جلسة 8 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا
نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
--------------
(37)
الطعن رقم 20883 لسنة 60
القضائية
(1) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض
بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(2)قتل عمد. ارتباط. سرقة. رابطة سببية.
شروط توقيع العقوبة
المنصوص عليها في المادة 234/ 3 عقوبات؟
وجوب قيام رابطة السببية
بين القتل والجنحة. لا يكفي قيام علاقة الزمنية بينهما. على المحكمة في حالة
القضاء بارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض الجاني من الفعل وأن تقيم الدليل على
توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة.
(3)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب".
قتل عمد. سرقة.
حكم الإدانة. بياناته؟
المقصود من عبارة بيان
الواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات.
---------------------
1 - لما كانت النيابة
العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من
القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - مشفوعة
بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ
تقديمها بحيث يستدل منه على أنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً
المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض
تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد
بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من
عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه
يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كانت المادة 234/
3 من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع القتل
لأحد المقاصد المبينة بها وهي التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو
مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة، فيجب لانطباق هذه
المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على الوجه الذي بينه القانون، أما
إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت علاقة الزمنية بين القتل
والجنحة مما يتعين معه على المحكمة في حالة القضاء بارتباط القتل بجنحة سرقة أن
تبين غرض الجاني من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل
والسرقة.
3 - من المقرر أن القانون
قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً
تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة
ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة
حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من
عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت
قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: قتل (........) عمداً بأن طعنها بسكين عدة طعنات في أجزاء متفرقة من
جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي
أودت بحياتها وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي
الذكر سرق المشغولات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة للمجني عليها
من مسكنها وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء إحالة أوراق المتهم إلى
فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية وحددت جلسة........ للنطق بالحكم. وبالجلسة
المحددة حكمت المحكمة عملاً بالمادة 234/ 1، 3 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء
بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي....... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة
وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون
رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - مشفوعة بمذكرة
برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها
بحيث يستدل منه على أنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة
بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل
بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد
بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من
عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه
يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المرتبطة بجنحة سرقة
وقضى بإعدامه قد شابه القصور في التسبيب ذلك أن الحكم أخذه بحكم المادة 234/ 2
عقوبات رغم عدم توافر ظرف الارتباط في الواقعة وأن ما حدث من قتله للمجني عليها
إنما كان وليد اعتداء وقع منه لوقته عند إهانتها له، وليس بقصد السرقة وهو ما لم
يفطن إليه الحكم عند إنزاله للعقوبة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم (.......) انتوى قتل جدته لأبيه
(......) بعد أن رفضت إعطاؤه المبلغ الذي طلبه منها عندما زارها في مسكنها الذي
وقع به الحادث بعد خروج ابنها المقيم معها لعمله في الصباح، بأن عاد إليها بعد
خروجه بعشر دقائق بحجة أنه نسى ما كان معه من مفاتيح، فلما فتحت له ودخل معها
للبحث عنها عاجلها بضربة شديدة أسقطتها على الأرض مغشياً عليها وأخذ يضرب رأسها
بالحائط. ثم طعنها عدة طعنات في رقبتها وبطنها وصدرها قاصداً من ذلك قتلها حتى
أجهز عليها ولم يتركها إلا بعد تأكده من مفارقتها الحياة، ثم كشف عن غايته
الإجرامية بأن نزع من جثه المجني عليها ما تتحلى به من مشغولات ذهبية في يديها
وغادر المنزل تاركاً خلفه السكين التي استعملها في ارتكاب الحادث" وقد استدل
الحكم في إدانته للطاعن بقوله "إن الواقعة بالصورة المتقدمة قام الدليل على
ثبوتها وصحة إسنادها إلى المتهم مما أطمأنت إليه المحكمة من أقوال النقيب.......،
ومن اعتراف المتهم تفصيلاً في التحقيقات ومن نتيجة تقرير الصفة التشريحية"
لما كان ذلك، وكانت المادة 234/ 3 من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة
المنصوص عليها فيها أن يقع القتل لأحد المقاصد المبينة بها وهي التأهب لفعل جنحة
أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص
من العقوبة، فيجب لانطباق هذه المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على
الوجه الذي بينه القانون، أما إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت
علاقة الزمنية بين القتل والجنحة مما يتعين معه على المحكمة في حالة القضاء
بارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض الجاني من القتل وأن تقيم الدليل على توافر
رابطة السببية بين القتل والسرقة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب
في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به
أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت
وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى
يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من
عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت
قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف الارتباط بقوله "إنه توافر في حق
المتهم لأنه ارتكب جناية القتل من أجل التمكن من ارتكاب جريمة أخرى وأن ثمة صلة
سببية نفسية تربط في ذهن الجاني بين القتل والجريمة الأخرى فهو قد ارتكب القتل من
أجل قصد معين هو ارتكاب السرقة" دون أن يعني بإيراد الأدلة على قيام رابطة
السببية بين القتل والسرقة، ذلك أن ما أورده الحكم من مؤدى أقوال الشاهد - ضابط
المباحث - وإن دل على قيام علاقة زمنية بين قتل المجني عليها وسرقة حليها إلا أنه
لا يفيد أن جريمة القتل قد ارتكبت بقصد السرقة، كما أن ما حصله الحكم من مؤدى
اعتراف الطاعن ليس من شأنه أن يؤدي إلى قيام الارتباط السببي بين القتل والسرقة،
كما أن البين مما أورده الحكم المطعون فيه عن صورة الواقعة أن هذه الصورة لا
يتوافر بها بيان واقعة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة بياناً تتحقق به أركان
الجريمة على النحو الذي يتطلبه القانون ويتغياه من هذا البيان إذ لم يبين - سواء
في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - تفصيل الوقائع
والأفعال التي قارفها الطاعن والمثبتة لارتكابه جريمة القتل العمد وكيفية حصولها
وكذلك جريمة السرقة التي تليها بل أورد في هذا المساق عبارات عامة مجملة استقاها
من أقوال الضابط وتحرياته دون أن يحدد فيها الأفعال المكونة لتلك الجريمة ومن ثم
فإن الأدلة التي ساقها الحكم تكون قاصرة عن استظهار رابطة السببية بين القتل
والسرقة، مما يعيب الحكم بالقصور ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق