنه أشهد على ذلك كلا من ... و... وبسؤالهما شهدا بصحة واقعة حجز الطاعن وأهليته بديوان نقطة ... التابعة لمركز شرطة ... إبان حدوث واقعة قتل المجني عليها وأن الحجز استمر حوالي ثمانية أيام، ويبين من مطالعة قرار المحامي العام لنيابة ... أنه بعد أن أمر بإحالة الطاعن إلى محكمة جنايات ... أمر بنسخ صورة من الأوراق تخصص عن واقعة الحجز بدون وجه حق يتم التصرف فيها استقلالاً، ويبين أيضاً من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أنه بسؤال ... ابنة شقيق الطاعن شهدت بالقبض عليها ووالديها وجدتها وشقيقتها وحجزها بنقطة شرطة ... وتعذيبهم أمام الطاعن، كما شهدت أيضاً هي وشاهدتا الإثبات ... - جارة المجني عليها - ... - شقيقة الطاعن - أن ما شهدن به في تحقيقات النيابة لا يطابق الحقيقة وأنهن أدلين به إثر ما تعرضن له من ضغط وتعذيب من رجال الشرطة، كما شهد ... بواقعتي القبض والحجز بدون وجه حق. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعن إلى اعترافه في تحقيق النيابة، وأنه عرض لدفاع الطاعن ببطلان اعترافه لما شابه من إكراه مادي تمثل في الاعتداء عليه بالضرب من أفراد الشرطة واستدل بما ورد بتقرير الطب الشرعي من جواز حدوث إصابات المتهم وفقاً لما قرره بالتحقيقات بأنه أحدثها بنفسه، بيد أن الحكم لم يعرض لما أثاره الطاعن ومدافعه ببطلان اعترافه المعزو إليه بتحقيقات النيابة لصدوره وليد إكراه أدبي للقبض عليه وذويه وحجزهم داخل مقار الشرطة وممارسة الضغط عليه وتهديده بأفراد أسرته. لما كان ذلك، وكان من المقرر عملاً بمفهوم نص المادة 42 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أن الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختيارياً وهو لا يصير كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به، كائناً ما كان قدره، وكان الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف، وكان الوعيد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأن له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في القبض على والدته وأشقائه وحجزهم بمقار الشرطة وتعذيبهم إذا هو أنكر الاتهام والوعد بتجنيبه ما هدد به في حالة إدلائه بالاعتراف أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتقدير الأدلة التي أشارت إليها أوراق الدعوى والمتمثلة في البلاغات والشكاوى والبرقيات المرسلة من الطاعن وشقيقه للنيابة وأقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة وبمحاضر جلسات المحاكمة، وتبحث الصلة بين هذا الإكراه المدعى به وسببه وعلاقته بهذا الاعتراف فإن هي نكلت عن ذلك، ولم تعرض البتة للصلة بين التهديد والوعد وبين اعترافه الذي عولت عليه وتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال الشهود ... و... و... وهن على السياق السالف سرده قد عدلن أمام محكمة الموضوع عن أقوالهن السابق إبداؤها بتحقيقات النيابة ناعين على تلك الأقوال بصدورها منهن تحت تأثير الإكراه والتعذيب الواقع عليهن من ضابط مركز شرطة .....، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارياً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أيضا أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، وكان الحكم المطعون فيه عول في الإدانة على أقوال تلك الشاهدات بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلين بها نتيجة إكراه وقع عليهن ويقول كلمته فيها فإنه يكون معيباً أيضاً بالقصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق