جلسة 11 من فبراير سنة 1986
برئاسة السيد المستشار: محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: هاشم محمد قراعه نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد وحسين محمد حسن.
-----------------
(46)
الطعن رقم 5 لسنة 55 قضائية "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية "نسب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التناقض في دعوى النسب عفو مغتفر. لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة وفي استخلاص الواقع منها.
(2) أحوال شخصية "الإثبات: الشهادة"
شهادة المرأتين. العلة من اشتراط سماعهما مجتمعتين. لا تتوافر إلا إذا جاءت أقوالها غير متطابقة. مؤدى ذلك. إذا اتفقت أقوالهما كان موجب عدم التفريق منتفياً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 401 لسنة 1980 كلي أحوال شخصية الزقازيق ضد الطاعن للحكم بثبوت نسب ابنتها الصغيرة ".." منه وقالت بياناً لدعواها أن الطاعن كان قد تزوجها في 1/ 4/ 1972 وحرر في 22/ 3/ 1973 وثيقة تصادق على هذا الزواج ثم طلقها في 23/ 3/ 1973 وإذ رزقت منه على فراش تلك الزوجية الصحية بالبنت المذكورة وأنكر نسبها منه فقد أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 24/ 4/ 1982 بثبوت نسب الصغيرة ".." من الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) بالاستئناف رقم 33 للسنة 25 ق المنصورة وادعى تزوير عقد التصادق على الزواج المشار إليه تأسيساً على أنه إنما تزوج المطعون عليها في 22/ 3/ 1973 ولم يتصادق معها على قيام زوجية سابقة بينهما أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق لإثبات التزوير المدعى به وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 14/ 4/ 1984 برفض ذلك الادعاء وبصحة العقد المدعى بتزويره ثم حكمت في 14/ 11/ 1984 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن المطعون عليها قررت في الدعوى رقم 347 لسنة 1973 جزئي أحوال شخصية فاقوس بولادة الصغيرة... المدعى بنسبها منه في 14/ 8/ 1972 وذكرت بمحضر الشكوى الإدارية رقم 1319 لسنة 1973 فاقوس المؤرخ في 22/ 3/ 1973 أنها ولدت هذه البنت قبل ذلك في يوم وقفة عيد الأضحى السابق مما تكون معه الولادة - وعلى أي من هذين القولين - قد جاءت لأقل من ستة أشهر من تاريخ الزواج فلا يثبت نسب هذه البنت منه شرعاً، هذا إلى نفي المطعون عليها صراحة في تلك الشكوى نسب البنت منه وإقرارها بسبق زواجها بالمدعو... في 15/ 9/ 1971 وطلاقها منه في 20/ 3/ 1972 مما يقطع بأن البنت لهذا الزوج وليست له. وإذ قضى الحكم رغم ذلك بثبوت نسبها منه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود بأن التناقض في دعوى النسب عفو مغتفر، وإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى وفي استخلاص الواقع منها، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بأن المطعون عليها أتت بالصغيرة لأكثر من ستة أشهر من زواجها من الطاعن على سند مما استخلصه سائغاً من أقوال شهود المطعون عليها ومن الوثيقة المحررة بتاريخ 22/ 3/ 1973 بالتصادق على زواجها من الطاعن الحاصل في 1/ 4/ 1972 فإن ما خلص إليه الحكم من ذلك يكون لا مخالفة فيه للمنهج الشرعي السليم ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن المحكمة استندت في قضائها بثبوت النسب إلى شهادة امرأتين سمعت كل منهما على حدة خلافاً لما توجيه الشريعة الإسلامية من سماعهما مجتمعين حتى إذا ضلت أحدهما ذكرت إحداهما الأخرى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان اشتراط بعض فقهاء الحنفية عدم التفريق بين المرأتين لدى إدلائهما بالشهادة سنده قوله تعالى في سورة البقرة "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" وكانت الآية الكريمة لم تشترط اجتماع المرأتين عند الإدلاء بالشهادة وإنما أوردت العلة في جعل شهادة المرأتين مساوية لشهادة رجل واحد، وهي أن المرأة معرضة للنسيان وأن وجود أخرى معها يعينها على التذكر، وكان مقتضى هذه العلة أن اشتراط سماع المرأتين مجتمعتين لا يكون إلا إذا جاءت أقوالهما غير متطابقة إما إذا اتفقت أقوالهما فإن موجب عدم التفريق بينهما عند الشهادة يكون منتفياً وإذا كان الثابت من محضر التحقيق الذي سمعت فيه أقوال شهود المطعون عليها أمام محكمة أول درجة أن الشاهدتين قد اتفقت أقوالهما على الوقائع المشهود بها فإن موجب عدم التفريق يكون غير متوافر ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم الصادر في 14/ 4/ 1984 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة وثيقة التصادق على الزواج إذ استند إلى أقوال شاهدي المطعون عليها على الرغم من أن أياً منهما لم يشهد بأن تلك الوثيقة أعدت للتصادق على الزواج فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق، كما أنه إذ أشير إلى هذه الوثيقة في إشهاد طلاق الطاعن للمطعون عليها باعتبارها وثيقة زواج وليست وثيقة تصادق على الزواج وكان هذا دليلاً على صحة ادعائه بالتزوير فإن الحكم إذ خالف دلالة ذلك يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في شقة الأول غير صحيح ذلك أن الحكم الصادر بتاريخ 14/ 4/ 1984 لم يستند في رفض الادعاء بالتزوير وبصحة وثيقة التصادق على الزواج إلى أقوال شاهدي المطعون عليها وإنما أقام قضاءه على أن الطاعن لم يثبت ادعاءه بالتزوير وعلى أن المحكمة لا تطمئن إلى أقوال شهوده وهو مردود في شقة الثاني بأن الإشارة في وثيقة طلاق الطاعن للمطعون عليها إلى أنه تزوجها في 22/ 3/ 1973 لا يفيد بذاته تزوير وثيقة التصادق على الزواج محل الادعاء بالتزوير ومن ثم فإن النعي على الحكم بمخالفة ما لهذه الإشارة من دلالة يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق