جلسة 20 من أبريل سنة 1966
برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.
----------------
(118)
الطعن رقم 368 لسنة 30 القضائية
(أ، ب) ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "تقدير وعاء الضريبة".
(أ) مصاريف الاستثمار. خصمها من إجمالي الإيرادات لا من صافيها.
(ب) ضرائب أجنبية. اعتبارها تكليفاً على الربح. خصمها من الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة البلجيكية المصرية - وهي شركة مساهمة أجنبية مركزها الرئيسي ببروكسيل - قدمت لمراقبة الضرائب المختصة إقرارين عن صافي أرباحها في سنتي 1952، 1953 بمبلغي 57941 ج و809 م، 93179 ج 656 م على التوالي وقامت المراقبة بفحص هذين الإقرارين وأدخلت عليهما بعض التعديلات وخلصت إلى تحديد صافي أرباح الشركة خلال هاتين السنتين بمبلغ 71366 ج و170 م، 94732 ج و852 م على الترتيب وأخطرت الشركة بذلك على النموذج رقم 19 ضرائب، وإذ اعترضت الشركة على هذا الربط وعرض الخلاف على لجنة الطعن.
وبتاريخ 5 نوفمبر سنة 1955 أصدرت اللجنة قرارها باعتماد تقديرات المأمورية فقد أقامت الشركة الدعوى رقم 1216 سنة 1955 تجاري ضرائب القاهرة الابتدائية بالطعن في هذا القرار إلغاءه والحكم (أولاً) باعتبار ربح الشركة من بيع عقاراتها في سنة 1952 مبلغ 65519 ج و446 م. وفي سنة 1953 مبلغ 92621 ج و528 م (ثانياً) احتساب مبلغ 400 ج ضمن مصروفات سنة 1952 ومبلغ 800 ج ضمن مصروفات سنة 1953. (ثالثاً) احتساب مبلغ مائة جنيه في مصروفات كل من سنتي النزاع مكافأة للسيد صالحاني. (رابعاً) اعتماد مبلغ 170 ج في مصروفات سنة 1952 كمصاريف سفر السيد/ صالحاني لبلجيكا. (خامساً) اعتماد مبلغ 3239 ج و721 م في مصروفات سنة 1952 وهو عبارة عن الضريبة المستحقة للحكومة البلجيكية والتي دفعت لها بالفعل سنة 1952. (سادساً) وجوب تطبيق المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أساس خصم 9% من إجمالي الإيرادات. (سابعاً) اعتماد مبلغ 91 ج و922 م ضمن مصروفات سنة 1952 كمصاريف سفر لأعضاء مجلس الإدارة نظير إمضاء الأسهم مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبتأييد قرار اللجنة فيما عدا ذلك. وبتاريخ 21 أكتوبر سنة 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع: (أولاً) بتعديل قرار لجنة الطعن المطعون فيه بالنسبة لربح الشركة من بيع عقاراتها بجعل هذا الربح في سنة 1952 مبلغ 65519 ج و446 م وفي سنة 1953 مبلغ 92621 ج و528 م وبالنسبة للمادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بوجوب تطبيقها على أساس خصم 90% من إجمالي الإيراد. (ثانياً) بتأييد قرار اللجنة المطعون فيه فيما عدا ذلك. (ثالثاً) إلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات المناسبة وأمرت المحكمة بالمقاصة في أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه فيما قضى به من وجوب تطبيق المادة 36 على أساس خصم 90% من إجمالي الإيراد وقيد هذا الاستئناف برقم 254 سنة 76 قضائية وكذلك استأنفته الشركة طالبة تعديله والحكم لها بباقي طلباتها وقيد استئنافها برقم 266 سنة 76 قضائية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين للارتباط. وبتاريخ 8 يونيه سنة 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع: (أولاً) بالنسبة للاستئناف الأول المقام من مصلحة الضرائب برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تفسير للمادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 مع إلزام مصلحة الضرائب بمصاريف هذا الاستئناف ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) بالنسبة للاستئناف الثاني المقام من الشركة بتعديل الحكم المستأنف وبخصم المبالغ الآتي بيانها من التكاليف: (1) المنحة السنوية التي تعطى للسيد/ صالحاني كمكافأة وقدرها 100 ج (2) مبلغ الـ 170 ج الذي دفع له للسفر لبلجيكا في شئون أعمال الشركة التي قام بها (3) مبلغ 3239 ج و721 م المسدد لمصلحة الضرائب في بلجيكا في سنة 1952 وبتأييد الحكم المذكور فيما عدا ذلك وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما، وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت المصلحة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلب نقض الحكم في خصوص السبب الثاني.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بسريان الخصم المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على إجمالي إيرادات العقارات الداخلية في ممتلكات المنشأة لا على صافي هذه الإيرادات تأسيساً على أن الأصل في الإيرادات التي نصت على استبعادها أنها تخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وأن بعضها يخضع لضرائب نوعية أخرى ومنعاً للازدواج رأى الشارع عدم إخضاعها مرة ثانية لضريبة الأرباح التجارية والصناعية فنص على استبعاد إيرادات الأموال المنقولة والأراضي الزراعية والمباني الداخلة في ممتلكات المنشأة من مجموع الربح الصافي وذلك بنسبة 90% منها واستبقى 10% مقابل نصيبها في مصروفات المنشأة وتكاليف استثمارها، وهو خطأ ومخالفة للقانون، لأن البادي من سياق هذه المادة ومفهومها أن الخصم المقرر بها يسري على صافي الإيرادات التي أشارت إليها لا على إجمالي هذه الإيرادات وهي وإن اكتفت عند تقريرها خصم إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأراضي الزراعية والعقارات الداخلة في ممتلكات المنشأة من صافي وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية بقولها إن الإيرادات المذكورة تستبعد بعد تنزيل نصيبها في مصاريف وتكاليف الاستثمار على أساس 10% من قيمة تلك الإيرادات إلا أن الترجمة الفرنسية لهذا النص جاءت صريحة في أن الإيرادات المقرر خصمها هي الإيرادات الصافية وعلى أساس 90% من صافي هذه الإيرادات، يؤيد ذلك أن الحكمة في استبعاد هذه الإيرادات هي تفادي ازدواج الضريبة لسبق خضوعها لضريبة نوعية أخرى ومن الطبيعي أن يكون الإيراد المستبعد هو الإيراد الصافي وأن تحسب نسبة الاستبعاد وهي 90% من صافي الإيراد لا من إجمالية إذ الحكمة من تقرير هذه القاعدة أن إيرادات رءوس الأموال المنقولة أو الثابتة تدخل في حساب الأرباح والخسائر بعد أن تكون قد أدت للدولة ما عليها من ضريبة نوعية ولو ظلت مندمجة ضمن عناصر الربح التجاري عند حساب الضريبة لكان عليها أن تؤدي الضريبة مرة ثانية ولهذا أباح القانون استبعاد صافي قيمة تلك الإيرادات بعد تنزيل نصيبها من المصاريف وتكاليف الاستثمار بنسبة 10% من صافي قيمتها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله أن جميع التكاليف تخصم من إجمالي الإيرادات لا من صافيها ما لم ينص القانون على غير ذلك، وإذ نصت المادة 36 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بعد تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 على أن "إيرادات رءوس الأموال المنقولة الداخلة في ممتلكات المنشأة والتي تتناولها الضريبة المقررة بمقتضى الكتاب الأول من هذا القانون أو التي تكون معفاة من الضريبة المذكورة بمقتضى قوانين أخرى تخصم من مجموع الربح الصافي الذي تسري عليه ضريبة الأرباح وذلك بمقدار مجموع الإيرادات المشار إليها بعد تنزيل نصيبها في مصاريف وتكاليف الاستثمار على أساس 10% من قيمة تلك الإيرادات. ويجري الحكم ذاته على إيرادات الأراضي الزراعية أو المباني الداخلة في ممتلكات المنشأة فإن الإيرادات المذكورة تخصم بعد تنزيل 10% من قيمتها من مجموع الربح الصافي الذي تؤدى عنه الضريبة ويشترط أن تكون الإيرادات داخلة في جملة إيرادات المنشأة" فإنها بذلك - وعلى ما يبين من سياقها - تكون قد التزمت هذا الأصل ولم تخرج عنه في خصم مصاريف الاستثمار من إجمالي إيرادات رءوس الأموال المنقولة والعقارات الداخلة في ممتلكات المنشأة، وهو ذات الوضع الذي جرت عليه المصلحة والتزمته في تعليماتها الصادرة بتاريخ 18 أبريل سنة 1959 - وأثناء نظر الاستئناف - بشأن تطبيق هذه المادة بقولها "وقد ثار خلاف فيما كان ما يضاف إلى وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية هو 10% من صافي أو إجمالي إيرادات ما تملكه المنشأة من أوراق مالية أو عقارات مقابل ما تتحمله المنشأة من تكاليف الاستثمار؟ ولما كانت هذه المادة حينما قررت بأن ما يخصم من الربح الصافي للمنشأة هو مجموع إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأراضي الزراعية والمباني قد استعملت عبارة "الصافي" بالنسبة للربح التجاري والصناعي بينما استعملت عبارة "مجموع الإيرادات" بالنسبة لإيرادات القيم المنقولة والعقارات الزراعية أو المباني مما يقطع في الدلالة على أن المشرع إنما أراد حسبان نسبة الـ 10% التي قررها مقابل ما تتحمله المنشأة من تكاليف استثمار تلك الإيرادات على أساس إجمالي تلك الإيرادات وليس على صافيها (ولما كانت المحاكم قد استقرت في قضائها على هذا الرأي) لهذا توجه المصلحة النظر إلى ضرورة مراعاة ما يستبعد من إيرادات الأوراق المالية والعقارات الداخلة في ممتلكات المنشأة هو 90% من إجمالي تلك الإيرادات وليس من صافيها على أن يستبعد من حساب الأرباح والخسائر جميع المصروفات المتعلقة باستثمار واستغلال هذه الأموال تطبيقاً لمبدأ استقلال الضرائب النوعية ويلغى ما جاء مخالفاً لهذه التعليمات" - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن ما يخصم من وعاء الأرباح التجارية والصناعية هو 90% من إجمالي الإيرادات فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بخصم مبلغ 3239 ج و721 م الضريبة التي دفعتها الشركة للحكومة البلجيكية بمقتضى قانون 17/ 10/ 1945 من وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنة 1952، وهو خطأ ومخالفة للقانون لأن التكاليف الجائز خصمها هي تلك التي تكون قد ساهمت في تحقيق الأرباح والضرائب الأجنبية التي تدفعها إحدى الشركات في الخارج لا تعتبر من التكاليف المنتجة للربح ولأن الضريبة التي دفعتها الشركة على رأس مالها غير معروفة في مصر ولا يجوز خصم الضرائب الأجنبية إلا إذا كان لها ما يقابلها وتتحمل بمثلها المنشآت المصرية، هذا بالإضافة إلى أن الثابت من وقائع الدعوى أن الشركة قامت بسداد هذه الضريبة للحكومة البلجيكية سنة 1945 - في صورة أسهم - وعملاً بمبدأ استقلال السنوات الضريبية لا يجوز خصمها من أرباح سنة 1952، والمبلغ محل النزاع لا يعدو أن يكون من الخسائر التي لا يجوز ترحيلها لأكثر من ثلاث سنوات والقول من الحكم بأن الضريبة على رأس مال الشركة لم تصبح نهائية إلا في سنة 1952 هو قول مرسل لم يقم عليه دليل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على أن "يكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها الشركة أو المنشأة ويدخل في ذلك ما ينتج من بيع أي شيء من الممتلكات سواء في أثناء قيام المنشأة أو عند انتهاء عملها وذلك بعد خصم جميع التكاليف وعلى الأخص (1)...... (2)...... (3) الضرائب التي تدفعها المنشأة ماعدا ضريبة الأرباح التي تؤديها طبقاً للقانون (4)....... (5)........" ومؤدى هذا النص وإطلاقه يدل على أن ما تتحمل به المنشأة من ضرائب أجنبية وتدفعه بسبب نشاطها التجاري والصناعي أو بمناسبته ويعتبر بذلك تكليفاً على أرباحها يجب خصمه من الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية إلا ما استثنى بنص خاص في القانون، ولا يغير من ذلك كون هذه الضريبة ليس لها ما يقابلها في مصر ولا تتحمل بمثلها المنشآت المصرية. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "مصلحة الضرائب وقد اعتمدت ميزانيات الشركة ودفاترها لا يسوغ لها بعد ذلك أن تخرج عن مدلول هذه الميزانيات والدفاتر "بدون دليل" يضاف إلى هذا أن الدين لا يعتبر ثابتاً إلا بعد أن يصبح محدداً وما دام أن تقويم الضريبة وتقديرها النهائي لم يحصل إلا في سنة 1952 فلا محل للرجوع بها إلى سنة 1945 عندما سلمت الشركة أسهماً مجهولة القيمة للحكومة البلجيكية انتظاراً لتحديد هذه الضريبة تحديداً نقدياً أو مالياً أي أن التسليم الحاصل في سنة 1945 كان بمثابة رهن" وأن "الفقرة الثالثة من المادة 39 أتت بمبدأ عام هو خصم ما يدفع من ضريبة من مجموع الإيراد فلا محل للتمييز بين ضريبة وأخرى إلا إذا نص القانون صراحة على استثناء ضريبة معينة من هذا الخصم وهو افتراض غير متوافر في الحالة المعروضة" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق