الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 18 يوليو 2023

الطعن 348 لسنة 9 ق جلسة 3 / 11 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 2 ص 7

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.

----------------

(2)

القضية رقم 348 لسنة 9 القضائية

(أ) المحكمة الإدارية العليا. "مراحل إجراءات المنازعة أمامها".
تبدأ المنازعة أمام المحكمة الإدارية العليا بطعن يرفع إليها وتنتهي بحكم يصدر منها إما من دائرة فحص الطعون المشكلة من ثلاثة من مستشاري المحكمة الإدارية العليا وإما من إحدى دوائر المحكمة المشكلة من خمسة من مستشاريها وفي أي من الحالين يعتبر حكماً صادراً من المحكمة الإدارية العليا.
إذا قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا فإن المنازعة لا تنتهي بقرار الإحالة - أثر ذلك - اعتبار إجراءات نظر المنازعة في مرحلتيها متصلة ومتكاملة - إذا شاب إجراء من الإجراءات عيب أمام دائرة فحص الطعون أمكن الدائرة الأخرى تصحيحه.
(ب) قضاء إداري. "طبيعة الإجراءات المتبعة أمامه وأساسها".
تتميز الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري بخصائص ذاتية تغاير تلك المأخوذ بها أمام محاكم القضاء العادي - الإجراءات أمام القضاء الإداري إيجابية يوجهها القاضي على خلاف الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن الخصوم على تسيير الجانب الأكبر منها - قيام نظام القضاء الإداري أساساً على مبدأ المرافعات التحريرية وعلى تحضير الدعوى من هيئة مفوضي الدولة - أثر ذلك - لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه الشارع من عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية - ليس من حق ذوي الشأن أن يصروا على طلب المرافعة الشفوية - لرئيس المحكمة أن يطلب إليهم أو إلى المفوض ما يراه لازماً من إيضاحات.
(جـ) قضاء إداري "بطلان إعلان عريضة الدعوى" 

- إن بطلان إعلان العريضة ومرفقاتها إلى أي من ذوي الشأن ليس مبطلاً لإقامة الدعوى ذاتها - أساس ذلك - اقتصار البطلان على الإعلان وحده إن كان لذلك وجه - البطلان في هذه الحالة يتحدد أثره بالقدر الذي استهدفه الشارع - العيب الذي يشوب إبلاغ المطعون ضده بتاريخ الجلسة المعينة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون - ليس من شأنه أن يخل بحقوقه في حالة إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا - أساس ذلك.
(د) المحكمة الإدارية العليا 

- للمطعون ضده أن يتدارك أمامها ما يكون قد فاته من دفاع أمام دائرة فحص الطعون - قرار الإحالة لا يتضمن في ذاته فصلاً في أمر يفوت على ذوي الشأن حقاً في الطعن على إجراء معيب أو في إبداء ما يراه من دفاع - أثره يقتصر على نقل الطعن من دائرة فحص الطعون إلى الدائرة الخماسية.
(هـ) المحكمة الإدارية العليا "الطعن أمامها - أثره - تصديها للمنازعات في الحكم المطعون فيه" 

- إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من قانون تنظيم مجلس الدولة - أساس ذلك - إذ تبين لها مشوبة الحكم بالبطلان أو أن إجراء من الإجراءات التي سبقت عرض الطعن عليها كان باطلاً، لا تقضي بإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو وقع أمامها الإجراء الباطل بل يتعين عليها أن تتصدى للمنازعة لكي تنزل حكم القانون على الوجه الصحيح - مثال.
(و) موظف "ترقية" .

ولاية الترقية قبل نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 كانت ولاية اختيارية مناطها الجدارة حسبما تقدره جهة الإدارة مع مراعاة الأقدمية - تقدير الكفاية لم يكن يستمد من التقارير السرية وحدها.

--------------------
1 - يبين من جماع النصوص الواردة بقانون تنظيم مجلس الدولة أن المنازعة المطروحة أمام المحكمة الإدارية العليا تبدأ بطعن يقدم من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتابها، وتنتهي بحكم يصدر من هذه المحكمة إما من دائرة فحص الطعون المشكلة من ثلاثة من مستشاري المحكمة الإدارية العليا، وإما من إحدى دوائر المحكمة المشكلة من خمسة من مستشاريها، وسواء صدر الحكم من هذه الدائرة، أو من تلك فإنه في كلا الحالين يعتبر حكماً صادراً من المحكمة الإدارية العليا، فإذا رأت دائرة فحص الطعون بإجماع الآراء أن الطعن غير مقبول شكلاً أو أنه باطل أو غير جدير بالعرض حكمت برفضه، ويعتبر حكماً في هذه الحالة منهياً للمنازعة أمام المحكمة الإدارية العليا، أما إذا رأت أن الطعن مرجح القبول أو أن الفصل فيه يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره فإنها تصدر قراراً بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، وقرارها في هذه الحالة لا ينهي النزاع بل ينقله تلقائياً برمته - وبدون أي إجراء إيجابي من جانب الخصوم - إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المشكلة من خمسة من مستشاريها لتواصل نظر المنازعة التي بدأت مرحلتها الأولى أمام دائرة فحص الطعون ثم انتقلت بعد ذلك إلى الدائرة الخماسية لتستمر في نظرها إلى أن تنتهي بحكم يصدر فيها. وإذ كانت المنازعة لا تنتهي بالقرار الصادر من دائرة فحص الطعون بالإحالة بل تستمر أمام الدائرة الأخرى التي أحيلت إليها فإن إجراءات نظر المنازعة في مرحلتيها تعتبر متصلة ومتكاملة بحيث إذا شاب أي إجراء من الإجراءات التي تمت فيها عيب أمام دائرة فحص الطعون أمكن تصحيحه أمام الدائرة الأخرى بل إن هذه مهمتها، فإذا ما زال هذا العيب استمرت المحكمة في نظر الطعن إلى أن يتم الفحص في المنازعة بحكم يصدر من المحكمة المذكورة.
2 - إن الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري تتميز بخصائص ذاتية تغاير تلك المأخوذ بها أمام محاكم القضاء العادي أهمها أن الإجراءات الإدارية إجراءات إيجابية يوجهها القاضي، وهي بهذه السمة تفترق عن الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن الخصوم على تسيير الجانب الأكبر منها، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت فيما يتعلق بحضور ذوي الشأن بالجلسات بأن النظام القضائي لمجلس الدولة يتأبى الأخذ بالنظام الإجرائي الذي تجرى عليه المحاكم المدنية في حالة غياب الخصوم عن حضور الجلسات المحددة لنظر دعاويهم، ومن ثم لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه الشارع على عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية، لأن هذا الأثر مقرر كجزاء على الخصم الذي يهمل في متابعة دعواه وحضور الجلسة المحددة لنظرها، بيد أن النظام القضائي الإداري يعتد في المقام الأول بتحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها وفقاً للإجراءات التي ألزم القانون هيئة مفوضي الدولة القيام بها قبل طرح المنازعة على القضاء، إذ يقوم هذا النظام أساساً على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة منضبطة يستطيع ذوو الشأن فيها أن يقدموا مذكراتهم مع مستنداتهم، كما يقوم على تحضير الدعوى من هيئة مفوضي الدولة، وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفوية، وإنما لرئيس المحكمة أن يطلب إليهم أو إلى المفوض ما يراه لازماً من إيضاحات.
3 - إن بطلان إعلان عريضة الدعوى ومرفقاتها إلى أي من ذوي الشأن ليس مبطلاً لإقامة الدعوى ذاتها، مادامت قدمت صحيحة في الميعاد القانوني بإجراء سابق حسبما حدد قانون مجلس الدولة، وإنما البطلان لا ينصب إلا على الإعلان وحده، إن كان لذلك وجه، ولا يترتب على البطلان أثر إلا في الحدود وبالقدر الذي استهدفه الشارع، وعلى مقتضى ما تقدم فإن العيب الذي يشوب إبلاغ المطعون عليه بتاريخ الجلسة المعينة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، ليس من شأنه أنه يخل بحقوقه التي كفلها له القانون، إذا ما انتهت الدائرة المذكورة - دون أن تطلب مزيداً من الإيضاحات إلى إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن الدعوى كان قد تم تحضيرها قبل إحالتها إلى دائرة فحص الطعون، وكان في مقدور المحكمة - إذا رأت موجباً لذلك - أن تطلب ما تراه لازماً من إيضاحات فيها سواء حضر ذوو الشأن أو لم يحضروا، فإذا هي لم تطلب ذلك فإنه لا يكون من حق المطعون عليه أن يصر على طلب المرافعة الشفوية أمامها.
4 - إن من حق المطعون عليه - ما دامت المنازعة لم يتم الفصل فيها - أن يتدارك أمام المحكمة الإدارية العليا التي أحيل إليها الطعن ما يكون قد فاته من دفاع أمام دائرة فحص الطعون ومهما يكون من أمر فإن قرار الإحالة، لا يتضمن في ذاته فصلاً في أمر يفوت على ذوي الشأن حقاً في الطعن على أي إجراء معيب أو في إبداء ما يراه من دفاع، إذ أن أثره يقتصر على نقل الطعن من دائرة فحص الطعون إلى الدائرة الخماسية ولا يحرمه من أن يبدي أمام هذه الأخيرة ما هو متاح له مما كان متاحاً بالمثل أمام الأولى.
5 - إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من قانون تنظيم مجلس الدولة فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح، أم أنه لم تقم به حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقي عليه وترفض الطعن، والمرد في ذلك هو إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في رابطة من روابط القانون العام التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص، ذلك أن رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة قانونية تسلطها عليها لتعرف مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، ومن ثم فإنه إذا تبينت المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن المطروح عليها أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان أو أن إجراء من الإجراءات التي سبقت عرض الطعن عليها كان باطلاً فإنها في هذه الحالة لا تقضي بإعادة الدعوى إلى المحكمة التي صدر منها الحكم أو وقع أمامها الإجراء الباطل، بل يتعين عليها - إعمالاً للولاية التي أسبغها عليها القانون - أن تتصدى للمنازعة لكي تنزل فيها حكم القانون على الوجه الصحيح.
وإذا كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه قد أبلغ في 11 من يناير سنة 1968 بتحديد جلسة 10 من فبراير سنة 1968 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وأن هذا الإخطار قد تم إلى مكتب محاميه وهو محله المختار الوارد في عريضة دعواه على حين أنه كان قد أبلغ مجلس الدولة بكتاب مؤرخ 15 من ديسمبر سنة 1963 - مرفق بملف الدعوى - بعدوله عن توكيل محاميه المذكور وتعيينه محل عمله بكفر الزيات ليتم إبلاغه فيه، هو ما كان يقتضي أن يتم الإخطار بالجلسة المحددة في المحل الجديد الذي عينه وذلك إعمالاً لحكم المادة 26 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة التي تنص على أن "يعتبر مكتب المحامي الموقع على العريضة محلاً مختاراً للطالب، كما يعتبر مكتب المحامي الذي ينوب عن ذوي الشأن في تقديم ملاحظاتهم محلاً مختاراً لهم - كل ذلك إلا إذا عينوا محلاً مختاراً غيره". ومن ثم فإن هذا الإخطار يكون معيباً إلا أن هذا العيب قد صحح بالإخطار التالي الذي أرسل إلى المطعون عليه شخصياً في 12 من فبراير سنة 1968 بمحل عمله الجديد ينبئه بتعيين جلسة 17 من مارس سنة 1968 لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو الإخطار الذي أعقبه حضور المطعون عليه شخصياً بالجلسة المذكورة التي طلب فيها التأجيل للاستعداد فأجابته المحكمة إلى طلبه وأفسحت له بعد ذلك المجال لإبداء دفاعه الذي أبداه فعلاً في الطعن، ومن ثم يكون البطلان قد زال إعمالاً لنص المادة 140 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962، التي تقضي بأن - بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة". ويكون على المحكمة والحالة هذه أن تعرض لموضوع المنازعة لتصدر حكمها فيها، ولا يسوغ لها أن تعيدها ثانياً إلى دائرة فحص الطعون وإلا كانت منكرة لولايتها التي أسندها إليها القانون.
6 - قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كانت ولاية الترقية في ظل القوانين واللوائح السارية وقتذاك ولاية اختيارية مناطها الجدارة حسبما تقدره الإدارة مع مراعاة الأقدمية، ولم يكن تقدير الكفاية ومدى صلاحية الموظف للوظيفة التي يرقى إليها أمراً يستخلص من التقارير السرية وحدها بل كان متروكاً لسلطة الإدارة تقدره حسبما تلمسه في الموظف بمراعاة شتى الاعتبارات وما تأنسه فيه من كفاية ملحوظة في أثناء قيامه بعمله وما يتجمع لديها عن ماضيه وحاضره من عناصر تعين على الحكم في ذلك وتقدير الإدارة في هذا الصدد له وزنه بلا معقب عليه متى خلا من مجاوزة حدود الصالح العام، ولم يقترن بأي ضرب من ضروب الانحراف بالسلطة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه ولئن كان تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب هذه المحكمة في يوم 28 من فبراير سنة 1963 على حين صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962، إلا أن يوم 27 من فبراير سنة 1963، وهو آخر ميعاد للطعن، قد صادف عطلة رسمية هي ثالث أيام عيد الفطر، ومن ثم امتد الميعاد بالتطبيق لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المعمول به وقتذاك، إلى أول يوم عمل بعدها وهو يوم 28 من فبراير سنة 1963 الذي أودع فيه تقرير الطعن، وبذا يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 207 لسنة 9 القضائية ضد السيد وزير الخزانة بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة في 11 من فبراير سنة 1962، طلب فيها "الحكم للمدعي بتعديل أقدميته في الدرجة السادسة الكتابية إلى 8 من يوليه سنة 1950، وفي الدرجة الخامسة الكتابية إلى 27 من مارس سنة 1957، وما يترتب على ذلك من آثار". وقال بياناً لدعواه إنه علم مصادفة أن مصلحة الضرائب أصدرت في 8 من يوليو سنة 1950 قراراً تضمن ترقية بعض من يلونه في أقدمية الدرجة السابعة الكتابية إلى الدرجة السادسة الكتابية بالاختيار، فتظلم إلى الجهة الإدارية في 23 من أكتوبر سنة 1961 طالباً إلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية، وكأثر لذلك إلغاء القرار الصادر في 27 من مارس سنة 1957 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الكتابية، وفي أول فبراير سنة 1962 أبلغته الجهة الإدارية بحفظ تظلمه فأقام هذه الدعوى طالباً الحكم له بالطلبات السالفة الذكر استناداً منه إلى أنه أقدم من كثيرين ممن رقوا بالقرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1950 وأن تقاريره السرية تنطق بامتيازه مما لا يسوغ معه تخطيه في الترقية وقد أجابت مصلحة الضرائب عن الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى شكلاً بمقولة إن القرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1950 قد نشر ووزعت صورته على جميع أقسام المصلحة ومن بينها الجهة التي كان يعمل بها المدعي، كما دفعت احتياطياً بسقوط حق المدعي في المطالبة بالفروق المالية بالتقادم استناداً إلى المادة 375 من القانون المدني، وفي الموضوع ذكرت أن المدعي لم يكن ليلحقه الدور للترقية بالأقدمية في قرار 8 من يوليه سنة 1950 إذ أن من رقوا بالاختيار في هذا القرار كانت ترقيتهم سليمة غير مشوبة بأي عيب لأنهم جميعاً من الممتازين، وانتهت من هذا إلى طلب عدم قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية "أولاً: بالنسبة للقرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1950 بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الكتابية إلى 8 من يوليه سنة 1950 على أن يكون أسبق في ترتيب أقدمية هذه الدرجة على جميع من رقوا بالاختيار إليها بالقرار المشار إليه، وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: بالنسبة للقرار الصادر في 27 من مارس سنة 1957 بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة الكتابية إلى 27 من مارس 1957 على أن يكون أسبق في ترتيب أقدميته هذه الدرجة على السيد/ جورج إلياس بقطان، وما يترتب على ذلك من آثار. ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاؤها في خصوص الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً على أن المصلحة لم تقدم أي دليل جدي يثبت علم المدعي بالقرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1950 علماً يقينياً شاملاً نافياً للجهالة قبل تاريخ تقديم تظلمه في 23 من أكتوبر سنة 1961، ومن ثم فإنه يتعين الاعتداد بهذا التاريخ بدءاً لميعاد رفع الدعوى بالطعن في هذا القرار، وفي خصوص الموضوع أقامت قضاءها على أن المدعي كان أقدم من جميع من رقوا بالاختيار بالقرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1950، وأن تقديرات كفايته لا تقل عن كفاية المرقين اختياراً بالقرار المذكور، ذلك أنه ولئن كان لم يقدر بتقدير ممتاز في الأخلاق والأمانة والمواظبة، وهو التقدير الذي حصل عليه زملاؤه المطعون في ترقيتهم بالاختيار، بل قدر بأن أخلاقه حسنة وأنه أمين ومواظب فحسب، إلا أنه قبل العمل بأحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 لم تكن هناك ضوابط معينة لوضع التقارير السرية، وإنما كانت العبارات المقدرة لكفاية الموظف تتفاوت في ألفاظها وأن اتفقت في مدلولها، ومن ثم فلم يكن من الجائز تخطي المدعي في الترقية بمن هم أحدث منه في الأقدمية ولا يجاوزونه في الكفاية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار 8 من يوليه سنة 1950 المطعون فيه قد صدر قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 حين كانت الترقية ولاية اختيارية لجهة الإدارة لا يحدها إلا عيب إساءة استعمال السلطة، وأن لجنة شئون الموظفين عند إجرائها للترقية المطعون فيها لم تنظر إلى تقارير الكفاية وحدها بل استرشدت بماضي المرشحين للترقية وأعمالهم الأخرى، وأنه بمقارنة حالة المدعي بالمطعون في ترقياتهم يبين أنه يقل عنهم كفاية، كما أنه جوزي بالإنذار في أول يناير سنة 1958 (صحة التاريخ أول يناير سنة 1948) في حين أنه لم توقع على المطعون في ترقيتهم أية جزاءات طوال مدة خدمتهم.
ومن حيث إنه يجدر قبل التصدي للفصل في موضوع هذا الطعن التعرض بداءة لما أثاره المطعون عليه في مذكرته المقدمة بجلسة 14 من إبريل سنة 1968، وكذا في مذكرته المقدمة في 22 من أكتوبر سنة 1968 من بطلان قرار الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا الصادر من دائرة فحص الطعون، وهو البطلان القائم على أنه لم يعلمه بتاريخ الجلسة التي نظر فيها الطعن أمام الدائرة المذكورة إعلاناً صحيحاً، ذلك أنه أرسل في 15 من سبتمبر سنة 1963 خطاباً بالبريد الموصى عليه إلى السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة يبلغه فيه بانتهاء التوكيل الصادر منه إلى الأستاذ محمود عنبر المحامي بالقاهرة ويطلب إبلاغه بكل ما يتعلق بالطعن رقم 348 لسنة 9 القضائية المرفوع ضده من مصلحة الضرائب في محل عمله بكفر الزيات، وإذ لم يعلن في هذا العنوان بتاريخ الجلسة التي عينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، فإن قرار الإحالة الصادر في تلك الجلسة من الدائرة المذكورة يكون باطلاً لأن هذه الدائرة تعتبر درجة من درجات التقاضي، ومن ثم فقد طلب إعادة الدعوى إلى دائرة فحص الطعون.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تنص في فقرتها الرابعة على أنه "ويرأس المحكمة الإدارية العليا رئيس المجلس وتصدر أحكامها من دوائر من خمسة مستشارين. وتكون بها دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكل من ثلاثة مستشارين". وجاء في صدر المادة 15 من القانون المذكور أنه "يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية وذلك في الأحوال الآتية:
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
2 - إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.
3 - إذا صدر الحكم خلافاً لحكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع. وتنص المادة 26 من القانون ذاته على أن "يقدم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا".. كما تنص المادة 17 من هذا القانون على أن "تنظر دائرة فحص الطعون الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوي الشأن إن رأى رئيس الدائرة وجهاً لذلك، وإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا إما لأن الطعن مرجح القبول أو لأن الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره أصدرت قراراً بإحالته إليها، إما إذا رأت بإجماع الآراء أنه غير مقبول شكلاً أو باطل أو غير جدير بالعرض حكمت برفضه ويكتفي بذكر القرار أو الحكم بمحضر الجلسة وتبين المحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان الحكم صادراً بالرفض ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن. وإذا قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا يؤشر قلم كتاب المحكمة بذلك على تقرير الطعن ويخطر ذوو الشأن وهيئة مفوضي الدولة بقرار المحكمة" كذلك تنص المادة 18 من القانون المشار إليه على أن" تسري القواعد المقررة لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على الطعن أمام دائرة فحص الطعون. ويجوز أن يكون من بين أعضاء المحكمة الإدارية العليا من اشترك من أعضاء دائرة فحص الطعون في إصدار قرار الإحالة.
ومن حيث إنه يبين من جماع هذه النصوص أن المنازعة المطروحة أمام المحكمة الإدارية العليا تبدأ بطعن يقدم من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتابها، وتنتهي بحكم يصدر من هذه المحكمة إما من دائرة فحص الطعون المشكلة من ثلاثة من مستشاري المحكمة الإدارية العليا، وإما من إحدى دوائر المحكمة المشكلة من خمسة مستشاريها، وسواء صدر الحكم من هذه الدائرة، أو من تلك فإنه في كلا الحالين يعتبر حكماً صادراً من المحكمة الإدارية العليا، فإذا رأت دائرة فحص الطعون بإجماع الآراء أن الطعن غير مقبول شكلاً أو أنه باطل أو غير جدير بالعرض حكمت برفضه، ويعتبر حكماً في هذه الحالة منهياً للمنازعة أمام المحكمة الإدارية العليا، أما إذا رأت أن الطعن مرجح القبول أو أن الفصل فيه يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره فإنها تصدر قراراً بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، وقرارها في هذه الحالة لا ينهي النزاع بل ينقله تلقائياً برمته - وبدون أي إجراء إيجابي من جانب الخصوم - إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المشكلة من خمسة من مستشاريها لتواصل نظر المنازعة التي بدأت مرحلتها الأولى أمام دائرة فحص الطعون ثم انتقلت بعد ذلك إلى الدائرة الخماسية لتستمر في نظرها إلى أن تنتهي بحكم يصدر فيها. وإذ كانت المنازعة لا تنتهي بالقرار الصادر من دائرة فحص الطعون بالإحالة بل تستمر أمام الدائرة الأخرى التي أحيلت إليها فإن إجراءات نظر المنازعة في مرحلتيها تعتبر متصلة ومتكاملة بحيث إذا شاب أي إجراء من الإجراءات التي تمت فيها عيب أمام دائرة فحص الطعون أمكن تصحيحه أمام الدائرة الأخرى بل إن هذه مهمتها، فإذا مازال هذا العيب استمرت المحكمة في نظر الطعن إلى أن يتم الفصل في المنازعة بحكم يصدر من المحكمة المذكورة.
ومن حيث إنه مما يؤيد هذا النظر أن الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري تتميز بخصائص ذاتية تغاير تلك المأخوذ بها أمام محاكم القضاء العادي أهمها أن الإجراءات الإدارية إجراءات إيجابية يوجهها القاضي، وهي بهذه السمة تفترق عن الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن الخصوم على تسيير الجانب الأكبر منها، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت فيما يتعلق بحضور ذوي الشأن بالجلسات بأن النظام القضائي لمجلس الدولة يتأبى الأخذ بالنظام الإجرائي الذي تجرى عليه المحاكم المدنية في حالة غياب الخصوم عن حضور الجلسات المحددة لنظر دعاواهم، ومن ثم لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه الشارع على عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية، لأن هذا الأثر مقرر كجزاء على الخصم الذي يهمل في متابعة دعواه، وحضور الجلسة المحددة لنظرها، بيد أن النظام القضائي الإداري يعتد في المقام الأول بتحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها وفقاً لإجراءات ألزم القانون هيئة مفوضي الدولة القيام بها قبل طرح المنازعة على القضاء، إذ يقوم هذا النظام أساساً على مبدأ المرافعات لتحريرية في مواعيد محددة منضبطة يستطيع ذوو الشأن فيها أن يقدموا مذكراتهم مع مستنداتهم، كما يقوم على تحضير الدعوى من هيئة مفوضي الدولة، وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفوية، وإنما لرئيس المحكمة أن يطلب إليهم أو إلى المفوض ما يراه لازماً من إيضاحات، كما قضت بأن بطلان إعلان عريضة الدعوى ومرفقاتها إلى أي من ذوي الشأن ليس مبطلاً لإقامة الدعوى ذاتها، مادامت قدمت صحيحة في الميعاد القانوني بإجراء سابق حسبما حدده قانون مجلس الدولة، وإنما البطلان لا ينصب إلا على الإعلان وحده، إن كان لذلك وجه، ولا يترتب على البطلان أثر إلا في الحدود وبالقدر الذي استهدفه الشارع، وعلى مقتضى ما تقدم فإن العيب الذي يشوب إبلاغ المطعون عليه بتاريخ الجلسة المعينة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، ليس من شأنه أنه يخل بحقوقه التي كفلها له القانون، إذ ما انتهت الدائرة المذكورة - دون أن تطلب مزيداً من الإيضاحات - إلى إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن الدعوى كان قد تم تحضيرها قبل إحالتها إلى دائرة فحص الطعون، وكان في مقدور المحكمة - إذا رأت موجباً لذلك - أن تطلب ما تراه لازماً من إيضاحات فيها سواء حضر ذوو الشأن أو لم يحضروا، فإذا هي لم تطلب ذلك فإنه لا يكون من حق المطعون عليه أن يصر على طلب المرافعة الشفوية أمامها، كذلك فإن من حق المطعون عليه - ما دامت المنازعة لما يتم الفصل فيها - أن يتدارك أمام المحكمة الإدارية العليا التي أحيل إليها الطعن ما يكون قد فاته من دفاع أمام دائرة فحص الطعون. ومهما يكن من أمر فإن قرار الإحالة، لا يتضمن في ذاته فصلاً في أمر يفوت على ذوي الشأن حقاً في الطعن على أي إجراء معيب أو في إبداء ما يراه من دفاع، إذ أن أثره يقتصر على نقل الطعن من دائرة فحص الطعون إلى الدائرة الخماسية ولا يحرمه من أن يبدي أمام هذه الأخيرة ما هو متاح له مما كان متاحاً بالمثل أمام الأولى.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما تقدم - في مجال الرد على ما يطلبه المطعون عليه من إعادة الدعوى ثانية إلى دائرة فحص الطعون - أن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من قانون تنظيم مجلس الدولة، فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح، أم أنه لم تتم به حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقي عليه وترفض الطعن، والمرد في ذلك هو إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط من روابط القانون العام التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص، ذلك أن رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة قانونية تسلطها عليها لتعرف مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، ومن ثم فإنه إذا تبينت المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن المطروح عليها أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان أو أن إجراء من الإجراءات التي سبقت عرض الطعن عليها كان باطلاً فإنها في هذه الحالة لا تقضي بإعادة الدعوى إلى المحكمة التي صدر منها الحكم أو وقع أمامها الإجراء الباطل، بل يتعين عليها - إعمالاً للولاية التي أسبغها عليها القانون - أن تتصدى للمنازعة لكي تنزل فيها حكم القانون على الوجه الصحيح.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون عليه قد أبلغ في 11 من يناير سنة 1968 بتحديد جلسة 10 من فبراير سنة 1968 لنظر لطعن أمام دائرة فحص الطعون، وأن هذا الإخطار قد تم إلى مكتب محاميه وهو محله المختار الوارد في عريضة دعواه، على حين أنه كان قد أبلغ مجلس الدولة بكتاب مؤرخ 15 من سبتمبر سنة 1963 - مرفق بملف الدعوى - بعدوله عن توكيل محاميه المذكور وتعيين محل عمله بكفر الزيات ليتم إبلاغه فيه، وهو ما كان يقتضي أن يتم الإخطار بالجلسة المحددة في المحل الجديد الذي عينه وذلك إعمالاً لحكم المادة 26 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة التي تنص على أن "يعتبر مكتب المحامي الموقع على العريضة محلاً مختاراً للطالب، كما يعتبر مكتب المحامي الذي ينوب عن ذوي الشأن في تقديم ملاحظاتهم محلاً مختاراً لهم - كل ذلك إلا إذا عينوا محلاً مختاراً غيره" ومن ثم فإن هذا الإخطار يكون معيباً، إلا أن هذا العيب قد صحح بالإخطار التالي الذي أرسل إلى المطعون عليه شخصياً في 12 من فبراير سنة 1968 بمحل عمله الجديد ينبئه بتعيين جلسة 17 من مارس سنة 1968 بنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو الإخطار الذي أعقبه حضور المطعون عليه شخصياً بالجلسة المذكورة التي طلب فيها التأجيل للاستعداد فأجابته المحكمة إلى طلبه وأفسحت له بعد ذلك المجال لإبداء دفاعه الذي أبداه فعلاً في الطعن، ومن ثم يكون البطلان قد زال إعمالاً لنص المادة 140 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 م، التي تقضي بأن - بطلان أوراق التكيف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة". ويكون على المحكمة والحالة هذه أن تعرض لموضوع المنازعة لتصدر حكمها فيها، ولا يسوغ لها أن تعيدها ثانية إلى دائرة فحص الطعون وإلا كانت منكرة لولايتها التي أسندها إليها القانون.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن طلب المطعون عليه الحكم ببطلان قرار الإحالة وإعادة الطعن إلى دائرة فحص الطعون يكون غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بموضوع الطعن أن المدعي لا يختصم القرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1950 فيما تضمنه من ترقية بالأقدمية، يقيناً منه بأن أقدميته لم تكن لتؤهله للترقية بالأقدمية في هذا القرار، وإنما يختصم القرار المذكور فيما تضمنه من ترقية بعض زملائه إلى الدرجة السادسة بالاختيار. قولاً منه بأنه يسبقهم في ترتيب الأقدمية ولا يقل عنهم كفاية، وإذا كان الثابت من أوراق الطعن أن المدعي أقدم في الدرجة السابعة من جميع من شملتهم الترقية بالاختيار في هذا القرار إذ ترجع أقدميته في هذه الدرجة إلى 4 من مارس سنة 1946 على حين أن أقدميتهم جميعاً ترجع فيها إلى أول مايو سنة 1946، إلا أنه في مجال تقدير الكفاية يتضح من البيان المقارن المقدم من مصلحة الضرائب في 11 من ديسمبر سنة 1960 أن السادة الذين رقوا بالاختيار إلى الدرجة السادسة الكتابية وهم عبد الحميد المتولي أحمد وجورج إلياس قبطان، ومحمد حسين نجاتي، وفؤاد عبد الغني المهيلي، وعرفة عبد اللطيف خطاب قد حصلوا جميعاً على تقدير ممتاز في كل من الأخلاق والأمانة والمواظبة والإنتاج فيما عدا السيد عرفة عبد اللطيف خطاب الذي حصل على تقدير ممتاز في جميع البنود عدا الإنتاج إذ أدرج أمامه أنه يؤدي عمله بإتقان وأمانة، على حين أن المدعي حصل في الأخلاق على حسن وفي الأمانة على أمين وفي المواظبة على مواظب وفي الإنتاج على ممتاز وهو ما يؤخذ منه أنه أقلهم في مرتبة الكفاية، وذلك على خلاف ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه إذا أهدر بغير حق تقديرات الكفاية الخاصة بالمطعون في ترقيتهم وذهب دون ما سند من الأوراق إلى أن تقديرات الامتياز التي حصلوا عليها لا تجاوز التقديرات التي حصل عليها المدعي، وأن الأمر لا يعدو أن يكون تفاوتاً في الألفاظ لا يرقى إلى درجة التفاوت في المدلول.
ومن حيث إن المدعي تقدم بمذكرة في 22 من أكتوبر سنة 1968 ينعى فيها على تقديرات الكفاية التي حصل عليها زملاؤه المطعون في ترقيتهم عدم مطابقتها للواقع بمقولة إن السيد عبد الحميد المتولي أحمد كان معتقلاً في الفترة من 12 من ديسمبر سنة 1948 حتى 26 من يناير سنة 1950. وأن السيدين/ محمد حسن نجاتي وجورج إلياس قبطان كانا منتدبين في جهات أخرى، وأن الأخير منهما قد وقعت عليه عدة جزاءات بعد صدور القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه بافتراض صحة الوقائع التي عددها المدعي في المذكرة المشار إليها - دون حاجة إلى التصدي للبحث في مدى مطابقتها للواقع جميعاً لا تغير من وجه الرأي في هذه الدعوى ذلك أن ندب الموظف لا يؤدي إلى عدم وضع تقارير كفاية عنه، ولا يحول دون ترقيته بالاختيار، كما أن الجزاءات اللاحقة على صدور القرار المطعون فيه لا يصح أن يكون لها أثر في تقدير كفاية الموظف في الفترة السابقة على صدور هذا القرار إذ العبرة بالحالة التي كان عليها كل من المدعي والمطعون في ترقيتهم وقت صدور القرار المطعون فيه، أما عن واقعة اعتقال السيد/ عبد الحميد المتولي أحمد وما قد تثيره في خصوص تقييم درجات الكفاية التي حصل عليها باعتبار أن المدة التي قضاها في العمل بعد الاعتقال لم تكن كافية بالقدر الذي يسمح بتقديره تقديراً سليماً فإنها بدورها لا تؤثر في سلامة القرار المطعون فيه ذلك أن هذا القرار قد صدر قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة حين كانت ولاية الترقية في ظل القوانين واللوائح السارية وقتذاك ولاية اختيارية مناطها الجدارة حسبما تقدره الإدارة مع مراعاة الأقدمية، ولم يكن تقدير الكفاية ومدى صلاحية الموظف للوظيفة التي يرقى إليها أمراً يستخلص من التقارير السرية وحدها بل كان متروكاً لسلطة الإدارة تقدره حسبما تلمسه في الموظف بمراعاة شتى الاعتبارات وما تأنسه فيه من كفاية ملحوظة في أثناء قيامه بعمله، وما يتجمع لديها عن ماضيه وحاضره من عناصر تعين على الحكم في ذلك، وتقدير الإدارة في هذا الصدد له وزنه بلا معقب عليه متى خلا من مجاوزة حدود الصالح العام، ولم يقترن بأي ضرب من ضروب الانحراف بالسلطة ومتى كان الأمر كذلك وكان البادي من الأوراق، أنه بالإضافة إلى درجات الكفاية السالفة الذكر فإن المطعون في ترقيتهم جميعاً كانوا أقدم من المدعي في تاريخ حصولهم على المؤهل فضلاً عن أن السيد/ محمد حسين نجاتي يمتاز على المدعي بحصوله على مؤهلين آخرين هما الشهادة التكميلية في سنة 1945 والشهادة التكميلية العالية في سنة 1948، كما أن المدعي سبق أن جوزي بالإنذار في أول يناير سنة 1948، فإن ما ينعاه المدعي على القرار المطعون فيه لا تقوم له حجة، ولا ينهض به دليل على قيام عيب الانحراف بالسلطة بالقرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1950، وتكون دعواه بالنسبة إلى هذا القرار غير مستندة إلى أساس سليم من الواقع أو القانون متعيناً لذلك رفضها وإذ أخفق المدعي فيما سعى إليه من إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى تاريخ صدور القرار آنف الذكر، فإن هذا الإخفاق ينسحب بحكم اللزوم إلى طلبه الآخر الخاص بإرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى تاريخ القرار الصادر في 27 من مارس سنة 1957، وهو الطلب الذي أسسه على نجاحه في طلبه الخاص بالترقية بالاختيار في قرار 8 من يوليه سنة 1950، ويكون هذا الطلب أيضاً بدوره حقيقاً بالرفض كذلك. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق