الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

(الطعن 11682 لسنة 66 ق جلسة 2 / 12 / 1998 مكتب فني 49 ق 196 ص 1367)

برئاسة صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة وعضوية لير عثمان ورجب فراج نائبى رئيس المحكمة وصلاح البرعى وحمد عبد اللطيف.
---------------------
1 - لما كان من المقرر أنه لايعيب الحكم الخطأ فى الاسناد الذى لايؤثر فى منطقة ، فإنه لايجدى الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم فيما حصله من أقوال الشاهدين ..... و....... من أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحة على المجنى عليه الأول مع أنهما لم يحددا شخص الطاعن بالتحقيقات، إذ يبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين المذكورين وغيرهم له صداه فى الأوراق، إذ لا ينازع الطاعن فى أنه وحده الذى كان يحمل سلاحاً، وأن هذا السلاح هو الذى انطلقت منه الاعيرة النارية التى أصاب أحدها المجنى عليه، فلا على الحكم إن سمى الشخص الذى كان يحمل السلاح الذى انطلق منه العيار حسبما أشار الشهود ـ بأنه الطاعن ـ الذى لا خلاف عليه ولا منازعة منه فى ذلك، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الإسناد، ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله.
 
2 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال فى إيراد أقوال الشهود الثانى والثالث والرابع إلى ما حصله من أقوال الأول يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهم متفقة فى جملتها على أن الطاعن أطلق عدة أعيرة نارية أصابت إحداها المجنى عليه وسقط قتيلاً ، وكانت أقوال الشهود التى اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن هو مطلق العيار النارى الذى أصاب المجنى عليه ، ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل فى إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان ما حصله الحكم له أصوله الثابتة فى تحقيقات النيابة العامة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسر عنه قالة الخطأ فى الاسناد.
 
3 - لما كان الحكم قد عرض للدفاع بقيام حالة الدفاع الشرعى واطرحه بقوله، وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس لدى المتهم الأول، فإنه لما كان من المقرر أن الدفاع الشرعى عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أى اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم لقيام حالة الدفاع الشرعى أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى، ولما كانت مجريات وقائع الدعوى وتسلسل الأحداث فيها لا ينم من قريب أو من بعيد عن وقوع اعتداء على نفس المتهمين أو أحدهما، كما لم يصدر من أحد بمكان الحادث ثمة فعل يخشى منه المتهمان وقوع جريمة من الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى، فلم يشهد أحد ممن سئلوا بالتحقيقات أن اعتداء أو فعلاً وقع على المتهمين، بل على العكس من ذلك فالجميع ـ على نحو ما ورد أنفا بشهادتهم ـ قد تواترت أقوالهم على أن المتهمين بادرا المجنى عليه ضرباً ولما أفلت منهما أسرع المتهم الأول خلفه وأمسكه عنوه من رقبته وأطلق المقذوفات النارية التى أصابت آخرين ثم أطلق صوب رأس المجنى عليه ومقذوفاً أرداه قتيلاً ومن ثم وبالترتيب على ذلك فإن المحكمة لاترى قيم حالة الدفاع الشرعى فى الواقعة، ويضحى الدفع المبدى فى هذا الشأن ولامحل له من واقع أو قانون متعين الرفض، وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ، ذلك أن حالة الدفاع الشرعى لا تتوافر متى أثبت الحكم المتهم هو الذى اعتدى على المجنى عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية الى النتيجة التى رتبه عليها ـ كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ـ فإن منعى الطاعن على الحكم فى هذا الصدد يكون فى غير محله.
 
4 - لا يقدح فى سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها ولا عليها إن هى التفتت عن أى دليل آخر لأن فى عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه عدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم إغفاله إصابات لايكون له محل.
 
5 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبه للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأرتكابها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
 
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها فى حقه فى قوله ، ومن حيث أنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لايدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى صدره، وكان قصد القتل ثابتاً فى حق المتهم الأول ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استخدامه ألة (طبنجة) قاتلة  بطبيعتها، وإصابة المجنى عليه فى مقتل، ومن إطلاقه عدة أعيرة نارية صوب المجنى عليه التى أصابت بعضها ...... و...... بالإصابات الواردة بالتقرير الطبى الشرعى ومعاجلته المجنى عليه أثر ذلك بطلق نارى فى مقدمة رأسة وقت أن كان مطبقا بيده حول عنقة شالاً كل مقاومة له ومن مسافة تقل ربع متر وتصل إلى حد الملامسة فأرداه قتيلاً فى الحال بمكان الحادث، ومن ثم فإن تلك الوقائع تثبت ثبوتاً قاطع الدلالة على توافر قصد القتل لدى المتهم الأول ولما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً فى استظهار نية القتل لدى الطاعن، فإن منعاه فى هذا الشأن يكون غير سديد.
 
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة ـ فى الدعوى الماثله ـ قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يكن يقصد إصابة المجنى عليهما الثانى والثالث ينحل الى جدل موضوع فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
 
8 - لما كانت العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يشترط أن تكون الأدلة التى يعتمد عليها الحكم بحيث ينبىء كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشة على حدة دون باقى الأدلة، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت إليه.
 
9 - من المقرر أنه لايشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التى ثبتت لديه والقرائن التى استخلصها أن الطاعن قتل المجنى عليه الأول، فإن ما يثيره فى هذا الوجه من النعى لايعدو أن يكون جدلا موضوعياً فى شأن تصوير وقوع الحادث وحق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتى لم يجادل الطاعن فى أن لها أصلها من الأوراق وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض فى مناقشته أمام محكمة النقض.
 
10 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه الأول والتقريرين الطبيين الشرعيين للمجنى عليهما الثانى والثالث وأبرز ما جاء بها من أن إصابة المجنى عليه الأول كدمات ثلاث بيسار الوجه وبأعلى يمين الظهر وهى إصابات رضية حيوية تحدث كل منها من المصادمة بجسم صلب راض من مثل العصا المضبوطة ـ المنشاكو ـ وفى تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة ، كما تبين أن إصابة المجنى عليه المذكور بعيار نارى بمقدم يسار الرأس وهى حيوية وحديثة حدثت من عيار نارى نفد من خلف الرأس أطلق عليه من مسافة تقل عن ربع متر وقد تصل إلى حد الملامسة. وتعزى وفاته إلى إصابته النارية بمقدم الرأس وما نتج عنها من كسور بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ ـ كما أورد أن إصابة المجنى عليه .......، بطلق نارى بركبته اليسرى ـ ثم استخراجه، وأن....... أصيب بطلق نارى بسبابة وإبهام اليد اليسرى وأن إصابتهما نارية حدثت من مثل السلاح النارى المضبوط، فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية والتقريريين الطبيين للمجنى عليهم بصورة وافية لايكون له محل لما هو مقرر أنه لاينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل إجزائه.
 
11 - لما كان الأصل أن لايقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه, فإن ماينعاه الطاعن على الحكم أنه جاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص أداة ـ المنشاكو ـ التى كان يحملها الطاعن الثانى يكون غير مقبول.
 
12 - النعى بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الحادث بفرض أنه أثاره فى مذكرة دفاعه ـ مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
 
13 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المستندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبة فى كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاتها عنه أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الصدد لايعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستباط معتقدها، وهو مالايجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
14 - لما كان لايبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته ـ فيما يثيره بوجه الطعن ـ فليس له من بعد النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. ولم تر هى من جانبها لزوماً لإجرائه بما ينحسر معه عن الحكم فى هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعى على الحكم فى هذا الصدد غير سديد.
 
15 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافعين عن الطاعن قد اختتم كل منهم مرافعته بطلب الحكم ببراءته مما اسند اليه دون التمسك بسماع شهود أو أى من طلبات التحقيق التى أثارها فى طعنه ، فلا على المحكمة إن هى التفتت عنها. لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به الإصرار عليه فى طلباته الختامية، فإن منعاه فى هذا الصدد لايكون سديداً.
 
16 - لما كان الحكم قد دان الطاعن بجريمة القتل العمد وأوقع عليه العقوبة المقررة بها فلا مصلحة له ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم فى جريمة الضرب البسيط المسندة إليه.
 
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التى قارفها الطاعن بإطلاق عدة أعيرة نارية قاصداً القتل وأثبت تعدد نتأجها بمقتل المجنى عليه الأول نتيجة عيار ناري, وإصابة المجنى عليهما الثانى والثالث بعيارين ناريين دون أن يكون هناك فاصل زمنى محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران فى صورة هذه الدعوى، ولايغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصده لأن هذه مسأله تتعلق بالقصد الجنائي، ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات مادانت شروطها قد اكتملت بتعدد الأفعال وتعدد النتائج الضارة التى يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية ، ومن ثم فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون فى غير محله.
 
18 - لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية يثيرها فى مناحى دفاعه الموضوعى إذ فى اطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن منعى الطاعن بأن المجنى عليه الأول كان فى حالة سكر بين وأن له العديد من السوابق والاتهامات فى قضايا عدة لايكون له محل.
 
19 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات ـ التى كانت من بين الأدلة التى استخلص منها الإدانه ـ فى بيان واف يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها المحكمة واستقرت فى وجدانها فإنه ينحسر عنه القصور فى التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله.
 
20 - النعى بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة لأن إصابة المجنى عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد اصابته بطلق نارى من الطاعن الأول مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
 
21 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة الى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لايعدو أن يكون جدلآً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لايجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
22 - لم اكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير مقعب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه الى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التى شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً فى العقل ومقبولاً فى بيان كيفية حدوث الإصابة، ولاتثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التى قررها الشهود والتى تأيدت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه الأول، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أدانه دون أن يقع منه أى اعتداء ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولاتجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
 
23 - لما كان ما أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب كما هى معرفة فى القانون, ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة إحراز جوهر مخدر لاختلاف أركان كل من الجريمتين.
 
24 - لما كان القانون إذ أجاز فى المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات فقد وسع فى اختصاصها وجعله شاملاً لهذه الجنح المرتبطة وأخرجها من سلطة محاكم الجنح ذات الاختصاص الأصيل لها. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجنحة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحال إليها, وذلك بعد تحقيقها بجلسات المحاكمة، فإنها تكون قد فصلت فى دعوى مختصة بنظرها.
--------------------
     إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : اولا : المتهم الاول - أ - قتل ..... عمدا بأن اطلق عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد تقدمت تلك الجناية الاولى جناية اخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر شرع فى قتل كل من ..... و ...... عمدا بأن اطلق عليهما عدة اعيرة نارية قاصدا من ذلك قتلهما فأحدث بهما الاصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى وقد خاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتهما بالعلاج (ب) احدث عمدا بالمجنى عليه ........ الاصابات المبينة وكان ذلك بإستخدام أداة " كعب طبنجة " وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيا : المتهمان الاول والثانى - حازا بقصد التعاطى نبات الحشيش المخدر فى غير الاحوال المصرح بها قانونا . ثالثا : المتهم الثانى - أحدث عمدا بالمجنى عليه ......... الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وكان ذلك بإستخدام أداة " منشاكو - عصا خشب بسلسلة ". وأحالتهما الى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة . وإدعى ورثه المجنى عليه مدنيا بمبلغ 501 خمسمائه وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 45 ، 46 ، 232/1 - 2 ، 242/1 ، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الاول بالاشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن التهمة الاولى وبمعاقبة المتهم الثانى بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن تهمة الضرب المسندة إليه وببراءة كل منهما من تهمة حيازة النبات المخدر المضبوط وأمرت بمصادرته وبإحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن كل من المحكوم عليهما والاستاذ / ....... المحامى نيابة عن المحكوم عليه الاول فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
---------------------
 أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث ينعي الطاعن الأول ....... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد والشروع فيه قد شابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه عول في إدانته على أقوال الشاهدين ...... و ........ وأسند إليهما القول أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول وهي رواية لم ترد في التحقيقات، فضلاً عن أنه أورد مضمون شهادة الشاهد الأول ...... وأحال في بيان شهادة الشهود الثاني والثالث والرابع إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول مع خلاف جوهري في الشهادتين إذ لم يحدد أي شاهد منهم شخصية مطلق الأعيرة النارية، ورد الحكم على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بما لا يسوغ إطراحه، ولم يحقق إصابات الطاعن وأثرها في الدفاع الشرعي، وجاء قاصراً في بيان أركان الجريمتين اللتين دانه بهما، ولم يدلل على توافر نية القتل في حقه تدليلاً كافياً وسائغاً، إذ لم يكن يقصد قتل المجني عليه الأول وإصابة الآخرين، هذا إلى أن الحكم استخلص دون سند من أقوال الشهود أن الطاعن اعتدى على المجني عليه الأول ورتب على ذلك إدانته على الرغم من أحداً لم يشاهد واقعة الاعتداء، ولم يعن بإيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي للمجني عليهم الثلاثة بصورة وافية، وجاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص الأداة (المنشاكو)، والتفتت المحكمة عن دفاعه الوارد بمذكرته المقدمة من قبل إقفال باب المرافعة والقائم على نفي التهمة واستحالة حدوثها وفق التصوير الذي قرره الشهود والمجني عليهما الآخران، وأن التلاحم الذي حدث بينه وبين المجني عليه الأول ورفاقه كان سبباً في أن المجني عليه ضغط بيده على زناد السلاح فخرج منه الطلق الناري الذي أصابه، ولم تندب المحكمة خبيراً لتحقيق دفاع الطاعن في هذا الشأن، كما لم تستجب لطلبه الوارد بمذكرة دفاعه سماع شهادة المقدم ..... رئيس المباحث، كما لم يورد الحكم أيضاً مؤدى أدلة الشروع في القتل التي دانه بها، وما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى لا يتوافر به ظرف الاقتران المشدد، وأخيراً فإن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وله العديد من السوابق والاتهامات مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم فيما حصله من أقوال الشاهدين ..... و ...... من أنهما شاهدا الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية من سلاحه على المجني عليه الأول مع أنهما لم يحددا شخص الطاعن بالتحقيقات، إذ يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين المذكورين وغيرهم له صداه في الأوراق، إذ لا ينازع الطاعن في أنه وحده الذي كان يحمل سلاحاً، وأن هذا السلاح هو الذي انطلقت منه الأعيرة النارية التي أصاب أحدها المجني عليه، فلا على الحكم إن سمى الشخص الذي كان يحمل السلاح الذي انطلق منه العيار حسبما أشار الشهود - بأنه الطاعن - الذي لا خلاف عليه ولا منازعة منه في ذلك، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال في إيراد أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما حصله من أقوال الأول كما يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهم متفقة في جملتها على أن الطاعن أطلق عدة أعيرة نارية أصابت إحداها المجني عليه وسقط قتيلاً، وكانت أقوال الشهود التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن هو مطلق العيار الناري الذي أصاب المجني عليه، ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان ما حصله الحكم له أصوله الثابتة في تحقيقات النيابة العامة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسر عنه قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله، وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدى المتهم الأول، فإنه لما كان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولما كانت مجريات وقائع الدعوى وتسلسل الأحداث فيها لا ينم من قريب أو من بعيد عن وقوع اعتداء على نفس المتهمين أو أحدهما، كما لم يصدر من أحد بمكان الحادث ثمة فعل يخشى منه المتهمان وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، فلم يشهد أحد ممن سئلوا بالتحقيقات أن اعتداءً أو فعلاً وقع على المتهمين، بل على العكس من ذلك فالجميع على نحو ما ورد آنفاً بشهادتهم - قد تواترت أقوالهم على أن المتهمين بادرا المجني عليه ضرباً ولما أفلت منهما أسرع المتهم الأول خلفه وأمسكه عنوة من رقبته وأطلق المقذوفات النارية التي أصابت آخرين ثم أطلق صوب رأس المجني عليه مقذوفاً أرداه قتيلاً، ومن ثم وبالترتيب على ذلك فإن المحكمة لا ترى قيام حالة الدفاع الشرعي في الواقعة، ويضحى الدفع المبدي في هذا الشأن ولا محل له من واقع أو قانون متعين الرفض وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. هذا فضلاً عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه عدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله إصاباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إن بتاريخ 9/5/1994 وعند تقاطع شارع ..... و...... دائرة قسم مصر الجديدة حدث تصادم بين السيارة التي كان يقودها المتهم الأول وبجواره المتهم الثاني - ضابطا شرطة - والسيارة التي كان يقودها المجني عليه الأول وعلى أثر ذلك شاجر المتهمان المجني عليه وحاولا إدخاله سيارتهما عنوة وإذ رفض تعديا عليه بالضرب بأن ضربه المتهم الثاني بعصا (منشاكو) المضبوطة وأمسك المتهم الأول بالمجني عليه يكيل له الضربات، ولما أفلت المجني ليه منه جرى خلفه وأطبق يده حول عنقه وأخرج سلاحه الحكومي المضبوط (طبنجة) وأطلق منه عدة أعيرة نارية قاصداً قتله أصابت بعضها ..... و ..... الموجودين على مسرح الواقعة ثم أطلق مقذوفاً نارياً آخر صوب رأس المجني عليه المذكور فأرداه قتيلاً في الحال، ولاذ المتهم الثاني بالفرار من مكان الحادث بينما أمسك الأهالي بالمتهم الأول، وتم ضبط السلاح الناري و المنشاكو المستعملين في الحادث وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعي الطاعن بأن الحكم جاء قاصراً في بيان أركان الجريمتين المسندتين إليه وعدم إلمامه بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حقه في قوله "ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني، وتنم عما يضمره في صدره، وكان قصد القتل ثابتاً في حق المتهم الأول ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استخدامه آلة (طبنجة) قاتلة بطبيعتها، وإصابة المجني عليه في مقتل، ومن إطلاقه عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه التي أصابت بعضها ...... و ...... بالإصابات الواردة بالتقرير الطبي الشرعي ومعاجلته المجني عليه إثر ذلك بطلق ناري في مقدمة رأسه وقت أن كان مطبقاً بيده حول عنقه شالاً كل مقاومة له ومن مسافة تقل عن ربع متر وتصل إلى حد الملامسة فأرداه قتيلاً في الحال بمكان الحادث، ومن ثم فإن تلك الوقائع تثبت ثبوتاً قاطع الدلالة على توافر قصد القتل لدى المتهم الأول" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في استظهار نية القتل لدى الطاعن، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليهما الثاني والثالث ينحل إلى جدل موضوع في تقدير الدليل. وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان الحكم المطعون فيد قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعن قتل المجني عليه الأول، فإن ما يثيره في هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتي لم يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقريرين الطبيين الشرعيين للمجني عليهما الثاني والثالث وأبرز ما جاء بها من أن إصابة المجني عليه الأول كدمات ثلاث بيسار الوجه وبأعلى يمين الظهر وهي إصابات رضية حيوية تحدث كل منها من المصادمة بجسم صلب راض من مثل العصا المضبوطة - المنشاكو - وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة، كما تبين أن إصابة المجني عليه المذكور بعيار ناري بمقدم يسار الرأس وهي حيوية وحديثة حدثت من عيار ناري نفد من خلف الرأس أطلق عليه من مسافة تقل عن ربع متر وقد تصل إلى حد الملامسة وتعزى وفاته إلى إصابته النارية بمقدم الرأس وما نتج عنها من كسور بعظام الجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ، كما أورد أن إصابة المجني عليه ...... بطلق ناري بركبته اليسرى - تم استخراجه، وأن ....... أصيب بطلق ناري بسبابة وإبهام اليد اليسرى وأن إصابتهما نارية حدثت من مثل السلاح الناري المضبوط، فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية والتقريرين الطبيين للمجني عليهما بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك وكان الأصل أن لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه جاء خلواً من إيراد مضمون تقرير فحص أداة - المنشاكو - التي كان يحملها الطاعن الثاني يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الحادث - بفرض أنه أثاره في مذكرة دفاعه - مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاتها عنه أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته - فيما يثيره بوجه الطعن-  فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافعين عن الطاعن قد اختتم كل منهم مرافعته بطلب الحكم ببراءته مما أسند إليه دون التمسك بسماع شهود أو أي من طلبات التحقيق التي أثارها في طعنه، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنها. لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان الحكم قد دان الطاعن بهذه الجريمة وأوقع عليه العقوبة المقررة بها، فلا مصلحة له ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم في الجريمة الأخرى المسندة إليه - بفرض صحة ذلك - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تعدد الأفعال التي قارفها الطاعن بإطلاق عدة أعيرة نارية قاصداً القتل وأثبت تعدد نتائجها بمقتل المجني عليه الأول نتيجة عيار ناري، وإصابة المجني عليهما الثاني والثالث بعيارين ناريين دون أن يكون هناك فاصل زمني محسوس بما يتحقق به معنى الاقتران في صورة هذه الدعوى، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أصاب غير من قصده لأن هذه مسألة تتعلق بالقصد الجنائي، ولا تمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات مادامت شروطها قد اكتملت بتعدد الأفعال وتعدد النتائج الضارة التي يعاقب عليها القانون وتوافرت الرابطة الزمنية، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن منعي الطاعن بأن المجني عليه الأول كان في حالة سكر بين وأن له العديد من السوابق والاتهامات في قضايا عدة، لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
ينعي الطاعن الثاني ..... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يورد أدلة الثبوت التي تساند إليها في قضائه بالإدانة، والتفت عن دفاعه القائم على كيدية الاتهام وتلفيقه، واستحالة حدوث الواقعة بالصورة التي رواها الشهود إذ أن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بالطلق الناري، وقد دانه الحكم دون أن يقع منه أي اعتداء بدلالة هروبه من موقع الحادث، كما أن هناك تناقضاً في الحكم إذ أنه بعد أن انتهى إلى تبرئته من تهمة حيازة المخدر دانه عن جريمة الضرب مع أن تبرئته من التهمة الأولى يوجب تبرئته من الجريمة الأخرى لابتنائها على ذات الوقائع، وأخيراً فإن الدعوى كانت قد أحيلت إلى محكمة الجنايات باعتبار الواقعة جناية مخدر وضرب، فرأت أنها تعد جنحة، ومن ثم فقد كان عليها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية لا أن تحكم فيها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حدث تصادم بين السيارة التي كان يقودها المتهم الأول وبجواره المتهم الثاني - الطاعن - ضابطا شرطة والسيارة التي كان يقودها المجني عليه الأول، وعلى إثر ذلك شاجر المتهمان المجني عليه وحاولا إدخاله سيارتهما عنوة وإذ رفض تعديا عليه بالضرب بأن ضربه المتهم الثاني - الطاعن - بعصا (منشاكو) المضبوطة وحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية، وقد حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق وما أثبته في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة. في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة لأن إصابة المجني عليه حدثت نتيجة سقوطه أرضاً بعد إصابته بطلق ناري من الطاعن الأول مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الإصابة، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها الشهود والتي تأيدت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه، فإن ما يثيره الطاعن من أن ..... دون أن يقع منه أي اعتداء ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من أثبته الحكم - فيما سلف - تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب كما هي معرفه في القانون، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة إحراز جوهر مخدر لاختلاف أركان كل من الجريمتين. لما كان ذلك وكان القانون قد أجاز في المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية إحالة الجنح المرتبطة بالجنايات على محاكم الجنايات فقد وسع في اختصاصها وجعله شاملاً لهذه الجنح المرتبطة وأخرجها من سلطة محاكم الجنح ذات الاختصاص الأصيل بها. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجنة الضرب البسيط المرتبطة بجناية القتل العمد المحال إليها، وذلك بعد تحقيقها بجلسات المحاكمة، فإنها تكون قد فصلت في دعوى مختصة بنظرها. ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم فإنه الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق