الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 3 يوليو 2025

مجلة الرسالة/العدد 601/نظام الشورى في الإسلام - عبد المتعال الصعيدي

بتاريخ: 08 - 01 - 1945

نظام الشورى في الإسلام
بين الكثرة والقلة

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

كم في السيرة النبوية من أسرار التشريعية لو رجعنا إليها لأغنتنا عن الاستعانة بغيرها من التشريعات المنحرفة، في عصر ظلت فيه السياسة ظلالا بعيداً، وطغت فيه التعصبات الحزبية حتى أعمت الأمم عن النظر في مصالحها العامة، وآثرت عليه النظر في مصالحها الحزبية، وحتى ثارت في كل أمة خصومات وخلافات خطيرة تفرق كلمنها، وتقضي على الأخضر واليابس فيها، لأن الحكومة تكون فيها على أساس الحزبية، فكل حزب يعمل كل ما يوصله إلى الحكم، ويرى مصلحته في هذا فوق غيرها من المصالح

وقد أخذنا نظمنا الحديثة في الشورى على تلك الأمم، وقلدناها في تلك السياسة الحزبية العمياء، فظللنا وجه الصواب كما ظلت، وأخذنا نتخبط في حكمنا مثلها تخبطا معيبا، حتى اضطربت أمور الحكم فينا، وحررنا من الاستقرار الذي لتفرغ فيه لمصالحنا

ولو رجعنا إلى السيرة إلى السيرة النبوية لوجدناها سنة نظام الشورى على وجه يسود فيه التسامح، ولا يغلو في التعصب للرأي إلى ذلك الحد المعيب، فسارت سياسة الحكم في هدوء، واستقرار الأمر استقراراً ظهر فيه الحق بوضوح، فلم يعمه عن أعين الناس تعصب للرأي ولم يصرف الأمة من مصلحتها العامة مثل ذلك التغالي في الخلاف

وقد تم ذلك في غزوة أحد من غزوات النبي ﷺ، وكانت في السنة الثالثة من الهجرة، فقد وقع فيها خلاف بين المسلمين انقسموا فيه إلى فريقين: أحدهما يمثل الكثير، وثانيهما يمثل القلة، فحل الخلاف بينهما على وجه لا اثر فيه للتعصب ولا يمكن أن يكون هناك أتم منه في وجوه الشورى

وكان ذلك الخلاف أن رجالاً من المسلمين أسفوا على ما فاتهم من مشهد بدر، لمل كانوا يسممونه من إخبار النبي ﷺ بفضل من شهدها، وعظيم ثوبه فكانوا يودون غزوة ينالون فيها مثل ما ناله أهل بدر وإن استشهدوا، فلما سار المشركون في غزوة اتحد إلى المدينة رأوا أن يخرجوا منها لقتالهم، وعرضوا رأيهم هذا إلى النبي صلى الله عليه فنام النبي ﷺ ليلته فرأى رؤيا، فلما اصبح قال: والله إني قد رأيت خيراً: رأيت بقرة تذبح، ورأيت في ذباب سيفي ثلماً، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة. فأما البقر فناس من أصحابي يقتلون، وأما الثلم الذي رأيت في سيفي فهو رجل من أهل بيتي يقتل، وإني رأيت أن تقيم بالمدينة وتدعوهم ينزلون حيث نزلوا، فان أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن دخلوا علينا قاتلناهم ورموا من فوق البيوت

وكانوا قد شبكوا المدينة بالنبال من كل ناحية، وجعلوا فيها الآطام والحصون، فكانت حصنا قويا لأهلها، وكان الرأي أن يقيموا فيها، كما فعلوا بعد ذلك في غزوة الأحزاب فلم يقو المشركون على اقتحامها على المسلمين، وكانت جموعهم فيها أكثر من جموعهم في غزوة أحد

فقال أولئك القوم الذين أسفوا على ما فادتهم من مشهد بدر، وغالبهم أحداث لم يمكنهم أن يشهد تلك الغزوة الكبرى، فاحبوا لقاء العدو وطلبوا الشهادة فأكرمهم الله تعالى بها: يا رسول الله، إنا كنا نتمنى هذا اليوم، اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا

وقد رأى عبد الله بن أبي رئيس المنافقين تلك الرغبة الصادقة في القتال من أولئك الشبان، فساءه هو ذلك منهم، وقال النبي ﷺ: أقم بالمدينة لا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا إلى عدو لنا عدو قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فأن أقاموا أقاموا بشر مجلس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا خائبين كما جاءوا

ومال هذا لا يحمد من عبد الله بن أبي وإن وافق فيه النبي ﷺ، لأن الحق ليس في كلمة القتال، ولا في فعل يظهر بين الناس، بل لابد من هذا من صدق النية، وحسن المقصد، وقد عول الإسلام على النية في الأقوال والأفعال اكثر من التعويل على الأقوال والأفعال في ذاتها، حتى أثر قي ذلك القول المشهور: نية المرء خير من عمله

فلما سمع أولئك الشبان ذلك القول من عبد الله بن أبي لم يأبهوا له، واجتهدوا في حمل النبي ﷺ على رأيهم، وقال حمزة وسعد بن عبادة والنعمان بن مالك وطائفة من الأنصار: إنا نخشى يا رسول الله أن يظن أعداؤنا أنا كرهنا الخروج جبنا عن لقائهم، فيكون هذا جراءة منهم علينا. وزاد حمرة: والذي انزل عليك الكتاب، لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسقي خارج المدينة. وقال النعمان: يا رسول الله، لا تحرمنا الجنة، فوالذي نفسي بيده لأدخلناه. فقال له النبي ﷺ: له. فقال: لأني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف. فقال له النبي ﷺ: صدقت. وقد استشهد رضي الله عنه في هذه الموقعة

وقد نظر النبي ﷺ فوجد الذين يرون من أصحابه رأى أولئك الشبان أكثر من الذين يرون رأيه، فنزل طائعا على رأي ذلك الفريق الذي كان أكثر عدداً، وترك رأيه إلى رأيهم، وهو الرئيس الأعلى والرسول المبعوث إلى الناس كافة، لأنه رأي أن من يوافقه في الرأي اقل عدداً من الفريق الأول، فلم ينظر إلى شخصه في ذلك الخلاف، وإنما نظر إلى التشريع الذي يجب أن يسن في تلك الحادثة من الشورى التي شرعها في الإسلام، ليستقيم للمسلمين أمرهم فيها، ولا يقعوا في ذلك التعصب الأعمى للرأي، فتنقلب نعمة الشورى نقمة، ويضل الناس بها سبيل الحكم الصالح، وبهذا علم المسلمون أنه يجب عند اختلاف الرأي في الشورى أن ينزل الفريق الأقل عدداً على رأي الفريق الأكثر عدداً، وإن كان يرى انه رأيه هو الأرجح، لأن مخالفة الكثرة اشد ضرراً، وكما يجب تقديم النافع على الضار، يجب تقديم الأخف ضرراً على الأشد ضرراً ولما نزل النبي ﷺ رأى تلك الكثرة صلى بالناس الجمعة، وثم وعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد في التأهب للقتال، واخبرهم بأن لهم النصر ما صبروا، ففرح الناس لذلك فرحا شديداً، ثم صلى بهم العصر وقد حشدوا، وحضر أهل العوالي وهي القرى حول المدينة من جهة نجد، فدخل حجرته ولبس عدته، وتقلد السيف، وألقى الترس وراء ظهره

وقد اصطف الناس ما بين حجرته إلى منبره ينتظرون خروجه، فقال لهم سعد بن معاذ واسيد بن حضير: استكرهتم رسول الله ﷺ على الخروج، وقلتم له ما قلتم والوحي ينزل عليه من السماء فردوا إليه الأمر

ثم خرج النبي ﷺ وقد لبس لأمته، وتقلد سيفه، فندموا جميعاً على ما صنعوا، وقالوا: ما كان لنا أن نخالفك، فاصنع ما شئت، وفي رواية - ما بدا لك - وفي أخرى - فإن شئت فاقعد

وإنه لا يثار جميل من تلك الكثرة، ولم يحملهم عليه إلا بدء النبي ﷺ قبلهم بإيثار رأيهم على رأيه حفظا للوحدة، وحذرا من الفرقة، وإذا كانت فضيلة الإيثار جميلة فيما يملك الإنسان من مال، فكم يكون جمالها فيما يعتز به من رأي، والرأي عند الإنسان اشرف من المال وكم ضحي بالمال في سبيل الرأي، ولكن فضيلة الإيثار كانت ظاهرة ذلك العهد النبيل، فلا غرو أن تبادل تلك الكثرة النبي ﷺ إيثار بإيثار، وأن تترك رأيها إلى رأيه طائعة مختارة، بعد أن جاهدت في تأييده ما جاهدت، وناضلت في الدفاع عنه ما ناضلت

ولكن النبي ﷺ رأى أن رأيه كان هو الأرجح قبل أن يؤثر رأيهم على رأيه، وقبل أن يلبس لامته ويتقلد سيفه، فأما بعد ذلك فقد أتفق رأيهم جميعاً على الخروج، فإذا عنه لم ير الأعداء إلا انهم جبنوا عن قتالهم، فيحملهم ذلك على الطمع فيهم، ويعطيهم قوة معنوية يكون لها أثرها في قتالهم

فقال لأولئك الذين تركوا رأيهم إلى رأيه في القعود بالمدينة: ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه. وفي رواية - لا ينبغي لنبي إذا أخذ لأمة الحرب، وأذن في الناس بالخروج إلى العدو، أن يرجع حتى يقاتل. فياله من عهد كريم بلغ فيه حكم الشورى غاية الكمال، ولم تتفرق فيه الأمة إلى أحزاب متخاصمة على الحكم، بل ظهرت فيه كتلة واحدة، إذا اتفق أفرادها فرائدهم المصلحة العامة، لا مصلحة حزب من الأحزاب، وإذا اختلف أفرادها فرائدهم تلك المصلحة أيضا، لأنهم لا ينقسمون إلى أحزاب ينافس بعضهاً بعضاً، ويحملهم التعصب لها على نسيان مصلحة الأمة في نبذ التفرق، وإيثار الوفاق على الخلاف

وإذا فخر في عصرنا قوم بنظام الشورى عندهم، فهذا نظام الشورى عندنا قد بلغ غاية الكمال، وخلا من العيوب التي يرمي بها حكم الشورى في عصرنا، وتجعل بعض الناس يفضل عليه الحكم الاستبدادي، وأين تشريع البشر من تشريع الله تعالى؟ فلا تشريع أكمل من تشريعه، ولا حكم أعدل من حكمه، فتبارك الله اعدل الحاكمين، وأحسن الخالقين

عبد المتعال الصعيدي

مجلة الرسالة/العدد 601



بتاريخ: 08 - 01 - 1945

مجلة الرسالة/العدد 600



بتاريخ: 01 - 01 - 1945

الدعوى رقم 124 لسنة 29 ق دستورية عليا " دستورية" جلسة 1 / 6 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من يونيو سنة 2025م، الموافق الخامس من ذي الحجة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 124 لسنة 29 قضائية "دستورية"

المقامة من

نادي لبيب بولس

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)

4- وزير العدل

5- عيد لبيب بولس

------------

الإجراءات

 بتاريخ الرابع والعشرين من مايو سنة 2007، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية البند (2) من المادة (503) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، المستبدل به نص المادة الأولى من القانون رقم 156 لسنة 2004.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية في الدعوى رقم 3522 لسنة 2006 جنح الدرب الأحمر، بوصف أنه، بدائرة قسم الدرب الأحمر، أعطى بسوء نية شيكًا للمجني عليه - المدعى عليه الأخير - بمبلغ ثمانين ألف جنيه مسحوبًا على البنك الوطني للتنمية – فرع الأزهر، لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، مع علمه بذلك، وطلبت عقابه بالمادتين (337) من قانون العقوبات، و(534/1 بند "أ") من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999. وبجلسة 22/5/2006، حكمت المحكمة غيابيًّا بحبس المدعي ستة أشهر مع الشغل وكفالة مقدارها خمسمائة جنيه. عارض المدعي في ذلك الحكم. وحال نظر المعارضة، دفع بعدم دستورية البند (2) من المادة (503) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن البند (2) من المادة (503) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، المستبدل به نص المادة الأولى من القانون رقم 156 لسنة 2004، ينص على أنه "وإذا قدم الشيك للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره وجب وفاؤه في يوم تقديمه، وذلك باستثناء الشيكات المسطرة المنصوص عليها في المادة (515) من هذا القانون والشيكات الحكومية فلا تكون مستحقة الوفاء إلا في التاريخ المبين فيها كتاريخ لإصدارها".

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق تلك المصلحة إلا باجتماع شرطين، أولهما: أن يقوم الدليل على أن ضررًا واقعيًّا مباشرًا ممكنًا تداركه قد لحق بالمدعي، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه.

متى كان ما تقدم، وكان البين من الحكم الغيابي الصادر بإدانة المدعي في الدعوى رقم 3522 لسنة 2006 جنح الدرب الأحمر، عما نسب إليه من أنه أعطى بسوء نية شيكًا إلى المدعى عليه الأخير بمبلغ ثمانين ألف جنيه مسحوبًا على البنك الوطني للتنمية – فرع الأزهر، لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، مع علمه بذلك، وكان التاريخ الثابت بذلك الشيك هو 30/6/2006، إلا أن المستفيد قدمه للبنك المسحوب عليه بتاريخ 6/2/2006، وكان النص المطعون فيه قد أوجب الوفاء بقيمة الشيك في يوم تقديمه إذا قدم قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره، وكان تاريخ تقديم الشيك غير المسطر أو غير الحكومي إلى البنك المسحوب عليه هو التاريخ المعتبر في ارتكاب الجنحة المؤثمة بالمادة (534/1 بند "أ") من قانون التجارة المشار إليه، ومن ثم يكون للقضاء في دستورية هذا النص انعكاس على الفصل في الدعوى الموضوعية، تتحقق به المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي، ويضحى الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم توافر المصلحة على غير سند متعينًا الالتفات عنه. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة فيما نص عليه صدر البند (2) من المادة (503) من قانون التجارة المشار إليه، المستبدل به نص المادة الأولى من القانون رقم 156 لسنة 2004، من أنه "وإذا قدم الشيك للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره وجب وفاؤه في يوم تقديمه"، دون باقي أحكام ذلك البند.

وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه – في النطاق المحدد سلفًا – مخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية، لإقراره وجوب الوفاء بقيمة الشيك في يوم تقديمه إذا قدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره، حال أن الشريعة الإسلامية أوجبت الوفاء بالعقود إعمالًا لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" الآية (1) من سورة المائدة، وكذا إخلاله بمبدأ المساواة؛ إذ مايز بين الشيكات العادية وبين الشيكات المسطرة المنصوص عليها في المادة (515) من القانون ذاته والشيكات الحكومية، فاعتد بالتاريخ الوارد بهما كتاريخ للوفاء، دون أن يمد الحكم ذاته إلى الشيكات العادية، وإهداره مبدأ حرية التعاقد؛ إذ أحل المشرع إرادته محل إرادة المتعاقدين فيما قرره من وجوب الوفاء بالشيك يوم تقديمه، بالمخالفة لاتفاقهما على تحديد تاريخ آجل للوفاء بالشيك، بما ينال من الحرية الشخصية وحق الملكية، ويخرق أصل البراءة، ويجترئ على العدالة الجنائية وسلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة، ويخل بمبدأ الفصل بين السلطات، وذلك بالمخالفة للمواد (2 و32 و34 و40 و41 و47 و67 و68 و69 و165) من دستور 1971 المقابلة للمواد (2 و34 و35 و53 و54 و65 و96 و97 و98 و184) من الدستور الحالي.

وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ ذلك أن هذه الرقابة تستهدف أصلاً – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – صون هذا الدستور وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون نصوصه تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعي إلى النص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها القضائية على النص المطعون عليه – الذي مازال ساريًا ومعمولاً بأحكامه – في ضوء أحكام الدستور القائم.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد اطرد على أن ما نص عليه دستور 1971، في مادته الثانية، بعد تعديلها في سنة 1980 – التي تردد حكمها في المادة الثانية من الدستور القائم - من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إنما يتمحض عن قيد يجب على السلطة التشريعية أن تتحراه وتنزل عليه في تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل، فلا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعًا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلًا أو تبديلًا. ومن غير المتصور -تبعًا لذلك- أن يتغير مفهومها بتغير الزمان والمكان؛ إذ هي عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا في شأنها على مراقبة التقيد بها، وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها؛ ذلك أن المادة الثانية من الدستور تقدم على هذه القواعد أحكام الشريعة الإسلامية في أصولها ومبادئها الكلية؛ إذ هي إطارها العام، وركائزها الأصلية التي تفرض متطلباتها دومًا بما يحول دون إقرار أي قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهيًا وإنكارًا لما عُلم من الدين بالضرورة. ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معًا؛ ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيمًا لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعًا، ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة، على أن يكون الاجتهاد دومًا واقعًا في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها، ملتزمًا ضوابطها الثابتة، متحريًا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلًا صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.

متى كان ما تقدم، وكان ما طواه النص المطعون فيه من أحكام مقتضاها وجوب الوفاء بقيمة الشيك يوم تقديمه وإن قُدم قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره، لم يرد بشأنها نص قطعي الثبوت والدلالة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن ثم يجوز الاجتهاد فيها، تنظيمًا لشئون العباد، بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعًا، ولا يعطل حركتهم في الحياة، وذلك في إطار الأصول الكلية للشريعة، وبما يصون مقاصدها العامة، وقد جاء حكم النص المطعون فيه تحقيقًا للمصلحة العامة للحفاظ على استقرار المعاملات التجارية والمصرفية بجعل الشيك مستحق الوفاء يوم تقديمه، باعتباره أداة وفاء تحل محل النقود؛ ومن ثم يكون هذا النص قد جاء متفقًا والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية بما تقتضيه من حفظ المال، وبما لا مخالفة فيه لمبادئها المنصوص عليها في المادة (2) من الدستور.

ولا ينال من ذلك، ما نعى به المدعي من مخالفة النص المطعون فيه قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" الآية (1) من سورة المائدة؛ فذلك مردود بأن هذا النص يحدد تاريخ الوفاء بالشيك غير المسطر أو غير الحكومي؛ بوصفة أداة للوفاء، لتنقطع بإطلاقه للتداول صلته – في المجال الجنائي – بالواقعة المنشئة للمديونية الثابتة به، ولو ترتبت على عقد من العقود؛ مما يضحى معه هذا النعي على غير سند، متعينًا الالتفات عنه.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره -إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص- أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة. كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي -من ثمَّ- على مخالفة لنص المادتين (4 و53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا بذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعي المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم.

وحيث إن ضمان الدستور للحرية الشخصية لا يعني غل يد المشرع عن التدخل لتنظيمها؛ ذلك أن صون الحرية الشخصية يفترض بالضرورة مباشرتها دون قيود جائرة تعطلها، وليس إسباغ حصانة عليها تعفيها من تلك القيود التي تقتضيها مصالح الجماعة وتسوغها ضوابط حركتها، ذلك أن الدستور أعلى قدر الحرية الشخصية، باعتبارها من الحقوق الطبيعية الكامنة في النفس البشرية، الغائرة في أعماقها، والتي لا يمكن فصلها عنها، ومنحها بذلك الرعاية الأوفى والأشمل توكيدًا لقيمتها، وبما لا إخلال فيه بالحق في تنظيمها.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين تفسير النصوص التشريعية التي تنظم مسألة معينة بافتراض العمل بها في مجموعها، وأنها لا تتعارض أو تتهادم فيما بينها، وإنما تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها، باعتبار أنها متآلفة فيما بينها، لا تتماحى معانيها، وإنما تتضافر توجهاتها، تحقيقًا للأغراض النهائية، والمقاصد الكلية التي تجمعها؛ ذلك أن السياسة التشريعية لا يحققها إلا التطبيق المتكامل لتفاصيل أحكامها، دون اجتزاء جزء منها ليطبق دون الجزء الآخر؛ لما في ذلك من إهدار للغاية التي توخاها المشرع من ذلك التنظيم.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أيضًا - أن الأصل في النصوص القانونية هو ارتباطها عقلًا بأهدافها، باعتبارها وسائل صاغها المشرع لتحقيقها؛ فمن ثم يتعين لاتفاق التنظيم التشريعي مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد، وفاءً لمصلحة عامة لها اعتبارها، وبين الوسائل التي انتهجها طريقًا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع هذا الموضوع عن أهدافها، بل يتعين أن تكون مدخلاً إليها.

 وحيث إن المشرع آثر أن يجعل من الشيك أداة وفاء فورية في مجال التخالص عن الحقوق المالية، مُعملًا بذلك سلطته التقديرية في الاختيار بين البدائل المتاحة، وتحديد الوسائل القانونية المناسبة للوفاء، وقيمة كل وسيلة بما يحقق الصالح العام، ولذا وجب على مستخدمي الشيك، باعتباره أداة وفاء، أن يضمنوا ذلك الوفاء لحظة إعطاء الشيك، وأن يكون واجب السداد بمجرد الاطلاع عليه، تأكيدًا لقوة الشيك في التداول، خاصة بطريق التظهير بين أفراد متعددين لا تربطهم صلة بالعلاقة الشخصية القائمة بين مصدر الشيك والمستفيد الأول منه، وبذلك يكون المشرع قد لجأ إلى سلطته التقديرية في تكريس نظام قانوني مبدئي لا غنى عنه للمجتمع، وأحاطه بسياج من الحماية القانونية بموجب القانون الجنائي، الذي كفل حماية جنائية للشيك تلزم المتعامل به عدم إصداره إلا في حالة وجود رصيد لدى المسحوب عليه.

وحيث إن المقرر قانونًا أن الساحب يناط به تحديد تاريخ الوفاء بالشيك، فإذا سطره تعين الوفاء به في التاريخ المبين فيه، وهو الحكم ذاته بالنسبة للشيك الحكومي، وإذا تركه دون تسطير تعين الوفاء به يوم تقديمه للبنك ولو قُدم قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره، باعتباره أداة وفاء تحل محل النقود؛ ومن ثم فإن تحديد تاريخ الوفاء بالشيك مرده إلى الساحب وحده، الذي منحه المشرع الحق في الاختيار بين بديلين لتاريخ الوفاء على ما سبق بيانه، ليغدو النعي على النص المطعون فيه بمصادرة الحرية الشخصية، نعيًا متهافتًا لا سند له متعينًا الالتفات عنه. إذ كان ما تقدم، وكانت غاية المشرع من النص المطعون فيه الحرص على استقرار المعاملات التجارية والمالية؛ بهدف دفع الاستثمار والتجارة والنمو الاقتصادي في المجتمع، وبما يحفظ حقوق الغير من الضياع بعد أن وصل التعامل بالشيك – على نحو ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون السالف الإشارة إليه – إلى إهدار وظيفته ومسخها بما يؤدي إلى اضطراب المعاملات، فإن البديل الذي تبناه المشرع بالنص المطعون فيه إنما جاء متماهيًا مع الالتزام الدستوري الوارد في المادة (27) من الدستور القائم، الذي جعل من رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي وتشجيع الاستثمار مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري، وضبط آليات السوق، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة هدفًا للنظام الاقتصادي؛ ومن ثم فإن النص المطعون فيه يكون واقعًا في إطار السلطة التقديرية للمشرع، وبهذه المثابة لا ينال من الحق في الملكية الخاصة، ولا يشكل عدوانًا على الحق في التقاضي، ولا يكون مخالفًا أحكام المواد (2 و34 و35 و53 و54 و65 و96 و97 و98 و184) من الدستور، كما أنه لا يخالف أي حكم آخر من أحكامه، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.


الطعن 246 لسنة 22 ق جلسة 8 / 4 / 1952 مكتب فني 3 ج 3 ق 302 ص 805

جلسة 8 من إبريل سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة: أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة, ومحمد أحمد غنيم بك, وباسيلي موسى بك, ومصطفى حسن بك المستشارين.
---------------
(302)
الطعن 246 لسنة 22 ق
إثبات
الأدلة في المواد الجنائية متساندة . فساد أحدها .. استناد الحكم إلى أدلة أخرى وليس من المستطاع معرفة مبلغ الأثر الذي كان للدليل الفاسد في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة . نقض الحكم .
-----------------
إذا كانت محكمة الدرجة الأولى قد استندت فيما استندت إليه في إدانة الطاعن إلى الدليل المستمد من التجربة التي أجراها المحقق وأسفرت عن انطلاق الجاموسة المسروقة التي اتهم بإخفائها إلى منزل المجنى عليه ، ثم دفع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بعدم صحة هذا الدليل لأن الجاموسة كانت قد سلمت إلى المجنى عليه بأمر المحقق وظلت بمنزله خمسة أيام قبل إجراء التجربة مما يجعل الاستدلال بهذه التجربة غير منتج ، ومع ذلك قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن تعرض لهذا الدفاع وترد عليه ، مع ما له من أثر في قيمة الاستدلال بتلك التجربة فان حكمها يكون مشوبا بالقصور متعينا نقضه . ولا يؤثر في ذلك أن يكون الحكم قد استند إلى أدلة أخرى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ولا يستطاع الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لدليل التجربة في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة
---------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في شهر يناير سنة 1947 بدائرة مركز فاقوس: سرق الجاموسة المبينة بالمحضر لـ....... و ...... وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. ومحكمة فاقوس قضت بتاريخ 28 من مايو سنة 1950 عملا بالمادة 322 من قانون العقوبات (على اعتبار أنه أخفى الجاموسة الموضحة بالمحضر والمملوكة لـ....... و..... مع علمه بسرقتها): بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ وأعفته من المصاريف الجنائية. فاستأنف كل من المحكوم عليه والنيابة هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1951 بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...الخ
--------------------
" المحكمة "
حيث أن محصل الوجه الثاني من وجهي الطعن أنه لما كانت محكمة أول درجة قد استندت فيما استندت إليه في إدانة الطاعن إلى الدليل المستمد من التجربة التي أجراها المحقق وأسفرت عن انطلاق الجاموسة بالقرب من العزبة إلى منزل المجني عليه. فقد دفع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بعدم صحة الدليل المشار إليه لأن الجاموسة كانت قد سلمت إلى المجني عليه بأمر محقق البوليس ـ بدون إذن النيابة وظلت بمنزله خمسة أيام من قبل إجراء التجربة مما يجعل الاستدلال بها على الطاعن غير منتج. إلا أنه على الرغم من هذا الدفاع فقد قضت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه ولم ترد على هذا الدفاع.
وحيث إن الحكم الابتدائي، إذ دان الطاعن بإخفاء الجاموسة المسروقة مع علمه بذلك، قد استند فيما استند إليه إلى "التجربة التي أجراها المحقق حيث أطلق الجاموسة بالقرب من عزبة الدكتور عزيز بطرس فانطلقت في طريقها إلى العزبة ودخلت من بابها العمومي واتجهت رأسا إلى منزل...... أحد المجني عليهما بعد أن مرت على عدة منازل للمزارعين الآخرين".
فلما استأنف الطاعن دفع أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة 6 من أكتوبر سنة 1951 بأن الجاموسة سلمت بأمر محقق البوليس وأن التجربة التي عملت لم تكن صحيحة لأن الجاموسة مكثت في منزل المجني عليه أربعة أيام وأنه من البديهي أن تذهب إلى هذا المنزل عند إجراء التجربة. فقضت المحكمة في نفس الجلسة بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه، دون أن تعرض لهذا الدفاع وترد عليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم المستأنف الذي استند ضمن ما أسند إليه في إدانة الطاعن إلى التجربة المشار إليها، وكان الدفاع المشار إليه من شأنه التأثير في قيمة الاستدلال بتلك التجربة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور متعينا نقضه وذلك من غير حاجة للبحث في الوجه الأول. ولا يؤثر في ذلك أن يكون الحكم قد استند إلى أدلة أخرى. لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ولا يستطاع من هذا الحكم الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لدليل التجربة في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة

الطعن 4014 لسنة 87 ق جلسة 23 / 5 / 2018

باسم الشعب
محكمـة النقض
الدائرة العمالية
برئاسة السيد القاضـى / إسماعيل عبـد السميع نـائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة القضاة / حسام قرنى ، هشـام قـنديل طارق تميرك و عـادل فتـحـى نواب رئـيس المحـكمة

ورئيس النيابة السيد / أحمد سعيد .

وأمين السر السيد / محمد إسماعيل .

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأربعاء 7 من رمضان سنة 1439هـ الموافق 23 من مايو سنة 2018 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 4014 لسنة 87 القضائية .

المرفوع من
- السيدة / .... .
المقيمة / .... - أسيوط ثان - محافظة أسيوط .حضر الأستاذ / ..... المحامى عن الطاعنة .
ضـد
- السيد / رئيس مجلس الإدارة والعضو المُنتدب لشركة مصر الوسطى لتوزيع الكهرباء .
موطنه القانوني / 78 شارع الحرية - بندر المنيا - محافظة المنيا .
- حضر الأستاذ / معز جمعية حسن المحامى عن المطعون ضدها .

--------------

" الوقائع "

فـى يوم 28/2/2017 طُعـن بطريـق النقض فى حكم محكمة استئناف بنى سويف " مأمورية المنيا " الصادر بتاريخ 3/1/2017 فى الاستئناف رقم 289 لسنـة 51 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضـوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بالمستندات .
وفى 21/3/2017 أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن .
وفى 5/4/2017 أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها .
ثـم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها : بعدم جواز الطعن بالنقض .
وبجلسة 11/4/2018 عُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 23/5/2018 للمرافعة وبها سُمِعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هـو مُبيـن بمحضر الجلسـة - حيث صمم كلٍ من محامى الطاعنة ومحامى المطعون ضدها والنيابة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .

----------------
" المـحـكمة "
بعد الاطلاع علـى الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر / إسماعيل عبد السميع محمد " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 31 لسنة 2014 عمال المنيا الابتدائية على المطعون ضدها " شركة مصر الوسطى لتوزيع الكهرباء " انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزامها أن تؤدى إليها المُقابل النقدى عن إجازاتها الاعتيادية مُضافاً إليها سبعة أيام عن كل سنة خدمة باعتبار أن جهة عملها من المناطق النائية ، وقالت بياناً لها إنها كانت من العاملين لدى المطعون ضدها وانتهت خدمتها بالإحالة إلى المعاش اعتباراً من 28/11/2013 ، وإذ رفضت الطاعنة صرف المُقابل النقدى عن إجازاتها الاعتيادية فيما جاوز الأربعة أشهر مُضافاً إليها سبعة أيام عن كل سنة خدمة باعتبارها من العاملين بالجهات النائية ، فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان ، ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 28/3/2015 بإلزام الشركة المطعون ضدها أن تؤدى للطاعنة مبلغ 71891,57 جنيهاً ، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 289 لسنة 51 ق بنى سويف " مأمورية المنيا " ، أعادت المحكمة ندب خبير في الدعوى ، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 3/1/2017 بإلغاء الحكم المُستأنف ورفض الدعوى ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن ، عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المُبدى من النيابة بعدم جواز الطعن ، أن قيمة الدعوى أمكن تقديرها بمبلغ يقل عن مائة ألف جنيه ، ومن ثم يكون الطعن بالنقض على الحكم الصادر فيها غير جائز عملاً بالمادة 248 من قانون المرافعات المُعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 .
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ، ذلك أنه من المُقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في تقدير قيمة نصاب الطعن هو بقيمة المطلوب في الدعوى الابتدائية لا بقيمة ما قضت به المحكمة ، ولما كانت طلبات الطاعنة الختامية قد تحددت بطلب المُقابل النقدى عن إجازاتها الاعتيادية غير المُستنفدة ومقدارها 199 يوماً ، والمُقابل النقدى عن الإجازات الاعتيادية المُقررة للعاملين بالمناطق النائية بواقع سبعة أيام عن كل سنة خدمة ومقدارها 140 يوماً ، وإذ احتسب الخبير المُقابل النقدى المُستحق عن الطلب الأول بمبلغ 71891,57 جنيه ، والمُقابل النقدى عن الطلب الثانى بمبلغ 50576,98 جنيه ، ومن ثم فإن قيمة الدعوى تُقدر بقيمة هذين الطلبين معاً باعتبارهما ناشئين عن سببٍ قانونى واحد هو عقد عمل الطاعنة إعمالاً للمادة 38 من قانون المرافعات ، وتضحى بذلك قيمة الدعوى تُجاوز مائة ألف جنيه ويكون هذا الدفع على غير أساس .
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ، وفى بيان ذلك تقول إنه ونظراً لامتناع الشركة المطعون ضدها عن تقديم ملف الإجازات الخاص بها والمُتضمن طلباتها المُؤشر عليها برفض التصريح لها القيام بإجازاتها فقد تمسكت أمام محكمة الموضوع بإحالة الدعوى للتحقيق لإثبات إن عدم قيامها بإجازاتها الاعتيادية كان بسبب رفض المطعون ضدها التصريح لها القيام بها إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع الجوهرى وقضى برفض الدعوى ، بمقولة إنها لم تقدم دليلاً على إن المطعون ضدها تسببت في حرمانها من القيام بإجازاتها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أن النص في الفقرة الرابعة من المادة 77 من لائحة نظام العاملين بالشركة الطاعنة المُعتمدة بقرار وزير الكهرباء والطاقة رقم 296 لسنة 1999 في 14/6/1999 نفاذاً لحكم المادة الرابعة من القانون رقم 18 لسنة 1998 - المُنطبقة على واقعة النزاع - لبطلان لائحتها لسنة 2003 لعدم اعتمادها من وزير الكهرباء على أنه " ويصرف العامل عند انتهاء خدمته بالشركة لأى سببٍ من الأسباب مُقابل نقدى عن رصيد الإجازات الاعتيادية المُستحقة عن مُدة خدمته بالشركة التي لم يقم بها لأسبابٍ ترجع إلى عدم التصريح له من الرئيس المُباشر واعتماد العضو المُنتدب المُختص له بالقيام بها كتابةً وذلك على أساس متوسط الأجر الشامل المنصوص عليه في قانون التأمينات الاجتماعية عن السنة الأخيرة قبل انتهاء خدمته .... " ، يدل على أن أحقية العامل في المُقابل النقدى عن رصيد إجازاته التي لم يستعملها حتى نهاية خدمته مرهون بأن يكون السبب في عدم حصوله عليها يرجع إلى الشركة المطعون ضدها ، ويكون للعامل إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود إذا تعذر عليه الحصول على الدليل الكتابى إعمالاً للمادة 63 من قانون الإثبات . هذا ، وكان من المُقرر أن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفى دفاع جوهرى بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً هو حقاً له يتعين على محكمة الموضوع إجابته إليه متى كانت هذه الوسيلة الوحيدة التي له في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات إن المطعون ضدها كانت ترفض طلبات الإجازة المُقدمة منها ، وهى واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح هذا الطلب وانتهى إلى رفض الدعوى ، بمقولة إن الطاعنة لم تُثبت إنها تقدمت بطلبات للمطعون ضدها للحصول على الإجازات وتم رفضها ، وإن الخبير أثبت أن ملف إجازاتها جاء خلواً من ثمة طلبات مرفوضة وهو رد غير سائغ ولا يواجه دفاع الطاعنة ، رغم أنه دفاع جوهرى من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون قد شابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بنى سويف " مأمورية المنيا " ، وألزمت المطعون ضدها بمصروفات الطعن ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 14423 لسنة 81 ق جلسة 11 / 4 / 2019

باسم الشعب
محكمـة النقض
الدائرة المدنية والعمالية
برئاسة السيد المستشار / كمـال عبد النبـى " نائـب رئيس المحكمة " وعضوية السادة المستشارين / أحمـد داود ، عـلـى عبـد المنعـم محمـود عطـا و حسـام شاكـر " نواب رئيس المحكمة "

بحضور السيد رئيس النيابة / ماجد سامى.

وحضور السيد أمين السر / محمد رجب.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
فى يوم الخميس 5 من شعبان سنة 1440هـ الموافق 11 من أبريل سنة 2019م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 14423 لسنة 81 ق القضائية.
المرفوع مـن
1- السيد/ ......
والمقيم/ .... - مركز إمبابة - محافظة الجيزة.
2- السيد/ .....
والمقيم/ ..... - محافظة الجيزة.
لم يحضر عنهما أحد.
ضـد
1- السيد/ وزير القوى العاملة والهجرة.
وموطنه القانوني/ هيئة قضايا الدولة - مجمع التحرير - قسم قصر النيل - محافظة القاهرة.
2- السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة النيل العامة للنقل النهرى.
ومقره/ كورنيش النيل - المعادى - بجوار المعهد الجيولوجي - مصر القديمة.
3- السيد/ رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للنقل البحري والبري.
ومقره/ 12 شارع المعهد الاشتراكى - روكسى - مصر الجديدة - محافظة القاهرة.
لم يحضر عنهم أحد.

----------------

" الوقائع "

فى يوم 14/8/2011 طُعن بطريـق النقض فى حكم محـكمـة استئـناف القاهرة الصادر بتاريخ 15/6/2011 فى الاستئناف رقم 3084 لسنة 126 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفى اليوم نفسه أودع الطاعنان مذكرة شارحة وقام قلم الكتاب بضم المفردات.
وفى 24/8/2011 أُعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن.
وفى 18/9/2011 أُعلن المطعون ضده الأخير بصحيفة الطعن.
وفى 7/9/2011 أودع المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها أولًا: عدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والأخير بصفتيهما. ثانياً: قبول الطعن شكلًا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه على ما جاء بالوجه الثانى من سبب الطعن.
عُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 28/3/2019 للمرافعة وبذات الجلسة سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشـار المقـرر / حسام شاكر "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 13 لسنة ۲۰۰۹ عمال محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما الأول والثانية بصفتيهما بطلب إلزامهما بمبلغ ۱۳۰۰۰ جنيه تكملة لمبلغ التعويض الذى تم صرفه لهما ورد ما تم خصمه بدون وجه حق ونسبة ال 4% الخاصة برصيد الإجازات ومبلغ ۳۰۰۰ جنيه فرق صندوق رعاية العاملين، وقالا بياناً لها إنهما كانا من العاملين لدى المطعون ضدها الثانية وعقب خروجهما للمعاش المبكر صرف لهـما مبلغ 4000 جنيه تعويض صندوق رعاية العاملين دون باقى المستحق لهما وتم صرف مبلغ 42000 جنيه تعويض برغم من أن أقل تعويض للعاملين تحت سن الخمسين هو مبلغ 55000 جنيه، كما أنه قد تم خصم بدون وجه حق نسبة 4% الخاصة برصيد الإجازات من بداية تلك الإجازات وليس بعد ست سنوات، فقد أقاما الدعوى بطلباتهم سالفة البيان، وأدخل الطاعنان المطعون ضدها الأخيرة بموجب صحيفة معلنـة قانـوناً وبتاريخ 22/11/2009 حكمت المحكمة بعدم قبول إدخال الشركة المطعون ضدها الأخيرة وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذی صفة. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 3084 لسنة 126 ق أمام محكمة استئناف القاهرة " مأموريه جنوب القاهرة "، وبتاریخ 15/6/2011 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة ودفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والأخير وأبدت الرأى فى الموضوع بنقضه، عرض الطعن على المحكمة - فى غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بصفته والنيابة فى محله، ذلك بأن مفاد نصوص المواد 16/3، 21، 22، 23، 24 من قانـون شركـات قطـاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم ۲۰۳ لسنة ۱۹۹۱ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شركات قطاع الأعمال العام التابعة للشركة القابضة لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة ويمثلها عضو مجلس إدارتها المنتدب وهو وحده صاحب الصفة فى تمثيلها قبل الغير وأمام القضاء، كما أن ذمتها المالية مستقلة عن الشركة القابضة التى لا تسأل عن التزامات توابعها. لما كان ذلك، وكان الثابت فى الأوراق أن الطاعنين من العاملين لدى الشركة المطعون ضدها الثانية - شركة النيل العامة للنقل النهرى - وأقاما دعواهما بالطلبات سالفة البيان، وكان المشرع قد منح للمطعون ضدها الثانية الشخصية الاعتبارية المستقلة، ومن ثم فإن الخصومة المرفوعة فى الدعوى يجب أن توجه إليها فى شخص من يمثلها قانوناً وتكون الشركة المطعون ضدها الأخيرة فاقدة لصفتها فى هذا الخصوص ويكون اختصامها والمطعون ضده الأول والذى لم توجه له أية طلبات فى الدعوى ولم يكن خصماً حقيقياً فيها غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة قبل رئيس مجلس ادارة شركة النيل العامة للنقل النهرى لعدم اختصام صاحب الصفة فى الدعوى - العضو المنتدب - على الرغم أنه يكفى لصحة اختصام الشخص الاعتبارى العام أو الخاص مجرد ذكر اسمه فى صحيفة الدعوى دون اعتداد بما يكون قد وقع من خطأ فى بيان من يمثله، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعی سدید، ذلك أن النص فى الفقرة الأخيرة من المادة 115 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ على أنه ...... وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتباری عام أو خاص فيكفى فى تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها فى صحيفة الدعوى. وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون الأخير أنه لا يجوز أن يكون تغيير الصفة فى تمثيل الشخص الاعتبارى العام أو الخاص سبباً فى تعطيل الدعوى طالما أن المدعى وجه دعواه إلى هذا الشخص الاعتباری تحديداً ودون أى لبس فى هذا التحديد، ذلك أن التشريعات التى تناولت إدماج بعض الجهات ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية نتج عنه صدور أحكام بعدم قبول تلك الخصومات أو بانقطاع سير الخصومة فيها، على الرغم من قيام صاحب الشأن بتحديد الجهة المراد اختصامها تحديداً نافياً للجهالة واقتصار التجهيل أو الخطأ فى تحديد من يمثل تلك الجهات أمام القضاء لدفع المشقة عن المتقاضين ومنع تعثر خصوماتهم، فقد نص المشرع فى المادة الثالثة منه على إضافة فقرة جديدة إلى المادة 115 تنص على أنه " ...... ويكفى فى بيان المقصود باسم المدعى عليه فى هذا المقام بيان اسم الجهة المدعى عليها. " ومفاد ما تقدم أنه يجوز للمدعى أن يوجه الإعلان بالدعوى لإحدى الجهات المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 115 من قانون المرافعات دون ذكر اسم من يمثلها بل يكفى ذكر اسم الوزارة أو الهيئة أو المصلحة أو الشخص الاعتبارى فى الإعلان ، ولا يؤثر فى ذلك الخطأ فى ذكر الممثل القانونى لها طالما حدد صاحب الشأن الجهة المراد اختصامها تحديداً نافياً للجهالة، ورائد المشرع فى ذلك هو الاستغناء عن أى إجراء لا يشكل ضمانة حقيقية لأى طرف من أطراف الخصومة ولا يكون له من أثر فى التطبيق إلا إطالة إجراءات التقاضى وضياع الحقوق. لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد أقاما الدعوى إبتداءً على رئيس مجلس ادارة شركة النيل العامة للنقل النهرى بصفته الممثل القانونى للشركة التى كانا يعملا بها قبل خروجهما للمعاش المبكر، ومن ثم تكون الدعوى على هذا النحو قد وجهت منذ رفعها لتلك الجهة صاحبة الشأن وتصبح الخصومة فيها منتجة لآثارها منذ بدايتها ولا يؤثر فى ذلك ما وقع من خطأ فى بيان صاحب الصفة فى تمثيلها، فان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقی أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
لـذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة " مأمورية جنوب القاهرة "، وألزمت المطعون ضده الثانى بصفته المصروفات، ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.