جلسة 2 من يونيه سنة 1979
برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، رأفت عبد الرحيم، إبراهيم هاشم ومحمد حسب الله.
-----------------
(281)
الطعن رقم 685 لسنة 43 القضائية
(1) خبرة. بطلان.
إغفال الخبير دعوة الخصوم. أثره. بطلان عمل الخبير. المواعيد المحددة لدعوة الخصوم. تنظيمية. لا يترتب على مخالفتها البطلان.
(2) حكم. "بيانات الحكم". بطلان.
إثبات الحكم المطعون فيه لاسم ممثل الشركة المطعون ضدها مغايراً لاسمه الحقيقي لا بطلان. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 685 سنة 1969 عمال كلي القاهرة ضد الشركة المطعون ضدها وانتهى فيها إلى طلب عدم الاعتداد بالجزاء موضوعها وإلزام الشركة أن تدفع له تعويضاً مقداره خمسمائة جنيه. وقال بياناً لدعواه أنه يعمل لدى المطعون ضدها التي حرمته من علاوة سنة 1967 نتيجة تقدير كفايته عن سنة 1966 بدرجة ضعيف وإذ كان هذا التقدير منعدماً لعدم استناده إلى تقرير دوري قانوني وفقاً لإحكام القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 وألحق به أضراراً مادية وأدبية فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 17 من يناير سنة 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم باستئنافه المقيد برقم 318 سنة 87 ق مدني أمام محكمة استئناف القاهرة، فقضت في 28 من مايو سنة 1973 بندب خبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها في منطوق حكمها، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 10 من مايو سنة 1973 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 12 من مايو سنة 1979، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب. ينعى الطاعن بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب. ويقول في بيان ذلك أنه قدم إلى المحكمة الاستئنافية مستنداً تقطع بأن تقارير الكفاية موضوع النزاع غير مستوفية للشروط القانونية ومذكرة باعتراضه على تقرير الخبير المنتدب. لكن المحكمة أهدرت هذه المستندات مع أنها غير مجحودة من الشركة مما يكسبها الحجية ولم تبحث تلك الاعتراضات.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 28 من مايو سنة 1970 أنه إزاء الحلف الذي ثار في الاستئناف حول تقارير الكفاية موضوع التداعي رأت المحكمة ندب مكتب خبراء وزارة العدل للاطلاع على هذه التقارير لبيان وجه الحقيقة في هذه المسألة، فقدم الخبير تقريراً أخذت به محكمة الموضوع، وأورد الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قوله "أن الخبير المنتدب قد أدى المأمورية المسندة إليه وقدم تقريره الذي انتهى فيه إلى أن تقارير النشاط عن المادة موضوع الاستئناف وهي السنوات 1966 و1967 و1968 مستوفاة للشروط القانونية وأن الإجراءات الشكلية تمشي مع نصوص اللائحة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 وذلك للأسباب التي أوردها التقرير وترى المحكمة الأخذ بهذا التقرير لما جاء به". ولما كان يبين من ذلك أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسانيد التي أوضحها في تقريره لاقتناعها بصحتها وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم، فلا عليه إن هو لم يرد على المستندات التي قدمها الطاعن ذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب كل حجة للخصوم والرد عليها استقلالاً إذ حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها كما أنها لا تلتزم من بعد بالرد على الطعون التي وجهت إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد بأكثر مما تضمنه التقرير، لما كان ذلك فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه (أولهما) أن الحكم الصادر بندب الخبير ناط به بحث مدى استيفاء التقارير موضوع النزاع للشروط القانونية مع أنه لا يجوز الإحالة إليه في تطبيق أحكام القانون (وثانيها) أن الحكم أسس قضاءه على تقرير الخبير المنتدب في حين أن هذا التقرير باطل لعدم مراعاة الخبير المواعيد المحددة لدعوة الخصوم التي حددتها المادة 146 من قانون الإثبات (وثالثها) أن الحكم لم يورد الأسباب التي استند إليها في الأخذ بتقرير الخبير.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، بأن البين من الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 28 من مايو سنة 1970 أن الطاعن دحض تقارير الكفاية موضوع التداعي بأنها غير مستكملة الإجراءات الشكلية المقررة بنصوص لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 لأن لجنة شئون العاملين لم تتضمن أحد أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين وأن رئيسه المباشر وهو مدير العلاقات الصناعية لم يعد هذه التقارير بل أعدها مدير المصنع وأن رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها لم يعتمدها وأنه لم يخطر بها وطلب ندب خبير لتحقيق ذلك بالانتقال إلى مقر الشركة، ولما كانت تلك الإدعاءات تتعلق بوقائع مادية فلا تثريب على محكمة الموضوع إذ قضت بندب خبير لاستجلاء الحقيقة بشأنها. والنعي في وجهه الثاني مردود بأن النص في المادة 146 من قانون الإثبات على أنه "على الخبير أن يحدد لبدء عمله تاريخاً لا يجاوز الخمسة عشر يوماً التالية للتكليف المذكور في المادة 138 وعليه أن يدعو الخصوم بكتب مسجلة ترسل قبل ذلك التاريخ بسبعة أيام على الأقل يخبرهم فيه بمكان أول اجتماع ويومه وساعته ويترتب على عدم دعوة الخصوم بطلان عمل الخبير"، مفاده أن البطلان الذي صرح به النص إنما يترتب على إغفال الخبير دعوة الخصوم أمامه أما المواعيد المحددة به لهذه الدعوة ولبدء عمله فهي مواعيد تنظيمية لا يترتب البطلان على عدم إتباعها. والنعي في وجهه الثالث مردود بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى تقرير الخبير واتخذ منه أساساً للفصل في الاستئناف، فإن هذا التقرير يعتبر جزءاً من الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه من وجهين (أولهما) التناقض في أسبابه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف الذي خلص إلى أن المحكمة ليست لها سلطة بحث الشكل القانوني للتقارير موضوع النزاع مع أن الحكم الاستئنافي الصادر بندب الخبير والمكمل للحكم المطعون فيه عهد إليه ببحث هذا الشكل (وثانيها) البطلان بخطئه في أسماء الخصوم وصفاتهم طبقاً للمادة 178 من قانون المرافعات إذ أثبت في ديباجته أن ممثل الشركة المطعون ضدها هو رئيس مجلس إدارتها...... بينما الثابت في محضر الجلسة الأخيرة للاستئناف أن ممثلها هو رئيس مجلس إدارتها..........
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أن التناقض الذي يفسد الأحكام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقي بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسباب بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على أسباب قائمة بذاتها ولم يعتنق أسباب حكم محكمة الدرجة الأولى بل اقتصر على تأييد منطوقه، فإن النعي عليه بالتناقض يضحى غير سديد. والنعي في وجهه الثاني مردود بأنه وإن أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات تضمن الحكم بيانات معينة عددتها من بينها أسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم ونص ما قدموه من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية إلا أن هذه المادة - كما يبين من فقرتها الثانية - لم ترتب البطلان إلا على القصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص والخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم، أما ما عدا ذلك من البيانات المذكورة في الفقرة الأولى منها فإنه لا يترتب على إغفالها البطلان، لما كان ذلك، وكانت الشركة المطعون ضدها ذات شخصية مستقلة عن شخصية رئيس مجلس إدارتها باعتبارها الأصيلة في الدعوى المقصودة بالخصومة دون ممثلها، وكان ورود اسم رئيس مجلس إدارة هذه الشركة في الحكم المطعون فيه على أنه..... بدلاً من....... ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الشركة واتصالها بالخصومة المرددة في الدعوى بدليل أن الطاعن خاصمها في الطعن، فإن هذا الخطأ لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت المادة 178 من قانون المرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم، ويكون النعي بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق