القضية رقم 114 لسنة 22 ق "دستورية " جلسة 6 / 5 / 2012
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السادس من مايو سنة 2012،
الموافق الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1433هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلي محمود منصور ومحمد خيرى
طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن فهمى نواب
رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد /محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 114 لسنة 22
قضائية "دستورية " .
المقامة من
السيد/ جوزيف نصيف فرج ميخائيل
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد رئيس مجلس الشعب
4- السيد وزير العدل
5- السيد المستشار النائب العام
6- السيد وزير الخزانة
7- السيد محافظ القاهرة ، بصفته الرئيس الأعلى للجان تقدير الأجرة
8- السيد وزير المالية ، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب العقارية
9- السيد مدير مأمورية إيرادات روض الفرج - محافظة القاهرة
الإجراءات
بتاريخ الثاني عشر من شهر
يونيه سنة 2000 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية
العليا، طالبا الحكم بعدم دستورية المادة (11) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن
بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر .
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت
هيئة المفوضين تقريرا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة ، وبجلسة 1/4/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
وصرحت للمدعى بتقديم مذكرات في أسبوع ، فقدم مذكرة طلب فيها إعادة الدعوى للمرافعة
، ووقفها تعليقا لحين صدور دستور جديد ، وصمم على الطلبات الواردة بصحيفتها .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
وحيث إن الوقائع ، على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
تتحصل في أن مأمورية الضرائب العقارية بروض الفرج كانت قد طالبت المدعى بسداد مبلغ
96ر1704 جنيه ، قدر الضريبة العقارية المربوطة على المكتب المملوك له بالعقار
المبين بالأوراق ، فأقام أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 14036
لسنة 1995 طعون بطلب الحكم بعدم الاعتداد بتقدير القيمة الإيجارية لمكتبه ، وعدم
الاعتداد بربط ضريبة عقارية على هذا المكتب بالمخالفة للتقدير الذى قام عليه وخطأه
في التقدير واحتساب سعر الضريبة ، وعدم دستورية نص المادة (11) من القانون رقم 136
لسنة 1981 فيما تضمنه من إعفاء الأماكن المعدة للسكنى فقط من الضريبة العقارية .
وذلك بعد أن طالبته مأمورية إيرادات روض الفرج بمبلغ 96ر1704 جنيه
كضرائب عقارية عن مكتبه المملوك له. وحال نظر تلك الدعوى بجلسة 26/4/2000 طلب
المدعى التصريح له بإقامة الدعوى الدستورية طعنا على النص المشار إليه ، فقررت
المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/6/2000 لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية ،
فأقام الدعوى المعروضة .
وينعى المدعى على النص المطعون فيه أنه يخالف مبدأ قيام المجتمع على
أساس من التضامن الاجتماعي بمعنى وحدة الجماعة وتداخل مصالحها لا تصادمها ، وأنه
جاء مناقضا لمبدأ قيام النظام الضريبي على أساس من العدل محددًا من منظور اجتماعي
، كما أنه مايز بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة دون مبرر ، ولذا فإنه يكون
مخالفا لنصوص المواد 7 ، 38 ، 40 من دستور سنة 1971 .
وحيث إن المادة (11) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام
الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- المطعون فيها -
تنص على أنه: "فيما عدا المباني من المستوى الفاخر يعفى اعتبارًا من أول
يناير التالي لتاريخ العمل بهذا القانون مالكو وشاغلو المباني المؤجرة لأغراض
السكنى التي أنشئت أو تنشأ اعتبارًا من 9 سبتمبر سنة 1977 من جميع الضرائب
العقارية الأصلية والإضافية .
ولا تدخل إيرادات هذه المساكن في وعاء الضريبة العامة على الإيراد .
ولا يسرى حكم الفقرتين السابقتين على الأماكن المستغلة مفروشة أو
فنادق أو بنسيونات" .
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية هو
ارتباطها بالمصلحة التي يقوم عليها النزاع في الدعوى الموضوعية التى أقيمت الدعوى
الدستورية بمناسبتها ، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية المثارة لازما
للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها .
وحيث إن رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور – في شق منها – حول
المنازعة في الضريبة العقارية المربوطة على مكتب المدعى ، والذى تسرى في شأنه
أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه ، ومن ثم فإن مصلحته في الطعن على نص
الفقرة الأولى من المادة (11) سالفة الذكر فيما تضمنته من قصر الإعفاء الوارد بها
من الضرائب العقارية الأصلية والإضافية على مالكي وشاغلي المباني المؤجرة لأغراض
السكنى دون غيرها ، تكون متحققة ، ويتحدد نطاق هذه الدعوى في هذه الفقرة دون
الفقرتين الثانية والثالثة من المادة المطعون عليها .
وحيث إنه ولئن كانت المواد الدستورية التي استند إليها المدعى في النعي
على النص المطعون فيه قد وردت في الدستور الصادر سنة 1971 ، والذى عُطل العمل
بأحكامه بموجب الإعلان الدستوري الصادر في 13 من فبراير سنة 2011 عقب ثورة 25
يناير 2011، إلا أن الإعلان الدستوري الصادر في الثلاثين من مارس سنة 2011 قد تبنى
العديد من أحكام الدستور المُعطل ، فنصت المادة (7) منه على أن "المواطنون
لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك
بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة " ، وذلك بعد أن نصت
المادة (5) منه على أن "يقوم الاقتصاد في جمهورية مصر العربية على تنمية
النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية والحفاظ
على حقوق العمال" ، وأكد هذا الإعلان على حرمة الملكية العامة وصون الملكية
الخاصة . وذلك فضلاً عما سبق أن أكد عليه الإعلان الدستوري الصادر في 13 فبراير
سنة 2011 من أن تحقيق تقدم الوطن يكمن في تهيئة مناخ الحرية وتيسير سبل
الديمقراطية ، وأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة – القائم على إدارة شئون البلاد
في الفترة الانتقالية – يؤمن إيمانًا راسخًا بأن حرية الإنسان وسيادة القانون
وتدعيم المساواة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية هي أساس المشروعية لأى
نظام حكم يقود البلاد في الفترة المقبلة .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تأسيس المواطنين لمجتمعهم على
قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً للدستور ، مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها، وإمكان
التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التى يؤمنون بها، فلا
يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازًا ، ولا ينال قدرًا من الحقوق يكون بها- دون
مقتضى - أكثر امتيازًا من سواه، بل يتمتعون جميعًا بالحقوق عينها- التى تتكافأ
مراكزهم القانونية قبلها- وبالوسائل ذاتها التى تعينهم على ممارستها .
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضريبة هى فريضة مالية يلتزم
الشخص بأدائها للدولة أسهامًا منه في التكاليف والأعباء والخدمات العامة . وأن
الضريبة في أساسها الدستوري تستند إلى ورود التكليف بقيمتها على المال الخاص
للممول ، وهو ما لا يجوز معه الادعاء بأن الضريبة في ذاتها- متى استوفت أوضاعها
الدستورية - يمكن أن تشكل عدوانا على الملكية الخاصة .
وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان النص المطعون فيه إذ اقتصر على
إعفاء مالكي وشاغلي المباني المؤجرة لأغراض السكن- وعلى التحديد الوارد به - من
جميع الضرائب العقارية الأصلية والإضافية دون غيرهم، قد استهدف- حسبما ورد بتقرير
اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ولجنة الشئون الدستورية
والتشريعية بمجلس الشعب عن مشروع القانون المشار إليه- التخفيف من أعباء الضريبة
على العقارات المبنية أخذًا في الاعتبار أن أجرة المسكن تعتبر عنصرًا رئيسيًّا في تكلفة
المعيشة ، ولذا فقد اقتصر في هذا الإعفاء على المباني المؤجرة لأغراض السكنى ،
باعتبار أن العقارات المبنية بحكم طبيعتها أُعدت - كأصل عام - لأن تدر دخلاً. ومن
ثم فإن هذا النص لا يكون قد أخل بمبدأ التضامن الاجتماعي أو بمبدأ العدالة
الضريبية .
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم
على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، ولا يقوم
هذا المبدأ على معارضته صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس
موضوعية وتبعًا لذلك لا ينطوي على مخالفة لهذا المبدأ، فكل تنظيم تشريعي لا يعتبر
مقصوداً لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبيا لها، وتعكس
مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذًا من
القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً لها .
وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان النص المطعون فيه إذ قصر الإعفاء الوارد
به على مالكي وشاغلي المباني المؤجرة لأغراض السكنى ، وعلى النحو الذى حدده، دون
غيرهم من مالكي وشاغلي المباني التي تدر دخلاً، وتبعًا لذلك لا تتماثل مراكزهم
القانونية مع من تقرر لهم هذا الإعفاء ، وإذ جاءت هذه المغايرة في الحكم وفق أسس
موضوعية لا تحكمية ، فمن ثم لا يكون هذا النص قد أخل بمبدأ مساواة المواطنين تجاه
القانون، وتكون هذه الدعوى ، تبعاً لذلك ، قد جاءت مفتقدة لسند صحيح ، بما يوجب
رفضها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات
ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق