الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 سبتمبر 2014

(الطعن 22347 لسنة 66 ق جلسة 8 / 11 / 1998 مكتب فني 49 ق 169 ص 1212)

برئاسة محمود ابراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية حسام عبد الرحيم والبشرى الشوربجى وعبد المنعم منصور وفتحى جودة  نواب رئيس المحكمة.
----------------------
1 -  لما كان المحكوم عليهما الثانى ..... والرابع ....... ولئن قرارا بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما ، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
 
2 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لايدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله وحيث إنه عن نية القتل فهى متوافرة قبل المتهمين من استعمالهم الأسلحة البيضاء على النحو الثابت بالتحقيقات إذ قام المتهم الثانى بضرب المجنى عليه بالبلطة على ساقية محدثاً الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى والمبينة بالبنود 9 ، 10 ، 11 ، 12 ، 13 من تقرير الصفة التشريحية الأمر الذى أدى الى سقوط المجنى عليه على الأرض فقام المتهم الثالث بذبحه فى عنقه محدثاً به تهتكا بالأوعية الدموية الرئيسية والأعصاب والبلعوم والمرىء وكسراً بالفقرة العنقية الرابعة وما صاحب ذلك من نزيف دموى غزير فى الوقت الذى قام المتهم الرابع بضربه بسنجة محدثاً إصابات الكتف والرقبة وأن الجناة لم يتركوا المجنى عليه إلا جثة هامدة لافظاً أنفاسة ، وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافياً وسائغاً للتدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين ، فإنه لا محل النعى عليه فى هذا الصدد .
 
3 -  لما كان ما حصله الحكم من أقوال الشهود بشأن عدم ترك المتهمين للمجنى عليه إلا بعد أن أجهزوا عليه له معينه الصحيح من أقوالهم بتحقيقات النيابة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه ، ومن ثم فقد انحسرت عنه قالة الخطأ فى الإسناد فى هذا الصدد.
 
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق .
 
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظورف التى يؤدى فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلة المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن لايعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى حق محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة القائمة فى الدعوى وهو ما لايقبل إثارته لدى محكمة النقض .
 
6 - لما كان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له فى ثبوت الواقعة مادامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التى ساقتها إلى تحقق وقوعها من الطاعنين ، وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من مطاعن مرجعه الى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه فى ذلك شأن سائر الأدلة ، وكانت المحكمة قد اطمأنت للادلة التى ساقتها ولما قرره الطبيب الشرعى فإن المنازعة فى ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل مما لا يقبل التصدى له أمام محكمة النقض .
 
7 - لما كان لايبين . من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبوا ندب خبير آخر فى الدعوى ، فليس لهم من بعد النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم فى هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعى على الحكم فى هذا الصدد غير سديد.
 
8 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما ساقة الطاعنون من دفاع مؤداه أن المجنى عليه لم يقتل حيث وجدت جثته بدلالة خلو معاينة نائب المأمور من وجود ثمة دماء أسفل الجثة أو مقذوفات نارية فارغة والعثور على ذخيرة بملابس المجنى عليه وأنه كان حافى القدمين ولم يعثر على حذائة بمكان الحادث وأطرحته بما مفاده أن محضر الشرطة قد انصب على الإبلاغ بقتل المجنى عليه ومعاينة الجثة فقط وأنه قد ثبت من معاينة النيابة وجود أثار دماء بملابس المجنى عليه وكذا الكوفرته المغطى بها الجثة وآثار دماء بالأرض الموجود بها الجثة وبالتحديد أسفلها وهى دماء غزيرة مختلطة بالأتربة وأن وجود المجنى عليه حافى القدمين فإن فوق كونه فلاحاً وهم عادة يسيرون حفاة القدمين فإن ما يثيره المتهمون فى هذا الشأن لايعدو أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به التشكيك فى أدلة الدعوى ، وانتهت المحكمة من ذلك الى رفض دفاعهم ، وهو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين فى هذا الشأن هذا الى أنه لايعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفى أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت . السائغة التى أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التى اطمأنت إليها المحكمة.
 
9 - لما كان من المقرر أنه لايعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً ـ مما لم يكن بحاجة إليه ـ من أن المجنى عليه كان حافى القدمين ـ لكونه فلاحاً ـ وأن طبيعة الأمر فى الغالب الأعم أن يسير بعض الفلاحين حفاة القدمين ـ مادام أنه قد أقام قضاءه بثبوت الجريمة وطرح دفاع الطاعنين على ما يحملة ، وكان لا أثر لما تزيد إليه فى منطقة أو فى النتيجة التى انتهى إليها ـ وهو ما أفصح عنه الحكم هذا الى أن ما استند اليه الحكم فى هذا الشأن هو من العلم العام فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
 
10 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة استدعاء الطبيب الشرعى لاستطلاع رأيه فى شأن كمية الدماء التى عثر عليها أسفل جثة المجنى عليه وكذا طلب وكيل النيابة ونائب المأمور لإجراء مواجهة بينهما فى هذا الشأن أو سؤال ذوى المجنى عليه والشهود بشأن كونه حافى القدمين فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على الدفاع لم يثر أمامها ، فضلا عن أن ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد لايعدو أن يكون محالة منهم للتشكيك فى أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح وهو مالا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
 
11 - لما كان من المقرر أنه لايعيب الحكم التفاته عن أقوال الشهود بمشارطة التحكيم والصلح الذى تم بين عائلتى المجنى عليه والمتهمين فى معرض نفى التهمة عنهم إذ لايعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود ـ الشاهد الأول والد المجنى عليه ـ يتضمن عدولاً عن اتمامهم ، وهو ما يدخل فى تقدير محكمة الموضوع وسلطتها فى تجزئة الدليل ، وهو ما خلصت إليه والتزمته المحكمة فى إطراحها دفاع الطاعنين المستند الى ما أثبت بتلك المشارطة ، فضلا عن أن الأخذ بأدلة الثبوت التى ساقها يؤدى دلالة الى إطراح هذه المشارطة ويكون منعى الطاعنين فى هذا الشأن غير سديد.
 
12 - كان الحكم قد أورد بصدد الرد على دفاع الطاعنين بعدم معقولية الواقعة بالنسبة للمتهم الثالث ـ وذلك بالبند سادساً ـ أن الثابت من أدلة الدعوى أن المتهم ...... وشهرته ........ تعقب المجنى عليه ببلطة وأحدث به إصابات بساقة فسقط أرضاً حيث قام المتهم الثالث بالاتكاء عليه وبيده سكين ذبحه بها فى رقبته وقد أكد ذلك ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه أن إصاباته تحدث من المصادمة بجسم صلب ثقيل ذو حافة حادة مثل الساطور أو ما شابه وهذه الإصابات فى ساقى المجنى عليه والتى عزاها شهود الإثبات للمتهم الثانى وأن واقعة ذبح المجنى عليه ثابته بالبند (5) من التقرير والثابت به أنه يبدو من خلالها أنسجة العنق وحتى العمود الفقرى وأن جميع الأنسجة مقطوعة فى مستوى واحد ، ثم أحال الحكم بصدد الرد على دفاع الطاعنين بتناقض الدليلين القولى والفنى الى ما اورده فى الرد على دفاع الطاعنين بالبند سادساًُ ـ سالف الذكر ـ وأضاف أن المتهم الرابع أحدث إصابة المجنى عليه بالكتف والرقبة بالبنود 2 ،3 ، 4 من تقرير الصفة التشريحية وأن المتهم الخامس كان على مسرح الجريمة يطلق أعيرة نارية لإرهاب شاهدى االإثبات الأول والثانى والشد من أزر باقى الجناة ، وانتهى من ذلك الى رفض دفاع الطاعنين بتناقض الدليلين القولى والفنى ، لما كان ما تقدم ، فإن هذا الذى رد به الحكم ينهض كافياً لدحض قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى ، ذلك بأنه من المقرر أنه يكفى أن يكون جماع الدليل القولى ـ كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ومن ثم فإنه النعى على الحكم فى هذا الشأن ينحل الى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما لاتجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
13 - من المقرر أن المحكمة لاتلتزم بأن تتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم.
 
14 - لما كان من المقرر أنه ، فى صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً فى الجريمة ، أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم فى بيان واقعة الدعوى ، وفيما عول من أدلة الثبوت كافياً بذاته على اتفاق الطاعنين على القتل العمد وذلك من معنتهم فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلاً منهم قد قصد قصد الأخر فى ايقاعها ، وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها ، وأثبت فى حق الطاعن ـ ....... وجوده على مسرح الجريمة وحملة سلاحاً نارياً وإطلاق لتهديد الشهود وشد أزر المتهمين ، فإن الحكم إذ انتهى الى عتبار الطاعنين متضامنين فى المسئولية الجنائية ودانهم بوصفهم فاعلين أصليين فى جريمة القتل العمد يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى منعى الطاعن المذكور فى هذا الخصوص غير قويم.
------------------
   إتهمت النيابة العامة الطاعنين : اولا المتهمون جميعا قتلوا عمدا ......مع سبق الاصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم المصمم على قتله وتربصوا له فى الطريق العام الذى ايقنوا مروره فيه وما أن شاهدوه حتى اطلق عليه المتهم الاول عيارا ناريا من بندقية خرطوش كانت بحوزته لم يصبه وقام المتهم الخامس بشل حركة مرافقى المجنى عليه بتهديدهم بأن اطلق اعيرة نارية من بندقية خرطوش كانت بحوزته وتعقبه باقى المتهمين وما ان ظفروا به حتى قام المتهم الثانى بضربه بأداة حادة "بلطة" فى قدميه فسقط على الارض وقام المتهم الثالث بذبحه بأدة حادة "سكين" كما قام المتهم الرابع بضربه فى كتفه ورقبته بأداة حادة "سنجة" قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته . ثانيا : المتهمان الاول والخامس : احرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين "بندقية خرطوش" . ثالثا : المتهم الاول : احرز ذخائر "طلقة" مما تستعمل فى السلاح النارى سالف البيان دون أن يكون مرخصا له فى حيازته وإحرازه . رابعا : المتهم الخامس : احرز ذخائر "سبع طلقات" مما تستعمل فى السلاح النارى سالف البيان دون أن يكون مرخصا له فى حيازته أو إحرازه . خامسا : المتهم الثالث : أحرز بغير ترخيص سلاحا من الأسلحة البيضاء "سكين" . وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 39 ، 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 - 5 من القانون رقم 394 لسنه 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنه 1978 ، 165 لسنه 1981 والبند رقم 4 من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الاول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالاشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة واحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المختصة لنظرها . فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم ........لسنه 62 قضائية) . ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة جنايات الفيوم لتحكم فيها من جديد دائرة اخرى . ومحكمة الإعادة - بهيئة اخرى - قضت حضوريا عملا بالمواد 39/2 ، 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 - 5 من القانون رقم 394 لسنه 1954 المعدل والبند رقم من الجدول (1) والجدول رقم (2) الملحقين مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما اسند اليهم .
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض " للمرة الثانية " ... إلخ .
---------------
     من حيث إن المحكوم عليهما الثاني ...... والرابع ....... ولئن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليهم الأول والثالث والخامس قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص وإحراز سلاح أبيض بغير مقتضى، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حق الطاعنين واستدل على توافرها لديهم بقالة إنهم لم يتراجعوا إلا بعد أن أجهزوا على المجني عليه وهو ما لا أصل له في الأوراق، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات التي شابها الكذب كما أن الشاهد ....لم يشاهد الحادث فضلاً عن أنه بينه وبين الطاعنين خصومة، وأعرض الحكم عن دفاع الطاعنين في هذا الشأن، وتمسك الدفاع بأن مقتل المجني عليه لم يكن في الوقت الذي حدده الشهود استناداً إلى أن الجثة وجدت عند تشريحها يوم .... بعد الظهر في حالة تيبس رمي تام وهي حالة لا تظهر إلا بعد مضي زمن بعيد لا يقل عن ثلاثين ساعة وأطرحت المحكمة هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه، ولم تستعن برأي فني آخر خلاف الطبيب الشرعي لحسم هذه المنازعة بدلاً من اكتفائها بأن الدفاع لم يقدم رأياً علمياً آخر في هذا الشأن، كما تمسك الدفاع أيضاً بأن المجني عليه لم يقتل في المكان الذي وجدت به الجثة بدلالة خلو معاينة نائب المأمور من وجود دماء أسفل الجثة أو مقذوفات نارية فارغة، والعثور على ذخيرة بملابس المجني عليه دون العثور على السلاح، بما مؤداه أن للواقعة صورة أخرى وأن الحادث وقع من مجهولين بمكان آخر، كما أن المجني عليه كان حافي القدمين ولم يتم العثور على حذائه بمكان الحادث، وقضت المحكمة رداً على هذه الجزئية بعلمها الشخصي حين استندت إلى أن المجني عليه فلاح وهم عادة يسيرون حفاة القدمين، وكان يتعين على المحكمة تحقيق ذلك بسؤال ذوي المجني عليه والشهود، كما أن منازعة الدفاع فيما أسفرت عنه معاينة النيابة بعد ذلك من وجود دماء أسفل الجثة بأنها لا تتناسب مع النزيف الحاد الذي حدث من الجروح القطعية والذبحية بالمجني عليه كان يستوجب استطلاع رأي الطبيب الشرعي في ذلك، وسؤال وكيل النيابة والمأمور - الذي أجرى المعاينة الأولى - ومواجهتهم في ذلك، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يكفي أو يسوغ إطراحه، كما أن شاهد الإثبات الأول - والد المجني عليه - وقع على مشارطة تحكيم قدمها الدفاع إلى المحكمة تفيد أن الطاعنين لم يشتركوا في الحادث ولم يوجدوا بمكان وقوعه إلا أن المحكمة أطرحت ما ورد بتلك المشارطة بما لا يصلح رداً، وعول الحكم في الإدانة على ما ورد بالدليلين القولي والفني رغم ما بينهما من تناقض لم يعن برفعه ورد على دفاع الطاعنين في هذا الشأن بما لا يسوغه، وأثار الدفاع أن الواقعة غير متصورة عقلاً بالنسبة للطاعن - ....- إذ أنه تجاوز السبعين من عمره ضعيف البصر والبنية فلا يمكنه متابعة المجني عليه - وهو شاب في العقد الثالث من عمره - وذبحه إلا أن الحكم أطرح ذلك الدفاع بما لا يكفي لإطراحه، وأخيراً فإن الحكم لم يستظهر دور الطاعن ... في ارتكاب الجريمة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحبطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة قبل المتهمين من استعمالهم الأسلحة البيضاء على النحو الثابت بالتحقيقات إذ قام المتهم الثاني بضرب المجني عليه بالبلطة على ساقيه محدثاً الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والمبينة بالبنود 9، 10، 11، 12، 13 من تقرير الصفة التشريحية الأمر الذي أدى إلى سقوط المجني عليه على الأرض فقام المتهم الثالث بذبحه في عنقه محدثاً به تهتكاً بالأوعية الدموية الرئيسية والأعصاب والبلعوم والمرئ وكسراً بالفقرة العنقية الرابعة وما صاحب ذلك من نزيف دموي غزير في الوقت الذي قام المتهم الرابع بضربه بسنجة محدثاً إصابات الكتف والرقبة وأن الجناة لم يتركوا المجني عليه إلا جثة هامدة لافظاً أنفاسه" وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافياً وسائغاً للتدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال الشهود بشأن عدم ترك المتهمين للمجني عليه إلا بعد أن أجهزوا عليه له معينه الصحيح من أقوالهم بتحقيقات النيابة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عنه قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعنين بشأن المنازعة في وقت حدوث الواقعة وأطرحه بما ثبت من تحقيق ذلك بمعرفة المحكمة بسؤال الطبيب الشرعي بأنه قد مضى ما يقرب من يوم وبالتحديد 22 ساعة من وقت الوفاة حتى تشريح الجثة وأن ذلك قد أثر في ظهور واختفاء علامات التيبس الرمي النقص الشديد في الدم والتكوين العضلي للمجني عليه في مثل عمره - العقد الثالث - وأن تلك المدة تزيد حوالي أربع ساعات ونصف عما هو محدد علمياً لوجود مثل هذه الحالة في الظروف العادية وأن هذه الزيادة لن تؤثر بطريقة ظاهرة في أقصى مدة يمكن الوصول إليها في مكان وقوع الحادث وبالتالي فإن الحالة كما وصفت وانطباقها على المراجع العلمية في حدود المدة القصوى للتيبس الرمي، وخلص الحكم من ذلك إلى رفض دفاع الطاعنين في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة مادامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى تحقق وقوعها من الطاعنين، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي ساقتها ولما قرره الطبيب الشرعي فإن المنازعة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاًَ موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبوا ندب خبير آخر في الدعوى فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعنون من دفاع مؤداه أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته بدلالة خلو معاينة نائب المأمور من وجود ثمة دماء أسفل الجثة أو مقذوفات نارية فارغة والعثور على ذخيرة بملابس المجني عليه وأنه كان حافي القدمين ولم يعثر على حذائه بمكان الحادث وأطرحته بما مفاده أن محضر الشرطة قد انصب على الإبلاغ بمقتل المجني عليه ومعاينة الجثة فقط وأنه قد ثبت من معاينة النيابة وجود آثار دماء بملابس المجني عليه وكذا الكوفرتة المغطى بها الجثة وآثار دماء بالأرض الموجود بها الجثة وبالتحديد أسفلها وهي دماء غزيرة مختلطة بالأتربة وأن وجود المجني عليه حافي القدمين فإن فوق كونه فلاحاً وهم عادة يسيرون حفاة القدمين فإن ما يثيره المتهم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به التشكيك في أدلة الدعوى، وانتهت المحكمة من ذلك إلى رفض دفاعهم، وهو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين في هذا الشأن هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً - مما لم يكن بحاجة إليه - من أن المجني عليه كان حافي القدمين - لكونه فلاحاً- وأن طبيعة الأمور في الغالب الأعم أن يسير بعض الفلاحين حفاة القدمين - مادام أنه قد أقام قضاءه بثبوت الجريمة وأطرح دفاع الطاعنين على ما يحمله، وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهي إليها - وهو ما أفصح عنه الحكم هذا إلى أن ما استند إليه الحكم في هذا الشأن هو من العلم العام فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لاستطلاع رأيه في شأن كمية الدماء التي عثر عليها أسفل جثة المجني عليه وكذا طلب وكيل النيابة ونائب المأمور لإجراء مواجهة بينهما في هذا الشأن أو سؤال ذوي المجني عليه والشهود بشأن كونه حافي القدمين فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها، فضلاً عن أن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة منهم للتشكيك في أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن أقوال الشهود بمشارطة التحكيم والصلح الذي تم بين عائلتي المجني عليه والمتهمين في معرض نفي التهمة عنهم إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود -  الشاهد الأول والد المجني عليه - يتضمن عدولاً عن اتهامهم، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، وهو ما خلصت إليه والتزمته المحكمة في إطراحها دفاع الطاعنين المستند إلى ما أثبت بتلك المشارطة، فضلاً عن أن الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى إطراح هذه المشارطة ويكون منعي الطاعنين في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد بصدد الرد على دفاع الطاعنين بعدم معقولية الواقعة بالنسبة للمتهم الثالث - وذلك بالبند سادساً - أن الثابت من أدلة الدعوى أن المتهم ... وشهرته ..... تعقب المجني عليه ببلطة وأحدث به إصابات بساقه فسقط أرضاً حيث قام المتهم الثالث بالاتكاء عليه وبيده سكين ذبحه بها في رقبته وقد أكد ذلك ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن إصاباته تحدث من المصادمة بجسم صلب ثقيل ذو حافة حادة مثل الساطور أو ما شابه وهذه الإصابات في ساقي المجني عليه والتي عزاها شهود الإثبات للمتهم الثاني وأن واقعة ذبح المجني عليه ثابتة بالبند (5) من التقرير والثابت به أنه يبدو من خلالها أنسجة العنق وحتى العمود الفقري وأن جميع الأنسجة مقطوعة في مستوى واحد، ثم أحال الحكم بصدد الرد على دفاع الطاعنين بتناقض الدليلين القولي والفني إلى ما أورده في الرد على دفاع الطاعنين بالبند سادساً - سالف الذكر - وأضاف أن المتهم الرابع أحدث إصابة المجني عليه بالكتف والرقبة الثابتة بالبنود 2، 3، 4 من تقرير الصفة التشريحية وأن المتهم الخامس كان على مسرح الجريمة يطلق أعيرة نارية لإرهاب شاهدي الإثبات الأول والثاني والشد من أزر باقي الجناة، وانتهى من ذلك إلى رفض دفاع الطاعنين بتناقض الدليلين القولي والفني. لما كان ما تقدم، فإن هذا الذي رد به الحكم ينهض كافياً لدحض قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ذلك بأنه من المقرر أنه يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، و من ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بالبند سادساً في الرد على دفاع المتهم الثالث - الطاعن ..... - بشأن عدم معقولية الواقعة بالنسبة له لتجاوزه سن السبعين وضعف بصره - كما سلف بيانه-  كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح ذلك الدفاع، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة، أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى، وفيما عول عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على القتل العمد، وذلك من معينهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قَصد قصد الآخر في إيقاعها، وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها، وأثبت في حق الطاعن - ...... - وجوده على مسرح الجريمة وحمله سلاحاً نارياً وإطلاقه لتهديد الشهود وشد أزر باقي المتهمين، فإن الحكم إذ انتهى إلى اعتبار الطاعنين متضامنين في المسئولية الجنائية ودانهم بوصفهم فاعلين أصليين في جريمة القتل العمد يكون قد اقترن بالصواب بما يضحي منعي الطاعن المذكور في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق