برئاسة السيد المستشار / محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين /رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد ومصطفى عبد المجيد
نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1 إثبات " شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشاهد واطراح مالا تطمئن إليه منها
دون إبداء أسباب اطراحها . إفصاحها عن تلك الأسباب اثره : خضوعها لرقابة محكمة
النقض .
من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها
التقدير الذى تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب اطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت
المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد، فإن لمحكمة النقض أن
تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها .
- 2 تزوير " تزوير أوراق رسمية". حكم "تسبيب الحكم - التسبيب المعيب". إثبات " بوجه عام".
القضاء بالبراءة للشك في صحة إسناد التهمة أو عدم كفاية أدلة الثبوت .
شرطه : اشتمال الحكم ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها و بأدلة
الثبوت فيها . مثال لتسبيب معيب في جريمة تزوير .
من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة
إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت لأن ملاك المر يرجع إلى وجدان القاضي
وما يطمئن إليه غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يقيد أن المحكمة محصت
الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيره وأن
تكون الأسباب التي تستند إليها في قضائها من شانها أن تؤدى إلى ما رتبته عليها
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأسبابه أن المطعون ضده الأول أصدر القرار رقم
440 بتاريخ 1990/9/30 بتصفية مشروع البياض الذى يستخدم علفا تدخل النخالة ضمن
مكوناته ومع ذلك فقد تأشر فقد تأشر منه على طلب تخصيص حصة النخالة للمشروع الذى
قام بتصفية - بتاريخ 1990/11/20 بما يتضمن احتياج المصنع لتلك الحصه مما سهل
للمطعون ضده الثاني الاستيلاء على الحصص موضوع الاتهام - فإن ما خلص إليه الحكم من
أن الأوراق خلت من جليل على علم المطعون ضده بأن ما حواه طلب التخصيص مخالفا
للحقيقة وأنه أشر على الطلب بحسن نيه لا يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها وينطوي
على تعسف في الاستنتاج كما أن الحكم أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة
تزوير محضر جلسة اللجنة العليل للآمن الغذائي بتاريخ 1991/12/20 بأن أملى على مقرر
اللجنة بأن المطعون ضده الثاني صرف مكافأة حتى 1990/11/1 بدلا من تاريخ 1990/12/31
سترا لخطاب إنهاء الندب المصطنع الذى قدم إليه في غضون شهر ديسمبر سنة 1990 وزيل
بتاريخ 1990/10/20بطلب أنهاء ندب الثاني اعتبارا من1990/11/1لتمكينه من دخول مزاد
أجرته المحافظة فقد استند الحكم إلى عدم اطمئنانه لأقوال مقرر اللجنة .... إذ قصد
التنصل من المسئولية وأن توقيع رئيس اللجنة " المطعون ضده الأول " ثم
استكمالا للشكل فإن الثابت عندما سئل المطعون ضده الأول لم يلق باللائمة على مقرر اللجنة
ولم يبد ثمة دفع أو دفاع في هذا الشأن لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول هو
الرئيس الأعلى للجنة المن الغذائي والمقصود بالرئيس المباشر هو ذلك الرئيس الذى
يتولى المسئولية في متابعة أعمال مرؤوسة وله السلطة في اتخاذ ما يراه من إجراءات
لمحاسبتهم عن مخالفتهم للقانون أو النظام الإداري رعاية للمصلحة العامة وعليه قبل
اعتماد محاضر اللجنة مراجعتها والتأكد من سلامتها ولم يثبت أن المقرر للجنه دور في
واقعات القضية وأن ما أملى عليه جاء متفقا ومسايرا للخطاب المصطنع موضوع التهمة
الأولى إذ أن تاريخ إنهاء خدمة المطعون ضده الثاني اعتبارا من 1990/11/1 هو الأساس
الذى اثبت عليه الاتهامات وإذ لم يثبت بالأوراق أن المطعون ضده قد املى على الشاهد
المذكور غير ما اثبته بمحضر جلسة اللجنة فإن الحكم إذ حصل أقوال مقرر اللجنة على
محمل الإنكار والكذب ورتب على ذلك تشككه في صحة الدليل المستمد من أقواله يكون قد
نحى منحى التعسف في الاستنتاج وتنافر مع حكم العقل والمنطق وتردى في حومة الفساد
في الاستدلال ولما كان الحكم قد استخلص في أكثر من موضوع حسن نية المطعون الأول
رغم أن البين من القرار رقم 22 لسنه 1991 الصادر من الهيئة العامة لسوق المال والتي
أشارت إلى أنه ترخيص في 1991/4/20 بأنشاء شركة المنوفية الوطنية للدواجن وان
المطعون ضده الأول من بين المؤسسين لها والمتهم الثاني وكيلا عن المؤسسين مما
مفاده أن رابطة المتهمين وثيقة الصلة وأنه بعد أن انهى ندبة في التاريخ الذى طلبه الثاني
مكنه من دخول مزاد المحافظة ورسو المحافظة ورسو المزاد عليه وناط به أبرام عقد نقل
حصص النخالة الذى تم بينه وصهره فإن قال الحكم بحسن نيه المطعون ضده الأول دون أن
يستند في ذلك إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها اصلها الثابت في الأوراق فأنه
يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال كما وأن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى
اعتراف المطعون ضده الثاني بالتحقيقات - حسبما يبين من المفردات - من أن الغرض من
طلب تخصيص حصه النخالة هو أيلولتها لشركة المنوفية للدواجن وأن المطعون ضده الأول
كان يعلم بذلك عندما أصدر قرار التخصيص فإن الحكم إذا اغفل التحدث عن هذا الدليل
ومدى سلامته في تأييد الاتهام أو نفيه ودون أن تدلى المحكمة برأيها فيه بما يفيد
أنها فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به أو رأته غير صالح للاستدلال به على ثبوت
التهمة فإنه يكون قاصرا البيان بما يعيبه .
- 3 تربح . جريمة "أركان الجريمة". موظفون عموميون
جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 عقوبات . تحققها : باستغلال
الموظف العام أو من في حكمه لوظيفته بالحصول أو محاولة الحصول لنفسه على ربح أو
منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره دون حق من عمل من أعمال وظيفته . جريمة التربح من
جرائم الخطر الذى يهدد نزاهة الوظيفة العامة . علة ذلك ؟ لا يحول دون توافر الخطر
ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي . لا يشترط لتحقق جريمة
التربح . الحصول على الربح أو المنفعة . كفاية مجرد محاولة ذلك ولو لم يتحقق ربح
أو منفعة .
من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون
العقوبات - المستبدلة بموجب القانون رقم 63 لسنه 1975 تتحقق متى أستغل الموظف
العام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في الماد 119 مكررا من القانون ذاته - وظيفته
بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق
ذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال
العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لاشك فيه بين المصلحة الخاصة التي
يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره، وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها
وتحقيقها في نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحا أو منفعة فهذه جريمة من
جرائم الخطر الذى يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدى إلى تعرض المصلحة العامة
للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر إلا يترتب
عليه ضرر حقيقي أو إلا يتمثل في خطر حقيقي فعلى ، فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين
المصلحتين العامة والخاصة، كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلا على الربح
أو المنفعة وإنما يكفى لقيامها مجرد محاوله ذلك حتى ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة .
- 4 تربح
جريمة التربح المنصوص عليها بالمادة 115 عقوبات . تشمل كل موظف عام
أيا كان نشاطه يحصل أو يحاول الحصول لنفسه أو لغيره دون وجه حق على ربح من عمل من
أعمال وظيفته . وقوع الجريمة . مناطه : أن يكون الحصول على ربح من عمل من أعمال
وظيفته سواء كان في مرحلة تقرير العمل أو المداولة في اتخاذه أو التصديق عليه أو
تعديله أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه .
لما كانت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنه 1975 جاء بها أن
التشريع الجنائي المقارن يولي اهتماما خاصا بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة الواردة
في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل موظف عام أيا كان
وجه نشاطه يحصل أو يحاول الحصول لنفسه أو لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال
وظيفته ومن ثم روعي أن يكون تربح الموظف مؤثما على إطلاقه وان يكون تظفير غيره
بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق . ولكن يجب لوقوع الجريمة أن يكون الحصول
على الربح أو محاولة الحصول عليه من أعمال وظيفته، وسواء كان ذلك في مرحلة تقرير
العمل الذى يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخذه أو عند التصديق عليه أو
تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو أبطاله أو إلغائه .
- 5 اشتراك . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". نقض " أسباب الطعن . ما يقبل من أسباب الطعن".
إدانة الطاعن بصفته موظفاً عمومياً عن جريمة التربح دون استظهار ماهية
مهامه وأعماله وطبيعتها وكنهها والصلة بين ذات فعل الحصول على ربح وبين أعمال
وظيفته المسندة إليه ورغم منازعته في هذا الأمر بشقيه سواء من حيث المهام المنوطة
به أو صفته الوظيفية . قصور .
لما كانت إدانة الحكم الطاعن الأول - المتهم الثاني المستشار الفني
المنتدب للمحافظة - عن جريمة التربح دون أن يستظهر مهام أعمال الطاعن المنوط به
ببيان ماهيتها وطبيعتها وكنهها وقوفا على الصلة ما بين ذات فعل الحصول على الربح
وبين أعمال وظيفته المسندة له من واقع اللوائح والقرارات والمنشورات التنظيمية في محيط
الجهة الإدارية المنتدب إليها . كما وأن الحكم خلص إلى أن الطاعن موظفا عموميا رغم
كونه منتدبا من جهة عمل أخرى رغم منازعة الطاعن في هذا الأمر بشقيه سواء من حيث
المهام المنوط به أو صفته الوظيفية بما كان يتعين معه تحقيق أوجه دفاع الطاعن في هذا
الخصوص بلوغا لغاية الأمر فيه لمات قد يسفر عنه بما ينال من صحة الاتهام وسلامته
فيكون الحكم قاصرا في بيان سائر الأركان القانونية لجناية التربح التي دان الطاعن
الأول بها.
- 6 تربح . اشتراك
إدانة الطاعن في جريمة اشتراك في التربح بطريقي الاتفاق والمساعدة .
تستوجب استظهار الحكم عناصر الاشتراك وطريقته وبيان الأدلة الدالة عليه بياناً
يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها .
لما كان الحكم قد دان الطاعن الثاني في جريمة الاشتراك في التربح بطريقي
الاتفاق والمساعدة فإن عليه أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة
الدالة على ذلك يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها .
- 7 اشتراك . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". قصد جنائي
قصد الاشتراك . يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة . عدم ثبوت الاشتراك
في جريمة معينة أو فعل معين . أثر ذلك : لا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة
مباشره للاشتراك أساس ذلك وعلته . خلو الحكم من بيان قصد الاشتراك في الجريمة .
قصور .
المستفاد من نصوص القانون العامة في الاشتراك " المواد 40، 41 ،42
من قانون العقوبات " أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو
جرائم معينه، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينه أو في فعل معين فلا تعتبر
الجريمة التي أرتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ولما كان ما
أورده الحكم المطعون فيه قاصرا في التدليل على أن الطاعن الثاني - متعهد النقل كان
يعلم يقينيا بما انتواه المتهمان الأولان - المحافظة والمستشار الفني له - من
ارتكاب جريمة التربح، وأنه قصد إلى الاشتراك في هذه الجريمة وهو عالم بها وبظروفها
وساعدهما في الأعمال المجهزة والمسهلة لارتكابها إذ لم يكشف الحكم على أن الطاعن
كان على علم بالخطابات والطلبات والتقارير المصطنعة والمطعون فيها بالتزوير
والاتصالات والمكاتبات المتبادلة ومن ثم يكون الحكم قد خلا من بيان قصد الاشتراك
في الجريمة التي دان الطاعن الثاني بها وانه كان وقت وقوعها عالما بها قاصدا
الاشتراك فيها فإن ذلك يكون من الحكم قصورا أيضا في هذا الخصوص مما يعيبه .
- 8 نقض " أثار الطعن".
نقض الحكم للمطعون ضده الأول والطاعنين . يقتضى نقضه لجميع التهم
والجرائم متى كانت تلتقى جميعها في صعيد واحد . علة ذلك .
لما كانت التهم المنسوبة للمطعون ضده الأول والجرائم التي دين بها
الطاعنين تلتقى جميعا في صعيد واحد فإن نقض الحكم بالنسبة لكل منهم يقتضى نقضه
بالنسبة لجميع التهم والجرائم لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لهم وما تجر إليه أو
تنتهى عنده تقتضى لوحدة واقعات الدعوى ولحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث
بالنسبة للمطعون ضده الأول والطاعنين في جميع نواحيها .
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1-.... "قضى ببراءته". 2-
..... 3- .... بأنهم: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً..... ارتكب في أثناء
تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي هو الخطاب المؤرخ 20/10/1990 الصادر عنه
والمتضمن خلافاً للحقيقة أنهاء ندب المتهم الثاني كمستشار للمحافظة المذكورة لشئون
الثروة الداجنة اعتباراً من 1990/11/1 وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن أنشأه علي غرار
المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة ومهره بتوقيعه وبصمه ببصمة الخاتم الخاص
بمكتبه بقصد تمكين المتهم الثاني من التقدم باسمه لمزاد تأجير الثروة الداجنة
بالمحافظة علي النحو المبين بالتحقيقات. (2) اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي
حسن النية هو ...... مقرر اللجنة العليا للأمن الغذائي بمحافظة المنوفية في
ارتكاب تزوير في محرر رمسي هو محضر اجتماع اللجنة المذكورة بتاريخ 1991/2/20 حال
تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك يجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه
بتزويرها بأن املىء عليه خلا الاجتماع بوصفه رئيساً لهذه اللجنة تعديلاً للفترة
التي صرف عنها المتهم الثاني مكافأة عن عمله بالمحافظة بجعلها 1/1/1990حتي
31/10/1990 بدلاً من 1990/1/1 حتي 1990/12/31 كى تتفق بيانات محضر هذا الاجتماع مع
التاريخ المزور الثابت بخطاب إنهاء الندب للمتهم الثاني فتمت الجريمة بناء علي تلك
المساعدة. (3) بوصفه موظفاً عمومياً "محافظ المنوفية" سهل للمتهم الثاني
الاستيلاء بغير حق وبنية التملك علي 2344.975 طن من النخالة المملوكة للهيئة
العامة للمطاحن قيمتها 646244 جنيهاً وهي كامل الحصة التي خصصتها وزارة الزراعة
لمصنع أعلاف ...... التابع لمحافظة...... وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي
تزوير واستعمال محرر رسمي هو الخطاب المؤرخ 1990/11/20 الصادر من مكتبه والموجه
إلي رئيس الإدارة المركزية لشئون الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة والمتضمن خلافاً
للحقيقة طلب تخصيص 300 طن شهرياً من النخالة لحاجة المصنع سالف الذكر ومزارع
المحافظة لها حال تحرير المختص بوظيفته وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة
صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اثبت علي هذا الخطاب بما يفيد صحة ما يتضمنه من احتيج
المصنع ومزارع المجافئة للنخالة بالرغم من سبق إصرار القرار 440 بتاريخ 1990/9/30
بتصفية مشروع البياض الذي يستخدم علفاً تدخل النخالة ضمن مكوناته حسب التركيبات
المسجلة للمصنع واستعمل المحرر المزور سالف الذكر علي النحو المبين بالتحقيقات وقد
ارتكب تلك الجريمين بقصد تمكين المتهم الثاني من الاستيلاء علي كمية النخالة
المذكورة آنفاً. (4) بصفته السابقة أيضا حصل لغيره دون وجه حق علي ربح من عمل من
أعمال وظيفته وذلك بأن (أ) اعتمد رسو مزاد أجرى علي نحو غير سليم تم بموجبه تأجير
مستودعات الثروة الداجنة بمحافظة المنوفية للمتهم الثاني بقصد تمكينه من الحصول
علي ربح حدده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بمبلغ ستمائة وثلاثون ألفاً
وأربعمائة وواحد وأربعون جنيهاً هي الفرق بين القيمة الإيجارية الإجمالية عن ثلاث
سنوات التي يجب ألا تقل عنها والقيمة الإيجارية الكلية الراسي بها. (ب) ارتكب
تزويراً في محرر رسمي هو طلب تخصيص حصة النخالة لمصنع أعلاف ...... التابع
لمحافظة....... المؤرخ 1990/11/20 واستعماله لهذا المحرر بما مكن المتهم الثاني عن
الحصول علي مبلغ 643692.2 جنيهاً قيمة الفرق بين سعر بين هذا الأخير لحصة النخالة
المستولي عليها وسعرها المدعم. المتهم الثاني: (1) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة
مع التهم الأول وسعرها المدعم. المتهم الثاني: (1) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع
المتهم الأول في ارتكب تزوير بمحرر رمسي هو خطاب إنهاء ندبه كمستشار محافظة
المنوفية المؤرخ 1990/11/20 بأن اتفق مع علي تزويره علي النحو المشار إليه سلفاً
وساعده بأن قدم له طلباً أنها له فيه رغبته في إنهاء ندبه اعتبارً من 1990/11/1
خلافاً للحقيقة فتمت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (2) بصفته
موظفاً عمومياً، "أستاذ بكلية الطب البيطري...... ومستشار فني لمحافظة
المنوفية" أستولى بغير حق وبنية التملك علي 2344.975 طن من النخالة المملوكة
للهيئة العامة المطاحن قيمتها 646244 جنيهاً وهي كامل الحصة التي خصصتها وزارة
الزراعة لمصنع أعلاف ...... التابع لمحافظة ........ ارتكب تزويراً في محرر رسمي
هو الخطاب المؤرخ 20/11/1990 الصادر من مكتب المحافظ إلي رئيس الإدارة المركزية
لشئون الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة والمتضمن طلب تخصيص حصة نخالة قدرها 300 طن
شهرياً للمصنع سالف الذكر حال تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في
صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن عزا خلافاً للحقيقة سبب طلب حصة النخالة
لحاجة مصنع أعلاف ...... لها مع علمه بأن المتهم الأول كان قد أصدر القرار رقم 440
في 1990/9/30 بتصفية مشروع البياض الذي يستخدم علفاً تدخل النخاله ضمن مكوناته حسب
التركيبات المسجله للمصنع بناء علي مذكرة قدمها له وقد تمكن بهذا الخطاب المزور من
الاستيلاء علي حصة النخاله آنفة اليان. (3) بصفته أنفة البيان حصل لنفسه دون وجه
حق علي ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن: (أ) تقدم باسمه في مزايدة تأجير مشروعات
الثروة الداجنة لمحافظة ...... والمتولي الإشراف عليها بحكم وظيفته ورسى عليه
المزاد فتمكن بهذه الوسيلة من الحصول علي ربح حدده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات
بمبلغ ستمائة وثلاثين ألفاً وأربعمائة وواحد وأربعين جنيهاً وهو الفرق بين القيمة
الإيجارية الإجمالية عن ثلاث سنوات التي يجب ألا تقل عنها والقيمة الإيجارية
الكلية الراسي بها المزاد. (ب) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو طلب حصه النخالة
المؤرخ 1990/11/20 علي النحو الساف بيانه وتمكن بهذه الوسيلة من الحصول على بملغ
643492.2 جنيهاً فىق سعر بيعه لكمية النخالة في السوق وسعرها المدعم. (3) وهو مستشار
فني لمحافظة المنوفية وأستاذ بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة جمع بين علمه الساف
الذكر وأعمال العضو المنتدب لشركة ...... للدواجن دون إذن خاص من الجهة المختصة.
المتهم الثالث: (1) اشترك بطريق الإتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في استيلاء
الأخير بغير حق وبنية التملك علي 2344.975 طن من النخاله المملوكة للهيئة العامة
للمطاحن قيمتها 646244 جنيهاً والمخصصة لمصنع أعلاف شبين الكوم بأن أتفق معه علي
أن ينوب عن المصنع المذكور في استلام تلك الحصة وبيعها بالسعر السائد في الأسواق
وساعده بأن استلم الحصة المقررة بموجب خطاب تفويض حرره له المتهم الثاني ثم قام
ببيعها بالأسواق فتمت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (2) وهو متعهد
نقل أخل عمداً بكل الالتزامات المفروضة عليه بموجب العقد المؤرخ 1990/12/2 والمبرم
بينه وبين المتهم الثاني بصفته ممثلاً لمحافظة المنوفية والمتضمن إلتزامه بنقل حصة
النخالة السالفة الذكر من مطاحن الهيئة العامة للمطاحن إلي مصنع أعلاف..... التابع
لمحافظة المنوفية مقابل أجر متفق عليه بأن أرتكب غشاً في تنفيذ هذا العقد وقد تحقق
ذلك بأن استلم هذه الحصة ولم ينقلها إلي المصنع المذكور وباعها في الأسواق مما
ألحق بمحافظة المنوفية ضرراً جسيماً علي النحو المبين بالتحقيقات. (3) اشترك بطريق
الإتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في حصول الأخير دون وجه حق علي ربح من عمل من
أعمال وظيفته هو مبلغ 643492.2 جنيهاً قيمة فرق سعر بيع النخالة في السوق وسعرها
المدعم بأن اتفق معه علي ذلك وساعده بأن مثل أمام الجهات المختصة بصفته مفوضاً عن
المتهم الثاني في استلام حصه النخاله ثم باعها لحساب الأخير في السوق فتمت الجريمة
بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمان الثاني والثالث: باعا سلعه مسعره
ومدعمه "نخاله" بأزيد من السعر المحدد وأحالتهم إلي محكمة جنايات شبين
الكوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 30، 2/40، 3، 41، 115، 118، 119/أ-ب، 119 مكرر/أ، 213 من
قانون العقوبات والمادتين 2/163، 177 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون
الشركات مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهم الثاني
........ بالحبس مع الشغل سنة واحدة وعزله من وظيفته لمدة سنتين وذلك عن التهمة
الأولى المسندة إليه ثانياً: بمعاقبة كل من المتهم الثاني ...... بالأشغال الشاقة
لمدة سبع سنوات والمتهم الثالث: ........ بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات
وألزمتهما برد مبلغ 291746 (مائتان وواحد وتسعون ألفا وسبعمائة وستة وأربعون
جنيهاً) وتغريمهما متضامنين مبلغاً مماثلاً وبعزل المتهم الثاني من وظيفته وذلك عن
التهمتين الثانية والثالثة المسندتين للمتهم الثاني وعما هو مسند إلي المتهم
الثالث. ثالثاً: بمعاقبة المتهم الثاني ...... بتغريمه مبلغ ألفي جنيه وذلك عن
التهمة الرابعة المسندة إليه. رابعاً: مصادرة المحررات المزورة. خامساً: براءة كل
من المتهمين الثاني والثالث عن باقي التهم المنسوبة إليهما. وببراءة المتهم الأول
....... عما هو منسوب إليه.
فطعن كل من المحكوم عليه الثالث والأستاذ/........ المحامي نيابة عن
المحكوم عليه الثاني والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ........ إلخ.
-----------
المحكمة
من حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى
ببراءة المطعون ضده الأول من جرائم التزوير قد شابه فساد في الاستدلال ذلك أنه أسس
قضاءه ببراءته بقالة حسن نيته وعدم علمه بالتواريخ والقرارات التي تناولتها
الاتهامات وعدم وقوفه على تاريخ انتهاء ندب المتهم الثاني وأن مقرر اللجنة العليا
للأمن الغذائي هو المسئول عما يدون بمحاضرها دون المطعون ضده رغم أن ما أورده
بمدوناته لا يؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها ورتبه عليها وأطرح الحكم أقوال ......
بخصوص التزوير في محضر اللجنة العليا للأمن الغذائي بالمنوفية بما لا يسوغ إطراحه,
مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خلص إلى براءة المطعون ضده الأول
استناداً إلى حسن نيته وعدم علمه بالتواريخ والقرارات التي تناولتها الاتهامات
وإلى أن الأوراق خلت من الدليل على أن المطعون ضده هو الذي زور محضر اللجنة العليا
للأمن الغذائي بالمنوفية المؤرخ 20/12/1990. لما كان ذلك, وكان من المقرر إنه وإن
كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن
تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها, إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها
لما تعول على أقوال الشاهد, فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه
الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة
الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية
أدلة الثبوت لأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان القاضي وما يطمئن إليه غير أن ذلك
مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة
الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التي تستند إليها
في قضائها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد
أثبت بأسبابه أن المطعون ضده الأول أصدر القرار رقم 440 بتاريخ 30/9/1990 بتصفية
مشروع البياض الذي يستخدم علفاً تدخل النخالة ضمن مكوناته ومع ذلك فقد تأشر منه
على طلب تخصيص حصة النخالة للمشروع الذي قام بتصفيته - بتاريخ 20/11/1990 بما
يتضمن احتياج المصنع لتلك الحصة مما سهل للمطعون ضده الثاني الاستيلاء على الحصص
موضوع الاتهام - فإن ما خلص إليه الحكم من أن الأوراق خلت من دليل على علم المطعون
ضده بأن ما حواه طلب التخصيص مخالفاً للحقيقة وأنه أشر على الطلب بحسن نية لا يؤدي
إلى النتيجة التي انتهى إليها وينطوي على تعسف في الاستنتاج. كما أن الحكم أسس
قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة تزوير محضر جلسة اللجنة العليا للأمن
الغذائي بتاريخ 20/2/1991 بأن أملى على مقرر اللجنة بأن المطعون ضده الثاني صرف
مكافأته حتى 1/11/1990 بدلاً من تاريخ 31/12/1990 ستراً لخطاب إنهاء الندب المصطنع
الذي قدم إليه في غضون شهر ديسمبر سنة 1990 وزيل بتاريخ 20/10/1990 بطلب إنهاء ندب
الثاني اعتباراً من 1/11/1990 لتمكينه من دخول مزاد أجرته المحافظة فقد استند
الحكم إلى عدم اطمئنانه لأقوال مقرر اللجنة .......... إذ قصد التنصل من المسئولية
وأن توقيع رئيس اللجنة ((المطعون ضده الأول)) تم استكمالاً للشكل فإن الثابت عندما
سئل المطعون ضده الأول لم يلق باللائمة على مقرر اللجنة ولم يبد ثمة دفع أو دفاع
في هذا الشأن. لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول هو الرئيس الأعلى للجنة الأمن
الغذائي والمقصود بالرئيس المباشر هو ذلك الرئيس الذي يتولى المسئولية في متابعة
أعمال مرؤوسيه وله السلطة في اتخاذ ما يراه من إجراءات لمحاسبتهم عن مخالفتهم
للقانون أو النظام الإداري رعاية للمصلحة العامة وعليه قبل اعتماد محاضر اللجنة
مراجعتها والتأكد من سلامتها ولم يثبت أن لمقرر اللجنة دور في واقعات القضية وأن
ما أملى عليه جاء متفقاً ومسايراً للخطاب المصطنع موضوع التهمة الأولى إذ أن تاريخ
إنهاء خدمة المطعون ضده الثاني اعتباراً من 1/11/1990 هو الأساس الذي أثبت عليه
الاتهامات وإذ لم يثبت بالأوراق أن المطعون ضده قد أملى على الشاهد المذكور غير ما
أثبته بمحضر جلسة اللجنة فإن الحكم إذ حمل أقوال مقرر اللجنة على محمل الإنكار
والكذب ورتب على ذلك تشككه في صحة الدليل المستمد من أقواله يكون قد نحى منحى
التعسف في الاستنتاج وتنافر مع حكم العقل والمنطق وتردى في حومه الفساد في
الاستدلال. ولما كان الحكم قد استخلص في أكثر من موضع حسن نية المطعون ضده الأول
رغم أن البين من القرار رقم 22 لسنة 1991 الصادر من الهيئة العامة لسوق المال
والتي أشارت إلى أنه ترخص في 20/4/1991 بإنشاء شركة المنوفية الوطنية للدواجن وأن
المطعون ضده الأول من بين المؤسسين لها والمتهم الثاني وكيلاً عن المؤسسين مما
مفاده أن رابطة المتهمين وثيقة الصلة وأنه بعد أن أنهى ندبه في التاريخ الذي طلبه
الثاني مكنه من دخول مزاد المحافظة ورسو المزاد عليه وناط به إبرام عقد نقل حصص
النخالة الذي تم بينه وصهره فإن قالة الحكم بحسن نية المطعون ضده الأول دون أن
يستند في ذلك إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق فإنه
يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال. كما وأن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى
اعتراف المطعون ضده الثاني بالتحقيقات - حسبما يبين من المفردات - من أن الغرض من
طلب تخصيص حصة النخالة هو أيلولتها لشركة المنوفية الوطنية للدواجن وأن المطعون
ضده الأول كان يعلم بذلك عندما أصدر قرار التخصيص فإن الحكم إذ أغفل التحدث عن هذا
الدليل ومدى سلامته في تأييد الاتهام أو نفيه ودون أن تدلى المحكمة برأيها فيه بما
يفيد أنها فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به أو رأته غير صالح للاستدلال به على ثبوت
التهمة فإنه يكون قاصر البيان بما يعيبه ويوجب نقضه.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في
القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأنه دانهما بجريمة التربح دون أن تتوافر
أركانها القانونية فالطاعن الأول منتدب مستشاراً فنياً لمحافظة المنوفية لا يختص
بمهام محددة أو منوط به أعمال لها أي صلة بإجراءات صرف النخالة والطاعن الثاني
مجرد متعهد نقل بموجب عقد تم اختياره من آحاد الناس واعتبر الثاني شريكاً لفاعلين
قاما بالأعمال المادية المكونة لتلك الجناية إلا أنه لم يدلل على قيام الاشتراك
وطريقته مع الفاعل الآخر, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون
العقوبات - المستبدلة بموجب القانون رقم 63 لسنة 1975 تتحقق متى استغل الموظف
العام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته -
وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره
بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة
العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين
المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره, وبين المصلحة العامة
المكلف بالسهر عليها وتحقيقها في نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو
منفعة فهذه جريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدي إلى
تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا
الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي, فهو خطر مجرد
بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة, كما لا يشترط لقيام جريمة التربح
الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفي لقيامها مجرد محاولة ذلك حتى ولو لم
يتحقق الربح أو المنفعة. وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1975 أن
التشريع الجنائي المقارن يولي اهتماماً خاصاً بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة
الواردة في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل موظف عام
أياً كان وجه نشاطه يحصل أو يحاول الحصول لنفسه أو لغيره بدون وجه حق على ربح من
عمل من أعمال وظيفته ومن ثم روعي أن يكون تربح الموظف مؤثماً على إطلاقه وأن يكون
تظفير غيره بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق. ولكن يجب لوقوع الجريمة أن
يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال وظيفته, وسواء كان
ذلك في مرحلة تقرير العمل الذي يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو
عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه. لما كان
ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قضى ببراءة المتهم الأول - محافظ المنوفية - من تهمة
حصوله لغيره دون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته تأسيساً على ما استخلصه من
براءته من تهم تزوير خطاب طلب تخصيص النخالة وتسهيله الاستيلاء دون حق على حصص
النخالة موضوع الاتهام فضلاً عن خلو الأوراق من دليل تطمئن إليه على توافر تهمة
التربح في حقه ودان الطاعن الأول - المتهم الثاني المستشار الفني المنتدب للمحافظة
- عن جريمة التربح دون أن يستظهر مهام أعمال الطاعن المنوطة به ببيان ماهيتها
وطبيعتها وكنهها وقوفاً على الصلة ما بين ذات فعل الحصول على الربح وبين أعمال
وظيفته المسندة له من واقع اللوائح والقرارات والمنشورات التنظيمية في محيط الجهة
الإدارية المنتدب إليها. كما وأن الحكم خلص إلى أن الطاعن موظفاً عمومياً رغم كونه
منتدباً من جهة عمل أخرى رغم منازعة الطاعن في هذا الأمر بشقيه سواء من حيث المهام
المنوطة به أو صفته الوظيفية بما كان يتعين معه تحقيق أوجه دفاع الطاعن في هذا
الخصوص بلوغاً لغاية الأمر فيه لما قد يسفر عنه بما ينال من صحة الاتهام وسلامته
فيكون الحكم قاصراً في بيان سائر الأركان القانونية لجناية التربح التي دان الطاعن
الأول بها. ولما كان الطاعن الثاني وهو ليس موظفاً عمومياً حكماً - متعهد نقل - عد
مشتركاً مع المتهم الأول المقضي ببراءته والمتهم الثاني في حصول الأخير على ربح من
عمل من أعمال وظيفته إذ أثبت الحكم في حقه أنه يعمل في نقل حصص النخالة بمقتضى عقد
نقل دون أن يستظهر دور الطاعن الثاني وما أتاه من أفعال حيال إجراءات الصرف وما
إذا كان دوره اقتصر على نقل السلعة وتداولها مع العملاء أم أنه تحصل على الربح
لنفسه دون غيره أو لحساب الطاعن الأول. وكان من المقرر أنه متى دان الطاعن الثاني
في جريمة الاشتراك في التربح بطريقي الاتفاق والمساعدة فإن عليه أن يستظهر عناصر
هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن
قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها. لما كان ذلك, وكان المستفاد من مطالعة نصوص
القانون العامة في الاشتراك (المواد 40, 41, 42 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد
الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة, فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة
معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة
للاشتراك لأنه لم يقع عليها. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه قاصراً في
التدليل على أن الطاعن الثاني - متعهد النقل كان يعلم علماً يقيناً بما انتواه
المتهمان الأولان - المحافظ والمستشار الفني له - من ارتكاب جريمة التربح, وأنه
قصد إلى الاشتراك في هذه الجريمة وهو عالم بها وبظروفها وساعدهما في الأعمال
المجهزة والمسهلة لارتكابها إذ لم يكشف الحكم على أن الطاعن كان على علم بالخطابات
والطلبات والتقارير المصطنعة والمطعون فيها بالتزوير والاتصالات والمكاتبات
المتبادلة ومن ثم يكون الحكم قد خلا من بيان قصد الاشتراك في الجريمة التي دان
الطاعن الثاني بها وأنه كان وقت وقوعها عالماً بها قاصداً الاشتراك فيها فإن ذلك
يكون من الحكم قصوراً أيضاًَ في هذا الخصوص مما يعيبه. لما كان ما تقدم, وكانت
التهم المنسوبة للمطعون ضده الأول والجرائم التي دين بها الطاعنين تلتقي جميعاً في
صعيد واحد فإن نقض الحكم بالنسبة لكل منهم يقتضي نقضه بالنسبة لجميع التهم
والجرائم لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لهم وما تجر إليه أو تنتهي عنده تقتضي لوحدة
واقعات الدعوى ولحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث بالنسبة للمطعون ضده الأول
والطاعنين في جميع نواحيها دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعنين.