جلسة 26 من مارس سنة 1968
برياسة السيد المستشار بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.
-------------------
(90)
الطعن رقم 356 لسنة 33 القضائية
(أ) إثبات. "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. حقها في رفض طلب تعيين خبير مرجح أو مناقشة الخبير متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "أوراق رسمية". تزوير.
المحكمة غير ملزمة بأن تقبل للمضاهاة كل ورقة رسمية لم يثبت تزويرها متى وجدت في بعض الأوراق الصالحة للمضاهاة ما يكفي لإجرائها.
(ج) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "أوراق عرفية". "أوراق مضاهاة". تزوير.
الأوراق العرفية. مناط قبولها للمضاهاة أن يحصل اتفاق الخصوم عليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين استصدرتا من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 12/ 9/ 1954 أمراً بإلزام مورث المطعون عليهم بأن يؤدي إليهما مبلغ 15705 ج بناء على سند إذني مؤرخ 7/ 3/ 1953 منسوب صدوره منه ويستحق الوفاء وقت الطلب. عارض مورث المطعون عليهم في هذا الأمر وقيدت المعارضة برقم 3666 سنة 1954 مدني كلي القاهرة، وقرر بالطعن في السند بالتزوير لأنه لم يصدر منه. قضت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لبيان ما إذا كان التوقيع على السند المطعون فيه صادراً من مورث المطعون عليهم أو مزوراً عليه فقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيع لم يصدر من مورث المطعون عليهم وقدمت الطاعنتان تقريراً من خبير استشاري خلص فيه إلى أن التوقيع صحيح، فندبت المحكمة رئيس قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لأداء ذات المأمورية وقدم رئيس القسم تقريراً بأن التوقيع على السند المطعون فيه مزور على مورث المطعون عليهم. وعاد الخبير الاستشاري وقدم ملحقاً لتقريره صمم فيه على رأيه السابق - وبتاريخ 29/ 10/ 1958 قضت محكمة أول درجة برد وبطلان السند الإذني المطعون فيه بالتزوير وإلغاء أمر الأداء المعارض فيه ورفض دعوى الطاعنتين، فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 175 سنة 76 ق، وبتاريخ 27/ 6/ 1963 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فقررت الطاعنتان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنتان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقولان إنهما طعنتا على تقريري خبيري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بأن الخبيرين لم يقبلا للمضاهاة توقيعات على أوراق عرفية هي خطابات صادرة من مورث المطعون عليهم حرر في خصوصها أنه لا يذكر صدورها منه ولم يجريا المضاهاة على إقرارين بملف خدمة المورث بوزارة الصحة بقيامه بالإجازة السنوية والعودة منها وهما من المحررات الرسمية التي تقبل للمضاهاة كما طعنتا بأن مقدمات هذين التقريرين لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الخبيران إذ أثبتا أن التوقيعات التي استكتبها الخبير الأول بقسم أبحاث التزييف والتزوير لمورث المطعون عليهما والتي اتخذ منها هذا الخبير ورئيس قسم أبحاث التزييف والتزوير أوراقاً للمضاهاة صادرة من يد أقل ثباتاً من اليد المحررة للتوقيع المطعون فيه الأمر الذي كان ينبغي معه أن ينتهي التقريران إلى صحة التوقيع على السند المطعون فيه لا إلى أنه توقيع مزور وأضافت الطاعنتان أنهما طلبتا استناداً إلى هذه الطعون على التقريرين ندب خبير آخر في الخطوط لإجراء المضاهاة على تلك الأوراق كما طلبتا مناقشة الخبراء غير أن الحكم المطعون فيه قرر أن إقراري القيام بالإجازة السنوية والعودة منها لا يعتبران من المحررات الرسمية وأعرض عن طلب ندب خبير آخر في الخطوط لإجراء المضاهاة عليها وعلى الخطابات الصادرة من مورث المطعون عليهم كما أعرض عن طلب الطاعنتين باستدعاء الخبراء وأخذ بتقريري قسم أبحاث التزييف والتزوير.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتزوير السند المطعون فيه استناداً إلى قوله "أن تقرير قسم أبحاث التزوير بمصلحة الطب الشرعي قد بني على أسس سليمة تطمئن إليها هذه المحكمة وقد أوضح مواضع الاختلاف بين التوقيع الصحيح للمورث على أوراق الاستكتاب وأوراق المضاهاة المعترف بها والتوقيع المنسوب له على السند موضوع الدعوى وقد جاء التقرير الثاني للقسم الصادر من مديره مؤيداً التقرير الأول وترى المحكمة أن العناصر التي بني عليها التقريران كافية للقضاء بتزوير السند وأن التوقيع المنسوب للمورث لم يصدر من يد صاحبه" كما أحال الحكم المطعون فيه في قضائه بتزوير السند إلى أسباب الحكم الابتدائي التي ورد بها "أن الثابت من المستندات المقدمة من فهمي صليب (مورث المطعون عليهم) أن المعارض ضدهما (الطاعنتين) قد حصلتا على حكم في 28/ 12/ 1952 قضى بإلزامه بدفع مبلغ 2 ج قال الحكم عنه إنه ثابت بمقتضى سند إذني مستحق الوفاء في 1/ 1/ 1941 وأنه متخلف عن الوفاء به وقد بادرت المحكوم لهما (الطاعنتان) فور صدور هذا الحكم بتنفيذه جبراً على المحكوم عليه بتوقيع الحجز على منقولاته في 9 إبريل سنة 1953 حتى اقتضيتا هذا المبلغ المحكوم به في 5/ 5/ 1953 ومع قيام هذه المنازعات حول مبلغ تافه يعجز مورث المعارضين (مورث المطعون عليهم) عن أدائه ليس بمعقول أن يقوم المعارض ضدهما في وقت معاصر لهذا النزاع على إقراضه مبلغاً يزيد على الخمسة عشر ألفاً من الجنيهات" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب تعيين خبير مرجح متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب ومن القرائن الأخرى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه وكان طلب الخصوم بمناقشة الخبراء ليس حقاً يتحتم على المحكمة إجابته بل هي صاحبة السلطة في تقدير ما إذا كان هذا الإجراء منتجاً أو غير منتج في الدعوى، وإذ انتهى الحكم في أسباب سائغة على النحو السالف بيانه بعد أن بحث التقارير المقدمة في الدعوى والقرائن فيها إلى أن السند مزور فلا عليه بعد ذلك إن هو رفض طلب ندب خبير مرجح أو مناقشة الخبراء في الدعوى ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك وكانت المحكمة غير ملزمة بأن تقبل للمضاهاة كل ورقة رسمية لم يثبت تزويرها وأن لها إذا وجدت في بعض الأوراق الصالحة للمضاهاة ما يكفي لإجرائها أن تقصرها عليها وأن تستبعد الأوراق الأخرى فلا محل لتعييب الحكم إذ أطرح إقراري قيام مورث المطعون عليهم بالإجازة والعودة منها في المضاهاة أياً كان وجه الرأي في اعتبار هذين المحررين من المحررات الرسمية بعدما اكتفى الحكم بأوراق أخرى صالحة للمضاهاة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مؤثر على النتيجة التي انتهى إليها. ولما كان مؤدى نص المادة 269 من قانون المرافعات أن الأوراق العرفية لا تقبل للمضاهاة إلا إذا حصل اتفاق الخصوم عليها وإذ لم يقبل مورث المطعون عليهم الخطابات المقدمة من الطاعنتين للمضاهاة عليها فلا على المحكمة - وقد اكتفت بأوراق أخرى صالحة للمضاهاة - إن هي أطرحت الخطابات المشار إليها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد استند في قضائه بتزوير السند المطعون فيه إلى تقريري خبيري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وإلى أنه من غير المقبول أن تقرض الطاعنتان مورث المطعون عليهم هذا المبلغ الضخم على الرغم من إعسارهم إذ أنهما أقامتا دعوى المطالبة بالدين بطريق المساعدة القضائية وكانتا تداينان مورث المطعون عليهم في مبلغ تافه عجز عن أداءه لهما واتخذتا ضده إجراءات الحجز لاستيفاء هذا الدين وقد ردت الطاعنتان على ما قرره الحكم الابتدائي بأن حقيقة الأمر في الدين الثابت في السند المطعون فيه أنه لا يمثل قرضاً بل إن السند حرر مقابل حصتيهما في أموال منقولة وفي ريع العقارات المخلفة عن مورثهم جميعاً والتي كان مورث المطعون عليهم قد استولى عليها بعد وفاة مورث الطرفين غير أن الحكم المطعون فيه اقتصر في الرد على هذا الدفاع بأن مبناه الاستنتاج ولا يوازي الحقائق الملموسة في الدعوى مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول وفي أسباب سائغة إلى الأخذ بتقريري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بتزوير السند وإذ عزز الحكم ذلك بالإحالة إلى القرينتين اللتين استند إليهما الحكم الابتدائي وهما إعسار الطاعنتين بدليل رفعهما الدعوى بطريق المساعدة القضائية وقيام الخصومات بينهما وبين مورث المطعون عليهم على مبلغ ضئيل مقداره جنيهان في وقت معاصر لتاريخ السند وتوقيعهما الحجز على منقولاته من أجل هذا المبلغ في 5 مايو سنة 1953 فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أورد الدليل على الحقيقة التي اقتنع بها وفي حدود سلطته الموضوعية مما يحمل الرد على دفاع الطاعنتين في هذا الخصوص ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
(1) راجع نقض 11/ 5/ 1967 - الطعن 33 لسنة 33 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 906.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق