جلسة 8 من ديسمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضـي/ حسني عبد اللطيف "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ ربيع محمد عمر، محمد شفيع الجرف، محمد محمود نمشة، وخالد فاروق عبد الهادي "نواب رئيـس المحكمة".
------------------
(113)
الطعن رقم 13032 لسنة 78 القضائية
(1) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : حظر إبرام أكثر من عقد إيجار للمبنى أو وحدة منه " .
إلزام المؤجر بإبرام عقود الإيجار كتابة مع إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري وحظر إبرامه أكثر من عقد إيجار عن ذات العين . مؤداه . بطلان العقد اللاحق للعقد الأول . م 24 ق 49 لسنة 1977 . لازم ذلك . وجود أكثر من عقد عن عين واحدة صادر من مؤجر واحد . انتفاء تعدد المستأجرين من مؤجر واحد . لا مجال لتطبيق نص المادة المذكورة .
(2) إيجار " القواعد العامة في الإيجار : التقايل من عقد الإيجار " .
عدم انفراد أحد العاقدين بفسخ العقد دون رضاء المتعاقد الآخر . الاتفاق على التقايل من العقد . جواز أن يكون صراحةً أو ضمنًا . م 90 مدني .
(3) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء " .
إنهاء عقد الإيجار الخاضع لقوانين إيجار الأماكن . عدم جوازه إلا للأسباب الواردة بها . للمستأجر النزول عنه . علة ذلك .
(4) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : حظر إبرام أكثر من عقد إيجار للمبنى أو وحدة منه " .
صدور عقدي الإيجار سندي الدعوى من مورث الطاعنين لمورث المطعون ضدهم عن ذات العين محل النزاع . أثره . انتفاء حالة تعدد المستأجرين من مؤجر واحد عن عين واحدة . مؤداه . لا مجال لتطبيق البطلان الوارد بنص م 24 ق 49 لسنة 1977 . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه برفض الدعوى بانتهاء عقد الإيجار لانتهاء مدته استنادًا لبطلان العقد الأخير لمخالفته للمادة المذكورة متحجبًا بذلك عن بحث ما إذا كان قد تم التقايل عن عقد الإيجار السابق من عدمه . خطأ وقصور .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض– أن نص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن يدل على أن المشرع واجه تعدد عقود الإيجار الصادرة من مؤجر واحد عن ذات العين بقرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس، مؤداها الاعتداد بالعقد الأسبق في ثبوت تاريخه، ولازم ذلك أن يكون هناك أكثر من عقد عن عين واحدة صادر من مؤجر واحد، وفي هذه الحالة يعتد بالعقد الأسبق في ثبوت تاريخه وإلا وقع العقد الذي اعتد به على خلاف ذلك باطلًا، فإن انتفت حالة تعدد المستأجرين من مؤجر واحد، فلا مجال لتطبيق نص المادة المشار إليه.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن كان الأصل في العقود أن تكون لازمة بمعنى عدم إمكان انفراد أحد العاقدين بفسخ العقد دون رضاء المتعاقد الآخر إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما على التقايل منه وإبرام عقد جديد، وكما يكون ذلك بإيجاب وقبول صريحين يكون -أيضًا- بإيجاب وقبول ضمنيين؛ إذ التعبير عن الإرادة يجوز أن يكون ضمنيًّا على ما تقضي به المادة 90 من القانون المدني.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن كان المؤجر لا يستطيع إنهاء عقد الإيجار الخاضع لقوانين إيجار الأماكن إلا لأحد الأسباب الواردة بها، إلا أنه لما كان الامتداد القانوني الذي قررته هذه القوانين قد قصد به حماية المستأجرين، فإنه يجوز للمستأجر بعد أن تتم له هذه الحماية بالتعاقد على الإيجار أن ينزل عنها لمصلحة خاصة به أو بالاتفاق بينه وبين المؤجر لمصلحة هذا الأخير.
4- إذ كان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن عقدي الإيجار المؤرخين 1/7/1989، 1/5/1997 صادران من مورث الطاعنين لمورث المطعون ضدهم عن ذات العين محل النزاع، ومن ثم فلا مجال لإعمال القاعدة المنصوص عليها في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لانتفاء حالة تعدد المستأجرين من مؤجر واحد عن عين واحدة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/5/1997 لانتهاء مدته على سند من بطلان هذا العقد لمخالفته نص المادة المذكورة، فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون، وإذ حجبه ذلك الخطأ عن بحث ما إذا كان قد تم التقايل عن عقد الإيجار المؤرخ 1/7/1989 من عدمه، فإنه يكون معيبًا -أيضًا- بالقصور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 2005 أمام محكمة المنصورة الابتدائية –مأمورية شربين– بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/5/1997 وطردهم من المحل المبين بالصحيفة والتسليم، وقال بيانًا لذلك إنه بموجب هذا العقد استأجر مورثهم منه محل النزاع لمدة خمس سنوات بقصد استعماله صيدلية، وإذ انتهت تلك المدة بنهاية أبريل عام 2002 ونبه عليهم بعدم رغبته في تجديد العقد ولم يمتثلوا فقد أقام الدعوى، وجه المطعون ضدهم دعوى فرعية للطاعنين بطلب الحكم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/5/1997 على سند من أنه قُصد به التحايل على قاعدة الامتداد القانوني المقررة لهم بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/7/1989 والخاضع لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية، وفي الدعوى الفرعية بالطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 59 ق المنصورة، وبتاريخ 24/6/2008 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون:- إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن كلًا من عقدي الإيجار المؤرخين 1/7/1989، 1/5/1997 صدرا من مورثهم لمورث المطعون ضدهم، وأن العقد الأخير هو الذي يحكم العلاقة الإيجارية عن عين النزاع ويتضمن فسخًا ضمنيًّا للعقد الأول، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 1/5/1997 على سند من أنه أُبرم بالمخالفة لنص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن المقرر –في قضاء هذه المحكمة– أن النص في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن على أن "... تبرم عقود الإيجار كتابة، ويجب إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائن بدائرتها العين المؤجرة ...، ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلًا العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول"، يدل على أن المشرع واجه تعدد عقود الإيجار الصادرة من مؤجر واحد عن ذات العين بقرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس، مؤداها الاعتداد بالعقد الأسبق في ثبوت تاريخه، ولازم ذلك أن يكون هناك أكثر من عقد عن عين واحدة صادر من مؤجر واحد، وفي هذه الحالة يعتد بالعقد الأسبق في ثبوت تاريخه، وإلا وقع العقد الذى اُعتُدَّ به على خلاف ذلك باطلًا، فإن انتفت حالة تعدد المستأجرين من مؤجر واحد، فلا مجال لتطبيق نص المادة المشار إليه. كما أنه ولئن كان الأصل في العقود أن تكون لازمة بمعنى عدم إمكان انفراد أحد العاقدين بفسخ العقد دون رضاء المتعاقد الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما على التقايل منه وإبرام عقد جديد، وكما يكون ذلك بإيجاب وقبول صريحين يكون -أيضًا- بإيجاب وقبول ضمنيين؛ إذ التعبير عن الإرادة يجوز أن يكون ضمنيًّا على ما تقضي به المادة 90 من القانون المدني. وأنه ولئن كان المؤجر لا يستطيع إنهاء عقد الإيجار الخاضع لقوانين إيجار الأماكن إلا لأحد الأسباب الواردة بها، إلا أنه لما كان الامتداد القانوني الذي قررته هذه القوانين قد قصد به حماية المستأجرين، فإنه يجوز للمستأجر بعد أن تتم له هذه الحماية بالتعاقد على الإيجار أن ينزل عنها لمصلحة خاصة به أو بالاتفاق بينه وبين المؤجر لمصلحة هذا الأخير. لما كان ذلك، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن عقدي الإيجار المؤرخين 1/7/1989، 1/5/1997 صادران من مورث الطاعنين لمورث المطعون ضدهم عن ذات العين محل النزاع، ومن ثم فلا مجال لإعمال القاعدة المنصوص عليها في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لانتفاء حالة تعدد المستأجرين من مؤجر واحد عن عين واحدة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/5/1997 لانتهاء مدته على سند من بطلان هذا العقد لمخالفته نص المادة المذكورة، فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون، وإذ حجبه ذلك الخطأ عن بحث ما إذا كان قد تم التقايل عن عقد الإيجار المؤرخ 1/7/1989 من عدمه فإنه يكون معيبًا -أيضًا- بالقصور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ