جلسة 19 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل
وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.
---------------
(42)
الطعن رقم 19691 لسنة 60
القضائية
(1) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". تفتيش "التفتيش بغير
إذن". تلبس.
لمأموري الضبط القضائي في
أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر
القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. جواز إصدار أمر بضبطه
وإحضاره عند عدم تواجده. أساس ذلك.
متى جاز القبض على المتهم
جاز تفتيشه، المادة 46 إجراءات.
(2)تلبس. قبض. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". تفتيش
"التفتيش بغير إذن". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". نقض "حالات الطعن. الخطأ في
القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
التلبس صفة تلازم الجريمة
لا شخص مرتكبها.
مشاهدة مأمور الضبط
القضائي وقوع الجريمة. يبيح القبض على كل من قام دليل على مساهمته فيها وتفتيشه
بغير إذن.
تقدير قيام حالة التلبس
أو انتفاؤها. موضوعي. شرط ذلك؟
تلقي مأمور الضبط القضائي
نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثراً من آثارها
ينبئ عن وقوعها قبل القبض.
مظاهر الحيرة والارتباك
مهما بلغا. لا يوفرا الدلائل الكافية على اتهام شخص بالجريمة المتلبس بها التي
تبيح القبض عليه وتفتيشه.
بطلان القبض. مقتضاه عدم
التعويل في الإدانة على أي دليل مستمد منه. ولا على شهادة من أجراه. أثر ذلك؟
-------------------
1 - لما كانت المادتان
34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق
بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس -
بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على
المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضراً جاز للمأمور
إصدار أمر بضبطه وإحضاره، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في
الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً.
2 - لما كان من المقرر
قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذي
شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجري تفتيشه بغير
إذن من النيابة العامة وأنه وإن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت
ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن
ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة
لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة - كما
حصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته التي سلف بيانها - لا تنبئ عن أن جريمة إحراز
المخدر التي دين الطاعن بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر
في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ
الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ
بذاته عن وقوعها قبل إجراء القبض، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه - على السياق
المتقدم - من أن محاولة الطاعن الفرار بمجرد أن رأى ضابط الواقعة يقترب منه تتوافر
به حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي إلقاء القبض عليه، ليس صحيحاً في
القانون وذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص
من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر الدلائل الكافية على اتهامه بالجريمة
المتلبس بها ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه. لما كان ذلك، فإن القبض على الطاعن
يكون قد وقع في غير حالة تلبس بالجريمة ومن ثم فإن ما وقع في حقه هو قبض باطل وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء فإنه يكون
معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات
الحكم أن تخلي الطاعن عن اللفافة التي عثر على المخدر بداخلها لم يحصل إلا فور
القبض عليه، وكان بطلان القبض مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على
أي دليل مستمد منه. وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، لما
كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه فإنه يتعين
الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 42/ 1
من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق
بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع
الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن
إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو
التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دفع ببطلان
القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ
رفضه وعول على الدليل المستمد من هذا القبض بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى استخلاصاً من أقوال الضابط...... بما محصله أنه إذ أبلغه أحد
مرشديه السريين بتاريخ..... أن الطاعن يقف بشارع عاكف التابع لدائرة القسم محرزاً
مواد مخدرة توجه إلى هذا المكان وما أن شاهده الطاعن حتى حاول الفرار فأمسك به فما
كان من الطاعن إلا أن - ألقى بلفافة من الورق تتبعها ببصره حتى استقرت على الأرض
وإذ التقطها وفضها تبين له أنها ورقة من أوراق الصحف بداخلها قطعة تشبه مخدر
الحشيش، وثبت من تقرير التحليل أنه لمخدر الحشيش لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل ما
دفع به الطاعن من بطلان إجراءات ضبطه وتفتيشه لحصولهما بغير صدور إذن النيابة
العامة وفي غير حالة من حالات التلبس التي تجيزها وأطرحه بقوله: "وحيث إن
المحكمة لا تعول على إنكار المتهم وتلتفت عن دفوع محاميه لافتقاره إلى سند من
أوراق الدعوى، فقد تم ضبط المتهم إثر تحريات صحيحة وإثر محاولته الهروب عقب اقتراب
ضابط الواقعة منه وألقى بالمادة المخدرة الأمر الذي يكون معه القبض صحيحاً وتقتنع
معه المحكمة بصحة شهادة شاهد الواقعة على النحو السالف سردها" لما كان ذلك،
وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37
لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال
التلبس - بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن
يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضراً جاز
للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش
المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً، وكان من المقرر قانوناً أن
التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذي شاهد وقوعها
أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجري تفتيشه بغير إذن من
النيابة العامة وأنه وإن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها
ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط
بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى
النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة - كما حصلها الحكم
المطعون فيه في مدوناته التي سلف بيانها - لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر التي
دين الطاعن بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30
من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير
لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها
قبل إجراء القبض، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - من أن
محاولة الطاعن الفرار بمجرد أن رأى ضابط الواقعة يقترب منه تتوافر به حالة التلبس
التي تجيز لمأمور الضبط القضائي إلقاء القبض عليه، ليس صحيحاً في القانون وذلك لما
هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص من مظاهر الحيرة
والارتباك مهما بلغا ما يوفر الدلائل الكافية على اتهامه بالجريمة المتلبس بها
ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه. لما كان ذلك، فإن القبض على الطاعن يكون قد وقع
في غير حالة تلبس بالجريمة ومن ثم فإن ما وقع في حقه هو قبض باطل وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء فإنه يكون معيباً بالخطأ
في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم أن تخلي
الطاعن عن اللفافة التي عثر على المخدر بداخلها لم يحصل إلا فور القبض عليه، وكان
بطلان القبض مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه.
وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما
حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة
الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. ومصادرة المخدر المضبوط عملاً
بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق