جلسة 12 من يونيه سنة 1962
برياسة السيد المستشار
محمود حلمى خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود
اسماعيل، وحسين صفوت السركى.
-------------
(137)
الطعن رقم 2405 لسنة 31
القضائية
دفاع. نقض "وظيفة
محكمة النقض". حكم "بطلانه".
(أ) الدفع بعدم جواز نظر
الدعوى لسبق الفصل فيها. من النظام العام. تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
شرط ذلك: ألا تكون هناك حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي، لخروج ذلك عن وظيفة محكمة
النقض.
(ب) بطلان الحكم. لعدم
التوقيع عليه في الميعاد القانوني. التمسك بذلك. إثباته: بشهادة من قلم الكتاب
بعدم حصول الإيداع. الاستناد إلى وسيلة أخرى لا يجدى.
------------
1 - من المقرر أن الدفع
بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وإن كان متعلقا بالنظام العام وتجوز إثارته
لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات
الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير حاجة إلى إجراء تحقيق
موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض.
2 - إذا كان الطاعن قد
حصل على تأشيرة تفيد إيداع الحكم ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين
يوما التالية لصدوره فإن ذلك لا يجدى في نفى حصول التوقيع على الحكم في الميعاد القانوني
ذلك بأن قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يجب على الطاعن لكى يكون له التمسك
بالبطلان لهذا السبب أن يحصل من قلم الكتاب على شهادة دالة على أن الحكم لم يكن
إلى وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعا عليه رغم انقضاء ذلك الميعاد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه في يوم 30 من يونيه سنة 1959 بدائرة قسم عابدين: أعطى شيكا لا يقابله
رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. ومحكمة
جنح عابدين الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 19 من أبريل سنة 1960 عملا بمادتي الاتهام
بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 200 قرش لإيقاف التنفيذ. فعارض، وقضى في معارضته
بتاريخ 28 يونيه سنة 1960 بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المعارض
فيه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا.
فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بتاريخ 4 من
ديسمبر سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ أنور فهمى المحامي عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان والإخلال بحق الدفاع، وفى
بيان ذلك يقول إنه سبق الحكم عليه في القضيتين 4901 سنة 1959 جنح الدرب الأحمر
و6928 سنة 1960 جنح الأزبكية أقامهما المجنى عليه نفسه بسبب عدة شيكات من بينها
الشيك موضوع الحكم المطعون فيه وما كان يجوز محاكمته عنها منفردة لأن موضوعها
جميعا واحد، وأن الحكم باطل لعدم توقيع القاضي عليه في خلال الثلاثين يوما التالية
للنطق به على ما هو ثابت من التأشير على الأوراق بأن الحكم لم تودع أسبابه إلا في 7
يناير سنة 1961. كما أن الطاعن طلب من المحكمة الاستئنافية إعادة الدعوى إلى
المرافعة لتمكينه من إبداء أوجه دفاعه الرئيسية ، ولكن المحكمة لم تجبه إلى ذلك
وأصدرت حكمها المطعون فيه. وقد أصر أمام محكمة أول درجة على طلب سؤال المجنى عليه
عن تاريخ الشيك وسبب قبوله منه مع أنه صادر لأمر ابنه، كما طلب الطاعن تحقيق دفاعه
بوجود رصيد بالمصرف وأنه لم يتأشر على الشيك بعدم وجود الرصيد بل بعدم وجود رصيده
مستقلا، بيد أن محكمة أول درجة رفضت إجابة كل ذلك وتأيد حكمها استئنافيا.
وحيث إنه يبين من مطالعة
محاضر جلسات المحاكمة الابتدائية والاستئنافية أن الطاعن لم يثر دفعا بعدم جواز
نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، كما أنه لم يبد دفاعا ما يشير فيه إلى القضيتين 4901
سنة 1959 جنح الدرب الأحمر و6928 سنة 1960 جنح الأزبكية اللتين يقول في طعنه إنه
سبق الحكم عليه فيهما عن عدة شيكات من بينها الشيك موضوع الحكم المطعون فيه حتى
كانت أى من المحكمتين تعمل على تحقيقه وتمحيصه وتبدى رأيها فيه - وقد جاء حكم
محكمة أول درجة وكذلك الحكم المطعون فيه خلوا من العناصر التي يقوم عليها هذا
الدفع - ولما كان من المقرر أن هذا الدفع وإن كان متعلقا بالنظام العام وتجوز
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من
مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبول بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي
لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلا
مما يفيد صحة هذا الدفع وكان الفصل فيه يقتضى تحقيقا موضوعيا فإن إثارته لأول مرة
أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.
وحيث إنه لما كان التأشير
على طلب للطاعن بما يفيد إيداع الحكم ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين
يوما التالية لصدوره، ولا يجدى في نفى حصول هذا التوقيع في الميعاد القانوني ذلك
بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يجب على الطاعن لكى يكون له التمسك بالبطلان
لهذا السبب أن يحصل من قلم الكتاب على شهادة دالة على أن الحكم لم يكن وقت تحريرها
قد أودع ملف الدعوى موقعا عليه رغم انقضاء ذلك الميعاد لما كان ذلك، فإن ما يتمسك
به الطاعن من هذه الناحية لا محل له.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من محكمة أول درجة سماع شهادة المجنى
عليه مما يعتبر تنازلا ضمنيا عن سماع الشاهد، وإذ حضر أمام محكمة ثاني درجة بجلسة
25/ 9/ 1960 طلب الدفاع عنه في مستهلها استدعاء الشاهد إلا أنه ترافع بعد ذلك وطلب
البراءة دون إصرار على طلبه، ولما كان تصرف الطاعن أمام محكمة أول درجة يعتبر
بمثابة تنازل عن سماع الشاهد - وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة تحكم على مقتضى
الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه وهى لم تر من جانبها
حاجة إلى سماع شاهد الإثبات، وقدرت بحق أن الطاعن لا يصر على طلب سماعه واستدلت
على ذلك بمرافعة الدفاع عنه في موضوع الدعوى دون تمسك بسماع الشاهد، فإن ما ينعاه
الطاعن على المحكمة الاستئنافية من إخلال بشفوية المرافعة لا يكون مقبولا. وفضلا
عن ذلك فإنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد على الطلب الذى لم يتقدم به
الدفاع في صورة الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة.
وحيث إن ما يثيره الطاعن
في طعنه من وجود رصيد له أو غير ذلك مما ضمنه الطعن، فإنه يبين من مطالعة محاضر
جلسات المحاكمة أنه لم يبد تلك الطلبات الأخرى التي يشير إليها، ومن ثم فإنه لا
يقبل منه النعي على المحكمة لالتفاتها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها إجراءه ولم تر هي
من ناحيتها محلا لإجرائه.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق