الدعوى رقم 119 لسنة 37 قضائية "دستورية" جلسة 2 / 11 /
2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من نوفمبر سنة 2019م،
الموافق الخامس من ربيع أول سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم
والدكتــور حمدان حسن فهمى والدكتــور محمد عمـاد النجـار والدكتور طارق عبدالجواد
شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس
هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 119 لسنة 37
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (الدائرة
الثانية) بحكمها الصادر بجلسة 21/12/2014، ملف الدعوى رقم 33972 لسنة 68 قضائية.
المقامة من
إيمان البحر محمد سيد درويش ، وشهرته إيمان البحر درويش
ضــد
1- أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة للمهن
الموسيقية
2- وزير الثقافــــــــة
3- رضا رجب حسنين (خصم متدخل)
4- أحمد رمضان أحمد شعبان (خصم متدخل)
5- محمد منير عبد العزيز محمد الوسيمي (خصم
متدخل)
6- السعيد فاروق علي سالم (خصم متدخل)
7- أحمد عبد الستار إبراهيم (خصم متدخل)
8- محمد علي زين العابدين (خصم متدخل)
9- إبراهيم محمد إبراهيم (خصم متدخل)
الإجـراءات
بتاريخ الثانى عشر من يوليو سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 33972 لسنة 68 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء
الإدارى بالقاهرة - الدائرة الثانية – بجلسة 21/12/2014، بوقف الدعوى تعليقًا،
وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية الفقرة الثانية من
المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات
المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة، وسائر الأوراق-
في أن المدعى في الدعوى الموضوعية كان قد أقام الدعوى رقم 33972 لسنة 68 قضائية،
أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ضد أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة للمهن
الموسيقية، بطلب الحكم – وحسب طلباته الختامية- بوقف تنفيذ، ثم إلغاء القرارات
التى أصدرتها الجمعية العمومية غير العادية المنعقدة بتاريخ 4/3/2014، - والتى
انتهت إلى سحب الثقة منه - مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذلك على سند من القول
بأن أعضاء من مجلس إدارة نقابة المهن الموسيقية، قاموا بتوجيه دعوة لأعضاء
النقابة، لعقد جمعية عمومية غير عادية بتاريخ 4/3/2014، وانعقدت الجمعية في ذلك
التاريخ، وأصدرت قرارات بوقف عضويته كنقيب، وإحالته للتحقيق، ومنعه من ممارسة عمله
لحين الانتهاء من التحقيق، وذلك كله، على خلاف أحكام القانون، بقصد التحايل على
أحكام قضائية صدرت لصالحة ضد النقابة، الأمر الذى يكون معه انعقاد الجمعية
العمومية غير العادية، والقرارات الصادرة منها باطلة ، مما حدا به إلى إقامة
الدعوى المشار إليها. وحال نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع تقدم بطلب التدخل
انضماميًّا للمدعى عليه الأول، المدعى عليهم من الثالث وحتى الأخير– وهم أعضاء
مجلس إدارة النقابة - طالبين رفض الدعوى. وبجلسة 21/12/2014، قضت محكمة القضاء الإداري
بوقف الدعوى الموضوعية، وإحالة أوراقها، إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية الفقرة
الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء نقابات واتحاد
نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.
وحيث إن المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء
نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية تنص في الفقرة
الأولى منه على حق الوزير المختص في الطعن على انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة
أمام محكمة القضاء الإداري، ونصت الفقرة الثانية المحالة على أنه: " كما يجوز
لمائة عضو على الأقل ممن حضـروا الجمعية العمومية الطعن أمام المحكمة المذكــورة
في قراراتها أو صحــة انعقادهــا أو في انتخاب النقيب أو أعضاء مجلس النقابة خلال
خمسة عشر يوما من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية, وذلك بتقرير مسبب وموثق على
الإمضاءات الموقع بها عليه من الشهر العقاري وإلا كان الطعن غير مقبول شكلا.
"
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه يشترط لقبول الدعوى
الدستورية توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا
للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت
طلبات المدعى الختامية في الدعوى الموضوعية هي وقف تنفيذ، ثم إلغاء القرارات التي
أصدرتها الجمعية العمومية غير العادية لنقابة المهن الموسيقية المنعقدة بتاريخ
4/3/2014- سالفة البيان- ، وكان النص المحال يحول بين المدعى وحقه في الطعن
منفردًا على صحة انعقاد تلك الجمعية العمومية، وما صدر عنها من قرارات، ومن ثم فإن
للفصل في دستورية هذا النص أثرًا حاكمًا ينعكس على فصل محكمة الموضوع في شروط قبول
الطعن ابتداء، ومن ثم الدلوف للفصل في الطلبات محل الدعوى الموضوعية، تتحقق به
المصلحة في هذه الدعوى. ويتحدد نطاق الدعوى في ضوء ذلك بما تضمنه النص المشار إليه
من قصر حق الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية، وعلى قراراتها، على مائة عضو
على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية، وما تطلبه ذلك النص من وجوب التوثيق على
الإمضاءات الموقع بها على تقرير الطعن من الشهر العقاري.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص التشريعي المحال - في حدود نطاقه
المتقدم - تعويقه حق التقاضي، فيما اشترطه من نصاب عددي للطعن على القرارات المشار
إليها، وتصديق على الإمضاءات، الموقع بها على التقرير به، فضلاً عن إخلاله بالحق
في إقامة التنظيمات النقابية على أسس ديمقراطية.
وحيث إن
البيّن من نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978المشار
إليه، أن ثمة شرطيـن يتعين توافرهما معًا لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية
العمومية، أو في تشكيل مجالس الإدارة، أو القرارات الصادرة منها، أولهما: أن يكون
هذا الطعن مقدمًا من مائة عضو على الأقل من الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية
العمومية للنقابة، ليكون انضمامهم إلى بعض نصابًا للطعن، فلا يقبل بعدد أقل. ثانيهما:
أن يكون الطعن مستوفيًا شكلية بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن،
موثقًا عليها جميعًا من الشهر العقاري.
وحيث إن الشرطين المتقدمين ينالان من
حق التقاضي، ويعصفان بجوهره، وعلى الأخص من زاويتين. أولاهما: أن الدستور كفل للناس
جميعًا – وبنص المادة 97 – حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي، لا يتمايزون في ذلك
فيما بينهم، فلا يتقدم بعضهم على بعض في مجال النفاذ إليه، ولا ينحسر عن فئة منهم،
سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الإجرائية أو المالية التي يحاط بها،
ليكون عبئًا عليهم، حائلاً دون اقتضاء الحقوق التي يدعونها، ويقيمون الخصومة
القضائية لطلبها، ذلك أنهم يتماثلون في استنهاض الأسس الموضوعية التي نظم المشرع
بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها، فقد كفل الدستور لكل منهم – سواء أكان شخصًا
طبيعيًّا أم معنويًّا – الحق في الدعوى، ليكون تعبيرًا عن سيادة القانون، ونمطًا
من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها، وتكون بذاتها عاصمًا من جموحها وانفلاتها من
كوابحها، وضمانًا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها، لتظهر الخصومة القضائية بوصفها
الحماية التى كفلها القانون للحقوق على اختلافها، وبغض النظر عمن يتنازعونها، ودون
اعتداد بتوجهاتهم، فلا يكون الدفاع عنها ترفًا أو إسرافًا، بل لازمًا لاقتضائها
وفق القواعد القانونية التى تنظمها. ثانيتهما: أن الخصومة القضائية لا تعتبر
مقصودة لذاتها، بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون، تعكس بذاتها أبعاد الترضية
القضائية التي يطلبها المتداعون، ويسعون للحصول عليها تأمينًا لحقوقهم. وهم بذلك
لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة، ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها، ولا يعبرون في الفراغ
عن قيم يطرحونها، بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التي أُضيروا من
جراء الإخلال بها، ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقًا بمجاوزة نقابتهم للقيود التي
فرضها الدستور عليها، لتنفصل حقوقهم هذه، عن تلك المصالح الجماعية التي تحميها
نقابتهم بوصفها شخصًا معنويًّا يستقل بالدفاع عنها في إطار رسالتها وعلى ضوء
أهدافها والقيم التى تحتضنها. وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها – منظورًا
إليها في مجموعها – لا يعتبر قيدًا على حق كل منهم في أن يستقل عنها بدعواه التي
يكفل بها حقوقًا ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها، متصلاً بمصلحته الشخصية
المباشرة، ليتعلق بها مركزه القانونى الخاص في مواجهة غيره، فلا ينال من وجوده –
ولو بنص تشريعى – قيد تقرر دون مسوغ.
وحيث إن الطعن علـى قرار معيـن – كلما توافر أصل الحــــق فيه – لا
يجــــــوز تقييده فيما وراء الأســـس الموضوعيـــة التي يقتضيها تنظيــم هذا
الحـــــق، وإلا كان القيد مضيقًا من مداه أو عاصفًا بمحتواه، وكان حق النقابة
ذاتها في تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها،
ويقظتها في الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنماءَها للقيم التى يدعون إليها في إطار
أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانًا لصون الأسس التى حددها
الدستور بنص المادتين (76، 77) منه، وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء
أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابى ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضى
تقويمها، ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددًا لكل قاعدة
قانونية مجالاً لعملها، ومقيدًا أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية
والقانونية إلا ضابطًا للأعمال جميعها، محيطًا بكل صورها، ما كان منها تصرفًا
قانونيًّا أو متمحضًا عملاً ماديًّا، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد
إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعًا، ليكون تقويمها حقًّا مقررًا لكل من
أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة.
وحيث إن نص الفقرة الثانية من المادة
(30) من القانون رقم 35 لسنة 1978 المشار إليه، قد نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن
على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، أو في القرارات الصادرة منها، نصابًا
عدديًّا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدمًا من مائة عضو على الأقل من عدد الأعضاء الذين
حضروا اجتماع تلك الجمعية، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون
لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالاً عن غيره،
ويكون موضوعها تلك الحقوق التى أخل بها القرار المطعون فيه، والتي لا يقوم العمل
النقابى سويًّا دونها، وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهـم أو تغض بصرها عنها، فلا
تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها، وثيقًا. وقد افترض
النص المطعون فيه كذلك، أن أعضاء الجمعية العمومية – الذين جعل من عددهم نصابًا
محتومًا للطعن في قراراتها – متحدون فيما بينهم في موقفهم منها، وأنهم جميعًا
قدروا مخالفتها للدستور أو القانون، وانعقد عزمهم على اختصامها تجريدًا لها من آثارها
وتعطيلاً للعمل بها، لتتخلى نقابتهم عنها. وهو افتراض قلمًا يتحقق عملاً، ولا
يتوخى واقعًا غير مجرد تعويق الحق في الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق
فيه، ليكون أفدح عبئًا، وأقل احتمالاً.
وحيث إن النص التشريعي المحال لم يقف، في مجال تقييده لحق الطعن، عند
حد إيجابه، أن يكون الطعن مقدمًا، من عدد لا يقل عن مائة عضو من أعضاء النقابة
العامة، ممن حضروا جمعيتها العمومية، وإنما جاوز ذلك، إلى فرض شرط آخر، يتعين،
بمقتضاه، أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، موثقًا عليها، من الشهر العقاري؛
وكان ما توخاه النص المطعون فيه بذلك، أن يكون هذا التوثيق إثباتًا لصفاتهم، فلا
يكون تقرير الطعن مقدمًا من أشخاص لا يعتبرون من أعضاء النقابة، ولا من أشخاص
يتبعونها، ولكنهم تخلفوا عن حضور جمعيتها العمومية. وكان التوثيق وإن تم في هذا
النطاق، وتعلق بتلك الأغراض، يظل منطويًا على إرهاق المتقاضين بأعباء لا يقتضيها
تنظيم حق التقاضي، بل غايتها أن يكون الطعن أكثر عسرًا من الناحيتين الإجرائية
والمالية؛ وكان هذا القيد مؤداه كذلك، أن تحل الجهة الإدارية محل محكمة الطعن في مجال
تثبتها من الشروط التي لا يقبل الطعن من الخصوم إلا بها – وتندرج صفاتهم تحتها –
باعتبار أن تحقيقها وبسطها لرقابتها على توافرها، أو تخلفها، مما يدخل في اختصاصها،
ولا يجوز بالتالي أن تتولاه الجهة الإدارية، وإلا كان ذلك منها عدوانًا على
الوظيفة القضائية التي اختص المشرع غيرها بها، وانتحالاً لبعض جوانبها، وباطلاً
لاقتحام حدودها.
وحيث إنه لما
كان ما تقدم، فإن النص التشريعي المحال يغدو مصادمًا لنصوص المواد (76، 77، 94،
97) من الدستور الحالى، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الثانية من المادة (30)
من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية
والسينمائية والموسيقية، من اشتراط أن يكون الطعن في قرارات أو صحة انعقاد الجمعية
العمومية للنقابة، بتقرير موقع عليه من مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية
العمومية، وموثقًا على الإمضاءات الموقع بها عليه من الشهر العقاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق