جلسة 18 من نوفمبر سنة 1957
برياسة السيد/ حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وعثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر - المستشارين.
---------------
(247)
طعن رقم 1175 سنة 27 ق
إثبات. قرائن قضائية.
استعراف الكلب البوليسي. الاستناد إليه كقرينة في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى. صحيح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل عمداً ومع سبق الإصرار محمود عبد المجيد بأن بيت النية على القتل وعقد العزم عليه فأعد سلاحاً نارياً "بندقية" حشاها بالرصاص ثم أطلق النار عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك، وادعت بحق مدني كل من: 1 - السيدة مشتهى عقل (زوجة القتيل) و2 - أمينة مغيث الشويخي (والدته) وطلبتا القضاء لهما قِبل المتهم بمبلغ مائة جنيه تعويضاً. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد هندي عكاوي بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة وإلزامه بأن يدفع للمدعيتين بالحق المدني مائة جنيه تعويضاً والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة وقد استبعدت المحكمة ظرف سبق الإصرار. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو أن المحكمة استجوبت الطاعن دون موافقة صريحة منه أو من محاميه، وفي ذلك ما يبطل الإجراءات لمخالفته لنص المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن استجواب الطاعن تم بحضور محاميه دون اعتراض منه، وكان حق المتهم في الدفع ببطلان الإجراءات المبني على أن المحكمة استجوبته يسقط وفقاً للفقرة الأولى من المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية إذا حصل الاستجواب بحضور محاميه ولم يبدِ اعتراضاً ما، فإن ما يثيره الطاعن في الوجه الأول لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الأوجه الثاني والثالث والرابع هو أن الحكم شابه القصور وفساد الاستدلال والإخلال بحق الطاعن في الدفاع إذ دان الطاعن استناداً إلى استعراف الكلب البوليسي، مع أن هذا الاستعراف لا يعد دليلاً واعتمد الحكم في الإدانة على ما قرره الشهود من أنهم لم يجدوا الطاعن داخل مبنى الماكينة لما أحسوا بوقوع الحادث مع أن الدفاع أثبت للمحكمة أنه يمكن الدخول بواسطة التسلق من الخارج فضلاً عن أن بابها كان مفتوحاً جزئياً، وقد طلب تحقيق هذا الدفاع، ولكن المحكمة أغفلته ولم ترد عليه. كما وأن الحكم دان الطاعن بمقولة إن التقرير الطبي يؤيد التهمة، مع أن الثابت يخالف ذلك إذ وجدت طلقتان بجوار الجثة مما يقطع بأن الضارب كان واقفاً داخل مبنى الماكينة بالقرب من المجني عليه وكان مقتضى ذلك وجود نمش بارودي واحتراق حول الجروح إلا أن هذا لم يرد في التقرير الطبي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية المكونة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوت وقوع هذه الجريمة من الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وانتهى إلى القول "وحيث إنه يظهر من كل ذلك أن التهمة ثابتة قِبل المتهم ثبوتاً كافياً لا يتطرق إليه الشك من شهادة كل من محمد محمود حسان وخليفة جرجس وعلام خليفة وعلي عثمان همام والعمدة صمويل جورجي وقد تأيدت أقوالهم بما أسفرت عنه المعاينة وما أثبته تقرير الصفة التشريحية وتعرف الكلب البوليسي على المتهم بعد أن شم الطلقين الناريين اللذين وجدا بمحل الحادث". لما كان ذلك، وكان استعراف الكلب البوليسي لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى دون أن يؤخذ كدليل أساسي على ثبوت التهمة على المتهم وكان يبين من الحكم أن المحكمة إذ استندت على استعراف الكلب البوليسي على الطاعن بعد أن شم الطلقتين اللتين وجدتا بمحل الحادث إنما كان لما رأته من أنه يعزز ما شهد به الشهود وما ورد بالمعاينة وتقرير الصفة التشريحية، ولما كان لا يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الحاضر عن الطاعن طلب إلى المحكمة تحقيق ما قاله في طعنه من أنه يمكن الدخول إلى مبنى الماكينة حيث وقع الحادث بطريق التسلق، ومن ثم فليس له أن يعيب على المحكمة عدم إجابته إلى طلب لم يتقدم به، ولما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه أصيب وهو على قيد الحياة بثلاثة أعيرة نارية كل منها معمر بمقذوف واحد وأن الضارب في اتجاه قدمي المجني عليه إذا كان راقداً والثابت من المعاينة أن جثة المجني عليه وجدت مسجاة على المصطبة وتحتها دماء وأنه عثر على آثار لثلاثة ثقوب لأعيرة نارية في الحائط المجاور للجثة وعثر أسفل اثنين منها على قطعتي رصاص كما عثر على طلقة فارغة خلف البرميل المجاور للمصطبة وعلى أخرى في نهاية البرميل من الجهة الغربية القبلية على بعد حوالي نصف متر للجهة البحرية من مستوى نهاية الجثة مما مفاده أن ما ورد بتقرير الصفة التشريحية يؤيد ما ورد بالمعاينة كما يؤيد تصوير الواقعة على الوجه الذي استخلصته المحكمة، لما كان كل ما تقدم، وكان ما يثيره الطاعن في هذه الأوجه من الطعن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق