جلسة 21 من ديسمبر سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
---------------
(37)
القضية رقم 33 سنة 19 القضائية
إثبات. صورية. بيع.
حكم تمهيدي أذن لمشتر في إثبات صورية عقد بيع صادر من نفس البائع عن ذات المبيع لمشتر آخر كما أذن للبائع في نفي هذه الصورية. حق المشتري الآخر في نفي صورية عقده. مستمد من القانون وفقاً لنص المادة 181 من قانون المرافعات القديم.
هذا الحق مقرر لمصلحة المشتري الآخر. إغفال الحكم التمهيدي الإذن له في نفي صورية عقده. ذلك لا يبطل الحكم ولا يسقط الحق. اقتصار المشتري الآخر في صحيفة استئنافه على الطعن في الحكم الابتدائي بالبطلان. عدم طلبه إلى محكمة الاستئناف سماع شهود. استخلاص الحكم الاستئنافي أنه عدل عن طلب إحالة الدعوى على التحقيق اكتفاء بالتحقيق الذي أجراه الحكم التمهيدي. سائغ.
(المادة 181 من قانون المرافعات - القديم - ).
الوقائع
في يوم 21 من مارس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 14 من ديسمبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 743 سنة 64 ق. وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 28 من مارس سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن.
وفي 9 من إبريل سنة 1949 أودع الطاعنان أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح الأسباب وحافظة بمستنداتهما، ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً.
وفي 8 من نوفمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وفي 7 من ديسمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إنه بني على أن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي القاضي بصحة التعاقد الحاصل بين المطعون عليه الأول والمطعون عليه الثاني في 21 من يناير سنة 1945 عن بيع 21 ط وببطلان التصرف الحاصل عن هذا القدر من المطعون عليه الثاني إلى الطاعنين بمقتضى عقد البيع الصادر لهما في 20 من فبراير سنة 1945 - إذ قضى بذلك تأسيساً على صورية العقد الصادر إلى الطاعنين - يكون قد جاء مخالفاً للقانون؛ ذلك أن الحكم الابتدائي أسس على ما استخلصته المحكمة من التحقيق الذي أجرته تنفيذاً للحكم التمهيدي الصادر منها في 24 من إبريل سنة 1946 وأذنت فيه للمطعون عليه الأول بإثبات صورة العقد موضوع الدعوى وللمطعون عليه الثاني بنفي هذه الصورية دون أن تبيح للطاعنين نفي الصورية المنسوبة إلى عقدهما وإثبات جديته، وفي ذلك إهدار للقاعدة القانونية التي تقضي بأنه متى خول لأحد الأخصام إثبات واقعة بالبينة كان للخصم الآخر أن ينفيها بنفس الطريقة، وقد نعى الطاعنان في استئنافهما ذلك على الحكم الابتدائي إلا أن محكمة الاستئناف لم تعول على طعنهما هذا، وقالت في أسباب حكمها "إن المستأنفين (الطاعنين) وإن لم يصرح لهما الحكم التمهيدي المشار إليه بنفي صورية عقد مشتراهما إلا أنهما كانا على وفاق مع البائع المطعون عليه الثاني" وقد صرحت له محكمة أول درجة بنفي هذه الصورية فجاء بشهود من أقارب وأتباع المستأنفين (الطاعنين) وأدلوا بشهادتهم في محضر التحقيق، الأمر الذي يدل على أن المستأنفين عاونا البائع بشهود من أهلهما لنفي الصورية ولم يحرما في الواقع من الدفاع عن مصلحتهما والإدلاء بشهودهما في التحقيق، وهذه الأسباب سواء أصحت أم لم تصح لا تبرر مخالفة أحكام القانون وحرمان الطاعنين من حق مقرر لهما. أما ما قالته محكمة الاستئناف في حكمها "بأن المستأنفين (الطاعنين) لم يتمسكا في مذكرتهما الختامية بطلب إجراء التحقيق من جديد والتصريح لهما بنفي صورية عقد مشتراهما" وأن المحكمة تأخذ من ذلك "أنهما عدلا عن هذا الطلب اكتفاء بالتحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة وسمعت فيه شهوداً من طرفهما وإن كانوا أعلنوا لجلسة التحقيق بناء على طلب نسيم حنا عبد الشهيد البائع لهما" هذا الذي قالته المحكمة لا يتفق مع الواقع، لأن الطاعنين تمسكا صراحة بخطأ الحكم المستأنف في هذا الصدد سواء في صحيفة استئنافهما أم في مذكرتهما الختامية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم الابتدائي لم يبن على إجراء باطل يعيبه، ذلك أن الطاعنين إنما يستمدان حقهما في نفي صورية عقدهما من القانون وفقاً للمادة 181 من قانون المرافعات (القديم) وهي تنص على أنه "إذا أذنت المحكمة لأحد الأخصام بإثبات شيء بالبينة كان للخصم الآخر الحق دائماً في إثبات عدم صحة ذلك الشيء بالبينة أيضاً، ومن مقتضى ذلك أن يكون للطاعنين رغم سكوت الحكم التمهيدي عن الإذن لهما بنفي الصورية المدعاة، أن يطلبا إلى المحكمة عند التحقيق سماع شهودهما إن كان لهما شهود ولكنهما لم يفعلا، واقتصرا على النعي في صحيفة استئنافهما على الحكم الابتدائي بالبطلان في هذا الخصوص، ولم يطلبا إلى محكمة الاستئناف في عريضة استئنافهما سماع شهودهما، ولم يقدما إلى هذه المحكمة صورة رسمية من مذكرتهما الختامية أمام محكمة الاستئناف ليثبتا أنهما تمسكا لديها بهذا الطلب. ولما كان هذا الحق مقرراً بمقتضى القانون لمصلحة الطاعنين، وكان إغفال الحكم التمهيدي النص عليه لا يبطل الحكم ولا يسقط الحق، كان سائغاً ما استخلصه الحكم المطعون فيه من عدول الطاعنين عن طلب إحالة الدعوى على التحقيق من جديد لسماع شهودهما اكتفاء بالتحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى، وبالتالي كان النعي على الحكم بالبطلان على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق