الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 مايو 2020

الطعن 1332 لسنة 28 ق جلسة 27 / 1 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 ق 23 ص 91

جلسة 27 من يناير سنة 1959
برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم يسى جندي، ومحمد عطيه إسماعيل المستشارين.
---------
(23)
الطعن رقم 1332 سنة 28 القضائية
(أ) أسباب إباحة الجرائم. استعمال حق مقرر بمقتضى القانون.
إباحة عمل الطبيب والصيدلي مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة.
(ب) دعوى مدنية.
المسئولية عن الأعمال الشخصية. عناصرها. مسئولية الأطباء والجراحين والصيادلة. قتل خطأ. الخطأ الطبي. متى يتوافر؟
(جـ) قتل خطأ. 
الخطأ الطبي. متى يتوافر؟ دفاع. متى لا يستأهل ردا من الحكم؟
(د) قتل خطأ. الخطأ المشترك.
جواز وقوع الحادث نتيجة خطأ شخصين مختلفين. لا يسوغ في هذه الحالة القول بأن خطأ أحدهما يستغرق خطأ الآخر أو ينفي مسئوليته. يستوي في ذلك أن يكون أحد الخطأين سببا مباشرا أو غير مباشر في حصول الحادث.
خطأ الصيدلي في تحضير المخدر يرتب مسئوليته عن خطئه في التحضير مستقلا عن خطأ غيره في استعمال محلول التخدير.
(هـ) قتل خطأ. 
علاقة السببية في المواد الجنائية. ماهيتها.
(و) دعوى مدنية. 
تقدير التعويض.
(ز) دعوى مدنية. تعويض. 
التضامن فيه. معناه في القانون.
-------------
1 - إباحة عمل الطبيب أو الصيدلي مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة، فإذا فرط أحدهما في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته، أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله.
2 - إذا كان الحكم الصادر بإدانة المتهم - في جريمة القتل الخطأ - قد أثبت خطأ المتهم الأول (صيدلي) فيما قاله: من أنه حضر محلول "البونتوكايين" كمخدر موضعي بنسبة 1% وهى تزيد على النسبة المسموح بها طبيا وهى 1/ 800 ومن أنه طلب إليه تحضير "نوفوكايين" بنسبة 1% فكان يجب عليه أن يحضر "البونتوكايين" بما يوازي في قوته هذه النسبة وهى 1/ 1000 أو 1/ 800 ولا يعفيه من المسئولية قوله إن رئيسه طلب منه تحضيره بنسبة 1% طالما أنه ثبت له من مناقشته هذا الرئيس في التليفون أنه لا يدري شيئا عن كنه هذا المخدر ومدى سميته، هذا إلى جانب أنه موظف مختص بتحضير الأدوية ومنها المخدر، ومسئول عن كل خطأ يصدر منه، ومن أنه لجأ في الاستفسار عن نسبة تحضير هذا المخدر إلى زميل له قد يخطئ وقد يصيب، وكان لزاما عليه أن يتصل بذوي الشأن في المصلحة التي يتبعها أو الاستعانة في ذلك بالرجوع إلى الكتب الفنية الموثوق بها "كالفارماكوبيا" ومن إقراره صراحة بأنه ما كان يعرف شيئا عن هذا المخدر قبل تحضيره فكان حسن التصرف يقتضيه أن يتأكد من النسب الصحيحة التي يحضر بها، فلا ينساق في ذلك وراء نصيحة زميل له، ومن أنه لم ينبه المتهم الثاني وغيره من الأطباء ممن قد يستعملون هذا المحلول بأنه استعاض به عن "النوفوكايين" - فإن ما أثبته الحكم من أخطاء وقع فيها المتهم يكفي لحمل مسئوليته جنائيا ومدنيا.
3 - إذا عرض الحكم لبيان ركن الخطأ المسند إلى المتهم الثاني (طبيب) بقوله "إنه طلب إلى الممرضة والتمرجي أن يقدما له بنجا موضعيا بنسبة 1% دون أن يعين هذا المخدر ودون أن يطلع على الزجاجة التي وضع فيها ليتحقق مما إذا كان هو المخدر الذي يريده أم غيره، ومن أن الكمية التي حقنت بها المجني عليها تفوق إلى أكثر من الضعف الكمية المسموح بها، ومن أنه قبل أن يجرى عملية جراحية قد تستغرق ساعة فأكثر دون أن يستعين بطبيب خاص بالمخدر ليتفرغ هو إلى مباشرة العملية، ومن أن الحادث وقع نتيجة مباشرة لإهماله وعدم تحرزه بأن حقن المجني عليها بمحلول "البونتوكايين" بنسبة 1% وهى تزيد عشر مرات عن النسبة المسموح بها فتسممت وماتت" - فإن ما أورده الحكم من أدلة على ثبوت خطأ الطاعن من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليها - أما ما يقوله المتهم من أن عمله في مستشفى عام قائم على نظام التقسيم والتخصيص يعفيه من أن يستوثق من نوع المخدر وصلاحيته وأنه ما دام ذلك المخدر وقد أعدّ من موظف فني مختص وأودع غرفة العمليات، فإنه في حل من استعماله دون أي بحث - هذا الدفاع من جانب المتهم هو دفاع موضوعي لا تلزم المحكمة بالرد عليه، بل إن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة على خطأ المتهم وأسست عليها إدانته، وهو ما أوّلته المحكمة - بحق - على أنه خطأ طبي وتقصير من جانب المتهم لا يقع من طبيب يقظ يوجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول بما يفيد أنه وقد حل محل اخصائي التخدير، فإنه يتحمل إلتزاماته ومنها الاستيثاق من نوع المخدر.
4 - إن الشارع إذ عبر في المادة 238 من قانون العقوبات بعبارة "التسبب في القتل بغير قصد" قد أراد أن يمد نطاق المسئولية لتشمل من كان له نصيب في الخطأ، وما دام يصح في القانون أن يقع الحادث بناء على خطأ شخصين مختلفين أو أكثر لا يسوغ في هذه الحالة القول بأن خطأ أحدهم يستغرق خطأ الآخر أو ينفي مسئوليته، ويستوي في ذلك أن يكون أحد هذه الأخطاء سببا مباشر أو غير مباشر في حصول الحادث - فإذا كان المتهم الأول - على ما أثبته الحكم - هو الذي حضر المادة المخدرة مخطئا في تحضيرها، فإنه يكون مسئول عن خطئه مستقلا عن خطأ غيره الذي استعمل هذا المحلول.
5 - العلاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا أتاه عمدا، أو خروجه فيما يرتكبه بخطئه عن دائرة التبصر بالعواقب العادية لسلوكه والتصون من أن يلحق عمله ضررا بالغير - فإذا كان تقرير الصفة التشريحية - كما نقل عنه الحكم - قد أثبت في نتيجته أن استعمال المخدر بالنسبة التي حضر بها وبالقدر الذي استعمل في تخدير المجني عليها جاء مخالفا للتعاليم الطبية وقد أدى إلى حصول وفاة المريضة بعد فترة دقائق من حقنها بالمحلول نتيجة الأثر السام "للبونتوكايين" بالتركيز وبالكمية التي حقنت بها - فإن ما ورد بنتيجة هذا التقرير صريح كل الصراحة في أن الوفاة نتيجة التسمم وقد حدثت بعد دقائق من حقن المجني عليها بهذا المحلول وهو ما اعتمد عليه الحكم بصفة أصلية في إثبات توافر علاقة السببية - أما ما ورد بالحكم من "أنه لا محل لمناقشة وجود الحساسية لدى المجني عليها من عدمه طالما أن الوفاة كانت متوقعة" فإنه فضلا عن وروده في معرض الرد على دفاع المتهم وما جاء بأقوال الأطباء الذين رجح بعضهم وجود تلك الحساسية واعتقد البعض الآخر وجودها، ولم يمنع فريق ثالث حدوث الوفاة حتى مع وجودها، ليس فيما قاله الحكم من ذلك بشأن الحساسية ما ينقض أو يتعارض مع ما أفصحت عنه المحكمة بصورة قطعية في بيان واقعة الدعوى وعند سرد أدلتها، وأخذت فيه بما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن الوفاة نشأت مباشرة عن التسمم بمادة "البونتوكايين"
6 - الضرر المادي والأدبي سيان في إيجاب التعويض لمن أصابه شيء منهما وكلا الضررين خاضع لسلطة محكمة الموضوع.
7 - التضامن في القانون معناه أن يكون كلا من المطالبين به ملزما للطالب واحدا أو أكثر بكل المبلغ المطلوب.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة 1 - فريد تادرس سليمان و2 - علي محمد نويتو (الطاعنين الأول والثاني) بأنهما تسبيا بغير قصد ولا تعمد في قتل صالحة مبارز حسانين وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما وعدم احتياطهما ومخالفتهما للتعاليم الطبية بأن حضر الأول محلول البونتوكايين بنسبة 1% لاستخدامه بنجا موضعيا بالحقن تحت الجلد في حين أن النسبة المقررة لتحضيره تتراوح بين 1/ 1000، 1/ 800، ثم حقنها الثاني بكمية منه تبلغ 70 سنتيمترا مكعبا دون الاستيثاق من نوعه لإجراء عملية لها فأدى ذلك إلى وفاتها وبعد فترة دقائق من حقنها نتيجة الأثر السام للمحلول والكمية التي حقنت بها، وطلبت عقابهما بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدني ورثة المجني عليها وهما 1 - محمد أحمد محمود "زوجها" بصفته الشخصية وبصفته وليا شرعيا على أولاده القصر من المجني عليها وهم فاطمة وزينب وسيدة وأحمد وقدري وأسماء و2 - مبارز حسانين سيد "والد المجني عليها" وطلبا الحكم لهما قبل المتهمين متضامنين مع وزارة الصحة العمومية بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة باب الشعرية الجزئية قضت حضوريا تطبيقا لمادة الاتهام بتغريم المتهم الأول عشرة جنيهات وبتغريم المتهم الثاني عشرين جنيها وبإلزامهما متضامنين مع وزارة الصحة بأن يدفعوا للمدعيين بالحق المدني ألف جنيه والمصروفات المدنية المناسبة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليهما والمسئولة عن الحقوق المدنية هذا الحكم وطلبوا القضاء ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية قبل الجميع، كما استأنفه المدعيان بالحق المدني وطلبا الحكم لهما بما طلباه من تعويض، واستأنفت النيابة كذلك طالبة التشديد، وقيدت الاستئنافات برقم 1278 سنة 1957، ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بقبول الاستئنافات شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء أولا - في الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول وتغريمه 50 ج خمسين جنيها، وبالنسبة للمتهم الثاني برفضه وتأييده، وأعفتهما من المصروفات الجنائية. وثانيا: في الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المتهمين متضامنين مع وزارة الصحة (المسئولة عن الحقوق المدنية) بأن يدفعوا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ 3000 جنيه ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما جاوز ذلك من الطلبات.
فطعن المحكوم عليهما الأولان في الحكم الأخير بطريق النقض كما طعن فيه كذلك المسئولة عن الحقوق المدنية... الخ.

المحكمة
"عن الطعن المقدم من الطاعن الأول"
وحيث إن محصل الطعن المقدم من الطاعن الأول فريد تادرس سليمان هو أن الحكم المطعون فيه مشوب بالخطأ في تطبيق القانون والقصور وفساد الاستدلال والخطأ في الإسناد، وفي ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه دلل على توافر الخطأ في حق الطاعن بأن واجبه كان يقتضيه أن يحضر البونتوكايين بنسبة 1/ 1000 أو 1/ 800، ولا يعفيه من المسئولية أن يطلب إليه رئيسه تحضير هذا المحلول بنسبة 1% ما دام قد استبان له من المحادثة التليفونية مع رئيسه أن هذا الأخير لا يعلم شيئا عن طبيعة هذا المخدر وقوة أثره في التسميم، ولأنه (الطاعن) هو المختص بتحضير الأدوية ومسئول عن كل خطأ يقع منه، وما كان له أن يستفسر عن نسبة المخدر من زميل له هو بدوره، عرضة للوقوع في الخطأ، إنما كان عليه أن يتصل بذوي الشأن في المصلحة أو أن يطلع على المراجع الفنية المعتمدة، وقد أقر الطاعن أنه يجهل كنه عقار البونتوكايين، فكان عليه أن ينبه المتهم الثاني إلى أن المحلول الذي حضره هو بدل من محلول النوفوكايين - قال الحكم ذلك، في حين أنه يخالف الواقع لأن الطاعن تلقى الأمر بتحضير المخدر بنسبتي 1/ 2% و1% وقد قرر مدير المستشفى في التحقيق أنه لا فارق بين مخدر النوفوكايين والبونتوكايين، ولا يسوغ مع ذلك أن ينسب الخطأ إلى الطاعن ما دام قد رجع إلى مدير المستشفى، وما كان به من حاجة بعد ذلك إلى الاطلاع على الفارما كوبيا التي لم تكن موجودة بالمستشفى، ثم أنه وضع على زجاجة المحلول بيان نوعه، ونسبته فلا يطالب من بعد بأن ينبه الطبيب الجراح أو غيره بنسبة المحلول، خصوصا وقد اعتبر الحكم أن المتهم الثاني أخطأ بعدم اطلاعه على البطاقة التي حررها الطاعن ووضعها على زجاجة المخدر، هذا إلى أن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيا لأسبابه لم يرد على ما تمسك به الطاعن من انعدام رابطة السببية بين الخطأ وبين النتيجة، إذ الثابت من أقوال الأطباء أن وفاة المجني عليها ترجع إلى وجود حساسية ذاتية، وهذه الحساسية كافية بذاتها لإحداث الموت حتى مع استعمال المخدر بالنسبة القانونية، وهى ولا شك سبب أجنبي لعدم إمكان التنبؤ بها سلفا، وهذا الدفاع الجوهري كان يقتضي من المحكمة أن ترد عليه، على أن الطاعن اقتصر نشاطه على تحضير البونتوكايين دون استعماله، ولم يكن له علم بالغرض الذي سيستعمل فيه، وقد حضره في يوم 19/ 3/ 1955 قبل دخول المجني عليها المستشفى بثلاثة أيام وقبل إجراء العملية بخمسة أيام وبتحضير المخدر تنتهي مأموريته ويبدأ واجب الطبيب، وعلى هذا الأخير وحده تقع مسئولية الخطأ الناشئ من استعمال المخدر واتباع التعليمات الصحيحة في استخدامه وقد ترتب على خلط الحكم بين التحضير والاستعمال أن اعتبر الطاعن مخطئا مع أن الوفاة تعزى إلى استعمال المخدر لا إلى تحضيره. أما خطأ الإسناد، فهو إن تقرير الصفة التشريحية صريح في أن سبب الوفاة يرجع إلى أثر البونتوكايين المركز السام وإلى الكمية التي حققت بها المجني عليها، أي إلى سوء استعمال المادة المخدرة بينما أثبت الحكم نقلا عن التقرير المذكور أنه يرجع إلى تحضير المخدر بنسبة تزيد على النسبة المقررة، وهو غير ما افصح عنه التقرير الطبي عن السبب المباشر للوفاة، ولم يبين الحكم كيف أن تحضير المخدر بنسبة كبيرة قد أفضى إلى الوفاة وما كان تحضير المخدر إلا بناء على أمر مدير المستشفى، وهو رئيس للطاعن كما سبق القول وأخيرا فقد أشار الحكم الابتدائي في أسبابه التي جعلتها المحكمة الاستئنافية أساسا لقضائها إلى الظروف القاسية التي وجد فيها الطاعن والمتهم الثاني لعدم وجود فارما كوبيا مستوفاة بالمستشفى للرجوع إليها، وعدم وجود طبيب للتخدير يساعد الطبيب الجراح ليتفرغ هذا لإجراء العملية، ومع هذه الظروف التي استرعت انتباه المحكمة إليها، فقد شددت عقوبة الطاعن دون أن تبين في حكمها ما يبرر التشديد.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه قد بين واقعة الدعوى فقال: "إن المجني عليها صالحة مبارز حسانين توجهت في صباح يوم 22 من شهر مارس سنة 1955 إلى مستشفى باب الشعرية الأميري تعاني آلاما بعنقها، وبإجراء الكشف عليها بمعرفة المتهم الثاني بالعيادة الخارجية شخص مرضها بأنه "جويتر حبيبي" فصارحها بذلك، وبأنها في حاجة إلى عملية جراحية لاستئصاله، ولما أظهرت له في ذات اليوم موافقتها على إجرائها قبلها بالقسم الداخلي على أن يجرى لها العملية في يوم الخميس 24 من شهر مارس سنة 1955 وفي صباح ذلك اليوم بدأ بتخديرها على نطاق ضيق بوضع بعض أدهنة على الرقبة توطئة لإجراء العملية، ثم أردف ذلك بحقنها بطريق الحقن الانتشاري في الرقبة بمحلول البونتوكايين بنسبة 1% في حدود كمية قدرها 70سم3، ثم قام بفتح جرح في موضع الداء وأمسك بالأوعية الدموية، وفي تلك الأثناء وبعد ثلث ساعة تقريبا من بدء العملية انتابت المجني عليها تشنجات وانتفاضات مفاجئة أوقف على أثرها السير في العملية وغطى الجرح الذي أحدثه وسارع إلى إجراء الاسعافات التي يتطلبها الموقف في مثل هذه الحالة كالتنفس الصناعي وإعطاء حقن مقوية ومنشطة للقلب إلى غير ذلك حتى تحسن النبض بعض الشئ، إلا أن هذا التحسن لم يستمر طويلا إذ عادت حالة التشنجات إلى سيرتها الأولى وفشلت معها كل المحاولات التي بذلها بمساعدة زملائه لإنقاذها، وتوفيت بعد برهة... وبعد ذلك انتقل السيد الطبيب الشرعي المرحوم أمين أحمد إلى المشرحة وقام بتشريح جثة المجني عليها وقدم تقريره الذي انتهى فيه إلى أنه أولا: أن التحليل أظهر أن المحلول الذي استعمل في إحداث التخدير الراشح الموضعي في حالة المريضة المتوفاة لم يكن محلول النوفوكايين وإنما كان محلول البونتوكايين بنسبة 1% وثانيا: أن الثابت علميا أن البونتوكايين أشد سمية من النوفوكايين، وأنه لذلك يستعمل في إحداث التخدير الراشح الموضعي بالحقن تحت الجلد بنسبة ضعيفة تتراوح بين 1/ 1000 و 1/ 800 وليس بنسبة 1% كما حدث للمجني عليها أو كما هو الحال عندما يستعمل النوفوكايين، وثالثا: إن استعمال البونتوكايين بالتركيز الحالي 1% وبالكمية المحقونة, والتي بلغت 70سم3 من المحلول، هذا الاستعمال جاء مخالفا للتعاليم الطبية. وقد أدى إلى حصول وفاة المريضة بعد دقائق من حقنها نتيجة الأثر السام للبونتوكايين بالتركيز وبالكمية التي حقنت بها..." ثم أثبت الحكم خطأ الطاعن ورد على دفاعه فيما قاله من أن المتهم الأول (الطاعن) "حضر محلول البونتوكايين كمخدر موضعي بنسبة 1% وهى تزيد عن النسبة المسموح بها طبيا وهى 1/ 800، ومن أنه طلب إليه تحضير نوفوكايين بنسبة 1%، فكان يجب عليه أن يحضر البونتوكايين بما يوازي في قوته هذه النسبة وهى 1/ 1000 أو 1/ 800 ولا يعفيه من المسئولية قوله أن رئيسه طلب منه تحضيره بنسبة 1% طالما أنه ثبت له من مناقشة هذا الرئيس في التليفون أنه لا يدري شيئا عن كنه هذا المخدر ومدى سميته، هذا إلى جانب أنه موظف مختص بتحضير الأدوية ومنها المخدر ومسئول عن كل خطأ يصدر منه، ومن أنه لجأ في الاستفسار عن نسبة تحضير هذا المخدر إلى زميل له قد يخطئ وقد يصيب، وكان لزاما عليه أن يتصل بذوي الشأن في المصلحة التي يتبعها أو الاستعانة في ذلك بالرجوع إلى الكتب الفنية الموثوق بها كالفارماكوبيا، ومن إقراره صراحة بأنه ما كان يعرف شيئا عن هذا المخدر قبل تحضيره، فكان حسن التصرف يقتضيه أن يتأكد من النسب الصحية التي يحضر بها فلا ينساق في ذلك وراء نصيحة زميل له ومن أنه لم ينبه المتهم الثاني وغيره من السادة الدكاترة ممن قد يستعملون هذا المحلول بأنه استعاض به عن النوفوكايين......" ولما كان ما أثبته الحكم من أخطاء وقع فيها الطاعن يكفي لحمل مسئوليته جنائيا ومدنيا، وكان يبين من الاطلاع على تقرير الصفة التشريحية التي باشرها الطبيب الشرعي والمودعة بين مفردات القضية وأمرت هذه المحكمة بضمها، أن هذا التقرير قد تضمن مذكرة المستشفى المحررة في يوم الحادث (24/ 3/ 1955)، ومما جاء بهذه المذكرة أن المجني عليها أعطيت قبل العملية بنصف ساعة أنبول مورفين أتربين وأعطيت بنج موضعي نوفوكايين 1% والكمية التي أعطيت Infiltration تبلغ سبعين سنتيمترا مكعبا بعد البنج، كذلك تضمن التقرير صورة من مذكرة النيابة ورد بها أنه بسؤال الدكتور علي نويتو (الذي باشر العملية) علل ما حدث بأن للمريضة حساسية خاصة أثر فيها البنج، وانتهى الطبيب المشرح في تقريره إلى أنه ثبت من التحليل أن المحلول الذي استعمل في إحداث التخدير الراشح الموضعي في حالة المريضة المتوفاة لم يكن محلول نوفوكايين وإنما كان محلول بونتوكايين وأن نسبة البونتوكايين في المحلول قدرت بنحو 1% والثابت علميا أن البونتوكايين أشد سمية من النوفوكايين، وأنه لذلك يستعمل في إحداث التخدير الراشح الموضعي بالحقن تحت الجلد بنسبة ضعيفة تتراوح بين 1: 1000 و 1: 800 وليس بنسبة 1% كما حدث في حالة المريضة المتوفاة، أو كما هو الحال عند ما يستعمل النوفوكايين، وأثبت الطبيب الشرعي كذلك أن استعمال البونتوكايين بالتركيز الحالي بنسبة 1% في حالة المريضة المتوفاة، وبالكمية المحقونة والتي بلغت 70سم3 من المحلول، هذا الاستعمال جاء مخالفا للتعاليم الطبية، وقد أدى إلى حصول وفاة المريضة بعد فترة دقائق من حقنها بالمحلول نتيجة الأثر السام للبونتوكايين بالتركيز وبالكمية التي حقنت بها، ولما كان ما ورد بنتيجة هذا التقرير صريحا كل الصراحة في أن الوفاة نتيجة التسمم، وقد حدثت بعد دقائق من حقن المجني عليها بهذا المحلول، وهو ما اعتمد عليه حكم محكمة أول درجة المؤيد استئنافيا لأسبابه بصفة أصلية في إثبات توافر علاقة السببية، لما كان ذلك، وكانت العلاقة السببية في المواد الجنائية هى علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا أتاه عمدا، أو خروجه فيما يرتكبه بخطئه - كما هو الحال في هذه القضية - عن دائرة التبصر بالعواقب العادية لسلوكه والتصوّن من أن يلحق عمله ضررا بالغير، وكانت إباحة عمل الطبيب أو الصيدلي مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة، فإذا فرط أحدهما في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته، أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله، لما كان ذلك مقررا، وكان الحكم قد بين قيام علاقة السببية بين خطأ الطاعن وبين وفاة المجني عليها بيانا كافيا، وأثبت أن الطاعن الأول كان على علم بالغرض من تحضير المحلول فإن ما جاء بوجه الطعن عن قصور الحكم في هذا البيان لا يكون له محل، أما ما ورد بالحكم من أنه "لا محل لمناقشة وجود الحساسية لدى المجني عليها من عدمه طالما أن الوفاة كانت متوقعة" فإنه فضلا عن وروده في معرض الرد على دفاع الطاعن، وما جاء بأقوال الأطباء الذين رجح بعضهم - كما هو ظاهر من مدونات حكم محكمة أول درجة - وجود تلك الحساسية، واعتقد البعض الآخر وجودها ولم يمنع فريق ثالث حدوث الوفاة حتى مع وجودها وليس فيما قاله الحكم من ذلك بشأن الحساسية ما ينقض أو يتعارض مع ما أفصحت عنه المحكمة بصورة قطعية في بيان واقعة الدعوى وعند سرد أدلتها، وأخذت فيه كما سبق البيان بما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن الوفاة نشأت مباشرة من التسمم بمادة البونتوكايين. ولما كان الطاعن على ما أثبته الحكم وما تقدم بيانه كذلك هو الذي حضر تلك المادة مخطئا في تحضيرها فإنه يكون مسئولا عن خطئه مستقلا عن خطأ غيره الذي استعمل هذا المحلول، ذلك بأن الشارع إذ عبر في المادة 238 من قانون العقوبات بعبارة "التسبب في القتل بغير قصد" فقد أراد أن يمد نطاق المسئولية لتشمل كل من كان له نصيب في الخطأ، وما دام يصح في القانون أن يقع الحادث بناء على خطأ شخصين أو أكثر، ولا يسوغ في هذه الحالة القول بأن خطأ أحدهم يستغرق خطأ الآخر أو ينفي مسئوليته، ويستوي في ذلك أن يكون أحد هذه الأخطاء سببا مباشرا أو غير مباشر في حصول الحادث، لما كان ذلك، وكان الحكم حين أشار إلى ظروف الطاعن وزميله ووصفها بأنها ظروف قاسية إنما كان يعني تبرير اختيار المحكمة أخف العقوبتين المقررتين قانونا لجريمة القتل غير المقصود، وإنه إذا كانت النيابة قد استأنفت الحكم الابتدائي ورأت المحكمة الاستئنافية بإجماع آراء قضاتها، عند نظر هذا الاستئناف أن ترفع عقوبة الغرامة إلى الحد الذي حكمت به، وكانت لم تخرج في تقدير العقوبة عن النص القانوني، فإن قضاءها يكون سليما مطابقا للقانون، ما دامت هى قد رأت - وهى على بينة من حقيقة الواقعة - تناسب العقوبة التي قضت بها مع الفعل الذي ثبت ارتكابه، وهو ما يدخل في حدود سلطتها لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول لا يكون له أساس ويتعين رفضه موضوعا.

"عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني"
من حيث إن الطاعن الثاني يبني طعنه على أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه شابه القصور وفساد الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الخطأ الذي أسندها الاتهام إليه عند رفع الدعوى هو أنه استعمل مخدر البونتوكايين دون أن يستوثق من نوعه. وقد دفع الطاعن التهمة أمام المحكمة بأن تحضير المخدر هو من عمل الصيدلي المختص يجريه تحت إشراف مدير المستشفى، وأن الطاعن بوصف كونه جراحا في مستشفى حكومي يدار على نظام التخصص ليس من واجبه أن يستوثق من نوع المخدر الذي أعده الصيدلي أو من صلاحيته، وأنه متى كان المخدر معدا في غرفة العمليات، فمعناه أنه حضر تحضيرا صحيحا ويجب استعماله مباشرة دون حاجة إلى بحث كيفية تحضيره وقد التفتت محكمة أول درجة عن هذا الدفاع، ودانت الطاعن على أساس الخطأ السلبي، وأضافت إليه خطأ جديدا هو أن العملية الجراحية موضوع الاتهام يستغرق إجراؤها ساعة ولم يستعن الطاعن بأخصائي في التخدير. وقد أيدت محكمة ثاني درجة الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن ترد على هذا الدفاع، وهو ما يعيب حكمها، وفضلا عن ذلك فقد أسس الحكم الابتدائي المؤيد استئنافا لأسبابه قضاءه بإدانة الطاعن على فرض استطرد إليه أخذا بما جاء في شهادة كبير الأطباء الشرعيين من أن سبب وفاة المجني عليها يرجع إلى حساسية خاصة لديها نحو مادة البونتوكايين، وهو ما ينفي رابطة السببية بين وفاتها وبين الخطأ الذي وقع من الصيدلي في تحضير المخدر، ثم مضى الشاهد يقول إنه كان من المحتمل أن تموت المجني عليها بسبب الخطأ الذي وقع من الصيدلي، ولو لم تكن عندها حساسية فرتبت محكمة أول درجة على ذلك قولها أنه لا حاجة لمناقشة مسألة الحساسية متى كانت وفاة المجني عليها متوقعة حتى ولو لم تكن عندها حساسية، وبذلك تكون المحكمة أقامت حكمها على افتراض حصول الموت من المخدر دون واقع الحال من وجود الحساسية، ولا يتصور قانونا قيام رابطة السببية في جريمة القتل الخطأ إلا حيث يكون الخطأ متصلا بالقتل إتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل دون هذا الخطأ، وقد سايرت المحكمة الاستئنافية محكمة أول درجة في التعويل على ما قالته الأخيرة على الرغم من انتفاء رابطة السببية لوجود تلك الحساسية، مما يجعل الحكم المطعون فيه مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيا لأسبابه بين واقعة الدعوى على الصورة الواردة في صدر هذا الحكم وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ثم عرض لبيان ركن الخطأ المسند إليه بقوله: "إنه طلب من الممرضة والتمورجي أن يقدما له بنجا موضعيا بنسبة 1% دون أن يعين هذا المخدر ودون أن يطلع على الزجاجة التي وضع فيها هذا المخدر ليتحقق مما إذا كان هو المخدر الذي يريده أم غيره، ومن أن الكمية التي حقن بها المجني عليها تفوق إلى أكثر من الضعف الكمية المسموح بها، ومن أنه قبل أن يجري عملية جراحية قد تستغرق ساعة فأكثر دون أن يستعن بدكتور خاص بالمخدر ليتفرغ هو إلى مباشرة العملية، ومن أن الحادث وقع نتيجة مباشرة لإهماله وعدم تحرزه بأن حقن المجني عليها بمحلول البونتوكايين بنسبة 1% وهى تزيد عشر مرات عن النسبة المسموح بها فتسممت وماتت......". لما كان ذلك، وكان ما يقوله الطاعن من أن عمله في مستشفى عام قائم على نظام التقسيم والتخصص يعفيه من أن يستوثق من نوع المخدر وصلاحيته، وأنه مادام ذلك المخدر قد أعد من موظف فني مختص وأودع غرفة العمليات، فإنه في حل من استعماله دون أي بحث، وأن الطاعن أبدى هذا الدفاع أمام درجتي التقاضي فلم ترد المحكمة عليه. ولما كان هذا الدفاع من جانب الطاعن هو دفاع موضوعي لا تلزم المحكمة بالرد عليه بل إن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة على خطأ الطاعن، وأسست عليها إدانته، وهو ما أولته المحكمة بحق على أنه خطأ طبي وتقصير من جانب الطاعن لا يقع من طبيب يقظ يوجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول بما يفيد أنه وقد حل محل أخصائي التخدير، فإنه يتحمل إلتزاماته ومنها الاستيثاق من نوع المخدر، أما قول الطاعن بأن المحكمة أسندت إليه خطأ جديدا لم يرد في وصف التهمة هو أنه لم يستعن بأخصائي في التخدير مع طول الوقت اللازم للعملية التي يجريها، هذا القول لم يكن إلا استطرادا من المحكمة في بيان مدى الخطأ الذي وقع من الطاعن مستمدة ذلك من أقوال الطاعن نفسه الثابتة بمحضر الجلسة، ولا جناح على المحكمة إذا هى أشارت إلى هذه الواقعة - التي لها أصل ثابت في التحقيقات النهائية أمام المحكمة - بيانا لعناصر الخطأ الذي ثبت في حق الطاعن، وما دام أن الخطأ الذي تضمنه وصف التهمة وأثبته الحكم في جانب الطاعن كاف وحده لحمل الحكم بإدانته، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في الوجه الثاني من طعنه بشأن وجود الحساسية وما قاله الحكم افتراضا من أن الوفاة كانت متوقعة حتى دون وجود تلك الحساسية، مع أن ظهورها بالمجنى عليها ينفي علاقة السببية بين فعل الطاعن والوفاة، ما يثيره الطاعن من ذلك قد سبق الرد عليه في أسباب هذا الحكم الخاصة بطعن الطاعن الأول، ولما كان تقرير الصفة التشريحية كما نقل عنه الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيا لأسبابه قد أثبت في نتيجته على ما تقدم ذكره في أسباب هذا الحكم أن استعمال المخدر بالنسبة التي حضر بها وبالقدر الذي استعمل في تخدير المجني عليها هو الذي أدى إلى تسممها فوفاتها، وكان الحكم قد عول في إثبات العلاقة السببية على هذا الدليل الفني المستمد من حالة الجثة وما شاهده الطبيب الشرعي فيها من علامات الوفاة، فإن ما ذهب إليه الطاعن من أن المحكمة أسست قضاءها على الافتراض لا يكون سديدا، لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن الثاني يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

"الطعن المقدم من الطاعنة الثالثة"(وزارة الصحة)
من حيث إن محصل الطعن المقدم من الطاعنة الثالثة هو أن الحكم المطعون فيه أنطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أنه دان المتهمين الأول والثاني جنائيا، وقضى بمسئوليتهما مدنيا مع الطاعنة في حين أنه لم يقع منهما خطأ، فوظيفة المتهم الأول أنه صيدلي يقوم بتركيب الدواء سدا لحاجة المستشفى وقد قام بإعداد ما طلب إليه وفقا لتعليمات إدارة المستشفى ومن ثم كان عمله بعيدا عن الخطأ، ووظيفة الثاني هى إجراء العمليات الجراحية بما يستتبعها من حقن المريض بالمخدر وهو غير ملزم بالكشف عن نسبة المحلول المخدر الذي يحقن به كل مريض قبل إجراء الجراحة ولا يصح أن يكلف الطبيب بالبحث عن نسبة المحلول أو التحقق من صلاحيته، وكل ما يلزم به هو حقن المريض بالمحلول الذي يقدم له بعد الاستيثاق من أنه مخدر حضر طبيا بالمعمل دون التثبت من كنه هذا المحلول أو النسب المركب منها، وإنما هو بوصف كونه طبيبا جراحا يسال عن الخطأ الجسيم في الجراحة ذاتها وعن مخالفة أصول الفن مخالفة صارخة، وهو لم يقع منه خطأ في الجراحة التي طلب منه إجراءها. وما دامت الوفاة لا تتصل من قريب أو بعيد بالعملية ذاتها، وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع وسايرها في ذلك المتهمان، غير أن المحكمة قد التفتت عن الرد عليه ردا سائغا مقبولا مما يعيب حكمها بالقصور، وتقول الطاعنة في الوجه الثاني من طعنها أن الحكم شابه قصور آخر في التسبيب إذ قضى بتعويض قدره ثلاثة آلاف جنيه دون أن يفصل عناصر هذا التعويض أو يستظهرها، فيبين عناصر التعويض عن الضرر الأدبي والضرر المادي كل على حدة، كما أنه لم يبين الضرر المادي الذي أصاب كل فرد من المدعين بالحقوق المدنية وما يستحقه جبرا لهذا الضرر، بل جاء تقديره جزافا، وهو ما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن ما جاء بالوجه الأول من وجهي الطعن قد سبق الرد عليه فيما تقدم من أسباب هذا الحكم عند بحث الخطأ الذي وقع من الطاعنين الأول والثاني، وهو الخطأ الذي أثبته حكم محكمة أول درجة مؤيدا بالحكم الاستئنافي في حقهما، وعند التحدث عن مدى مسئولية الطبيب عن الخطأ الذي يقع منه مما لا حاجة معه لإعادة الكلام فيه.
وحيث إن ما جاء بالوجه الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيد قد أورد الاعتبارات التي من أجلها قدر التعويض بالمبلغ الذي قدره، وكان الضرر المادي والضرر الأدبي سيان في إيجاب التعويض لمن أصابه شئ منهما وكلا الضررين خاضع لسلطة المحكمة، ولما كان المدعون بالحقوق المدنية قد طلبوا الحكم لهم بالتعويض قبل المتهمين بالتضامن على أساس أنهما ارتكبا الفعل الضار الذي نسب إليهما، وكان التضامن في القانون معناه أن يكون كل من المطالبين به ملزما للطالب واحدا أو أكثر بكل المبلغ المطلوب، لما كان ذلك وكان تعديل قيمة التعويض من المحكمة الاستئنافية زيادة أو نقصا إنما هو أمر موضوعي يدخل في سلطة المحكمة، فإن مجادلة الطاعنة في هذا الشأن لا تكون مقبولة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعنة على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الجمعة، 1 مايو 2020

الطعن 649 لسنة 30 ق جلسة 3/ 10/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 122 ص 652


جلسة 3 من أكتوبر سنة 1960
برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: عادل يونس، وعبد الحسيب عدي، ومحمود إسماعيل، وحسن خالد المستشارين.
--------------
(122)
الطعن رقم 649 سنة 30 القضائية

) إثبات. إقناعية الدليل: استدلال.
جواز الاستناد إلى ما تضمنه محضر تحريات الشرطة المطروح بالجلسة لتعزيز ما ساقته المحكمة من أدلة.
(ب) سلاح. نقض. أسباب موضوعية:
المنازعة في صلاحية السلاح للاستعمال وعدم عرضه على الطبيب الشرعي لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

------------
1 -  [(1)] للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث.
2 - ما يثيره الطاعن من منازعة في صلاحية السلاح للاستعمال وعدم عرضه على الطبيب الشرعي هو دفاع يتعلق بموضوع الدعوى - فإذا كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أبدى هذا الدفع أو طالب بفحص السلاح فلا يقبل منه التقدم بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن مع آخر حكم عليه ببراءته بأنهما حازا بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية إيطالي" وأحالتهما إلى محكمة الجنايات بالمواد 1 و26/ 2 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرفق. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة السلاح المضبوط فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون حين دان الطاعن بجريمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص على رغم عدم صلاحية السلاح للاستعمال وانقطاع صلة الطاعن به، ذلك أن البندقية موضوع الاتهام كما وصفتها النيابة العامة لدى معاينتها قديمة ويعلوها الصدأ ومشطها المعد لحفظ الطلقات مفقود وإن كانت تبدو صالحة للاستعمال وقرر المتهم الأول في الدعوى الذي قضى ببراءته أنه وجد هذه البندقية في الصحراء غير مستعملة وفي حالة صدأ ولم تقم المحكمة بفض حرز السلاح ومعاينته للتحقيق من حالته ومدى صلاحيته للاستعمال وهل هو على الوصف الذي وصفته به النيابة وخاصة أنه لم يعرض إلا على "توفكجي" المديرية - لا على الطبيب الشرعي، ولا يقبل القول بصلاحية هذا السلاح للاستعمال بدعوى قابليته للإصلاح لتعارض هذا القول مع الفهم الصحيح للقانون الذي يشترط الصلاحية الفورية للاستعمال. كما أن الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن على تحريات مجهولة المصدر لم تعقبها مراقبة، وأطرح أقوال المتهم الأول في الدعوى التي تنفي عن الطاعن صلته بالسلاح المضبوط أو علمه به - وغاية ما يستخلص من تلك الأقوال أن التهمة شائعة بما لا يمكن معه إثبات ملكية السلاح لأيهما مما حدا بالنيابة العامة في مبدأ الأمر إلى قيد الواقعة ضد مجهول وحفظها، وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم 24/ 11/ 1958 بدائرة مركز إمبابة قام الملازم أول محمود لبيب ضابط المباحث بعد إذن النيابة بتفتيش منزل المتهم الثاني "محمود قطب موسى" (الطاعن) حيث عثر البوليس الملكي رفاعي إسماعيل على بندقية من النوع الايطالي وقد ذكر له المتهم الأول الذي كان موجوداً وقت التفتيش بأن والده المتهم الثاني يحتفظ بها منذ مدة طويلة ثم عاد وغير سؤاله واعترف بملكيتها وقرر أنه عثر عليها بالصحراء وقد تبين من تقرير فحص السلاح صلاحيتها للاستعمال. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة شاهدي الإثبات، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها الطاعن. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في صلاحية السلاح موضوع الاتهام للاستعمال وعدم عرضه على الطبيب الشرعي هو دفاع يتعلق بموضوع الدعوى، ولا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أبدى هذا الدفع أو طالب بفحص السلاح فلا يقبل منه التقدم بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان الحكم قد اطمأن للأسباب السائغة التي أوردها إلى صلاحية السلاح للاستعمال، وكان الطاعن لا يدعي في وجه طعنه أن ما ورد في تقرير الخبير الذي اعتمدته المحكمة لا يطابق الحقيقة، وكان من المقرر أن تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء مرجعه إلى محكمة الموضوع إذ هو يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى حيازة الطاعن للسلاح المضبوط وأطرحت أقوال المتهم الأول في الدعوى بما لها من سلطة في الأخذ بما تطمئن إليه من أدلة الدعوى وعناصرها والالتفات عما لا ترى الأخذ به منها لعدم اطمئنانها إلى صحته، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، وكان باقي ما يثيره الطاعن في طعنه ينحل في حقيقته إلى جدل في موضوع الدعوى مما لا يقبل طرحه على محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.


[(1)] المبدأ ذاته في الطعن 1391/ 30 ق - (جلسة 23/ 1/ 1961).

الطعن 1329 لسنة 29 ق جلسة 4 / 1/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 1 ص 7

جلسة 4 من يناير سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسي جندي، ومحمود حلمي خاطر, وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
--------------
(1)
الطعن رقم 1329 سنة 29 القضائية
(أ، ب) إثبات. شهادة. استدلال. جمعه. تحرير محضر بإجراءاته.
جواز تجهيل شخصية المرشد وعدم الإفصاح عنها من مأمور الضبط القضائي.
عدم اشتراط القانون تحرير محضر بتحريات رجل الضبطية القضائية.
--------------
1 - لا يشترط القانون تحرير محضر بالتحريات من رجل الضبطية القضائية، وما دام هو قد قرر في التحقيق أنه قام بمباشرة التحريات وأدلى بما أسفرت عنه - فإن ما ينعاه المتهم من أن الحكم أسس على إجراءات باطلة يكون على غير أساس.
2 - لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز حشيشاً وأفيوناً في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول رقم 1 الملحق به. فقررت بذلك، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه بني على إجراءات باطلة وشابه التناقض وأخل بحق الدفاع، وفي ذلك يقول إن الضابط لم يحرر محضر تحريات وإنما أثبت بصدر محضره أنه نمى لعلمه أن الطاعن يتجر في المخدرات وأنه حريص في تجارته، وهذا يخالف المألوف في قضايا المخدرات من القيام بتحريات تتبعها مراقبة للتأكد من جديتها واستصدار إذن من النيابة بالتفتيش، وهو ما لم يتبعه الضابط مما يفيد تلفيق الاتهام، خاصة وأن أحداً من الشهود لم يقل بالتأكد من حيازة الطاعن للمخدر، وأغفل الضابط تفتيش منزل الطاعن ومتجره مع القول بأنه أحضر المخدر من مسكنه، ولم يخطر النيابة بالحادث إلا في اليوم التالي، هذا إلى أن المحكمة عولت في إدانة الطاعن على أقوال الضابط والكونستابل مع ما شابها من تناقض، وليس من المعقول أن يسير الضابط في الطريق ويكمن بأحد المنازل القريبة من متجر الطاعن دون أن يثير الريبة في أمره، وقال الحكم إن المدة التي قضاها الضابط في مكمنه لم تكن سوى دقائق معدودة مع أن تقديم المرشد - الكونستابل - للطاعن وسؤاله عن المخدر ودخول الأخير لمنزله وإحضاره ثم تناول اللفافة وفحصها يقتضي وقتاً، هذا مضافاً إلى أنه من غير المعقول أن يرصد الضابط حركات الطاعن وهو بداخل دكانه ويشاهده وهو يخرج لفافة صغيرة وهو على بعد ستة أمتار منه، مع أن الكونستابل الملاصق للطاعن لم ير الكيس بيده، ومن غير المقبول أيضاً إحضار الطاعن للمخدر علانية في مكان ملئ بالمارة وتسليمه للكونستابل وهو لا يعرفه قبل أن ينقده ثمنه، خاصة إذا ما روعي حرصه في تجارته كالمستفاد من تقرير الضابط، هذا فضلاً عن أن الدفاع عنه طلب من المحكمة أن يكشف المرشد عن شخصيته ويؤدي الشهادة أمامها وقال بأن الكونستابل الذي ساهم في ضبطه تقدم إليه في اليوم السابق للحادث مع زوج مالكة المنزل، الذي يسكنه وطالباه بدفع الإيجار المتأخر في ذمته فأرجأهما لليوم التالي، وقد حضر إليه الكونستابل وقبض عليه واقتاده للضابط الذي كان يقف بالطريق، وقد شهد بهذه الرواية ابن الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن الصاغ سعيد محمد وكيل فرع مكافحة المخدرات بالقاهرة علم أن الطاعن وهو صاحب محل سجاير يتجر في المواد المخدرة، وللتحقق من ذلك استعان بأحد المرشدين السريين وكلف الكونستابل الممتاز علي درويش بموافقته والتظاهر بشراء كمية من المخدرات من الطاعن وإذا استحضر الأخير شيئاً منها يعطيه إشارة لمساعدته في ضبطه. ويوم الحادث حوالي الساعة السادسة والنصف مساءً انتقل الضابط ومعه الكونستابل والمرشد بعد أن فتشهما إلى دكان الطاعن وكمن الضابط في أحد المنازل قريباً منه يرقب الحالة وتوجه المرشد والكونستابل للطاعن حيث سأله المرشد عن مخدر يشتريه الكونستابل فدخل الطاعن لمنزله المجاور وعاد وبيده كيس من القماش أخرج منه لفافة سلفان خضراء بها مادة الحشيش وناولها للكونستابل، وبعد أن شم رائحتها أعطى الإشارة، للضابط ثم أمسك بالطاعن فألقى بالكيس من يده إلى الأرض وأسرع الضابط إليهم والتقط الكيس وعثر به على تسع عشرة لفافة من السلفان الأزرق والأخضر بها مادة الحشيش حسبما أسفر عنه التحليل وزنها 25.2 جراماً" وقد استند الحكم في الإدانة إلى أقوال الضابط والكونستابل وتقرير التحليل، وعرض لدفاع المتهم بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على دفاع المتهم من أن التهمة ملفقة من خليل محيي الدين زوج صاحبة المنزل بالاشتراك مع الكونستابل، إذ ينفي ذلك ما شهد به الشاهدان اللذان تطمئن المحكمة إلى أقوالهما ويساعدها على ذلك أنه لم يثبت وجود صلة بين الكونستابل وبين خليل محيي الدين، وقد شهد الصاغ سعيد محمد سعيد بالجلسة أن المرشد تابع لمكتب المخدرات ويحصل على مكافأة، فضلاً عن أن المتهم لم يقم الدليل على صحة دفاعه ولا تطمئن المحكمة إلى أقوال ابنه شوقي في التحقيقات إذ قصد بها تخليص والده من التهمة....." ويبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الطاعن والمدافع عنه لم يطلب صراحة استدعاء المرشد لسؤاله، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته. لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى كما أوردها الحكم تكشف عن توافر حالة التلبس في حق الطاعن طبقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ولرجل الضبطية القضائية في هذه الحالة أن يقبض على المتهم ويفتشه دون صدور إذن من النيابة، وكان القانون لا يشترط تحرير محضر بالتحريات من رجل الضبطية القضائية وما دام هو قد قرر في التحقيق أنه قام بمباشرة تحريات وأدلى بما أسفرت عنه - وكان تقدير أدلة الدعوى من خصائص محكمة الموضوع حسبما تطمئن إليه دون معقب عليها - لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال الضابط والكونستابل من ضبط الطاعن بالمخدر وتوافر حالة التلبس بما يفيد إطراح دفاعه في هذا الصدد فضلاً عن أنها تناولت هذا الدفاع وردت عليه رداً سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص الإدانة من أقوال الشاهدين استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، وكان للمحكمة أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وتطرح ما عداه في أي مرحلة من مراحل التحقيق دون أن تبدي لذلك أسباباً، لأن ذلك يدخل في حقها في تقدير أدلة الدعوى حسبما تطمئن إليه، لما كان ما تقدم فإن ما ينعاه الطاعن من أن الحكم أسس على إجراءات باطلة ومتناقضة يكون على غير أساس. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن لا يكون سديداً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1 لسنة 30 ق جلسة 21 / 3/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 نقابات ق 2 ص 4

جلسة 21 من مارس سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
------------
(2)
الطعن رقم 1 لسنة 30 القضائية (1(
شروط القيد بجدول المحامين. ما لا يستلزمه قانون المحاماة.
عدم مضي مدة معينة على الحصول على درجة الليسانس أو الاشتغال بأعمال فنية معينة.
----------------
لم يشترط القانون للاشتغال بمهنة المحاماة عدم فوات مدة معينة على الحصول على درجة الليسانس في القانون، أو ضرورة الاشتغال في أعمال فنية معينة طالما أن الأعمال التي اضطلع بها الطاعن لا تمس حسن السمعة أو تخل بالاحترام الواجب للمهنة وتوافرت فيه باقي الشروط القانونية.

الوقائع
تقدم الطاعن إلى لجنة قبول المحامين بطلب نقل اسمه من جدول المحامين غير المشتغلين إلى جدول المشتغلين. قررت اللجنة غيابياًًًًً رفض الطلب. عارض الطاعن. قررت اللجنة تأييد القرار المعارض فيه. طعن الطاعن في هذا القرار بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن القرار المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى برفض معارضة الطاعن وتأييد القرار الصادر برفض نقل اسمه إلى جدول المحامين المشتغلين استناداًًًًً إلى أنه كان يمارس وظائف كتابية طوال مدة خدمته التي بلغت أربعة وثلاثين عاماًًًًً فانقطعت بذلك صلته بالدراسة القانونية، مع أنه أمضى في خدمة النيابات والمحاكم اثنين وثلاثين عاماًًًًً كان عمله في خلالها وثيق الصلة بالقانون وتطبيقه كما هيأ له عمله كرئيس لأقلام النقض فرصة الاتصال المستمر بالنشاط القضائي ومتابعته، وقد وصل إلى نهاية التدرج الوظيفي محمود السيرة ونال تقديراًًًًً من الدولة على إثر تقاعده مما يجعله جديراًًًًً بالاشتغال بالمحاماة ويكون القرار المطعون فيه مجافياًًًًً للقانون متنافياًًًًً مع حرية الفرد في مزاولة العمل الذي تتوافر لديه كافة الشرائط التي فرضها الشارع لتنظيم ممارسة المحاماة وماساًًًًً بحقه المكتسب في مزاولة هذه المهنة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن محصل الواقعة أن الطاعن بعد أن حصل على ليسانس الحقوق من مدرسة الحقوق في دور يونيه سنة 1925 قيد اسمه بجدول المحامين تحت التمرين في 16 أغسطس سنة 1927، ونقل إلى جدول غير المشتغلين في 24 سبتمبر سنة 1933، وتبين من الاطلاع على ملف خدمته أنه التحق ببلدية الإسكندرية في 19 يوليه سنة 1926 وظل بها إلى 16 أكتوبر سنة 1928 حيث عين كاتباًًًًً من الدرجة الثامنة بالقسم الجنائي بنيابة الإسكندرية وأخذ يتدرج في عمله إلى أن رقي إلى الدرجة الثانية في 11 أبريل سنة 1954، ثم نقل إلى دائرة نيابة شمال القاهرة مع ندبه للعمل بمكتب النائب العام في 26 يونيه سنة 1954 ثم عين رئيساًًًًً لقلم النقض الجنائي في 17 أبريل سنة 1954 إلى أن صدر قرار وزاري رقم 331 لسنة 1959 برفع اسمه من سجل قيد موظفي النيابة العامة لإحالته إلى المعاش اعتباراًًًًً من 15 يونيه سنة 1959 - التاريخ التالي لبلوغه سن الستين، وقد تقدم الطاعن بتاريخ 7 يونيه سنة 1959 إلى لجنة قبول المحامين بمحكمة استئناف القاهرة بطلب نقل اسمه من جدول المحامين غير المشتغلين إلى جدول المحامين المشتغلين اعتباراًًًًً من 15 يونيه سنة 1959 تاريخ إحالته على المعاش، فقررت هذه اللجنة غيابياًًًًً في 5 أغسطس سنة 1959 رفض طلبه تأسيساًًًًً على ما تبين من الاطلاع على ملف خدمته من أنه اشتغل كاتباًًًًً مدة أربعة وثلاثين عاماًًًًً فانقطعت بذلك صلته بالقانون مما رأت معه اللجنة أنه غير صالح للاشتغال بالمحاماة، ولما أعلن بهذا القرار في 15 أكتوبر سنة 1959 عارض فيه في التاريخ ذاته وقضي في معارضته بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1959 بقبولها شكلاًًًًً ورفضها موضوعاًًًًً وتأييد القرار المعارض فيه أخذاًًًًً بأسبابه. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد توافرت فيه شروط القيد بجدول المحامين المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم وله تبعاًًًًً لذلك أن يطلب إلى لجنة قبول المحامين إعادة قيد اسمه بجدول المحامين المشتغلين، ولما كان القانون لم يشترط للاشتغال بمهنة المحاماة عدم فوات مدة معينة على الحصول على درجة الليسانس في القانون أو ضرورة الاشتغال في أعمال فنية معينة طالما أن الأعمال التي اضطلع بها الطاعن لا تمس حسن السمعة أو تخل بالاحترام الواجب للمهنة وتوافرت فيه باقي الشروط القانونية، فإن القرار المطعون فيه إذ رفض طلب نقل قيد اسمه إلى جدول المحامين المشتغلين يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك نقضه وإعادة قيد اسم الطاعن إلى جدول المحامين تحت التمرين.

 (1)المبدأ ذاته في الطعن 40 لسنة 29 ق محامين (جلسة 14/ 3/ 1960).

الطعن 41 لسنة 29 ق جلسة 5 / 1/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 نقابات ق 1 ص 1

جلسة 5 من يناير سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
---------------
(1)
الطعن رقم 41 لسنة 29 القضائية
محاماة :
شروط القيد بجدول المحامين تحت التمرين. ما لا يتعارض مع حسن السيرة والاحترام الواجب لمهنة المحاماة. سابقة العمل بالجيش البريطاني.
----------------
اشتغال الطاعن بالجيش البريطاني فترة من الزمن، ثم تعيينه بعد ذلك بإحدى وظائف الحكومة بمجرد إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية وبقاؤه بها إلى أن اعتزلها من تلقاء نفسه لا يتعارض مع حسن السيرة والاحترام الواجب لمهنة المحاماة.

الوقائع
تقدم الطاعن بعد حصوله على ليسانس الحقوق بطلب قيد اسمه بجدول المحامين العام. فقررت لجنة القيد غيابياًًًًً برفض الطلب لأن الطاعن لا تنطبق عليه شروط الفقرة الرابعة من المادة الثانية من القانون رقم 96 لسنة 1957 فعارض في هذا القرار وقضي في معارضته بتأييد القرار المعارض فيه. فطعن الطاعن في هذا القرار بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، إذ استند في رفض طلب قيد الطاعن بجدول المحامين إلى أنه كان يعمل كاتباًًًًً بالجيش البريطاني وأنه بذلك لا يتوافر في حقه الشرط الوارد بالفقرة الرابعة من المادة الثانية من قانون المحاماة مع أن هذا العمل لا يشين الطاعن ولا يجعله غير محمود السيرة والسمعة أو غير أهل للاحترام الواجب للمهنة إذ لم يكن يوجد قانون يمنع المواطن من العمل بالجيش البريطاني في ذلك الحين، هذا إلى أن الطاعن قد بادر بمجرد إلغاء المعاهدة إلى ترك عمله بالجيش البريطاني والتحق بوظيفة حكومية ظل يعمل بها من عام سنة 1951 إلى سنة 1957 حيث استقال ليتفرغ لدراسته، ولو صح أن في اشتغاله بالجيش البريطاني ما يشينه لما قبلت الحكومة تعيينه في إحدى وظائفها.
وحيث إنه لما كان الثابت من القرار المطعون فيه أن الطاعن حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة سنة 1959 وأنه كان يعمل بالجيش البريطاني في المدة من سنة 1942 إلى سنة 1951 ثم عين بعد ذلك بالورش الأميرية ضمن عمال القنال من أول نوفمبر سنة 1951 ثم عين كاتباًًًًً في الدرجة الثامنة بوزارة الشئون الاجتماعية في 21 سبتمبر سنة 1954 وظل بها إلى أن صدر قرار بإنهاء خدمته اعتباراًًًًً من 27/ 10/ 1957 لانقطاعه عن العمل واعتباره مستقيلاًًًًً طبقاً للمادة 112 من قانون الموظفين، وقد استند القرار في رفض طلب الطاعن إلى أنه كان يعمل بالجيش البريطاني بوظيفة كاتب إلى أن عين بالورش الأميرية ضمن عمال القنال مما يجعل الشرط الوارد في الفقرة الرابعة من المادة الثانية من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 غير متوافر في حقه. لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 96 لسنة 1957 تنص على أنه يشترط فيمن يقيد اسمه بجدول المحامين أن يكون مصرياًًًًً متمتعاًًًًً بالأهلية المدنية الكاملة حاصلاًًًًً على درجة الليسانس في القانون من إحدى كليات الحقوق في الجامعات المصرية.... وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة أهلاًًًًً للاحترام الواجب للمهنة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام قضائية أو تأديبية أو اعتزل وظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بالذمة أو بالشرف، وكان اشتغال الطاعن بالجيش البريطاني فترة من الزمن ثم تعيينه بعد ذلك بإحدى وظائف الحكومة بمجرد إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية وبقائه بها إلى أن اعتزلها من تلقاء نفسه لا يتعارض مع حسن السيرة والاحترام الواجب لمهنة المحاماة. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن باقي الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون المشار إليه قد توافرت في حقه فإنه يتعين إلغاء القرار المطعون فيه وقبول الطلب وقيد اسم الطاعن بجدول المحامين تحت التمرين.

الطعن 1563 لسنة 29 ق جلسة 10/ 5/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 84 ص 424


جلسة 10 من مايو سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان, ورشاد القدسي المستشارين.
---------------
(84)
الطعن رقم 1563 لسنة 29 القضائية

(أ) أمر بألا وجه. العودة إلى التحقيق.
متى يعد الدليل جديداً؟ عندما يكون مجهولاً من المحقق أو استوفى عناصره التي حالت دون تحقيقه.
(ب) قتل عمد. الظروف المشددة للعقوبة.
ارتباط القتل بجنحة: الفصل في قيام الارتباط السببي المشار إليه في المادة 234/ 3 ع أو عدم قيامه أمر موضوعي يستقل به قاضي الدعوى.

-----------------
1 - قوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بأن لا وجه لإقامتها، أو أن يكون تحقيق الدليل بمعرفته غير ميسر له من قبل - إما لخفاء الدليل نفسه أو فقدانه أحد العناصر التي تعجز المحقق عن استيفائه.
2 - قيام علاقة السببية أو عدم قيامها وكذلك قيام الارتباط السببي المشار إليه في المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة هو فصل في مسألة موضوعية يستقل به قاضي الدعوى عند نظرها أمام محكمة الموضوع ولا معقب عليه فيه من محكمة النقض - فإذا كان الحكم بحسب ما استظهرته المحكمة لم ير قيام ارتباط بين جناية الشروع في القتل وبين جناية السرقة بإكراه، فإن ما يثيره المتهمون بشأن الفقرة الثالثة من المادة 234 لا يكون له محل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاًًًًً من: 1 - محمود عبد الرحيم أحمد 2 - حمادة عبد الرحيم أحمد 3 - أحمد شعراني أحمد 4 - حسن مرعي حسن 5 - خطاب عبد الرحيم أحمد بأن المتهمين الأربعة الأول سرقوا بالإكراه القطن والساعة والمبالغ المبينة الأوصاف والقيمة بالمحضر من المجني عليهم في الطريق العمومي حالة كونهم يحملون أسلحة نارية ظاهرة وذلك بان اعترضوا السيارة النقل قيادة المجني عليه الأول في الطريق وأوقفوها وهددوا المجني عليهم باستعمال الأسلحة التي كانوا يحملونها بقصد تعطيل مقاومتهم فتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب جريمتهم، وشرعوا في قتل القائمقام حلمي المهدي سلامه مفتش البوليس ورجال البوليس المرافقين له والمبين أسماؤهم بالتحقيقات عمداًًًًً بأن أطلقوا عليهم أعيرة نارية قاصدين قتلهم وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إحكامهم الرماية، واستعملوا القوة والعنف والتهديد في حق موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهم أداء عمل من الأعمال المكلفين بها - وذلك بأن أطلقوا عدداًًًًً من الأعيرة النارية على القائمقام حلمي المهدي سلامه مفتش البوليس والبكباشي إبراهيم إبراهيم عوض مأمور مركز قنا والصاغ عبد التواب إبراهيم خليل رئيس مباحث مديرية قنا وبقية أفراد القوة المرافعة لهم والمبين أسماؤهم بالتحقيقات، وشرعوا في قتلهم ليمنعوهم من ملاحقتهم وضبطهم بالمسروقات بعد ارتكابهم جريمة السرقة موضوع التهمة الأولى ولم يبلغوا مقصدهم لتعزيز قوة البوليس، وأحرزوا الأسلحة النارية المبينة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بغير ترخيص، كما أحرزوا ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية بدون ترخيص. والمتهم الخامس شرع مع مجهولين في قتل عبد السميع محمد محمد ومحمود حسب الخير عمداًًًًً بان أطلقوا عليهما الأعيرة النارية قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو إسعاف المجني عليهما بالعلاج، واستعمل مع مجهولين القوة والعنف في حق موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهم أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بان أطلقوا أعيرة نارية على عسكري البوليس عبد السميع محمد محمد والمرافقين له ليمنعوهم من نقل جثة "محمود عبد الرحيم حسان" إلى سيارة الإسعاف ولم يبلغوا مقصدهم لتعزيز قوة البوليس الموجودة لهم، وأحرزوا سلاحاًًًًً نارياًًًًً مششخناًًًًً بدون ترخيص. وطلبت إحالة المتهمين الأربعة الأول إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و109 مكرر و234 و315/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 6 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بقانون رقم 546 لسنة 1954 وبإحالة المتهم الخامس إلى المحكمة المذكورة لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234/ 1 و109 مكرر من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً - عملاًًًًً بالمواد 109 مكرر و45 و46 و234/ 1 و315/ 1 - 3 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 قسم أ وب والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والثالث وبالمواد 45 و46 و234/ 1 و109 مكرر و36/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 قسم أول بالنسبة للمتهم الخامس بمعاقبة كل من المتهمين محمد عبد الرحيم أحمد وحمادة عبد الرحيم أحمد وأحمد شعراوي أحمد بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن التهمة الأولى وبمعاقبة كل من المتهمين محمد عبد الرحيم أحمد وحمادة عبد الرحيم أحمد وأحمد شعراني أحمد بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن باقي التهم المسندة إليهم وبمعاقبة المتهم خطاب عبد الرحمن أحمد بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه من تهم، وببراءة المتهم حسن مرعي حسن مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
عن أسباب الطعن الواردة بالتقرير المقدم من الطاعنين بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1955.
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في هذا التقرير البطلان في الإجراءات والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن الدعوى الجنائية أحيلت من رئيس نيابة أمن الدولة إلى محكمة الجنايات مباشرة استناداًًًًً إلى المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - وكان يجب أن تحال الدعوى من رئيس نيابة قنا إلى غرفة الاتهام وهى التي تأمر بإحالتها إلى محكمة الجنايات ولذا فقد كان أمر الإحالة في هذه الدعوى باطلاًًًًً بطلاناًًًًً يتعلق بالنظام العام إذ لو صح تفسير النيابة لنص المادة 214 من قانون الإجراءات لانبنى عليه تفويت مرحلة غرفة الاتهام في عدد كبير من الجنايات لمجرد الارتباط - ولو كان بسيطاًًًًً - وبذلك يصبح الاستثناء قاعدة الأمر الذي لم يقصده الشارع، كما يترتب عليه أن تتركز إحالة جنايات الرشوة وإحراز الأسلحة وذخائرها وما يكون مرتبطاًًًًً بها من جرائم أخرى في نيابة أمن الدولة بحجة أن القانون رقم 113 لسنة 1957 قد روعيت فيه مصلحة الأمن العام - وفي هذا مخالفة لأحكام توزيع الاختصاص المركزي بين أعضاء النيابة وما يترتب عليه من الإضرار بالمصلحة العامة إذ عندما ترتبط الجرائم برباط يجعلها وحدة لا تتجزأ يتعين توحيد الإجراءات بشأنها في التحقيق وفي الإحالة والمحاكمة وذلك لتمكين المحكمة من الحكم بعقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد والأصل هو إتباع الإجراءات العادية في حالة الارتباط وعلى الأقل إتباع تلك الإجراءات بالنسبة لأشد الجرائم على اعتبار أن الحكم ينصرف إليها - وبتطبيق هذه القاعدة على الوقائع المسندة إلى الطاعنين يبين أن الجريمة الأشد هي جريمة السرقة أو الشروع في القتل لأنه لم يثبت من التحقيق على وجه قاطع أن أحداًًًًً معيناًًًًً من الطاعنين هو الذي أحرز السلاح المششخن ما دام أنه قد ضبط بمحل الحادث سلاح غير مششخن كذلك. ولما كانت المادة 214 إجراءات لا تشتمل على جرائم السرقة والقتل فقد وقعت إجراءات رفع الدعوى باطلة، وكان على المحكمة أن تقضي ولو من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى. كما أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن الرابع بعد أن انقضت بالقرار الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامتها ولم يستجد بعد ذلك من الأدلة ما يبعثها من جديد وقد أبدى الطاعن هذا الدفع أمام المحكمة فردت عليه بقولها أن هذا المتهم لم يكن قد ضبط قبل صدور القرار المذكور حتى كان يمكن التحقق من شخصيته - وبذلك تكون المحكمة قد اعتبرت ضبط الطاعن دليلاًًًًً جديداًًًًً وهو ما لم يقل به أحد. وقد اعتمد الحكم في إدانة الطاعنين الثلاثة الأول عن جريمة السرقة على أقوال شاهد واحد هو قائد السيارة يعقوب مجلع مع أن هذا الشاهد قد قطع بأن ظروف الحادث ما كانت لتسمح له بالتعرف على أحد سوى ذلك الذي هدده بالسلاح وما كان للمحكمة أن تصدق ما أسفرت عنه عملية الاستعراف لأنها مصطنعة فكان عليها أن تطرحها لفسادها، يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة الطاعنين عن تهمة إحراز السلاح ومقاومة رجال البوليس إلى مجرد استدلالات وقرائن لا ترقى إلى مرتبة الدليل الكافي إذ لم يثبت أن أحداً رأى الطاعنين وهم يحرزون الأسلحة المضبوطة ولما كانت الرؤية على المسافة المذكورة في التحقيق لا تسمح بالتعرف على أحد من الجناة، ولم توجد بالطاعنين آثار تفيد أن أحدهم استعمل سلاحاًًًًً - وكل ما في الأمر أن البوليس ضبط بمحل الحادث أربعة أسلحة وخمسة أشخاص توفى أحدهم فوزعت الأسلحة على الباقين بعملية حسابية خاطئة - وقد أخطأ الحكم في تطبيق القانون إذ لم يوقع على الطاعنين الثلاثة الأول عقوبة واحدة إذ أن جريمة الشروع في القتل المسندة إليهم قد قصد بها التخلص من عقوبة جناية السرقة مما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات، كما أن الحكم استند في التدليل على توافر نية القتل إلى عبارات التهديد التي وجهت إلى رجال القوة وإلى مرور الأعيرة بجانبهم وعلى مستوى منخفض مع أن هذه النية لم تخطر على بال الطاعنين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "حيث إن وقائع الحادث تخلص في أن المتهمين محمد عبد الرحيم أحمد "الطاعن الأول" - وحمادة عبد الرحيم أحمد "الطاعن الثاني" وأحمد شعراني "الطاعن الثالث" وكان معهم المتهم المتوفى محمود عبد الرحيم وآخران مجهولان اعترضوا السيارة رقم 177 نقل قنا في ليلة 4/ 10/ 1957 حوالي الساعة الحادية عشر وكان يقودها السائق يعقوب مجلع ويعمل عليها الحمالان مرزوق كندس وأنور حنون - في اتجاههم بها من قنا إلى جرجا محملة بأكياس القطن وإذ تجاوزت السيارة محطة سكة حديد أولاد عمرو بمسافة تقدر بكيلو متر اعترضها جذع نخلة يسد الطريق ثم ظهر ستة أشخاص يحملون الأسلحة النارية كمن أحدهم في بطن الجسر وتقدم الآخر نحو سائق السيارة يهدده ببندقية صوبها في اتجاه بطنه وكان الأربعة الباقون يلتفون حول السيارة من كل جانب - وتمكن من صوب عليه السلاح بهذه الوسيلة من الإكراه من نزع ساعة يده ومن أخذ مبلغ ثلاثة جنيهات من محفظته بينما تمكن الباقون بالإكراه أيضاًًًًً من قطع الحبال التي تثبت أكياس القطن - ثم تمكنوا من حمل ثلاثة أكياس من القطن على التوالي ووضعوها في الجانب الشرقي من الجسر كما تمكنوا من سرقة مبلغ ثلاثة جنيهات من مرزوق كندس ومبلغ مائة وعشرة قروش من أنور حنون وسمحوا للسائق بعد ذلك بالانصراف بالسيارة فتوجه في الحال إلى مركز دشنا حيث أبلغ مأمورها بما وقع من الجناة - وعلى إثر هذا البلاغ توجه القائمقام حلمي المهدي سلامه مفتش التحقيقات بمديرية قنا لمتابعة التحريات والتقصي عن هذا الحادث - إلى نقطة أولاد عمرو وهناك علم من السيد رئيس المباحث أن مرتكبي الحادث هم محمود عبد الرحيم وإخوته وآخرين وأنهم يتحصنون في ماكينة ري قريبة - فتوجه في أثرهم على رأس قوة تضم عدداًًًًً من الضباط والعساكر وكانت الساعة قد جاوزت الرابعة والنصف صباحاًًًًً وكان النهار قد أشرق نوره وظهرت معالم الطريق واضحة - وكانت هناك آثار من القطن متناثرة من مسافة إلى أخرى تجاه تلك الماكينة - وقد فوجئ الضباط ومن معهم من قوة تبلغ حوالي 25 عسكرياًًًًً بالأعيرة النارية تطلق في اتجاههم من أربعة أشخاص كانوا يقفون قرب الماكينة وكان ضوء النهار قد بدأ ينشر نوره وكانت المسافة بين الجناة وبين رجال القوة تتراوح بين خمسين متراًًًًً ومائة متر وعند ذلك واصلت القوة سيرها في اتجاه المتهمين بعد أن حذرهم رئيسها بعدم التعرض لرجال القوة وكان المتهمون من جانبهم يواصلون إطلاق الأعيرة لإرهاب قوة البوليس ومنعها من التقدم بل وكان الأربعة يحذرون رجال البوليس بقتلهم وبإطلاق الرصاص عليهم في المليان إذا هم صمموا على الاقتراب منهم وإزاء ذلك أمر رئيس القوة رجاله بإطلاق النيران في اتجاه المتهمين في الهواء للإرهاب فامتثلوا ولكنهم وجدوا المتهمين يتحصنون في زراعة قصيرة "دراو" ويطلقون النار على رجال القوة قاصدين قتلهم فجاوبتهم القوة بإطلاق الرصاص على نفس المتهمين الأربعة وكانت المسافة بين الطرفين لا تزيد عن 25 متراًًًًً واستمرت هذه المعركة الرهيبة بعضاًًًًً من الوقت وانجلت عن هزيمة المتهمين وتوقفهم عن الضرب وإلقائهم أسلحتهم وإسراعهم إلى الهرب فطاردتهم قوة البوليس وضبطت المتهمين الثلاثة محمد عبد الرحيم أحمد وحمادة عبد الرحيم أحمد وأحمد شعراني أحمد - كما وجد الرابع محمود عبد الرحيم ملقى بالزراعة المذكورة مصاباًًًًً من أعيرة رجال البوليس وما لبث أن توفى بعد ذلك ووجد بجواره بندقية ملطخة بالدماء - كما ضبط بنفس الزراعة ثلاث بنادق أخرى - اثنين منها مما تطلق الرصاص والثالثة خرطوش ذات ماسورتين كما ضبطت القوة بعض الطلقات التي أطلقها الجناة - وبعض الطلقات التي لم تستعمل بعد في المكان الذي كان يتقهقر فيه المتهمون أثناء إطلاقهم أعيرتهم على رجال البوليس كما ضبط المتهم حسن مرعي حسن بجوار الماكينة فطلب رجال البوليس من المتهمين المضبوطين التعرف على جثة القتيل فأجابوا بأنهم لا يعرفونه ثم حضر مالك الماكينة السيد أحمد عبد الرسول نائب الدائرة واصطحبه أحد الضباط إلى الجثة فتعرف عليها وقرر إنها للمدعو محمود عبد الرحيم ابن شريكه والقائم بحراسة الماكينة مع إخوته وحدث بعد انتهاء هذه المعركة وبعد القبض على المتهمين أن تجمع الأهالي على الجسر وكان لا يفصلهم عن رجال القوة إلا ترعة صغيرة وكان يقف على رأسهم المتهم الخامس خطاب عبد الرحمن "الطاعن الرابع" وكانوا يتساءلون عما إذا كان المتهم محمود عبد الرحيم قد مات من عدمه كما كانوا يدفعون النساء لعبور الترعة للتحقق من ذلك ولكن القوة كانت ترد النساء ولما علموا من النائب أحمد أحمد عبد الرسول بوفاة المصاب بدأ الشر يملؤهم وبدأوا يكيلون الشتائم للقوة ورئيسها ولما طلب هذا الأخير من المتهم الخامس إبعاد هذا الجمهور المزدحم - وجه إليه شتائمه وتهديداته - فلم تر قوة البوليس بداًًًًً من سرعة الانسحاب بالجثة إلى الجسر العمومي ليتم نقلها إلى نقطة البوليس - ولقد وصلت النقالة التي وضعت عليها جثة القتيل محمود عبد الرحيم وحملها بعض العساكر وأحد الأهلين ويدعى محمد حسب الخير - بينما تولى البعض الآخر حراسة المتهمين المضبوطين وبدأوا سيرهم في اتجاه الطريق العمومي - ولكن الأهالي المتجمهرين تمكنوا من جمع الأسلحة وبدأوا يطلقون النيران على رجال القوة وكان على رأسهم المتهم الخامس خطاب عبد الرحمن الذي شوهد يطلق أعيرة نارية وكانوا جميعاًًًًًًًًًً يقصدون قتل من يستطيعون من رجال القوة أخذاًًًًً بالثأر لقتل محمود عبد الرحيم - كما كانوا يقصدون في نفس الوقت التغلب على القوة ومنعها من نقل الجثة، وكان بعض مطلقي هذه الأعيرة ظاهراًًًًً للشهود وأن البعض الآخر كان يطلق الأعيرة من زراعة الذرة المجاورة لمكان انسحاب القوة ولقد أصيب فعلاًًًًًًًًًً من هذه الأعيرة كل من العسكري عبد السميع محمد محمد والمدعو محمود حسب الخير". واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أدلة استمدها من أقوال الشهود يعقوب مجلع سائق السيارة والحمالين مرزوق كندس وأنور حنون رمسيس والعقيد حلمي المهدي سلامه والمقدم إبراهيم إبراهيم عوض ورئيس مباحث المديرية وباقي من سئل من رجال القوة ومن المعاينة والتقريرين الطبيين الشرعيين. لما كان ذلك، وكانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - تنص في فقرتها الثالثة على ما يأتي "ومع ذلك إذا كانت الجناية من الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرراًًًًً والثالث والرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 رفعت النيابة العامة الدعوى عنها وعما يكون مرتبطاًًًًً بها من جرائم أخرى إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة". ويبين مما استحدثه المشرع في هذه الفقرة أنه رأى - لاعتبارات تتعلق بالأمن والنظام العام أن يجيز للنيابة العامة - استثناءً من الأصل العام المبين بالفقرة الأولى من المادة المذكورة - أن ترفع الدعوى الجنائية في الجنايات المنصوص عليها في هذه المادة وعما يكون مرتبطاًًًًً بها من جرائم أخرى شملها التحقيق إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة، ومن المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا غموض فيها فإنه يجب أن تعدّ تعبيراًًًًً صادقاًًًًً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عن ظاهر دلالة نصها عن طريق التفسير والتأويل لأنه لا اجتهاد مع صراحة النص، وقد جاء التعبير بكلمة "الارتباط" عاماًًًًً مطلقاًًًًً من كل قيد في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة مما لا يمكن معه أن ينصرف - إلى غير المعنى الذي قصده الشارع وأرشد عنه في المادة 32 من قانون العقوبات - خصوصاًًًًً وأن القوانين الجنائية تفسر على سبيل التضييق لا التوسع وأن المذكرة الإيضاحية لم تشر من قريب أو من بعيد إلى ما يمكن أن يجعل لكلمة "الارتباط" معنى جديداًًًًً يخالف المعنى الذي يتلاءم مع القاعدة العامة، مما مفاده أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو عدة جرائم بينها ارتباط لا يقبل التجزئة وكانت إحدى تلك الجرائم جناية تدخل في عداد الجنايات المنصوص عليها في المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة أياًًًًً كانت العقوبة المقررة لها بالقياس إلى الجرائم الأخرى - جاز للنيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم الحضور أمامها مباشرة، وهذا هو المستفاد من سياق النص وعبارته وما قصد إليه المشرع من التعديل الذي أدخله على هذه المادة بالقانون رقم 113 لسنة 1957. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن تهمة استعمال العنف والقوة وتهمة إحراز السلاح والذخيرة وتهمة الشروع في القتل المسندة إلى الطاعنين الثلاثة الأول كلها تهم مرتبطة ببعضها ارتباطاًًًًًًًًًً لا يقبل التجزئة وتجمعها وحدة الغرض واعتبر أن هذه التهم واحدة وأوقع على هؤلاء الطاعنين عقوبة واحدة، كما اعتبر أن تهمتي الشروع في القتل واستعمال العنف المسندتين إلى الطاعن الرابع مرتبطتين بتهمة إحراز السلاح والذخيرة بغير ترخيص المسندة إليه وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد، فإنه لا يكون ثمة بطلان في الإجراءات. لما كان ذلك، وكانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقاًًًًً للمادة 209 لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاًًًًً للمادة 197" وكان نص المادة 197 المذكورة يجري على أن الأمر الصادر من قاضي التحقيق أو من غرفة الاتهام بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى يمنع من العودة إلى التحقيق إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية - ويعد من الدلائل الجديدة شهادة الشهود والمحاضر والأوراق الأخرى التي لم تعرض على قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام ويكون من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية أو زيادة الإيضاح المؤدي لظهور الحقيقة. لما كان ذلك، وكان قوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بأن لا وجه لإقامتها أو أن يكون تحقيق الدليل بمعرفته غير ميسر له من قبل - إما لخلفاء الدليل نفسه أو فقدانه أحد العناصر التي تعجز المحقق عن استيفائه - كما هو الحال في واقعة الدعوى - وقد قالت المحكمة في ذلك "إن الدفاع عن المتهم الخامس "الطاعن الرابع" دفع التهمة بطلب الحكم بعدم قبول الدعوى العمومية المرفوعة على المتهم خطاب عبد الرحمن لأن رئيس نيابة أمن الدولة حفظ التهمة بالنسبة لهذا المتهم في 6/ 1/ 1958 وقرر بعدم كفاية الأدلة ولم تثر في القضية أدلة جديدة تبرر العدول عن هذا القرار. وحيث إنه رداًًًًً على هذا الدفع فإن القائمقام حلمي مهدي سلامة عندما شهد هو والبكباشي إبراهيم عوض في تحقيقات النيابة عن المتهم خطاب عبد الرحمن باعتباره فاعلاًًًًً أصلياًًًًً في جريمتي استعمال العنف والشروع في القتل لم يكونا يعرفان اسمه بل قررا أن شخصاًًًًً يدعى خطاب هو الذي هدد القوة وأطلق النار مع آخرين مجهولين على رجالها فأصيب محمود حسب الخير وعبد السميع محمد محمد نتيجة إطلاق هذه الأعيرة كما أن خطاب هذا لم يضبط حتى يمكن التحقق من شخصه لمعرفة إن كان هو الذي أطلق العيارات أم شخص خلافه ولم يذكر أحد اسمه كاملاًًًًً إلا شيخ الخفراء الذي قرر أن للمتهمين قريباًًًًً يدعى خطاب عبد الرحمن وأن رجال البوليس بحثوا عن خطاب عبد الرحمن فلم يوجد ومن ثم أصبح الاتهام قاصراًًًًً عن معرفة ما إذا كان خطاب عبد الرحمن هو مطلق الأعيرة على وجه اليقين أم أنه شخص آخر خلافه كذلك فإن أقوال المصابين محمود حسب الخير وعبد السميع محمد محمد وأقوال القائمقام حلمي المهدي سلامه لا يمكن القطع إن كانت متجهة إلى خطاب عبد الرحمن أو سواه - أما وقد ضبط خطاب عبد الرحمن وسئل عن التهمة فأنكرها ثم عرض على الشاهد القائمقام حلمي المهدي سلامه فأكد أنه هو الذي كان يطلق الأعيرة على رجال القوة مع آخرين مجهولين وأن هذه الأعيرة هي التي أصابت المدعو محمود حسب الخير وعبد السميع محمد محمد فهذه الإجراءات التي دبرت لضبط المتهم وأخذ أقواله ثم بالتحقق من شخصه وأنه يدعى خطاب عبد الرحمن ثم بعرضه على الشاهد القائمقام حلمي مهدي سلامه عرضاًًًًً قانونياًًًًً وتأكده أنه هو بذاته الذي اشترك في الحادث كل هذه الدلائل الجديدة التي لم يسبق عرضها على المحقق وكان من شأنها تقوية الدلائل السابقة وزيادة الإيضاح المؤدي إلى ظهور الحقيقة وهي التي تبرر إلغاء القرار السابق ورفع الدعوى العمومية على المتهم عملاًًًًً بالمادتين 197 و213 من قانون الإجراءات الجنائية فيتعين رفض الدفع" ومن ثم يكون ما خلصت إليه المحكمة من اعتبار هذا الدليل جديداًًًًً صحيحاًًًًً من ناحية القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحرية في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى بما في ذلك القرائن، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعنين، وكانت هذه الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من فساد في الاستدلال هو مما يتعلق بتقدير الأدلة وليس في حقيقته إلا مجادلة في موضوع الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان الفصل في قيام علاقة السببية أو عدم قيامها وكذلك قيام الارتباط السببي المشار إليه في المادة 234/ 3 من قانون العقوبات هو فصل في مسألة موضوعية يستقل به قاضي الدعوى عند نظرها أمام محكمة الموضوع ولا معقب عليه فيه من محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم بحسب ما استظهرته المحكمة من وقائع الدعوى وظروف الجرائم التي دانت بها الطاعنين لم ير قيام ارتباط بين جناية الشروع في القتل وجناية السرقة بالإكراه، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن الفقرة الثالثة من المادة 234 عقوبات لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تعرض لتوافر نية القتل لدى الطاعنين وقال في ذلك بالنسبة للطاعنين الثلاثة الأول ما يأتي "وحيث إنه بالنسبة لتهمة الشروع في القتل فالثابت من شهادة ضابط البوليس ورجال القوة المرافقين لهم أن الجناة قد وجدوا من القوة تصميماًًًًً على التقدم نحوهم والبحث عن المسروقات قرب الماكينة التي يتولون حراستها وقد وجدوا أن مجرد إطلاق الأعيرة للإرهاب لن يثني القوة عن عزمها فصمموا على قتل من يستطيعون من أفراد القوة فارتكزوا على الأرض عند زراعة الذرة القصيرة "الدراو" وأخذوا يطلقون الأعيرة من بنادقهم التي ضبطت بعد الحادث وثبت إطلاقها فعلاًًًًً - لا إلى أعلا للإرهاب بل نحو أجسام رجال القوة وأن نية القتل ثابتة عليهم من إطلاقهم تلك الأعيرة نحو الضابط والجنود ومن إفصاحهم عن تلك النية في جرأة واقتدار بقولهم لرجال القوة أنهم سيقتلونهم وييتمون أطفالهم وأن الأعيرة على حد شهادة هؤلاء الشهود كان من شأنها أن تصيبهم لولا حذرهم ولولا عناية الله..." كما قال الحكم في خصوص توافر تلك النية لدى الطاعن الرابع ما يأتي "إن نية القتل ثابتة في حقه من إطلاق الأعيرة وإصابة أحد أفراد القوة وشخص كان متطوعاًًًًً بها - إصابة في مقتل بقصد إزهاق روحيهما - إصابة سبقها من جانب هذا المتهم الشتم والتهديد للقوة ورئيسها بالقتل" وهذا الذي أورده الحكم سائغ في استخلاص هذه النية لدى الطاعنين ويؤدي عقلاًًًًً إلى النتيجة التي انتهى إليها فضلاًًًًً عن أنه لا جدوى للطاعنين فيما يثيرونه في هذا الشأن لأن الحكم المطعون فيه دانهم كذلك عن تهمتي إحراز السلاح واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهم أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وأوقع عليهم عقوبة واحدة عن هذه التهم الثلاث.
عن أسباب الطعن المقدم من الطاعنين بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1958.
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في هذا التقرير المقدم منهم البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب وهو ما يتفق والأوجه الثاني والثالث والسادس من التقرير السابق في خصوص بطلان رفع الدعوى الجنائية على الطاعن الرابع خطاب عبد الرحمن وانتفاء نية الشروع في قتل عبد السميع محمد ومحمود حسب الخير والأخذ بشهادة يعقوب مجلع - وقد سبق الرد على هذه الأوجه فيما سلف كما ينعون على الحكم الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في التدليل - وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم اعتمد في إثبات واقعة تهديد الطاعن الرابع خطاب محمد أحد رجال البوليس بالقتل على أقوال القائمقام حلمي المهدي سلامه ومن سئلوا معه من ضباط البوليس مع أنه بالرجوع إلى مدونات الحكم يبين أنه لم يذكر أن السيد محمد فريد جمال ضابط المباحث أو الملازم أول طه محمد سعيد أو جميل مصطفى أو الأميرالاي سعيد إبراهيم قد أسند إلى الطاعن شيئاًًًًً من ذلك - كما أنه كان من بين ما اعتمد عليه الحكم في إدانة الطاعنين أقوال الملازم أول طه محمد سعيد وجميل مصطفى عزيز ورجال الشرطة نور الدين يوسف وخلف ثابت وحسن محمد سليمان وأبو اليمين بسطه جبرائيل ولكنه لم يورد مضمون هذه الأقوال ولا الوقائع التي انصبت عليها ولم يبين مدى مطابقتها لأقوال الشهود السابقين - يضاف إلى ذلك أنه ورد بتقرير الطبيب الشرعي أن إصابة الشرطي عبد السميع محمد تحدث من عيار ناري - إذ ثبت من التحقيق أنه كان يرتدي وقت الحادث "الجاكتة" التي قدمها فيما بعد - وذلك على خلاف ما ورد بالتقرير الطبي الأول من أن إصابة المذكور قد تحدث من آلة راضه كالعصا، وقد أغفل الحكم ما جاء بتقرير الطبيب الشرعي ولم يقم الدليل على أن الشرطي المذكور كان يرتدي هذه الجاكتة وقت الحادث. وقد اقتضب الحكم المطعون فيه أقوال الدفاع وسردها بصورة تخالف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة وأسند إلى المدافع عن الطاعنين الثلاثة الأول أنه سلم بأنهم أطلقوا الأعيرة النارية على رجال الشرطة بحسب أنهم من اللصوص حال أن الدفاع لم يورد هذا القول إلا على سبيل الفرض الجدلي، ولم يرد الحكم على ما قال به الطاعنون عن كيفية وقوع الحادث مما تمسك به الدفاع مستدلاًًًًً على صحته بشهادة والد القتيل كما أطرح الحكم دفاع الطاعنين الثلاثة الأول من أن جريمة السرقة المسندة إليهم لم تقع أصلاًًًًً واستند الحكم في إلصاقها بهم على مجرد الظن والاحتمال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين عرض لما أسند للطاعن الرابع خطاب عبد الرحمن قال في شأنه "وحيث إنه بالنسبة للمتهم الخامس خطاب عبد الرحمن فالثابت من شهادة من سمعوا من الشهود من ضباط البوليس أن هذا المتهم خطاب عبد الرحمن كان يوجه إليهم السباب والشتائم والتهديد بالقتل وكان يحرض عليهم الأهالي وأن القوة عندما بدأت في الانسحاب كانت جمهرة الأهالي قد جمعت كثيراًًًًً من الأسلحة واتفق أفرادها على إطلاق النيران على رجال القوة بصفة عامة وعلى من يحملون نقالة القتيل بصفة خاصة وكانوا يقصدون قتل من يستطيعون من أفراد القوة أخذاًًًًً بالثأر ولمنع نقل الجثة بالقوة وأنهم أطلقوا على رجال القوة أعيرة كثيرة لا حصر لها..." ثم قال الحكم "وترى المحكمة أن وجود المتهم خطاب عبد الرحمن فوق الجسر أمام رجال القوة وتهديدهم للشاهد القائمقام حلمي مهدي سلامة بالقتل واقعة ثابتة من شهادة هذا الشاهد وشهادة من سئلوا معه من ضباط البوليس المبينة شهادتهم آنفاًًًًً - ليس ذلك فحسب بل إن المتهم حمادة عبد الرحيم قرر في تحقيقات النيابة أن ابن عمه خطاب كان فعلاًًًًً يقف مع المتجمهرين فوق الجسر أمام رجال القوة - كما ترى المحكمة أن واقعة إطلاق الأعيرة النارية مع باقي المتجمهرين ممن كانوا معه وممن دخلوا في الزراعة - على جانب القوة وأمامها واقعة ثابتة وقد أكدها القائمقام حلمي مهدي سلامه - لا أمام المحكمة فحسب بل في تحقيقات النيابة يوم وقوع الحادث - وفي تحقيقات النيابة عندما عرض عليه هذا المتهم بعد ضبطه". ولما كانت المحكمة قد أوردت قبل ذلك مؤدى أقوال الشهود وأخذت في حدود حقها بما اطمأنت إليه من روايتهم في التحقيقات وفي الجلسة, وكان للمحكمة أن تأخذ بهذا الذي تطمئن إليه من أقوال الشهود, لما كان ما تقدم, وكان ما ذكره الحكم عن أقوال الشهود له أصله الثابت في الأوراق - وبفرض أن بعض رجال الشرطة لم يعرض لواقعة تهديد الطاعن الرابع لهم بالقتل خلافاًًًًً للقائمقام حلمي المهدي سلامه - الذي أخذت المحكمة من شهادته عماداًًًًً لها في إثبات التهمة، فإن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم بفرض وجوده ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك, وكان القانون لا يستلزم إبراز النص الكامل لأقوال الشهود بل يكفي أن يورد الحكم مضمونها - وإذ كان الحكم قد أورد في مدوناته أقوال الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة وكذا أقوال الشهود الآخرين الذين تليت أقوالهم بالجلسة ممن جاءت أقوالهم مؤيده للفريق السابق من الشهود، فإنه يكون بذلك بريئاًًًًً من شائبة القصور. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون عن إصابة الشرطي عبد السميع محمد لا يعدو أن يكون جدلاًًًًً في موضوع الدعوى ولم يعرضه الطاعنون على محكمة الموضوع ولا تتأتى إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وترد على كل شبهة يثيرها أو جزئية يتمسك بها استقلالاًًًًً، إذ الرد مستفاد ضمناًًًًً من قضائها بالإدانة للأسباب التي تضمنها حكمها - وواضح من أسباب الحكم المطعون فيه أنه قد دلل في منطق سائغ مقبول على أن ما أسند إلى الطاعنين ثابت في حقهم. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم أنه أورد دفاع الطاعنين الثلاثة الأول بما يتفق ودفاعهم الثابت بمحضر جلسة المحاكمة وفنده بالأسباب السائغة التي أوردها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتهمة السرقة المسندة إلى الطاعنين الثلاثة الأول ودلل عليها تدليلاًًًًً سائغاًًًًً مقبولاًًًًً، وكان ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاًًًًً موضوعياًًًًً يتعلق بتقدير بينات الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا شأن لهذه المحكمة به.
عن أسباب الطعن المقدمة من الطاعنين الثلاثة الأول بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1958.
حيث إن الطاعنين الثلاثة الأول ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وذلك على النحو الوارد بالوجه الثاني من التقرير الأول والوجه الرابع من التقرير الثاني وقد سبق الرد على هذين الوجهين فيما سلف - كما ينعون على الحكم كذلك القصور والخطأ في الإسناد والخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما قاله الدفاع من استحالة نقل أكياس القطن المدعي بسرقتها على النحو الذي ذكره سائق السيارة يعقوب مجلع والحمال أنور جندي لأن ضخامة الأكياس المعبأة بالقطن يستحيل معها جرها في أرض فسيحة مغمورة بالمياه، كما عول الحكم في إدانة الطاعنين على وجود آثار قطن متناثرة على الطريق في محل الحادث وفي اتجاه الماكينة التي كان يخفرها الطاعنون واستند في ذلك على أقوال رجال البوليس مع أن هذا البيان الذي أورده الحكم لا سند له في الأوراق ويخالف الثابت بمعاينة النيابة الأولى لمكان الحادث. وقد فات الحكم المطعون فيه أن الجرائم التي أسندت للطاعنين يربطها غرض جنائي واحد ويعاقب عليها بالعقوبة الأشد المقررة لإحداها مما كان يتعين معه توقيع عقوبة واحدة على الطاعنين خلافاًًًًً لما ذهب الحكم إليه.
ومن حيث إن تقدير الدليل من إطلاقات محكمة الموضوع وهي غير ملزمة بتتبع دفاع المتهمين في كل جزئية منه والرد عليه استقلالاًًًًً على ما سلف القول ومن ثم فلا يعيب الحكم اعتماده على أقوال الشاهدين يعقوب مجلع وأنور جندي في نقل أكياس القطن وعدم رده على ما قاله الطاعنون تجريحاًًًًً لأقوال هذين الشاهدين إذ في الأخذ بأقوالهما والاطمئنان إليها ما يفيد إطراح هذا الدفاع دون حاجة إلى الرد عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعنون في شأن ما قيل عن وجود آثار قطن متناثرة بمحل الحادث ورد على هذا الدفاع بقوله "وأما القول بأن معاينة النيابة الأولى أثبتت أنه لم يظهر وجود آثار أقطان في المكان الذي قيل بهرب المتهمين فيه للجهة الشرقية فالثابت من الرجوع لتلك المعاينة أنها أجريت حوالي الساعة 3.15 أي بعد غروب القمر في وقت كان ظلام الليل فيه شديداًًًًً والثابت من تلك المعاينة أن المحقق لم يمر في أي طريق أو أرض بعيداًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً عن محل الحادث حتى يقال بوجود آثار أقطان أو عدم وجودها" وكان يبين من أسباب الحكم أنه اعتمد في إدانة الطاعنين عن تهمة السرقة بالإكراه على أقوال السائق والحمالين, فضلاًًًًً عما هو ثابت من أقوال الضابطين إبراهيم عوض ومحمد زيد جمال الدين بمحضر جلسة المحاكمة من أنهما قد رأيا تلك الآثار عقب وقوع الحادث. لما كان ذلك، وكان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هو الذي يرد على أساس الدليل الذي اعتمدت عليه المحكمة في تكوين عقيدتها، وكان الدليل الذي أشارت إليه المحكمة له أصل ثابت في الأوراق كما سبق القول.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاًًًًً