جلسة 19 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد
وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة وأنس عماره وفرغلي عبد الرحيم.
---------------------
(43)
الطعن رقم 19693 لسنة 60
القضائية
مواد مخدرة. جريمة
"أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة
"تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إدارة أو إعداد أو تهيئة
المكان لتعاطي المخدرات في حكم الفقرة "د" من المادة 34 من القانون 182
لسنة 1960 إنما يكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه. مرتكبو هذه الجريمة يدخلون في
عداد المتجرين بالمواد المخدرة.
جريمة تسهيل تعاطي
المخدرات بغير مقابل عقوبتها أخف ويحكمها نص المادة 35 من القانون المذكور.
حكم الإدانة في جريمة
إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات. وجوب اشتماله على بيان أن إدارة المكان بمقابل
يتقاضاه القائم عليه. مخالفة ذلك: قصور.
---------------
لما كان استقراء مواد القانون
رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها -
الواجب التطبيق على الواقعة من قبل تعديله بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والمعمول به
اعتباراً من الخامس من يوليو يفصح عن أن المشرع اختط خطة تهدف إلى التدرج في
العقوبات تبعاً لخطورة الجريمة فنص في المادة 33 على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير
أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على ترخيص بذلك وكذا إنتاج أو استخراج أو فصل أو
صنع جوهر مخدر متى كان ذلك بقصد الإتجار، وأعقب ذلك فنزل بالعقوبة في المادة 34
إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة أقل خطورة وهي الإتجار في المواد
المخدرة وزراعة النباتات الواردة في الجدول رقم (5) المرفق بالقانون والإتجار فيها
وكذا جريمة من رخص لهم في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في أغراض معينة وتصرفوا
فيها بأية صورة كانت في غير تلك الأغراض، ثم ألحق بهذه الجرائم في الفقرة (د) من
هذه المادة جريمة إدارة أو إعداد أو تهيئة مكان لتعاطي المخدرات، وبعد ذلك عرضت
المادة 35 لحالة تقديم جواهر مخدرة للتعاطي بغير مقابل أو تسهيل تعاطيها وقررت لها
عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وهذه المغايرة بين الفقرة (د) من المادة 34 وبين
المادة 35 تدخل مرتكبي الجريمة الأولى في عداد المتجرين بالمواد المخدرة وتكشف عن
أن إدارة أو إعداد أو تهيئة المكان في حكم الفقرة (د) من المادة 34 لتعاطي
المخدرات إنما تكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه، وهو ما يلزم عنه تخصيص مكان
لتعاطي المخدرات، وهو الأمر المستفاد من منطق التأثيم في هذه الصورة من صور
التسهيل للتعاطي بتغليظ العقاب على مرتكبيها شأنهم في ذلك شأن المتجرين بالمواد
المخدرة سواء بسواء، أما حيث يكون تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل فتكون العقوبة
الأخف والمنصوص عليها في المادة 35 من القانون ذاته، وإن كان الحكم بالإدانة في
تلك الجريمة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان أن إدارة المكان بمقابل يتقاضاه
القائم عليه حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة
الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وكان الحكم المطعون فيه. سواء في بيان واقعة
الدعوى أو سرد أقوال شاهد الإثبات - قد خلا من ذكر هذا البيان، فإنه يكون معيباً
بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه أدار وهيأ مكاناً لتعاطي المخدرات، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة
لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 34/ د، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل
والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976
مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث
سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات قد
شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان تلك الجريمة في حقه،
مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 7/ 1/ 1986 أثناء مرور
الرائد....... بدائرة قسم الدرب الأحمر علم من مرشد سري أن المتهم......
وشهرته...... يدير مقهى لتعاطي مخدر الحشيش، فانتقل إلى هذه المقهى الكائنة......
حيث ألفى المتهم يتوسط آخرين وأمامه منضدة عليها بعض الحجارة وعلبة من الصاج موقدة
بها النار وباثنين من الأحجار دخان المعسل عليه مخدر الحشيش وثلاثة منها محترقة
ونرجيلة يستخدمها المتهم لتعاطي هذا المخدر وأقر له أنه يدير المقهى لهذا الغرض
فقام بضبطه والأدوات سالفة البيان". ثم ساق الحكم أدلته التي رتب عليها قضاءه
مما شهد به الضابط، ومما أورده تقرير التحليل، وخلص إلى إدانة المتهم بجريمة إدارة
وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات، لما كان ذلك، وكان استقراء مواد القانون رقم 182
لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها - الواجب التطبيق
على الواقعة من قبل تعديله بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والمعمول به اعتباراً من
الخامس من يوليو - يفصح عن أن المشرع اختط خطة تهدف إلى التدرج في العقوبات تبعاً
لخطورة الجريمة فنص في المادة 33 على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير أو جلب جواهر قبل
الحصول على ترخيص بذلك وكذا إنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع جوهر مخدر متى كان ذلك
بقصد الإتجار، وأعقب ذلك فنزل بالعقوبة في المادة 34 إلى الإعدام أو الأشغال
الشاقة المؤبدة لجريمة أقل خطورة وهي الإتجار في المواد المخدرة وزراعة النباتات
الواردة في الجدول رقم (5) المرفق بالقانون والإتجار فيها وكذا جريمة من رخص لهم
في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في أغراض معينة وتصرفوا فيها بأية صورة كانت في
غير تلك الأغراض ثم ألحق بهذه الجرائم في الفقرة (د) من هذه المادة جريمة إدارة أو
إعداد أو تهيئة مكان لتعاطي المخدرات، وبعد ذلك عرضت المادة 35 لحالة تقديم جواهر
مخدرة للتعاطي بغير مقابل أو تسهيل تعاطيها وقررت لها عقوبة الأشغال الشاقة
المؤبدة وهذه المغايرة بين الفقرة (د) من المادة 34 وبين المادة 35 تدخل مرتكبي
الجريمة الأولى في عداد المتجرين بالمواد المخدرة وتكشف عن أن إدارة أو إعداد أو
تهيئة المكان في حكم الفقرة (د) من المادة 34 لتعاطي المخدرات إنما تكون بمقابل
يتقاضاه القائم عليه، وهو ما يلزم عنه تخصيص مكان لتعاطي المخدرات، وهو الأمر
المستفاد من منطق التأثيم في هذه الصورة من صور التسهيل للتعاطي بتغليظ العقاب على
مرتكبيها شأنهم في ذلك شأن المتجرين بالمواد المخدرة سواء بسواء، أما حيث يكون
تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل فتكون العقوبة الأخف والمنصوص عليها في المادة 35
من القانون ذاته، وإذ كان الحكم بالإدانة في تلك الجريمة يجب لصحته أن يشتمل بذاته
على بيان إدارة المكان بمقابل يتقاضاه القائم عليه حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة
تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وكان
الحكم المطعون فيه - سواء في بيان واقعة الدعوى أو سرد أقوال شاهد الإثبات - قد
خلا من ذكر هذا البيان، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة
لبحث باقي أوجه الطعن.