الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 أغسطس 2019

تحديد نسبة أرباح العاملين سلطة تقديرية للمشرع وليست انصياعًا لوجوب دستوري


الدعوى رقم 26 لسنة 37 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمـد عمـــاد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع  أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
    في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
رئيس مجلس إدارة شركة السويس للأسمنت
ضد
1- سيد فتحى محمد علــى
2- عطية محمد على عطيـــــة
3- صبرى محمد على عطية
4- حماد فتحى محمد علـى
5- منى محمود محمود هندى
6- أحمد عبدالعزيز أحمد يوسف
7- عبدالله أحمد أحمد شعبـان
8- محمود محمد رشاد محمود
9- يحيى مدبولى صالـــح درويش

الإجراءات
   بتاريخ السابع والعشرين من مايو سنة 2015، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الاستئناف رقم 929 لسنة 16 قضائية، من محكمة استئناف القاهرة، وقرار محكمة النقض الصادر في غرفة مشورة في الطعن رقم 5519 لسنة 84 قضائية، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بالحكم والقرار المشار إليهما، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 9/12/2001، في الدعوى رقم 5 لسنة 22 قضائية "دستورية".
 وقدم المدعى عليه الأخير مذكرة، طلب فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
   وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
        ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمـــــة
            بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليهم كانوا من العاملين بالشركة المدعية، وبعد أن انتهت خدمة كل منهم فيها في عام 2007 - بالاستقالة للمعاش المبكر أو ببلوغ سن التقاعد - أقاموا الدعوى رقم 551 لسنة 2009 عمال كلى، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم أولاً: بندب خبير تكون مأموريته احتساب نصيب العاملين بالشركة في صافى الأرباح التي حققتها في كل من الأعوام المالية من 2003 إلى 2007، بواقع 10% منها، إعمالاً لنص الفقرة الثالثة من المادة (20) من قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، ثانيًّا: بإلزام الشركة بأن تؤدى لكل منهم نصيبه من تلك الأرباح وفقًا لما ينتهى إليه رأى الخبير. وبعد أن ندبت المحكمة خبيرًا لمباشرة المأمورية التى حددتها له، وإيداع الخبير تقريره، قضت المحكمة بجلسة 7/6/2012، برفض الدعوى، على سند من أن الشركة المدعى عليها تم الترخيص بتأسيسها بموجب قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 64 لسنة 1977، طبقًا لأحكام قانون نظام استثمار المال العربى والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974. وأن المادة (12) من ذلك القانون نصت على أن "يتم توزيع نسبة من الأرباح الصافية لهذه الشركات سنويًّا على الموظفين والعمال طبقًا للقواعد التى يقترحها مجلس إدارة الشركة وتعتمدها الجمعية العمومية"، ولم يرد بنص تلك المادة حد أدنى لنسبة ما يتم توزيعه من تلك الأرباح عليهم، وهو ما التزمت به الشركة المدعى عليها. وأنه لا يغير من ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 230 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار، قد نصت على إلغاء نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974، وأن الفقرة الثالثة من المادة (20) من قانون الاستثمار المشار إليه نصت على حد أدنى مقداره (10%) من الأرباح الصافية التى تحققها الشركة سنويًّا للتوزيع على العاملين، ذلك أن المادة الرابعة من مواد إصدار ذلك القانون نصت على أن تسرى أحكامه "على مشروعات الاستثمار والمناطق الحرة القائمة في تاريخ العمل به، وذلك دون إخلال بما تقرر لهذه المشروعات من أحكام خاصة وحقوق مكتسبة في ظل تشريعات استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الملغاة"، وهو النهج ذاته الذى اتبعه المشرع في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، والذى ألغى قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، عدا الفقرة الثالثة من المادة (20) منه، إذ نصت المادة الثانية من مواد إصداره على سريان أحكامه على الشركات والمنشآت القائمة وقت العمل به، على أن تظل محتفظة بالمزايا والإعفاءات والضمانات والحوافز التي تتمتع بها، وذلك إلى أن تنتهى المدد الخاصة بها.
      وإذ لم يُصادف هذا القضاء قبول المدعى عليهم في الدعوى المعروضة فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 929 لسنة 16 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال"، طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا لهم بطلباتهم. وبجلسة 5/2/2014، أجابتهم المحكمة لطلباتهم، وشيدت قضاءها على أن الشركة المستأنف ضدها - المدعية في الدعوى المعروضة -صدر القرار رقم 64 لسنة 1977 من وزير الاقتصاد بتأسيسها طبقًا لأحكام نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974، ثم صدر القانون رقم 230 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار، ناصًا في المادتين الأولى والثانية منه على إلغاء القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه، وسريان أحكامه على الشركات القائمة في تاريخ العمل به، ومن ذلك الشركة المدعية. ونصت الفقرة الثالثة من المادة (20) من ذلك القانون على أن يتم توزيع نسبة من الأرباح الصافية سنويًّا على العاملين طبقًا للقواعد التى يقترحها مجلس إدارة الشركة وتعتمدها الجمعية العامة، بما لا يقل عن 10%. وقد صدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار بالقانون رقم 8 لسنة 1997، ونص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة على إلغاء قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، عدا الفقرة الثالثة من المادة (20) منه، ومن ثم يكون الحد الأدنى الواجب توزيعه على العمال بالشركة هو 10% من صافى الأرباح السنوية، دون حكم المادة (12) من قانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة، التي كانت سارية قبل إلغائه، فيما كانت تخوله لمجلس إدارة الشركة من اقتراح قواعد توزيع نسبة من الأرباح الصافية على العاملين دون تحديد حد أدنى لها، واعتماد هذا الاقتراح من الجمعية العمومية للشركة. وهو ما خالفه حكم المحكمة الابتدائية، مما يتعين معه إلغاؤه، والقضاء بإلزام الشركة المدعية بأن تؤدى لكل من المستأنفين التسع الأول - المدعى عليهم في منازعة التنفيذ المعروضة - المبلغ المحدد لكل منهم، على نحو ما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة، باعتبار أنه يُمثل نصيبه في نسبة الـ 10% من الأرباح الصافية التي حققتها الشركة في كل من السنوات المشار إليها. وإذ لم يُصادف هذا القضاء قبـول الشركة المدعية - في الدعوى المعروضة - طعنت عليه أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 5519 لسنة 84 قضائية "مدنى عمال"، وبجلسة 22/4/2015، قررت المحكمة في غرفة مشورة عدم قبول الطعن، على سند من أن الأرباح المستحقة للعاملين طبقًا لأحكام قانون العمـل، من الأجـور المتغيرة، يستحقها العامـل إذا تحقق سببهـا، ومن ثم لا تعتبر من الحقوق المكتسبة لشركات الاستثمار التي يسرى عليها الاستثناء المنصوص عليه في القانون رقم 230 لسنة 1989 بإصدار قانون الاستثمار، ومن بعده قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم محكمة الاستئناف وقرار محكمة النقض المشار إليهما يُمثلان عقبة في تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 9/12/2001، من هذه المحكمة في الدعوى رقم 5 لسنة 22 قضائية "دستورية"، فيما انتهى إليه من رفض الدعوى، التي حدد نطاقها في نص الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، خاصة أن ذلك الحكم صدر في عام 2001، بعد صدور كافة القوانين المتعلقة بالاستثمار، فضلاً عن مخالفة حكم محكمة الاستئناف ومن بعده قرار محكمة النقض كافة أحكام تلك القوانين، وأحكام القانون المدني، والنظام الأساسي للشركة المدعية، وتأسس حكم محكمة الاستئناف على مستندات غير صحيحة بُنيت على صور ضوئية تم جحدها، أقامت دعواها المعروضة.
      وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتهـا النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبـة لتلك العوائـق أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة (50 ) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، ودون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها أمرًا ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها، ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية - وعلى ما استقر عليه قضاؤها - يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد تلك الحجية إلى غير ذلك من النصوص، حتى ولو تطابقت معها في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 9/12/2001، في الدعوى رقم 5 لسنة 22 قضائية "دستورية"، قد قضى برفض الدعوى التي حدد الحكم نطاقها في نص الفقرة الأولى من المادة (12) من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974، وقد ارتكز هذا القضاء على ما ورد بأسبابه - المرتبطة ارتباطًا وثيق بالمنطوق - على الآتي: "وحيث إنه عن النعي بأن المشرع بعد إصداره القانون الذى تضمن النص الطعين - القانون رقم 43 لسنة 1974 - عاد في قانون لاحق وألزم الشركات الخاضعة لقوانين الاستثمار بصرف نسبة لا تقل عن (10%) من أرباحها للعاملين لديها، وهو ما يعنى الإخلال بمبدأ المساواة بين الذين خضعوا للقانون الأول، والذين يُطبق عليهم القانون الأخير، فإنه نعى مردود، ذلك أنه في الدائرة التي يجيز فيها الدستور للمشرع أن يباشر سلطته التقديرية لمواجهة مقتضيات الواقع، وهي الدائرة التي تقع بين حدى الوجوب والنهى الدستوريين، فإن الاختلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التي تنظم موضوعًا واحدًا، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفة، لا يُعد إخلالاً بمبدأ المساواة، الذى يستقى أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يُطبق خلالها النص القانوني الخاضـع لضوابط هذا المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُعد بذاته إخلالاً بمبدأ المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة، إلى سد حائل دون التطور التشريعي". وأضاف الحكم: "وإذ كان ذلك، وكان النص الطعين قد جعل تحديد نسبة أرباح العاملين من سلطة مجلس إدارة الشركة. وفى مرحلة زمنية لاحقة صدر نص تشريعي آخر، محددًا هذه النسبة بما لا يقل عن (10%) من الأرباح، وكان كل من النصين قد صدر في دائرة السلطة التقديرية للمشرع، وليس انصياعًا لوجوب دستوري، فإن النصين في تعاقبهما قد عبرا عن مرحلتين زمنيتين مختلفتين، تتأبى معهما المقارنة اللازمة لإعمال مبدأ المساواة، ويكون النعي بالإخلال بهذا المبدأ خليقًا بالرفض".

وحيث إن البادى مما تقدم، أن نطاق حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 5 لسنة 22 قضائية "دستورية"، بجلسة 9/12/2001، يقتصر على نص الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه، التي كانت مثارًا للمنازعة في دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد تلك الحجية إلى غير ذلك من النصوص التشريعية الأخرى التي أشارت إليها أسباب ذلك الحكم ضمنًا عند بحث مدى توافق أحكام النص التشريعي المطعون عليه وأحكام الدستور، إذ لم يفصل ذلك الحكم في مدى توافقها وأحكام الدستور.

وحيث إن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال"، بجلسة 5/2/2014، في الاستئناف رقم 929 لسنة 16 قضائية "عمال مستأنف" - المصور على أنه عقبة في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 5 لسنة 22 قضائية "دستورية" - قد تأسس في قضائه على حكم الفقرة الثالثة من المادة (20) من قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، التي نصت على أن "يتم توزيع نسبة من الأرباح الصافية سنويًّا على العاملين، طبقًا للقواعد التي يقترحها مجلس إدارة الشركة وتعتمدها الجمعية العامة بما لا يقل عن (10%)". وقد عول الحكم الاستئنافي، في شأن استمرار نفاذ حكم ذلك النص، على أن القانـــون رقم 8 لسنة 1997 بإصدار قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، نص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة منه على إلغاء قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، عدا نص الفقرة الثالثة من المادة (20) منه. متى كان ذلك، وكان نص تلك المادة الأخيرة، ونص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 8 لسنة 1997 المشار إليه، لم يكن أىٌّ منهما مطروحًا على المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في الدعوى رقم 5 لسنة 22 قضائية "دستورية"، ولم يكونا بالتالي محلاً للفصل في دستوريتهما في تلك الدعوى، فإن قالة اعتبار حكم محكمة استئناف القاهرة يُشكل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها، تكون عارية من الصحة، مفتقدة لسندها، وهو ما ينصرف بدوره للقرار الصادر من محكمة النقض، في غرفة مشورة، بجلسة 22/4/2015، بعدم قبول الطعن بالنقض رقم 5519 لسنة 84 قضائية "مدنى عمال"، المقام من الشركة المدعية، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه لا يغير من ذلك ما أثارته الشركة المدعية من أسباب أخرى، بشأن مخالفة الحكم الاستئنافي وقرار محكمة النقض لأحكام عدة قوانين، والنظام الأساسي للشركة، واستناد الحكم الاستئنافي لمستندات غير صحيحة بُنيت على صور ضوئية تم جحدها، ذلك أن جميع تلك المناعي لا تعدو أن تكون تجريحًا في الحكم الاستئنافي وقرار محكمة النقض، وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة الدستورية العليا، التى لا تُعد جهة طعن في أحكام جهات القضاء الأخرى، لتصويب ما قد يعتريها من أخطاء في القانون أو الواقع.


وحيث إنه عن طلب الشركة المدعية بوقف تنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة، وقرار محكمة النقض في غرفة مشورة، سالفى البيان، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، على النحو الســـالف البيان، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلـب وقف التنفيذ - طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهــذه الأسبــاب
  حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

العاملون بمصلحة الميكانيكا والكهرباء، غير مخاطبين بلائحة نظام العاملين بهيئة كهرباء مصر


الدعوى رقم 194 لسنة 29 ق "دستورية" جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
   في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 194 لسنة 29 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بقرارها الصادر بجلسة 12/2/2007، ملف الدعوى رقم 27713 لسنة 57 "قضائية".
المقامة من
1- حامد حسن صالح خضــر
2- حشمت عبد الفتاح عبد الرحيم
3- فاتــن عبد المنعم يــس
4- نفوسة عبد المحسن محمد إبراهيم
5- ماجــدة موسـى بشاى
ضد
1- رئيس مصلحة الميكانيكا والكهرباء
2- وزيـر المـوارد المائية والــرى
3- رئيـس مجلـس الــــوزراء


الإجراءات
بتاريخ العشرين من أغسطس سنة 2007، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 27713 لسنة 57 قضائية بعد أن قررت محكمة القضاء الإدارى بجلسة 12 فبراير سنة 2007، وقف نظر تلك الدعوى، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 538 لسنة 1994 بشأن تعديل بعض أحكام لائحـة نظام العاملين بهيئة كهرباء مصر فيما خص به العاملين بهيئة كهرباء مصر من بدل طبيعة عمل، دون العاملين في الهيئات والمصالح العامة المتساوين معهم في الظروف ذاتها.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- في أن المدعين في الدعوى الموضوعية، وهم جميعًا يعملون في مصلحة الميكانيكا والكهرباء بالديوان العام، كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 27713 لسنة 57 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى، ضد وزير الموارد المائية والرى وآخرين؛ بغية الحكم لهم بأحقيتهم في صرف بدل ظروف ومخاطر الوظيفة "بدل مخاطر الكهرباء" بنسبة 30% من المرتب الأساسي، أسوة بالعاملين بهيئة كهرباء مصر، وقالوا في بيان ذلك إنهم ضمن (18000) عامل على مستوى الجمهورية يقومون بإنشاء وتشغيل وصيانة محطات طلمبات الرى والصرف والخلط الكهربائية، التي تخدم الأراضي الزراعية، وتدار بالمحركات الكهربائية، وإذ أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 538 لسنة 1994 بتاريخ 10/3/1994، متضمنًا منح العاملين بهيئة كهرباء مصر بدل طبيعة عمل "بدل مخاطر الكهرباء" بنسبة 50% للعاملين بمحطات التوليد والشبكات ومراكز الجهد الفائق ومراكز التحكم، من مجموعة الوظائف الهندسية والعلوم الرياضية الفنية والحرفية، وبنسبة 40% للعاملين بالدواوين العامة، ماعدا المجموعات المكتبية ومجموعات الخدمات، والعاملين بمحطات التوليد والشبكات من غير المجموعة الأولى، والعاملين بالطب والتمريض، والعاملين بالحاسبات الإلكترونية، وبنسبة 30% للعاملين بالمجموعة المكتبية والخدمات بالدواوين، كما قرر بدل ورادى للعاملين بنظام الورديات الثلاث، بنسبة 35% من المرتب الأساسي للعامل، ويزاد إلى 45% من المرتب الأساسي إذا أمضى العامل مدة تزيد على خمس سنوات في العمل بهذا النظام، وإلى 55% من المرتب الأساسي للعامل الذى أمضى في هذا النظام مدة تزيد على عشر سنوات، و75% من المرتب الأساسي للعامل الذى أمضى في هـذا النظام مـدة تزيـد على 15 سنة، ولما كانت مخاطر العاملين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء تتماثل مع نظرائهم بهيئة كهرباء مصر، أقاموا تلك الدعوى للحكم لهم بطلباتهم. تدوولت الدعوى أمام تلك المحكمة، وبجلسة 12/2/2007، قررت وقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية قصر هذه البدلات على العاملين بهيئة كهرباء مصر، دون العاملين المتساوين معهم في الظروف ذاتها، ونعى حكم الإحالة على القرار المحال مخالفته مبدأ المساواة.
      وحيث إن المصلحة في الدعـوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.

      وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المدعون يشغلون وظائف مكتبية بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بالديوان العام، وكان القرار اللائحي المحال إلى هذه المحكمة الرقيم 538 لسنة 1994، الذى استُبدِل بنصي المادتين (43 و44) من لائحة نظام العاملين بهيئة كهرباء مصر، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 416 لسنة 1977 قد قـرر بدلات بفئات مختلفة لصالح العاملين بهيئة كهربـــــاء مصر، قاصرًا نطاق إعمال أحكامه عليهم، وكان هذا القرار اللائحي لا يخاطب إلا تلك الفئات من العاملين بهيئة كهرباء مصر، دون العاملين بغيرها من المصالح الحكومية الأخرى، ومن بينهم العاملون بمصلحة الميكانيكا والكهرباء، الأمر الذى يكون معه المدعون في الدعوى الموضوعية من غير المخاطبين بأحكام هذه اللائحة، ومن ثم يكون مرد الضرر الذى حاق بهم يعود إلى النصوص المنظمة للبدلات المستحقة للعاملين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء، وليس إلى القرار المطعون عليه، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة في الدعوى المعروضة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

العبرة بالطلبات في صحيفة دعوى الدستورية وليس بالدفع امام محكمة الموضوع


الدعوى رقم 103 لسنة 32 ق "دستورية" جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمـرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 103 لسنة 32 قضائية "دستورية".
المقامة من
محمد محمود حجاج الملاح
ضد
1 – رئيس الجمهوريــــة
2 - رئيس مجلس الــوزراء
3- وزيــــر العـــدل
4- النائـــب العـــــام

الإجراءات
      بتاريخ السادس عشر من مايو سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعـدم دستورية المـواد (8 مكرر، 63، 232، 251، 252، 253) من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (3، 3 مكرر، 9، 10) من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية.


      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة (232) من قانون الإجراءات الجنائية، ثانيًّا: برفض الدعوى بالنسبة لباقى النصوص.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
   ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعى كان قد أقام بطريق الادعاء المباشر الدعوى رقم 12703 لسنة 2009 جنح قسم أول طنطا، ضد رئيس قلم كتاب محكمة طنطا الابتدائية وآخرين، طالبًا الحكم بمعاقبتهم بالعقوبة المقررة بالمادة (116 مكرر "أ") من قانون العقوبات، والتعويض المؤقت ومقداره واحد جنيه، على سند من أنهم بوصفهم موظفين وأمناء سر الجلسات بالمحكمة، تسببوا في إلحاق ضرر جسيم بمصالح الجهة التى يعملون بها، وتسببوا في زعزعة الثقة في الأحكام القضائية، وأضروا بالمدعى بإهمالهم في أداء واجبات وظائفهم، وإساءتهم استعمال السلطة المخولة لهم، حيث صدرت أحكام ضد المدعى ثبت بالدليل الفنى تزويرها على من نسب إليه إصدارها، وهذه الأحكام في عهدتهم ومحفوظة لديهم، باعتبارهم المنوط بهم حفظها، كما أقام المدعى وآخر بطريق الادعاء المباشر الدعوى رقم 14384 لسنة 2009 جنح قسم أول طنطا، ضد رئيس القلم المدنى بمحكمة طنطا وآخرين، طالبين الحكم عليهم بالعقوبة المقررة بالمادتين (116 مكرر "أ" و123) من قانون العقوبات، والتعويض المؤقت ومقداره جنيه واحد، لارتكابهم جريمة الإضرار غير العمدى بأموال ومصالح الجهة التى يعملون بها، مما تسبب في الإضرار بمصالح المدعين، وبجلسة 5/9/2010، قررت المحكمة ضم الدعويين لوحدة الموضوع، وليصدر فيهما حكم واحد، وأثناء نظر الدعوى الأولى بجلسة 27/12/2009، دفع الحاضر عن المدعى بعدم دستورية نصوص المواد (8 مكرر، 63، 232، 234، 331) من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (3، 3 مكرر، 9، 10، 11، 12، 13) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، والمادة (123) من قانون العقوبات، وإذ قدرت المحكمة بجلسة 18/4/2010، جدية الدفع وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، أقام المدعى دعواه المعروضة.
      وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن نطاق الدعوى الدستورية، التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التى تقدر فيها تلك المحكمة جديته، على ضوء الطلبات الختامية المطروحة أمامها.

      وحيث إنه عن المواد (234، 331) من قانون الإجراءات الجنائية، (11، 12، 13) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، (123) من قانون العقوبات، فإن المدعى لم يضمنها طلباته في صحيفة الدعوى المعروضة، رغم شمول الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع لها، ومن ثم لا تدخل تلك النصوص في نطاق الدعوى المعروضة.

      وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن المشرع لم يجعل الدعوى الأصلية سبيلاً للطعن بعدم الدستورية، وأن مناط ولايتها في الرقابة على دستورية القوانين واللوائح هو اتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى للفصل في المسألة الدستورية، أو برفعها من أحد الخصوم بمناسبة نظر دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعى، وقدرت محكمة الموضوع جديته، وصرحت له برفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، خـــلال أجل لا يجاوز الأشهر الثلاثة، وهذه الأوضاع والإجراءات تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهريًا في التقاضى، تغيا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية. متى كان ما تقدم وكانت نصوص المواد (251، 252، 253) من قانون الإجراءات الجنائية، لم يتضمنها الدفع المبدى أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لم يشملها تقدير المحكمة لجدية هذا الدفع، وتصريحها بإقامة الدعوى الدستورية، وتبعًا لذلك ينحل الطعن عليها إلى دعوى أصلية أقيمت بالمخالفة للأوضاع والإجراءات المقررة قانونًا، وتغدو هه الدعوى في هذا الشق منها غير مقبولة.

      وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (232) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على أمر يصدر من قاضى التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو من المدعى بالحقوق المدنية". وتنص فقرتها الثالثة على أنه "ومع ذلك فلا يجوز للمدعى بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها في الحالتين الآتيتين: (أولاً) إذا صدر أمر من قاضى التحقيق أو النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى ولم يستأنف المدعى بالحقوق المدنية هذا الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة. (ثانيًّا) إذ كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة (123) من قانون العقوبات".


      وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسالة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعى يتوخى في دعواه الموضوعية أن يلاحق الموظفين العموميين المدعى عليهم - من خلال الادعاء المباشر - عن جريمة يرى أنهم ارتكبوها أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها، وتعويضه عن الأضرار التى يرى أنها أصابته من جراء ارتكابها، وكان البند (ثانيًّا) من الفقرة الثالثة من المادة (232) من قانون الإجراءات الجنائية، دون باقى نصوص المواد (8 مكرر، 63) من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (3، 3 مكرر، 9، 10) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، حائلاً بينه وبين اقتضاء الحقوق التى يطلبها في النزاع الموضوعي، فإن مصلحته الشخصية في الدعوى المعروضة، تكون منتفية بالنسبة للنصوص المشار إليها، فيما خلا هذا النص، ذلك أن القضاء في دستوريتها لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في خصوص النصوص المذكورة.

      وحيث إنه بالنسبة لنص البند ثانيًّا من الفقرة الثالثة من المادة (232) من قانون الإجراءات الجنائية، فإن المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية بالنسبة لهذا النص بحكمها الصادر بجلسة 4/1/1997، في الدعوى رقم 47 لسنة 17 قضائية "دستورية" والذى قضى برفض الدعوى، وقد نُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (3) بتاريخ 16/1/1997، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارهـا قـولاً فصـلاً في المسألة المقضي فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها، أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لذلك النص.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

دستورية اعفاء الأندية الرياضية من 75% من مقابل استهلاك المياه


الدعوى رقم 39 لسنة 31 ق "دستورية" جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع          أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 39 لسنة 31 قضائية "دستورية".
المقامة من
شركة مياه الشرب بالإسكندرية
ضد
1 – رئيس الجمهوريــة
2 - رئيس مجلس الــــــوزراء
3 - رئيس المجلس القومي للرياضة
4- محافــظ الإسكندريـــة
5- الممثل القانونى لنادى الإسكندرية الرياضى (سبورتنج)

الإجراءات

 بتاريخ التاسع عشر من فبراير سنة 2009، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بعدم دستورية نص البند (د) من المادة (16) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 فيما نص عليه من إعفاء تلك الهيئات من 75% من مقابل استهلاك المياه.

      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
            ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بإيداع مذكرات في أسبوع، قدمت خلاله هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 11222 لسنة 2006 مدنى كلى الإسكندرية، ضد نادى الإسكندرية الرياضى (سبورتنج)، طالبةً الحكم بإلزامه بسداد مبلغ قدره ثلاثمائة وخمسة وثلاثون ألفًا وسبعمائة وتسعون جنيهًا وواحد وثلاثون قرشًا، قيمة المديونية المستحقة عليه مقابل استهلاكه للمياه حتى شهر أكتوبر 2006، وكذا سداد الفوائد القانونية المقررة عليه، ثم أضافت الشركة المدعية طلبًا جديدًا بإلزام النادى المدعى عليه بدفع القيمة الكلية لثمن المياه المباعة له بموجب العقد المبرم بين الطرفين، دون التمتع بأية إعفاءات. وذكرت الشركة المدعية شرحًا لدعواها أن النادى المدعى عليه كان قد تعاقد معها على توريد المياه، وأن المادة (3/1) من العقد المبرم بينهما تقضى بإلزامه بسداد ثمن المياه المستهلكة، في المواعيد التى تقررها الشركة وفقًا للتعريفة المقررة، إلا أن النادى امتنع عن سداد كامل مقابل استهلاكه للمياه، واستند في ذلك إلى الإعفاء المقرر للهيئات الخاصة لرعاية الشباب والرياضة، من أداء 75% من مقابل استهلاك المياه، والمقرر بموجب نص البند (د) من المادة (16) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975، فدفع الحاضر عن الشركة المدعية بجلسة 20/10/2008، بعدم دستورية ذلك النص، وتمسك بمذكرته المقدمة بجلسة 2/2/2009، بالدفع ذاته، وبعد أن قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، أقامت الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (1) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978 ( قبل إلغائه بقانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017 وقانون تنظيم الهيئات الشبابية الصادر بالقانون رقم 218 لسنة 2017) تنص على أنه "تُعتبر هيئة أهلية عاملة في ميدان رعاية الشباب والرياضة في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من عدة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين لا تستهدف الكسب المادى ويكون الغرض منها تحقيق الرعاية للشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وذلك عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية والترويحية في إطار السياسة العامة للدولة والتخطيط الذى يضعه المجلس الأعلى للشباب والرياضة".

وتنص المادة (16) من القانون ذاته على أنه "لكل من الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة التمتع بالإعفاءات والامتيازات الآتية: (أ) .......... (ب)...............(ج)..........    (د) الإعفاء من 75% من مقابل استهلاك النور والمياه على الأقل، وتسرى عليها تعريفة الاشتراكات والمكالمات التليفونية الخاصة المقررة للمنازل. (هــ) ........(و)...........
وتنص المادة (72) منه على أنه "النادى الرياضى هيئة تكونها جماعة من الأفراد بهدف تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة من النواحى الاجتماعية والصحية والنفسية والفكرية والروحية عن طريق نشر التربية الرياضية والاجتماعية وبث روح القومية بين الأعضاء من الشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهـــم.
وكذلك تهيئة الوســـائل وتيسير الســـبل لشغل أوقـــات فـــراغ الأعضـــاء.
وذلك كله طبقًا للتخطيط الذى تضعه الجهة الإدارية المركزية".



وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول مطالبة الشركة المدعية إلزام النادى المدعى عليه - وهو أحد الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة - بسداد مقابل استهلاك المياه التى وردتها الشركة المدعية له، طبقًا للعقد المبرم بينهما، الذى امتنع عن سداده كاملاً استنادًا لنص الفقرة (د) من المادة (16) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 (قبل إلغائه بالقانونين المشار إليهما)، الذى أعفى النادى من نسبة 75% من هذا المقابل على الأقل، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للشركة المدعية تكون محققة في الطعن على هذا النص فيما تضمنه من إعفاء الأندية الرياضية من 75% من مقابل استهلاك المياه على الأقل، بحسبان الفصل في دستورية ذلك النص من شأنه أن يؤثر على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، وقضاء تلك المحكمة فيها.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن إلغاء النص التشريعى المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم ذلك القانون خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وتوافرت تبعًا لذلك لهم مصلحة شخصية في الطعن بعدم دستوريته. وإذ كان النص المطعون عليه قد طُبّق في حق الشركة المدعية، ويمثل سند امتناع المدعى عليه الخامس عن سداد كامل مقابل استهلاك المياه التى وردتها الشركة المدعية له، فإن إلغاء النص المذكور ضمن نصوص قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة بمقتضى قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، وقانون تنظيم الهيئات الشبابية الصادر بالقانون رقم 218 لسنة 2018، لا يحول دون بقاء مصلحة الشركة المدعية قائمة في الطعن على هذا النص بعدم الدستورية.

وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائـــــم دون غيـــــره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صون الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك وكان النص المطعون فيه قد أًلغى بمقتضى نص المادة السادسة من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، وكذا نص المادة الخامسة من قانون تنظيم الهيئات الشبابية الصادر بالقانون رقم 218 لسنة 2017، وذلك بعد صدور الدستور الحالى بتاريخ 18/1/2014، وكانت المناعى التى وجهتها الشركة المدعية للنص المطعون فيه تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعى، ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها القضائية على دستورية النص المطعون عليه من خلال أحكام الدستور الحالى باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.

وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه إخلاله بالحماية المقررة لملكيتها بحرمانها من الحصول على 75% من مقابل استهلاك المياه على الأقل من النادى المدعى عليه الخامس، وهى إحدى شركات قطاع الأعمال العام، والعدوان عليها باعتبارها ملكية خاصة، والمساس بحرمتها بما يسمح بالاستيلاء عليها، ومصادرة لأموال كان يتعين أن تدخل في الذمة المالية للشركة، فضلاً عن إهداره لحرية التعاقد، وفرضه أعباء مالية على الشركة تؤول مباشرة لصالح طائفة معينة بذاتها دون أن تدخل خزانة الدولة أو تقع ضمن مواردها، وذلك كله بالمخالفة لأحكام المواد (32، 34، 36، 61، 115، 116، 119، 120) من دستور 1971، المقابلة للمواد (33، 35، 38، 40، 124، 126) من الدستور الحالى.



وحيث إن ما تنعاه الشركة المدعية على النص المطعون فيه أنه يمثل عدوانًا على الملكية الخاصة، ومساسًا بحرمتها ومصادرةً لها، فمردود بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اضطلاع الملكية الخاصة التى صانها الدستور بمقتضى نص المادة (35) ، بدورها في خدمة المجتمع، يدخل في إطار أدائها لوظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة لا يتحـــــدد نطاقهـــــا من فـــراغ، ولا تفرض نفسهـــــا تحكمًا، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التى ينبغى رصدها عليها، وبمراعاة أن القيود التى يفرضها الدستور على الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل يمليها خير الفرد والجماعة

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن النصوص القانونية التى ينظم بها المشرع موضوعًا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافها، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضـــوع تنظيم الحقــــوق - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط محددة تعتبر تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. ويتمثل جوهر هذه السلطة في المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة التى تتزاحم فيما بينها على تنظيم موضوع محدد، فلا يختار من بينها غير الحلول التى يقدر مناسبتها أكثر من غيرها لتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وكلما كان التنظيم التشريعى مرتبطًا منطقيًّا بهذه الأغراض - وبافتراض مشروعيتها - كان هذا التنظيم موافقًا للدستور.



وحيث إن الدستور قد ألقى بنصى المادتين (82، 84) التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة بكفالة رعاية الشباب والنشء، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية، وتشجيعهم على العمل الجماعى والتطوعى، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة، وكفالة ممارسة الرياضة كحق لجميع المواطنين، واتخاذ التدابير اللازمة لتشجيع ممارستهم الرياضة، واكتشاف الموهوبين رياضيًّا ورعايتهم.



وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الهيئات العاملة في ميدان الشباب والرياضة، باعتبارها من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، تتوخى تنمية الشباب في مراحل عمره المختلفة، وإتاحة الأوضاع المناسبة لتطوير ملكاتهم عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية في إطار السياسة العامة للدولة، وقد صدر قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة بالقانون رقم 77 لسنة 1975 متضمنًا تنظيمًا شاملاً لهذه الهيئات، ومؤكدًا بصريح نص المادة (15) منه أن الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة تعتبر من "الهيئات الخاصة ذات النفع العام" وأن كلاً منها يتمتع - بنص القانون - بامتيازات السلطة العامة الواردة بهذا القانون، وذلك تقديرًا منه لأهمية دور هذه الهيئات في مجال رعاية النشء وتنمية ملكاته وتأهيله للنهوض بمسئولياته، وتحمل تبعاتها في سبيل الارتقاء بأمته ودعم مكانتها في أكثر الميادين أهمية.

وحيث إن ما تضمنه النص المطعون فيه من إعفاء الأندية الرياضية من 75% من مقابل استهلاك المياه على الأقل، يستهدف عدم اقتطاع جزء من الموارد المالية للأندية الرياضية، كى تسددها مقابل استهلاك المياه، وبقائها مخصصة لمزاولة أنشطتها المتصلة بالمصلحة العامة، التى تُعد رعاية الشباب والنشء وتنمية قدراتهم المختلفة، وكفالة ممارسة الرياضة لجميع المواطنين - أحد أوجهها المهمة والحيوية، وكان هذا الإعفاء متناسبًا مع هذا الوجه من أوجه المصلحة العامة التى لا يقتصر مفهومها على الانحصار في الصالح المباشر المرتبط بالغرض الذى أُنشئت الشركة من أجله فقط، وإنما بالمصلحة العامة بمعناها الأشمل، وبأوجهه المختلفة، بهدف توفير المياه اللازمة لإشباع حاجات المواطنين المختلفة، ومن بينها توفير ما يلزم لمباشرة هؤلاء المواطنين لحقهم في ممارسة الرياضة الذى تتيحه لهم تلك الأندية، وكذا تحقيق رعاية الشباب وتنمية قدراتهم، بوصفه التزامًا دستوريًّا ألقاه الدستور على عاتق الدولة، ومن ثم يكون المشرع قد ضمَّن النص المطعون فيه تنظيمًا يتوافق مع الأغراض والأهداف التى رصدها المشرع له، وسعى إلى تحقيقها من خلاله، وتوافرت فيه الرابطة المنطقية والعقلية بتلك الأهداف، وذلك في إطار استعمال المشرع لسلطته التقديرية في تنظيم الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة، على نحو يحقق المصلحة العامة، ويمكنها من تحقيق الأغراض التى حددها لها، وذلك على الوجه الأكمل، باستعمالها لكافة مواردها المالية ورصدها لتحقيق هذه الأهداف والأغراض، دون أن يقتطع منها أى جزء لتخصيصه لسداد مقابل استهلاك المياه، ذلك أن المشرع في مجال سلطته في الاختيار بين البدائل المتاحة أمامه قد فاضل بين وجهين من أوجه المصلحة العامة، أولهما: يتمثل في استيفاء الشركات المملوكة للدولة ملكية خاصة، كامل مقابل خدمة تقديم المياه للأندية الرياضية باعتبارها من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، الأمر الذى يصب بشكل مباشر في المصلحة العامة المتعلقة بإيرادات أملاك الدولة، وبقدرة هذه الشركات على مزاولتها لأنشطتها. وثانيهما: فهو المصلحة العامة المتمثلة في رعاية الشباب والنشء، وكفالة ممارسة الرياضة، وحق جميع المواطنين في إتاحة الفرص المناسبة لهذه الممارسة، وهو ما قدر معه المشرع أولوية الوفاء بالالتزام الدستورى الأخير، من خلال توفير قدر من الإعفاءات للأندية الرياضية باعتبارها من الهيئات الخاصة لرعاية الشباب والرياضة المضطلعة بهذه المهمة، وأن تتحمل الدولة كمالك للجهات القائمة على هذا المرفق الحيوى قدرًا من العبء المالى الناتج عن قيمة استهلاك الأندية الرياضية للمياه بنسبة 75% على الأقل، باعتباره أحد وسائلها لدعم هذه الأندية تمكينًا لها من أداء دورها، فإنه يكون قد التزم الضوابط الدستورية الحاكمة لسلطته في هذا المجال، الأمر الذى لا يكون معه النص المطعون فيه مخالفًا لنصوص المواد (27، 32، 33، 34، 35، 40) من الدستور.



وحيث إنه عن نعى الشركة المدعية على النص المطعون فيه إهداره لحرية التعاقد، فمردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حرية التعاقد - أيًّا كان الأصل الذى تتفرع عنه أو تُرد إليه - لا يعنى على الإطلاق أن يكون لسلطان الإرادة دور كامل ونهائى، بما مؤداه أن للمشرع أن يرسم للإرادة حدودًا لا يجوز أن يتخطاها سلطانها، ليظل دورها واقعًا في دائرة منطقية، تتوازن الإرادة في نطاقها بدواعى العدل وتحقيق الصالح العام.

وحيث إن النص المطعون فيه فيما تضمنه من إعفاء الأندية الرياضية من 75% من مقابل استهلاك المياه على الأقل، قد جاء مقررًا قيدًا عامًا على جميع العقود التى تبرمها الجهات القائمة على توفير المياه مع الأندية الرياضية، مستهدفًا تحقيق المصلحة العامة، بهدف عدم الانتقاص من مواردها المالية المعينة لها على تحقيق أغراضها، التى تتصل برعاية الشباب والنشء، وكفالة ممارسة الرياضة لجميع المواطنين، وكفالته تحقيق التوازن بين مصالح أطراف العلاقة العقدية المشار إليها، الذى أوجبت كفالته المادة (27) من الدستور، وفاءً من الدولة بأحد التزاماتها الدستورية التى قررتها المادتان (82، 84) من الدستور، فإنه يكون غير مناقض لطبيعة العقد أو اعتبارات العدالة, ومتناسبًا مع المصلحة العامة التى يبتغى تحقيقها، دون مساس بحرية التعاقد، باعتبارها أحد روافد الحرية الشخصية التى كفلها الدستور في المادة (54).

وحيث إنه عما تنعاه الشركة المدعية على النص المطعون فيه، في حدود نطاقه المتقدم، من أنه يتضمن فرض أعباء مالية على الشركة تؤول مباشرة لصالح طائفة معينة بذاتها، دون أن تدخل خزانة الدولة، أو تعد ضمن مواردها، فمردود؛ بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا وبصفة نهائية من المكلفين بها، لا يملكون التنصل من أدائها باعتبار أن حصيلتها تعينها على النهوض بخدماتها ومهامها التى يفيد مواطنوها منها بوجه عام، فلا تكون الضريبة التى يتحملون بها إلا إسهامًا منطقيًّا من جانبهم في تمويل أعبائها، ولا تقابلها بالتالى خدمة بذاتها أدتها مباشرة لأحدهم. وذلك على نقيض رسومها التى لا تقتضيها من أيهم إلا بمناسبة عمل أو أعمال محددة بذاتها أتتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مقابل يناسبها - وإن لم يكن بقدر تكلفتها - إلا جزاءً عادلاً عنها، ومن ثم تكون هذه الأعمال مناط فرضها، وبما يوازيها.



      كما أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى النص في عجز الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور من أن"يحدد القانون طـــــــــرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرســـــــــوم، وأى متحصـــــلات سيادية أخــــــــــرى، وما يـــــودع منها في الخزانـــــة العامـــــة للدولـــــة"، أن الدستور وإن كان قد أوجب أصلاً عامًا يقتضى أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة للدولة في الخزانــــة العامــــة للدولــــة، لتتولى تحديـــــد مصارفها تحت رقابـــــة المؤسســـــة التشريعيـــــة، بقصـــــد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المـــــادة (124) من الدستور، فإن ما يستفاد من هذا النص بدلالة المخالفة - وعلى ما أفصحت عنه مناقشات لجنة الخمسين التى أعدت مشروع الدستور - أن الدستور قد أجاز للمشرع، على سبيل الاستثناء، وفى أضيق الحدود، أن يحدد ما لا يودع من حصيلة الموارد المالية في الخزانة العامة، ليكون إعمال هذه الرخصة – بحسبانها استثناءً من الأصـــــــــــــل العام- أداته القانون، وفى حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعى صريح ذى طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر استنادًا إلى أسباب جدية، صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة في ظل أعبائها. فمتى استقام الأمر على هذا النحو، جاز للمشرع تخصيص أحد الموارد العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالاً لأحكام الدستور، وتفعيلاً لمراميه.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه لم يتضمن فرض ضريبة أو رسم أو أىّ من التكاليف العامة الأخرى تخصص مباشرة لصالح الأندية الرياضية، وإنما تضمن حكمًا بإعفاء تلك الأندية من سداد 75% من مقابل استهلاكها من المياه على الأقل، بهدف تحقيق المصلحة العامة التي أوجبها الدستور على وجهها المتقدم، وهو ما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع، في مجال تنظيم الحقوق والحريات، دون مساس بأصلها أو جوهرها، باعتباره قيدًا عامًا قرره الدستور بمقتضى نص المادة (92)، ومن ثم لا يكون النص المطعون فيه متعارضًا ونصوص المواد (38، 92، 124، 126) من الدستور.

وحيث إن النص المطعون فيه - في حدود نطاقه المتقدم - لا يخالف أى نص آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهــذه الأسبــاب
 حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.