جلسة 6 من يوليه سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(155)
الطعن رقم 480 لسنة 33 القضائية
جمارك - تهريب جمركي - مكافأة الإرشاد - حالات استحقاقها.
المادة 131 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980.
ألزم المشرع جهة الإدارة المختصة توزيع المبالغ الواردة بالنص المشار إليه على جهات محددة ومن بينها المرشدون والضابطون والمعاونون في الضبط ومن ساهموا في استيفاء الإجراءات - هذا الالتزام يجد مصدره في القانون مباشرة - تستحق مكافأة الإرشاد بصدد قضية تهريب جمركي سواء أقيمت بشأنها الدعوى العمومية أو تم التصالح فيها - تطبيق.(1)، (2)، (3)
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 8/ 1/ 1987 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 480 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 1544 لسنة 38 ق القاضي بالتالي:
أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للشركة المدعى عليها الرابعة.
ثانياً: قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لباقي المدعى عليهم ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بمصروفاتها.
وطلب الطاعن استناداً إلى الأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بالطلبات المرفوعة بها الدعوى وهي أصلياً: إلغاء قرار المدعى عليهما الثاني والثالث بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المدعى عليهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر بالقانون مع ما يترتب على ذلك من آثار. واحتياطياً الحكم على المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات تعويضاً للمدعي عما أصابه من ضرر يتمثل في حرمانه من المكافآت المقررة في القانون باعتباره مرشداً وذلك لخطأ المدعى عليهما الثاني والثالث في عدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المدعى عليهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر في القانون، وأودع الأستاذ المستشار/ محمود عادل الشربيني مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بعد تحضير الدعوى مسبباً بالرأي القانوني خلصت في ختامه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19/ 3/ 1990 وقد نظر فيها الطعن وتدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بالأوراق حتى قررت الدائرة المذكورة بجلسة 1/ 4/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت لنظره جلسة 11/ 5/ 1991 وقد نظرت المحكمة الطعن وفقاً لما هو ثابت بمحضر الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 8/ 6/ 1991 وقد صدر فيها الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 27/ 4/ 1986 ولم يودع الطاعن تقرير الطعن فيه إلا بتاريخ 8/ 1/ 1987 أي بعد المواعيد المقررة للطاعن أمام المحكمة الإدارية العليا بعدة شهور، إلا أنه لما كان الثابت من الشهادة رقم 153 لسنة 26 ق الصادرة من هيئة مفوضي الدولة بتاريخ 11/ 4/ 1987 أن الطاعن سبق له أن تقدم خلال الميعاد المقرر للطعن على الحكم الطعين بطلب إعفاء قيد بسجلات الإعفاء بالهيئة تحت رقم 133 لسنة 32 ق عليا (معافاة) وذلك بتاريخ 26/ 5/ 1986 وقد ظل هذا الطلب قيد التحضير بالهيئة حتى تاريخ التقرير بالطعن.
ومن حيث إنه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن هذا الطعن يكون قد أقيم خلال فترة انفتاح المواعيد بعد تقديم طلب المساعدة القضائية سالف البيان وقبل الفصل في هذا الطلب، ومن ثم فإن الطعن بذلك يكون قد أقيم في المواعيد القانونية.
ومن حيث إن هذا الطعن قد أقيم ضد كل من وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك كمطعون ضدهما بصفتيهما، ومن حيث إنه طبقاً لأحكام المادة 157 من الدستور فإن الوزير هو الرئيس الأعلى لوزارته ويتولى رسم السياسة الخاصة بهذه الوزارة في إطار السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها، ومن ثم فإنه هو الذي يمثل الدولة فيما يتعلق بشئون هذه الوزارة أمام القضاء في مواجهة الغير ما لم ينص المشرع صراحة على خلاف ذلك، وبناءً على ذلك فإنه طبقاً لأحكام المادة 13 من قانون المرافعات فإن الإعلانات والإخطارات القضائية للوزراء كممثلين للمصالح الداخلة في الهيكل التنظيمي لوزاراتهم تسلم لو كانت صحفاً للدعاوى أو الطعون إلى هيئة قضايا الدولة أو فروعها في الأقاليم لنيابتها عن الوزراء المختصين في هذا الشأن وغير ذلك يسلم للوزراء أو لمديري المصالح المختصة وهي التي ورد النص على خلاف الأصل العام بصراحة في القانون بأن تمثل بمعرفة رؤسائها.
ومن حيث إن قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 قد تضمن ما يفيد تولي مدير مصلحة الجمارك لبعض السلطات والاختصاصات فيما يتعلق بربط الضريبة الجمركية أو توقيع بعض الغرامات أو إجراء بعض التصرفات الإدارية المتعلقة بممولي هذه الضريبة إلا أن القانون المذكور قد خلا من أن يكون للمصلحة شخصية قانونية مستقلة أو أن يمثلها مديرها في المنازعات أمام القضاء أو أمام هذه المحكمة، ومن ثم وإذ اختصم وزير المالية الذي تخضع لإشرافه هذه المصلحة وتدخل في الهيكل العام لوزارة المالية التي هو رئيسها الأعلى فإنه لا مبرر لاختصام مدير عام مصلحة الجمارك بصفته في هذا الطعن، وإذ استوفى الطعن باقي أوضاعه الشكلية المتطلبة قانوناً فإنه يكون مقبولاً شكلاً في مواجهة وزير المالية دون غيره.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص على ما يبين من أوراق الطعن في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 1544 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد المطعون ضدهم جميعاً طالباً أصلياً الحكم بإلغاء قرار وزير المالية ومدير عام مصلحة الجمارك بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المدعى عليهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر بالقانون مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات تعويضاً له عما أصابه من ضرر يتمثل في حرمانه من المكافآت المقررة في القانون باعتباره مرشداً نتيجة لخطأ المطعون ضدهما الثاني والثالث والمتمثل في عدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المطعون ضدهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم على النحو السابق بيانه مع إلزامهم جميعاً في كل الأحوال بالمصروفات، وقال المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه: إنه بتاريخ 2/ 10/ 1978 قدم إلى الإدارة العامة للإنتاج بمصلحة الضرائب بلاغاً تضمن أن فندق..... الكائن بشارع..... يقوم ببيع الخمور المهربة والمغشوشة، وأنه يحتفظ بكميات هائلة بمخازنه داخل المبنى وخارجه بشارع..... وشارع..... وشارع.....، وتم قيد هذا البلاغ إخبارية سرية تحت رقم 8 لسنة 1978 تفتيش عام، كما تم تنفيذه بتاريخ 19/ 10/ 1978 بموجب محضر الضبط رقم 107 لسنة 1978 مراقبة أمن الجمارك، وبلغت كمية المضبوطات 3448 كرتونة بإجمالي 41371 زجاجة سعة 3/ 4 لتر من الويسكي والكونياك والشمانيا ورد بيانها وتفصيلها بهذا المحضر، وقد أقر نائب المدير العام للفندق بصحة الضبط وأن المدعى عليها الثالثة مالكة الفندق متعاقدة مع إدارة الفندق على إدارته وتشغيله بما في ذلك شراء جميع مستلزمات التشغيل والمشروبات الروحية، وهي من مستلزمات التشغيل، كما قدم المدعي (الطاعن) بتاريخ 24/ 12/ 1978 بلاغاً إلى مراقب أمن الجمارك متضمناً أن فندق..... يقوم بالاحتفاظ بكميات هائلة من الخمور المهربة من الرسوم الجمركية وذلك بمخزنه الكائن بالبدروم الأول، وقيد البلاغ إخبارية سرية برقم 128 لسنة 1978 وتم تنفيذها بمحضر ضبط رقم 120 لسنة 1978 أمن الجمارك بتاريخ 27/ 12/ 1978 وبلغت كمية المضبوطات 3961 زجاجة سعة 3/ 4 لتر من الماركات والأنواع المختلفة، واستطرد المدعي (الطاعن) إلى القول بأن مصلحة الجمارك قد تصالحت مع الفندقين نظير سداد مبلغ نصف مليون جنيه من كل فندق على سند من القول بأن القضية ليست قضية تهريب طبقاً لما ذهبت إليه محكمة النقض، في حين أن الثابت من محضر الضبط أن المضبوطات مهربة جمركياً، وقد ترتب على قرار التصالح وعدم الإذن بإقامة الدعوى العمومية عدم صرف المكافأة التي حددها القانون للمدعي باعتباره مرشداً، وقد صدر هذا القرار مخالفاً للقانون ومشوباً بعيب الانحراف بالسلطة، إذ إن عدم الإذن برفع الدعوى العمومية مقرر لحماية المصلحة العليا للدولة، كما أن التصالح مشروط بألا يقل المبلغ الذي أسفر عنه الحد المقرر في القانون، والثابت أن التصالح قد وقع بأقل من هذا الحد وأضاف المدعي (الطاعن) بأنه لما كان قد أرشد عن المضبوطات، وقد ترتب على خطأ المدعى عليهما بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية والموافقة على التصالح على خلاف أحكام القانون عدم صرف المكافآت المستحقة له، الأمر الذي يولد له حقاً في التعويض يقدره بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات وهو ما يوازي 50% من المبلغ الذي كانت تتمسك به مصلحة الجمارك وخلص المدعي (الطاعن) إلى طلب الحكم بما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إنه رداً على الدعوى فقد أودعت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها أوضحت فيها أنه بمجرد تمام واقعة الضبط فقد تم تشكيل لجنتين لفحص مستندات الفندقين حيث تبين لهما أن المضبوطات وردت باسم هيئات دبلوماسية ومؤسسات مختلفة متمتعة بالإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية، وقد تم الإفراج عنها بطريقة قانونية، وأن قيام هاتين الواقعتين وإن شكل مخالفة لنظم الإعفاءات الجمركية إلا أنه لا يشكل جريمة التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 ذلك أن جريمة التهريب الجمركي هي إدخال البضائع إلى البلاد بطريقة غير مشروعة، وهذا الركن غير متوفر في الواقعتين محل الضبط، إذ وردت البضائع باسم هيئات ومؤسسات أجنبية ودولية تتمتع بالإعفاءات الجمركية، وإذا كان الأمر كذلك فليس هناك تعويض يتم توزيعه، ذلك أن مناط التوزيع طبقاً لحكم المادة 131 من قانون الجمارك أن تكون بصدد جريمة تهريب جمركي، وأودعت شركة الفنادق المصرية مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم توافر شرط المصلحة لأنه ليس ثابتاً أن الطاعن هو المرشد عن هذه المخالفات، ومن باب الاحتياط فقد طلبت الحكم برفض الدعوى مع إخراجها منها بلا مصاريف لأن الواقعة لا تخص الشركة وإنما تخص إدارة الفندقين المذكورين.
ومن حيث إن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه قاضياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للشركة المدعى عليها الرابعة، وبقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لباقي المدعى عليهم ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها بعدم قبول الدعوى بالنسبة للشركة المدعى عليها الرابعة على أن الشركة المصرية للسياحة والفنادق وإن كانت مالكة للفندقين إلا أنها ليست مسئولة عن إدارتهما، ومن ثم فلا شأن لها بما يطالب به المدعي، ومن ثم فإنها تكون غير مقبولة في مواجهتها لرفعها على غير ذي صفة، كما أقامت قضاءها برفض الدعوى على أسباب حاصلها أنه ولئن كان المشرع قد اعتبر تهريباً جمركياً طبقاً لقانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية وإخراجها منها بطريق غير مشروع دون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة إلا أنه جعل رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب موقوف على طلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه وذلك إعمالاً لحكم المادة 124 من قانون الجمارك، ومن ثم فقد جعل إصدار هذا الطلب الكتابي وإن تحققت أركان الجريمة من الملاءمات التي يستقل بها مدير عام الجمارك بما له من سلطة خولها له القانون، بل إن المشرع خوله مكنة التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الأحوال مقابل التعويض كاملاً أو ما لا يقل عن نصفه، ورتب على التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة وجميع الآثار المترتبة على الحكم حسب الحال، وأجاز في حالة التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة وجميع الآثار المترتبة على الحكم حسب الحال وأجاز في حالة التصالح رد البضائع المضبوطة كلها أو بعضها بعد سداد الضرائب المستحقة عليها ما لم تكن من الأنواع الممنوعة، وبما لا يتعارض مع توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيم الأشياء المصادرة على المرشدين وغيرهم ممن تخاطبهم المادة 131 من قانون الجمارك، وبذلك فإن المشرع جعل تقديم طلب إقامة الدعوى العمومية من الملاءمات التي تدخل في السلطة التقديرية لمدير عام الجمارك، فلا يجوز الطعن عليه ما لم يكن مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة، وبالتالي فإن عدم تقديم الطلب لا يعد قراراً إدارياً سلبياً، ومع ذلك فإن المشرع رتب الآثار القانونية التي ترتب على التصالح على النحو آنف الذكر ومنها انقضاء الدعوى الجنائية، وإذ يبين من الأوراق أن فندق.... قام بالتصالح في المحضر رقم 107 لسنة 1978، وقد سدد الرسوم والضرائب المستحقة وهو ما تم أيضاً بالنسبة لفندق..... في محضر الضبط الخاص به، فإنه لا محل للنعي بوجود قرار إداري سلبي يطعن عليه بعدم المشروعية كما ينتفي ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية، ومن ثم لا تتحقق أركان المسئولية وبالتالي تكون المطالبة بالتعويض عن القرار السلبي بالامتناع عن إقامة الدعوى الجنائية لتوافر أركان الجريمة على غير أساس من القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جاء على خلاف حكم القانون وتفصيل ذلك بالنسبة للطلب الأصلي أن المادة رقم 1 من قرار وزير المالية رقم 84 لسنة 1978 في شأن توزيع حصيلة بيع المضبوطات والتعويضات والمخالفات الجمركية الواجبة الإعمال على وقائع هذه المنازعة تقضي بأن يتم توزيع حصيلة التعويضات وقيم بيع المضبوطات والمصادرات في قضايا التهريب والمخالفات الجمركية وفقاً للنسب الآتية: 50% للمرشد، 40% للصناديق الاجتماعية والادخار والنادي الرياضي والمكافآت التشجيعية ولأغراض تحسين الخدمة، 5% للضابطين والمعاونين في اكتشاف الجريمة مناصفة، 5% للمستوفين للإجراءات، ويبين من هذا النص أنه جاء مطابقاً بالنسبة لتوزيع حصيلة التعويضات، أي جعل هذا التوزيع في كل الأحوال سواء تحركت الدعوى العمومية أو تم التصالح وجوبياً، كما أوجب هذا التوزيع سواء تم تكييف الواقعة على أنها قضية تهريب أم مجرد مخالفة جمركية، ولقد أدرك الحكم المطعون فيه هذه الحقيقة حيث قرر إنه "ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن المشرع يكون قد ميز بين توافر الجريمة والتصرف بشأنها على النحو المذكور بما لا يتعارض مع توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيم الأشياء المصادرة وغيرهم ممن تخاطبهم المادة 131 من قانون الجمارك" واستطرد الطاعن إلى القول بأنه على فرض صدور قرار التصالح سليماً وهو ما لا يسلم به فإنه يستحق في هذه الحالة مكافأة الإرشاد المقررة في قرار وزير المالية رقم 84 لسنة 1978 المشار إليه، واستطرد الطاعن إلى أن الحكم الطعين قد افترض أن الطلب الأصلي منبت الصلة بمكافأة الإرشاد وأنه لذلك رفض هذا الطلب دون التفات إلى أحقية المدعي في مكافأة الإرشاد حتى في هذه الحالة، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قضى على خلاف الثابت بالأوراق ويتعين الحكم بإلغائه، وعن الطلب الاحتياطي فقد أشار الطاعن إلى أن المادة 122 من قانون الجمارك تنص على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة، فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكبر، وفي جميع الأحوال يحكم علاوة على ما تقدم بمصادرة البضائع موضوع التهريب، فإذا لم تضبط حكم بما يعادل قيمتها..."، كما تنص المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك المضافة بمقتضى المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1980 بأنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار أو الشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، وتطبق سائر العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 132 وفي حالة العود يجب الحكم بمثلي العقوبة والتعويض" واستثناء من أحكام المادة 124 من هذا القانون لا يجوز رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة السابقة إلا بناء على طلب من وزير المالية أو من ينيبه، ويجوز لوزير المالية أو من ينيبه إلى ما قبل صدور الحكم في الدعوى العمومية (التصالح) مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً، ولا يترتب على الصلح رد البضائع المضبوطة في الجرائم المشار إليها وإنما يجوز رد وسائل النقل والأدوات والمواد التي استخدمت في التهريب، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى العمومية في هذه الجرائم، ولقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى نتيجة مؤداها أنه يعتبر في حكم التهريب، ومن ثم يستوي معه في الحكم والنتائج والآثار حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة، ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها سددت عنها الضرائب وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة، ولما كانت المادة 19 من ذات القانون وإن أعطت للمتمتعين بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم طبقاً للمادة 107 من ذات القانون حق التصرف إلى أشخاص غير متمتعين بالإعفاء - فيما تم إعفاؤه - فإن هذا التصرف مشروط بإخطار مصلحة الجمارك وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المستحقة، فإذا كان من تلقاها بقصد الاتجار قد تلقاها بدون مستندات تدل على سداد ما سبق فإنه والأمر كذلك يعد متهرباً، ولما كان فندق..... وفندق..... وقد تلقيا المضبوطات بقصد الاتجار فيها بدون مستندات تدل على إخطار مصلحة الجمارك وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المستحقة فإننا نكون بصدد واقعة تهريب بضائع أجنبية بقصد الاتجار، وتكون سلطة وزير المالية في التصالح مقيدة بأن يكون هذا التصالح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً، ولما كان التصالح في المنازعة الماثلة قد تم نظير مبالغ تقل عن مبلغ التعويض الكامل المنصوص عليه في المادة 122 من القانون فإن هذا يمثل ركن الخطأ في طلب التعويض، ذلك أن سلطة وزير المالية في التصالح مقيدة بأن يكون هذا التصالح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً، فإذا تم التصالح مقابل مبالغ تقل عن مبالغ التعويض الكامل فإن هذا يكون ركن الخطأ الذي يترتب عليه إهدار حق الطاعن في مكافأة الإرشاد، هذا بالإضافة إلى أن التصالح في الحالة المنصوص عليها في المادة 124 مكرر لا يترتب عليه رد البضائع المضبوطة، وبذلك يكون رد البضاعة الذي قامت به الجمارك وجهاً آخر للخطأ في هذه المنازعة ترتب عليه إلحاق الضرر بالطاعن وخلص المذكور إلى طلب الحكم بما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إن قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بعد أن عدد في الباب الثامن منه جرائم التهريب الجمركي والعقوبات المحددة لكل منها قد أورد قيداً على الاختصاص الأصيل المقرر للنيابة العامة بإقامة الدعوى العمومية المقرر لها بموجب المادة 1 من قانون الإجراءات الجنائية، فنصت المادة 124 منه على أنه "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب الجمركي إلا بطلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه وللمدير العام للجمارك أن يجري التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الحال مقابل التعويض..."، كما نصت المادة 124 مكرراً على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار والشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه..." واستثناء من أحكام المادة 124 من هذا القانون لا يجوز رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة السابقة إلا بناء على طلب من وزير المالية أو من ينيبه، ويجوز لوزير المالية أو من ينيبه إلى ما قبل صدور الحكم في الدعوى العمومية الصلح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً... ويترتب على هذا الصلح انقضاء الدعوى العمومية في هذه الجرائم".
ومن حيث إن طلب إقامة الدعوى العمومية على النحو السابق بيانه بوصفه قيداً على اختصاص النيابة العامة يصدر من الجهة التي عينها القانون بقصد حمايتها سواء بصفتها مجنياً عليها أو بصفتها أمينة على مصالح الدولة العليا، وهو أي الطلب ينصرف إلى الجريمة ذاتها، فينطوي على تصريح باتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى عنها دون اعتبار لمرتكبها (الحكم الصادر بجلسة 23/ 2/ 1968 في الطعن رقم 1121 لسنة 10 ق، وكذلك الحكم الصادر بجلسة 18/ 4/ 1987 في الطعن رقم 2116 لسنة 30 ق) كما جرى قضاء محكمة النقض في مجال الإذن برفع الدعوى العمومية في المخالفات الضريبية على أن للطلب في أمثال هذه الحالات أثراً عينياً يتعلق في مجال المخالفات الضريبية بجرائم يصدق عليها جميعها أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها (نقض جنائي جلسة 24/ 4/ 1977 طعن رقم 1250 لسنة 42 ق) وهذا يصدق بطبيعة الحال على الطلب في حالة الجرائم الجمركية المشار إليها فيما سبق، وعلى ذلك فإن طلب رفع الدعوى العمومية بالنسبة للجرائم الجمركية لا يعتبر من قبيل القرارات الإدارية إذ لا تتوافر بالنسبة له مقومات القرار الإداري على النحو الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة في شأن تعريف القرار الإداري بأنه إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة، ذلك أن عينية الطلب وانصرافه إلى الجريمة دون اعتبار لمرتكبها تحول دون أن يكون للطلب أثر في إحداث مركز قانوني لمرتكب الجريمة، فبارتكاب الأعمال المؤثمة قانوناً والتي تعتبر من الجرائم الجمركية يكون الفاعل قد وضع نفسه - بالفعل أو بالامتناع - في المركز القانوني الخاص على النحو الذي حدده القانون، ولا يغير من ذلك أن يكون المشرع لاعتبارات قدرها تتصل بالجهة التي ائتمنها على المصلحة العامة قد قيد من اختصاص النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية بأن علق ذلك على طلب من مدير عام مصلحة الجمارك في حالات أو من وزير المالية في حالات أخرى، فليس من شأن هذا الطلب أن ينشئ مركزاً قانونياً جديداً للفاعل في جريمة التهريب الجمركي أو مرتكب المخالفة الجمركية بعد أن تحدد مركزه القانوني على ما سبق بيانه بمدى صحة توافر أركان الجريمة في حقه، فالطلب ينصرف بطبيعته العينية إلى الجريمة ذاتها ولا تعلق له بشخص مرتكبها فإذا كان ذلك فإن ما يسبق طلب إقامة الدعوى العمومية من إجراءات داخلية تجري فيها جهات الاختصاص الجمركية شئونها لا يكون مما يقبل الطعن عليه بالإلغاء ويؤكد ما سلف بيانه من أن طلب مصلحة الجمارك إقامة الدعوى العمومية لا ينشئ مركزاً قانونياً محدداً لشخص منهم بعينه إقامة الدعوى ضده وأنه ليس ثمة جدال في أنه لا يترتب بالحتم والضرورة على تقديم مصلحة الجمارك لطلب رفع الدعوى العمومية وإقامتها في واقعة من وقائع التهريب الجمركي أن تلتزم النيابة العامة بإقامة الدعوى العمومية أو عدم إقامتها، بل يعود لها فقط حريتها كاملة في وزن وتقدير ما يتضمنه التحقيق من أدلة في إطار ما تحمله من أمانة ومسئولية الدعوى العمومية طبقاً للقانون في إقامة الدعوى أو حفظها أو تقرير ألا وجه لإقامتها.... إلخ، وإذا كان القانون قد خول مدير عام الجمارك أو وزير المالية أو من ينيب كل منهما إجراء التصالح مع الفاعل في جرائم التهريب الجمركي ونص على أن تنقضي الدعوى العمومية في كل الأحوال بالتصالح، فإن هذا التصالح وهو الوجه الآخر لطلب إقامة الدعوى العمومية والمسقط لها يكون من ذات طبيعة طلب إقامة الدعوى العمومية لا يعتبر قراراً إدارياً بالمفهوم الاصطلاحي للقرار الإداري سواء كان موقف الإدارة منه إيجابياً بقبول التصالح أو سلبياً برفضه، لأن ذلك لا ينفي أن يؤكد ذلك أن الطلب لإقامة الدعوى العمومية من وزير المالية أو من مدير مصلحة الجمارك أو التصالح بين المصلحة وبين مرتكب جريمة التهريب الجمركي يتبعه تصرف النيابة العامة كسلطة قضائية في الدعوى العمومية إعمالاً لأحكام قانون الجمارك والإجراءات الجنائية سواء بالتحقيق أو بإقامة الدعوى ضد من ترى إقامتها ضده من المتهمين بناء عليه أو حفظها أو تقرير ألا وجه لإقامتها.... أو تقرير انقضائها ولا شك أنه وإن صدر التصرف الإداري بالطلب لرفع الدعوى العمومية من مصلحة الجمارك أو بالتصالح فيها فإن ارتباطه ارتباطاً غير قابل للتجزئة بالتصرفات ذات الطبيعة القضائية من النيابة العامة بناء عليه في الدعوى العمومية يمنع حتماً وبالضرورة المساس بما قررته واتخذه مصلحة الجمارك من تصرفات إدارية بدعوى الإلغاء، لما يتضمن الأخذ بهذا النظر إلى خضوع طلب إقامة الدعوى العمومية في جرائم التهريب أو التصالح فيها بمعرفة المصلحة لرقابة الإلغاء في القضاء الإداري من مساس غير جائز دستورياً أو قانونياً بتصرفات النيابة العامة التي ينبني على هذه التصرفات الإدارية الصادرة عن وزير المالية أو مدير مصلحة الجمارك في هذه الجرائم الجمركية.
ومن حيث إنه وعلى هدي ما تقدم في شأن التكييف القانوني الصحيح لطلب إقامة الدعوى العمومية أو إجراء التصالح في جرائم التهريب الجمركي، وإذ كان الطاعن قد أقام دعواه طالباً أصلياً إلغاء القرار الصادر من الجهة الإدارية بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المتهمين وقبول التصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر في القانون مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً الحكم بأحقيته في تقاضي تعويض قدره بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات تعويضاً له عما أصابه من ضرر يتمثل في حرمانه من مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً، فإن حقيقة طلباته في ضوء ما أورده من أسانيد في دعواه وفي تقرير الطعن وما أودعه من مستندات خلال مراحل التقاضي لتكشف بجلاء عن أن حقيقة طلبه تنحصر في طلب الحكم بأحقيته قانوناً في صرف مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً بحسبان أن ما قامت به الجهة الإدارية من تصالح دون صرف هذه المكافأة قد حرمه من حق من الحقوق التي يستمد سنده في المطالبة بها قانوناً من أحكام القانون مباشرة وباعتبار أن صحيح حقيقة الحال على عاتق جهة الإدارة التزام مصدره القانون يوجب صرف المكافأة من أن المبالغ الواجبة التوزيع سواء أقيمت الدعوى العمومية أو تم التصالح بشأن ما تم ضبطه ومن ثم فإن هذه الدعوى على هذا النحو وفقاً لصحيح أحكام القانون إنما هي من دعاوى الاستحقاق التي تقوم مصادر المطالبة بها وتستمد من القانون مباشرة الذي وضع مبدأ الاستحقاق وحدد المبالغ الواجب توزيعها ويتعين بناء على ذلك الفصل في هذا الطعن على هذا الأساس.
ومن حيث إن القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك معدلاً بالقانون رقم 75 لسنة 1980 قد أفرد الباب الثامن منه لأحكام التهريب الجمركي معرفاً إياه ومنظماً لأركان جرائمه سواء بإتمام الفصل أو الشروع فيه والعقوبات الأصلية والتبعية التي توقع في كل حالة، كما حدد طريقة إقامة الدعوى العمومية والتصالح بعد أداء مبالغ التعويض المحددة وذلك على التفصيل الوارد فيه، وفي هذا الشأن فقد نصت المادة 121 من القانون على أن "يعتبر تهريباً إدخال بضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطريقة غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية كلها أو بعضها...... ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة، ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة....." كما نصت المادة 122 على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة...." كما نصت المادة 124 من ذات القانون على أنه "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب إلا بطلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه وللمدير العام للجمارك أن يجري التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الحال مقابل التعويض كاملاً أو ما لا يقل عن نصفه..."، وكذلك نصت المادة 124 مكرراً على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار أو الشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، وتطبق وسائل العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 122... واستثناء من أحكام المادة 124 من هذا القانون لا يجوز رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة السابقة إلا بناء على طلب من وزير المالية أو من ينيبه.... ويجوز لوزير المالية أو من ينيبه إلى ما قبل صدور حكم في الدعوى العمومية الصلح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً..... ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى العمومية في هذه الجرائم" ومفاد ما تقدم من نصوص وأحكام أن القانون قد عرف جريمة التهريب بأنها إدخال البضائع من أي نوع إلى البلاد بطريقة غير مشروعة وبدون أداء الرسوم الجمركية كلها أو بعضها، كما اعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض هذا العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضاعة بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الرسوم.... وقد فرض القانون عقوبة الحبس والغرامة في حالات ثم غلظ العقوبات في حالات أخرى على التفصيل السابق بيانه وأوجب في كل الحالات الحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة... كما قيد الشارع رفع الدعوى العمومية وجعل ذلك معلقاً على طلب كتابي من المدير العام للجمارك في حالات ومن وزير المالية في حالات أخرى كما يكون لكل منهما أن يجري التصالح بالشروط المحددة في النص وبالأوضاع المقررة فيه وهو تصالح لا يجوز أن يتم في كل الأحوال إلا مقابل التعويض كاملاً أو بما لا يقل عن نصفه بحيث يترتب على التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية وجميع الآثار المترتبة على الحكم في حالات بعينها أو انقضاء الدعوى العمومية فقط في حالات أخرى ما دام وقع التصالح قبل صدور حكم في الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من صور محاضر الضبط المقدمة من الطاعن والتي لم تجحدها جهة الإدارة أنه قد تم مداهمة مخازن الفندقين وعثر فيهما على كميات كبيرة من المشروبات الروحية لا تحمل عبواتها ما يفيد سداد الرسوم الجمركية، ولم تقدم إدارة الفندقين ما يفيد سداد الرسوم عنها، وقد أقر المسئولون في الفندقين بصحة واقعة الضبط وحررت المحاضر بعد سؤال هؤلاء المسئولين والتحقيق معهم، وهو تحقيق انتهى في الواقعتين إلى توجيه تهمة مخالفة أحكام قانون الجمارك والضرائب باعتبار أن حيازة الفندقين لهذه الخمور ثابتة على الرغم من عدم سداد الرسوم، ولعدم تقديم المستندات الدالة على سداد الرسوم والضرائب المقررة.
ومن حيث إن الجهة الإدارية المختصة قد رأت بناء على طلبات تقدمت بها إدارة الفندقين إجراء التصالح في الحالتين وهو تصالح من المفترض أن يكون قد حدث بعد أن قام كل فندق بسداد مبالغ ورد تحديدها في الأوراق والثابت أن إدارة فندق....... قد قامت بسداد مبلغ 335 مليماً و396607 جنيهات (ثلاثمائة وستة وتسعين ألفاً وستمائة وسبعة جنيهات، 335 مليماً) وذلك طبقاً للتسوية التي قامت المصلحة بإجرائها مع الفندق المذكور بمعرفة إدارة التعريفات الجمركية، كما قامت إدارة فندق...... بسداد مبلغ 344 مليماً و561057جنيهاً (خمسمائة وواحد وستين ألفاً وسبعة وخمسين جنيهاً وثلاثمائة وأربعة وأربعين مليماً) وذلك عن مستحقات مصلحة الجمارك عن المضبوطات حيث تم التصالح بين الفندق والجمارك (صورة الكتاب الصادر من الجمارك إلى فندق.... برقم 252 أ بتاريخ 18/ 8/ 1982 والكتاب المؤرخ 9/ 10/ 1980 الموجه من الجمارك إلى نيابة الشئون المالية والمرسل صورة منه إلى مدير عام فندق....).
ومن حيث إن المادة 131 من قانون الجمارك المشار إليه تنص على أن تحدد بقرار من رئيس الجمهورية القواعد التي تتبع في توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيم الأشياء المصادرة على المرشدين ومن قاموا بضبط الجريمة أو عاونوا في اكتشافها أو ضبطها أو في استيفاء الإجراءات المتصلة بها وعلى صناديق التعاون الاجتماعي والادخار والصندوق المشترك والأندية الرياضية الخاصة بموظفي الجمارك، ومفاد ذلك أن المشرع قد أنشأ لحكمة قدرها التزاماً على عاتق الإدارة المختصة بأن توزع المبالغ الواردة بالنص ومنها مبالغ التعويضات التي تقتضي وجوباً عند التصالح على جهات محددة به ومن بينها المرشدون والضابطون والمعاونون في الضبط ومن ساهموا في استيفاء الإجراءات وهو التزام يجد مصدره على ما سبق في القانون مباشرة، ومن ثم فإن توافرت فيه إحدى هذه الصفات بصدد قضية تهريب جمركي سواء أقيمت بشأنها الدعوى العمومية أو تم التصالح فيها يكون من حقه الحصول على نسبة من المبالغ الواجبة التوزيع والتي ورد تحديدها في قرار رئيس الجمهورية رقم 2268 لسنة 1960 الصادر في ظل العمل بالأنظمة الجمركية السابقة على صدور القانون رقم 66 لسنة 1963 المشار إليه، وهو القرار الذي ما زال سارياً بموجب التأشيرة المرافقة لقانون الميزانية في القسم الخاص بالإدارة العامة للجمارك والذي نصت المادة الأولى منه على أن "يوزع ثمن بيع المضبوطات والتعويضات والغرامات في حالتي التهرب والمخالفات الجمركية على الوجه الآتي: أ ) في حالة وجود إرشاد 50% للمرشد، 10% للضابطين المشتركين في اكتشاف الواقعة واستيفاء الإجراءات المتصلة بها، 40% للصناديق.... إلخ"، وذلك كله في إطار القواعد التنفيذية التي تضمنتها قرارات وزير المالية ومدير عام مصلحة الجمارك التي تعاقبت في هذا الشأن.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن الطاعن بصفته مرشداً - وهو أمر لم تنكره عليه مصلحة الجمارك طوال مراحل التقاضي - يستحق مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً وفقاً للنسب المقررة من مبالغ التعويضات الواجبة التوزيع والتي حصلتها الجمارك عند إجراء التصالح، وغني عن البيان أنه لا يغير من هذا الأمر ما ذهبت إليه مصلحة الجمارك في معرض دفاعها من قول مفاده أن الأمر لم يكن يتعلق بجريمة تهريب في أية صورة من صورها المحددة قانوناً وقعت من جانب إدارة الفندقين اللذين ضبطت مخازنهما الخمور موضوع النزاع وإنما يتعلق الأمر بمخالفات جمركية تتمثل في حيازة الخمور المفرج عنها قانوناً برسم بعض الجهات والسفارات المعفاة أصلاً من سداد الرسوم، حيث يستوجب القانون عدم التصرف في البضائع المعفاة، فإذا تم التصرف فيها يكون من الواجب سداد الرسوم الجمركية المقررة وبالتالي فلا تقوم حصيلة بيع أو مبالغ مسددة مقابل تعويضات قررها القانون في حالات التهريب يكون من الواجب توزيعها وفقاً للقواعد المقررة والمشار إليها فيما سلف، ذلك أن مثل هذا القول يجافي الواقع الثابت في محاضر الضبط من أن الخمور المضبوطة لم يكن مسدداً عنها الرسوم الجمركية وقد حازتها إدارة الفندقين بقصد بيعها رغم علمها بعدم سداد الرسوم أو بالأقل فإنها حازتها دون أن تتمكن من إثبات سداد الرسوم الجمركية المقررة عنها ولم تقدم أية مستندات تفيد في هذا الشأن، وهو الأمر الذي انتهى بتوجيه الاتهام لإدارة الفندقين بمخالفة أحكام قانون الجمارك معدلاً بالقانون رقم 75 لسنة 1980 ذلك التعديل الذي انصب على باب التهريب والذي أدخل الحكم الخاص بافتراض التهريب طالما عجز الحائز عن إثبات مصدر البضاعة أو أنه قد سدد الرسوم الجمركية عنها، ومن ثم فالخمور المضبوطة بناء على إرشاد الطاعن خمور مهربة وفقاً لصحيح الواقع والقانون، كما يدحض ما قالت به الجمارك أيضاً ما هو ثابت من مكاتبات تفيد قبولها التصالح الذي أجازه القانون وترك أمر تقديره إما لمدير مصلحة الجمارك أو لوزير المالية حسب الأحوال، وشرطه في الحالين بضرورة اقتضاء مبالغ التعويض المحددة قانوناً بما يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة أو نصفها على الأقل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى ما يخالف هذا النظر ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تحصيل الواقع وفي إعمال صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء بأحقية الطاعن في تقاضي مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً في حدود المبالغ الواجبة التوزيع قانوناً وذلك في محضر الضبط رقم 120 لسنة 1978 أمن الجمارك ورقم 107 لسنة 1978 أمن الجمارك المحررين ضد فندقي..... و..... على التفصيل السابق بيانه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة وزير المالية وحده، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به في البند ثانياً من منطوقه وبأحقية الطاعن في تقاضي مكافأة الإرشاد في حدود النسب المقررة قانوناً من المبالغ الواجبة التوزيع على النحو المبين في أسباب هذا الحكم وألزمت المطعون ضده وزير المالية بصفته بالمصروفات.
(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 18/ 4/ 1987 في الطعن رقم 2116 لسنة 30 ق المنشور في مجموعة السنة 32 ق الجزء الثاني صفحة 1136.
(2) حكم محكمة النقض بجلسة 24/ 4/ 1977 في الطعن رقم 1250 لسنة 42 ق في شأن جرائم التهريب الجمركي والقيود الواردة على تحريك الدعوى الجنائية المقامة عنها، وأن الطالب المقدم بشأنها له أثر عيني يتعلق في مجال المخالفات الضريبية بجرائم يصدق عليها جميعها أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة، ولا علاقة له بأشخاص مرتكبيها.
(3) حكم المحكمة الدستورية العليا في شأن جريمة التهريب الجمركي.