الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

الطعن 40028 لسنة 59 ق جلسة 9 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ق 152 ص 983


برئاسة السيد المستشار / ناجى اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أحمد عبد الرحمن وابراهيم عبد المطلب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة.
-----------
إيجار اماكن . جريمة "الجريمة المتتابعة". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
الجريمة متلاحقة الافعال التي تعتبر وحدة في مجال المسئولية الجنائية . تعريفها ومناط تحققها ؟قضاء الحكم باعتبار تقاضى الطاعن مبالغ خارج نطاق عقد الايجار على مرتين جريمة واحدة متتابعة الافعال دون استظهار ما اذا كان القصد الجنائي واحدا وبيان الزمن بين كل منهما واثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها . قصور .
الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني في بادئ الأمر، على أن يجزىء نشاطه على أزمنة مختلفة وبصوره منظمة بحيث يكون كل نشاط يقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابها أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يناسب حملها على أنها جميعا تكون جريمة واحدة لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة - على السياق المتقدم - وما قضى به في منطوقه من تغريم الطاعن مبلغ اثنى عشر ألف جنيه وإلزامه برد ستة آلاف جنيه للمجنى عليها وهو المبلغ المدعى بدفعة على مرتين، مفاده أنه اعتبر الوقائع المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة متتابعة الفعال، دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان الطاعن قد ارتكب الفعلين المسندين إليه في المرتين اللتين تقاضى فيهما المبالغ النقدية من المجنى عليها نتيجة قصد جنائي واحد ، وانه لم يمض بين هذين الفعلين في هاتين المرتين وقت زمنى بعيد، لبيان ما إذا كان ما ارتكبه المتهم جريمة واحدة أم جرائم وقتيه متعددة وأثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها، فإنه يكون معيبا بالقصور .
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته مالك لعقار تقاضي من المستأجر نقوداً خارج نطاق عقد الإيجار وزيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها فيه. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 25، 26، 66، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 ومحكمة أمن الدولة الجزئية بدمنهور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم اثني عشر ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ ستة آلاف جنيه للمجني عليها وبدفع مبلغ أثنى عشر ألف جنيه لصندوق تمويل الإسكان الاقتصادي بمحافظة البحيرة استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... وإلخ.

--------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق الإيجار زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد, قد أخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن المحكمة أطرحت الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة, استنادا إلى أن الجريمة المسندة إلى الطاعن من الجرائم متتابعة الأفعال، في حين أن تلك الجريمة ليست من هذا النوع من الجرائم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن تقاضى من المجني عليها مبلغا أربعة آلاف جنيه منذ خمس سنوات, ثم تقاضى منها مبلغ ألفين من الجنيهات منذ سنة ونصف, عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية ورد عليه في قوله "وحيث إنه متى كان ما تقدم, وكان الثابت أن المتهم وإن تقاضى مبلغ أربعة آلاف جنيه منذ خمس سنوات سابقة على الإبلاغ, إلا أنه عاد وتقاضى مبلغ ألفين من الجنيهات منذ سنة ونصف, كما هو ثابت من أقوال المجني عليها وأقوال والدها, فإن الأمر والحال كذلك تكون أمام جريمة متتابعة الأفعال على الوصف السابق بيانه, ويكون حساب مدة التقادم يبدأ من اليوم التالي لآخر فعل داخل في تكوين الجريمة, ولما كان آخر فعل هو تقاضي مبلغ الألفين جنيه منذ سنة ونصف تقريبا, فإن مدة التقادم تحسب من هذا التاريخ، ولما كان ذلك, فإن مدة التقادم المسقط للحق في إقامة الدعوى الجنائية لم تتكامل بعد ويتعين رفض الدفع" لما كان ذلك, وكان من المستقر عليه - في قضاء هذه المحكمة - أن الجريمة متلاحقة الأفعال التي تعتبر وحدة في باب المسئولية الجنائية هي التي تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني في بادئ الأمر, على أن يجزئ نشاطه على أزمنة مختلفة وبصورة منظمة بحيث يكون كل نشاط يقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابها أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه. وأن يكون بين الأزمنة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يناسب حملها على أنها جميعا تكون جريمة واحدة. لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة - على السياق المتقدم - وما قضى به في منطوقه من تغريم الطاعن مبلغ أثنى عشر ألف جنيه وإلزامه برد ستة آلاف جنيه للمجني عليها وهو المبلغ المدعى بدفعه على مرتين, مفاده أنه أعتبر الوقائع المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة متتابعة الأفعال، دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان الطاعن قد أرتكب الفعلين المسندين إليه في المرتين اللتين تقاضى فيهما المبالغ النقدية من المجني عليها نتيجة قصد جنائية واحد, وأنه لم يمض بين هذين الفعلين في هاتين المرتين وقت زمني بعيد, لبيان ما إذا كان ما أرتكبه المتهم جريمة واحدة أم جرائم وقتية متعددة وأثر ذلك على حساب مدة التقادم وبدء سريانها, فإنه يكون معيبا بالقصور في الرد على الدفع متقدم المساق, بما يوجب نقضه والإعادة, بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 23523 لسنة 62 ق جلسة 8 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ق 151 ص 976


برئاسة السيد المستشار / محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعلى شكيب نواب رئيس المحكمة واحمد عبد القوى.
-------------
- 1  إكراه . جريمة " اركان الجريمة". خطف . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
جريمة خطف الأنثى. المنصوص عليها بالمادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟
إن جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنه كاملة بالإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذى خطفت منه أيا كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبيه من شأنها سلب إرادتها .
- 2  إكراه .
ركن الإكراه في جريمة خطف أنثى. تقديره موضوعي.
من المقرر أن تقدير توافر ركن الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير ما دام استدلالها سليما.
- 3  إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. وزن أقوال الشهود. موضوعي. مفاد اخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها .
- 4  حكم " بيانات التسبيب "" تسبيبه . تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلا خاصا لبيان الواقعة المستوجبة للعقوبة .
من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا أو نمطا معينا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أوردة الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصه المحكمة ويحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان الأدلة التي تستند غليها الحكم الصادر بالإدانة فأنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعن .
- 5  نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . عدم جواز إثارته أمام النقض . مثال.
لما كام الحكم قد دحض حجة الطاعن بأنه احتجز بمقر الشرطة أكثر من المدة المقررة قانونا قبل عرض على النيابة بما أثبته من انه قول مرسل لم يؤيد بدليل بالتحقيقات وأن إثارته بمحضر جلسه المحكمة قد به التشكيك في أدلة الأتهام ومدى صحتها وهو ما ترفضه المحكمة لعدم اقتناعها بصحة ثبوته ، فإن ما يثيره من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .
- 6  إثبات "اعتراف. حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الاثبات موضوعي . انتهاء المحكمة الى سلامة اعتراف المتهم لانتفاء الصلة بين إصابته وبين الاعتراف حق لها لا ينال منه تمام الاستجواب داخل قسم الشرطة . اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حضور ضابط الشرطة وخشية الطاعن منهم لا يعد قريناً للإكراه المبطل للاعتراف .
الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من ان الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه . لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان الاعتراف في قولة.: ".. فالثابت بيقين في عقيدة المحكمة أن تلك الإصابات أحدثها المتهمين بأنفسهم بغيه الإفلات من العقاب كما قررا بذلك بالتحقيقات بمحض إرادتهم الحرة أمام النيابة العامة باعتبارها الطرف الأمين على الدعوى العمومية وحيادها في التحقيقات" فإن المحكمة إذا تحققت - للأسباب السائغة التي ساقتها على النحو المتقدم - من أن إصابة الطاعن وباقي المتهمين منبته الصلة تماما بالاعتراف الذى أدلوا به في تحقيق النيابة واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف سليم مما يشوبه، تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب ولو صح ما يثيره الطاعن من أن استجوابه تم داخل قسم الشرطة لما هو مقرر من أن اختيار المحقق لمكان التحقيق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصا على صالح التحقيق وسرعة انجازه وأن مجرد حضور ضابط الشرطة وخشيته منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل لاعترافه لا معنى ولا حكما .
- 7  دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
النعي على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها . غير جائز .
لما كان الدفاع عن الطاعن - على الاعتراف الصادر منه ومن المحكوم عليهم بأنه نتيجة إكراه مادى وقع عليهم - دون اثاره واقعة استجوابهم بمقر الشرطة - وكان الحكم قد فند الدفاع المثار بأسباب سائغة فليس للطاعن أن يعنى على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر لديها.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرين بأنهم خطفوا وأخر حدث بالإكراه ....... بأن أوقفوا سيارة أجرة كانت تستقلها وهددوها بأدوات صلبة يحملونها فترجلت كرها عنها فأوقفوا لها سيارة خاصة وحملوها نائين بها عن مكان الخطف. وأحالتهم إلي محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 1/290 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

------------
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خطف أنثى بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه التفت عن دفاعه بانتفاء الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دانه بها إيرادا له وردا عليه, واعتنق تصوير المجني عليها للواقعة رغم عدم معقوليته الأمر الذي ينبئ عن أن المحكمة لم تمحص الواقعة وأدلتها تمحيصا كافيا, هذا إلى أن الحكم لم يعن بتحقيق ما دفع به من بطلان القبض عليه لاحتجازه بمقر الشرطة أكثر من المدة المقررة قانونا وبطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي وحصوله داخل قسم الشرطة ورد على الدفع بشقيه بما لا يسوغ إطراحه بالرغم من إثبات وجود إصابة بالطاعن لدى مناظرته في تحقيق النيابة, كل ذلك مما يعيب الحكم بما ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك, وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أيا كان هذا المكان بقصد العبث بها, وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه, وكان تقدير توافر ركن الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب مادام استدلالها سليما - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت شهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وإذا كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال المجني عليها فإنه لا يكون ثمة محل لتعيب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها, وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا أو نمطا معينا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعن. لما كان ذلك, وكان الحكم قد دحض حجة الطاعن بأنه احتجز بمقر الشرطة أكثر من المدة المقررة قانونا قبل عرضه على النيابة بما أثبته من أنه قول مرسل لم يؤيد بدليل بالتحقيقات وأن إثارته بمحضر جلسة المحكمة قصد به التشكيك في أدلة الاتهام ومدى صحتها وهو ما ترفضه المحكمة لعدم اقتناعها بصحة ثبوته, فإن ما يثيره من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه. لما كان ذلك, وكان الحكم قد رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان الاعتراف في قوله:- ".. فالثابت بيقين في عقيدة المحكمة أن تلك الإصابات أحدثها المتهمين بأنفسهم بغية الإفلات من العقاب كما قرروا بذلك بالتحقيقات بمحض إرادتهم الحرة أمام النيابة العامة باعتبارها الطرف الأمين على الدعوى العمومية وحيادها في التحقيقات". فإن المحكمة إذا تحققت - للأسباب السائغة التي ساقتها على النحو المتقدم - من أن إصابة الطاعن وباقي المتهمين منبتة الصلة تماما بالاعتراف الذي أدلوا به في تحقيق النيابة واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف سليم مما يشوبه, تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب ولو صح ما يثيره الطاعن من أن استجوابه تم داخل قسم الشرطة لما هو مقرر من أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصا على صالح التحقيق وسرعة إنجازه وأن مجرد حضور ضباط الشرطة وخشيته منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل لاعترافه لا معنى ولا حكما. هذا على أنه لما كان الدفاع عن الطاعن - على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة - جاء مقصورا على النعي على الاعتراف الصادر منه ومن المحكوم عليهم بأنه نتيجة إكراه مادي وقع عليهم - دون إثارة واقعة استجوابهم بمقر الشرطة - وكان الحكم قد فند الدفاع المثار بأسباب سائغة فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر لديها. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 1052 لسنة 63 ق جلسة 7 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ق 149 ص 958


برئاسة السيد المستشار / نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مجدى منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
--------------
- 1  إثبات " اعتراف". اكراه . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك .
من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو لمحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
- 2  إثبات " اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض " اسباب الطعن. ما لا يقبل من الأسباب".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه . موضوعي . حد ذلك . النعي بأن اعتراف الطاعن الثاني جاء نتيجة احتمال توعد ضابط الواقعة له . لا يصلح أساسا للدفع ببطلانه . علة ذلك .
من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وكان البين مما أثبته الدفاع بمحضر الجلسة وأورده بمذكرة الأسباب أن الدفع ببطلان اعترافات الطاعنين قد أسس على افتراض مؤداه أن مبادرة الطاعن الثاني للاعتراف لا يبررها إلا احتمال أن يكون ضابط الواقعة متواجدا خارج غرفة التحقيق وتوعده الطاعن المذكور قبل دخوله غرفة التحقيق، وهو محض افتراض بغير دليل فلا يصلح - من ثم -سندا لهذا الدفع.
- 3  حكم "تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". حكم "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها . الا عن الادلة ذات الاثر في تكوين عقيدتها اغفال الحكم الاشارة الى ان اعترافات المتهمين قد سبقها او لحقها انكار منهم . لا يعيبه . مادام ان الانكار لم يكن بذي اثر في تكوين عقيدة المحكمة . عدم بيان الحكم مبررات عدول الطاعنين عن انكارهما . لا يعيبه . علة ذلك ؟
من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وأن في إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، وكان الحكم قد عول على اعترافات الطاعنين التي أدلوا بها في تحقيقات النيابة، فإنه لا يعيب الحكم - من بعد - إغفاله الاشارة إلى أن هذه الاعترافات قد سبقها أو لحقها انكار من الطاعنين للتهمة المسندة إليهم طالما أن هذا الانكار لم يكن بذي أثر في تكوين عقيدة المحكمة، كما لا يعيبه أيضا أنه لم يعرض لمبررات عدول الطاعنين الثاني والثالث عن إنكارهما لأن المحكمة ليست ملزمة بتقصي أسباب الاعتراف أو الحافز إليه بعد أن اطمأنت إلى صحته وصدوره اختياريا وليس نتيجة إكراه أو تهديد.
- 4  إثبات "اعتراف". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
النعي بوجود تناقض بين اعترافات المتهمين بتحقيقات النيابة التي عول عليها الحكم وبين اقوالهم في محضر جمع الاستدلالات . غير مجد . مادام ان الحكم لم يعول على أقوالهم في المحضر المذكور ولم يستند الى دليل مستمد منها .
لما كان الحكم المطعون فيه قد عول على الاعترافات التي ادلى بها الطاعنون في تحقيقات النيابة فإن القول بوجود تناقض بين هذه الاعترافات وبين ما أدلوا به من أقوال في محضر جمع الاستدلالات - بفرض صحته - لا يكون مجديا إزاء ما هو ثابت من أن الحكم لم يعول على أقوالهم في المحضر المذكور ولم يستند إلى دليل مستمد منها .
- 5  دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
نفي التهمة . دفاع موضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
من المقرر أن نفى التهمة والدفع بعد معقولية الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - ردا خاصا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
- 6  محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. الجدل الموضوعي في صورة الواقعة حسبما اطمأنت إليها المحكمة. غير جائز أمام النقض.
من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أت تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنون بشان عدم معقولية الواقعة مجرد جدل موضوعي في صورة الواقعة حسبما اطمأنت إليها المحكمة، وهو ما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض .
- 7  نقض "اجراءات الطعن . الصفة والمصلحة في الطعن". نقض " اسباب الطعن - ما لا يقبل من الأسباب".
انتفاء مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم ترتيبه لهم . مادام أن هذا الترتيب لم يكن بذي أثر على عقيدة المحكمة في مسئولية كل منهم .
لما كان الحكم المطعون فيه قد سوى بين الطاعنين في المسئولية وفى العقوبة التي أنزلها بكل منهم، ومن ثم تنتفى المصلحة في النعي على ترتيبه لهم طالما أن هذا الترتيب لم يكن بذي أثر على عقيدة المحكمة في مسئولية كل منهم.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: سرقوا المبلغ النقدي المبين وصفاً وقدراً بالتحقيقات والمملوك........ وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استوقفوه أثناء سيره بسيارته الأجرة واستقلوا معه السيارة سالفة البيان وعقب ذلك طلبوا منه إيقافها وقام المتهمان الأول والثالث بإشهار مسدس صوت في وجهه حال قيام المتهم الثاني بوضع آلة حادة "جنزير حديدي في نهايته أله مدببة" في عنقه فأوقعوا الرعب في نفسه وشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء علي المبلغ النقدي أنف البيان وكان ذلك في الطريق العام وفي إحدى وسائل النقل البرية. واحالتهم إلي محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 3، 315، ثانياً من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات ومصادرة المضبوطات
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.

--------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه انه إذ دانهم بجريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام بإحدى وسائل النقل البرية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع, ذلك بأنه عول - ما بين ما عول عليه - على أن ثلاثتهم قد اعترفوا في تحقيقات النيابة ارتكاب الحادث, رغم ما هو ثابت من أن كلا من الطاعنين الثاني والثالث قد أنكر الاتهام المسند إليه عند بداية سؤاله في تلك التحقيقات, ولم يتغير موقفهما إلا عند استدعاء الطاعن الثاني من خارج غرفة التحقيق لإجراء مواجهة بينه وبين الطاعن الثالث, فإذا به - وفور دخوله - يخر معترفا اعترافا كاملا بارتكاب الحادث, وتبعه الطاعن الثالث في الاعتراف, وهو مسلك لا يوجد ما يبرره إلا أن يكون ضابط الواقعة متواجدا خارج غرفة التحقيق وتوعد الطاعن الثاني لدى دخوله للمواجهة إن لم يعترف, ولهذا تمسك الدفاع ببطلان اعترافات الطاعنين لأنها وليدة إكراه, ولكن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه, وشاب الحكم إجمالا وتجهيل في بيان الوقائع, إذ لم يشر إلى سبق إنكار الطاعنين الثاني والثالث, ولم يورد مبررا شافيا لعدولهما عن هذا الإنكار واعترافهما بارتكاب الحادث, خاصة وأن الطاعنين الثلاثة قد تمسكوا بالإنكار أمام المحكمة وأرجعوا الواقعة إلى مجرد خلاف مع المجني عليه على أجرة السيارة, وعول الحكم على اعترافات الطاعنين في تحقيقات النيابة رغم تناقضها مع الاعترافات المنسوبة إليهم بمحضر الضبط من حيث المكان الذي استقلوا منه السيارة والمبلغ الذي احتفظ به كل منهم من حصيلة الجريمة والدور الذي قام به والسلاح الذي أستخدمه, ورد الحكم على الدفع بعدم معقولية الواقعة بما لا يسوغ إطراحه وجعل الطاعن الأول متهما أول رغم أنه لم يضبط إلا بعد يومين من وقوع الحادث, فضلا عن عدم وجود ثمة تفاوت بين المتهمين في درجة مساهمة كل منهم في الجريمة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله (إنه في الساعة 2 من صباح يوم ...... أستقل المتهمون ..... و....... و........ سيارة أجرة قيادة المجني عليه ....... من شارع الجيش لتوصيلهم إلى ...., وأثناء سيرهم أمره المتهم الأول بالتوقف بطريق مظلم بجوار كلية الهندسة فامتثل المجني عليه, ثم فوجئ بالمتهم الأول- الذي كان يجلس بجواره - يصوب نحو رأسه سلاحا (طبنجة) ونزل المتهم الثاني من السيارة ووقف خارجها بجوار المجني عليه ووضع على رقبته سكينا معلقا بها جنزير حديدي, وقام المتهم الثالث بتوجيه سلاح (مسدس) نحو رأس المجني عليه من الخلف, ثم استولى المتهم الأول على نقود المجني عليه التي كانت بحافظة نقوده وقدرها ستون جنيها, كما استولى على إيراد السيارة من داخل علبة مناديل كانت على تابلوه السيارة وقدره 34 جنيه و250 مليم وسلمه إلى المتهم الثاني, ولدى انصرافهم بالمسروقات هددوا المجني عليه بالإيذاء إن حاول الاستغاثة, وفور وقوع الحادث أبلغ المجني عليه رئيس مباحث الوايلي الذي انتقل على وجه السرعة إلى مكان الحادث حيث ضبط المتهمين الثاني والثالث مختبئين بسطح إحدى العمارات, ومع المتهم الثاني- جنزير حديدي في نهايته آلة حادة وإيراد السيارة, كما ضبط مع المتهم الثالث (مسدس صوت وثلاث طلقات) وساق الحكم على صحة إسناد التهمة - على هذه الصورة - إلى الطاعنين وثبوتها في حقهم أدلة استمدها من شهادة كل من المجني عليه والرائد ..... رئيس مباحث قسم الوايلي ومن اعترافهم بتحقيقات النيابة وضبط الأدوات المستعملة في الحادث, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, لما كان ذلك, وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما حصله الحكم من اعترافات الطاعنين الثلاثة بتحقيقات النيابة, وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك مادامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع, فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تعويل الحكم على اعترافاتهم - بتحقيقات النيابة رغم سبق إنكار الطاعنين الثاني والثالث لا يكون له محل, لما كان ذلك, وكانت الحكم قد عرض للدفع ببطلان اعترافات الطاعنين ورد عليه بالقول (أنه عن الدفع ببطلان اعترافات المتهمين لوقوعه تحت تأثير إكراه أدبي فهو دفع مردود, ذلك أنه لم يثبت بالتحقيقات حضور محرر محضر الضبط بغرفة التحقيق أثناء استجواب النيابة العامة للمتهمين, وفضلا عن ذلك فقد أكد المتهمان الأول والثالث أن اعترافهما جاء بوحي من ضميرهما دون ثمة إكراه, ومن ثم يكون الدفع على غير أساس متعين الرفض). لما كان ذلك, وكان المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات, كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق إكراه بغير معقب عليها مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة, وكان البين مما أثبته الدفاع بمحضر الجلسة وأورده بمذكرة الأسباب أن الدفع ببطلان اعترافات الطاعنين قد أسس على افتراض مؤداه أن مبادرة الطاعن الثاني بالاعتراف ا يبررها إلا احتمال أن يكون ضابط الواقعة متواجدا خارج غرفة التحقيق وتوعده الطاعن المذكور قل دخوله غرفة التحقيق, وهو محض افتراض بغير دليل فلا يصلح - من ثم - سندا لهذا الدفع, ومع ذلك فإن المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى صحة اعترافات الطاعنين للأسباب السائغة التي أوردتها, فإن النعي على هذه الاعترافات بأنها وليدة إكراه معنوي يكون على غير أساس, لما كان ذلك, وكان المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها, وأن في إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها, وكان الحكم قد عول على اعترافات الطاعنين التي أدلوا بها في تحقيقات النيابة, فإنه لا يعيب الحكم - من بعد - إغفاله الإشارة إلى أن هذه الاعترافات قد سبقها أو لحقها إنكار من الطاعنين للتهمة المسندة إليهم طالما أن هذا الإنكار لم يكن بذي أثر في تكوين عقيدة المحكمة, كما لا يعيبه أيضا أنه لم يعرض لمبررات عدول الطاعنين الثاني والثالث عن إنكارهما لأن المحكمة ليست ملزمة بتقصي أسباب الاعتراف أو الحافز إليه بعد أن اطمأنت إلى صحته وصدوره اختياريا وليس نتيجة إكراه أو تهديد, ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عول على الاعترافات التي أدلى بها الطاعنون في تحقيقات النيابة فإن القول بوجود تناقض بين هذه الاعترافات وبين ما أدلوا به من أقوال في محضر جمع الاستدلالات - بفرض صحته - لا يكون مجديا إزاء ما هو ثابت من أن الحكم لم يعول على أقوالهم في المحضر المذكور ولم يستند على دليل مستمد منها, ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير مقبول, لما كان ذلك, وكان المقرر أن نفي التهمة والدفع بعدم معقولية الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - ردا خاصا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنون بشأن عدم معقولية الواقعة مجرد جدل موضوعي في صورة الواقعة حسبما اطمأنت إليها المحكمة, وهو ما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيد قد سوى بين الطاعنين في المسئولية وفي العقوبة التي أنزلها بكل منهم, ومن ثم تنتفي المصلحة في النعي على ترتيبه لهم طالما أن هذا الترتيب لم يكن بذي أثر على عقيدة المحكمة في مسئولية كل منهم, فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يكون له محل, لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 23404 لسنة 62 ق جلسة 7 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ق 148 ص 955

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة ونير عثمان.

-------------

(148)
الطعن رقم 23404 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها. ميعاده".
عدم إيداع أسباب الطعن في الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) قانون "تطبيقه" "سريانه" "القانون الأصلح".
مجال إعمال القانون الأصلح. القواعد الموضوعية لا الإجرائية.
القوانين المعدلة لمواعيد الطعن في الأحكام. لا تسري قبل تاريخ العمل بها. متى كان ميعاد الطعن قد بدأ قبل صدورها. المادة 1/ 3 مرافعات.

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً فقرر الطاعن بالطعن عليه بطريق النقض - في الميعاد - بيد أن الأسباب التي بني عليها الطعن لم يودع إلا بعد انقضاء الميعاد المحدد لذلك بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، دون قيام عذر يبرر تجاوز هذا الميعاد، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون المشار إليه، ولا يقدح في ذلك أن تكون مذكرة أسباب الطعن قد أودعت خلال الموعد المحدد بالمادة 34 من القانون بادي الذكر - وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري - بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والمعمول به اعتباراً من الأول من أكتوبر سنة 1992 طالما أن ميعاد الطعن في الحكم قد بدأ قبل العمل بالقانون الأخير.
2 - من المقرر أن مجال إعمال قاعدة القانون الأصلح إنما هو القواعد الموضوعية لا الإجرائية. كما أنه من المقرر أن القوانين المعدلة لمواعيد الطعن في الأحكام عموماً - ومنها الجنائية - لا تسري بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها طبقاً للمادة الأولى فقرة ثالثة من قانون المرافعات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "أفيون وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. أحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون الأخير بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدرين المضبوطين باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً، فقرر الطاعن بالطعن عليه بطريق النقض - في الميعاد - بيد أن الأسباب التي بني عليها الطعن لم تودع إلا بعد انقضاء الميعاد المحدد لذلك بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، دون قيام عذر يبرر تجاوز هذا الميعاد، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون المشار إليه، ولا يقدح في ذلك أن تكون مذكرة أسباب الطعن قد أودعت خلال الموعد المحدد بالمادة 34 من القانون بادي الذكر - وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري - بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والمعمول به اعتباراً من الأول من أكتوبر سنة 1992 طالما أن ميعاد الطعن في الحكم قد بدأ قبل العمل بالقانون الأخير، وذلك لما هو مقرر أن مجال إعمال قاعدة القانون الأصلح إنما هو القواعد الموضوعية لا الإجرائية. كما أنه من المقرر أن القوانين المعدلة لمواعيد الطعن في الأحكام عموماً - ومنها الجنائية - لا تسرى بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها طبقاً للمادة الأولى فقرة ثانية من قانون المرافعات.

الطعن 22525 لسنة 62 ق جلسة 1 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ق 145 ص 928


برئاسة السيد المستشار / محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشى.
-----------
- 1  إثبات " اعتراف". حكم " تسبيب الحكم. التسبيب غير المعيب". دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف . غير مجد . مادام لم يستند في الإدانة إلى دليل مسمد منه .
لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن ما دام أن البين من الواقعة كما صار بثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاؤه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الاثبات والمجنى عليه والحكم الصادر في جريمة السرقة المنسوبة للطاعن وآخر وهى أدلة مستقلة عن الاعتراف فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
- 2  محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات " بوجه عام".
حق محكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من ادلة وعناصر الدعوى. استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغا.
لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى، وأن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تعرض عما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .
- 3  قصد جنائي
القصد الجنائي في جريمة عرض رشوة لم تقبل . يتحقق : بحمل الموظف على الاخلال بواجبات وظيفته وأن يكون العطاء ثمناً لاستغلاله لها .
لما كان الحكم قد دلل على أن المبلغ النقدي عرض من الطاعن على المبلغ المار ذكره مقابل تغاضيه عن اتخاذ الإجراءات القانونية قبله وآخر لتواجدهما في موقف سيارات أجرة وسط الزحام وهو من المعروفين والمسجلين نشل - بحالة تدعو للريبة والشك، ولكنه لم يقبل فإن ذلك مما يتحقق معه حمل الموظف على إخلال بواجبات وظيفته وان العطاء كان ثمنا لاستغلاله لها وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون.
- 4  إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
تناقض اقوال الشهود او تضاربهم فيها . لا يعيب الحكم . مادام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
لما كان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوال الشهود استخلاصا لا تناقض فيه وكان الطاعن لم يكشف عن مواطن تناقض أقوال الشاهدين ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
- 5  استيقاف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
الاستيقاف : إجراء يقوم به رجال السلطة العامة للتحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريب والظنون . تقدير قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه موضوعي . مثال لتسبيب سائغ في إثبات توافر المبرر للاستيقاف .
من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختيارا في موضوع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وفى قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي تستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه، وإذ كان الحكم قد أستظهر بحق أن الطاعن ومعه آخر قد وضعا نفسيهما طواعية واختيارا في موضوع الشبهات والريب ذلك بأن الطاعن وهو ومسجل جنائيا لارتكابه جرائم النشل تواجد وسط الزحام وآخر بموقف السيارات الأجرة مما يقتضى من مساعد أول مباحث شرطة منوف المنوط به تفقد حالة الأمن بهذا المكان، واستيقافه للكشف عن حقيقة أمره دون أن يعد ذلك في صحيح القانون _ قبضا وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قام بعرض مبلغ الرشوة على مساعد أول الشرطة إثر قيام هذا الأخير باستيقافه حتى لا يتخذ ضده الإجراءات القانونية لما اعتقد أنه كشف عن جريمة سرقته للنقود من المجنى عليه ..... إذ الاستيقاف تم عقب السرقة فإن حالة التلبس بالجريمة تكون قد تحققت إثر هذا الاستيقاف وينبني على ذلك أن يقع القبض عليه إثر قيام هذه الحالة صحيحا لا مخالفة فيه للقانون وإن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
- 6  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
جريمة عرض الرشوة . لا يشترط لقيامها أن يصرح الراشي للموظف بقصده من العرض ومن أنه يريد شراء ذمته . كفاية أن تدل ظروف الحال على توافره . لمحكمة الموضوع أن تستدل عليه بكافة طرق الاثبات . مثال لتسبيب سائغ في توافر القصد الجنائي في جريمة عرض رشوة .
لا يشترط قانونا لقيام جناية عرض الرشوة أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا الغرض وبأنه يريد شراء ذمته، بل يكفى أن تدل ظروف الحال على توافر هذا القصد ذلك بأن الركن المعنوي لهذه الجناية شأن الركن المعنوي لأية جريمة أخرى، قد يقوم في نفس الجاني وغالبا ما يتكتمه ولقاضي الموضوع - إذا لم يفصح الراشي عن قصده بالقول أو الكتابة أن يستدل على توافره بالكافة طرق الاثبات وبظروف العطاء وملابساته وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن بعد أن سرق مبلغ أربعة آلاف جنيه وتواجد بمكان استيقافه ظهرت عليه علامات الريبة والشك عقب رؤيته لمساعدة أول الشرطة ظنا منه واعتقادا أنه في اعقابه وما أن سأله عن سبب تواجده في هذا المكان حتى بادر بعرض مبلغ الرشوة على أنه حصيلة سرقة اليوم وعليه اقتاده لمركز الشرطة في الوقت الذى تصادف فيه وجود المجنى عليه ليبلغ عن سرقته فأمسك بتلابيب الطاعن، فمن ثم لا وجه لما ينعاه الطاعن من أن الحكم لم يستظهر الباعث على عرض الرشوة والتفت عن دفاعه الذي انبنى على خلو الأوراق من مبرر لعرضها ويجدر التنويه إلى أن المحكمة دانت الطاعن عن جريمة عرض الرشوة ولم تعرض لجريمة السرقة التي ارتكبها الطاعن آخر، ذلك أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعده أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية الاتي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها .
- 7  ارتباط . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام الارتباط بين الجرائم".
تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات . مناطه . تقدير قيام الارتباط بين الجرائم . موضوعي . عرض المتهم واَخر في جريمة سرقة رشوة على موظف عام - مساعد شرطه - لمنعه من اَداء واجبه في اقتيادهما لمركز الشرطة .لا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجريمتين .
أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الواقعات كما أثبتها الحكم تفيد أن وقع من الطاعن من عرض رشوة لن تقبل منه على موظف عام - مساعدة شرطة - لمنعه من أداء واجبة في اتخاذ الإجراءات القانونية واجبة الاتباع بعد ارتكابه وآخر جريمة سرقة واقتيادهما لمركز الشرطة للإبلاغ عن الواقعة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي في الجريمتين ولا يحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بينهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن جريمة عرض الرشوة لا يكون قد خالف القانون.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عرض رشوة علي موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض علي ...... مساعد أول بمباحث منوف مبلغ أربعة آلاف جنيه علي سبيل الرشوة مقابل عدم اتخاذ الإجراءات القانونية قبله وآخر إثر استيقافه لهما بحالة تدعو للشك والريبة لكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه، وإحالته إلي محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 104، 109 مكرراً من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ألف جنيه
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

------------
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض الرشوة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن المحكمة عولت في حكمها على اعتراف الطاعن رغم انتزاع ذلك الاعتراف بطريق الإكراه المعنوي ولم يعرض الحكم لدفعه إيراداً له ورداً عليه. كما اعتنق الحكم صورة الواقعة وفق أقوال شاهدي الإثبات وأطرح تصوير الطاعن للواقعة بأنه لم يعرض نقود على سبيل الرشوة, وعول على أقوال شاهدي الإثبات رغم تناقضها دون أن يعن برفع هذا التناقض, كما أن المدافع عن الطاعن دفع بانتفاء حالة التلبس لانتفاء موجب استيقافه وما تلي ذلك من قبض بيد أن الحكم التفت عن دفاعه فلم يقسطه حقه, ولم يبين الحكم القصد من عرض الرشوة إذ كان عليه أن يستظهر الباعث على ارتكاب الطاعن للجريمة المسندة إليه. هذا جميعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة عرض الرشوة التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليه استقاها من أقوال شاهدي الإثبات والمجني عليه ومن الحكم الصادر في واقعة سرقة المجني عليه المسندة للطاعن وآخر. لما كان ذلك, وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن ما دام أن البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاؤه على الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات والمجني عليه والحكم الصادر في جريمة السرقة المنسوبة للطاعن وآخر وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى, وأن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تعرض عما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن مبلغ النقود الذي عرضه الطاعن على ......... مساعد أول بمباحث منوف)) كان على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الِشأن فإن ما يثيره في وجه طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الحكم قد دلل على أن المبلغ النقدي عرض من الطاعن على المبلغ المار ذكره مقابل تغاضيه عن اتخاذ الإجراءات القانونية قبله وآخر لتواجدهما في موقف سيارات أجرة وسط الزحام وهو من المعروفين والمسجلين - نشل - بحالة تدعو للريبة والشك, ولكنه لم يقبل فإن ذلك مما يتحقق معه حمل الموظف على إخلال بواجبات وظيفته وأن العطاء كان ثمناً لاستغلاله لها وهو ما يتوفر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون. لما كان ذلك وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوال الشهود استخلاصاً لا تناقض فيه. وكان الطاعن لم يكشف عن مواطن تناقض أقوال الشاهدين ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف. وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وفي قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه, وإذ كان الحكم قد استظهر بحق أن الطاعن ومعه آخر قد وضعا نفسيهما طواعية واختياراً في موضع الشبهات والريب ذلك بأن الطاعن وهو مسجل جنائياً لارتكابه جرائم النشل تواجد وسط الزحام وآخر بموقف السيارات الأجرة مما يقتضي من مساعد أول مباحث شرطة منوف المنوط به تفقد حالة الأمن بهذا المكان, استيقافه للكشف عن حقيقة أمره دون أن يعد ذلك في صحيح القانون - قبضاً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قام بعرض مبلغ الرشوة على مساعد أول الشرطة إثر قيام هذا الأخير باستيقافه حتى لا يتخذ ضده الإجراءات القانونية لما اعتقد أنه كشف عن جريمة سرقته للنقود من المجني عليه ..... إذ الاستيقاف تم عقب السرقة، فإن حالة التلبس بالجريمة تكون قد تحققت إثر هذا الاستيقاف وينبني على ذلك أن يقع القبض عليه إثر قيام هذه الحالة صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون وإن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان لا يشترط قانوناً لقيام جناية عرض الرشوة أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا الغرض وبأنه يريد شراء ذمته, بل يكفي أن تدل ظروف الحال على توافر هذا القصد ذلك بأن الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأية جريمة أخرى, قد يقوم في نفس الجاني وغالباً ما يتكتمه ولقاضي الموضوع - إذا لم يفصح الراشي عن قصده بالقول أو الكتابة - أن يستدل على توافره بكافة طرق الإثبات وبظروف العطاء وملابساته. وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن بعد أن سرق مبلغ أربعة آلاف جنيه وتواجد بمكان استيقافه ظهرت عليه علامات الريبة والشك عقب رؤيته لمساعد أول الشرطة ظناً منه واعتقاداً أنه في أعقابه وما أن سأله عن سبب تواجده في هذا المكان حتى بادر بعرض مبلغ الرشوة على أنه حصيلة سرقة اليوم وعليه اقتاده لمركز الشرطة في الوقت الذي تصادف فيه وجود المجني عليه ليبلغ عن سرقته فأمسك بتلابيب الطاعن, فمن ثم لا وجه لما ينعاه الطاعن من أن الحكم لم يستظهر الباعث على عرض الرشوة والتفت عن دفاعه الذي انبنى على خلو الأوراق من مبرر لعرضها. ويجدر التنويه إلى أن المحكمة دانت الطاعن عن جريمة عرض الرشوة ولم تعرض لجريمة السرقة التي ارتكبها الطاعن وآخر, ذلك أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها. كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع, وكانت الواقعات كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن من عرض رشوة لم تقبل منه على موظف عام - مساعد شرطة - لمنعه من أداء واجبة في اتخاذ الإجراءات القانونية واجبة الإتباع بعد ارتكابه وآخر جريمة سرقة واقتيادهما لمركز الشرطة للإبلاغ عن الواقعة مما لا يوفر وحدة النشاط الإجرامي في الجريمتين ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما, فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن جريمة عرض الرشوة لا يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.