جلسة 21 من إبريل سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.
---------------
(124)
الطعن رقم 284 لسنة 32 القضائية
حيازة. تقادم. "التقادم المكسب". أموال عامة.
وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وجوب إثبات انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ثم إثبات وضع اليد بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق - تتحصل في أن مديرية سوهاج التي حلت محلها محافظة سوهاج (الطاعنة) أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 571 سنة 1946 كلي أمام محكمة سوهاج الابتدائية قائلة في صحيفتها إن مورث المطعون ضدهم "المرحوم أبو الليف عمر" تعد بالبناء والغراس على قطعة أرض مساحتها 539 متراً مربعاً من الأراضي المخصصة للمنفعة العامة بناحية الخلافية مركز جرجا وانتهت الطاعنة إلى طلب الحكم بأحقية الحكومة لقطعة الأرض المذكورة بوصفها من المنافع العامة وإلزام المطعون ضدهم - باعتبارهم خلفاء لمورثهم في التعدي عليها - بإزالة هذا التعدي في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم وإلا تزيله هي بمصاريف ترجع بها عليهم. دفع المطعون ضدهم الدعوى بأنهم وسلفهم تملكوا أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. وبتاريخ 29 من مارس سنة 1948 أصدرت محكمة الدرجة الأولى حكماً قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم ملكيتهم لأرض النزاع بوضع اليد المكسب للملكية بشرائطه القانونية وأجازت للطاعنة النفي - وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 31 من يناير سنة 1949 برفض الدعوى بانية قضاءها على أنه علاوة على أن جهة الإدارة قد عجزت عن إثبات أن الأرض المتنازع عليها من الأملاك العامة فإن المطعون ضدهم قد تملكوها بالتقادم المكسب استأنفت الطاعنة هذا الحكم باستئناف رقم 98 سنة 24 ق ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 27 من إبريل سنة 1950 قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء الحكوميين بسوهاج ليعهد إلى أحد خبرائه المهندسين لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وبيان ما إذا كانت أرض النزاع تدخل ضمن الطريق العمومي أم لا - وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ولما عرض الطعن على هذه الدائرة تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة - بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ قضى برفض دعواها تأسيساً على ما قاله من أن المطعون ضدهم وضعوا يدهم على أرض النزاع مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير منازعة من جهة الإدارة بل إنها تركت الأرض طوال هذه المدة من غير أن تستغلها للمنفعة العامة الأمر الذي ينقلها من أملاكها العامة على فرض توافر هذه الصفة لها إلى أملاكها الخاصة التي كان يجوز تملكها في ظل القانون المدني القديم بمضي المدة - وترى الطاعنة أن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه خطأ في القانون ذلك أنه يشترط لاكتساب ملكية مال من الأموال العامة بالتقادم أن يثبت أولاً أن هذا المال لم يعد مخصصاً للنفع العام وأنه قد فقد هذه الصفة فقداناً تاماً على وجه مستمر وغير منقطع قبل بدء حيازته ثم يلي ذلك حيازته حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة لمدة خمسة عشر عاماً - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المطعون ضدهم قد تملكوا أرض النزاع بالتقادم الطويل لمجرد ما ثبت له من أنهم وضعوا يدهم عليها المدة المقررة لذلك قانوناً دون أن يتحقق من أن هذا المال قد فقد تخصيصه للمنفعة العامة بصفة مستمرة قبل أن يضع المطعون ضدهم يدهم عليه المدة المكسبة للملكية فإن الحكم يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله. "وحيث إنه على هدي ما تقدم ومتى ثبت من أقوال الشهود إثباتاً ونفياً الذين أدلوا بأقوالهم أمام محكمة أول درجة لا سيما شاهدي الحكومة وهما من رجال الحفظ أن وضع اليد على هذه العين بصفة هادئة ومستمرة وبنية الملك بإقامة المباني عليها وغرس النخيل بها يرجع لمدة تزيد على خمسة عشر عاماً وهي المدة المقررة قانوناً لاكتساب الملكية دون أن تتنازعهم المستأنفة "الطاعنة" في ذلك ولم تحرك ساكناً بل تركت العين موضوع النزاع طوال هذه المدة دون أن تستغلها للمنفعة العامة الأمر الذي ينقلها من أملاكها العامة على فرض توافر هذه الصفة لها أصلاً إلى أملاكها الخاصة التي يجوز تملكها في ظل القانون المدني القديم بمضي المدة" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه خطأ في القانون ذلك أن وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بمعنى أنه لجواز تملك الأموال العامة بالتقادم يجب أن يثبت أولاً انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة - إذ من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها - ثم يثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد وضع يد المطعون ضدهم مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير اعتراض أو منازعة من الطاعنة هو السبب الذي أزال عن هذه الأرض تخصيصها للمنفعة العامة ورتب على ذلك اكتساب المطعون ضدهم ملكيتها فإنه يكون مخطئاً في القانون. ولا يغنيه أن يكون الحكم الابتدائي قد اعتمد في قضائه على دعامة أخرى هي ما انتهى إليه من أن الطاعنة قد عجزت عن إثبات أن أرض النزاع تدخل ضمن الأملاك العامة إذ يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يحل إلى أسباب الحكم الابتدائي وبذلك يبقى خطؤه على الوجه المتقدم ذكره مستوجباً لنقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن - ولما كان هذا الخطأ قد حجبه عن بحث ما إذا كان وضع يد المطعون ضدهم قد حصل بعد انتهاء تخصيص الأرض للمنفعة العامة لسبب آخر غير وضع يدهم فإنه يتعين إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف.
(1) وراجع نقض 10 يونيه سنة 1965 بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 748.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق