جلسة 25 من يوليه سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ مرزوق فكري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد، أحمد نصر الجندي، حسين محمد حسن عقر نواب رئيس المحكمة ومصطفى حسيب عباس محمود.
---------------
(296)
الطعنان رقما 149، 150 لسنة 57 القضائية "أحوال شخصية"
(1) نقض "التوكيل في الطعن" محاماة. وكالة.
عدم تقديم سند التوكيل الصادر من كل من الطاعن الأول والطاعنة الرابعة إلى وكيليهما اللذين وكلا المحامي في الطعن بالنقض. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
(2) قانون "القانون الواجب التطبيق" "القانون الأجنبي: إثباته" إثبات."الوقائع المادية". أهلية. نقض "النعي المفتقر إلى الدليل".
الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم. يسري عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم. القانون الأجنبي. مجرد واقعة مادية، على الخصوم إقامة الدليل عليها.
(3) دعوى "الصفة في الدعوى" "الدفاع في الدعوى". وكالة. محاماة.
إدعاء الطاعن بحضور محام عن المطعون ضده وهو ليس موكلاً عنه. صاحب المصلحة في التمسك بهذا الدفاع هو المطعون ضده وليس الطاعن.
(4، 5) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية". قانون "القانون الواجب التطبيق". وصية "الوصية للمرتد".
(4) الوصية للمرتد. صحيحة. علة ذلك. سريان قانون الموصي أو من صدر منه التصرف وقت موته على الوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت.
(5) قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع. انصرافها إلى الأحكام المتعلقة بحيازته وما يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية. عدم سريانها على مسائل الأحوال الشخصية ومنها الوصية. علة ذلك.
(6) نقض "السبب الجديد". وصية. أحوال شخصية "الزواج".
عدم تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بأن عبارة الوصية لا تفيد الإيصاء أو أن المطعون ضدها لا تعتبر زوجة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية - عدم جواز إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 214/ 1982 كلي أحوال شخصية أجانب جنوب القاهرة على الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين للحكم بإثبات وفاة...... بتاريخ 28/10/ 1981 في....... باليونان وانحصار إرثه الشرعي فيها بصفتها زوجته الموصي لها بكل تركته قبل وفاته بموجب الوصية الصادرة منه بتاريخ 10/ 3/ 1974 والمشهرة بالقنصلية اليونانية بالقاهرة 13/ 1/ 1982، وقالت في بيان ذلك أن المورث المذكور يوناني الجنسية وتوفى عنها وعن أخويه الشقيقين اليوناني الجنسية، إذ أوصى لها بكل تركته حال حياته وكانت الوصية نافذة طبقاً للقانون اليوناني الواجب التطبيق فقد أقامت الدعوى. وأقام الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين الدعوى رقم 216/ 1982 كلي أحوال شخصية أجانب جنوب القاهرة للحكم ببطلان الوصية وانحصار إرث المتوفى فيهما وحدهما. كما أقام الدعوى رقم 52/ 1983 ضد وزير العدل بصفته للحكم بعدم قبول الدعوى رقم 214/ 1982 لارتداد المطعون ضدها عن الإسلام. ثم أقاما الدعوى رقم 169/ 1983 للحكم بتصفية الشركة التي كانت بينهم وبين مورثهم، ضمت المحكمة هذه الدعاوى للدعوى رقم 214/ 1982 ليصدر فيها حكم واحد. وبتاريخ 21/ 1/ 1986 حكمت في الدعوى 214/ 1982 بإثبات وفاة المورث وانحصار إرثه في أرملته (المطعون ضدها) ولها كل تركته بموجب الوصية الصادرة منه والمؤرخة 10/ 3/ 1974 والتي تم شهرها بالقنصلية اليونانية بالقاهرة في 13/ 1/ 1982 ورفضت ما عدا ذلك من دعاوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 2، 3/ 103 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول حكمت بتاريخ 18/ 7/ 1987 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 149/ 57 ق، 150/ 57 ق وقدمت النيابة مذكرة في كل منهما أبدت الرأي في أولهما أولاً بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والرابعة للتقرير به من غير ذي صفة ورفض الطعن الأول فيما عدا ذلك، وأبدت الرأي في ثانيهما بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الثانية والرابعة لرفعه من غير ذي صفه لعدم تقديم الطاعن الثالث سند وكالته عنهما، ورفض الطعن فيما عدا ذلك. عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فأمرت بضم الطعن الثاني للأول ليصدر فيهما حكم واحد، وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
أولاً: عن الطعن رقم 149/ 57 ق:
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والرابعة أن المحامي المقرر بالطعن لم يقدم سند التوكيل الصادر من الأول للثاني، وكذا سند التوكيل الصادر من الرابعة للثالثة اللذان وكلاه عنهما.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن الثابت من الأوراق أن التوكيلين المودعين بملف الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والرابعة لم يصدرا منهما إلى المحامي الذي رفع الطعن بل صدر أولهما إليه من الطاعن الثاني بصفته وكيلاً عن الطاعن الأول وصدر ثانيهما من الطاعنة الثالثة عن نفسها وبصفتها وكلية عن الطاعنة الرابعة دون تقديم سند وكالتهما للتعرف على حدود هذه الوكالة، وما إذا كانت تشمل الإذن لهما في توكيل المحامين في الطعن بالنقض أو لا تشمل هذا الإذن، فإن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والرابعة للتقرير به من غير ذي صفة يكون في محله.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن المطعون ضدها بارتدادها عن الإسلام فقدت أهلية التقاضي كما فقدت أهلية توكيل محام عنها وكان يتعين أن تقيم فيما من نفس دينها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يطبق في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الثابت من الأوراق أن طرفي النزاع يونانيا الجنسية، وكانت الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم يسري عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم، لما كان ذلك وكان القانون الأجنبي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها، وكان الطاعنان لم يقدما الدليل على أن القانون اليوناني يفقد المطعون ضدها أهلية التقاضي أو توكيل محام عنها، فإن النعي بهذا السبب يكون عارياً من الدليل متعين الرفض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا بتوجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدها بالصيغة الآتية "أحلف بالله العظيم أنه ليس صحيحاً أنني ألغيت التوكيل للسيد.... الذي بدوره وكل الأستاذ....... وذلك قبل حجز الدعوى الابتدائية للحكم" وإذ تقاعس الحكم المطعون فيه عن توجيه اليمين يكون قد أخل بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن إدعاء الطاعن بحضور محام عن المطعون ضده، وهو ليس موكلاً عنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فإن صاحب المصلحة في التمسك بذلك هو المطعون ضده وليس الطاعن. لما كان ذلك وكان غرض الطاعنين من توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدها هو انتفاء صفة المحامي الموكل عنها في حين أنها صاحبة الصفة في ذلك، فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه لم يطبق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبار أن المطعون ضدها مرتدة، ومن ثم خالف الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المدني بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن الثابت من الأوراق أن الموصي يوناني الجنسية ومن ثم يطبق في شأنه القانون الذي تشير إليه قواعد الإسناد في القانون المدني المصري، وهو القانون اليوناني وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ثانياً: الطعن رقم 150/ 57 ق:
وحيث إن دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الثانية والرابعة في محله على النحو السابق بيانه في الرد على الدفع بالنسبة للطعن السابق.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنان بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه إذ لم يطبق المذهب الحنفي الذي يقضي بعدم صحة الوصية للمرتدة وإيقاف جميع تصرفاتها في فترة الردة، وطبق أحكام القانون اليوناني رغم مخالفته للنظام العام والآداب في مصر يكون قد خالف حكم المادة 28 من القانون المدني بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن الراجح في فقه الأحناف أن الوصية للمرتد صحيحة لأن ردته لا تخرجه عن أهليته في التعامل فيملك غيره من ماله ما شاء ويملكه غيره من ماله ما شاء، لما كان ذلك وكانت الوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت يسري عليها قانون الموصي أو من صدر منه التصرف وقت موته، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما ذهب إليه من تطبيق قانون الموصي فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن الوصية الصادرة من المتوفى انصبت على أموال جزء منها عقار كائن بمصر وهو نصيبه الذي كان له في مصنع الغراء وأرض ومبان قبل وفاته، وقد نصت المادة 18 من القانون المدني على أن ينطبق قانون الموقع على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى وإذ لم يطبق الحكم المطعون فيه أحكام القانون المصري على حالة المطعون ضدها وطبق القانون اليوناني يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان المشرع المصري قد أدخل الوصية ضمن نطاق مسائل الأحوال الشخصية، وكانت قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إنما تنصرف إلى الأحكام المتعلقة بحيازته وما يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية وطبيعة هذه الحقوق ونطاق كل منها وطرق اكتسابها وانقضائها وغير ذلك من الأحكام الخاصة بنظام الأموال في الدولة ولا شأن لها بمسائل الأحوال الشخصية، لما كان ذلك وكان مفاد المادة 17 من القانون المدني أن الوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت يسري عليها قانون الموصي أو من صدر منه التصرف وقت موته، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وطبق قانون الموصي لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمتي الموضوع بعدم قبول الدعوى المرفوعة من المطعون ضدها لانعدام أهليتها لردتها، وإذ قضى الحكم برفض الدفع على سند من أن لها أن ترفع الدعوى لأن لها أهلية التملك، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الموصى لها يونانية الجنسية ويطبق في شأن أهليتها - وعلى ما سبق بيانه في الرد على أسباب الطعن - القانون اليوناني دون القانون المصري، وإذ كان الطاعنان لم يقدما الدليل على أن ذلك القانون يعدم المطعون ضدها أهليتها لرفع الدعوى، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن عبارة الوصية استهلت بعبارة أقمت وعينت زوجتي وارثتي الوحيدة لكل ثروتي وهذه العبارة لا تفيد الإيصاء، وفضلاً عن ذلك فإن المطعون ضدها لا تعتبر زوجة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الطاعنين لم يتمسكا بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ومن ثم لا يجوز لهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق