الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

الطعن 11682 لسنة 66 ق جلسة 2 / 12 / 1998 مكتب فني 49 ق 196 ص 1367

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان ورجب فراج نائبي رئيس المحكمة. ود. صلاح البرعي وحمد عبد اللطيف.

----------------

(196)
الطعن رقم 11682 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
مثال لنفي قاله الخطأ في الإسناد بعد الحكم.
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة الحكم في بيان أقوال شهود الإثبات إلى أقوال أحدهم لا عيب. ما دامت تتفق في جملتها مع أقوال الأخير.
مثال.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حالة الدفاع الشرعي. عدم توافرها متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه.
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لنفي توافر حالة الدفاع الشرعي.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. التفاتها عن أي دليل آخر. مفاده؟
(5) حكم "بيانات التسبيب".
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(6) إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل إدراكه من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً ودالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها كفاية أن يكون مؤدياً إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
الحيل الموضوعي. لا يقبل إثارته أمام النقض.
(10) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه لا يعيبه.
مثال.
(11) نقض "المصلحة في الطعن".
عدم قبول أوجه الطعن التي لا تتصل بشخص الطاعن.
(12) دفوع "الدفع بنفي التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(13) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها غير جائز.
مثال.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي تلتزم بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال لطلب غير جازم.
(16) عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم في قصوره في بعض الجرائم المسندة للطاعن. لا مصلحة له فيه ما دام أن المحكمة أخذته بعقوبة الجريمة الأشد المسندة إليه.
(17) قتل عمد. ظروف مشددة. اقتران. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط تطبيق المادة 234 عقوبات. تعدد الأفعال والنتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون. وتوافر الرابطة الزمنية.
مثال.
(18) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بتعقب المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى ما عولت عليه من أدلة مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(19) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة. وإيراد مؤدى أقوال شهود الإثبات. في بيان واف. لا قصور.
(20) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(21) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة في الدعوى. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه غير لازم. التفاته عنها. مفاده إطراحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(22) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاد إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(23) جريمة "أركانها الجريمة". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تبرئة المتهم من جريمة إحراز مخدر لا يقتضي تبرئته من جريمة الضرب لاختلاف أركان كل من الجريمتين.
(24) ارتباط. محكمة الجنايات "اختصاصها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النص في المادة 383 إجراءات على إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات مدلوله؟
إدانة الحكم الطاعن بجنحة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحالة معها. فصل من المحكمة في دعوى مختصة بنظرها.

----------------
1 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ فيما حصله من أقوال الشاهدين أحمد مصطفى محفوظ وعمرو محمد صلاح الدين من أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول مع أنهما لم يحددا شخص الطاعن بالتحقيقات، إذ يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين المذكورين وغيرهم له صداه في الأوراق، وإذ لا ينازع الطاعن في أنه وحده الذي كان يحمل سلاحاً، وأن هذا السلاح هو الذي انطلقت منه الأعيرة النارية التي أصاب أحدها المجني عليه، فلا على الحكم إن سمي الشخص الذي كان يحمل السلاح الذي انطلق منه العيار حسبما أشار الشهود - بأنه الطاعن - الذي لا خلاف عليه ولا منازعة منه في ذلك، ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال في إيراد أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما حصله من أقوال الأول كما يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهم متفقة في جملتها على أن الطاعن أطلق عدة أعيرة نارية أصابت إحداها المجني عليه وسقط قتيلاً، وكانت أقوال الشهود التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن هو مطلق العيار الناري الذي أصاب المجني عليه، ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكان ما حصله الحكم له أصوله الثابتة في تحقيقات النيابة العامة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسر عنه قاله الخطأ في الإسناد.
3 - لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدى المتهم الأول، فإنه لما كان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولما كانت مجريات وقائع الدعوى وتسلسل الأحداث فيها لا ينم من قريب أو من بعيد عن وقوع اعتداء على نفس المتهمين أو أحدهما، كما لم يصدر من أحد بمكان الحادث ثمة فعل يخشى منه المتهمان وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، فلم يشهد أحد ممن سئلوا بالتحقيقات أن اعتداء أو فعلاً وقع على المتهمين، بل على العكس من ذلك فالجميع - على نحو ما ورد آنفاً بشهادتهم - قد تواترت أقوالهم على أن المتهمين بادرا المجني عليه ضرباً ولما أفلت منهما أسرع المتهم الأول خلفه وأمسكه عنوة من رقبته وأطلق المقذوفات النارية التي أصابت آخرين ثم أطلق صوب رأس المجني عليه مقذوفاً أرداه قتيلاً، ومن ثم وبالترتيب على ذلك فإن المحكمة لا ترى قيام حالة الدفاع الشرعي في الواقعة، ويضحى الدفع المبدى في هذا الشأن ولا محل له من واقع أو قانون متعين الرفض" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
4 - لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه عدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله إصابات لا يكون له محل.
5 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أوردة الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظرفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حقه في قوله "ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني، وتنم عما يضمره في صدره، وكان قصد القتل ثابتاً في حق المتهم الأول ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استخدمه آله "طبنجة" قاتلة بطبيعتها، وإصابة المجني عليه من مقتل، ومن إطلاقه عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه التي أصابت بعضها محمد أحمد عبد الله وجمال السيد سرور بالإصابات الواردة بالتقرير الطبي الشرعي ومعاجلته المجني عليه أثر ذلك بطلق ناري في مقدمة رأسه وقت أن كان مطبقاً بيده حول عنقه شالاً كل مقاومة له ومن مسافة تقل عن ربع متر وتصل إلى حد الملامسة قتيلاً في الحال بمكان الحادث، ومن ثم فإن تلك الوقائع تثبت ثبوتاً قاطع الدلالة على توافر قصد القتل لدى المتهم الأول" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل لدى الطاعن، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليهما الثاني والثالث ينحل إلى جدل موضوع في تقدير الدليل. وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
8 - لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
9 - من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعن قتل المجني عليه الأول، فإن ما يثيره في هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتي لم يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقريرين الطبيين الشرعيين للمجني عليهما الثاني والثالث وأبرز ما جاء بها من أن إصابة المجني عليه الأول كدمات ثلاث بيسار الوجه وبأعلى يمين الظهر وهي إصابات رضية حيوية تحدث كل منها من المصادمة بجسم صلب راض من مثل العصا المضبوطة - المنشاكو - وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة، كما تبين أن إصابة المجني عليه المذكور بعيار ناري بمقدم يسار الرأس وهي حيوية وحديثة حدثت من عيار ناري نفذ من خلف الرأس أطلق عليه من مسافة تقل عن ربع متر وقد تصل إلى حد الملامسة. وتعزى وفاته إلى إصابته النارية بمقدم الرأس وما نتج عنها من كسور بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ، كما أورد أن إصابة المجني عليه محمد أحمد عبد الله، بطلق ناري بركبته اليسرى - تم استخراجه، وأن جمال السيد سرور أصيب بطلق ناري بسبابة وإبهام اليد اليسرى - وأن إصابتهما نارية حدثت من مثل السلاح الناري المضبوط. فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية والتقريرين الطبيين للمجني عليهم بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
11 - لما كان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه جاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص أداة - المنشاكو - التي كان يحملها الطاعن الثاني يكون غير مقبول.
12 - النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الحادث - بفرض أنه أثاره في مذكرة دفاعه - مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
13 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاتها عنه أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
14 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته - فيما يثيره بوجه الطعن - فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قاله الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
15 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافعين عن الطاعن قد اختتم كل منهم مرافعته بطلب الحكم ببراءته مما أسند إليه دون التمسك بسماع شهود أو أي من طلبات التحقيق التي أثارها في طعنه، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنها. لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً.
16 - لما كان الحكم قد دان الطاعن بجريمة القتل العمد وأوقع عليه العقوبة المقررة بها، فلا مصلحة وله ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في جريمة الضرب البسيط المسندة إليه.
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التي قارفها الطاعن بإطلاق عدة أعيرة نارية قاصداً القتل وأثبت تعدد نتائجها بمقتل المجني عليه الأول نتيجة عيار ناري، وإصابة المجني عليهما الثاني والثالث بعيارين ناريين دون أن يكون هناك فاصل زمني محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران في صورة هذه الدعوى، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصده لأن هذه مسألة تتعلق بالقصد الجنائي، ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ما دامت شروطها قد اكتملت بتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
18 - لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن منعى الطاعن بأن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وأن له العديد من السوابق والاتهامات في قضايا عدة، لا يكون له محل.
19 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
20 - النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة لأن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بطلق ناري من الطاعن الأول مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
21 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
22 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الإصابة، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها الشهود والتي تأيدت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه الأول، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أدانه دون أن يقع منه أي اعتداء ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
23 - لما كان ما أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب كما هي معرفة في القانون، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة إحراز جوهر مخدر لاختلاف أركان كل من الجريمتين.
24 - لما كان القانون إذ أجاز في المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات فقد وسع في اختصاصها وجعله شاملاً لهذه الجنح المرتبطة وأخرجها من سلطة محاكم الجنح ذات الاختصاص الأصيل بها. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجنحة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحال إليها، وذلك بعد تحقيقها بجلسات المحاكمة، فإنها تكون قد فصلت في دعوى مختصة بنظرها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أولاً: المتهم الأول - أ - قتل...... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت تلك الجناية الأولى جناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل كل من.... و.... عمداً بأن أطلق عليهما عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتهما بالعلاج (ب) أحدث عمداً بالمجني عليه...... الإصابات المبينة وكان ذلك باستخدام أداة "كعب طبنجة" وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمان الأول والثاني - حازا بقصد التعاطي بنات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثالثاً: المتهم الثاني - أحدث عمداً بالمجني عليه.... الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وكان ذلك باستخدام أداة "منشاكو - عصا خشب بسلسلة". وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي ورثة المجني عليه مدنياً بمبلغ 501 خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 232/ 1 - 2، 242/ 1، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن التهمة الأولى وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن تهمة الضرب المسندة إليه وببراءة كل منهما من تهمة حيازة النبات المخدر المضبوط وأمرت بمصادرته وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن كل من المحكوم عليهما والأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث ينعى الطاعن الأول.... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد والشروع فيه شابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه عول في إدانته على أقوال الشاهدين.... و.... وأسند إليهما القول أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول وهي رواية لم ترد في التحقيقات، فضلاً عن أنه أورد مضمون شهادة الشاهد الأول..... وأحال في بيان شهادة الشهود الثاني والثالث والرابع إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول مع خلاف جوهري في الشهادتين إذ لم يحدد أي شاهد منهم شخصية مطلق الأعيرة النارية، ورد الحكم على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بما لا يسوغ إطراحه، ولم يحقق إصابات الطاعن وأثرها في الدفاع الشرعي، وجاء قاصراً في بيان أركان الجريمتين اللتين دانه بهما، ولم يدلل على توافر نية القتل في حقه تدليلاً كافياً وسائغاً، إذ لم يكن يقصد قتل المجني عليه الأول وإصابة الآخرين، هذا إلى أن الحكم استخلص دون سند من أقوال الشهود أن الطاعن اعتدى على المجني عليه الأول ورتب على ذلك إدانته على الرغم من أن أحداً لم يشاهد واقعة الاعتداء، ولم يعن بإيراد مضمون بتقرير الطبي الشرعي للمجني عليهم الثلاثة بصورة وافية، وجاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص الأداة (المنشاكو)، والتفتت المحكمة عن دفاعه الوارد بمذكرته المقدمة منه قبل إقفال باب المرافعة والقائم على نفي التهمة واستحالة حدوثها وفق التصوير الذي قرره الشهود والمجني عليهما الآخران، وأن التلاحم الذي حدثت بينه وبين المجني عليه الأول ورفاقه كان سبباً في أن المجني عليه ضغط بيده على زناد السلاح فخرج منه الطلق الناري الذي أصابه، ولم تندب المحكمة خبيراً لتحقيق دفاع الطاعن في هذا الشأن، كما لم تستجب لطلبه الوارد بمذكرة دفاعه سماع شهادة المقدم ..... رئيس المباحث، كما لم يورد الحكم أيضاً مؤدى أدلة الشروع في القتل التي دانه بها، وما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى لا يتوافر به ظرف الاقتران المشدد، وأخيراً فإن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وله العديد من السوابق والاتهامات مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ فيما حصله من أقوال الشاهدين..... و..... من أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول مع أنهما لم يحددا شخص الطاعن بالتحقيقات، إذ يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين المذكورين وغيرهم له صداه في الأوراق، وإذ لا ينازع الطاعن في أنه وحده الذي كان يحمل سلاحاً، وأن هذا السلاح هو الذي انطلقت منه الأعيرة النارية التي أصاب أحدها المجني عليه، فلا على الحكم إن سمى الشخص الذي كان يحمل السلاح الذي انطلق منه العيار حسبما أشار الشهود - بأنه الطاعن - الذي لا خلاف عليه ولا منازعة منه في ذلك، ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال في إيراد أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما حصله من أقوال الأول كما يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهم متفقة في جملتها على أن الطاعن أطلق عدة أعيرة نارية أصابت إحداها المجني عليه وسقط قتيلاً، وكانت أقوال الشهود التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن هو مطلق العيار الناري الذي أصاب المجني عليه، ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكان ما حصله الحكم له أصوله الثابتة في تحقيقات النيابة العامة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسر عنه قاله الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدى المتهم الأول، فإنه لما كان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولما كانت مجريات وقائع الدعوى وتسلسل الأحداث فيها لا ينم من قريب أو من بعيد عن وقوع اعتداء على نفس المتهمين أو أحدهما، كما لم يصدر من أحد بمكان الحادث ثمة فعل يخشى منه المتهمان وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، فلم يشهد أحد ممن سئلوا بالتحقيقات أن اعتداءً أو فعلاً وقع على المتهمين، بل على العكس من ذلك فالجميع - على نحو ما ورد آنفاً بشهادتهم - قد تواترت أقوالهم على أن المتهمين بادرا المجني عليه ضرباً ولما أفلت منهما أسرع المتهم الأول خلفه وأمسكه عنوة من رقبته وأطلق المقذوفات النارية التي أصابت آخرين ثم أطلق صوب رأس المجني عليه مقذوفاً أرداه قتيلاً، ومن ثم وبالترتيب على ذلك فإن المحكمة لا ترى قيام حالة الدفاع الشرعي في الواقعة، ويضحى الدفع المبدى في هذا الشأن ولا محل له من واقع أو قانون متعين الرفض" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. هذا فضلاًَ عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه عدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله إصاباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إن بتاريخ 9/ 5/ 1994 وعند تقاطع شارع الإمام علي والخليفة الهادي دائرة قسم مصر الجديدة حدث تصادم بين السيارة التي كان يقودها المتهم الأول وبجواره المتهم الثاني - ضابطاً شرطة - والسيارة التي كان يقودها المجني عليه الأول وعلى أثر ذلك شاجر المتهمان المجني عليه وحاولا إدخاله سيارتهما عنوة وإذ رفض تعديا عليه بالضرب بأن ضربه المتهم الثاني بعصا "منشاكو" المضبوطة وأمسك المتهم الأول بالمجني عليه يكيل له الضربات، ولما أفلت المجني عليه منه جرى خلفه وأطبق يده حول عنقه وأخرج سلاحه الحكومي المضبوط "طبنجة" وأطلق منه عدة أعيرة نارية قاصداً قتله أصابت بعضها...... و..... الموجودين على مسرح الواقعة ثم أطلق مقذوفاً نارياً آخر صوب رأس المجني عليه المذكور فأراده قتيلاً في الحال، ولاذ المتهم الثاني بالفرار من مكان الحادث بينما أمسك الأهالي بالمتهم الأول، وتم ضبط السلاح الناري والمنشاكو المستعملين في "الحادث" وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم جاء قاصراً في بيان أركان الجريمتين المسندتين إليه وعدم إلمامه بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حقه في قوله "ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني، وتنم عما يضمره في صدره، وكان قصد القتل ثابتاً في حق المتهم الأول ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استخدمه آله "طبنجة" قاتلة بطبيعتها، وإصابة المجني عليه من مقتل، ومن إطلاقه عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه التي أصابت بعضها.... و.... بالإصابات الواردة بالتقرير الطبي الشرعي ومعاجلته المجني عليه أثر ذلك بطلق ناري في مقدمة رأسه وقت أن كان مطبقاً بيده حول عنقه شالاً كل مقاومة له ومن مسافة تقل عن ربع متر وتصل إلى حد الملامسة قتيلاً في الحال بمكان الحادث، ومن ثم فإن تلك الوقائع تثبت ثبوتاً قاطع الدلالة على توافر قصد القتل لدى المتهم الأول" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل لدى الطاعن، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليهما الثاني والثالث ينحل إلى جدل موضوع في تقدير الدليل. وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعن قتل المجني عليه الأول، فإن ما يثيره في هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتي لم يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقريرين الطبيين الشرعيين للمجني عليهما الثاني والثالث وأبرز ما جاء بها من أن إصابة المجني عليه الأول كدمات ثلاث بيسار الوجه وبأعلى يمين الظهر وهي إصابات رضية حيوية تحدث كل منها من المصادمة بجسم صلب راض من مثل العصا المضبوطة - المنشاكو - وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة، كما تبين أن إصابة المجني عليه المذكور بعيار ناري بمقدم يسار الرأس وهي حيوية وحديثة حدثت من عيار ناري نفذ من خلف الرأس أطلق عليه من مسافة تقل عن ربع متر وقد تصل إلى حد الملامسة. وتعزى وفاته إلى إصابته النارية بمقدم الرأس وما نتج عنها من كسور بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ، كما أورد أن إصابة المجني عليه....، بطلق ناري بركبته اليسرى - تم استخراجه، وأن.... أصيب بطلق ناري بسبابة وإبهام اليد اليسرى - وأن إصابتهما نارية حدثت من مثل السلاح الناري المضبوط. فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية والتقريرين الطبيين للمجني عليهما بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك وكان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه جاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص أداة - المنشاكو - التي كان يحملها الطاعن الثاني يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الحادث - بفرض أنه أثاره في مذكرة دفاعه - مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاتها عنه أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته - فيما يثيره بوجه الطعن - فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قاله الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافعين عن الطاعن قد اختتم كل منهم مرافعته بطلب الحكم ببراءته مما أسند إليه دون التمسك بسماع شهود أو أي من طلبات التحقيق التي أثارها في طعنه، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنها. لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان الحكم قد دان الطاعن بهذه الجريمة وأوقع عليه العقوبة المقررة بها، فلا مصلحة وله ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في الجريمة المسندة إليه. - بفرض صحة ذلك - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التي قارفها الطاعن بإطلاق عدة أعيرة نارية قاصداً القتل وأثبت تعدد نتائجها بمقتل المجني عليه الأول نتيجة عيار ناري، وإصابة المجني عليهما الثاني والثالث بعيارين ناريين دون أن يكون هناك فاصل زمني محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران في صورة هذه الدعوى، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصده لأن هذه مسألة تتعلق بالقصد الجنائي، ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ما دامت شروطها قد اكتملت بتعدد الأفعال وتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن منعى الطاعن بأن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وأن له العديد من السوابق والاتهامات في قضايا عدة، لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
ينعى الطاعن الثاني...... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يورد أدلة الثبوت التي تساند إليها في قضائه بالإدانة، والتفت عن دفاعه القائم على كيدية الاتهام وتلفيقه، واستحالة حدوث الواقعة بالصورة التي رواها الشهود إذ أن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بالطلق الناري، وقد دانه الحكم دون أن يقع منه أي اعتداء بدلالة هروبه من موقع الحادث، كما أن هناك تناقضاً في الحكم إذ أنه بعد أن انتهى إلى تبرئته من تهمة حيازة المخدر دانه عن جريمة الضرب مع أن تبرئته من التهمة الأولى يوجب تبرئته من الجريمة الأخرى لابتنائهما على ذات الوقائع، وأخيراً فإن الدعوى كانت قد أحيلت إلى محكمة الجنايات باعتبار الواقعة جناية مخدر وضرب، فرأت أنها تعد جنحة، ومن ثم فقد كان عليها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية لا أن تحكم فيها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حدث تصادم بين السيارة التي كان يقودها المتهم الأول وبجواره المتهم الثاني - الطاعن - ضابطاً شرطة والسيارة التي كان يقودها المجني عليه الأول، وعلى إثر ذلك شاجر المتهمان المجني عليه وحاولا إدخاله سيارتهما عنوة وإذ رفض تعديا عليه بالضرب بأن ضربه المتهم الثاني - الطاعن - بعصا "منشاكو" المضبوطة وحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية، وقد حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق وما أثبته في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة. في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة لأن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بطلق ناري من الطاعن الأول مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الإصابة، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها الشهود والتي تأيدت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه الأول، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أدانه دون أن يقع منه أي اعتداء ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم - فيما سلف - تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب كما هي معرفة في القانون، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة إحراز جوهر مخدر لاختلاف أركان كل من الجريمتين. لما كان ذلك وكان القانون إذ أجاز في المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات فقد وسع في اختصاصها وجعله شاملاً لهذه الجنح المرتبطة وأخرجها من سلطة محاكم الجنح ذات الاختصاص الأصيل بها. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجنحة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحال إليها، وذلك بعد تحقيقها بجلسات المحاكمة، فإنها تكون قد فصلت في دعوى مختصة بنظرها. ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم فإنه الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق