الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 يوليو 2023

الطعن 873 لسنة 4 ق جلسة 14 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 71 ص 550

جلسة 14 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(71)

القضية رقم 873 لسنة 4 القضائية

موظف - تقرير سنوي - تقدير درجة المواظبة 

- مسألة تقديرية متروكة للجهة الإدارية - عدم كفاية دفاتر الحضور والانصراف في هذا الشأن - أساس ذلك.

---------------
إن كشوف الحضور والانصراف ليست وحدها الوعاء الذي يكشف عن درجة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله فقد يكون الموظف مواظباً على التوقيع في دفاتر الحضور والانصراف في المواعيد المقررة تماماً ومع ذلك فهو كثير التغيب عن عمله كأن يوقع في دفتر الحضور في الموعد المحدد ثم لا يلبث أن يغادر مكتبه في أثناء ساعات العمل ولذلك كانت مسألة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله مسألة تقديرية متروكة للجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فهي الرقيبة عليه في حضوره وانصرافه وفي بقائه في عمله وغيبته عنه بحيث تستطيع الحكم على مدى مواظبته أو عدم مواظبته ولا غناء عن ذلك في دفاتر الحضور والانصراف وحدها.


إجراءات الطعن

في 18 من أبريل سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 873 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية والبحرية بجلسة 22 من يونيه سنة 1958 في الدعوى رقم 686 لسنة 2 قضائية المقامة من محمود محمد قنصوه ضد وزارة الأشغال العمومية والقاضي بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون موظفي ومستخدمي مصلحة المساحة بتاريخ 28 من أبريل سنة 1955 فيما تضمنه من تأجيل منح المدعي العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1955 سنة واحدة وما يترتب على ذلك من آثار وطلب السيد/ رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 31 من أغسطس سنة 1958 وإلى المدعي في 2 من سبتمبر سنة 1958 وعرض على دائرة فحص الطعون بجلسة 23 من يناير سنة 1960 - فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 12 من مارس سنة 1960 وفي أثناء نظر الدعوى انتقل المدعي إلى رحمة الله فقررت المحكمة التأجيل لإدخال ورثته في الدعوى ثم قررت المحكمة بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1960 إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 686 لسنة 2 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية والبحرية ضد وزارة الأشغال العمومية طلب فيها الحكم بتسوية حالته باعتبار راتبه الشهري 29 جنيهاً ابتداء من أول مايو سنة 1955 على أساس أحقيته للعلاوة السنوية البالغ قدرها جنيهان شهرياً اعتباراً من هذا التاريخ وقال شرحاً لدعواه أنه التحق بخدمة مصلحة المساحة في سنة 1924 بوظيفة رسام ومنح الدرجة الثامنة الفنية في سنة 1927 بعد أن حصل على دبلوم المساحة وتدرج في الخدمة إلى أن رقي إلى الدرجة الخامسة ووصل مرتبه بها إلى 27 جنيهاً شهرياً وذلك بعد تسوية حالته وفقاً لقانون المعادلات وظل طوال مدة خدمته يؤدي عمله على أكمل وجه حائزاً لرضاء المصلحة وتقديرها، وأخر منصب شغله ومازال يشغله هو رئيس مكتب المسطحات بهندسة القاهرة. وفي أول مايو سنة 1955 اجتمعت لجنة شئون الموظفين وقررت تأجيل العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة فتظلم من هذا القرار في 10 من مايو سنة 1955 وأخيراً في 4 من أغسطس سنة 1955 وصله خطاب من رئيس قلم المستخدمين بأن تظلمه قد رفض وأن المصلحة تصر على رأيها من تأجيل العلاوة الدورية وذلك بسبب ما جاء في التقرير السنوي القديم المقدم عنه عن سنة 1954 من أنه "ضعيف في كفاية العمل" وقال الطالب أن التقرير الذي اتخذته لجنة شئون الموظفين أساساً لتأجيل العلاوة باطل لأنه مشوب بسوء استعمال السلطة وينطوي على افتئات صارخ على كفاية المدعي ذلك أن جميع التقارير السنوية السابقة تضمنت ثناء جماً عليه وإشادة بكفايته وتوصيات بترقيته ومن غير المفهوم كيف تنقلب فجأة هذه الكفاية الممتازة إلى ضعف في أداء العمل وأن واضع التقرير لم يؤيد رأيه التعسفي الجائر بأي دليل على أن المدعي أبدى تقصيراً في أي عمل أسند إليه ولا يكفي أن يقول الرئيس عنوة واقتداراً أن المدعي ضعيف في عمله حتى يؤخذ برأيه وأن نظرة عاجلة على ملف خدمة المدعي تدحض ما جاء في التقرير ذلك أن المدعي لم يوقع عليه أي جزاء خلال الثلاثين عاماً التي قضاها في الخدمة واستمر يمنح علاواته الدورية في مواعيدها ويرقى من درجة إلى درجة لكفايته ولم ينسب إليه في أي وقت خطأ أو تقصير أو إهمال وبذلك يكون ما تضمنه هذا التقرير من انتقاص لكفايته مخالفاً للواقع مشوباً بالبطلان لسوء استعمال السلطة - وقد ردت مصلحة المساحة على الدعوى بأن موضوع منح المدعي العلاوة الدورية التي استحقت له في أول مايو سنة 1955 عرض على لجنة شئون الموظفين بالمصلحة فقررت في 28 من أبريل سنة 1955 تأجيل منحه العلاوة لمدة سنة واحدة لحصوله على درجة ضعيف في كفاية العمل بالتقرير السنوي المقدم عنه عن سنة 1954 وأنه وفقاً للمادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يقدم التقرير السنوي عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ويعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجل التقرير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا كان للجنة تقدير الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً. وقالت المصلحة أن جميع هذه الإجراءات قد اتبعت مع المدعي وأرسلت المصلحة ملف خدمة المدعي والتقرير الذي كان سبباً في تأجيل علاوته وصورة من محضر لجنة شئون الموظفين وكذلك التقرير المقدم عنه عن سنة 1953 ويوميات المدعي عن سنتي 1953، 1954 وقد تبين من التقرير المقدم عن سنة 1954 أن المجموع الكلي للدرجات التي حصل عليها المدعي حسب تقدير رئيسه المباشر 47 درجة فقام المدير المحلي بتخفيضها حتى أصبح مجموعها الكلي 39 درجة وكان مما تناوله المدير المحلي بالتخفيض درجة التأخير فقد كانت حسب تقدير الرئيس المباشر 3 درجات وهي النهاية العظمى فخفضها المدير المحلي إلى درجتين ولذلك أثير موضوع ما إذا كان المدعي قد حصل منه تأخير يبرر هذا التخفيض أو أنه لم يتأخر أبداً ومن ثم فيكون مستحقاً للحد الأقصى وهو 3 درجات وقد ردت المصلحة على ذلك بأنه لا توجد للمدعي تأخيرات في كشوف الحضور والانصراف وأبانت المصلحة أن التأخير لا يبنى على كشوف الحضور والانصراف فحسب ولكنه يبنى عليها وعلى الأجازات التي يحصل عليها الموظف، ذلك أنه من المبادئ المقررة أن غيرة الموظف على عمله ينبئ عنها مدى استعماله لحقوقه في الأجازات الاعتيادية أو المرضية أو العرضية في ظروفها الملائمة أو في مواسم العمل التي قد تدعو الموظف إلى إيثار الصالح العام على تمتعه بهذا الحق وأضافت المصلحة أن المدعي خلال سنة 1954 حصل على 31 يوماً أجازة اعتيادية وعلى 55 يوماً أجازة مرضية على ثلاث دفعات وعلى 7 أيام أجازة عرضية. وانتهت المصلحة إلى أن استعمال المدعي حقه في الحصول على أجازات كثيرة في مواسم العمل كان له أكبر الأثر في انتقاص درجات التأخير إلى 2 بدلاً من 3 درجات - وفي 22 من يونيه سنة 1958 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه وهو يقضي بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون موظفي ومستخدمي مصلحة المساحة بتاريخ 28 من أبريل سنة 1955 فيما تضمنه من تأجيل منح المدعي العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1955 سنة واحدة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان الأصل أن تقدير كفاية الموظف من الملاءمات التقديرية التي ترجع إلى مطلق اختصاص الإدارة حسب ما تراه محققاً لصالح العمل دون معقب عليها من القضاء ما دام تقديرها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة، إلا أن هذه الرخصة تجد حدها الطبيعي في حالة ما إذا كان يتعين تقدير الدرجة اللازمة لأحد العناصر الواردة بالتقرير على أساس أصل ثابت بالأوراق، فبالنسبة لعنصر التأخير ينبغي لوضع الدرجة في الخانة المخصصة له الرجوع إلى كشوف الحضور والانصراف لمعرفة ما إذا كان الموظف قد تأخر في الحضور للعمل أم لم يتأخر وفي الحالة الأولى يكون للإدارة مطلق الحرية في تقدير الدرجة الأولى التي تراها دون رقابة عليها من القضاء أما في الحالة الثانية فإنه إذا ثبت أن الموظف لم يتأخر طوال السنة فلا محل للالتجاء إلى التقدير ولا معدي من إعطائه النهاية العظمى المقررة لهذا العنصر إذ تنعدم في هذه الحالة سلطة الإدارة في التقدير، فإذا هي لجأت رغم ذلك إلى وضع درجة تقل عن النهاية العظمى فإنها تكون قد انتهت إلى نتيجة منتزعة من غير أصول ثابتة ويكون تقديرها مخالفاً للقانون ومن ثم يسوغ للقضاء بما له من حق الرقابة القانونية أن يراقب صحة قيام الوقائع التي أدت إلى تخفيض التقدير عن النهاية العظمى. وما دام لا يوجد تأخيرات للمدعي في كشوف الحضور والانصراف خلال عام 1954 فإنه كان يتعين منحه النهاية العظمى المقررة للتأخير وهي 3 درجات خصوصاً وأن رئيسه المباشر وهو أقدر من سواه على تقدير سلوك المدعي قد منحه النهاية العظمى. وإذ كانت لجنة شئون الموظفين قد انساقت وراء المدير المحلي الأمر الذي ترتب عليه حصول المدعي على 39 درجة واعتباره ضعيفاً فإن هذا التقرير يكون قد صدر معيباً، وما دام أنه لم يثبت أن المدعي تأخر في سنة 1954 فإنه يستحق 3 درجات في خانة التأخير بدلاً من درجتين وبذلك يكون مجموع درجاته 40 بدلاً من 39 وبهذا لا يعتبر ضعيفاً، وأما ما تقول به الوزارة من أن المدعي استنفذ جميع أجازاته الاعتيادية والمرضية والعرضية مما كان له أثر في إنقاص درجة التأخير فهذا القول مردود بأن المدعي لم يتجاوز الأجازات المقررة له قانوناً - وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات. وقد استند الطعن إلى أن منح العلاوة الاعتيادية رهين بقيام الموظف بعمه بكفاية، وناط القانون بلجنة شئون الموظفين تقدير درجة هذه الكفاية وترك لها حرية واسعة في العناصر التي تستقي منها هذا التقدير ولم يقيدها بالتقرير السنوي الذي يقدم عن الموظف فحسب بحيث يصبح المصدر الوحيد الذي تستمد منه تقديرها وإنما جعله عنصراً تستهدي به إلى جانب ما يقوم لديها من عناصر أخرى، فإذا كانت لجنة شئون الموظفين قررت تأجيل علاوة المدعي نظراً لحصوله على درجة ضعيف في كفاية العمل، فإن قرارها لا يمكن حمله على أن درجة التقدير في التقرير السنوي لسنة 1954 هي السبب الوحيد لهذا القرار.
وجاء في صحيفة الطعن أيضاً أن التقديرات في التقرير السنوي عن الموظف هي جميعاً بما فيها عنصرا الغياب والتأخير تقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل له لمناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة وليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه، وأنه لا وجه لما اعتنقه الحكم المطعون فيه من أن الرخصة التي خولها القانون للإدارة في تقدير كفاية الموظف تجد حدها الطبيعي في حالة ما إذا كان يتعين تقدير الدرجة اللازمة لأحد العناصر الواردة بالتقرير على أساس أصل ثابت بالأوراق كما هو الشأن بالنسبة لعنصر التأخير، لا وجه لذلك لأن جميع عناصر التقدير بما فيها العنصر المشار إليه لم يرسم القانون في شأنها طريقاً معيناً تلتزم به الإدارة بحيث يكون هو المصدر الوحيد الذي تستقي منه تقديرها ولا يسوغ لها الخروج عليه وإلا كان تقديرها مخالفاً للقانون، وعلى هذا المقتضى ليست كشوف الحضور والانصراف هي وحدها المعول عليه في تقدير عنصر التأخير، إذ قد يستفاد هذا التأخير من تصرفات أخرى للموظف ولا سبيل للقضاء إلى مناقشتها والتعقيب عليها.
ومن حيث إن كشوف الحضور والانصراف ليست وحدها الوعاء الذي يكشف عن درجة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله، فقد يكون الموظف مواظباً على التوقيع في دفاتر الحضور والانصراف في المواعيد المقررة تماماً ومع ذلك فهو كثير التغيب عن عمله، كأن يوقع في دفتر الحضور في الموعد المحدد ثم لا يلبث أن يغادر مكتبه في أثناء ساعات العمل ولذلك كانت مسألة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله مسألة تقديرية متروكة للجهة الإدارة التي يتبعها الموظف، فهي الرقيبة عليه في حضوره وانصرافه وفي بقائه في عمله وغيبته عنه، بحيث تستطيع الحكم على مدى مواظبته أو عدم مواظبته ولا غناء عن ذلك في دفاتر الحضور وانصراف وحدها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه، وبرفض الدعوى مع إلزام ورثة المدعي بالمصروفات من تركة المرحوم مورثهم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت ورثة المدعي من تركة مورثهم المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق