جلسة 7 من ديسمبر سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
--------------------
(25)
القضية رقم 218 سنة 18 القضائية
القاضي المستعجل
(أ) اختصاصه وفقاً لنص المادة 28 فقرة أخيرة من قانون المرافعات القديم. مناطه. قيام حالة الاستعجال وأن يكون المطلوب إجراء لا فصلاً في أصل الحق. المنازعة في أصل الحق. للقاضي المستعجل أن يتناول مؤقتاً تقدير مبلغ الجد فيها. وجوب الحكم بعدم الاختصاص عند جدية المنازعة.
(ب) تفسير الأحكام الواجبة التنفيذ. ممنوع على القاضي المستعجل. وجوب تخليه عن النزاع إذا غم عليه الأمر في التفسير.
حكم بإلزام المطعون عليه بدفع دين للطاعنين وبأحقيتهما في حبس أطيان تحت يدهما وفاء للدين. دعوى مستعجلة من المطعون عليه بإلغاء التنفيذ الذي حصل بموجب هذا الحكم. دفع الطاعنين بعدم الاختصاص. الحكم برفضه وبإلغاء إجراءات التنفيذ. قيام الحكم على بطلان إجراءات التنفيذ بطلاناً جوهرياً. استناده إلى أن الأطيان المطلوب حبسها لم تكن تحت يد الطاعنين وأن ادعاءهما بأن الدين المنفذ به لم تشمله التسوية ليس مقطوعاً به في حين أن ادعاء المطعون عليه بأن التسوية شملته هو ادعاء جدي. تجاوز الحكم اختصاصه.
(المادة 28 فقرة أخيرة من قانون المرافعات - القديم - ).
الوقائع
في يوم 19 من ديسمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة الفيوم الابتدائية (منعقدة بهيئة استئنافية) الصادر في 25 من سبتمبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 113 سنة 1948 إطسا، وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم القاضي باختصاص القضاء المستعجل بنظر طلب إلغاء محضر التسليم الحاصل تنفيذاً للحكم النهائي الصادر من محكمة استئناف مصر والقاضي بحبس العين التي تم تسليمها للطاعنين بدون اعتراض من المطعون عليه، والقضاء بانعدام ولاية القضاء المستعجل بنظر هذا الطلب وإعادة إحالة إلى ما كانت عليه قبل إجراء هذا التنفيذ وإلزام المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي.
وفي 26 من ديسمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 6 من يناير سنة 1949 أودع الطاعنان أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة ب0شرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 25 من يناير سنة 1949 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 21 من مارس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص القاضي المستعجل وإلزام المطعون عليه بالمصروفات.
وفي جلسة 27 من إبريل سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاما الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم أخيراً إلى جلسة 22 من يونيه سنة 1950 وفيها قررت المحكمة إعادة الدعوى إلى المرافعة لجلسة 19 من أكتوبر سنة 1950 لمناقشة الطرفين في أسباب الطعن.
وبجلستي 19 من أكتوبر و23 من نوفمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مدون بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم أنه إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وبإلغاء إجراءات التنفيذ التي تمت في 27 من يونيه سنة 1948 بمقتضى الحكم الصادر في القضية رقم 1354 سنة 1942 كلي مصر والمؤيد استئنافياً في القضية رقم 792 سنة 1947 وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل إجراء هذا التنفيذ - إذ قضى بذلك أخطأ في تفسير القانون في مسألة اختصاص بحسب نوع القضية، ذلك أن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر الإشكالات التي تعترض التنفيذ منوط بتوافر شرطين: الأول - ألا يطلب منه إلا الفصل في أمر التنفيذ إما بوقفه وإما بالاستمرار فيه فإذا تم التنفيذ زال اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالنسبة إليه، والثاني - ألا يمس الأمر الذي يصدره حقوق الطرفين، وألا يتعرض لتفسير الأحكام والسندات الواجبة التنفيذ، وأنه لما كان التنفيذ في الدعوى الحالية قد تم بتسليم الطاعنين الأطيان المقضي لهما على المطعون عليهما بحبسها تحت يدهما فقد عدل المطعون عليه دعواه لدى محكمة أول درجة إلى طلب إلغاء محضر التسليم وإجراءات التنفيذ مع أن هذا الطلب لا يختص بالفصل فيه قاضي الأمور المستعجلة لأن التنفيذ قد تم ولأن الفصل فيه على الوجه الذي قضى به الحكم جاء ماساً بأصل الحق، ذلك أنه بنى إلغاء محضر التسليم على أن دين الطاعنين قبل المطعون عليه قد شملته التسوية العقارية التي تمت لمصلحة المطعون عليه وأنه بذلك لا يقبل التنفيذ به على الأطيان المقضي بحبسها تحت يد الطاعنين، مع أن هذا الأمر كان محل نزاع جدي طرحه الطاعنان على المحكمة واستندا فيه إلى أن قرار لجنة التسوية صدر في 29 من أكتوبر سنة 1944 بقبول الطلب المقدم من المطعون عليه، فليس من المعقول أن يشمل دين الطاعنين الذي صدر به الحكم الابتدائي في 30 من ديسمبر سنة 1945 والمؤيد من محكمة الاستئناف في 6 من إبريل سنة 1947 - وأنه من جهة أخرى كان ممتنعاً على لجنة التسوية إدخال هذا الدين المحكوم به نهائياً مع حبس العين في التسوية لخروجه عن ولايتها، فضلاً عن أنه كان على المطعون عليه لو كان هذا الدين قد شملته التسوية حقاً - أن يثير هذا الدفاع أمام المحكمة التي كانت دعوى الدين مطروحة أمامها، وإذ هو لم يفعل كان ذلك دليلاً على أن الدين موضوع التنفيذ لم يدخل ضمن التسوية - هذا ومن جهة أخرى - فإن الدين موضوع التنفيذ لا يمكن أن يحتسب في ديون المطعون عليه ولا في تقدير قيمة عقاراته، ذلك أن حق الطاعنين في حبس العين حتى الوفاء يجعل هذا الدين مضموناً بحق عيني ومن ثم فلا يجوز أن تشمله التسوية وفقاً للمادة 18 من قانون التسوية العقارية رقم 12 سنة 1942.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - كما يؤخذ من الحكم المطعون فيه - تتحصل في أن الطاعنين استصدرا حكماً في القضية رقم 1354 سنة 1942 كلي مصر قضى بإلزام المطعون عليه بأن يدفع إليهما مبلغ 61 م 1153 ج وبحبس 11 س 4 ط 68 ف تحت يدهما وفاء لهذا الدين - وقد نفذ الطاعنان هذا الحكم بتسلم الأطيان في 27 من يونيه سنة 1948 تنفيذاً لحقهما في حبسها. فرفع المطعون عليه الدعوى الحالية طالباً فيها الحكم بصفة مستعجلة بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بإيقاف تنفيذ الحكم المشار إليه، ثم عدل دعواه إلى طلب إلغاء التنفيذ الحاصل بموجبه واعتباره كأن لم يكن، فدفع الطاعنان الدعوى بعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظرها استناداً إلى أن التنفيذ قد تم فلا يقبل الاستشكال فيه. وأن طلب إلغاء محضر التسليم فيه مساس بأصل الحق.
ومن حيث عن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه برفض هذا الدفع وباختصاص القضاء المستعجل على أسباب حاصلها أن التنفيذ الذي تم في 27 من يونيه سنة 1948 باطل بطلاناً جوهرياً لأمرين: الأول - أن الحكم قضى بالحبس مع أن الأطيان المطلوب حبسها لم تكن تحت يد الطاعنين وقت الحكم وإنما كانت تحت يد المطعون عليه، لأن الأخير رفع عليهما دعوى مستعجلة أمام محكمة مصر المختلطة بإنهاء الحراسة وتسلم الأطيان في سنة 1945 قبل صدور الحكم المستشكل في تنفيذه، وأن وسيلة التنفيذ بهذا الحق تكون برفع دعوى باسترداد الأطيان موضوع هذا الحق - والثاني - أن ادعاء الطاعنين بأن الدين المنفذ به لم تشمله التسوية ليس مقطوعاً به. أما دعوى المطعون عليه بأن التسوية شملته فهو ادعاء جدي. وأنه عملاً بأحكام المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 يتعين على الطاعنين أن يمتنعا عن اتخاذ أي إجراء تنفيذي على عقار المطعون عليه. وانتهى الحكم إلى أنه ليس للطاعنين أن ينفذا الحكم الصادر لهما بحبس العين كما لا يجوز لهما استرداد العقار من يد المطعون عليه حتى بدعوى مستقلة، ويبين من ذلك أن دعوى المطعون عليه حسب التكليف الذي اعتمده الحكم وأقام عليه قضاءه لم تكن إشكالاً في التنفيذ بل هي دعوى مستعجلة وفقاً للفقرة الثانية من المادة 28 من قانون المرافعات (قديم).
ومن حيث إن اختصاص القاضي المستعجل بالحكم في الأمور التي يخشى عليها من فوات الوقت وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 28 من قانون المرافعات (القديم) مناطه قيام حالة الاستعجال وأن يكون المطلوب إجراء لا فصلاً في أصل الحق. فإن أسفر الخلاف بين الخصوم عن قيام منازعة في أصل الحق المقصود حمايته بالإجراء المطلوب كان للقاضي أن يتناول مؤقتاً في نطاق الدعوى المستعجلة تقدير مبلغ الجد في المنازعة، فإذا استبان له أن المنازعة جدية بحيث لم يعد أصل الحق واضحاً وضوحاً يستأهل حماية القضاء المستعجل حكم بعدم الاختصاص لتتولى محكمة الموضوع الفصل فيه.
ومن حيث إن دعوى المطعون عليه بما اشتملت عليه من طلبات وما أقيمت عليه هذه الطلبات من أسباب لا تدخل في اختصاص القضاء المستعجل لأن المطلوب فيها لم يكن إجراء بل فصلاً في أصل الحق، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ أجاب المطعون عليه إلى طلبه إلغاء محضر التسليم أسس قضاءه على أمور موضوعية بحتة هي محل نزاع جدي بين الخصوم وأول حكماً نهائياً صدر لمصلحة الطاعنين تأويلاً يجعله غير قابل للتنفيذ مع أن القاضي المستعجل ممنوع من تفسير الأحكام الواجبة التنفيذ، فإذا غم عليه الأمر في تفسير الحكم سند التنفيذ وجوب عليه التخلي عن النزاع وترك الفصل فيه لمحكمة الموضوع لتقول كلمتها فيه، وإلا خرج عن نطاق اختصاصه فمس أصل الحق المتنازع عليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الدفع بعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر الدعوى على أساس. ويتعين لهذا نقض الحكم المطعون فيه والحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي والقضاء بعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالفصل في الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق