جلسة 5 من يناير سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، خلف فتح الباب متولي، حسام الدين الحناوي ومحمد شهاوي عبد ربه نواب رئيس المحكمة.
--------------
(20)
الطعن رقم 2470 لسنة 63 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن" "إيجار الأرض الفضاء" "امتداد العقد".
عقد إيجار الأرض القضاء. خضوعه للقواعد العامة في القانون المدني. العبرة في وصف العين بحقيقة الواقع وقت إبرام العقد. فسخ العقد أو انتهائه وإبرام عقد جديد بين ذات المتعاقدين. وجوب تحديد طبيعة العين وقت إبرام العقد الأخير. إقامة مبان إبان سريان العقد السابق. اعتبار العقد الجديد وارداً على مكان خاضع لقوانين إيجار الأماكن وممتد إلى أجل غير مسمى دون اعتداد بالمدة الاتفاقية في العقد.
(2) دفاع "الدفاع الجوهري".
الدفاع الجازم الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. التزام محكمة الموضوع بالإجابة عليه في أسباب حكمها.
2 - المقرر - أن الدفاع الذي يبديه الخصم على نحو صريح وجازم ويكون من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في النزاع يتحتم على محكمة الموضوع أن تتناوله بالبحث والتمحيص وترد عليه رداً سائغاً وإلا كان حكمها قاصراً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 1118 لسنة 1984 مدني قليوب الابتدائية بطلب الحكم بعدم انطباق المادة السابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن إيجار وبيع الأماكن على العين محل عقد الإيجار المؤرخ أول فبراير سنة 1983، وبطلان عقد الاتفاق المبرم بينهما في السابع من ذات الشهر في شأن ما تضمنه من زيادة دورية للأجرة بنسبة 20 % واعتباره كأن لم يكن. وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ أول سبتمبر سنة 1976 استأجر من المالك السابق قطعة أرض فضاء مساحتها مائة متر مربع محاطة بسور بغرض استعمالها مصنعاً للبلاط بإيجار شهري مقداره خمسة عشر جنيهاً، وإذ انتقلت ملكيتها إلى المطعون ضده قام بصب سقفها وأقام عليها ثلاثة أدوار، وحرر له عقداً بتاريخ أول فبراير سنة 1983 زيدت فيه الأجرة إلى عشرين جنيهاً. وفي السابع من ذات الشهر اتفقا على أن تزاد هذه الأجرة زيادة دورية بنسبة 20 % إعمالاً للمادة السابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981. وإذ كانت العين لا تسري عليها هذه الزيادة فأقام دعواه بطلبيه سالفي البيان. أقام المطعون ضده دعوى فرعية قبل الطاعن بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ أول فبراير سنة 1983 وطرده من العين المؤجرة على سند من أنها أرض فضاء لا تخضع لقوانين إيجار الأماكن وقد انتهت مدة العقد. قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة شبرا الخيمة الجزئية. وقضت الأخيرة بعدم انطباق نص المادة السابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 على عين النزاع، وفي الدعوى الفرعية بطرد الطاعن منها وتسليمها إلى المطعون ضده استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 236 لسنة 1989 مدني مستأنف قليوب الابتدائية. فقضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى وإحالتها ثانية إلى محكمة قليوب الابتدائية حيث قيدت بها برقم 1374 لسنة 1990. وحكمت فيها برفض الدعوى الأصلية وبالطلبات في الدعوى الفرعية. استأنف الطعن الحكم بالاستئناف رقم 434 لسنة 25 قضائية - طنطا - مأمورية بنها. وبتاريخ 23 من يناير سنة 1993 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن دفاعه أمام محكمة الموضوع قام على أنه وإن كان عقد الإيجار المؤرخ أول سبتمبر سنة 1976 قد تضمن أن العين المؤجرة أرض فضاء محاطة بسور، إلا أنه إثر قيام المطعون ضده بعد شرائه العقار، بصب سقف هذه الأرض وإقامة ثلاثة أدوار عليها، حرر مع الطاعن عقداً جديداً بتاريخ أول مارس سنة 1983 تضمن شروطاً جديدة أعمالاً لأحكام قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 الساري وقت ذلك. فزيدت فيه الأجرة إلى عشرين جنيهاً بخلاف رسم النظافة والضريبة العقارية، بالإضافة إلى 20% قيمة الزيادة الدورية المقررة بنص المادة السابعة من هذا القانون. وأكد ذلك باتفاق تحرر في السابع من ذات الشهر أفصحا فيه عن رغبتهما في تطبيق أحكام هذا القانون على العين المؤجرة بعد أن أصبحت مكاناً. وظل يسدد الأجرة على هذا الأساس حتى تبين له أن الزيادة الدورية المستحقة عليها بموجب النص المذكور هي 5% فقط لأن المبنى أنشئ سنة 1976، وقدم إثباتاً لذلك عقد الإيجار والاتفاق اللاحق عليه والسابق الإشارة إليهما، وإنذار المطعون ضده له بتاريخ 28 من إبريل سنة 1984 يطالبه فيه بالزيادة الدورية بنسبة 20% إعمالاً لأحكام القانون المذكور، وكشف الضريبة العقارية الذي تضمن أن العين تامة الإنشاء منذ سنة 1978. وعلى ذلك فإن عقد الإيجار يمتد قانوناً ولا يجوز للمطعون ضده طرده من العين إلا لأحد الأسباب الواردة بالمادة 18 من قانون إيجار الأماكن المذكور. وإذ أغفل الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه حقيقة هذا الدفاع فلم يتناوله بالبحث والتمحيص ولم يعرض لدلالة المستندات المقدمة منه إثباتاً له رغم أنه دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في النزاع، وقضى بطرده من العين المؤجر استناداً إلى أنها أرض فضاء تخضع لأحكام القانون المدني فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تشريعات إيجار الأماكن وقد صدرت لمواجهة أزمة الإسكان فقد حرصت جميعها على استثناء الأرض الفضاء من نطاق تطبيقها ومن ثم يخضع عقد إيجارها للقواعد العامة الواردة في القانون المدني. وإذ كانت العبرة في تحديد طبيعة العين محل التعاقد هي بحقيقة الواقع وقت إبرام العقد دون اعتداد بما تؤدي إليه إبان سريانه، إلا أنه إذا فسخ العقد أو انتهى وأبرم عقد جديد بين ذات المتعاقدين، فإنه يجب النظر إلى طبيعة العين محل التعاقد وقت إبرام العقد الأخير بحيث إذا كانت قد أقيمت عليها مبان إبان سريان العقد السابق بمعرفة مالك الأرض أو آلت إليه بحكم الالتصاق، تجعلها مكاناً فأن العقد الجديد، وهو ليس امتداداً للعقد السابق، يكون وارداً على مكان ويخضع بالتالي لقوانين إيجار الأماكن ويمتد إلى أجل غير مسمى التزاماً بأحكام تلك القوانين دون اعتداد بالمدة الاتفاقية الواردة بالعقد. لما كان ذلك وكان المقرر أن الدفاع الذي يبديه الخصم على نحو صريح وجازم ويكون من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في النزاع يتحتم على محكمة الموضوع أن تتناوله بالبحث والتمحيص وترد عليه رداً سائغاً وإلا كان حكمها قاصراً، وكان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه أنه بعد أن قام المطعون ضده بصب سقف الأرض المسورة محل العقد المؤرخ أول سبتمبر سنة 1976، أقام عليها ثلاثة أدوار، وأصبحت مكاناً يخضع لأحكام قوانين إيجار الأماكن اتفقا على تجديد هذا العقد وحررا عقداً آخر بتاريخ أول مارس سنة 1983 وألحقاه باتفاق مكمل به في السابع من ذات الشهر، أفصحا فيه عن إرادتهما في تطبيق أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 ونص فيه على زيادة الأجرة إلى عشرين جنيهاً خلافاً لرسم النظافة والضريبة العقارية المقررة بالإضافة إلى الزيادة الدورية المقررة بالمادة السابعة من القانون المذكور بنسبة 20% ووصفت فيه العين بأنها مصنع بلاط. وأنه ظل يسدد الأجرة تنفيذاً لهذا الاتفاق إلى أن قام النزاع بينهما على نسبة هذه الزيادة، باعتبار أن المباني أقيمت سنة 1976 فتكون الزيادة المستحقة 5% فقط وفقاً لأحكام المادة المذكورة وقدم للتدليل على ذلك إنذار على يد محضر معلن إليه بتاريخ 28 من إبريل سنة 1984 يطالبه فيه المطعون ضده بهذه الزيادة بنسبة 20% ويقر فيها بتطبيق أحكام القانون 136 لسنة 1981 على العين، وكشف رسمي من الضرائب العقارية تضمن أن العين ورشة بلاط بالطوب الأحمر المسلح وأنه تم إنشاء المبنى بكامله عام 1978، وكذلك الشكوى الإدارية رقم 647 لسنة 1986 شبرا الخيمة والمعاينة التي أجريت فيها إثباتاً لحاله المبنى وقت تحرير عقد الإيجار الجديد. وإذ لم يقض الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ولم يعرض لدلاله المستندات المقدمة في هذا الشأن مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به - لو صح - وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق