جلسة 25 من يناير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
----------------
(20)
الطعن رقم 79 لسنة 33 القضائية
(أ) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "تقديم المذكرات والطلبات".
إيداع مذكرة الدفاع بعد الميعاد المحدد لذلك. عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على ما جاء بها أو الالتفات إلى طلب إعادة الدعوى للمرافعة الذي أبدى بها.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية". خبرة.
اقتناع محكمة الموضوع بعمل الخبير. ما تثيره الطاعنة بشأن عدم كفاية الدليل المستمد منه. جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم محمد إبراهيم عزوز مورث المطعون ضدهم أقام الدعوى رقم 3969 مدني كلي سنة 1956 القاهرة على الطاعنين وانتهى فيها إلى طلب الحكم بتثبيت ملكيته لنصف المنزل الموضح بالصحيفة وتسليمه إليه وقال شرحاً لدعواه إن عمته المرحومة عيوشة عزوز توفيت في سنة 1934 وانحصر إرثها فيه وفي ابنتها المرحومة نفيسة سيد فخر الدين مورثة الطاعنين وتركت ذلك المنزل. ولما كان يرث نصفه وقد تركه تحت يد ابنتها الوارثة للنصف الآخر ثم بعد وفاتها تحت يد وارثيها الطاعنين وذلك على سبيل التسامح لاستغلاله وإعطائه نصيبه في الريع، ولكنهما أهملا صيانة المنزل ثم أنكرا عليه حقه في نصفه مدعيين ملكيتهما وحدهما للمنزل جميعه فقد أقام عليهما الدعوى بطلباته سالفة الذكر. وقد أجاب الطاعنان على الدعوى بأن المرحومة السيدة عيوشه عزوز لم تكن المالكة للمنزل محل النزاع بل كان مملوكاً لزوجها المرحوم سيد فخر الدين، وإذ توفى المذكور عن زوجته عيوشه وابنته نفيسه (مورثة الطاعنين) فقد ورثت زوجته الثمن ثم تخارجت عنه وعن نصيبها في باقي تركة زوجها لابنتها نفيسة مقابل مبلغ 30 ج بمقتضى إشهاد تخارج شرعي مؤرخ 26 ربيع أول سنة 1313 هـ - ورد مورث المطعون ضدهم على ذلك بأن التخارج المذكور إنما ينصرف إلى نصيب عيوشه في تركة زوجها المرحوم سيد فخر الدين وأن المنزل محل النزاع ليس من هذه التركة وإنما هو مملوك للمرحومة عيوشه بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية - وبتاريخ 17 مايو سنة 1958 قضت محكمة الدرجة الأولى قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت مورث المطعون ضدهم بكافة الطرق القانونية أن مورثته المرحومة عيوشه عزوز كانت تملك المنزل موضوع الدعوى بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية ولينفي الطاعنان ذلك - وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شاهدي مورث المطعون ضدهم إذ لم يشهد الطاعنان أحداً قضت في 10 يناير سنة 1959 بتثبيت ملكية مورث المطعون ضدهم لنصف المنزل المبين بالصحيفة وبالتسليم. استأنف الطاعنان الحكم المذكور وقيد الاستئناف برقم 207 سنة 36 ق القاهرة. وإذ تبين لمحكمة الاستئناف أن إشهاد التخارج لم تبين فيه الأعيان التي حصل التخارج عنها فقد قدم الطاعنان للتدليل على ملكية المرحوم سيد فخر الدين للمنزل محل النزاع إعلاماً شرعياً مؤرخاً 15 من ذي القعدة سنة 1256 بوفاة المرحوم مصطفى زيدان وانحصار إرثه في زوجته خديجة إبراهيم وولدى عميه خليل إسماعيل زيدان وسيد أحمد زيدان وتركة عبارة عن منزل مبين بهذا الإشهاد، وحرر على هامشه حجة تبايع تفيد انتقال ملكية المنزل من الورثة المذكورين إلى سيد فخر الدين وهذه الحجة تاريخها أول ربيع سنة 1276 هـ - وبتاريخ 26/ 3/ 1960 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء الحكومي لمعاينة منزل النزاع وتطبيق الإعلام الشرعي المؤرخ 15 من ذي القعدة سنة 1256 هـ وحجة التبايع المؤرخة أول ربيع أول سنة 1276 هـ على المنزل المذكور لبيان هل ينطبقان عليه أم لا، وليحقق الخبير وضع اليد على المنزل ومدته وسببه، ولدى مباشرة الخبير مأموريته قدم له الطاعنان حجة تبايع شرعية مؤرخة 11 من جماد آخر سنة 1281 على أساس أنها تثبت تملك مورثهما بطريق الشراء المنزل محل النزاع، وبتاريخ 17/ 6/ 1962 أودع الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن هذه الحجة والإشهاد الشرعي المؤرخ من 15 ذي القعدة سنة 1256 هـ لا ينطبقان على المنزل محل النزاع، وبجلسة 17 نوفمبر سنة 1962 قررت محكمة الاستئناف حجز القضية للحكم فيه بجلسة 29/ 12/ 1962 مع التصريح للطاعنين بإيداع مذكرات تعقيباً على تقرير الخبير حتى 9 ديسمبر سنة 1962 - وفي التاريخ المحدد للنطق بالحكم قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - فطعن الطاعنان في قضائها بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه استند في الأخذ بتقرير الخبير إلى أنه انتقل إلى مكتب المساحة واطلع على ما به من خرائط، مع أن محضر أعمال الخبير لا يبين منه حصول هذا الانتقال، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد استند إلى ما ليس له أصل في الأوراق مما يبطله.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ أخذ بتقرير الخبير فقد استند في ذلك إلى قوله "وحيث إن الخبير المنتدب باشر مأموريته وأثبت في تقريره المؤرخ 17/ 6/ 1962 أن المنزل المذكور في الإعلام الشرعي وحجة التبايع الشرعية سالفي الذكر ليس هو المنزل محل النزاع لما تبين له من تطبيق المستندات على الطبيعة من عدم وجود حارة متفرعة من درب الكحالة في حين أنه ذكر في الإعلام الشرعي المحرر في سنة 1256 هـ - أن المنزل المشار إليه فيه هو بحارة المغاربة داخل الدرب المذكور وذكر أيضاً في الحجة أنه يقع بحارة الجارية داخل ذلك الدرب وأن الخبير قد وصل إلى هذه النتيجة بعد المعاينة ومن الرجوع إلى الخرائط التفصيلية سواء ما قدم منها بملف الدعوى وما اطلع عليه بعد انتقاله لمكتب المساحة من خرائط أخرى ممسوحة في سنة 1912 وخاصة اللوحة رقم 675 منطقة 44 - غ وهي قاطعة في عدم وجود حارة متفرعة من درب الكحالة وهذا إلى جانب ما أثبته الخبير في تقريره من أوصاف المنزل المبينة بالمستندين سالفي الذكر قد خلت من بيان مسطحاته وأطواله. وحيث إن ما أثبته الخبير على هذه الصورة فيه الرد الكافي على ما أثاره المستأنفان من التشكيك في سلامة النتيجة التي انتهى إليها في تقريره بمقولة إنه لم يطلع على الخرائط الخاصة بموقع النزاع، ولهذا ولأن الأسباب التي استند عليها الخبير توصل للنتيجة التي انتهى إليها على النحو المبين بتقريره ومحاضر أعماله فيتعين الأخذ بتقريره واعتماده" كما يبين من تقرير الخبير أنه أثبت فيه أنه "بالرجوع للطبيعة حالياً يتضح عدم وجود حارة متفرعة من درب الكحالة كما أنه بالرجوع للخرائط المساحية المقدمة بالملف والخرائط المساحية الموجودة بالمكتب والممسوحة سنة 1912 ميلادية أي منذ حوالي خمسون عاماً - لوحة رقم 675 منطقة 44 - غ - يتضح عدم وجود أي حارة متفرعة من درب الكحالة" كما يبين من تقرير الخبير أيضاً أن من بين الخرائط التي اطلع عليها خريطة مساحية قدمت إليه من الطاعنين بمحضر أعماله المؤرخ 14/ 10/ 1961 ولم يطلب منه الطاعنان الاطلاع على خرائط أخرى - ولما كان يتضح من هذا الذي أثبته الخبير في تقريره أنه اطلع على الخرائط المساحية التي أشار إليها الحكم المطعون فيه واستند إليها في قضائه فإنه يستوي بعد ذلك أن يكون الخبير قد اطلع على هذه الخرائط في مكتب المساحة أو في مكتب الخبراء إذ أن نتيجة الاطلاع لا تتغير في الحالين. ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أسند إلى الخبير أنه انتقل إلى مكتب المساحة للاطلاع على تلك الخرائط مع أنه لم ينتقل نعياً غير منتج ما دام هذا الخطأ في الإسناد غير مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن رجوع الخبير إلى خريطة حديثة لا يجدي في تطبيق مستنداتهما على منزل النزاع وهي مستندات قديمة وأنه يتعين لذلك الاستعانة في عملية التطبيق بالخرائط القديمة المعاصرة لتلك المستندات، ولكن الحكم المطعون فيه قد خلا من مناقشة هذا الدفاع وتفنيده رغم أنه أساسي في النزاع مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إنه يبين من مطالعة ملف الاستئناف المضموم أن الطاعنين أبديا الدفاع المشار إليه في سبب الطعن في المذكرة المقدمة منهما لمحكمة الاستئناف بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1962 وإذ كانت هذه المذكرة قد أودعت بعد انقضاء الميعاد الذي كانت قد حددته المحكمة المذكورة في قرارها الصادر بجلسة 17 نوفمبر سنة 1962 بحجز القضية للحكم لإيداع مذكرات من الطاعنين، إذ قد نصت المحكمة في هذا القرار على التصريح للطاعنين بإيداع مذكرات تعقيباً على تقرير الخبير حتى يوم 9 ديسمبر سنة 1962 فإن محكمة الاستئناف لا تكون ملزمة بالرد على ما جاء بهذه المذكرة المودعة بعد الميعاد المحدد لتقديم المذكرات - هذا إلى أنه لما كان الثابت من تقرير الخبير أن الطاعنين قد قدما إليه أثناء مباشرته مأموريته في يوم 14 من أكتوبر سنة 1961 خريطة مساحية لتطبيق مستنداتهما عليها ولم يطلبا منه الاطلاع على خرائط أخرى قديمة، وقد خلص الخبير من تطبيق مستندات الطاعنين على تلك الخريطة المقدمة منهما وعلى الخرائط الأخرى التي اطلع عليها ومن المعاينة التي أجراها على الطبيعة إلى الرأي الذي انتهى إليه والذي اعتمده الحكم المطعون فيه بعد أن اقتنعت المحكمة بكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وبسلامة الأسس التي بني عليها رأيه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا السبب في شأن عدم كفاية الخرائط المساحية التي اطلع عليها الخبير يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان إن تقرير الخبير أودع ملف الاستئناف في فترة العطلة الصيفية ولم يعلما بهذا الإيداع إلا في جلسة 17 نوفمبر سنة 1962 وفيها قررت المحكمة قفل باب المرافعة وحجز الاستئناف للحكم لجلسة 29 ديسمبر سنة 1962 التي أصدرت فيها حكمها المطعون فيه وأنه على الرغم من تنبيههما المحكمة إلى ما في حجز القضية للحكم من حرج لهما وأنه يستحيل عليهما الاطلاع على تقرير الخبير وتفنيده فإنها لم تلق بالاً لاعتراضهما هذا وأصرت على حجز الاستئناف للحكم ولما طلبا في مذكرتهما فتح باب المرافعة لتحقيق دفاعهما لم تستجب المحكمة إلى هذا الطلب وأصدرت حكمها ضدهما وبهذا تكون قد حرمتهما من تحقيق دفاعهما وأخلت بذلك بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك أنه يبين من مطالعة محضر جلسة 17 نوفمبر سنة 1962 الذي قررت المحكمة فيها حجز الاستئناف للحكم أن كل ما طلبه الحاضر عن الطاعنين بتلك الجلسة هو التأجيل لتقديم مذكرة تعقيباً على تقرير الخبير وورد بالمحضر بعد إثبات هذا الطلب ما يأتي "وصمم كل طرف على طلباته وطلب حجز القضية للحكم" ومفاد ذلك أن الطاعنين لم يعارضا في حجز الاستئناف للحكم على أن يمكنا من تقديم مذكرة تعقيباً على تقرير الخبير، ولما كانت المحكمة حين حجزت الاستئناف للحكم لجلسة 29 ديسمبر سنة 1962 قد صرحت للمستأنفين (الطاعنين) بتقديم مذكرات تعقيباً على تقرير الخبير في أجل غايته 9 ديسمبر سنة 1962 أي أنها منحتهما ثلاثة أسابيع لتقديم هذه المذكرات فإنها تكون قد أتاحت لهما الفرصة الكافية لإبداء دفاعهما بشأن تقرير الخبير ولم تخل بحقهما في الدفاع - لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد فوتا هذه الفرصة ولم يتقدما بمذكرتهما إلا بعد انقضاء الميعاد المحدد لتقديم مذكرتهما فإنه لا على المحكمة إذ هي لم تلتفت إلى طلب إعادة الاستئناف للمرافعة الذي أبدياه في تلك المذكرة سيما وأن الطاعنين قد قصدا من هذا الطلب على ما صرحا به في تلك المذكرة إعادة المأمورية للخبير للاطلاع على الخرائط المساحية المعمولة في سنة 1892 وهي الخرائط التي رأت المحكمة في غيرها من الخرائط التي اطلع عليها الخبير ما يكفي لتكوين عقيدتها في الدعوى على ما سلف ذكره في الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن.
(1) راجع نقض 10/ 6/ 1965 مجموعة المكتب الفني س 16 ص 760.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق