الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 22 أغسطس 2019

الطعن 28215 لسنة 56 ق جلسة 28 / 5 / 2011 إدارية عليا مكتب فني 55 - 56 ق 119 ص 1051

1 - السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الغني محمد حسن رئيس مجلس الدولة
والسادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
2 - مجدى حسين محمد العجاتي.
3 - حسين محمد عبد المجيد بركات.
4 - أحمد عبد التواب محمد موسى.
5 - أحمد عبد الحميد حسن عبود.
6 - عادل سيد عبد الرحيم بريك.
7 - شحاته على أحمد أبو زيد.
8 - منير عبد القدوس عبد الله.
 ----------------
(119)
جلسة 28 من مايو سنة 2011
الطعن رقم 28215 لسنة 56 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)
)أ) دعوى - الطعن في الأحكام - شرط المصلحة - لا بيد أن تكون للطاعن مصلحة يبغي تحقيقها من توجيه طعنه في الحكم إلى خصم تكون له طلبات تجاهه - إذا لم يكن الحكم المطعون فيه قد أفاد المطعون ضده، بأن كان مركزه في الدعوى الصادر بشأنها هذا الحكم هو نفس مركز الطاعن الذي صدر ضده الحكم، أو لم يكن المطعون ضده ممن قبل تدخلهم في الدعوى الصادر بشأنها الحكم، يغدو الطعن غير مقبول في مواجهته.
المواد المطبقة ( أ ): 
- المادة (211) من قانون المرافعات
- المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972
(ب) أوراق مالية - أحكام وقف وإلغاء تراخيص الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية - أجاز المشرع وقف نشاط الشركة التي تعمل في مجال الأوراق المالية إذا خالفت أحكام قانون رأس المال ولائحته التنفيذية، ولم تقم بإزالة المخالفات خلال المدة التي يحددها رئيس الهيئة لذلك بالإنذار الذي يجب توجيهه للشركة - وفق الشركة يكون بموجب قرار يصدر عن رئيس الهيئة لمدة لا تجاوز ثلاثين يومًا - يتعين أن يكون هذا القرار مسببًا، وأن يتضمن ما يجب أن تتخذه الشركة من إجراءات خلال مدة الوقف - إذا انتهت مدة الوقف دون أن تقوم الشركة بإزالة الأسباب التي أوقفت من أجلها كان لزامًا عرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة لإصدار قرار بإلغاء الترخيص الممنوح للشركة لمباشرة نشاطها - لم يوجب المشرع تسبيب قرار إلغاء الترخيص
المواد المطبقة (ب): 
المادتان (30) و(31) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992
(ج) الضبطية القضائية - محل اشتراط ثبوتها - يعول على ثبوت الضبطية القضائية من عدمه في مجال ضبط المخالفات وتحرير محاضر بشأنها تتخذ أساسًا للمساءلة الجنائية - ليس كذلك أمر إثبات المخالفات التي تصلح لأن تكون سببًا لإصدار قرار إداري.

الإجراءات
بتاريخ 17/ 6/ 2010 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن الشركة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام بالرقم عليه في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار) بجلسة 5/ 6/ 2010 في الدعوى رقم 42963 لسنة 62 ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات
وطلبت الشركة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 50 لسنة 2008 المتضمن إلغاء الترخيص الممنوح للشركة، مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما الأول والثاني المصروفات
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الوارد بمحاضر إعلانهم
وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 6/ 2010، وتدوول نظرها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وكفت المحكمة هيئة مفوضي الدولة بالجلسة المشار إليها بإيداع التقرير بالرأي القانوني في الطعن، فأودعت الهيئة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات
وقد قدمت الشركة الطاعنة مذكرتي دفاع وحافظتي مستندات وفق الموضح بمحاضر الجلسات، كما قدمت الهيئة المطعون ضدها مذكرة دفاع.
وبجلسة 4/ 10/ 2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18/ 10/ 2010، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 1/ 11/ 2010 لاستمرار المداولة، ثم لجلسة 6/ 12/ 2010 لاستكمال المداولة، وبهذه الجلسة قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 25/ 12/ 2010، وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 26/ 3/ 2011 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال شهر، وبتاريخ 24/ 1/ 2011 أودع الحاضر عن الشركة الطاعنة مذكرة دفاع
وبجلسة 26/ 3/ 2011 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/ 4/ 2011، ثم لجلسة 28/ 5/ 2011 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة أقامت الطعن الماثل مختصمة المطعون ضدهم من الثاني حتى الخامس، ولما كانت المادة رقم (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه: ".....ويقدم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقعٍ من محام من المقبولين أمامها، ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان بالأسباب التي يني عليها الطعن وطلبات الطاعن......" وكانت المادة رقم (211) مرافعات تنص على أن: "لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه..........."؛ فإن مقتضى ذلك أن الطاعن لابد أن تكون له مصلحة يبغى تحقيقها من توجيه طعنه في الحكم الصادر ضده إلى خصم تكون له طلبات تجاهه تنال - إن أجب إلى طلباته - من المركز القانوني الذي كشف عنه الحكم المطعون فيه لمصلحة هذا الخصم، وبحيث تكون للمطعون ضده مصلحة في الذود عن هذا الحكم وطلب رفض الطعن الموجه إليه، فإذا لم يكن الحكم المطعون فيه قد أفاد المطعون ضده، بأن كان مركزه في الدعوى الصادر بشأنها هذا الحكم هو نفس مركز الطاعن الذي صدر ضده الحكم، أو لم يكن المطعون ضده ممن قُبِل تدخلهم في الدعوى الصادر بشأنها الحكم، فإنه لا تكون حالتئذ ثمة فائدة يُرتجى تحقيقها من جراء اختصام أي ممن ذكروا في الطعن. ويغدو الطعن بذلك غير مقبول في مواجهتهم
ومن حيث إن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الثاني في الطعن الماثل كان قد طلب التدخل في الدعوى الصادر بشأنها هذا الحكم تدخلاً هجوميًا، وانتهت المحكمة إلى رفض طلب تدخله، وأن المطعون ضدهم من الثالث حتى الخامس كانوا خصومًا متدخلين تدخلاً انضماميًا إلى جانب الشركة، بما يعني أن مركزهم هو ذات مركز الشركة الطاعنة في هذه الدعوى، ولم يفيدوا من الحكم الصادر فيها؛ إذ صدر الحكم برفض الدعوى، وعليه فلا يكون جائزًا قبول اختصامهم كمطعون ضدهم في الطعن الماثل، لعدم إفادة أي من المتدخلين انضماميًا أو هجوميًا من الحكم الطعين، الأمر الذي يتعين معه عدم قبول الطعن بالنسبة لهم
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية - غير ما سلف ذكره - فإنه يكون مقبولاً شكلاً
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الشركة الطاعن كانت قد أقامت الدعوى رقم 42963 لسنة 62ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2/ 6/ 2008، طالبة الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 50 لسنة 2008 بإلغاء الترخيص الممنوح لها، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استئناف الشركة لأعمالها؛ وذلك على سند من القول إنه بتاريخ 26/ 3/ 2008 أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال القرار رقم 50 لسنة 2008 بإلغاء الترخيص الممنوح للشركة وذلك لعدم قيامها بإزالة المخالفات المنسوبة إليها على وفق أحكام قانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية، قد تظلمت الشركة من هذا القرار إلى لجنة التظلمات المشكلة بالهيئة، فرفض تظلمها
ونعت الشركة على هذا القرار مخالفته للقانون حيث أوجب في المادة (30) من قانون سوق رأس المال يكون قرار الوقف عن ممارسة النشاط مسببًا، وقد جاء القرار المطعون فيه خاليًا من أي أسباب، كما أن الهيئة كانت قد أبلغت نيابة الشئون المالية بالمخالفات المنسوبة للشركة، فتم قيد دعوى ضد الشركة برقم 474 لسنة 2005 حصر وارد مالية, وما زالت هذه الدعوى قيد التحقيق، وإذ لم ينتهِ التحقيق في شأن صحة المخالفات المنسوبة للشركة فإن القرار المطعون فيه يكون باطلاً، الأمر الذي يترتب عليه بطلان الإنذار الموجه إلى الشركة في 31/ 10/ 2007 وقرار الوقف رقم 180بتاريخ 26/ 11/ 2007، وقرار إلغاء الترخيص رقم 50 لسنة 2008 المطعون فيه، كما أن الشركة قامت بسداد حوالي عشرة ملايين جنيه لعملائها الذين كانوا لم يحصلوا على المبالغ المستحقة لهم نتيجة بيع أسهمهم، وقد تم هذا السداد تحت إشراف المسئولين بصندوق حماية المستثمر، ولدى الشركة بيان رسمي من الصندوق يفيد ذلك، وبهذا تكون الشركة قد أزالت المخالفات المنسوبة إليها قبل صدور القرار المطعون فيه، وخلصت الشركة إلى طلباتها المذكورة آنفًا
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وخلالها طلب التدخل انضماميًا إلى جانب الشركة المدعية من الثاني حتى الرابع (المطعون ضدهم في الطعن الماثل من الثالث حتى الخامس)، كما طلب التدخل هجوميًا المدعي عليه الثاني (المطعون ضده الثاني في الطعن الماثل). 
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها القانوني في الدعوى
وبجلسة 5/ 6/ 2010 صدر الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام الشركة المدعية المصروفات
وشيدت المحكمة هذا الحكم فيما يتعلق بالموضوع على أساس أن المادة (30) من قانون سوق رأس المال أجازت لرئيس هيئة سوق المال (التي حلت محلها هيئة الرقابة المالية) وقف نشاط أي من الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون لمدة أقصاها ثلاثون يومًا، مع ضرورة إنذار الشركة لإزالة المخالفات المنسوبة إليها خلال المدة التي يحددها الإنذار قبل إصدار قرار الوقف، فإذا عجزت الشركة عن إزالة المخالفات أصدرت الهيئة القرار بالوقف، مع وجوب أن يكون مسببًا، وأن يحدد الإجراءات التي يتعين على الشركة اتخاذها خلال مدة الوقف لإزالة أسبابه, فإذا لم تنهض الشركة لإزالة المخالفات تعين عرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة العامة لإصدار قرار بإلغاء الترخيص الممنوح للشركة
وأضافت المحكمة أنه بإعمال ما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية وهي تعمل في مجال الوساطة في الأوراق المالية سبق وأن تم التفتيش عليها بناء على شكاوى بعض العملاء بفرع الشركة بالمنصورة، وبمركزها الرئيس بالقاهرة، وقد أسفر هذا التفتيش عن وجود العديد من المخالفات التي تضمنها تقرير التفتيش، فقامت الهيئة بإنذار الشركة لتصويب المخالفات بكتبها أرقام 494 في 10/ 5/ 2005 و 508 في 16/ 5/ 2005 و539 في 22/ 5/ 2005 و559 في 23/ 5/ 2005، ثم صدر قرار بوقف الشركة عن ممارسة نشاطها لمدة ستة أشهر، وحال تنفيذ هذا القرار تبين أن مقر الشركة مغلق، فتم إنذارها على يد محضر في مواجهة النيابة العامة بتاريخ 23/ 6/ 2005 ،فضلاً عن أنها بغلق مقرها تكون قد خالفت نص المادة (33) من قانون سوق رأس المال الذي يوجب عدم غلق المقر أو التوقف عن مباشرة النشاط دون إذن مسبق من الهيئة
وبتاريخ 22/ 2/ 2006 قرر مجلس إدارة الهيئة المدعي عليها وقف الشركة عن مباشرة نشاط السمسرة المرخص لها به، وتم إنذارها بالقرار، وبتاريخ 11/ 9/ 2007 قامت إدارة التفتيش بعرض أمر الشركة على مجلس إدارة الهيئة لانقضاء عام ونصف من تاريخ القرار الصادر بوقف الشركة عن مباشرة نشاطها، وهو 22/ 2/ 2006، دون أن تقوم الشركة بإزالة المخالفات المنسوبة إليها ونكوص الجهة الإدارية عن اتخاذ الإجراء الذي أوجبه القانون بعد قرار الوقف، وبجلسته في 12/ 9/ 2007 قرر مجلس الإدارة معاودة تطبيق حكم المادة (30)، فتم إنذار الشركة في 1/ 11/ 2007 بالمخالفات المنسوبة لها، وحددت الهيئة لها مدة خمسة عشر يومًا لإزالتها، ولما لم تقم الشركة بذلك صدر القرار رقم 180 لسنة 2007 بوقف نشاط السمسرة لمدة خمسة عشر يومًا، فتظلمت الشركة من هذا القرار، وتم رفض تظلمها من قبل لجنة التظلمات، ثم عرض أمر الشركة على مجلس إدارة الهيئة إزاء تقاعسها عن تصويب المخالفات بتاريخ 26/ 3/ 2008، فأصدرت قراره رقم 50 لسنة 2008 بإلغاء الترخيص الممنوح للشركة
واستطردت المحكمة: ولما كانت الهيئة قد أسست قرارها المطعون فيه على سند من عدم مبادرة الشركة إلى تصويب المخالفات المنسوبة إليها، والتي تحققت منها إدارة التفتيش الفني لدى الهيئة، واكتشفتها بناء على شكاوي بعض العملاء لدى هذه الشركة، وبناء على التفتيش المفاجئ الذي قامت به الهيئة، فضلاً عن المخاطر المالية الجسيمة التي انطوت عليها تصرفات الشركة، مما اضطر صندوق حماية المستثمر إلى التدخل وسداد مبلغ يجاوز أربعة ملايين جنيه إلى العملاء من أصل مديونية بلغت أكثر من (22) مليون جنيه حسب البيان الصادر عن الصندوق للنيابة العامة وهي بصدد التحقيق في المحضر رقم 474 لسنة 2005 حصر نيابة الشئون المالية والتجارية، وقد تقاعست الشركة عن تقديم الدليل الوافي لنفي حصول أي من المخالفات، وكذا الدليل المثبت لإزالة المخالفات الثابتة في حقها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون، دون أن ينال من ذلك ما ذهب إليه الشركة من أنه كان يجب على الهيئة التريث حتى يتم الفصل في المحضر الجنائي المشار إليه؛ إذ لا ارتباط بين إبلاغ النيابة العامة التي تشكل جرائم من وبين أن تتخذ الهيئة الإجراءات المخولة لها قانونًا حتى يمكن ضبط المعاملات في سوق المال.
وإذ لم ترتض الشركة الطاعنة هذا الحكم أقامت طعنها ناعية عليه بالبطلان لمخالفته للقانون ولصدوره قبل الأوان ولمشوبته بعيب الانحراف بالسلطة وعدم وملاءمة الجزاء؛ ذلك أن الفقرة الثانية من المادة (30) من قانون رأس المال أوجبت أن يصدر قرار الوقف مسببًا، وقد جاء القرار المطعون عليه خاليًا من أي أسباب، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن المشرع إذا تطلب تسبيب القرار كان التسبيب شكلاً أساسيًا، يترتب على إهماله بطلان القرار، كما أن القرار صدر دون أن تنتظر الهيئة ما يسفر عنه تحقيق النيابة العامة في بطلان القرار، كما أن القرار صدر دون أن تنظر الهيئة ما يسفر عنه تحقيق النيابة العامة في الدعوى التي قيدت ضد الشركة برقم 474 لسنة 2005 بناء على إبلاغ النيابة من قبل الهيئة بالمخالفات المنسوبة إليها، الأمر الذي مؤداه بطلان كافة الإجراءات والقرارات الصادرة عن الهيئة قبل الفصل في الدعوى المشار إليها بحكم نهائي أو قرار نهائي من نيابة الشئون المالية
يضاف إلى ذلك أن الشركة قامت بسداد حوالي عشرة ملايين جنه لعملائها الذي لم يحصلوا على المبالغ المستحقة لهم نتيجة بيع أسهمهم، وقد تم السداد تحت إشراف المسئولين بصندوق حماية المستثمر، ويوجد بيان رسمي تحت يد الشركة صادر عن هذا الصندوق يفيد ذلك، وبهذا السداد تكون الشركة قد أزالت المخالفات المنسوبة إليها قبل صدور القرار المطعون فيه، مما يجعل هذا القرار مشوبًا بعيب الانحراف بالسلطة وإساءة استخدامها.
هذا فضلاً عن المشرع رسم للهيئة طريقين إداريين: هما طريق المادة (30) وطريق المادة (31)، ولكل منهما مجال انطبقا وشروط وغاية من اللجوء إليها، فإذا ولجت الهيئة أحدهما فلا يجوز لها اللجوء إلى الآخر، لكن الهيئة سلكت طريق المادة (30) ثم (31) ثم (30) من أجل المخالفات التي تضمنها التفتيش الذي تم على الشركة عام 2004، وهو الأمر غير الجائز، وقد طبقت الهيئة المادة (30) عن مخالفات هذا التفتيش فأصدرت القرار رقم 71 في 7/ 11/ 2004بوقف الشركة شهرًا عن مزاولة النشاط، فقات الشركة بإزالة المخالفات وردت على الهيئة بذلك، وسمحت الهيئة للشركة بمزاولة نشاطها، ثم بتاريخ 5/ 6/ 2005 صدر قرار مجلس إدارة الهيئة بمنع الشركة عن مزاولة نشاطها، إعمالاً للمادة (31) عن ذات المخالفات، دون وجود مبررات المادة (31)؛ لأن اللجوء إلى المادة (30) من البداية يؤكد عدم وجود الخطر الجسيم المبرر للمادة (31)، ثم عادت الهيئة مرة أخرى للمادة (30) عن ذات المخالفات، وهذا التنقل بين تطبيق هاتين المادتين مؤد إلى بطلان القرار المطعون فيه
ومن حيث إن المادة (30) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 تنص على أنه: " يجوز وقف نشاط الشركة إذا خالفت أحكام هذا القانون أو لائحته التنفيذية أو.... ولم تقم بعد إنذارها بإزالة المخالفة أو...... خلال المدة وبالشروط التي يحددها رئيس الهيئة. ويصدر بالوقف قرار مسبب من رئيس الهيئة لمدة لا تجاوز ثلاثين يومًا، ويحدد القرار ما يتخذ من إجراءات خلال مدة الوقف، ويسلم القرار للشركة أو تخطر به بكتاب موصي عليه مصحوبًا بعلم الوصول، ويعلن عن ذلك في صحيفتين صباحيتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة الشركة, فإذا انتهت هذه المدة دون قيام الشركة بإزالة الأسباب التي تم الوقف من أجلها، تعين عرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة لإصدار قرار بإلغاء الترخيص
ومفاد هذا النص أن المشرع أجاز وقف نشاط الشركة التي تعمل في مجال الأوراق المالية - ومنها تلك التي تعمل في مجال السمسرة في الأوراق المالية - إذا خالفت أحكام قانون سوق رأس المال أو لائحته التنفيذية، ولم تقم بإزالة المخالفات خلال المدة التي يحددها رئيس الهيئة لذلك بالإنذار الذي يجب توجيهه إلى الشركة لذلك، ويكون وقف الشركة بموجب قرار يصدر عن رئيس الهيئة لمدة لا تجاوز ثلاثين يومًا، ويتعين أن يكون هذا القرار مسببًا، كما يتعين أن يتضمن ما يجب أن تتخذه الشركة من إجراءات خلا ل مدة الوقف، فإذا انتهت مدة الوقف دون أن تقوم الشركة بإزالة الأسباب التي أوقفت من أجلها، كان لزامًا عرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة لإصدار قرار بإلغاء الترخيص الممنوح للشركة لمباشرة نشاطها
ومن حيث إن البين من هذا النص أن المشرع أوجب إنذار الشركة قبل إصدار قرار وقفها عن ممارسة نشاطها بالمخالفات المقترفة خروجًا على أحكام قانون سوق رأس المال أو لائحته التنفيذية، وتكليفها بإزالتها خلال المدة التي يتضمنها هذا الإنذار، وبالشروط التي تحدد فيه قبل رئيس الهيئة، ثم أوجب تسبيب القرار الذي يصدر بالوقف كإجراء شكلي جوهري، على أن يحدد هذا القرار ما يتخذ من إجراءات خلال مدة الوقف لإزالة أسباب المخالفة أو المخالفات التي لم يتم إزالتها خلال المدة التي سبق أن حددها الإنذار، ثم أوجب إصدار قرار بإلغاء الترخيص إذا انقضت مدة الوقف دون أن تتم إزالة الأسباب التي أدت إلى وقف الشركة.
ومؤدى ذلك أن المشرع قرر منح الشركة المخالفة فرصة متكررة لإزالة المخالفات التي ارتكبتها وذلك قبل إصدار قرار الوقف بموجب ما يوجه إليه من إنذار، وبعد صدور قرار وقفها عن مزاولة نشاطها وخلال مدة الوقف، الأمر الذي يعني أن المشرع عقَد مقابلةً بين مصلحة الشركة والمتعاملين معها وبين المصلحة العامة حفاظًا على التعاملات في سوق رأس المال، وما يجب أن يكون عليه بما لا يؤدي إلى فقد الثقة في التعامل من خلاله، فإذا لم تأتِ هذه المقابلة بثمرتها المرجوة واستمرت الشركة المخالفة على وتيرتها دون أن تنهض لإزالة المخالفات المفترقة من قبلها، كان إلغاء الترخيص الممنوح لها حتمًا؛ حفاظًا على ما هدف المشرع إلى الحفاظ عليه من جراء ما استوجب اتخاذه من إجراءات قبل صدور قرار بإلغاء الترخيص من قبل مجلس إدارة الهيئة الذي يقدر الأمر في ضوء ما يعرض عليه من ملابسات وما سبق اتخاذه من إجراءات
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة ارتكبت من المخالفات ما وسعته شكاوي بعض المتعاملين معها وما وسعته تقارير إدارة التفتيش بالهيئة العامة لسوق المال منذ عام 2004 وحتى 2008 الذي صدر خلاله القرار المطعون فيه، وتمثلت بعض المخالفات التي اقترفتها الشركة في بيع الأوراق المالية التي يمتلكها عدد من عملاء الشركة دون صدور أوامر منهم، وقيام الشركة بالصرف من أموال العملاء على النشاط الخاص بها، حيث يتم تغطية الرصيد الدائن للخزينة من المبالغ المسلمة من العملاء، وذلك في كثير من الأحيان، وعدم تسليم بعض العملاء حصيلة بيع الأسهم الخاصة بهم، وعدم قيامها بشراء الأسهم المطلوب شراؤها للمودعين بالرغم من إيداع المبالغ اللازمة للشراء، إلى غير ذلك من المخالفات التي تضمنتها شكاوي عملاء الشركة، التي بلغ عددها - وفق الثابت من مذكرة رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 210 في 22/ 2/ 2006 المودع صورتها حافظة مستندات الهيئة المقدمة بجلسة 13/ 2/ 2010 أمام محكمة أول درجة - مئة واثنتي عشرة شكوى، بإجمالي حقوق قدرها ما يربو على العشرة ملايين جنيه، وكذا المخالفات التي كشفت عنها لجنة التفتيش على وفق الثابت بتقاريرها
ولقد اتخذت الهيئة قبل الشركة عدم إجراءات قبل صدور القرار المطعون فيه، بدءًا بإنذارها بتاريخ 4/ 4/ 2004 لإزالة المخالفات، ومرورًا بصدور القرار رقم 71 لسنة 2004 بوقفها عن ممارسة نشاطها لمدة ثلاثين يومًا، ثم قرار مجلس إدارة الهيئة بجلسته في 5/ 6/ 2005 بمنعها من مزاولة نشاطها لمدة ستة أشهر بسبب سبيل الشكاوي وما ثبت من مخالفات في حقها دون إزالتها، ثم قراره بتاريخ 22/ 2/ 2006 بمنعها أيضًا من مزاولة نشاط السمسرة المرخص لها به؛ ثم إنذارها بتاريخ 1/ 11/ 2007 بإزالة المخالفات المنسوبة إليها سابقة وما اقترفته من مخالفات أخرى، ثم صدور القرار رقم 180 لسنة 2007 بتاريخ 27/ 11/ 2007 بوقف الشركة لمدة خمسة عشرة يومًا وتكليفها بإزالة المخالفات خلال مدة الوقف، ثم انتهى الأمر بصدور القرار رقم 50 لسنة 2008 المطعون فيه
ومن حيث إنه إزاء ثبوت اقتراف الشركة للمخالفات التي اتخذت بشأنها الإجراءات المشار إليها آنفًا دون قيام الشركة بإزالة هذه المخالفات وأسبابها، وإذ اتخذت الهيئة المطعون ضدها جميع الإجراءات التي نصت عليها المادة (30) سالف الذكر، حيث تمثلت الإجراءات في المرحلة الأخيرة في إنذار الشركة بتاريخ 1/ 11/ 2007 لإزالة المخالفات، ثم صدور القرار رقم 180 لسنة 2007 بوقفها عن مزاولة نشاط السمسرة، ثم صدور القرار المطعون فيه عن المختص بإصداره وهو مجلس إدارة الهيئة، فيمن ثم فلا ي كون ثمة مطعن ينال من هذا القرار لاتفاقه مع صحيح حكم القانون، لا سيما وأن المشرع ولئن أوجب تسبيب قرار وقف الشركة فإنه لم يوجب ذلك بالنسبة للقرار الصادر بإلغاء الترخيص؛ إذ لا معنى بل لا حكمة تستوجب تسبيب هذا القرار،الذي لا يتخذ إلا بعد استنفاد عدد من الإجراءات، تكون الشركة التي يصدر في شأنها هذا القرار وقفت على جميع ما يحتم إلغاء الترخيص الممنوح لها، مما لا موجب معه لوجوب تسبيب هذا القرار؛ كفايةً بما تنطق به الحال والظروف والملابسات و ما سبق من إجراءات لذات السبب الذي يلغي الترخيص من أجله.
كما أنه لا ينال من صحة القرار المطعون فيه قيام الشركة بالوفاء بمستحقات بعض العملاء أو بإقرار البعض الآخر بالتنازل عن مستحقاته، إذ تبقى مستحقات البعض الآخر دون وفاء، وتبقى جل المخالفات الأخرى ثابتة في حق الشركة بلا إزالة
كما أنه لا يغير من ذلك ما اتخذته الهيئة من تدبير متمثل في منح الشركة من مزاولة نشاطها وفق ما سلف خلال عام 2005 ثم عام 2006، وذلك استنادًا إلى المادة (31) من قانون سوق رأس المال، ثم عودتها وإصدار قرار بوقف الشركة عن ممارسة نشاطها عام 2007، ثم إلغاء الترخيص بالقرار المطعون فيه استنادًا إلى المادة (30) من القانون، التي تم الاستناد إليها أيضًا في إصدار قرار وقف الشركة عام 2004، إذ القرار محل الطعن هو القرار الأخير الصادر برقم 50 لسنة 2008 بإلغاء الترخيص، وقد قام هذا القرار على سببه الصحيح، كما أنه استوفى جميع أركان صحته، وليس ثمة ما يمنع من اتخاذ أحد التدابير المنصوص عليها في المادة (31) متى توافر سبب اتخاذه ومناط تطبيق هذه المادة في وقت آخر وهكذا، مادامت جهة الإدارة لم تدُرْ بين المادتين في ذات الوقت، وإنما في أوقات مختلفة، كما هو الشأن بالنسبة للشركة الطاعنة، لا سيما وأن التدبير الذي اتخذ حيالها خلال عامي 2005 و2006 ليس محل طعن من قبل الشركة الطاعنة حتى تسلط المحكمة رقابتها عليه
يضاف إلى ذلك محل طعن من قبل الشركة الطاعنة لإبطال القرار الطعين من أن لجنة التفتيش لم يكن أعضاؤها من العاملين المخولين صفة الضبطية القضائية؛ إذ إنه على فرض صحة ذلك فليس ثمن ما يؤدي البتة إلى بطلان القرار لهذا السبب؛ لأن صفة الضبطية القضائية إنما يعول على ثبوتها من عدمه في مجال ضبط المخالفات وتحرير محاضر بشأنها تتخذ أساسًا للمساءلة الجنائية، وليس ذلك أمر إثبات المخالفات التي تصلح لأن تكون سببًا لإصدار قرار وقف الشركة، لاسيما وأن ثمة إجراءات إدارية أخرى يتعين اتخاذها قبل إصدار القرار من قبل الهيئة، كالإنذار بالمخالفات على نحو ما سلف، وهي إجراءات لا علاقة لها بصفة الضبطية القضائية
ومن حيث إنه بالبناء على جميع ما سلف ذكره لا تكون ثمة مطاعن للشركة الطاعنة جديرة بأن تنال من صحة الحكم المطعون فيه الذي جاء متفقًا وصحيح حكم القانون، حيث قضى برفض الدعوى، ومن ثم تعين القضاء برفض الطعن
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
)أولاً) بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير
)ثانيًا) بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.

الطعن 21738 لسنة 56 ق جلسة 11 / 6 / 2011 مكتب فني 55 - 56 ق 121 ص 1077


1 - السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الغني محمد حسن رئيس مجلس الدولة.
والسادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
2 - مجدى حسين محمد العجاتي.
3 - حسين محمد عبد المجيد بركات.
4 - أحمد عبد التواب محمد موسى.
5 - أحمد عبد الحميد حسن عبود.
6 - عادل سيد عبد الرحيم بريك.
7 - شحاته على أحمد أبو زيد.
 ----------------

(121)
جلسة 11 من يونيه سنة 2011
دعوى البطلان الأصلية رقم 21738 لسنة 56 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)


دعوى - الطعن في الأحكام - دعوى البطلان الأصلية - قاعدة عدم جواز الطعن بالتماس إعادة النظر في الحكم الذي سبق الطعن فيه بهذا الطريق قاعدة أساسية واجبة الإتباع استهدافًا لاستقرار الأحكام ووضع حد للتقاضي - تطبق هذه القاعدة بالنسبة لدعوى البطلان الأصلية ولو لم يجر بها نص خاص، فإذا قضى في دعوى البطلان الأصلية فإنه لا يجوز الطعن في الحكم الصادر في هذا الشأن بدعوى بطلان أصلية جديدة؛ استقرارًا للأحكام ولوضع حد للتقاضي
المواد المطبقة:
المادة (247) من قانون المرافعات.


الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 13/ 5/ 2010 أودع السيد/ ..... المحامي وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة صحيفة دعوى البطلان الأصلية في الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في دعوى البطلان الأصلية رقم 8211 لسنة 55 ق عليا بجلسة 6/ 3/ 2010، الذي قضى في منطوقه بعدم جواز نظر دعوى البطلان الماثلة على الحكم الصادر في دعوى المخاصمة، وألزمت رافعها المصروفات
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بصحيفة دعوى البطلان - الحكم بانعدام الحكم الصادر في دعوى البطلان الأصلية رقم 8211 لسنة 55 ق عليا بجلسة 6/ 3/ 2010، وبانعدام الحكم الصادر في دعوى المخاصمة رقم 18223 لسنة 50 ق عليا بجلسة 24/ 2/ 2007، وبالطلبات الواردة بصحيفة دعوى البطلان الماثلة
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بعدم قبول دعوى البطلان الأصلية، وإلزام المدعي المصروفات
وتدوول نظر الدعوى أمام الدائرة الأولى موضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث أودع المدعي مذكرتي دفاع، كما أودع الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع
وبجلسة 9/ 4/ 2011 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن عناصر المنازعة الماثلة - تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 29/ 2/ 2009 أودع وكيل المدعي قلم كتاب هذه المحكمة دعوى البطلان رقم 8211 لسنة 55 ق عليا طعنًا في الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في دعوى المخاصمة رقم 18223 لسنة 50 ق عليا بجلسة 9/ 1/ 2010، الذي قضى في منطوقه بعدم قبول دعوى المخاصمة ومصادرة الكفالة وتغريم المخاصم مبلغ ألف جنيه عن كل عضو من الأعضاء المخاصمين، وإلزامه المصروفات
وبجلسة 6/ 3/ 2010 حكمت المحكمة الإدارية العليا بعدم جواز دعوى البطلان الماثلة على الحكم الصادر في دعوى المخاصمة وألزمت رافعها المصروفات
وشيدت المحكمة قضاءها في الحكم المطعون فيه على أنه لما كانت طلبات المدعي في دعوى البطلان الماثلة هي الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم الصادر في دعوى المخاصمة رقم 18223 لسنة 50. عليا. وقد صدر هذا الحكم عن المحكمة الإدارية العليا وهي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي أمام محاكم مجلس الدولة، وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن، وكان الطعن على الأحكام الصادرة في دعاوى المخاصمة غير جائز إلا استثناء وبطريق واحد حددته المادة (500) من قانون المرافعات، وهو طريق النقض المقابل للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو غير جائز بالنسبة لما يصدر عن هذه المحكمة الأخيرة من أحكام باتة، وكان المدعي يقيم دعواه الماثلة على سببين لا يندرج أحدهما في الحالات المحددة حصرًا بالمادة (146) من قانون المرافعات، فمن ثم يتعين القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة
ومن حيث إن مبنى الطعن بدعوى البطلان الماثلة على الحكم سالف الذكر يكمن في أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على تدليس آثم في مضمونه، وهو الالتفات عما هو مستقر عليه بقضاء محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا من جواز الطعن بدعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية التي تنطوي على عيب جسيم يجردها من مقوماتها وأركانها الأساسية ويفقدها كيانها وصفتها كأحكام، وهو ما ينطبق على الحكم الصادر في دعوى المخاصمة سالفة البيان، حيث تستر هذا الحكم على جنايتي تزوير معنوي وغدر ضد المدعي، وهو ما يمتنع معه الاعتداد بأي وجود أو حجية لهذا الحكم ويفقده كيانه وصفته كحكم قضائي
ومن حيث إن دعوى البطلان الأصلية وإن كانت دعوى لها طبيعة خاصة توجه ضد أحكام نهائية لا يجوز المساس بحجيتها, فإنها تقترب بذلك من طرق الطعن غير العادية كالتماس إعادة النظر.
ومن حيث إن قانون المرافعات ينص في المادة (247) على أن: "الحكم الذي يصدر برفض الالتماس أو الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعد قبوله لا يجوز الطعن في أيهما الالتماس"، والقاعدة التي أتي بها هذا النص من عدم جواز الطعن بالتماس إعادة النظر في الحكم الذي سبق الطعن فيه بهذا الطريق هي قاعدة أساسية واجبة الإتباع على إطلاقها، ولو لم يجر بها نص خاص في القانون، وتقوم على أساس جوهري من قواعد المرافعات بهدف إلى استقرار الأحكام ووضع حد للتقاضي.
ومن حيث إنه وإن كانت القاعدة سالفة الذكر ورد بها نص خاص بالنسبة لالتماس إعادة النظر فإنه مهيأة للتطبيق بالنسبة لدعوى البطلان الأصلية ولو لم يجر بها نص خاص في القانون بصدد هذه الدعوى، فإذا قضى في دعوى البطلان الأصلية فإنه لا يجوز الطعن في الحكم الصادر في هذا الشأن من جديد؛ لأن دواعي الاستقرار التي تقتضيها المصلحة العام تقتضي وضع حد للتقاضي، كما أن إباحة الطعن في هذه الأحكام يؤدي إلى تسلسل المنازعات بما يرتبه ذلك من إرهاق للقضاء بدعوى سبق له حسمها بأحكام نهائية، فضلاً عن إهدار الوقت والمال دون جدوى، لأنه تصعب نسبة البطلان للمرة الثانية لحكم، خاصة إذا كان صادرًا عن محكمة تقف في سلم ترتيب درجات التقاضي في أعلى مرتبة، كما هو الحال بالنسبة للمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض
ومن حيث إنه لا يغير مما سبق ما يمكن أن يثار من أن دعوى البطلان الأصلية ما هي إلا دعوى ليست طريق طعن كالتماس إعادة النظر، وبالتالي لا يسري في شأنها ما يسري على التماس إعادة النظر؛ إذ إن تطبيق القاعدة سالفة الذكر لا يرتبط بما إذا كان الأمر يتعلق بدعوى أو بطعن، وإنما يقوم على أساس من استقرار الأحكام ووضع حد للتقاضي، سواء تعلق الأمر بدعوى أو بطعن، كما أن تطبيق هذه القاعدة جائز سواء جرى بها نص خاص في القانون أو لم يجرِ, وعلى ذلك فإنه وإن ورد بهذه القاعدة نص خاص في صدد التماس إعادة النظر، فإنه لا يحول دون تطبيقها بالنسبة لدعوى البطلان الثانية عدم ورود نص خاص بها في صدد دعوى البطلان، مادامت هذه القاعدة مقررة ولو لم يجرِ بها أصلاً نص في القانون
وعليه تكون دعوى البطلان الثانية غير مقبولة. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2512 لسنة 34 ق.عليا بجلسة 24/ 2/ 1990
ومن حيث إنه ولما كانت دعوى البطلان الماثلة تتعلق بالطعن في الحكم الصادر في دعوى البطلان رقم 8211 لسنة 55 ق. عليا بجلسة 6/ 3/ 2010، فمن ثم تكون هذه الدعوى هي دعوى بطلان ثانية، مما يتعين معه القضاء بعدم جواز نظرها
وحيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 25382 لسنة 56 ق جلسة 3 / 7 / 2011 مكتب فني 55 - 56 ق 125 ص 1107


السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - رمزي عبد الله محمد أبو الخير.
2 - أحمد عبد العزيز أبو العزم.
3 - محمد الشيخ على أبو زيد.
4 - فارس سعد فام.
5 - محمد حجازي حسن مرسي.
6 - متولي محمد متولي الشراني.
7 - عطية حمد عيسى عطية.
-----------------

 (125)
جلسة 3 من يوليو سنة 2011
الطعن رقم 25382 لسنة 56 القضائية عليا
(الدائرة السابعة)


 ( أ ) دعوى - تكيف الطلبات - تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها أمر يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على وقائع الدعوى، وهو أمر تستقل به المحكمة، فلها أن تتقصى طلبات المدعي وأن تستظهر النية الحقيقية من وراء إبدائها - هذا مشروط بألا يصل الأمر إلى حد تعديل طلباته فيها بإضافة ما لم يطلب الحكم به صراحة، أو تحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصده ونيته من وراء إبدائها - تخضع المحكمة في ذلك لرقابة محكمة الطعن
(ب) دعوى - السندات التنفيذية - أنواعها - المقصود بالسندات التنفيذية: الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح المصدق عليها، وكذا الأوراق الأخرى التي يعطيها القانون الصبغة التنفيذية - اقتضاء الحق محل السند التنفيذي لا يسقط إلا بسقوط السند التنفيذي ذاته، وهذه المدة محددة قانونًا بخمس عشرة سنة
المواد المطبقة (ب): 
المادة رقم (280) من قانون المرافعات
(ج) دعوى - لجان التوفيق في بعض المنازعات - امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ توصية لجنة التوثيق في بعض المنازعات بعد قبولها وتذييل محضرها بالصيغة التنفيذية يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون - لا سبيل أمام الجهة الإدارية للتحلل من تنفيذ تلك التوصية، مادامت قد صارت مشمولة بالصيغة التنفيذية، إلا باتخاذ طريق الطعن القضائي عليها بالطرق المحددة قانونًا، وليس بالامتناع عن تنفيذها
المواد المطبقة (جـ): 
المواد رقم (1) و(4) و(9) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها.


الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 2/ 6/ 2010 أودع الأستاذ/ .... المحامي بالنقض والإدارية العليا والوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 25382 لسنة 56ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 3/ 5/ 2010 في الدعوى رقم 41900 لسنة 63ق، الذي قضى بسقوط حق المدعي بالتقادم الخمسي في المطالبة بالعلاوات الخاصة المستحقة عن فترات عمله بالخارج بفئة الخارج وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ القرار الصادر في طلب التوفيق رقم 63 لسنة 2002 المشمول بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيته في صرف مستحقاته المالية من العلاوات الخاصة بفئة الخارج عن فترات عمله بالخارج، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على أساس سعر الصرف وقت تنفيذ الحكم، وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها من هيئة مغايرة وإبقاء الفصل في المصروفات
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت بجلسة 15/ 12/ 2010 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة عليا موضوع لنظره بجلسة 23/ 11/ 2011 حيث تدوول الطعن أمامها، وبجلسة 3/ 4/ 2011 قدم الحاضر عن الطاعن حافظة مستندات، وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 3/ 7/ 2011 حيث صدر فيها الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 30/ 5/ 2009 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى رقم 41900 لسنة 63 ق، طالبًا الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ القرار الصادر في الطلب رقم 63 لسنة 2003 من لجنة التوفيق في بعض المنازعات والمشمول بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقية المدعي في صرف مستحقاته المالية من العلاوات الخاصة بفئة الخارج عن فترات عمله بالخارج، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على أساس سعر الصرف وقت تنفيذ الحكم وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب
وذكر شرحًا لدعواه أنه يشغل وظيفة (فني حراسة) من الدرجة الثانية بالإدارة العامة للأمن بوزارة الخارجية، وألحق بالعمل بالسفارة في دولة سان سلفادور في الفترة من 14/ 5/ 1994 وحتى 14/ 3/ 1995، وبالسفارة بدولة السودان في الفترة من 10/ 6/ 1996 وحتى 9/ 6/ 1998 وقد صدر القانون رقم 101 لسنة 1987 وما تلاه من قوانين مانحة للعلاوات الخاصة للعاملين بالدولة بنسب معينة من المرتب، وقد امتنعت جهة الإدارة عن صرف العلاوات المستحقة له، فلجأ إلى لجنة التوفيق في المنازعات بالطلب رقم 63 لسنة 2003، حيث أوصت بجلسة 3/ 5/ 2003 بأحقيته في صرف تلك العلاوات عن فترة عمله بالخارج وبفئة الخارج، وبذات الجلسة ووفق على التوصية، وتم تحرير محضر اتفاق لإلحاقه بالتوصية، وأصبحت لها قوة السند التنفيذي، وقد امتنع المدعي عليه من تنفيذ تلك التوصية رغم سابقة موافقته عليها، مما يعد إخلالاً جسيمًا بواجب احترام القانون، ويمثل قرارًا سلبيًا يكون جديرًا بالإلغاء واختتم دعواه بطلباته المتقدمة
وبجلسة 3/ 5/ 2010 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه؛ وذلك تأسيسًا على أن حق المدعي في المطالبة بتلك العلاوات عن فترات عمله بالخارج خلال المدة من 14/ 5/ 1994 حتى 14/ 3/ 1995، ومن 10/ 6/ 1996 وحتى 7/ 10/ 1996 سقط بالتقادم الخمسي، حيث إن المدعي حصل على توصية لجنة التوفيق في المنازعات مذيلة بالصيغة التنفيذية بجلسة 3/ 5/ 2003، ولم يقم دعواه بالمطالبة بهذه العلاوات إلا بتاريخ 30/ 5/ 2009 أي بعد مرور أكثر من خمس سنوات، الأمر الذي يتعين معه القضاء بسقوط حقه بالتقادم الخمسي
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، كما خالف الثابت بالأوراق؛ حيث عن دعواه تنصب على طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق في الطلب رقم 63 لسنة 2003 المذيلة بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها حقوله على العلاوات الخاصة المستحقة خلال فترات عمله بالخارج، وأن امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ تلك التوصية يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا القانون، وإذ كيف الحكم الطعين طلباته بالحصول على تلك العلاوات، فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون والواقع، فتكييف المحكمة لطلبات المدعي لا ينبغي أن يصل إلى حد تعديل طلباته أو تحريرها على نحو يخرجها عن حقيقة مقصد المدعي
- ومن حيث إن المستقر عليه على وفق قضاء هذه المحكمة أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها أمر يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على وقائع الدعوى، وهو أمر تستقل به المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، فللحكمة أن تتقصى طلبات المدعي وأن تستظهر النية الحقيقة من وراء إبدائها، إلا أن ذلك مشروط بألا يصل الأمر إلى حد تعديل طلباته فيها بإضافة ما لم يطلب الحكم به صراحة، أو تحرير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصده ونيته من وراء إبدائها، فلا يجوز لها أن تلجأ إلى تكييف الدعوى أو تحديد الطلبات فيها متى كانت هذه الطلبات واضحة وصريحة لا لبس فيها أو غموض، وهي تخضع في ذلك لرقابة محكمة الطعن
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه بطلب إلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة بالامتناع عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق في الطلب، رقم 63 لسنة 2003 المذيلة بالصيغة التنفيذية، فإن هذا الطلب من الوضوح والصراحة بحيث لا يجوز معه إعادة تكييف الدعوى أو تحديد طلبات المدعي فيها بما يخرجها عن مضمونها، وإذ حدد الحكم المطعون فيه طلبات المدعي في دعواه على نحو مغاير لطلباته الصريحة، واعتبر أنه يطالب بأحقيته في صرف العلاوات الخاصة بفئة الخارج فإنه يكون قد أخرج دعواه عن حقيقة مقصده، وعليه يضحى الحكم المطعون فيه مخالفًا لصحيح حكم القانون وحقيقًا بالإلغاء
- ومن حيث إن المادة (280) من قانون المرافعات تنص على أن "السندات التنفيذية هي الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة، ولا يجوز التنفيذ... إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية:... 
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها تنص على أن:" ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة... لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها...". 
وتنص المادة الرابعة على أنه:" عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفًا فيها، وكذلك المنازعات.. تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه ...". 
وتنص المادة التاسعة على أن : "تصدر اللجنة توصيتها في المنازعة مع إشارة موجزة لأسبابها تثبت بمحضرها وذلك في ميعاد لا يجاوز ستين يومًا من تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها، وتعرض التوصية... على السلطة المختصة والطرف الآخر في النزاع، فإذا اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الآخر كتابة خلال الخمسة عشر يومًا التالية لحصول العرض قررت اللجنة إثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها،ويكون له قوة السند التنفيذي، ويبلغ إلى السلطة المختصة لتنفيذه". 
ومن حيث إن قانون المرافعات حدد المقصود بالسندات التنفيذية بحيث تشمل الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح المصدق عليها وكذا الأوراق الأخرى التي يعطيها القانون الصيغة التنفيذية
ومن حيث إن المشرع استحدث بالقانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه لجانًا للتوفيق في المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية والعاملين بها أو المتعاملين معها وأوجب على أصحاب الشأن اللجوء على هذه اللجان قبل إقامة الدعاوى، وحدد الإجراءات التي تتبع في نظر طلبات التوفيق بحيث تتولى اللجنة إصدار توصيتها خلال أجل معين، ثم تعرض التوصية على كل من الجهة الإدارية ومقدم الطلب، فإذا اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الآخر يتم إثبات ذلك بمحضر اللجنة ويمنح الصيغة التنفيذية، وتكون له قوة السند التنفيذي، ويبلغ للجهة الإدارية لتنفيذه
ومن حيث إنه من الأصول المقررة تنفيذًا للشرعية وسيادة القانون اللذين تخضع لهما كافة أجهزة الدولة أنه على الجهات الإدارية تنفيذ الأحكام القضائية وكافة السندات التنفيذية الواجبة التنفيذ طبقًا لأحكام القانون، وأنه على الموظفين العموميين المختصين إصدار القرارات الإدارية اللازمة لتحقيق هذا الغرض على سبيل الحكم والإلزام، وأن امتناعهم عن ذلك يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون، ويعرضهم لكل من المساءلة الجنائية والتأديبية
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد تقدم إلى لجنة التوفيق في المنازعات بالطلب رقم 63 لسنة 2003 لصرف العلاوات الخاصة المستحقة له خلال فترات عمله بالخارج وبفئة الخارج وبسعر الصرف المقرر وقت الصرف، وأن لجنة التوفيق أوصت بجلسة 3/ 5/ 2003 بأحقيته في صرف العلاوات المطالب بها، وتم قبول هذه التوصية من كل من الجهة الإدارية والطاعن، وتم تحرير محضر بذلك الحق بمحضر اللجنة، ومنح الصيغة التنفيذية وصار بذلك سندًا تنفيذًا واجب التنفيذ، ومن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ تلك التوصية يعد قبولاً وتذيل محضرها بالصيغة التنفيذية إنما يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون ويتعين القضاء بإلغائه
ولا يغير من ذلك ما قد يثار من أن تلك التوصية تمت الموافقة عليها وقبولها من قبل ممثل الجهة الإدارية بلجنة التوفيق، ورئيس من السلطة المختصة بها وذلك على وفق ما تطلبه المشرع في القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه؛ ذلك أنه متى تم منح محضر اللجنة الصيغة التنفيذية وصارت تلك التوصية مشمولة بالصيغة التنفيذية فإنه تكون واجبة التنفيذ، وأن سبيل الجهة الإدارية في التحلل من تنفيذ تلك التوصية إنما يكون باتخاذ طريق الطعن القضائي عليها بالطرق المحددة قانونًا، وليس بالامتناع عن تنفيذها
كما أنه لا وجه للقول بسقوط حق الطاعن في الحصول على تلك العلاوات بالتقادم الخمسي؛ ذلك أن اقتضاء الحق محل السند التنفيذي لا يسقط إلا بسقوط السند التنفيذي ذاته، وهذه المدة محددة قانونًا بخمس عشر سنة، وهو الأمر الذي لم يتحقق في هذا الشأن؛ إذ إن تلك الوصية صدرت بتاريخ 3/ 5/ 2003 وتم منحها الصيغة التنفيذية في ذات التاريخ وأقام الطاعن دعواه في 30/ 5/ 2009 قبل اكتمال المدة المشار إليها.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة بالامتناع عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق الصادرة بجلسة 3/ 5/ 2003 في الطلب رقم 63 لسنة 2003 المذيل محضرها بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.

دستورية إعفاء مالكي وشاغلي المباني المؤجرة لأغراض السكنى دون غيرهم من الضريبة العقارية


القضية رقم 114 لسنة 22 ق "دستورية " جلسة 6 / 5 / 2012
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السادس من مايو سنة 2012، الموافق الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1433هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلي محمود منصور ومحمد خيرى طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد /محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 114 لسنة 22 قضائية "دستورية " .
المقامة من
السيد/ جوزيف نصيف فرج ميخائيل
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد رئيس مجلس الشعب
4- السيد وزير العدل
5- السيد المستشار النائب العام
6- السيد وزير الخزانة
7- السيد محافظ القاهرة ، بصفته الرئيس الأعلى للجان تقدير الأجرة
8- السيد وزير المالية ، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب العقارية
9- السيد مدير مأمورية إيرادات روض الفرج - محافظة القاهرة

الإجراءات
 بتاريخ الثاني عشر من شهر يونيه سنة 2000 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم بعدم دستورية المادة (11) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر .
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
 وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها .
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وبجلسة 1/4/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم وصرحت للمدعى بتقديم مذكرات في أسبوع ، فقدم مذكرة طلب فيها إعادة الدعوى للمرافعة ، ووقفها تعليقا لحين صدور دستور جديد ، وصمم على الطلبات الواردة بصحيفتها .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
وحيث إن الوقائع ، على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن مأمورية الضرائب العقارية بروض الفرج كانت قد طالبت المدعى بسداد مبلغ 96ر1704 جنيه ، قدر الضريبة العقارية المربوطة على المكتب المملوك له بالعقار المبين بالأوراق ، فأقام أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 14036 لسنة 1995 طعون بطلب الحكم بعدم الاعتداد بتقدير القيمة الإيجارية لمكتبه ، وعدم الاعتداد بربط ضريبة عقارية على هذا المكتب بالمخالفة للتقدير الذى قام عليه وخطأه في التقدير واحتساب سعر الضريبة ، وعدم دستورية نص المادة (11) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فيما تضمنه من إعفاء الأماكن المعدة للسكنى فقط من الضريبة العقارية .
وذلك بعد أن طالبته مأمورية إيرادات روض الفرج بمبلغ 96ر1704 جنيه كضرائب عقارية عن مكتبه المملوك له. وحال نظر تلك الدعوى بجلسة 26/4/2000 طلب المدعى التصريح له بإقامة الدعوى الدستورية طعنا على النص المشار إليه ، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/6/2000 لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية ، فأقام الدعوى المعروضة .
وينعى المدعى على النص المطعون فيه أنه يخالف مبدأ قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي بمعنى وحدة الجماعة وتداخل مصالحها لا تصادمها ، وأنه جاء مناقضا لمبدأ قيام النظام الضريبي على أساس من العدل محددًا من منظور اجتماعي ، كما أنه مايز بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة دون مبرر ، ولذا فإنه يكون مخالفا لنصوص المواد 7 ، 38 ، 40 من دستور سنة 1971 .
وحيث إن المادة (11) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- المطعون فيها - تنص على أنه: "فيما عدا المباني من المستوى الفاخر يعفى اعتبارًا من أول يناير التالي لتاريخ العمل بهذا القانون مالكو وشاغلو المباني المؤجرة لأغراض السكنى التي أنشئت أو تنشأ اعتبارًا من 9 سبتمبر سنة 1977 من جميع الضرائب العقارية الأصلية والإضافية .
ولا تدخل إيرادات هذه المساكن في وعاء الضريبة العامة على الإيراد .
ولا يسرى حكم الفقرتين السابقتين على الأماكن المستغلة مفروشة أو فنادق أو بنسيونات" .
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية هو ارتباطها بالمصلحة التي يقوم عليها النزاع في الدعوى الموضوعية التى أقيمت الدعوى الدستورية بمناسبتها ، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية المثارة لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها .
وحيث إن رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور – في شق منها – حول المنازعة في الضريبة العقارية المربوطة على مكتب المدعى ، والذى تسرى في شأنه أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه ، ومن ثم فإن مصلحته في الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (11) سالفة الذكر فيما تضمنته من قصر الإعفاء الوارد بها من الضرائب العقارية الأصلية والإضافية على مالكي وشاغلي المباني المؤجرة لأغراض السكنى دون غيرها ، تكون متحققة ، ويتحدد نطاق هذه الدعوى في هذه الفقرة دون الفقرتين الثانية والثالثة من المادة المطعون عليها .
وحيث إنه ولئن كانت المواد الدستورية التي استند إليها المدعى في النعي على النص المطعون فيه قد وردت في الدستور الصادر سنة 1971 ، والذى عُطل العمل بأحكامه بموجب الإعلان الدستوري الصادر في 13 من فبراير سنة 2011 عقب ثورة 25 يناير 2011، إلا أن الإعلان الدستوري الصادر في الثلاثين من مارس سنة 2011 قد تبنى العديد من أحكام الدستور المُعطل ، فنصت المادة (7) منه على أن "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة " ، وذلك بعد أن نصت المادة (5) منه على أن "يقوم الاقتصاد في جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية والحفاظ على حقوق العمال" ، وأكد هذا الإعلان على حرمة الملكية العامة وصون الملكية الخاصة . وذلك فضلاً عما سبق أن أكد عليه الإعلان الدستوري الصادر في 13 فبراير سنة 2011 من أن تحقيق تقدم الوطن يكمن في تهيئة مناخ الحرية وتيسير سبل الديمقراطية ، وأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة – القائم على إدارة شئون البلاد في الفترة الانتقالية – يؤمن إيمانًا راسخًا بأن حرية الإنسان وسيادة القانون وتدعيم المساواة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية هي أساس المشروعية لأى نظام حكم يقود البلاد في الفترة المقبلة .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً للدستور ، مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التى يؤمنون بها، فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازًا ، ولا ينال قدرًا من الحقوق يكون بها- دون مقتضى - أكثر امتيازًا من سواه، بل يتمتعون جميعًا بالحقوق عينها- التى تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها- وبالوسائل ذاتها التى تعينهم على ممارستها .
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضريبة هى فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة أسهامًا منه في التكاليف والأعباء والخدمات العامة . وأن الضريبة في أساسها الدستوري تستند إلى ورود التكليف بقيمتها على المال الخاص للممول ، وهو ما لا يجوز معه الادعاء بأن الضريبة في ذاتها- متى استوفت أوضاعها الدستورية - يمكن أن تشكل عدوانا على الملكية الخاصة .
 وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان النص المطعون فيه إذ اقتصر على إعفاء مالكي وشاغلي المباني المؤجرة لأغراض السكن- وعلى التحديد الوارد به - من جميع الضرائب العقارية الأصلية والإضافية دون غيرهم، قد استهدف- حسبما ورد بتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ولجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب عن مشروع القانون المشار إليه- التخفيف من أعباء الضريبة على العقارات المبنية أخذًا في الاعتبار أن أجرة المسكن تعتبر عنصرًا رئيسيًّا في تكلفة المعيشة ، ولذا فقد اقتصر في هذا الإعفاء على المباني المؤجرة لأغراض السكنى ، باعتبار أن العقارات المبنية بحكم طبيعتها أُعدت - كأصل عام - لأن تدر دخلاً. ومن ثم فإن هذا النص لا يكون قد أخل بمبدأ التضامن الاجتماعي أو بمبدأ العدالة الضريبية .
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، ولا يقوم هذا المبدأ على معارضته صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية وتبعًا لذلك لا ينطوي على مخالفة لهذا المبدأ، فكل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبيا لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذًا من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً لها .
وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان النص المطعون فيه إذ قصر الإعفاء الوارد به على مالكي وشاغلي المباني المؤجرة لأغراض السكنى ، وعلى النحو الذى حدده، دون غيرهم من مالكي وشاغلي المباني التي تدر دخلاً، وتبعًا لذلك لا تتماثل مراكزهم القانونية مع من تقرر لهم هذا الإعفاء ، وإذ جاءت هذه المغايرة في الحكم وفق أسس موضوعية لا تحكمية ، فمن ثم لا يكون هذا النص قد أخل بمبدأ مساواة المواطنين تجاه القانون، وتكون هذه الدعوى ، تبعاً لذلك ، قد جاءت مفتقدة لسند صحيح ، بما يوجب رفضها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .