بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 09-01-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 106 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
ش. أ. أ. أ. أ. ف. 1. ت. ش. ش. م. ب. ب. ف. د. ل.
مطعون ضده:
ش. أ. ف. س. م. ر. ر. د. ا. س. س. م. د. ل. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/1748 استئناف تجاري
بتاريخ 16-11-2022
بتاريخ 16-11-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر د/ سيف الحداد الحازمي وبعد المرافعة، والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعية (شركة أيه أر أف (أس في 1/شركة توريق) ش.ذ.م.م (شركة مسجلة برقم ب 238256 في دولة لوكسمبورغ) أقامت على المدعي عليها (شركة أس في ستار م.د.م.س (رخصة رقم: دي ام سي سي-34025 مركز دبي للسلع المتعددة) الدعوى رقم 56 لسنة 2022 تجاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب 1- إلزام المدعى عليها بأن تؤدى لها مبلغ 5,962,154.77 دولار أمريكي "ما يعادل 21,900,000 درهم ". 2- إلزام المدعى عليها بأن تؤدي لها الفائدة القانونية التأخيرية بواقع 12 % سنويًا عما يُقضى به وذلك من تاريخ الاستحقاق في 08/02/2016 وحتى السداد التام.
على سند من القول إنه وبناء على معاملات تجارية فيما بين الشركة المدعى عليها (أس في ستار م.د.م.س ? SV STAR DMCC ) و (شركة أيورو ستار دايموندز ? Eurostar Diamonds Traders شركة مسجلة في بلجيكا) والتي تم على أثرها قامت الأخيرة بتوريد بضائع (عبارة عن ألماس) إلى الشركة المدعى عليها وذلك بموجب عدد (4) بوالص شحن جوي. المدعى عليها لم تسدد ثمن تلك البضائع، والتي ترصد عنها لصالح (شركة أيورو ستار دايموندز - Eurostar Diamonds Traders شركة مسجلة في بلجيكا) بإجمالي مبلغ وقدره 5,962,154.77 دولارا أمريكيا. قامت (شركة أيورو ستار دايموندز - Eurostar Diamonds Traders ) وبنك ستاندرد تشارترد - Standard Chartered Bank ) بإبرام اتفاقية حوالة حق مطلقة مؤرخة 11/01/2013 بشأن المديونية المذكورة والمترصدة في ذمة المدعى عليها لتصبح تلك المديونية مستحقة الاداء لصالح (بنك ستاندرد تشارترد). وعليه اضحى الأخير هو الدائن للمدعى عليها بمبلغ المديونية (5,962,154.77 دولار أمريكي). وبتاريخ لاحق في 24/09/2021 أبرم بنك ستاندرد تشارترد والمدعية اتفاقية حوالة حق مطلقة بشأن المديونية ذاتها المترصدة في ذمة المدعى عليها - بموجب الحوالة الأولى اعلاه- ولتصبح تلك المديونية في الأخير مستحقة الاداء لصالح المدعية، ومن ثم تصبح المدعية هي صاحبة الحق في المطالبة بالمبلغ المترصد بذمة المدعى عليها، مما حدا بها الى قيد الدعوى الماثلة للمطالبة بما سلف بيانه.
دفعت المدعي عليها أصليا بعدم قبول الدعوى (عدم اختصاص المحكمة بنظرها) للاتفاق على التحكيم واحتياطيا بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وعلى غير ذي صفة. قرر القاضي بندب لجنة تتكون من خبير حسابي والأخر في مجال الذهب والمجوهرات-وبعد ايداع التقرير- حكمت المحكمة برفض الدعوى.
استأنفت المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم 1748-2022 تجاري. وبتاريخ 16-11-2022 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.
طعنت المدعية على هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم 106-2023 طعن تجاري بموجب صحيفة مقدمة الكترونياً بتاريخ 16-1-2023 بطلب نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بالرد.
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنه أيد قضاء الحكم الابتدائي برفض الدعوى بمقولة "ان الثابت ان البنك سالف الذكر قد تنازل عن مطالبته قبل الشركة الأخيرة ومن ثم فقد باتت مطالبة المستأنفة (باعتبارها محال اليها) بتاريخ 24\9\2021 في هذه الدعوي أي بعد تنازل(بنك ستاندرد تشارترد) عن المطالبة قبل شركة (ايه أي جي أوروبا ليمتد) والتي كانت ممثلة فيها شركة (يورو ستار دايموندز) بتاريخ 24\1\2019 , ولا ينال مما تقدم ما قررته المستأنفة من ان اتفاقية الصلح قد جاءت خالية من أي مبالغ او تسوية ولا تعدوا سوي ترك الخصومة ولا تمس اصل الحق المترصد في ذمة المستأنف ضدها فان ذلك القول غير سديد باعتبار ان البين من عبارة التنازل الصادرة من البنك قد ورد في نص صريح وبصورة عامة وشاملة لأي دعاوي قبل الطرفين ولا مجال لتخصيصها او تأويلها بغير مقصود الطرفين والنية المشتركة لهما, ولا عبرة للاجتهاد فيها او تقييدها علي غير مراد طرفيها , كما ان ا لبين للمحكمة ان المستأنف ضدها قدمت صورة مصادقة موقعة بتاريخ 10/5/2018 مع الشركة البائعة ((يورو ستار لتجارة الألماس أن. في)) عن الرصيد في 31/12/2017 بعدم وجود أي مديونيات مستحقة عليها للشركة البائعة، وبالتالي فقد جاءت الدعوى الماثلة على غير ذات محل متعينا رفضها". في حين أن المطالبات في الدعويين التأمينية في بلجيكا لم تتعد كونها مطالبات موجهة من أطرافها ضد بعضهم البعض (البنك "المحال له" وشركة التأمين "ايه أي جي") ولم تخرج عن كونها منازعة تأمينية مصدرها وثائق التأمين والخلاف فيها كان بشأن مسائل مثل تحقق المخاطر المؤمن منها من عدمه والالتزام بشروط الوثائق من عدمه حتى تتوجب التغطية التأمينية من عدمه كما ومدى تحقق شرط جزائي وتعويضات من عدمه وهما دعويين مغايران تمامًا للدعوى الراهنة في الموضوع والأطراف والأساس القانوني ومصدر الالتزام وقد تصالح طرفي الدعويين التأمينية في بلجيكا (البنك "المحال له" وشركة التأمين "ايه أي جي") وقررا التنازل المتبادل -فقط لا غير- عن الدعاوى المقامة من كلٍ منهم ضد بعضهم البعض، في مقابل تنازل الطرف الآخر بالمثل. وان تلك الدعوى لا تمس أصل الحق المحال موضوع الدعوى الراهنة وحق الطاعنة فيه وفقا للحوالة . كما ان هذا التنازل لا يجوز التوسع في تأويله أو تفسيره من أي طرفٍ كان بخلاف ما هو مثبت صراحةً في الأوراق دون غيره. لا سيما وقد خلت الأوراق من أي تنازل عن الحق موضوع الدعوى بعينه -بما تحمله الكلمة من معنى- تجاه أي طرفٍ كان، وقد خلت من أي تنازل من أي نوع تجاه المطعون ضدها "المحال عليها" بالذات، ولا حتى البائعة "المحيلة"، كما وإن مسلك البنك "المحال له" عند حوالة حقه إلى الطاعنة "المحال له الحالي" يدل بالقطع على أن لم تتنازل عن أصل الحق المحال موضوع الدعوى الراهنة، ولو كان أراد ذلك لأثبته صراحةً. كما أن الثابت من الأوراق صحة ونفاذ حوالة الحق في مواجهة المطعون ضدها "المحال عليها" وذلك منذ نشأة الدين في ذمتها وأنه مترصد لصالح البنك "المحال له" من وقتها وانه هو الدائن الحصري للمطعون ضدها "المحال عليها" منذ نشأة الدين في ذمتها ? تاريخ الفواتير المسطر عليها الإخطار بالحوالة- وبالتالي فان البنك "المحال له" هو من له الحق الحصري في استيفاء الحق أو إصدار التعليمات بشأنه أو الإبراء منه، وليس لأيٍ من كان غيره أيً من ذلك، ولو حتى البائعة "المحيلة" إذ هي انقطعت صلتها وسلطتها وصلاحياتها بشأن هذا الحق المحال من وقت حوالة حقها فيه إلى البنك "المحال له" (المادة 1123 من قانون المعاملات المدنية وأحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 16 لسنة 2021) كما انه لا يجوز للمطعون ضدها المدين الامتناع عن الوفاء بعد انعقاد الحوالة صحيحة ولو استوفت البائعة المحيلة دينها، إلا أن الحكم التفت عن دفاعها رغم جوهريته وأعرض عن تطبيق المادة سالفة البيان علي واقعة الدعوى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن حوالة الحق تنعقد بالتراضي بين طرفيها باعتبارها اتفاقًا بين الدائن الأصلي (المحيل) والدائن الجديد (المحال له) على تحويل حق الأول في ذمة المدين المحال عليه إلى الطرف الثاني المحال له، وهي بذلك تتم بتلاقي إرادتي طرفيها دون حاجة إلى إفراغها في شكل خاص، ويكفى لانعقادها قبول المحال له للحوالة صراحة أو ضمنًا ويثبت له حق مطالبته بالحق المدعى به دون حاجة لرضا المدين المحال عليه، ولكنها لا تنعقد في حقه إلا بقبوله لها أو بعلمه بها ما دام أن انعقادها يتم دون رضائه، وأن إعلانه بصحيفة الدعوى يفيد علمه بها إذا اشتملت على بيان كاف بتلك الحوالة، ولا يجوز للمحال عليه في الحوالة الصحيحة بنوعيها أن يمتنع عن الوفاء للمحال له ولو استوفى المحيل من المحال عليه دينه أو استرد العين التي كانت عنده. ومن المقرر ان التنازل عن الحق يتعين ان يفصح بجلاء عند اتجاه ارادة صاحبه إلى التنازل عنه صراحه أو ضمنا بما لا يدع مجالا للشك بحسب ظروف الحال في دلالته على الاقرار بالتنازل. ومن المقررــ وفقاً لنص المادة 730 معاملات مدنية ــ ويكون الصلح ملزما لطرفيه ولا يسوغ لأيهما او لورثته من بعده الرجوع فيه. ومن المقرر ــ وفقاً لنص المادة 731 معاملات مدنية ــ أن الصلح يقتصر على الحقوق التي تناولها وحسم النزاع بشأنها دون غيرها . ومن المقرر أيضًا أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تضمن حكمها ما يطمئن المطلع عليه بأنها قد تفهمت نقطة النزاع في الدعوى والمسألة القانونية المطروحة فيها وأن لمحكمة التمييز أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم قضاءه مخالفة للقانون أو مخالفة للثابت بالأوراق أو لقصور شاب أسبابه أو فساد في استدلاله. ومن المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق توافر شروط حوالة الحق من البنك المحيل الى الطاعنة المحال لها حيث توافر التراضي بين طرفيها كما توافر علم المحال عليه بالحوالة بإعلانه بصحيفة الدعوى, وأن التنازل الذي أشار اليه الحكم المطعون فيه من قبل البنك المحال له قبل شركة التامين -وأيا كان وجه الرأي فيه- فانه يقتصر اثره على أطرافه وفيما تناوله صراحة من حقوق, لا سيما انه لم يتناول صراحة ما يفيد التنازل عن الحق موضوع حوالة الحق موضوع الدعوى للطاعنة وحسم النزاع بشأنها, وإذ تمسكت الطاعنة بما ورد بوجه النعي، وكان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر فضلا عن التفاته عن بحث هذا الدفاع وتمحيصه ، فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وبالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، وألزمت المطعون ضدها المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت برد التأمين