جلسة 6 من يونيه سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال ومحمود عبد الباري.
----------------
(103)
الطعن رقم 2487 لسنة 59 القضائية
(1) هتك عرض. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الركن المادي في جريمة هتك العرض. تحققه. وقوع أي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل إلى جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها. الكشف عن عورتها. لا يلزم. يكفي. لتوفر هذا الركن بلوغ الفعل الواقع على جسمها من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض.
(2) إثبات "بوجه عام". هتك عرض. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
دفاع الطاعن المستند إلى كبر سن المجني عليها وأنها ليست محلاً لرغبه جنسية. موضوعي. أثر ذلك؟
(3) هتك عرض. دعوى جنائية "التنازل عنها". مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تنازل المجني عليها في جريمة هتك العرض أو الصلح مع المتهم. لا أثر لهما على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض.... بالقوة بأن باغتها حال صعودها سلم العقار الذي تقطنه وأمسكها من خصرها واحتضنها عنوة وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة هتك عرض المجني عليها بالقوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن احتضان الطاعن للمجني عليها بعد أن أمسكها من خصرها وعدم ملامسته لعورة في جسدها بسبب ارتداء كلاهما لملابسه فإن مثل هذه الأفعال لا تشكل جريمة هتك العرض. خاصة وأن المجني عليها قد جاوزت الستين من عمرها ومثيلتها لا تكون محلاً لرغبة جنسية. وأخيراً فإن المجني عليها وقد تنازلت عن شكواها وطلبت عدم تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعن فكان على المحكمة أن تستجيب لهذا الطلب، وأغفلت الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص - كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه في مساء يوم 7/ 8/ 1986 وأثناء صعود....... درج السلم إلى مسكنها الكائن بالدور الخامس بالعقار رقم..... شارع...... بباب اللوق وجدت المتهم...... واقفاً على إحدى درجات السلم فظنت أنه يقف ليستريح وتابعت صعودها إلا أنها فوجئت به يصعد خلفها ويمسك بها من خصرها بكلتا يديه ويجذبها نحوه عنوة محتضناً إياها من الخلف فصرخت مستغيثة فوضع يده على فمها لمنعها من الاستغاثة ولما شعر بأن الجيران سمعوا استغاثتها أسرع بالفرار إلا أن....... - أحد سكان العقار - أسرع خلفه واستطاع بمساعدة المارة الإمساك به. "وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال....... ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها كما انتهى الحكم إلى القول "بأن مفاجأة المتهم للمجني عليها بإمساكها من خصرها من الخلف وجذبها نحوه وضمها إليه إرضاء لشهوته يتوافر به عناصر جريمة هتك العرض بالقوة من فعل مادي استطال إلى جسم المجني عليها وخدش عاطفة الحياء عندها ومن قصد جنائي تحقق بانصراف إرادة المتهم إلى هذا الفعل مع علمه بماهيته ومن ركن القوة بارتكابه لفعله وضد إرادة المجني عليها فالمباغتة كالقوة ينعدم بها الرضاء" لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح أن الفعل المادي الذي أتاه الطاعن هو مما يخدش حياء المجني عليها، وكان من المقرر أن الفعل المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية، ولا يلزم الكشف عن عورة المجني عليها، بل يكفي لتوفر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسمها قد بلغ من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض سواء أكان بلوغه هذه الدرجة قد تحقق عن طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليها أم عن غير هذا الطريق. وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر، فإن الطعن عليه بمخالفة القانون يكون غير سديد. ولما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن من دفاع بأن المجني عليها جاوزت الستين من عمرها ومثيلتها لا تكون محلاً لرغبة جنسية إنما هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان القانون لم يرتب على تنازل المجني عليها في جريمة هتك العرض أو الصلح مع المتهم أثراً على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها. فإن ما يثيره الطاعن من تنازل المجني عليها عن شكواها قبله وطلبها عدم تحريك الدعوى الجنائية ضده - بفرض حصولهما - لا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه ولا يؤثر في صحته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق