جلسة 3 من نوفمبر سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات ومحمد فهمي طاهر المستشارين.
-------------------
(3)
القضية رقم 618 لسنة 9 القضائية
وحدات مجمعة - ميزانيتها في السنة المالية 1959/ 1960
- انتظمت طائفتين من الموظفين تكون كل منهما وحدة قائمة بذاتها وتستقل بأقدميات الذين ينتمون إليها - أثر ذلك - إذا خلت درجة في إحدى هاتين الوحدتين فلا يحق ترقية موظف إليها ممن تنتظمهم الوحدة الأخرى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1462 لسنة 14 القضائية ضد السيد وزير الشئون الاجتماعية والعمل التنفيذي بصفته رئيس المجلس التنفيذي للوحدات المجمعة، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 15 من سبتمبر سنة 1960، طلب فيها الحكم "بإلغاء القرار رقم 181 بتاريخ 16 من إبريل سنة 1960 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني العالي مع ما يترتب على ذلك الإلغاء من آثار وفروق مالية مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب". وقال بياناً لدعواه إنه حصل علي بكالوريوس كلية الزراعة في سنة 1948، وعين بوزارة الشئون الاجتماعية في 4 من ديسمبر سنة 1948، ورقي إلى الدرجة الخامسة الفنية في 8 من ديسمبر سنة 1954 ثم نقل مع بعض زملائه إلى الوحدات المجمعة في 18 من مايو سنة 1959 اعتباراً من 21 من فبراير سنة 1959، ثم ندب في 25 من أغسطس سنة 1959 للقيام بعمل مفتش اجتماعي بالمجالس الإقليمية للوحدات المجمعة، وفي 16 من إبريل سنة 1960 صدر القرار المطعون فيه متضمناً ترقية السيدين/ صلاح الدين إبراهيم النمكي ومحمد جمال موسى علي إلى الدرجة الرابعة الفنية على الرغم من أنهما أحدث منه في ترتيب أقدمية الدرجة الخامسة الفنية، فتظلم في 23 من مايو سنة 1960 طالباً إلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية، بيد أنه لم يتلق رداً حتى تاريخ إقامة دعواه. وأضاف المدعي أن ميزانية الوحدات المجمعة مقسمة إلى فصلين هما الإدارة العامة والمجالس الإقليمية، وأنه ولئن كان يشغل درجة من درجات الفصل الثاني إلا أن طبيعة العمل بالنسبة إلى شاغلي درجات الفصلين تعتبر متماثلة، وآية ذلك أنه صدرت قرارات ندب فيما بين موظفي الإدارة العامة والمجالس الإقليمية، كما رقي بعض موظفي الإدارة العامة في أثناء ندبهم للعمل بالمجالس الإقليمية، وأن درجات المجلس الأعلى للوحدات المجمعة الواردة بميزانية السنة المالية 1959 - 1960 تعتبر جميعاً وحدة مالية واحدة، إذ إن الفصلين المشار إليهما واردان بالميزانية تحت قسم واحد، ويشمل الفصل الأول وظيفة وكيل وزارة ومدير عام ووظائف فنية وإدارية تبدأ من الدرجة السادسة وتتدرج هرمياً حتى الدرجة الأولى، أما الفصل الثاني فتنتهي درجاته بالدرجة الرابعة دون تدرج هرمي، ومن ثم فقد كان يتعين إجراء الترقية على أساس الأقدمية المطلقة بين جميع موظفي الفصلين معاً. وقد أجاب المجلس الأعلى للوحدات المجمعة عن الدعوى بأن طبيعة العمل به قد اقتضت تقسيمه إلى قسمين:
الأول: تخطيطي يتولى تخطيط سياسة المجلس ووضع البرامج اللازمة للنهوض بالقطاع الريفي.
والثاني: تنفيذي يقوم بتنفيذ هذه السياسة بالأقاليم.
وعلى هذا وردت ميزانية المجلس في السنة المالية 1959 - 1960 مقسمة إلى فصلين:
الأول: ويشمل وظائف الإدارة العامة وملحقاتها.
والثاني: ويشمل وظائف المجالس الإقليمية.
فأصبح بذلك كل من الفصلين وحدة قائمة بذاتها من حيث الدرجات والأقدميات، ولما كان المدعي قد نقل من وزارة الشئون الاجتماعية إلى المجلس الأعلى للوحدات المجمعة بالقرار رقم 128 الصادر في 18 من مايو سنة 1959 (اعتباراً من 21 من فبراير سنة 1959) وألحق بوظيفة سكرتير إقليمي لمجلس إقليمي قنا، فقد شغل درجة من درجات الفصل الثاني من الميزانية المذكورة، وكان المطعون على ترقيتهما قد نقلا بالقرار رقم 119 الصادر في 31 من يناير سنة 1960 إلى إدارة الإنعاش الاقتصادي التابعة لوحدة الديوان العام، فقد انتظمتهما أقدمية مستقلة عن أقدمية المدعي، ومن ثم فليس ثمة تخط لهذا الأخير بالقرار المطعون فيه. وبإعلان تم في 12 من نوفمبر سنة 1962 صحح المدعي شكل الدعوى بتوجيهها إلى السيد/ نائب رئيس الجمهورية للإدارة المحلية بصفته رئيس المجلس التنفيذي للوحدات المجمعة. وبجلسة 7 من فبراير سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري.. "هيئة الترقيات والتعيينات" "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من رئيس المجلس التنفيذي للوحدات المجمعة رقم 181 لسنة 1960 بتاريخ 16 من إبريل سنة 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليها المصروفات". وأقامت قضاءها على أن الجهة الإدارية تسلم في ردها بأن ميزانيتها في السنة المالية 1959 - 1960 كانت تنقسم إلى فصلين:
أولهما: يشمل درجات إدارية وفنية تتدرج من الدرجة السادسة إلى الدرجة الأولي ثم إلى الوظائف العليا.
أما ثانيهما: فيقف تدرج درجاته عند الدرجة الرابعة، الأمر الذي يقطع بأن درجات هذا الفصل لا تتضمن تدرجاً هرمياً يكفل لها الاستقلال عن درجات الفصل الأول.
ومن ثم لا تكون هنا وحدتان ماليتان مستقلتان كل منهما عن الأخرى، بل تعتبر درجات الفصلين مندمجة في ميزانية واحدة تكمل بعضها بعضاً، وعلى مقتضى ذلك تجرى ترقيات موظفي الفصلين معاً على هذا الأساس، وإذ كان الثابت أن ترتيب أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة أسبق على المطعون علي ترقيتهما فإن تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالقرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن طبيعة العمل في الوحدات المجمعة اقتضت تقسيم وظائفها إلى قسمين مستقلين أحدهما عن الآخر:
فأولهما: تخطيطي مقسم إلى إدارات تتولى كل منها تخطيط سياسة الوحدات المجمعة ووضع البرامج اللازمة للنهوض بالقطاع الريفي.
وثانيهما: تنفيذي يقوم علي تنفيذ السياسة التخطيطية.
وعلى هذا قسمت ميزانية الوحدات المجمعة في السنة المالية 1959 - 1960 التي أجريت في غضونها الترقيات المطعون فيها إلى فصلين:
الأول: عنوانه الإدارة العامة للوحدات المجمعة ويشمل الدرجات الخاصة بالوظائف العليا والوظائف الإدارية، أما الوظائف الفنية فقد فصلت في إدارات.
والثاني: وعنوانه المجالس الإقليمية والوحدات المجمعة وهو مقسم إلى فرعين على غرار الفصل الأول ويشمل المجالس الإقليمية والوحدات المجمعة، وقد ورد تحت هذا الفصل بيان بالدرجات العالية ثم الكتابية، وظاهر من التقسيم الذي تضمنته الميزانية أن درجات كل من الفصلين تكون وحدة مستقلة قائمة بذاتها، ولا يغير من ذلك أن درجات الفصل الثاني تقف عند الدرجة الرابعة، إذ أن الوظائف المتجانسة ترد إلى طائفة واحدة ترتب درجاتها تصاعدياً بما يتفق وحاجة العمل وطبيعته، والثابت أن وظائف المجالس الإقليمية لا تتطلب درجات أعلى من الدرجة الرابعة، ولما كان الثابت أن المطعون في ترقيتهما كانا شاغلين لدرجتين بالفصل الأول المشار إليه وأنهما رقيا إلى درجتين خاليتين به على حين كان المدعي شاغلاً لدرجته بالفصل الثاني، فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر، يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إن المنازعة الراهنة تدور حول ما إذا كانت وظائف الوحدات المجمعة تعتبر وحدة واحدة في الأقدمية والترقية تنتظم موظفيها جميعاً أقدمية واحدة، أم أنها مقسمة إلى قسمين في وحدتين مستقلتين في الأقدمية والترقية، هما وظائف الإدارة العامة للوحدات المجمعة من جهة، ووظائف "المجالس الإقليمية والوحدات المجمعة" من جهة أخرى، فيكون لكل قسم منها كشف أقدمية مستقل بموظفيه قائم بذاته، بحيث لا يتزاحم عند الترقية موظفو قسم منهما مع موظفي القسم الآخر، ولا يجوز إقحام موظف من أي قسم من القسمين على موظفي القسم الآخر عند الترقية إلى درجة شغرت بهذا القسم الآخر.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ميزانية الوحدات المجمعة عن السنة المالية 1959 - 1960 التي تمت في غضونها حركة الترقيات المطعون فيها بالإلغاء، أنها جاءت تحت القسم 19 "الوحدات المجمعة" الصحيفة رقم 645 وما بعدها من مجلد الميزانية)، وقد قسم هذا القسم إلى فصلين:
الأول: "فصل 1 من الإدارة العامة للوحدات المجمعة".
والثاني: "فصل 2 المجالس الإقليمية والوحدات المجمعة". ونص في الفصل الأول تحت البند (1) المتعلق بالمرتبات والأجور والرواتب والمكافآت على: ( أ ) الدرجات الدائمة وعددها 104 درجة وتشمل: الوظائف العليا، وكيل وزارة ومدير عام، ثم الوظائف الإدارية وتتدرج هرمياً من الدرجة السادسة إلى الدرجة الأولى، ثم الوظائف العالية الفنية وتتدرج من الدرجة السادسة إلى درجة مدير عام وهي موزعة على ثلاث إدارات، وتأتي بعد ذلك وفي شكل هرمي الوظائف الكتابية فالوظائف المتوسطة الفنية الخاصة بهذا الفصل، وتتدرج الوظائف الكتابية من الدرجة الثامنة إلى الدرجة الرابعة والوظائف المتوسطة الفنية من الدرجة السابعة إلى الدرجة الخامسة، وتلى ذلك وعلى النمط ذاته: (ب) الدرجات المؤقتة ثم (ج) الوظائف الخارجة عن هيئة العمال. أما الفصل الثاني فقد نص فيه تحت البند المتعلق بالمرتبات والأجور والرواتب والمكافآت على: ( أ ) الدرجات الدائمة وقد ورد بيانها تحت عنوانين: الأول "المجالس الإقليمية" وتشمل الوظائف العالية والفنية والوظائف الكتابية، والثاني "الوحدات المجمعة" ويتناول بيان الوظائف العالية الفنية والوظائف المتوسطة الفنية ثم الوظائف الكتابية ويبلغ مجموع الوظائف العالية الفنية الواردة تحت البند سالف الذكر 550 درجة موزعة علي الوظائف المختلفة وفقاً لاختصاصاتها، وتبدأ هذه الدرجات بقاعدة قوامها 224 درجة سادسة ثم تتدرج هرمياً إلى 13 درجة رابعة، ويلي بيان الدرجات الدائمة بيان عن: (ب) الدرجات المؤقتة، ثم عن (ج) درجات الوظائف الخارجة عن هيئة العمال للمجالس الإقليمية والوحدات المجمعة، وقد ورد بعد ذلك بيان تفصيلي بتوزيع الوظائف ودرجاتها على كل وحدة إقليمية على حدة من وحدات المجالس الإقليمية حسب تقسيمها الجغرافي - كما يبين من استقراء ميزانية القسم 19 "الوحدات المجمعة" المشار إليه أن كلاً من فصلي (1) و(2) آنفى الذكر قد استقل ببيان خاص به فيما يتعلق بباقي أبواب الميزانية العامة، فورد تحت عنوان "فصل (1) الإدارة العامة للوحدات المجمعة" بيان مفصل عن "باب 2" (المصروفات العامة) وعن "باب 3" (الأعمال الجديدة) الخاصين بهذا الفصل على حين ورد تحت عنوان "فصل 2 - المجالس الإقليمية والوحدات المجمعة" بيان مستقل خاص به عن "باب 2" (المصروفات العامة).
ومن حيث إنه يخلص مما سلف إيضاحه أن ميزانية الوحدات المجمعة بحسب أوضاعها التي صدرت بها في السنة المالية 1959 - 1960 قد انتظمت طائفتين من الموظفين تكون كل منهما وحدة قائمة بذاتها مستقلة ومنفصلة عن الأخرى:
أولاهما: وحدة موظفي الإدارة العامة للوحدات المجمعة.
والثانية: وحدة موظفي المجالس الإقليمية والوحدات المجمعة.
ومقتضى هذا التقسيم استقلال كل من الوحدتين المشار إليهما بوظائفه ودرجاته عن الأخرى، يؤيد هذا النظر أن هذا التقسيم يقتضيه اختلاف نوع العمل وطبيعته بكل من الوحدتين فبينما يتولى موظفو وحدة "فصل (1)" الأعمال التخطيطية والإدارية العامة للوحدات المجمعة، إذا بموظفي وحدة "فصل (2)" يختصون بالأعمال التنفيذية اللازمة لتحقيق رسالة تلك الوحدات المجمعة من حيث النهوض بالقطاع الريفي في مرافقه المتنوعة وأقاليمه المختلفة وفقاً للسياسة العامة المرسومة في هذا الشأن - ومتى كان الأمر كذلك، فإن كل وحدة من وحدتي الميزانية سالفتى الذكر تستقل بأقدميات الموظفين الذين ينتمون إليها وتنفرد عند إجراء حركة الترقية بدرجاتها ووظائفها بحث لا يزاحم أفراد الوحدة الأخرى موظفيها في الترقية إلى الدرجات الشاغرة بها. فإذا خلت درجة في إحدى هاتين الوحدتين فليس لموظفي الوحدة الأخرى أي حق في الترقية إليها أو المزاحمة فيها، إذ يقتصر حقهم المشروع على الترقية إلى الدرجات التي تخلو بالوحدة التي يتبعونها فلا امتزاج ولا إدماج بين درجات الوحدتين عند الترقية. وغني عن البيان أن هذا هو ما تفرضه الأصول المالية التي تقضي بأنه متى كان ترتيب الدرجات في وزارة أو مصلحة مقسماً في الميزانية إلى أقسام منفصلة وقائمة بذاتها، فلا يجوز استعمال وظيفة في قسم ما لتعيين مرشح فيها يشغل وظيفة في قسم آخر، أو لترقية موظف إليها ينتمي إلى قسم آخر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 181 لسنة 1960 الصادر في 16 من إبريل سنة 1960 قد تضمن ترقيات إلى درجات شاغرة بالفصل (1) من ميزانية الإدارة العامة للوحدات المجمعة، وأن كلاً من المطعون في ترقيتهما كان يشغل درجة خاصة بوحدة درجات هذا الفصل (ملف التظلم المقيد تحت رقم 5 من ملف الدعوى). على حين كان المدعي شاغلاً وقتئذ لدرجة خامسة بوحدة درجات "الفصل (2) المجالس الإقليمية والوحدات المجمعة"، ومن ثم فلا يكون له أصل حق في دعواه التي تكون غير قائمة على أساس سليم من القانون، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق