جلسة 11 من يناير سنة 1951
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
-------------------
(45)
القضية رقم 15 سنة 19 القضائية
حكم. تسبيبه. إثبات. بيع الوفاء.
الحكم ببطلانه لأنه يخفي رهناً. قيامه على القرينة التي استنبطها من عقد الإيجار الصادر من البائع إلى أحد ورثة المشترى والذي ذكر فيه أن الأطيان موضوع العقد محل الدعوى مرهونة، وعلى شهادة الشهود الدالة على استمرار حيازة البائع للعين المبيعة بعد صدور العقد منه. ذلك يكفى لحمل الحكم. عدم التحدث عن الثمن المسمى بالعقد أهو بخس أم هو ثمن المثل. لا قصور. (المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
الوقائع
في يوم 9 من فبراير سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 9 من نوفمبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 109 سنة 21 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجات الثلاث. وفي 17 من فبراير سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 28 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 5 من مارس سنة 1949 أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 30 من يوليه سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات. وفي 28 من ديسمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
من حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب إذ ألغى الحكم الابتدائي وقضى ببطلان عقد البيع الوفائي الصادر في 10 من مايو سنة 1928 إلى مورث الطاعنين من المطعون عليهم على أساس أنه يخفي رهناً ومما اعتمد عليه في قضائه ما جاء بأسباب الحكم التمهيدي الذي أصدرته محكمة أول درجة بالإحالة على التحقيق لإثبات ونفي أن عقد البيع المذكور يخفي في حقيقته رهناً من أن المحكمة لا ترتاح لما علل به الطاعنون العبارة الواردة بعقد الإيجار الصادر في أول يوليه سنة 1939 من مورث المطعون عليهم إلى الطاعن الأول عياد بطرس من أن "الحد القبلي للأطيان المرهونة لنا من مورث المطعون عليهم" بأنها دست على أخيهم عياد المذكور هذا مع أن العبارة التي اعتبارها المطعون عليهم اعترفاً بحقيقة العقد موضوع الدعوى لا تقيد باقي الطاعنين والحكم المطعون فيه إذا اعتمد على ذلك أغفل الاعتبار بأنه رغم هذا الذي جاء بأسباب الحكم التمهيدي فإنه قضى بالإحالة على التحقيق وحمل المطعون عليهم عبء الإثبات كما أنهم لم يستأنفوه ونفذوه مختارين وأنه بعد أن سمعت محكمة أول درجة شهود الطرفين بمعرفتها قدرت شهادتهم على ما بدا لها من التحقيق خلافاً لمحكمة الاستئناف التي استنتجت من أقوالهم ما استظهرته من الأوراق فقط.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن ردد ما جاء بأسباب الحكم التمهيدي الذي أصدرته محكمة أول درجة من أنها لا ترتاح إلى ما علل به الطاعنون العبارة الواردة بعقد الإيجار من أنها مدسوسة على الطاعن الأول أضاف إلى ذلك أنه ظاهر من عبارات عقد الإيجار أنها متسقة وبخط واضح جلي ولا تحشير فيه ولا دس فضلاً عن أن الطاعنين لم يتخذوا أو يتخذ أحد منهم الطريق القانوني للطعن بالتزوير على تلك العبارة مما يدل على أن هذا الذي يقولونه غير جدي ثم أردف ذلك بأنه وإن كانت هذه العبارة الواردة بعقد الإيجار لا تفيد إلا الطاعن الأول إلا أنه يؤخذ منها بالنسبة إلى باقي الطاعنين قرينة على أن عقد البيع الوفائي يخفي رهناً ثم قال إنه وإن كانت محكمة أول درجة قد سمعت شهادة شهود الأخصام وقضت بما استخلصته منها إلا أن لمحكمة الاستئناف أن تكفي بمراجعة أقوال هؤلاء الشهود في التحقيق وأن تستخلص منها ما تطمئن إليه وإن كان مخالفاً لما استخلصته محكمة أول درجة - ويبين من هذا الذي ذكره الحكم أنه لم يقصر اعتماده في قضائه على ما جاء بأسباب الحكم التمهيدي الصادر من محكمة أول درجة بل أضاف إليها أسباباً عدة مؤدية إلى ما استخلصه منها، وهو بعد لم يخطئ إذا اتخذ من العبارة المشار إليها دليلاً يكشف عن حقيقة العقد موضوع الدعوى. ومن ثم يكون هذان السببان مرفوضين.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم تناقض أسبابه وقصورها، إذ بعد أن أضفى على العبارة الواردة بعقد الإيجار تلك الدلالة البالغة على أن عقد البيع الوفائي يخفي رهناً راح يناقش التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، وفي ذلك عدول منه عما استخلصه من عقد الإيجار فضلاً عن أنه أخذ بشهادة شهود المطعون عليهم ولم يرد على الأسباب المسهبة التي أوردها حكم محكمة أول درجة مستدلاً بها على أنهم تعمدوا الكذب.
ومن حيث إن هذا السبب مردود، بأن الحكم بعد أن اتخذ من العبارة الواردة في عقد الإيجار سالف الذكر قرينة كاشفة عن حقيقة العقد ثم عززها بما استخلصه من شهادة الشهود لا يكون ذلك منه عدولاً عن القرينة السابقة، إذ لا تناقض بين الدليلين فكلاهما يتساند على حمل الحكم، أما تعييبه بأنه لم يرد على الأسباب التي استند إليها الحكم الابتدائي في عدم تصديق شهادة شهود المطعون عليهم فغير صحيح، إذ كان عماد محكمة أول درجة في عدم تصديقهم ما ظنته من مخالفة أقوالهم لإقرار وكيل المطعون عليهم بوضع يد مورث الطاعنين منذ شرائه وقد فسر الحكم المطعون فيه هذا الإقرار تفسيراً لا يتعارض مع أقوال شهود المطعون عليهم.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم تفسيره الخاطئ للإقرار الذي جاء على لسان وكيل المطعون عليهم بجلسة 22/ 2/ 1945 بما لا يتفق مع مدلوله ولا يطابق الواقع إذ قرر وكيلهم "أن المدعى عليهم (الطاعنين) وضعوا اليد على العين المبيعة من تاريخ العقد للآن" واتخذ الحكم الابتدائي من هذا القول دليلاً على كذب شهود المطعون عليهم ولكن الحكم المطعون فيه أخذ بتفسير وكيل المطعون عليهم له من أن معناه أن مورث الطاعنين كان يتقاضى من مورث المطعون عليهم إيجار هذا القدر.
ومن حيث إن الحكم استند في تقريره استمرار وضع يد المطعون عليهم على الأرض المبيعة من مورثهم وفائياً إلى ما قدموه من عقد إيجار ثابت التاريخ في 20/ 8/ 1929 على الأطيان موضوع العقد محل الدعوى وهو صادر من مورثهم الشيخ عبد الصبور إبراهيم إلى آخر ثم أردف ذلك بمخالفته الحكم الابتدائي في تفسيره ما قاله وكيل المطعون عليهم بجلسة 22/ 2/ 1945 والسابقة الإشارة إليه ورأى أن ليس فيما قرره ما يدعو إلى تكذيب شهود المطعون عليهم فيما قرره من أن المورث الأصلي عبد الصبور إبراهيم ظل واضعاً يده على الأطيان المبيعة منه إلى مورث الطاعنين لأن ما قيل كان في مجال الاستدلال على استهلاك الدين مع تمسك قائله بالمادة 339 مدني قديم التي تنص على أن البيع الوفائي يعتبر مخفياً لرهن إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع، والحكم إذ ذكر عبارة وكيل المطعون عليهم وسياقها ودواعيها وعلى هدي ذلك كله انتهى إلى التفسير الذي استخلصه منها معززاً إياه بما قدمه المطعون عليهم من عقد الإيجار سالف الذكر مستدلاً بذلك كله علن أن العين المبيعة وفائياً ظلت في حيازة البائع وأن ذلك يؤيد شهادة شهود المطعون عليهم - يكون قد فسر الأقوال السابق ذكرها تفسيراً سائغاً لا مسخ فيه.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم القصور في التسبيب إذ لم يرد على ما استند إليه الحكم الابتدائي في رفض دعوى المطعون عليهم من أن الثمن المسمى في العقد هو ثمن المثل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بأن حقيقة العقد رهن لا بيع، على القرينة التي استنبطها من عقد الإيجار المحرر على أول الطاعنين والذي ذكر فيه أن الأطيان موضوع العقد محل الدعوى مرهونة وعلى شهادة الشهود الدالة على استمرار حيازة مورث المطعون عليهم للعين المبيعة بعد صدور العقد منه، لم يكن يعوزه بعد المزيد من الأدلة حتى يتحدث عن الثمن المسمى بالعقد أهو بخس أم هو ثمن المثل.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق