بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 08-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 461 و494 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ف. م. ا. م. ح. ذ. .. م. .. م.
مطعون ضده:
س. ل. ا. ش.
ك. ا. ل.
ا. م. ر. س. م. ر. س.
ك. ج. م. ج. ه. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2395 استئناف تجاري بتاريخ 27-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على ملف الطعنين الرقمي ومرفقاتهما وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة المقرر القاضي/ سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة:-
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر المرفقات ? تتحصل في أن المدعية ( سبوت لايت انترتينمنت ش. ذ. م. م ) أقامت الدعوى رقم 5582 لسنة 2023 تجاري أمام المحكمة الإبتدائية على المدعى عليها ( فيو ميدل ايست منطقة حرة ذ. م. م )، طلبت الحكم بإلزامه مع المدعى عليها بالتضامن بأن يؤديا مبلغ 5,108,609 دولار أمريكي أو ما يعاده بالدرهم الإماراتي بمبلغ 18,761,365 درهم والفائدة بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام، وذلك على سند من أن المدعية تعمل في مجال تنظيم المؤتمرات والمناسبات الترفيهية وقامت بتقديم خدمات للمدعى عليها على مدار سنتين وترصد المبلغ المطلوب ، ومن ثم كانت الدعوى بسالف الطلبات ، وإذ نظرت الدعوى أمام محكمة أول درجة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث مثلت المدعى عليها و تقدمت بمذكرة تضمنت ( طلبا عارضا ) أدخل فيه بالإضافية للمدعية أصليا خصوم جدد وهم كريتيف انجلس للترفيه ، وأشوين سانشيتي ، وكمال ملكاني والمطالبة بندب خبير لبحث العلاقة بين الأطراف وتحديد المترصد لها في ذمة المدخلين والمدعية أصلياً وبالنتيجة القضاء بعد المقاصة بإلزامهم بأداء مبلغ 1,990,809 دولار أمريكي والفائدة ، واحتياطياً حال عدم القضاء بالمقاصة بإلزام المدخل أشوين والمدخل كمال ملكاني بسداد مبلغ 5,810,797 دولار أمريكي والفائدة بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق ، وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وأوع تقريره ، حكمت في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية - بعد المقاصة - مبلغ 14,028,904.19 درهم والفائدة ، وفي الطلب العارض والإدخال ( الدعوى المتقابلة ) بإلزام المدخلة الأولى شركة ( كريتيف اينجيلس لترفيهية ) بأن تؤدي للمدعى عليها أصلياً مبلغ 21,341,026.03 درهم والفائدة. استأنفت المدخلة في الطلب العارض ( المحكوم عليها في الطلب العارض ) هذا الحكم بالإستئناف رقم 2356 لسنة 2024 تجاري ، كما استأنفت المدعى عليها أصليا ( المحكوم عليها في الدعوى الأصلية ) أيضا الحكم بالإستئناف رقم 2395 لسنة 2024 تجاري ، وبجلسة 27-3-2025 قضت المحكمة موضوع الإستئنافين برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت المدعى عليها أصليا في هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم 461 لسنة 2023 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 9-4-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه ، وقدم محامي المطعون ضدها الأولى مذكرة بجوابه على الطعن طلب فيها رفضه ، ولم تقدم باقي المطعون ضدهم أية مذكرة بدفاعهم ، كما طعنت المحكوم عليها في الطلب العارض ( الدعوى المتقابلة ) على الحكم أيضا بالطعن رقم 494 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 23-4-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه ، ولم يقدم المطعون ضدهما أية مذكرة بدفاعهما ، وإذ عرض الطعنين على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جديرين بالنظر وحددت جلسة لنظرهما ، وبالجلسة قررت ضمهما للإرتباط وليصدر بهما حكما واحدا.
أولا- الطعن رقم461 لسنة 2025 تجاري: -
وحيث أن حاصل ما تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسك بدفاع مؤداه إلزام المطعون ضدهما الثالث والرابع بالتضامن مع الشركة المطعون ضدها الثانية بسداد المبلغ المقضي به إليها في دعواها المتقابلة ، وقدمت تدليلاً على صحته ، ثبوت مسؤوليتهما التضامنية إذ إن الأول هو شريك بنسبة 50% من حصص الشركة المطعون ضدها الثانية عندما كانت شركة مدنية قبل تحويلها إلى مؤسسة فردية - بعد تاريخ رفع الدعوى - يملكها المطعون ضده الثالث ملكية كاملة بنسبة 100% من حصصها ومن ثم يكون مسؤولاً في أمواله الخاصة بالمبلغ المقضي به على الشركة ، أما بالنسبة إلى المطعون ضده الرابع فإن الثابت أنه كان شريكاً في الشركة المطعون ضدها الثانية ومديرها وأنه تخارج منها بعد رفع الدعوى لتغيير الشكل القانوني لها بالتواطؤ بهدف التنصل من المديونية المترصدة في ذمتها، كما تمسكت بإيقاع المقاصة القانونية بين المبالغ محل مطالبة الشركة المطعون ضدها الأولى وبين المبالغ المستحقة لها قبل الشركة المطعون ضدها الثانية عملاً بنص المادتين 368، 370 من قانون المعاملات المدنية حال كونهما كيان اقتصادي واحد لا سيما أن المطعون ضده الرابع ظهر أمامها بمظهر وكيل عن الشركة المطعون ضدها الأولى ، ومن ثم يتماثل الدينان كما لن يضار أي طرف منهما من إجراء المقاصة ، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلبها بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن تأسيساً على عدم توافر ما يفيد التواطؤ بينهم وهو ما لا يصلح ردًا على دفاعها سالف البيان ، دون إجراء المقاصة القضائية بالمخالفة للقانون ، وهو مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة تكتسب شخصيتها الإعتبارية من تاريخ قيدها في السجل التجاري وتظل هذه الشخصية باقية لها إلى حين انقضائها قانوناً، ولذلك فإن الشخصية الإعتبارية للشركة تكون مستقلة عن شخصية الشركاء فيها وعن شخصية من يمثلها قانوناً، وتظل محتفظة بهذه الشخصية المستقلة عن غيرها حتى لو كان أحد الشركاء فيها أو مديرها مالكاً لشركة أخرى أو كانت هي نفسها مالكاً أو شريكاً في شركة أخرى وحتى ولو كان مدير الشركتين شخص واحد ، والشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا يكون مسؤولاً عن ديونها والتزاماتها إلا بقدر حصته في رأس المال وأنه ليس لدائني الشركة من ضمان إلا ذمة الشركة نفسها دون ذمم الشركاء فيها بحيث يمتنع على هؤلاء الدائنين توجيه مطالبتهم إلى الشركاء فيما يتعلق بالديون المترتبة على الشركة ، وأن التضامن بين المدينين لا يُفترض ، وإنما يكون بناءً على اتفاق أو نص في القانون ، كما أن الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر، وعلى الدائن إثبات الإتفاق مصدر التضامن ، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضا أنه وفقا لما تُفيد به المادتان ( 368 و 370 ) من قانون المعاملات المدنية الإتحادي أن المقاصة هي إيفاء دين مطلوب لدائن بدين مطلوب منه لمدينه، ويشترط في المقاصة القانونية أن يكون كل من الطرفين دائناً ومديناً للآخر، وأن يتماثل الدينان جنساً ووصفاً واستحقاقاً وقوةً وضعفاً، بينما لا يُشترط في المقاصةِ القضائية سوى أن يكون طرفاها دائناً ومديناً للآخر، كما لا يشترط وجود ارتباط من حيث الموضوع أو السبب بين الدينين ولو كان أحد الدينين محل نزاع أو غير معين المقدار اكتفاءً بكونهِ مستحق الأداء، كما أن المقاصة القانونية تختلف عن المقاصة القضائية في طريقة ووسيلة إبدائها إذ بينما يكفي المدين في المقاصة القانونية أن يتمسك بها صراحة أو ضمنا أمام محكمة الموضوع بغير إجراءات معينة فإنه يجب في المقاصة القضائية أن يطلبها الخصم إما بطلب عارض أو بدعوى مستقلة ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلُص في قضائه على ضوء ما اطمأن إليه من تقرير الخبير إلى أن الشركة المطعون ضدها الثانية هي شركة ذات مسؤولية محدودة شركة الشخص الواحد وأن لها شخصيتها الإعتبارية وذمتها المالية المستقلة عن ذمة مالكها أو مديرها وأن الثابت إخلالها بالتزاماتها العقدية قِبل الشركة الطاعنة ، وأن المطعون ضده الرابع - مالكها ومديرها - لم يثبت ارتكابه غشاً أو تواطؤ يكون معه مسؤولاً في ماله الخاص ، كما أن الشركة الطاعنة لم تقم الدليل على تواطؤ المطعون ضدهما الثالث والرابع بقصد الإضرار بها ، وانتهى بقضائه إلى إلزامها بأن تؤدي المبلغ المقضي به إلى الطاعنة ، فإنه يكون قد التزم بأحكام القانون وطبقه تطبيقاً صحيحاً وقام على أسبابٍ سائغةٍ وكافية لحمله قضائهِ ، ولا يجدي الأخيرة ( الطاعنة ) تمسكها بإجراءِ المقاصة بين الدين المُستحق لها قِبل المطعون ضدها الثانية وبين الدين المُترصِد في ذمتها لصالح المطعون ضدها الأولى، إذ يشترط في المقاصة القانونية أن يكون كل من الطرفين دائناً ومديناً للآخر، وأن يتماثل الدينان جنساً ووصفاً واستحقاقاً وقوةً وضعفاً، ولما كان كل من الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية لها شخصيتها الإعتبارية وذمتها المالية المستقلة ، ومن ثم ينتفي معه شرط المقاصة ، ويكون ما تثيره الطاعنة لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل وفهم الواقع بالدعوى ، لا يُقبل التحدي به أمام هذه المحكمة ، فيكون نعيها على غير أساس.
ثانيا- الطعن رقم494 لسنة 2025 تجاري: -
وحيث أن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقِ القانون وتأويله والقصور في التسبيبِ والفساد في الإستدلال ، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع حاصله عدم قبول الطلب العارض المُبدىَ من الشركة المطعون ضدها الأولى لعدم ارتباطه بالطلباتِ في الدعوى الأصلية المُقامة من الشركة المطعون ضدها الثانية عملاً بنصِ المادة 99 من قانون الإجراءات المدنية ، ودَلَّلت على ذلك باختلاف اتفاقيات التعاقد في الدعويين الأصلية والطلب العارض وهو ما وضح جلياً في قضاء محكمة أول درجة برفضها طلب الشركة المطعون ضدها الأولى بإجراءِ المقاصة بين الدين المُستحق عليها في الدعوى الأصلية وبين الدين المُستحق لها في الطلب العارض حال أن كل من الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الثانية لها شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية المستقلة ، ومن ثم تنتفي الصلة بين الدعويين ، وإذ خالف الحكم المطعون هذا النظر فهو مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وفقاً لنص المادتين ( 99 و101 ) من قانون الإجراءات المدنية رقم 42 لسنة 2022 أن المقصود بالطلبِ العارض الذي يجوز للمدعى عليه تقديمه ، هو ذلك الطلب الذي يكون مرتبطاً بالطلب الأصلي ارتباطاً يجعل من حسن سير العدالة نظرهما معاً، أو أي طلب يتَرَتب على إجابته ألا يُحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها، أو يُحكم له بها مقيده بقيد لمصلحة المدعى عليه ، وتقدير مدى توافر الارتباط بين الطلب العارض وبين الدعوى الأصلية أو انتفائه من اختصاص محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خَلُص بقضائهِ بما له من سلطة تقديرية إلى توافر الإرتباط بين الطلب العارض المُقام من الشركة المطعون ضدها الأولى والطلبات في الدعوى الأصلية ، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو تأويله بما يكون معه ما ورد بوجه النعي في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث أن الطاعنة تنعي في أحد أوجه السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقِ القانون وتأويله والقصور في التسبيبِ والفساد في الإستدلال إذ عول الحكم المطعون فيه على تقرير الخبير الذي بنى تقريره على مستندات محررة باللغة الانجليزية دون ترجمة باللغة العربية ، حيث تمسكت الطاعنة بإن المستندات المقدمة للخبير لم يتم ترجمتها للغة العربية ? لغة المحاكم وفقا للقانون والدستور- ، وهو مما يعيبه يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أنه وإن كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجب أن تكون كافة المستندات التي تقدم من الخصوم في الدعوى مترجمة إلى للغة العربية ترجمة رسمية إذا كانت محررة بلغة أجنبية وذلك حتى تتمكن المحكمة من الإلمام بمضمون تلك المستندات وصولا إلى تقرير مدى مطابقتها للواقع وأثرها في الدعوى غير أن النعي بعدم ترجمة تلك المستندات إذا كانت مقدمة للخبير المنتدب في الدعوى لا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - منتجاً متى كانت المستندات قد خضعت للفحص والدراسة من جانب الخبير وصولا إلى بيان وجه الحق في المأمورية المكلف بها طالما أن الطاعنة لم تنسب إلى الخبير أنه فهم تلك المستندات بما يخالف معناها الحقيقي أو إنحرف في تفسيرها بما يؤدى إليه مدلولها ، لما كان ذلك وكانت الطاعنة بعد إيداع الخبير المنتدب تقريره قد إقتصر دفاعها على الإعتراضات على التقرير دون أن تبين بأن مستندات المطعون ضدها الأولى غير مترجمة ? أن كانت - وأن عدم ترجمتها أثر في النتيجة التي خلص إليها الخبير خاصة سيما وأنها كانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة وكان في مقدورها الإطلاع عليها وإبداء الرأي بشأنها والتعليق عليها ولم تمنع من ذلك بل وتقدم ترجمة لها أن كان ما فهمه الخبير خلافا لها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذا الوجه من السبب يكون على غير أساس.
وحيث أن حاصل ما تنعي به الطاعنة بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقِ القانون وتأويله والقصور في التسبيبِ والفساد في الإستدلال ، إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة والقاضي بإلزامها بالمبلغ المقضي به في الطلب العارض المعول على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من قبلها رغم اعتراض الطاعنة عليه لفساده وعواره لابتنائه على أقوال مُرسلة ساقتها المطعون ضدها الأولى دون دليل يؤيدها، لا سيما أن كل ما قدمته من مستندات وفواتير قد خلت من وجود أو توافر الصفة أو المصلحة فيها لها - أي الطاعنة - وإنما هي مجرد مستندات وفواتير تم اصطناعها من قبل المطعون ضدها الأولى ، فضلاً عن أن الخبير لم يفطن إلى أن الاتفاقيات المُبرمة بينها وبين الأخيرة هي عبارة عن اتفاقيات بشأن نشوء حدث معين ، إلا أنه لم يقم بإثبات تنفيذ هذا الحدث بالفعل من قِبلها من عدمه ، كما لم يفطن إلى ثبوت إخلال المطعون ضدها الأولى المُتمَثل في عدم إخطارها بموعد ذلك الحدث حتى يتسنى لها اتخاذ الإجراءات اللازمة لتدبيره وتنفيذه ، كما تمسكت بأن جميع أوامر الشراء التي استند إليها الخبير مُحرَّرة باللغةِ الأجنبية دون أن تقدم المطعون ضدها الأولى ترجمة لها باللغةِ العربية ومن ثم تفقد صلاحيتها في الإثبات، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بالمبلغِ المقضي به تأسيساً على ما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى دون إيراد أسباباً تصلح رداً على أوجه دفاعها سالفة البيان ، بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي برمته مردود ، ذلك أن من المقرر ـــ على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها ، وتفسير العقود والاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها وتقدير الوفاء بالالتزامات في العقود الملزمة للجانبين واستخلاص الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه ، وأن لها السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى ولها الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها لسلامة الأسس التي بنى عليها ويتفق مع الواقع الثابت في الأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي استندت إليها ، وهي غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن واعتراضات على تقرير الخبير أو أن تتبع الخصوم في كافة أقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالاً لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره مما لا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير ، كما أن الخبير غير ملزم بأداء مأموريته على نحو معين دون سواه وحسبه أن يؤديها على الوجه الذي يراه محققا للغاية من ندبه طالما أنه تقيد بحدود المأمورية المرسومة له وكان رأيه في النهاية خاضعا لتقدير محكمة الموضوع ، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به في الطلب العارض ( الدعوى المتقابلة ) على ما أورده بمدوناته (( وحيث ان عن الدعوى المتقابلة فإن علاقة الواقع والتعاملات بين المدعية تقابلا( المدعى عليها أصليا )/ شركة فيو ميدل ايست وبين الخصم المدخل الأولى / شركة كريتيف اينجليس الترفيهية هي علاقة تعاقدية بموجب عدد 27 اتفاقية مندوب مبيعات وتسويق إعلانات والتي بموجبها تم الاتفاق بينهما على تعيين الخصم المدخل/ كريتيف اينجليس الترفيهية مندوب مبيعات وتسويق للإعلان لتقديم الخدمات المبينة بالملحق رقم (1) من الاتفاقيات لصالح المدعية تقابلا عن الفعاليات موضوع الاتفاقيات المشار إليها على أن يقوم بسداد الرسوم الواردة بالاتفاقيات والتي تمثل الحد الأدنى للضمان أو في حالة زيادة الإيرادات الفائضة تقوم بسداد نسبة 30% من الإيرادات الفائضة للمدعى عليها في مقابل سداد المدعى عليها رسوم تقديم تلك الخدمة المبينة تفصيلا بعقود الاتفاقيات وفقا للشروط المبين بالاتفاقيات وقد بلغت قيمة المبالغ المستحقة للمدعية تقابلا لدى الخصم المدخل الأولى بواقع مبلغ 3,352,838 دولار بواقع مبلغ 12,313,297.55 درهم كما انه بموجب العلاقة العقدية بين المدعية تقابلا والخصم المدخل الأولى بموجب أوامر شراء وفواتير بعدد 28 فاتورة قامت بموجبها المدعية تقابلا بتقديم خدمات الإعلان على موقعها لصالح الخصم المدخل الاولى وقد بلغت قيمة تلك الخدمات المقدمة من المدعية تقابلا لصالح الخصم المدخل الأولى وفقا للفواتير الصادرة بذات قيمة أوامر الشراء الصادرة من الخصم المخل الأولى واوامر ادراج الاعلان المذيلة بتوقعها وخاتمها ولم يتم سدادها بواقع مبلغ 2,458,197 دولار تعادل بواقع مبلغ 9,027,728.48 درهم ليكون إجمالي المبلغ المترصد في ذمة الخصم المدخل الأولى لصالح المدعية تقابلا بواقع 21,341,026.03 درهم ... قيمة المبالغ المترصدة للمدعية تقابلا في ذمة الخصم المدخل الأولى وهو ما تقضي به المحكمة بإلزام الخصم المدخل الأولى بأن تؤدي للمدعية تقابلا المبلغ المشغولة بها ذمتها نتيجة الالتزامات العقدية المتبادلة بين الطرفين.......)) ، وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغاً ومتفقا وتطبيق صحيح القانون وله أصل ثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه ، وبالتالي يكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل وفهم الواقع بالدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقدير الخبراء المنتدبين فيها وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ، فيكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعنين رقمي 461 و494 لسنة 2025 تجاري ، وإلزام كل طاعنه بمصروفات طعنها ، وبإلزام الطاعنة في الطعن رقم 461 لسنة 2025 تجاري بمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدها الأولى فيه ، وأمرت وبمصادرة التأمينين في كلا الطعنين.