الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 2 يوليو 2022

الطعن 16119 لسنة 90 ق جلسة 8 / 4 / 2021

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الخميس (ج)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار الدكتور / علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد الرسول طنطاوي و محمد رضا حسين محمد زغلول و هشام عبد الهادي نواب رئيس المحكمة

وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / عاصم عسران.

وأمين السر السيد / محمود عبد الفتاح .

------------------

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الخميس 26 من شعبان سنة 1442 ه الموافق 8 من إبريل سنة 2021 م
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 16119 لسنة 90 القضائية .

المرفوع من :
........ " المحكوم عليهما - الطاعنين "
ضد
1- النيابة العامة
........ " المدعي بالحقوق المدنية "

--------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة 1: - ..... "طاعن" ۲- .... "طاعن" 3- إبراهيم عبد الله بيومي 4- .... (في قضية الجنحة رقم 49 لسنة ٢٠١٣ جنح اقتصادية الإسكندرية) بأنهم في غضون عام ۲۰۰٨ بدائرة قسم أول الرمل. محافظة الإسكندرية.
- اشتركوا بالاتفاق والتحريض والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزويراً في محرراً عرفياً بأن أمدوه بالبيانات ونسب للمجني عليها "......" التوقيع على أمرى شراء أوراق مالية على غير الحقيقة واستعملوا المحرر المزور في شراء أوراق مالية دون علمها مما ألحق بمحفظتها المالية ضرراً مادياً فادحاً وقد تمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وهذا التحريض وتلك المساعدة.
المتهم الأول:
- بصفته العضو المنتدب لشركة ..... لتداول الأوراق المالية خالف أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال بشأن تداول وتنفيذ عمليات بيع وشراء الأوراق المالية.
وطلبت عقابهم بالمادتين ۲۱۱، ٢١٥ من قانون العقوبات، والمواد 67، 68، 69، ٦٩ مكرراً من قانون رأس المال رقم 95 لسنة ١٩٩٢، والمواد ۹۰، ۹۲، 96، 95 من اللائحة التنفيذية للقانون.
وادعت المجني عليها (.....) مدنياً قبل المحكوم عليه بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
ومحكمة الإسكندرية الاقتصادية قضت حضورياً بالنسبة للمتهمين الأول والثاني وغيابياً للباقين بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 2013 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها قانوناً.
وبتاريخ 24 من فبراير سنة 2014 استأنف المتهم الأول ومحكمة الإسكندرية الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت بتاريخ 24/6/2014 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها وأبقت الفصل في المصروفات.
ومحكمة الإسكندرية الاقتصادية قضت حضورياً اعتبارياً للمتهمين الأول والثاني وغيابياً للثالث والرابع أولاً: - بتغريم كل متهم مبلغ خمسون ألف جنيه عن التهمة محل الاتهام الأول، وبإلزامهم بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت، وألزمتهم بالمصاريف ومبلغ خمسون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
ثانياً: حضورياً اعتبارياً للمتهم الأول بتغريمه مبلغ عشرون ألف جنيه عن التهمة الثانية.
وبتاريخ 23/8/2015 استأنف المتهمين الأول والثاني ومحكمة الإسكندرية الابتدائية " بهيئة استئنافية " قضت حضورياً/ بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض. وقيد طعنهما برقم 15957 لسنة 9 قضائية ومحكمة استئناف القاهرة دائرة نقض الجنح قضت بجلسة ۲۰۲۰/٩/٢٦ بعدم الاختصاص بنظر الطعن.
وقرر المحامي .... بتاريخ 21 من اكتوبر سنة 2015 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض عن المحكوم عليه الأول، وقرر المحامي .... بتاريخ 22 من أكتوبر سنة 2015 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض عن المحكوم عليه الثاني، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض عن المحكوم عليه الأول بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 2015 موقعٌ عليها من المحامي/ .....، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض عن المحكوم عليه الثاني بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 2015 موقعٌ عليها من المحامي ......
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
-------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخر بجريمة الاشتراك في تزوير محررات عرفية واستعمالها مع علمهما بتزويرها ودانه - أيضاً - بصفته العضو المنتدب لشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية بمخالفة أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال بشأن تداول وتنفيذ عمليات بيع وشراء الأوراق المالية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون - ذلك بأنه صدر من محكمة غير مختصة بنظر دعوى الاشتراك في تزوير محررات عرفية واستعمالها محل التهمة الأولى - وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد ومن ثم فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لمحكمة الجنح العادية دون سواها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قد دان الطاعنين وآخرين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات عرفية واستعمالها مع علمهم بتزويرها ودان الطاعن الأول - أيضاً - بجريمة مخالفة أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال بشأن تداول وتنفيذ عمليات بيع وشراء الأوراق المالية. لما كان ذلك، وكانت جريمة تزوير محرر عرفي واستعماله والمؤثمة بنص المادة 215 من قانون العقوبات تختص بنظرها المحاكم العادية ومن ثم فإن الاختصاص بمحاكمة الطاعنين ينعقد للقضاء الجنائي العادي ويؤيد هذا أيضاً ما نصت عليه المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأخيرة من أنه في أحوال الارتباط التي يجب رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة إذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك، وإذ كان قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 بإحالة بعض الجرائم إلى المحاكم الاقتصادية قد خلا كما خلا أي تشريع آخر من النص على انفراد المحاكم الاقتصادية بالفصل وحدها دون غيرها في الجرائم المرتبطة بتلك التي تختص هي بنظرها، ومن ثم كان على محكمة ثاني درجة ألا تقضي بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الموضوع بل تقضي بإلغائه وبعدم اختصاص محكمة الجنح الجزئية الاقتصادية بنظر الدعوى إعمالاً لصحيح القانون، أما وهي لم تفعل وقضت بتأييد الحكم المستأنف فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الجنح الاقتصادية بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها بالنسبة للطاعن الأول والطاعن الثاني لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : أولاً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محكمة الجنح الاقتصادية بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها.

الطعن رقم 177 لسنة 37 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 4 / 6 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يونيه سنة 2022م، الموافق الرابع من ذى القعدة سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيـم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقى والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 177 لسنة 37 قضائية دستورية.

المقامة من
شركة أنسيمى إيطاليا للملابس الجاهزة (ش.م.م)، ويمثلها قانونًا أحمد توفيق مصطفى خطاب - رئيس مجلس الإدارة
ضد
1 - رئيس الجمهوريـــة
2 - رئيس مجلس النــواب
3 - رئيس مجلس الوزراء
4 - وزير العدل، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقارى
5 - رئيس مكتب الشهر العقـارى - مكتب توثيـق البنـــوك
6 - وزير الاستثمـار
7 - وزير الصناعة والتجارة
8 - محافظ البنك المركزى المصرى
9 - رئيس مجلس إدارة البنك التجارى الدولى (CIB)
10- شركة الخبرة والتثميــن، خالــد أبو أحمــد

--------------

" الإجراءات "

بتاريخ السابع عشر من ديسمبر سنة 2015، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع: أولاً: بضم الدعوى رقم 353 لسنة 6 قضائية، المنظورة أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية للدعوى الموضوعية - محل الدعوى الدستورية المعروضة - للارتباط لوحدة الخصوم والموضوع والسبب. ثانيًــا: بعدم دستورية المادة (104) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 المعدل، لمخالفتها لأحكام المواد (32، 68، 166) من دستور 1971 - الصادر فى ظله - والمواد (8، 35، 97، 184) من دستور 2014، وذلك بصدد الدعوى الموضوعية رقم 716 لسنة 6 قضائية المنظورة أمام الدائرة الثامنة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية، وصنوها الدعوى الموضوعية رقم 353 لسنة 6 قضائية المار بيانها، وما يترتب على ذلك من نتائج، أهمها: بيان القانون الواجب التطبيق، وبيان المحكمة المختصة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
كما قدم المدعى عليهما الثامن والتاسع مذكرتين، طلبا فيهما الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعـوى على النحـو المبين بمحضر جلسة 2/ 4/ 2022، وفيها حضر محامى الشركة المدعية وطلب أجلاً لتعديل الطلبات فيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

------------------
" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق- فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 239 لسنة 2014 اقتصادية القاهرة، ضد المدعى عليهم الرابع والخامس والتاسع والعاشر، طلبًــا للحكم بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ إجراءات البيع المؤسسة على أمر البيع رقم 16 لسنة 2013، الصادر من قاضى التنفيذ بمحكمة القاهرة الاقتصادية، وفى الموضوع: بطلان وانعدام أمرى البيع رقمى 18 لسنة 2008، الصادر من قاضى بيع المحال التجارية المرهونة، و16 لسنة 2013، الصادر من قاضى التنفيذ بالمحكمة الاقتصادية. على سند من أنه بتاريخ 3/ 5/ 2008، استصدر البنك المدعى عليه التاسع، أمر البيع رقم 18 لسنة 2008 من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، متضمنًــا بيع المقومات المادية والمعنوية للمحل التجارى المعروف باسم شركة إنسيمى إيطاليا للملابس الجاهزة ش.م.م، والمرهونة بالعقد الرسمى رقم 273 (أ) لسنة 2004 مكتب توثيق البنوك، ولم يتم تنفيذ البيع لعدة أسباب ترجع إلى أن مبلغ المطالبة ذاته محل خلاف، أقامت عنه الشركة المدعية ضد البنك المذكور دعوى حساب وبراءة ذمة وتعويض مقيدة برقم 1850 لسنة 2008 مدنى كلى الجيزة، التى أُحيلت إلى محكمة القاهرة الاقتصادية، وقيدت بجدولها برقم 755 لسنة 4 قضائية - الدائرة الاستئنافية الرابعة، ولسقوط أمر البيع لعدم تقديمه للتنفيذ خلال المدة المحددة قانونًــا، وعدم الحصول على الصيغة التنفيذية والإعلان بها، ولوفاة الخبير المثمن. وعلى إثر ذلك، تقدم البنك بطلب إلى قاضى التنفيذ بمحكمة القاهرة الاقتصادية لتحديد جلسة جديدة للبيع، فأصدر الأمر رقم 16 لسنة 2013 تنفيذ اقتصادية، بتحديد جلسة 3/ 6/ 2013، لبيع المقومات المادية والمعنوية للمحل التجارى، وفق الإجراءات الثابتة بقرار قاضى الأمور المستعجلة الصادر بتاريخ 3/ 5/ 2008. وقد نعت الشركة المدعية على أمر البيع الأخير صدوره وفقًــا للقانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، وهو الأمر الذى كان يوجب إصداره من قاضى الأمور المستعجلة فى المحكمة التى يوجد بدائرتها المحل موضوع طلب الإذن بالبيع، وليس من قاضى التنفيذ بالمحكمة الاقتصادية، فضلاً عن أن أمري البيع لم يتوافر فيهما صفة السند التنفيذى لتخلف شروطه المتمثلة فى تحقق وجود الدين، وتعيين مقداره وحلول أدائه. وبجلسة 27/ 4/ 2014، قضت المحكمة برفض الدعوى، على سند من أن قاضى التنفيذ بالمحكمة الاقتصادية هو المختص بإصدار الأمر رقم 16 لسنة 2013، وذلك إعمالاً لنص المادة (104) من قانون البنك المركزى والجهـــاز المصرفى والنقد الصـادر بالقانــون رقـــم 88 لسنة 2003. وإذ لم ترتض الشركة المدعية هذا الحكم فطعنت عليه بالاستئناف رقم 716 لسنة 6 قضائية اقتصادية القاهرة، طالبة الحكم أولا: بقبول الاستئناف شكلاً، وبمنح الدفاع أجلاً لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المادة (104) من القانون المشار إليه. ثانيًــا: بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ إجراءات البيع المؤسسة على أمر البيع رقم 16 لسنة 2013، وفى الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا ببطلان وانعدام أمرى البيع رقمى 18 لسنة 2008، و16 لسنة 2013، لكون المحكمة الاقتصادية غير مختصة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 ببيع المحال التجارية ورهنها. ثالثًــا: واحتياطيًّــا: بإلغاء أمري البيع المذكورين، لعدم توافر صفة السند التنفيذي وتخلف شروطه، ولعدم إعلان مستخرج بحساب الشركة المستأنفة لدى البنك إعمالاً للمادة (281/ 3) من قانون المرافعات قبل البدء فى إجراءات التنفيذ. وبجلسة 24/ 11/ 2015، قدمت الشركة المدعية مذكرة، ضمنتها دفعًــا بعدم دستورية نص المادة (104) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع أجلت نظر الدعوى لجلسة 24/ 1/ 2016، وصرحت للشركة باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقامت دعواها المعروضة.
وحيث إنه بالنسبة لطلب التأجيل المبدى من محامي الشركة المدعية بمحضر جلسة 2/ 4/ 2022، لتعديل الطلبات فى الدعوى، وإذ جاء طلبه هذا مجهلاً، ودون بيان كنه التعديل المطلوب، على نحو يتيح للخصوم الإحاطة به، وإعداد دفاعهم فى شأنه، ويمكّن المحكمة من خلاله تحرى هذه الطلبات ومباشرة صلاحياتها المقررة لها بمقتضى نصوص المواد (97/ 2، 123، 124، 127) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، مما يتعين معه الالتفات عن هذا الطلب.
وحيث إنه عن طلب الشركة المدعية ضم ملف الدعوى رقم 353 لسنة 6 قضائية، للدعوى الموضوعية محل الدعوى الدستورية المعروضة، فإن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لكل مـن الدعويين الموضوعية والدستوريـة ذاتيتها، فـلا تختلطـان ببعضهما، ولا تتحدان فى شرائط قبولهما واتصالهما بالمحكمة، بل تستقل كل منهما عن الأخرى فى موضوعها، وكذلك مضمون الشروط التى يتطلبها القانون لجواز رفعها وارتباطها بغيرها من الدعاوى، وليبق الفصل فى شروط اتصال محكمة الموضوع بالدعوى الموضوعية، وضمها لغيرها من الدعاوى للارتباط، وفقًــا للأوضاع المقررة أمامها، داخلاً فى ولاية محكمة الموضوع، وليس من بين المهام التى ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا، التى عهد إليها الدستور بمقتضى نص المادة (192) منه، دون غيرها، بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، على الوجه المبين فى القانون، وكان المشرع قد أصدر قانون المحكمة الدستورية العليـا بالقانـون رقـم 48 لسنة 1979، مبينًــا اختصاصاتهـا، محــددًا ما يدخل فى ولايتها حصـــرًا، مستبعدًا مـــن مهامهــا ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصًــا منفردًا بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مانعًــا أى جهة أخرى من مزاحمتها فى ذلك، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، بما مؤداه أن المسائل الدستورية دون غيرها هى جوهر رقابتها، وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها، ومن ثم لا يمتد بحثها لسواها ولا تخوض فى غيرها، الأمر الذى يكون معه طلب ضم ملف الدعوى الموضوعية المشار إليه حريًّــا بالالتفات عنه.
وحيث إنه عن طلب الشركة المدعية بيان القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة بتطبيقه، كأثر للقضاء فى المسألة الدستورية المعروضة، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن محاكم الموضوع دون غيرها، هى التى تتولى بنفسها تطبيق القوانين، وإنزال أحكامها على الأنزعة المطروحة عليها فى ضوء طلبات الخصوم فيها وتكييفها لوقائعها، كما يناط بها وحدها إعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، فضلاً عن أن الفصل فى طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر النزاع، وفقًــا للقواعد القانونية الحاكمة لذلك، إنما تباشره هذه المحكمة بمناسبة استنهاض ولايتها فى الفصل فى تنازع الاختصاص بين جهات القضاء والهيئات ذات الاختصاص القضائى، المقرر لها بمقتضى نص المادة (192) من الدستور، والبند ثانيًــا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وهو ما لم تطرحه الدعوى الدستورية المعروضة، مما يتعين معه الالتفات عن هذا الطلب.
وحيث إن المادة (104) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 - قبل إلغائــه بالقانون رقم 194 لسنة 2020 - تنص على أنه يُعد عقد الرهن التجارى للمحال التجارية التى تقدم ضمانًــا للتمويل والتسهيلات الائتمانية المقدمة من أحد البنوك بعد توثيقه سندًا تنفيذيًّــا فى تطبيق أحكام المادة (280) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ويجوز رهن المحل التجارى لدى البنوك الأجنبية ومؤسسات التمويل الدولية ضمانًــا للتمويل والتسهيلات الائتمانية التى يجرى استخدامها فى جمهورية مصر العربية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى الدعوى الدستورية مؤثرًا فـى الطلبـات المرتبطة بها، المطروحـة على محكمة الموضـوع. كما جرى قضاؤها على أن إلغاء النص التشريعى لا يحول دون الطعن عليه بعدم الدستورية ممن طبق عليه خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة له، تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التى تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى إلغائها، فإذا استعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة، سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية فى ظل القاعدة القديمة، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها يظل محكومًــا بها وحدها. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعى المطـــروح أمام محكمة القاهـــرة الاقتصاديـــة - الدائـــرة الاستئنافية - يدور حول طلب الشركة المدعية الحكم ببطلان وانعدام أمر البيع رقم 16 لسنة 2013 - المستند لأمر البيع رقم 18 لسنة 2008 - الصادر وفقًــا لنص الفقرة الأولى من المادة (104) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، قبل إلغائه بالقانون رقم 194 لسنة 2020، المؤسس على عقد الرهن التجارى المبرم بين الشركة المدعية والبنك المدعى عليه التاسع طبقًــا للنص المشار إليه، والملحق بالعقد الرسمى بفتح الاعتماد المبرم بين الشركة والبنك، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة فى الطعن على هذا النص فى مجال انطباقه على عقد الرهن التجارى المبرم ضمانًــا للعقد الرسمى بفتح الاعتماد - وهو أحد صور التمويل والتسهيلات الائتمانية التى تقدمها البنوك التى يتناولها ذلك النص - إذ يكون للقضاء فى دستوريته، فى حدود النطاق المتقدم، أثره وانعكاسه على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه - فى النطاق المحدد سلفًــا - مخالفته لنصوص المواد (4، 23، 32، 40، 68، 166) من دستور 1971، وتقابلها نصوص المواد (8، 27، 35، 53، 97، 184) من دستور 2014، وذلك بإهداره الأساس الاقتصادى للدولة القائم على الكفاية والعدل، ووقوفه حائلاً دون وضع خطة للتنمية تكفل زيادة الدخل القومى، بما ينال من مبدأ التضامن الاجتماعى، واعتدائه على الملكية الخاصة، بالاعتداد بعقد الرهن الوارد بالنص واعتباره سندًا تنفيذيًّــا لحق محقق الوجود ومعين المقدار حال الأداء على خلاف الحقيقة، وإخلاله بمبدأ المساواة بإعلاء قدر الدائن على المدين، فضلاً عن عدوانه على حق التقاضى، بتقييده سلطة القاضى فى استبيان ما سحبه العميل من حسابه الجارى المدين لدى البنك.
وحيث إن الأصــل فى سلطة المشــرع فى مجــال تنظيم الحقــوق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخومًــا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواء بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التى كفلها الدستور أو تهميشها، يُعد عدوانًــا على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية - وفيما خلا القيود التى يفرضها الدستور عليها - بعيدًا عن الرقابة القضائية التى تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التى انتهجها المشرع فى موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض فى ملاءمة تطبيقها عملاً، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًــا غير التى رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة فى ذلك أغراضًــا يقتضيها الصالح العام فى شأن الموضوع محل التنظيم التشريعى، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التى حددتها، مرتبطة عقلاً بها.
وحيث إن الدستور الحالى قد وضع بموجب نص الفقرة الثانية من المادة (92) منه، قيدًا عامًــا على سلطة المشرع التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق والحريات، مؤداه، أنه لا يجوز لأى قانون ينظم ممارستها، أن يقيدها بما يمس أصلها أو جوهرها، وإلا وقع فى حومة مخالفة أحكام الدستور.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن الأصل فى النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلاً بأهدافها، باعتبار أن كل تنظيم تشريعى ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف. ومن ثم، يتعين دومًــا استظهار ما إذا كان النص التشريعى المطعون فيه يلتزم إطارًا منطقيًــا للدائرة التى يعمل فيها، كافلاً من خلالها تناغم الأغراض التى يستهدفها، أو متهادمًــا مع مقاصده، أو مجاوزًا لها، ومناهضًــا بالتالى لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه فى المادة (94) من الدستور.
وحيث إن الدستور قد حدد بالمادة (27) منه، الأغراض التى يتوخاها النظام الاقتصادى، وهى تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل النمو الحقيقى للاقتصاد القومى، ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء على الفقر.
وحيث إن البنوك التجارية تُعد من أهم المؤسسات المالية التى تقبل الودائع، التى تُدفع عند الطلب أو لآجال محددة، وتزاول عمليات التمويل الداخلى والخارجى، بما يحقق أهداف خطة التنمية وسياسة الدولة ودعم الاقتصاد القومى، كما تباشر عمليات تنمية الادخار والاستثمار المالى فى الداخل والخارج، بما فى ذلك المساهمة فى إنشاء المشروعات وما تتطلبه من عمليات مصرفية وتجارية ومالية.
وحيث إن أموال الائتمان المصرفى - بما تمثله من أهمية للاقتصاد القومى يحيط بها العديد من المخاطر، التى تتمثل فى عدم استطاعة المدين رد وسداد الأموال التى اقترضها وضياعها على البنوك، وهى بحسب الأصل أموال المودعين المدخرة لديها، مما يؤثر على قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها قبل المودعين، ويؤدى إلى عزوف بعض البنوك عن تقديم الائتمان المصرفى للمستثمرين، وفقد المودعين الثقة فى البنوك، وإحجامهم عن الادخار لديها، وقد أضحى الادخار، وفقًــا لنص المادة (39) من الدستور، واجبًــا وطنيًــا تلتزم الدولة بحمايته وتشجيعه وضمان المدخرات، وذلك وفقًــا لما ينظمه القانون، لذا كان لزامًــا على المشرع أن يتدخل لوضع أحكام وضوابط لحماية أموال البنوك، فبعد أن أجاز القانون رقم 11 لسنة 1940 بشأن بيع المحال التجارية ورهنها، رهن المحال التجارية لدى البنوك، دون أن تنتقل حيازتها إلى البنك الدائن المرتهن، وذلك كضمان يؤمن به البنك نفسه ضد مخاطر تعثر المدين، وعدم قدرته على سداد الأموال المقدمة له من البنك على سبيل الائتمان فى العمل التجارى، ومن أجل ذلك أوجبت التطورات الاقتصادية على المشرع العمل على تطوير آليات تحصيل تلك المديونيات، والتنفيذ على الأشياء المرهونة، فأصدر عدة تشريعات منها قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقـــد الصـادر بالقانــون رقـم 88 لسنة 2003، متضمنًــا المـادة (104) منه - المطعون فيها - ونص فيها على اعتبار عقد الرهن التجارى للمحال التجارية التى تُقدم ضمانًــا للتمويل والتسهيلات الائتمانية المقدمة من أحد البنوك - التى من بينها العقد الرسمى بفتح الاعتماد - وذلك بعد توثيقه، سندًا تنفيذيًّــا فى تطبيق أحكام المادة (280) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، مستهدفًــا بذلك إيجاد آلية قانونية سريعة وميسرة تمكن البنوك من التنفيذ على المدينين المتعثرين، لاستيفاء أموالها التى سبق أن قُدمت كتسهيلات ائتمانية من خلال عقد فتح الاعتماد، حثًــا لها على التوسع فى منح تلك التسهيلات للمستثمرين والشركات، الذين يقومون بدورهم فى إنشاء وتطوير المشروعات، بما يكفل - من خلال دورة رأس المال - رفع معدل النمو للاقتصاد القومى من ناحية، وتشجيع الادخار وضمان المدخرات من ناحية أخرى، باعتبار كلا الأمرين من عمد المقومات الاقتصادية للدولة.
متى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه يكون قد صدر فى إطار السلطة التقديرية الممنوحة للمشرع فى مجال تنظيم الحقوق، متخيرًا من البدائل ما ارتآه محققًــا للأغراض التى توخاها، مستهدفًــا غايات مشروعة، متناسبًــا مع الهدف المشروع الذى يسعى لتحقيقه، بما يضحى معه نعى الشركة المدعية على النص المطعون فيه إهداره الأساس الاقتصادى للدولة، وإخلاله بمبدأ التضامن الاجتماعى، لا سند له من الدستور، متعينًــا رفضه.
وحيث إنه من المقرر قى قضاء هذه المحكمة أن الدستور قد حرص على صون الملكية الخاصة، وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود وبالقيود التى أوردها باعتبارها مترتبة - فى الأصل - على الجهد الخاص الذى بذله الفرد بكده وعرقه، وبوصفها حافزًا إلى الانطلاق والتقدم، إذ يختص دون غيره بالأموال التى يرد عليها حق الملكية، والتى تُعد كذلك من مصادر الثروة التى لا يجوز التفريط فيها، أو استخدامها على وجه يعوق التنمية، أو يعطل مصالح الجماعة، وكانت الملكية فى إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تعد حقًــا مطلقًــا ولا هى عصية على التنظيم التشريعى، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية أو الأغراض التى ينبغى توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التى يجريها المشرع من خلال ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية على ضوء أحكام الدستور. وفى ضوء ما تقدم، يتعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مهتديًــا - بوجه خاص - بالقيم التى تنحاز إليها الجماعة فى مرحلة معينة من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التى تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والمجتمع، وفى هذا الإطار حرص الدستور فى المادة (36) منه على التأكيد على المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص فى خدمة الاقتصاد الوطنى والمجتمع، وألزم الدولة بالعمل على تمكينه من أداء هذا الدور وتحفيزه على ذلك.
لما كان ما تقدم، وإذ خلا التنظيم التشريعى فى النص المطعون فيه من أى تعد على حق الملكية الخاصة، بل استهدف صون ملكية أموال البنوك، التى تقدمها كقروض أو تسهيلات لطالبيها، وذلك باعتبارها تمثل جزءًا من محفظة الإيداعات التى يدخرها المودعون لديها، والتى تضمنها الدولة طبقًــا لنص المادة (39) من الدستور، ومن ثم، فإن تمكين الدائن المرتهن من التنفيذ بموجب محرر موثق تراضى الطرفان على إبرامه، لا يُشكل عدوانًــا على الملكية الخاصة للمدين، إنما آلية قانونية شرعت لتُمكن البنك من استيفاء أمواله المقدمة كتسهيلات ائتمانية، فى حالة تعثر المدينين عن سدادها فى موعد استحقاقها. ولا ينال من ذلك، قالة إن التنفيذ فـى هـذه الحالـة لا يكون اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، ذلك أنه وإن كان الأصل أن التنفيذ الجبرى - طبقًــا لنص المادتين (280، 281) من قانون المرافعات المدنية والتجارية - إنما يكون بموجب سند تنفيذى، اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وأن يكون السند التنفيذى دالاً بذاته على توافر هذه الشروط فيه، إلا أن المشرع تقديرًا منه للاعتبارات المتعلقة بتشجيع الائتمان، أجاز استئناء من هذا الأصل التنفيذ بعقود فتح الاعتماد الرسمية، ولو لم تتضمن الإقرار بقبض شيء، على أن يعلن عند الشروع فى التنفيذ مع عقد فتح الاعتماد مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر البنك الدائن التجارية، لإثبات الشروط المتقدمة، اللازمة فى الحق المنفذ به، والذى يكفى بذاته دليلاً على الحق المراد اقتضاؤه، المتمثل فى الرصيد الناشئ عن عقد فتح الاعتماد، المحرر عقد الرهن التجارى الملحق به كضمان له طبقًــا لنص المادة (104) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد، ليجرى التنفيذ فى هذه الحالة بموجب العقد الرسمى بفتح الاعتماد والرهن التجارى، والمعلن للمدين قبل البدء فى التنفيذ، بما يحقق للتنفيذ بمقتضاها الشروط القانونية الواجب توافرها فى السند المنفذ به، ويكفل تحقيق التوازن بين مصالح البنك الدائن ودائنيه، والذى جعلت المادة (27) من الدستور، كفالته التزامًــا على النظام الاقتصادى الذى تنتهجه الدولة، ودون مساس بالملكية الخاصة التى كفلها الدستور فى المواد (27، 33، 35) منه، فى أصلها أو جوهرها، أو الانتقاص من دورها، بما يغدو معه نعى الشركة المدعية على النص المطعون فيه، إخلاله بالحماية المقررة للحق فى الملكية غير سديد، خليقًــا بالرفض.
وحيث إن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأى العدل وتكافؤ الفرص، أساسًــا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور فى المادة (53) منه، على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًــا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذه المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكــون تحكميًّــا، وأســاس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًــا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًــا ربطه بهــا أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن التمييز يكون تحكميًّـــا، وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًــا لمبدأ المساواة.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن مبدأ المساواة لا يعنى معاملة المواطنين جميعًــا وفق قواعد موحدة، ذلك أن التنظيم التشريعى قد ينطوى على تقسيم أو تصنيف أو تمييز، سواء من خلال الأعباء التى يلقيها على البعض أم من خلال المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل النصوص التى ينظم بها المشرع موضوعًــا معينًــا عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التى توخى تحقيقها بالوسائل التى لجأ إليها منطقيًّــا، وليس واهيًــا أو واهنًــا أو منتحلاً، بما يخل بالأسس التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّــا.
متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أوجد آلية قانونية سريعة وميسرة، تمكن البنوك من التنفيذ على المحال التجارية المرهونة ضمانًــا لعقد رسمى بفتح الاعتماد، وذلك حتى تتمكن البنوك من استيفاء أموالها التى سبق أن قُدمت للمدينين الراهنين، واعتبر عقد رهن المحل التجارى الذى يقدم ضمانًا لهذا العقد بعد توثيقه سندًا تنفيذيًّــا، يجوز للبنوك التنفيذ بمقتضاه على المحال التجارية المملوكة للمدينين المتعثرين، مستهدفًــا كفالة تحقيق التوازن بين طرفى العلاقة القانونية التى يحكمها عقد الرهن التجارى، بمراعاة أن التنظيم الذى ضمنه المشرع النص المطعون فيه، إنما يمثل الوسيلة التى قدر المشـرع مناسبتهــا لتشجيع القطـــاع المصرفى على منح التسهيلات الائتمانية مع ضمان اقتضائها، رعاية لحقوق المودعين، على نحو ارتبطت بمقتضاه الوسائل التى اتخذها النص المطعون فيه بالأهداف التى سعى إلى تحقيقها برابطة منطقية، ليضحى هذا النص فيما تضمنه من أحكام مستندًا إلى أسس موضوعية تبرره من الوجهة الدستورية، ولا يكون متضمنًــا تمييزًا تحكميًــا، لتنتفى بذلك قالة مخالفة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة الذى كفلته المادتان ( 4، 53) من الدستور.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة (97) من الدستور الصادر سنة 2014 أن ضمان الدستور لحق التقاضـى مؤداه ألا يعزل الناس جميعهم أو فريق منهم أو أحدهم من النفاذ إلى جهة قضائية تكفل بتشكيلها، وقواعد تنظيمها، ومضمون القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها أمامها حدًا أدنى من الحقوق التى لا يجوز إنكارها عمن يلجون أبوابها، ضمانًــا لمحاكمتهم إنصافًــا. وكان لحق التقاضى غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التى يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التى أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونهـــا، فإن أرهقهـــا المشـــرع بقيـــود تعســـر الحصــول عليهــا أو تحول دونها، كان ذلك إخلالاً بالحماية التى كفلها الدستور لهذا الحق.
ومن المقرر فى قضائها أيضًــا، أن كفالة حق التقاضى لا تحول دون تنظيم المشرع له كسائر الحقوق الأخرى، على أن يكون ذلك وفق قواعد موضوعية يراها محققة للصالح العام، تلتزم محاكم الجهات القضائية بتطبيقها على وقائع الأنزعة التى تطرح أمامها.
لما كان ما تقدم، وإذ خلا النص المطعون فيه من عائق يحول بين المدين واللجوء إلى القضاء للمنازعة الوقتية والموضوعية فى التنفيذ عليه بموجب عقد رهن المحل التجارى لأحد البنوك، كما أن النص المطعون فيه لم يتضمن أى قيود تعوق أو ترهق المدين الراهن، فى عقد رهن المحل التجارى، من اللجوء إلى القضاء وإبداء أوجه دفاعه، بلوغًــا لغاية الأمر منه، ممثلة فى إبطال التنفيذ على المحل التجارى، وإبقائه ضمن عناصر ذمته المالية، كما لم يستثن فريقًــا من المدينين الراهنين للمحال التجارية، من التوسل بالإجراءات القضائية المتاحة، التى تكفل ترضية يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التى أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يدعونها، ومن ثم يكون النص المطعون فيه قد التزم ضوابط الدستور، ولم يُخل بالحق فى التقاضى الذى كفلته المادة (97) من الدستور.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أى نص آخر من نصوص الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن رقم 135 لسنة 37 ق دستورية عليا " دستورية" جلسة 4 / 6 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يونيه سنة 2022م، الموافق الرابع من ذى القعدة سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار ورجب عبد الحكيـم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقى والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 135 لسنة 37 قضائية دستورية ، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية بالمنوفية، بحكمها الصادر بجلسة 25/ 5/ 2015، ملف الدعوى رقم 4897 لسنة 13 قضائية.
المقامة من
أسامة عبد المنعم عبد الحميد الخولى
ضد
رئيس جامعة المنوفية

-----------------

" الإجـراءات "
بتاريخ الخامس والعشرين من أغسطس سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 4897 لسنة 13 قضائية، نفاذًا لحكم المحكمة الإدارية بالمنوفية الصادر بجلسة 25/ 5/ 2015، بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستوريــة نص البند (3) من قواعد تطبيق جدول المرتبات والبدلات والمعاشات الملحق بقانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، فيما تضمنه من احتفاظ أعضاء هيئة التدريس أو المدرسين المساعدين أو المعيدين بآخر مرتب كانوا يتقاضونه فى هذه الوظائف، إذا كان يزيد على بداية مربوط الوظيفة التى يعينون عليها، وبشرط ألا يتجاوز المرتب المحتفظ به عن نهاية الربط المقرر للدرجة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعى كان قد أقام - ابتداءً- أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية، الدعوى رقم 2439 لسنة 11 قضائية، ضد رئيس جامعة المنوفية، طالبًا الحكم بأحقيته في الاحتفاظ بآخر أجر كان يتقاضاه بوظيفته السابقة ببنك مصر (مصرفي ب) وقدره (117 جنيهًا)، بدلاً من (86,4 جنيهًا) الذي بدأ يتقاضاه اعتبارًا من 1/ 2/ 1997، تاريخ تعيينه معيدًا بكلية التجارة بجامعة المنوفية، مع صرف الفروق المالية وما يترتب على ذلك من آثار. وذكر شرحًا لدعواه أنه عُين في وظيفة معيد بكلية التجارة - جامعة المنوفية، بموجب القرار رقم 71 المؤرخ 1/ 2/ 1997، بمرتب أساسي قدره (86,4 جنيهًا)، وتقدم بطلب إلى جهة عمله لتسوية مرتبه وفقًا لآخر مرتب أساسي كان يتقاضاه إبان عمله بوظيفته السابقة، بحسبانه يزيد على بداية مربوط وظيفة معيد، عملاً بقواعد تطبيق جـدول المرتبـات والبدلات والمعاشـات الملحق بقانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، إلا أن جهة الإدارة تقاعست عن إجابته إلى طلبه، مما حدا به إلى إقامة دعواه. وبجلسة 23/ 2/ 2014، حكمت محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية بعدم اختصاصها نوعيًّــا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية بالمنوفية للاختصاص. ونفاذًا لذلك أُحيلت الدعوى وقيدت برقم 4897 لسنة 13 قضائية. وإذ تراءى لتلك المحكمة أن نص البند (3) من قواعد تطبيق جدول المرتبات والبدلات والمعاشات الملحق بقانون تنظيم الجامعات المشار إليه، تعتريه شبهة عدم الدستورية، لانطوائه على تمييز غير مبرر بين شاغلى وظائف أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم من المدرسين المساعدين والمعيدين المخاطبين بحكمه، وبين أقرانهم المعينين ابتداء فى تلك الوظائف، الذين لا يتقاضون إلا بداية الراتب المقرر للدرجة المعينين عليها، بالرغم من تماثل المراكز القانونية لكل من الطائفتين، وهو ما يتهادم مع مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، ويقع مخالفًا لنصوص المواد (9، 12، 53) من الدستور، فقد قضت بجلسة 25/ 5/ 2015، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية النص المشار إليه.
وحيث إن المادة (195) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، تنص على أن مرتبات رئيس الجامعة ونوابه وأمين المجلس الأعلــى للجامعــات وأعضــاء هيئة التدريس وبدلاتهــم ومعاشاتهم ومرتبات المدرسين المساعدين والمعيدين وبدلاتهم وقواعد تطبيقها على الحاليين منهم مبينة بالجدول المرافق لهذا القانون.
وينص البند (3) من قواعد تطبيق جدول المرتبات والبدلات والمعاشات الملحق بقانون تنظيم الجامعات المشار إليه، على أنه عند تعيين أعضاء هيئة التدريس أو مدرسين مساعدين أو معيدين ممن كانوا يشغلون وظائف فـي الحكومة أو الهيئات العامة أو القطاع العام، فإنهـم يحتفظون بآخـر مرتب كانوا يتقاضونه فى هذه الوظائف إذا كان يزيد على بدايـة مربـوط الوظيفة التـى يعينون عليها، وبشـرط ألا يتجاوز المرتب المحتفظ به عن نهاية الربط المقرر للدرجة.
واعتبارًا مـن تاريخ نفاذ هذا القانون تسـوى طبقًــا لهـذا الحكم مرتبات أعضاء هيئة التدريس والمدرسين المساعديـــن والمعيدين الحاليين من موظفـــى الهيئات العامة أو القطاع العام، وذلك دون صرف أي فروق عن الماضى.
وحيث إن المصلحـة فـى الدعـوى الدستوريـة، وهـى شـرط لقبولهـا، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل فى دستورية النصوص التى ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعى؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعى، فى الدعوى الموضوعية، الحكم بأحقيته فى الاحتفاظ بآخر أجر كان يتقاضاه فى وظيفته السابقة ببنك مصر (مصرفى ب)، وقدره (117 جنيهًا)، بدلاً من (86,4 جنيهًا)، الذى بدأ يتقاضاه اعتبارا من 1/ 2/ 1997، تاريخ تعيينه معيدًا بكلية التجارة بجامعة المنوفية، وكان نص الفقرة الأولى من البند رقم (3) من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون تنظيم الجامعات المار ذكره - النص المُحال - هو الحاكم لاحتفاظ أعضاء هيئة التدريس أو المدرسين المساعديـــن أو المعيدين ممن كانوا يشغلــون وظائف فـــى الحكومـــة أو الهيئـــات العامـــة أو القطاع العام، بآخـر مرتب كانوا يتقاضونه فى هذه الوظائف إذا كان يزيد على بدايـة مربـوط الوظيفة التـى يعينون عليها، وبشـرط ألا يتجاوز المرتب المحتفظ به نهاية الربط المقـرر للدرجة، فإن المصلحة تكون متحققة بالنسبة لهذه الفقرة، لما للقضاء في دستوريتها من أثر وانعكاس على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع وقضاء المحكمة فيها، وبها وحدها يتحدد نطاق الدعوى المعروضة، دون أن يمتد إلى غير ذلك من الأحكام التى تضمنتها الفقرة الثانية من البند ذاته.
وحيث إن الدستور الحالي قد حرص فى المادة (4) منه، على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره إلى جانب مبدأى العدل والمساواة أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه، تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز، التزامًــا دستوريًّــا على عاتــق الدولــة، لا تستطيــع منه فكاكًــا. وقـــوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمـة - أن الفرص التى كفلهــا الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتدخل الدولة إيجابيًّــا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم بالتالى على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدستور الحالى قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه، مبدأ المساواة أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، كما حرص الدستور فى المادة (53) منه، على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبـات العامة، دون تمييز بينهـــم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطـوي، من ثمَّ، على مخالفة لنصى المادتيـن (4، 53) المشار إليهمـا، بمـا مـؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهمــا هـو ذلك الـذى يكـون تحكميًّــا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعـى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص - بما انطوى عليه من تمييز- مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًــا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها فإن التمييز يكون تحكميًّــا، وغير مستند إلـى أسس موضوعيـة، ومـن ثـم مجافيًــا لمبدأ المساواة.
وحيث إن الدستور- فى إحاطة منه للتحديات المعاصرة التي يواجهها التعليم الجامعى، وسعيه لمواكبة المستحدث فى مناهجه - نص فى المادتين (21، 22) منه، على كفالة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعى وفقًــا لمعايير الجودة العالمية، والعمل على تطويره وكفالة مجانيته فى جامعات الدولة ومعاهدها، وتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى له لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجًّــا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وكفالة تنمية الكفاءات العلمية والمهارات المهنية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه.
وحيث إن الدستور قد اعتبر بمقتضى نص المادة (19) منه، أن التعليم حق لكل مواطن، وجعل من بين أهدافه تأصيل المنهج العلمى في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار، وألزم الدولة بموجب نص المادة (23) منه، كفالة حرية البحث العلمى، وتشجيع مؤسساته، باعتباره سبيلاً لبناء اقتصاد المعرفة، كما ألزمها برعاية الباحثين والمخترعين.
وحيث إن النص المحال - محددًا نطاقًــا على ما تقدم بيانه - قد تضمن تنظيمًــا لأجر المعينين أعضاءً فى هيئة التدريس أو مدرسين مساعدين أو معيدين فى الجامعات الحكومية التى يسرى فى شأنها قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، مؤداه احتفاظ المخاطبين به بآخر مرتب كانوا يتقاضونه من وظائفهم السابقة في الحكومة أو الهيئات العامة أو القطاع العام، إذا كان يزيد على بداية مربوط الدرجة التى يعينون عليها، بشرط ألا يتجاوز المرتب المحتفظ به عن نهاية الربط المقرر للدرجة، مستهدفًــا بذلك التنظيم، الحفاظ على حقوقهم المادية الناشئة عن الحق فى العمل، والحق فى شغل الوظائف العامة، على نحو ما أوجبته المادتان (12، 14) من الدستور، ليضحى تقرير الحكم الذى تضمنه النص المحال، مرتكنًــا إلى اعتبارات قوامها رعاية الحقوق المادية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات، هذه التى ألزمت المادة (23) من الدستور الدولة بكفالتها، وأوجبت، نزولاً على مقتضيات العدل، صون حقوقهم المالية التى اكتسبوها من وظائفهم السابقة فى الحكومة والهيئات العامة والقطاع العام، باعتبارها تكوﱢن مع الحقوق المقررة لوظائفهم الجامعية المشار إليها، كلاًّ لا يتجزأ.
ولا ينال مما تقدم، أن يكون النص المحال قد ردد حكمًا مماثلاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (25) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، التى قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها بحكمها الصادر بجلسة 14/ 1/ 2007، فى الدعوى رقم 175 لسنة 26 قضائية دستورية، ذلك أنه لا مجال للاحتجاج بالقضاء المتقدم فى مواجهة النص المحال، بالنظر إلى اختلاف عناصر المركز القانونى للعاملين بوظائف الحكومة والهيئات العامة والقطاع العام، ممن يعينون - فيما بعد - بالجامعات الحكومية فى وظائف أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، عن عناصر المركز القانونى للعاملين بصفة مؤقتة بمكافآت شاملة فى الجهات الحكومية، حال تعيينهم فى وظائف دائمـــة، وذلك فـــى شــأن المعاملة المالية المقـــررة لكلّ، وهـــى مغايرة تُرد فـــى جوهرهـــا إلـــى الطبائع المتباينة لعلاقـــات العمـــل بين هاتين الفئتين، ذلك أن ما يتقاضاه شاغلو وظائف الفئة الأولى من مرتبات وملحقاتها، تحدَّد وفقًا للجداول المرافقة للقوانين المخاطبين بأحكامهـا، بما مؤداه: انضباطهـــا وتجردها ونأيها عن أى شبهة تحوطها، على حين أن ما تتقاضاه الفئة الثانية من مكافأة شاملة، تتولى تحديدها السلطة المختصة بالجهة التى يعملون بها، قد لا تتوافر فى شأنهـــا ضوابط المعاملة المالية المقررة للفئة الأولى، بما لازمه أن يكون الاحتجاج المار بيانه، غير قائم على أسس دستورية تحمله.
متى كان ما تقدم، وكان النص المحال، باعتباره الوسيلة التى قدر المشرع مناسبتها لبلوغ الأهــداف والغايــات المتقدمــة، قــد وردت أحكامه متضمنة قواعد عامة مجردة، لا تتضمن تمييزًا بين المخاطبين بها، وتتصل تلك الوسيلة بالأغـــراض المتقدم بيانها اتصالاً منطقيًّــا، وليس واهيًــا أو منتحلاً، ليغــدو النص المُحال فيما تضمنه من أحكام مستندًا إلى مُبـررات منطقية، ومنضبطًا بضوابط موضوعية تبرره من الوجهة الدستورية، وغير متضمن تمييزًا تحكميًّــا، بما لا مصادمة فيه لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، اللذين حرص الدستور على كفالتهما فى المواد (4، 9، 53) منه.
وحيث إن البين من نص المادة (12) مـن الدستور الحالى، أن العمـل - فى إطار الخصائص التى يقوم عليها باعتباره حقًّا وواجبًا وشرفًا- مكفول من الدولة، سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير، وإعلاؤها لقدر العمل وارتقاؤها بقيمته، يحملها على تقدير من يمتازون فيه، ليكون التمايز فى أداء العاملين، مدخلاً للمفاضلة بينهم، وهو مايعنى بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها، هى التى يعتد بها فى تقدير العمل وتحديد أجره، والأحق بالحصول عليه، والأوضاع التي ينبغي أن يمارس فيها، والحقوق التي يتصل بها، وأشكال حمايتها ووسائل اقتضائها، ويندرج تحتها الحق في ألا يناقض العمل، العقيدة التي يؤمن العامل بها، وألا يكون مُرْهَقًــا بشروط يُحْمَل العامل معها على القبول بأجر أقل أو بظروف أسوأ، فلا يكون العمل منتجًــا، ولا كافلاً تحقيق الإنسان لذاته، ولا نافيًــا عن ضمانة الحق فى الحياة واحداً من أهم روافدها، بل عائقًــا للتنمية في أعمق مجالاتها.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع - في النص المُحال- قد احتفظ لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهــم ممن كانــوا يشغلــون وظائف بالحكومة أو الهيئات العامة أو القطاع العام، بآخر مرتب كانوا يتقاضونه في تلك الوظائف، إذا كان يزيد عن بداية مربوط الوظيفة التى يعينون عليها، وبما لا يجاوز نهاية الربط المقرر للدرجة، فإن تلك المزيــة لا يمكن فصلها عن أوضاعهم المعيشية وضرورات استقرارها، ولا عن الأغراض التي توخاها المشرع من خلال فرص العمل التي مكنهم منها، بعد أن أخذ واقعهم في الاعتبار، وأولاه ما يستحقه من رعاية، وقدم لهم تلك المزية التفضيلية عونًا يلتئم وأوضاعهم المادية، ولا مخالفة في ذلك للدستور، لأمرين. أولهما: أن التنظيم المُحال، لا ينال من حق العمل، ولا من قدره، ولا من الشروط التي يرتبط عقلاً بها، ولا يحيط بيئة العمل بأوضاع ترهقها، بل يثريها باستقطاب كوادر أكفاء علميًّا، حفزًا وتشجيعًــا لهم، واستثارة لقدراتهم، وتوفير بيئة ملائمة للعمل والبحث العلمى والخلق والإبداع، فلا يتولى وظيفة التدريس بالجامعة غير الأولى بها. ثانيهما: أن الدستور حرص بنص المادة (14) منه، على أن تكفل الدولـة حقـوق شاغلـي الوظائـف العامـة وحمايتهم، وهـو ما يعني أن العمـل - باعتباره حقًا يؤمـن لكل مواطـن حيـاة يطمئن إليهـا اجتماعيًّــا واقتصاديًّــا - لا ينفصل عن جدارة من يتولاه، وإلا كان نهبًــا لكل طارق، سويًــا كان أم مهيضًا، بصيرًا متوثبًــا، أم منكفئًــا متخاذلاً، ليضحى تقرير الأحكام التي تضمنها النص المحال دائرًا في نطاق السلطة التقديرية للمشرع في مجال تنظيم الحقوق، وجوهرها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة، التي تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًــا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض في شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًــا لها ينبغي التزامها، وفي إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي يُباشر الحق في نطاقها، وبما لا يصل إلى إهداره.
وحيث إنه ترتيبًــا على ما تقدم، وكان الأصل في المصالح إذا تعارضت، وتعذر التوفيق بينها، أن يُرَجَّحَ أقواها أثرًا وأعمها نفعًــا وأكثرها دفعًــا للمفسدة، وإذا تعارضت مصلحة فرد أو فئة مع المصلحة العامة، قُدمت المصلحة العامة ورَجُحت، لا سيما إذا كانت تلك المصلحة قوامها الارتقاء بالتعليم الجامعي الحكومي، وتنمية وإثراء القدرات العلمية والبحث العلمي، من خلال استقطاب وجذب الكوادر العلمية القادرة على أداء تلك الرسالة السامية، والحد من هجرتها إلى الخارج، وضمان حقوقهم وتحفيزهم وتأمين أوضاعهم الاقتصادية والحيلولة دون إهدارها أو ترديها، وبهذه المثابـــة فلا مندوحة عن تسامي المصلحة العامة على ما دونها، ومن ثم يكون النص المُحال، قد جاء محققًــا للغايات والاعتبارات الدستورية المتقدمة، دونما انتهاك لحق العمل، أو أحد عناصره ومكوناته، ومراعيًــا لاعتبارات الموازنة بين المصالح المتنافسة، وتعامله الإيجابي مع ظروف العمل بالجامعات الحكومية واحتياجاته، الأمر الذي تنتفي معه قالة الإخلال بحق العمل أو شغل الوظيفة العامة المقررين بنصي المادتين (12، 14) من الدستور.
وحيث إنه لما تقدم جميعه، فإن النص المُحال- فى حـدود نطاقـه المتقدم - يكون قد جاء مستندًا إلى أسس موضوعية تبرره، ولم يتضمن تمييزًا تحكميًّــا يخل بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة أو حق العمل، ولا يخالف - من ثم - نصوص المواد (4، 9، 12، 14، 19، 21، 22، 23، 53) من الدستور، أو أي نص آخر من نصوصه، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى .

الجمعة، 1 يوليو 2022

الطعن 18450 لسنة 76 ق جلسة 7 / 12 / 2006م

المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى الشناوى و رضا القاضى ومحمد محجوب و أبو بكر البسيونى أبو زيد (نواب رئيس المحكمة)

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / خالد الوكيل .

وأمين السر السيد / أيمن كامل مهنى .

---------------------

اشتراك القاضي في الدائرة التي أرسلت الأوراق للمفتي لإبداء رأيه فيها (بتاريخ 2 / 7 / 2005) يفيد أن الدائرة ومن بينها ذلك القاضي قد كونت عقيدتها بإدانة الطاعن بعقوبة الإعدام . ويكون بذلك ، قد أبدى رأياً في الدعوى . ويمتنع عليه نظرها ضمن دائرة أخرى (بتاريخ 3 / 1 / 2006) والحكم فيها. مخالفة ذلك ، بطلان قضائه .

الحالات التي يمتنع فيها على القاضي الحكم فى الدعوى . حددتها المادة 247 إجراءات من بينها قيام القاضي بعمل من أعمال التحقيق .
نص المادة 381 فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية . مفادها : أن المحكمة تكون عقيدتها بالإدانة وتقدير عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراقها إلى المفتي .

----------------
" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 16813 لسنة 2004 طما (المقيدة بالجدول الكلى برقم 1101 لسنة 2004) . بأنه فى يوم الأول من نوفمبر سنة 2004 بدائرة مركز طما محافظة سوهاج : (1) قتل سمر وإسراء وفاطمة وزينب وإيمان عبد الناصر إبراهيم عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتلهن وأعد لهذا الغرض سلاحين أبيضين " سكينتين " وما أن ظفر بهن حتى انهال عليهن طعناً فى أماكن متفرقة من جسدهن قاصداً قتلهن فأحدث بهن الإصابات التى أبانها تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهن وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي انه في ذات الزمان والمكان سالفى الذكر شرع فى قتل عائشة وأميرة عبد الناصر إبراهيم عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتلهما وأعد لهذا الغرض السلاحين المشار إليهما وما أن ظفرا بهما حتى انهال عليهما طعناً فى أجزاء متفرقة من جسدهما قاصداً من ذلك ، قتلهما فأحدث بهما الإصابات التي أبانها تقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتهما بالعلاج . (2) أحرز بغير ترخيص سلاحين أبيضين " سكينتين " . وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الحالة .
وبجلسة 3 من يناير سنة 2006 قررت المحكمة المذكورة إرسال ملف الدعوى إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي وحددت جلسة 4 / 9 / 2005 للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع آراء أعضائها عملاً بالمواد 45 / 1، 46 / 1 ، 230 ، 231 ، 234 / 2 من قانون العقوبات والمواد 1 / 1 ، 25مكرر / 1 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام وبمصادرة السكينتين المضبوطتين .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض فى 5 من فبراير سنة 2006 ، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 4 من إبريل سنة 2006 موقعاً عليها من / ...... المحامي . كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بالمحضر.
-----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجنايات القتل العمد والشروع فيه وإحراز أداتين " سكينتين " مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قد شابه البطلان . ذلك ، أن القاضي ...... الذى اشترك فى إصدار الحكم المطعون فيه سبق وأبدى رأيه فى الدعوى حين شارك بهيئة سابقة فى إرسال الأوراق لاستطلاع رأى فضيلة المفتي وهو ما يتعارض مع ما يشترط فى القاضى من خلو الذهن عن موضوع الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التى يمتنع فيها على القاضى نظر الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض ، ومن هذه الأحوال أن يكون القاضى قد قام فى الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة ، وأساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأيا فى الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فى القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً . والتحقيق فى مفهوم حكم المادة 247 المذكورة كسبب لامتناع القاضي عن الحكم هو ما يجريه القاضي في نطاق الدعوى الجنائية بصفته سلطة تحقيق . لما كان ذلك ، ، وكانت المادة 381 فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكمها بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل إصدار هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه ، ... " ومفاد نص المادة المار بيانها أن المحكمة تكون عقيدتها بالإدانة وتقدر عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراق الدعوى إلى المفتي. لما كان ذلك ، ، وكان القاضي ...... الذى اشترك في إصدار الحكم المطعون فيه كان عضو يمين الدائرة التي أرسلت أوراق الدعوى إلى فضيلة المفتي لإبداء رأيه فيها ، وذلك ، بجلسة 2 من يوليو، سنة 2005م مما مفاده أن المحكمة بهذا الإجراء قد كونت عقيدتها بإدانة الطاعن وقدرت عقوبة الإعدام له ، وأن عضو يمين الدائرة القاضي ...... يكون قد أبدى رأياً فى الدعوى هو اقتناعه بإدانة الطاعن قبل إصدار حكم الإعدام عليه ومن ثم يتعارض مع ما يتطلبه فى القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً وتتوافر به الحكمة التي تغياها الشارع من درء شبهة تأثر القاضي برأي سبق أن أبداه فى الدعوى صوناً لمكانة القضاء وعلو كلمته بين الناس ن مما كان لزومه أن يمتنع عن نظر الدعوى والحكم فيها ومن ثم كان قضاؤه فيها قد وقع باطلاً . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك ، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول عرض النيابة العامة للقضية وبقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات سوهاج للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى .