جلسة 31 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سابق، سعد العيسوي، أحمد صبري أسعد وجلال الدين أنس.
------------------
(277)
الطعن رقم 802 لسنة 46 القضائية
(1، 2) مسئولية "مسئولية تقصيرية".
(1) تكليف الضابط بالقوات المسلحة أحد مرؤوسيه بإصلاح سيارته الخاصة أثناء وجوده بمقر العمل. قيادة الأخير السيارة بالطريق واصطدامه بسيارة أخرى. أثره. تحقق مسئولية وزير الحربية عن الضرر باعتباره متبوعاً. علة ذلك.
(2) علاقة التبعية. وجوب أن يكون للمتبوع سلطة فعلية - طالت مدتها أو قصرت - في إصدار الأوامر للتابع بأداء عمل معين لحساب المتبوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 3334 سنة 1974 مدني كلي الإسكندرية للحكم بإلزام المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعنة الثانية مبلغ 2000 ج. وقالا بياناً لها أنه في يوم 9/ 8/ 1973 أثناء وجود الضابط المطعون عليه الثاني بالمعسكر كلف الجندي المطعون عليه الثالث بإصلاح السيارة المملوكة له، فقادها الأخير وغادر المعسكر وتسبب بخطئه في إصابة الطاعنين وفي إحداث الإتلافات بسيارة الطاعنة الثانية، وقيد عن الواقعة قضية الجنحة العسكرية رقم 466 سنة 1974 إسكندرية التي قضي فيها بإدانة المطعون عليه الثالث، ورتب الطاعنان على ذلك مسئولية المطعون عليه الثالث عن خطئه الشخصي والمطعون عليهما الأول والثاني (وزير الحربية والضابط) باعتبارهما متبوعين مسئولين عن أعمال تابعهما مرتكب الخطأ، وطلبا إلزامهم جميعاً متضامنين بالمبلغ الذي قدراه تعويضاً عن الإتلافات التي حدثت بالسيارة. وبتاريخ 22/ 5/ 1975 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه الثالث بأن يدفع للطاعنة الثانية مبلغ 1000 جنيه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعنان في هذا الحكم بالاستئناف رقم 525 سنة 31 ق إسكندرية. وفي 9/ 5/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم نفى مسئولية المطعون عليه الأول عن الخطأ الذي ارتكبه تابعه المطعون عليه الثالث استناداً إلى أن الحادث وقع من خارج نطاق وظيفته وبعيداً عن محيطها وفي وقت لم يكن قائماً بعمل من أعمالها أو مباشراً لشأن من شئونها ولم تكن الوظيفة هي السبب في وقوع الخطأ. في حين أن الثابت في واقعة الدعوى أن الوظيفة قد هيأت للمطعون عليه الثالث فرصة ارتكاب الحادث وهي ما يكفي لتحقق مسئولية المطعون عليه الأول عن أعمال تابعه. ومن ناحية أخرى فقد تمسكت الطاعنة الثانية أمام محكمة الموضوع بأن الضابط المطعون عليه الثاني إذ سلم سيارته إلى الجندي المطعون عليه الثالث لإصلاحها، يكون هذا الأخير في هذا العمل تابعاً للمطعون عليه الثاني الذي له سلطة إصدار الأوامر إليه ورقابته وتوجيهه، ولم يبحث الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ورفض اعتبار المطعون عليه الثالث تابعاً للمطعون عليه الثاني وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون المدني إذ نص في المادة 174 منه على أن "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها. وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه" قد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس، مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته، وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع "حال تأدية الوظيفة أو بسببها" لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ، أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء أكان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الثالث جندي بسلاح البحرية يعمل تحت رئاسة المطعون عليه الثاني الضابط بذات السلاح، وأن هذا الضابط أحضر السيارة المملوكة له إلى مقر عمله وسلم مفاتيحها إلى المطعون عليه الثالث وكلفه بإصلاح مقبض بابها، فقاد الأخير السيارة وغادر مقر العمل حيث اصطدم بسيارة الطاعنة الثانية، فإن وظيفة المطعون عليه الثالث لدى المطعون عليه الأول (وزير الحربية) تكون قد هيأت للمطعون عليه الثالث فرصة إتيان عمله غير المشروع، إذ لولا هذه الوظيفة وما يسرته لصاحبها من قيادة سيارة (الضابط لما وقع الحادث منه وبالصورة التي وقع بها، ويكون المطعون عليه الأول مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه المطعون عليه الثالث بعمله غير المشروع. وإذ نفى الحكم المطعون فيه مسئولية المطعون عليه الأول عن هذا الضرر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. إذ كان ذلك وكانت علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية - طالت مدتها أو قصرت - في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع، وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها، حتى ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار التابع. وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه نفى مسئولية المطعون عليه الثاني تأسيساً على عدم تبعية مرتكب الفعل الضار له، دون أن يعرض الحكم في أسبابه لما إذا كان للمطعون عليه الثاني تلك السلطة الفعلية على المطعون عليه الثالث أثناء قيامه بإصلاح السيارة أو ليس له تلك السلطة، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(1) نقض 23/ 11/ 1978 مجموعة المكتب الفني السنة 29 ص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق