جلسة 26 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي/ حسام قرني حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد الظاهر، محمد إبراهيم الإتربي، طارق علي صديق " نواب رئيس المحكمة " ومحمد توفيق كامل.
------------------
(119)
الطعن رقم 14002 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " عيوب التدليل : التناقض ".
التناقض الذي يُبطِل الحكم. ماهيته. ما تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل المنطوق عليه ولا فهم الأساس القانوني له. لا تناقض مادام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً. قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت علاقة العمل والتعويض عن مهلة الإخطار والفصل التعسفي وإلغاء شق التعويض. مؤداه. أن المحكمة أفصحت عن رأيها بوضوح. التفات الحكم المطعون فيه عنه. لا عيب. علة ذلك. الدفاع ظاهر البطلان. لا يعيب الحكم عدم الرد عليه. أثره. نعي على غير أساس.
(2) " نقض " أسباب الطعن بالنقض: السبب المجهل".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها تعريفًا واضحًا نافيًا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. عدم بيان الطاعن العيب الذي يعزوه إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه. نعي مجهل غير مقبول.
(3) إثبات " عبْ الإثبات ".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. المتمسك بعدم حصولها. يلتزم بتقديم دليله. إيراد الحكم المطعون فيه بمدوناته أن مسودة الحكم موقعة من رئيس وأعضاء الدائرة مصدرة الحكم. عدم تقديم الطاعن رفقة طعنه صورة من مسودة الحكم محل النعي. أثره نعي عارٍ عن دليله. غير مقبول.
(4) استئناف " آثار الاستئناف: الأثر الناقل للاستئناف ".
الاستئناف. أثره. نقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. مؤداه. عدم جواز أن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف المرفوع منه. الاستثناء. استئناف الحكم بكل من طرفي الخصومة. أثره. لمحكمة الاستئناف تعديل الحكم المستأنف ولو أضر ذلك بأحدهما.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص عناصر المسئولية التقصيرية".
تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(6) تأمينات اجتماعية " إصابة العمل "
إصابة المؤمن عليه نتيجة حادث خلال ذهابه إلى عمله أو عودته منه. اعتبارها في حكم إصابة العمل. شرطه. أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف او تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي.
(7) حكم " عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال ".
فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته. انطواء أسبابه على عيب يمس سلامة الاستنباط. تحققه. باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو الى عدم فهم العناصر الواقعية الثابتة لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر.
(8) تأمينات اجتماعية " إصابة العمل "
قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من تعويض بقالة إن إصابة الطاعن حدثت خارج نطاق العمل حال كون الثابت بالأوراق أنها حدثت حال عبوره للطريق بعد انتهاء عمله لاستقلال سيارة العمل. فساد وخطأ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل المنطوق عليه ولا فهم الأساس القانوني له، فليس التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض مادام قصد المحكمة ظاهرًا ورأيها واضحًا. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي المعدل بالحكم المطعون فيه أنه قضى بثبوت علاقة العمل بين الطاعن والمطعون ضده الأول ثم قضى بإلزام المطعون ضده الأول بصفته عن مقابل مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل تأسيسًا على مسئوليته عن ذلك وبإلغاء شق التعويض عن الإصابة، فإن المحكمة تكون قد أفصحت عن رأيها بوضوح لا لبس فيه ولا تناقض، ولا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على هذا الدفع؛ لما هو مقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الدفاع ظاهر البطلان لا يستأهل ردًا، ويضحى هذا النعي على غير أساس.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن صحيفة الطعن بالنقض يجب أن تحُدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفًا واضحًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا وافيًا نافيًا عنها الغموض والجهالة، وأن يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين بهذا النعي ماهية البيانات التي تضمنها تقرير الخبير وماهية الحقائق التي خلا منها والتي كان في الإمكان بناء النتيجة النهائية عليها، وأثر ذلك في قضاء الحكم، ومن ثم فإن النعي يكون مجهلًا وبالتالي غير مقبول.
3- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعي مخالفتها أن يقيم الدليل على ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن مسودة الحكم جاءت بأسباب موقعة من رئيس الدائرة والقضاة الذين شاركوا في المداولة، وكان الطاعن لم يُقدم رفق طعنه صورة من مسودة الحكم محل نعيه، فإن نعيه يكون عاريًا عن دليله ومن ثم غير مقبول.
4- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف، مما لا يجوز معه أن تسوّئ مركز المستأنف باستئنافه، وهذه القاعدة رهنٌ بحالة استئناف الحكم ممن أضر الحكم به وحده، أما إذا حدث وكان الحكم قد أضر بكل من طرفي الخصومة فاستأنفه كل منهما، فإن النزاع بوجهيه يكون مطروحًا على محكمة الدرجة الثانية بما يجيز لها تعديل الحكم المستأنف ولو أضر بأحدهما، إذ كان كلٌ من الطاعن والمطعون ضده الأول قد استأنف كلٌ منهما الحكم الابتدائي بما يجيز للحكم المطعون فيه تعديل الحكم المستأنف وفق رؤيته دون النظر إلى وجهة المحكوم له، ويضحى ما يثيره الطاعن بسبب النعي غير مقبول.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
6- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه يعتبر في حكم إصابة العمل كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فتره ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب، أو الإياب دون توقف، أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي.
7-المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.
8- إذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه من سؤال الشهود أن إصابة الطاعن قد حدثت أثناء عبوره الطريق لاستقلال سيارة جهة عمله بعد انتهاء فترة العمل، فصدمته سيارة مجهولة، مما يُستدل منه أن الحادث الذي نتج عنه إصابة الطاعن والذي تخلفت لديه عاهة مستديمة بنسبة 80% قد حدثت حال عبوره الطريق الطبيعي لاستقلال سيارة العمل بعد انتهائه من فترة دوامه، بما تُعتبر في حكم إصابة العمل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي بما قضى به من تعويض عن إصابة العمل، بمقولة إن تلك الإصابة قد حدثت خارج نطاق العمل وليس داخل نطاق العمل، وبأنها نتيجة حادث طريق حال قيامه بعبور الطريق فحدثت مصادمته من سيارة مما أحدثت إصابته، رغم أن عبوره الطريق بعد انتهاء عمله كان لاستقلال سيارة العمل - على نحو ما سلف - فإنه يكون مشوبًا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الخصوص وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث طلب الطاعن بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن تقدم بشكوى إلى مكتب العمل المختص يتضرر فيها من أن إصابته بسبب العمل، ولتعذر التسوية الودية أحيل النزاع إلى محكمة كفر سعد الابتدائية حيث قيد أمامها برقم... لسنة ٢٠١٥ عمّال، وأمامها طلب الطاعن الحكم بثبوت علاقة العمل فيما بينه وبين المطعون ضدهما اعتبارًا من 1/12/2012 حتی 1/5/2015 بوظيفة عامل نظافة بأجر شهري 1450 جنيه، وإلزام المطعون ضدهما متضامنَين أن يؤديا له كافة مستحقاته المتمثلة في مقابل مهلة الإخطار وتعويض مادي وأدبي من جرّاء فصله تعسفًا، ومبلغ مائة ألف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا عما لحقه من ضرر ناتج عن إصابته، وقال بيانًا لها إنه كان من العاملين لدى المطعون ضده الأول بوظيفة عامل نظافة بالراتب السالف ذكره، وكان المطعون ضده الأول يستخدمه للعمل لدى الشركة المطعون ضدها الثانية وحال خروجه لاستقلال سيارة العمل صدمته سيارة مجهولة أحدثت ما به من إصابات، وإذ قاما المطعون ضدهما بفصله دون مبرر فأقام الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق واستمعت لشهود الطرفين، ثم ندبت مصلحة الطب الشرعي، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 20/4/2017 بثبوت علاقة العمل بين الطاعن والمطعون ضده الأول خلال الفترة المطالب بها، وإلزام المطعون ضده الأول بصفته أن يؤدي للطاعن مبلغ ۲۹۰۰ جنيه مقابل مهلة الإخطار وعشرة ألاف جنيه تعويضًا عن الفصل التعسفي، ومبلغ خمسة عشر ألاف جنيه تعویضًا ماديًا وأدبيًا عن ضرر الإصابة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة ٤٩ ق المنصورة "مأمورية دمياط" كما استأنفه المطعون ضده الأول أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم... لسنة 49 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط ندبت خبيرًا وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 2/4/2019 بتعديل الحكم المستأنف بإلغاء ما قضى به من تعويض عن الأضرار المادية والأدبية وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث والوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالتناقض في منطوق الحكم والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول: إنه تمسك بصحيفة استئنافه بوجود تناقض في الحكم الابتدائي إذ قضى بثبوت علاقة العمل بينه وبين المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته، ثم عاد وقضى بالبند الثاني من الحكم الابتدائي بإلزام المطعون ضده الأول بصفته فقط بأداء مقابل مهلة الإخطار، والتعويض عن الفصل التعسفي والإصابة، في حين أن المسئول عن ذلك هو المطعون ضده الأول بشخصه، وإذ سايره في ذلك الحكم المطعون فيه والتفت عن الرد عن هذا الدفاع رغم جوهريته، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل المنطوق عليه ولا فهم الأساس القانوني له، فليس التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض مادام قصد المحكمة ظاهرًا ورأيها واضحًا. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي المعدل بالحكم المطعون فيه أنه قضى بثبوت علاقة العمل بين الطاعن والمطعون ضده الأول ثم قضى بإلزام المطعون ضده الأول بصفته عن مقابل مهلة الاخطار والتعويض عن الفصل تأسيسًا على مسئوليته عن ذلك وبإلغاء شق التعويض عن الإصابة، فإن المحكمة تكون قد أفصحت عن رأيها بوضوح لا لبس فيه ولا تناقض، ولا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على هذا الدفع؛ لما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفاع ظاهر البطلان لا يستأهل ردًا، ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع والوجه الثالث من السبب الثاني القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يورد بمدوناته ما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والنتيجة التي انتهى إليها، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن صحيفة الطعن بالنقض يجب أن تحُدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفًا واضحًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا وافيًا نافيًا عنها الغموض والجهالة، وأن يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين بهذا النعي ماهية البيانات التي تضمنها تقرير الخبير وماهية الحقائق التي خلا منها والتي كان في الإمكان بناء النتيجة النهائية عليها، وأثر ذلك في قضاء الحكم، ومن ثم فإن النعي يكون مجهلًا وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول: إنه تمسك بصحيفة استئنافه ببطلان مسودة حكم أول درجة لما لحق بها من شطب ومحو وتحشير، مما كان له أثره في تغيير أسباب ومنطوق الحكم، والتفت عنه الحكم المطعون فيه بما لا يصلح ردًا إذ انتهى إلى أن المسودة موقعة من أعضاء الدائرة، وأنها ملكًا للدائرة التي أصدرته، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعي مخالفتها أن يقيم الدليل على ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن مسودة الحكم جاءت بأسباب موقعة من رئيس الدائرة والقضاة الذين شاركوا في المداولة، وكان الطاعن لم يُقدم رفق طعنه صورة من مسودة الحكم محل نعيه، فإن نعيه يكون عاريًا عن دليله ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم أخل بقاعدة أنه لا يُضار الطاعن بطعنه ذلك أنه أقام استئنافه رقم... لسنة 49 بطلب زيادة مبلغ التعويض عن الأضرار المادية والأدبية الناتجة عن إصابته إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم في الشق المتعلق بالتعويض، ومخالفًا نص المادة ٢٢٢ من قانون المرافعات من أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رُفع عنه الاستئناف فقط، وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود؛ ذلك إنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف، مما لا يجوز معه أن تسوّئ مركز المستأنف باستئنافه، وهذه القاعدة رهنٌ بحالة استئناف الحكم ممن أضر الحكم به وحده، أما إذا حدث وكان الحكم قد أضر بكل من طرفي الخصومة فاستأنفه كل منهما، فإن النزاع بوجهيه يكون مطروحًا على محكمة الدرجة الثانية بما يجيز لها تعديل الحكم المستأنف ولو أضر بأحدهما. لما كان ذلك، وكان كلٌ من الطاعن والمطعون ضده الأول قد استأنف كلٌ منهما الحكم الابتدائي بما يجيز للحكم المطعون فيه تعديل الحكم المستأنف وفق رؤيته دون النظر إلى وجهة المحكوم له، ويضحى ما يثيره الطاعن بسبب النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول والوجه الرابع من السبب الثاني مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الطاعن حال توجهه لسيارة العمل بعد انتهاء عمله صدمته سيارة مجهولة نتج عن ذلك إصابته، وكان ذلك نتيجة خطأ من المطعون ضدهما لعدم توفير وسائل السلامة والصحة المهنية، ومخالفة المادتين ۲۰۲، ٢٠۹ من قانون العمل، والمادة الخامسة من قانون التأمين الاجتماعي، وهو ما يتوافر معه ركن المسئولية في جانب المطعون ضدهما ويوجب التعويض، وتحرر عن الواقعة محضر بالشرطة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض طلب التعويض عن تلك الإصابة، على سند من أنها لم تحدث داخل نطاق العمل، ووقف الحكم عند القضاء بالإلغاء، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ؛ ذلك أن - قضاء هذه المحكمة - قد جرى على أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، وكان من المقرر أنه تعتبر في حكم إصابة العمل كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فتره ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي، وكان من المقرر أيضًا أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه من سؤال الشهود أن إصابة الطاعن قد حدثت أثناء عبوره الطريق لاستقلال سيارة جهة عمله بعد انتهاء فترة العمل، فصدمته سيارة مجهولة، مما يُستدل منه أن الحادث الذي نتج عنه إصابة الطاعن والذي تخلفت لديه عاهة مستديمة بنسبة 80 % قد حدثت حال عبوره الطريق الطبيعي لاستقلال سيارة العمل بعد انتهائه من فترة دوامه، بما تُعتبر في حكم إصابة العمل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي بما قضى به من تعويض عن إصابة العمل، بمقولة إن تلك الإصابة قد حدثت خارج نطاق العمل وليس داخل نطاق العمل، وبأنها نتيجة حادث طريق حال قيامه بعبور الطريق فحدثت مصادمته من سيارة مما أحدثت إصابته، رغم أن عبوره الطريق بعد انتهاء عمله كان لاستقلال سيارة العمل - على نحو ما سلف - فإنه يكون مشوبًا بالفساد في الاستدلال الذي جرّه إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الخصوص وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث طلب الطاعن بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق