جلسة 14 من مايو سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة، محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع المستشارين.
------------------
(65)
الطعن رقم 92 لسنة 25 القضائية
(أ) شفعة "إجراءات الشفعة" "إظهار الرغبة".
نص المادة 940 مدني لم يقصد به أن يجعل من الإنذار الرسمي الذي يوجهه البائع أو المشتري إلى الشفيع عرضاً ينعقد بموجبه عقد بين المشتري والشفيع. مراد الشارع القضاء على كافة ضروب المنازعات التي كانت تثور في شأن علم الشفيع بالبيع المثبت للشفعة واتخاذ هذا التاريخ بدءاً لتحديد المدة المقررة لسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة أو لافتتاح إجراءاتها. التراضي المنتج لأثره هو الذي يتم بقبول المشتري بعد إبداء الشفيع رغبته في الشفعة.
(ب، جـ) شفعة "آثار الشفعة".
(ب) عدم صيرورة العين المشفوع فيها إلى ملك الشفيع إلا بعد الحكم النهائي. م 944 مدني جديد لم تستحدث جديداً. مطابقتها للمادة 18 من قانون الشفعة. ما ورد بالمادة 942/ 2 مدني جديد لم يقصد به تغيير الوضع. لا ينم عن رغبة المشرع في العدول إلى الرأي القائل بارتداد ملكية الشفيع إلى وقت إتمام إجراءات المطالبة بالشفعة. لا محل للقول باستحقاق الريع من تاريخ إيداع الثمن ما دام أن حق الشفيع في العين لا يستقر إلا بصدور الحكم له بالشفعة.
(ج) تماثل نص م 945 مدني جديد ونص م 13 من ق الشفعة. النص لا يفيد اعتبار الشفيع الذي حكم له بطلباته حالاً محل المشتري في الريع منذ قيام الطلب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن ومحمود السيد حسنين لهيطة وفهيم بشاره حرفوش كانوا يمتلكون مثالثة فيما بينهم كامل أرض وبناء سينما مصر الواقعة بشارع سعد زغلول بمدينة بور سعيد وبموجب عقد بيع ابتدائي محرر في 11 من نوفمبر سنة 1950 باع شريكا الطاعن حصتهما في السينما أي 16 قيراطاً من 24 قيراطاً إلى المطعون عليهم الثلاثة الأولين بثمن مقداره 8666 جنيهاً و666 مليماً دفع منه 2000 جنيه واشترط دفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي الذي حرر ثم سجل في 16/ 12/ 1950. وفي 7 من ديسمبر سنة 1950 أعلن المشترون الطاعن رسمياً بالشراء وبشروطه ودعواه إلى إبداء رغبته في أخذ العقار بالشفعة إن كان له حق فيها مع دفع الثمن وكافة المصروفات، فرد عليهم رسمياً في 20 من ديسمبر سنة 1950 بأنه شريك بحق الثلث في العقار وأنه يرغب الأخذ بالشفعة مقابل دفع المبلغ المعجل إلى المشترين والمؤجل إلى البائعين مضافاً إليه الملحقات القانونية بعد إثباتها قانوناً.
وفي 16 من يناير سنة 1951 أودع الطاعن "خزانة محكمة بور سعيد مبلغ 9366 جنيهاً و666 مليماً من ذلك 8666 جنيهاً و666 مليماً قيمة الثمن و700 جنيه لحساب المصاريف. وفي 17 من يناير سنة 1951 أعلن دعواه بالشفعة إلى البائعين والمشترين وقيدت برقم 18 سنة 1951 كلي بور سعيد فدفعها المشترون بسقوط حق الشفيع "الطاعن" في الأخذ بالشفعة لسببين الأول - أنه تنازل عن الشفعة ضمناً بعد أن أبدى رغبته. - الثاني - أن الإيداع جاء ناقصاً إذ لم يودع كامل الثمن والمصاريف. وفي 21 من نوفمبر سنة 1951 حكمت محكمة بور سعيد الابتدائية - أولاً - برفض الدفعين وقبول الدعوى - ثانياً - بأحقية المدعي "الطاعن" في التملك بطريق الشفعة للثلثين على الشيوع أي 16 قيراطاً من 24 قيراطاً في العقار المبينة حدوده بالعريضة في نظير الثمن وقدره 8666 جنيهاً و666 مليماً والملحقات ومقدارها 1099 جنيهاً مع إلزام المشترين بالمصروفات و10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وبتاريخ 18 من يونيه سنة 1951 استصدر المطعون عليهم الثلاثة الأولون أمراً بالحجز على المطعون عليهما الأخيرين وأقاموا عليهما الدعوى رقم 269 سنة 1951 كلي بور سعيد بطلب إلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ 770 جنيهاً قيمة نصيبهم بحق الثلثين في الإيجار المتأخر عن السينما من أول ديسمبر سنة 1950 إلى أخر يونيه سنة 1951 مع ما يستجد من الإيجار من أول يوليه سنة 1951 لغاية السداد بواقع الإيجار الشهري 110 جنيهاً عن حصتهم وتثبيت الحجز التحفظي تأسيساً على أن المطعون عليهما الأخيرين استأجرا السينما بإيجار سنوي مقداره 1980 جنيهاً أي بواقع 165 جنيهاً شهرياً وذلك بعقد إيجار مؤرخ 27/ 8/ 1948 وأن البائعين محمود لهيطه وفهيم حرفوش" تنازلا للمدعين "المشترين" عن عقد الإيجار فيما يختص بحصتها المبيعة لهم أي الثلثين وأصبح من حقهم اقتضاء الإيجار المناسب لها. ثم عدل المدعون طلباتهم إلى مبلغ 1760 جنيهاً على أساس استحقاقه الأجرة لهم ابتداء من أول ديسمبر سنة 1950 تاريخ التنازل عن عقد الإيجار إلى أخر مارس سنة 1952 وبتاريخ 24 من مارس سنة 1952 أدخل المستأجران "المطعون عليهما الأخيران" الشفيع "الطاعن" خصماً في الدعوى فطلب الحكم أولاً - بقبوله متدخلاً في الدعوى منضماً للمدعى عليهما في طلباتهما. ثانياً - رفض دعوى المدعين. ثالثاً - إلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 1200 جنيهاً وما يستجد لغاية التنفيذ - مستنداً في طلباته إلى القول بأن الريع من حقه دون المشترين لأن حكم الشفعة مقرر للملكية وليس منشئاً لها. وبتاريخ 14 من مارس سنة 1953 قضت محكمة أول درجة أولاً - في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليهما مصطفى محمد البنا وأحمد محمد النجاري "المطعون عليهما الأخيرين" بأن يدفعا متضامنين للمدعين "المطعون عليهم الثلاثة الأولين" مبلغ 1760 جنيهاً والمصروفات المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.... ثانياً - في الدعوى الفرعية المرفوعة من عبد الرحيم يزدي "الطاعن" برفضها مع إلزام رافعها بمصروفاتها ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعين. وبصحيفة معلنة في 5/ 5/ 1953 استأنف عبد الرحيم يزدي هذا الحكم بالاستئناف رقم 125 سنة 5 ق المنصورة وطلب قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1954 قضت محكمة استئناف المنصورة حضورياً في الاستئناف المذكور بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف "الطاعن" بالمصروفات و500 قرش ومقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم الثلاثة الأولين، فطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من مارس سنة 1959 وأصر الحاضر عن الطاعن على طلباته وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة محددة لنظره جلسة 23 من إبريل سنة 1959 وفيها أصر الطاعن على طلباته وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، ولم يحضر أحد عن المطعون عليهم ولم يبد دفاعاً في الطعن.
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان يستوجب نقضه إذ أغفل إجراء جوهرياً من إجراءات الدعوى هو تلاوة تقرير التلخيص الاستئنافي بالجلسة قبل بدء المرافعة. وقد خلت محاضر الجلسات والحكم المطعون فيه من أية إشارة إلى وضع تقرير التلخيص أو إلى تلاوته بالجلسة.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - بأن المشرع وإن كان قد أوجب في المادتين 116 و416 من قانون المرافعات وضع تقرير تلخيص استئنافي وأن يتلى هذا التقرير في الجلسة قبل بدء المرافعة إلا أنه يتعين أن يقوم الدليل من واقع ملف الدعوى ومحاضر الجلسات التي أعدت لإثبات ما يجرى فيها على أن المحكمة لم تتبع أحكام القانون في خصوص هذين الإجراءين. ولما كان خلو الحكم من إثبات حصولهما لا يدل بذاته على أن المحكمة قد أغفلتهما وكان الطاعن لم يقدم شهادة رسمية من واقع ملف الدعوى دالة على خلوه من إيداع تقرير التلخيص الاستئنافي أو صوراً رسمية من محاضر الجلسات التي نظرت فيها الدعوى للتحقق من عدم تلاوة التقرير قبل بدء المرافعة في حالة وضعه وإيداعه تأييداً لهذا السبب من الطعن فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته لأحكام المواد 89، 90، 91، 102 من القانون المدني ولمقتضى تمام الشفعة بالتراضي، وفي بيان ذلك يقول إن الشفعة كما تتقرر قضاء فإنها تتقرر رضاء وفي هذه الحالة لا يعتبر الحكم هو سند الشفيع وإنما يعتبر سندها العقد ولو تراجع المشفوع منه فيما ارتضاه واضطر الشفيع إلى رفع دعوى الشفعة بإلزامه بما قبله، وبذلك يكون ريع العين المشفوع فيها من حق الشفيع من وقت إيداع الثمن إلى وقت صدور الحكم النهائي بالشفعة وليس من حق المشفوع منه. وفي الدعوى الحالية أعلن المطعون عليهم الثلاثة الأولون "المشترون" الطاعن "الشفيع" بالشراء وعرضوا عليه أن يشفع في ظرف خمسة عشر يوماً فأعلنهم في الميعاد بقبول الشفعة فتمت الشفعة رضاء إلا أنهم نكلوا بعد ذلك عن التنفيذ مما اضطر معه إلى رفع الدعوى ضدهم والحكم المطعون فيه مع تسليمه من حيث الواقع بأن عرض المشفوع منهم صادفه قبول من الشفيع إلا أنه قضى لهم بالريع بمقولة أن الإيجاب والقبول لم يكونا صادرين ذاتياً، وبذلك أخرج الحكم عقد الشفعة عن حكم سائر العقود فخالف أحكام المواد 89، 90، 91، 102 من القانون المدني التي تقضي بأن العقد ينعقد بمجرد أن يتبادل طرفاه التعبير عن إرادتين متطابقتين وأن الحكم الذي يصدر بعد نكول من وعد بإبرام العقد يقوم مقام العقد متى حاز الحكم قوة الشيء المقضي به. كما أن الحكم الذي يصدر في الدعوى التي يرفعها الشفيع لا يعتبر سنداً لملكيته إلا في الحالة التي لا تتم فيها الشفعة رضاء. ولم يلزم القانون المشتري بأن يعلن الشفيع للأخذ بالشفعة مما لا يمكن معه القول بأن عرض المشتري لم يكن ذاتياً أو لم يكن صادراً عن إرادة حرة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه فيما يختص بما أثاره المستأنف من أن إنذار المستأنف عليهم بالشفعة وقبول هذا الأخير يولد إيجاباً صادفه قبول انعقد به عقد بالتراضي على الشفعة يجعل الحكم الصادر فيها في مقام العقد - هذا القول محله أن يكون الإيجاب والقبول صادرين ذاتياً أما هنا فالأمر يختلف لأن إنذار المستأنف عليهم الثلاثة الأول للمستأنف لم يكن منبعثاً عن رغبة حرة من المستأنف عليهم المذكورين في عرض الصفقة على المستأنف.. على أن المادة 940 من قانون الشفعة الخاصة بإنذار الشفيع بحصول البيع ورد الشفيع لم ترد في القانون ليكون لها أثر الإيجاب والقبول بل كان ورودها لحسم الإشكالات التي تنشأ عن إثبات العلم..." وهذا الذي قرره الحكم في شطره الأخير لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 940 من القانون المدني الجديد على أن "يعلن الشفيع رغبته في الشفعة إلى كل من البائع والمشتري في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع والمشتري وإلا سقط حقه" لم يقصد أن يجعل من هذا الإنذار عرضاً ينعقد بموجبه عقد بين المشتري والشفيع يلتزم به الأول بنقل ملكية العين إلى الثاني إذا رد عليه بالقبول وإنما أراد المشرع أن يقضي على كافة ضروب المنازعات التي كانت تثور في شأن علم الشفيع بالبيع المثبت للشفعة وأن يتخذ من هذا التاريخ بدءاً لتحديد المدة المقررة لسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة في حالة عدم إبداء رغبته خلال تلك المدة، أو بدءاً لافتتاح إجراءات الشفعة في حالة إبداء الرغبة خلالها - أما التراضي الذي ينتج أثره في إتمام الشفعة فهو ذلك الذي يتم بقبول المشتري بعد إبداء الشفيع رغبته في الشفعة - ولما كان هذا الذي انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص كافياً لحمل قضائه فلا يعيب الحكم ما يكون قد شابه من خطأ فيما قرره من أن عرض الصفقة من جانب المشتري لم يكن عرضاً تلقائياً منبعثاً عن إرادة حرة وإنما كان تكليفاً أوجبه القانون.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض هذا السبب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام المواد 458، 459، 945 من القانون المدني - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المادة 945 من القانون المدني تنص على أن الشفيع يصبح في مركز المشتري له حقوقه وعليه التزاماته، وأن المادة 458/ 2 جعلت ثمرة المبيع للمشتري من وقت تمام البيع ولا يرد على هذا الحق أي قيد سوى قيام المشتري بالوفاء بالثمن المستحق الأداء وفقاً لنص المادة 459 مدني. فلم يربط القانون بهذه المواد بين استحقاق الثمرة وبين انتقال الملكية والتسجيل. وفي ظل قانون الشفعة القديم لم يكن الثمن حال الأداء مستحق الدفع إلا بعد صدور الحكم بالشفعة ولهذا السبب لم يكن الشفيع يستحق الثمار قبل الحكم الذي يصدر نهائياً بالشفعة ولو قام بعرض الثمن وإيداعه أما وقد جعل القانون المدني الجديد الثمن واجب الأداء وألزم الشفيع بإيداعه فإن مؤدى ذلك أن يتغير الوضع تبعاً لتغير التنظيم التشريعي ويصبح الانتفاع بالثمرات من حق الشفيع من وقت إيداعه الثمن بغض النظر عما قاله الحكم من أن ذلك يؤدي إلى اضطراب في المعاملات بسبب ما قد يطرأ على الدعوى من تطاول الزمن. لأن هذا التطاول إنما يرجع في حقيقته إلى المشتري ورغبته في المماطلة وكسب الوقت ولا يصح أن يستفيد من هذه المماطلة ولا أن يضيع حقاً ثابتاً للشفيع بنص القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه فيما يختص بتملك الشفيع للثمار ومنها أجرة العقار المبيع تبعاً لتملكه العقار نفسه كانت محل خلاف في القانون القديم انحسم بحكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 31 أكتوبر سنة 1946 الذي انتهى إلى القول بأن العين المشفوعة لا تصير إلى ملك الشفيع في غير حالة التراضي إلا بالحكم النهائي القاضي بالشفعة فإن دعوى الشفيع بريع هذه العين عن المدة السابقة على هذا الحكم تكون دعوى لا سند لها من القانون.... وحيث إنه لا يغير من صحة هذا النظر ما أضافه القانون المدني الجديد من لزوم إيداع الثمن في حين أن هذا لم يكن مشروطاً في القانون القديم لأن إيداع الثمن ليس لازماً في القانون الجديد ليكون أثره ترتيب حقوق لم يرتبها القانون القديم - على أن القانون الجديد استلزم إيداع الثمن كمظهر فقط من مظاهر تقييد حق الشفعة.... ومن ثم فلا يمكن أن يستخلص من إلزام الشفيع بدفع الثمن أن القانون الجديد قد اكسبه الحق في الثمار الذي لم يكن له تحت سلطان القانون القديم" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن المشرع عندما نظم أحكام الشفعة في التقنين المدني الجديد انتهى إلى ترك الأمر في تحديد تاريخ بدء ملكية الشفيع إلى ما كان عليه الحكم قبل صدور هذا التشريع فجاء نص المادة 944 منه مطابقاً في هذا الصدد لنص المادة 18 من قانون الشفعة القديم التي كانت تنص على أن "الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع" ومؤدى هذا ألا يصير المشفوع إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم أما ما أورده القانون في المادة 942/ 2 من إلزام الشفيع بإيداع الثمن خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة فلم يقصد به تغيير الوضع وهو لا ينم عن رغبة المشرع في العدول إلى رأي القائلين بارتداد ملكية الشفيع إلى وقت إتمام إجراءات المطالبة بالشفعة وإنما كان ذلك تمشياً مع اتجاهه في التضييق من حق الشفعة وضماناً لجدية طلبها وطالما أن حق الشفيع في العين المشفوع فيها لا يستقر إلا بصدور الحكم له في الشفعة فلا محل للقول باستحقاقه للريع ابتداء من تاريخ إيداع الثمن - أما النص في المادة 945 من القانون المدني الجديد على حلول الشفيع محل المشتري في حقوقه والتزاماته بالنسبة إلى البائع فهو نص لم يستحدث حكماً جديداً بل هو مماثل لنص المادة 13 من قانون الشفعة القديم وهو لا يفيد اعتبار الشفيع الذي حكم له بطلبه حالاً محل المشتري في الريع منذ قيام الطلب - إذ اعتباره كذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يجوز إلا على تقدير أثر رجعي لحلوله محل المشتري الأمر الذي يتنافى مع ما هو مقرر من أن حكم الشفعة منشئ لا مقرر لحق الشفيع مما يمتنع معه القول بحلوله محل المشتري قبل الحكم نهائياً بالشفعة وإذ كان من آثار عقد البيع نقل منفعة المبيع إلى المشتري - المشفوع منه - فإن ثمرته تكون له من تاريخ إبرام البيع ما لم يوجد اتفاق مخالف - ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى تقرير حق المشتري في ريع العين المشفوعة من تاريخ تنازل البائعين لهم من عقد إيجارها حتى صدور حكم نهائي بالشفعة لصالح الشفيع فإنه لا يكون قد أخطأ تطبيق القانون مما يتعين معه رفض هذا السبب.
ومن حيث إنه يبين من جميع ما تقدم أن الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق