جلسة 12 من يناير سنة 1977
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية والسادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار.
----------------
(51)
الطعن رقم 38 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية "الولاية على المال". حكم "بيانات الحكم".
وفاة القيم أثناء نظر الاستئناف. تمثيل القيم الجديد في الخصومة. الإفصاح عن ذلك بمدونات الحكم. إغفال الحكم في ديباجته ذكر اسم القيم الجديد وإيراده اسم القيم المتوفى. لا بطلان.
(2) إثبات "عبء الإثبات". دفاع. اختصاص "الاختصاص المحلي".
الدفع بعدم اختصاص المحكمة محليا. عبء إثباته. يقع على عاتق المدعى عليه مبدي الدفع.
(3) محكمة الموضوع "مسائل الإثبات".
عدم طلب إحالة الدعوى على التحقيق. النعي بإغفال المحكمة اتخاذ هذا الإجراء من تلقاء نفسها عدم جوازه.
(4، 5) موطن "الموطن الأصلي". إعلان. أحوال شخصية.
(4) الموطن في الشريعة الإسلامية. ماهيته. احتمال تعدده. عدم انتقاصه بموطن السكن.
(5) الإعلان في الموطن الأصلي. كفاية تسليم الصورة إلى أحد المقيمين مع المراد إعلانه حال غيابه. عدم وجوب بيان الصلة بينه وبين المراد إعلانه.
(6) محكمة الموضوع "تقدير الأدلة". نقض "أسباب الطعن". أحوال شخصية. أهلية.
القضاء بالتطليق استنادا إلى إساءة الزوجة لزوجها المحجور عليه للعته. عدم جواز المجادلة أمام محكمة النقض في تقدير محكمة الموضوع لأقوال الشهود التي استندت إليها في استخلاص موضوعي سائغ.
(7) نقض "أسباب الطعن" "السبب المجهل".
عدم بيان الطاعن أوجه اعتراضه على الرأي الفقهي الذي تبنته محكمة الموضوع. نعي مجهول غير مقبول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن ..... بصفته قيما على ولده ...... المحجور عليه للعته أقام ضد الطاعنة الدعوى رقم 1250 سنة 1972 أحوال شخصية أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتطليقها عليه، وقال شرحا لها أن الطاعنة زوجة لولده المذكور بصحيح العقد الشرعي المحرر فى 8/ 12/ 1960 ولا تزال على عصمته، وإذ قضى بتاريخ 30/ 4/ 1966 يتوقع الحجر على ولده للعته وتعيينه قيما عليه، ودأبت الطاعنة على الاعتداء على زوجها المحجور عليه، وعلى الإهمال في أداء واجباتها الزوجية، فقد أقام الدعوى بطلباته، وبتاريخ 17/ 12/ 1972 حكمت المحكمة غيابيا بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن الطاعنة دأبت على التعدي على زوجها المحجور عليه بالضرب والسب مما يضر به، وبما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وبعد أن سمعت الشهود رافع الدعوى، عادت فحكمت غيابيا بتاريخ 6/ 5/ 1973 بتطليق الطاعنة من زوجها المعتوه ..... طلقة رجعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 103 سنة 90 ق أحول شخصية القاهرة، طالبة إلغاءه والقضاء أصليا ببطلان صحيفة الدعوى واحتياطيا عدم قبولها أو رفضها. توفى القيم رافع الدعوى واستأنفت الدعوى سيرها في مواجهة المطعون عليه القيم الجديد، وبتاريخ 16/ 11/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفى بيان ذلك تقول أن الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر ضد...... بصفته قيما على ابنه المعتوه، في حين أن القيم المذكور كان وقت صدور الحكم ميتا، وأن محكمة الاستئناف سبق أن قضت بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاته، ثم استأنفت الدعوى سيرها بعد إعلان القيم الجديد ...... بصحيفة الاستئناف، مما كان يتعين معه أن يصدر الحكم ضد القيم الجديد لا ضد من توفى، وإذ أغفل الحكم هذا البيان مع أنه جوهري فإنه يكون صدر باطلا تطبيقا للمادة 178 من قانون المرافعات.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن يتضمن الحكم ببيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم، قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة في الدعوى التي يصدر منها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة أو اللبس، حتى لا يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه، وإذ رتبت هذه المادة البطلان على النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم إنما عنت النقص أو الخطأ اللذين قد يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته مما قد يؤدي إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغير شخص الخصم بأخر لا شأن له بالخصومة في الدعوى، وإذن فمتى كان النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم ليس من شأنه التشكك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى فإنه لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيما مما يترتب عليه البطلان المنصوص عليه في المادة المشار إليها، لما كان ذلك وكان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء من والد الزوج المحجور عليه بصفة قيما عليه ضد الزوجة الطاعنة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ذلك القيم توفى تردد الدعوى أمام محكمة الاستئناف، وأعلن القيم الجديد وهو المطعون عليه واستأنفت الدعوى سيرها في مواجهته، فإن إغفال الحكم فى ديباجته ذكر اسم القيم الأخير باعتباره ممثلا للمحجور عليه ومباشراً للخصومة عنه وإيراده اسم القيم المتوفى لا يعتبر خطأ جسيماً يختفى به وجه الحق في التعريف بشخص الخصم، وبالتالي لا يترتب عليه البطلان.
وحيث إن حاصل السبب الثاني القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وتقول الطاعنة في بيان ذلك إن محكمة الاستئناف قضت برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً بنظر الدعوى على سند من أن الطاعنة لم تقدم الدليل على أنها لا تقيم في القاهرة إقامة دائمة، في حين أنه كان عليها أن تطالب المطعون عليه أن يقدم هو الدليل على إقامتها في المحل الذي وجه فيه إليها إعلان صحيفة الدعوى، ولو أن المحكمة عقدت مقارنة بين الموطن الذي أعلنت هي فيه المطعون عليه بصحيفة الاستئناف وبين الموطن الذى أعلن هو فيه الطاعنة بصحيفة الدعوى الابتدائية لتكشف لها أنه موطنه الذى يقيم فيه وليس يعقل أن يقيم في نفس الموطن، وكان يتعين عليها أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لإثبات الدفع، وإذ لم تفعل فإن الحكم يكون قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المدعى ملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان مدعى عليه أصلا في الدعوى أم مدعيا فيها، ولئن كانت الطاعنة مدعى عليها في الدعوى، إلا أنها تعتبر في منزلة المدعى بالنسبة للدفع المبدى منها بعدم اختصاص المحكمة محليا بنظر الدعوى، وتكون مكلفة قانونا بإثبات ما تدعيه لأنها إنما تدعى خلاف الظاهر وهو ما أثبت في صحيفة افتتاح الدعوى من أن إعلانها قد تم بمحل إقامته المحدد في القاهرة، ولما كانت الطاعنة لم تطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما تدعيه في هذا الشأن، وكان الحق المخول للمحكمة في المادة 70 من قانون الإثبات من أن لها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها بشهادة الشهود متروك لمطلق رأيها وتقديرها لا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض، فإن الحكم إذ قضى برفض الدفع استنادا إلى أن الطاعنة لم تقدم دليلا على أنها تقيم في غير المحل الوارد بصحيفة الدعوى يكون قد التزم صحيح القانون، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم من احتمال تعدد موطن الطاعنة يتفق مع الرأي عند فقهاء الشريعة الإسلامية - وطبقا لما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أن الموطن الأصلي هو موطن الإنسان في بلدته، أو بلدة أخرى اتخذها دارا توطن فيه مع أهله وولده، وليس في مقصده الارتحال عنها، وهذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن، وفقا لنص المادة العشرين من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من أن "محل الإقامة هو البلد الذى يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيما فيه عادة" لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة أن المحضر أثبت إعلانها في المحل الذي لا تقيم فيه بمدينة القاهرة مخاطبا مع سيدة ذكر اسمها، وأنها مقيمة معها لغيابها وإذ لم يتحقق المحضر في صلة تلك السيدة بها فإن الإعلان يقع باطلا طبقا للمادة العاشرة من قانون المرافعات.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أن النص فى الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون المرافعات على أنه "إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار" يدل على أن المشروع لم يوجب على المحضر التحقق من صفة من تسلم صورة الإعلان ولا من حقيقة علاقته بالمراد إعلانه طالما أن ذلك الشخص يؤكد الصفة التي تخول له تسلمها، ويعتبر الإعلان صحيحا متى سلمت الورقة إليه على النحو المتقدم. فمتى أثبت المحضر أنه انتقل إلى محل الطاعنة وخاطب سيدة سماها ونقل عنها أنها مقيمة معها، فإن هذا البيان واضح الدلالة على أن إعلان صحيفة الدعوى الابتدائية قد تم وفق القانون، ولا يصح النعي على الحكم بأنه لم يتحقق من صلة من تسلمت الإعلان الخاص بالطاعنة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم بنى قضاءه بالتطليق على سند من أن الطاعنة تسئ إلى زوجها وتعتدى عليه بالضرب، وأن الولاية للقاضي في تطليق زوجة المطعون عليه للمضارة، دون أن يبين أوجه الاعتداء ودرجة جسامته التي تبرر التطليق بالإضافة إلى أنه لم يفصح عن الأسانيد التي رجح من أجلها الآخذ بأن الولاية للقاضي في التطليق وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالتطليق للعته إلى إساءة الطاعنة إلى زوجها المحجور عليه واعتدائها عليه إلى أقوال شاهدي المطعون عليه، والتي سلمت من أي مطعن يردها أو يضعف الثقة فيها، وكان هذا من الحكم استخلاصا موضوعيا سائغا له وأخذه من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومتروك لتقديرها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، ويكون النعي في هذا الشق على غير أساس. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تبين أوجه اعتراضها على الرأي الفقهي الذي تبناه الحكم من بين الآراء الشرعية والتي استقاها من فقه الحنفية، فإن النعي بهذه المثابة يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق