باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر مـن يونيه سنة 2023م،
الموافق الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 61 لسنة 40
قضائية منازعة تنفيذ
المقامة من
عبد المنعم عبد العزيز حميده
ضــد
1- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية
2- رئيس مصلحة الضرائب المصرية
3- رئيس مأمورية ضرائب العجوزة والمهندسين
----------------
" الإجراءات "
بتاريخ الرابع والعشرين من ديسمبر سنة 2018، أودع المدعي صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًـا الحكم بعدم الاعتداد بحكم
محكمة جنوب الجيزة الابتدائية الصادر بجلسة 15/ 7/ 2013، في الدعوى رقم 485 لسنة
2013 ضرائب كلي، وحكم محكمة استئناف القاهرة - مأمورية استئناف الجيزة - الصادر
بجلسة 25/ 2/ 2015، في الاستئناف رقم 1487 لسنة 130 قضائية، والاستمرار في تنفيذ
حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 12/ 5/ 2013، في الدعوى رقم
229 لسنة 29 قضائية دستورية، وثانيهما بجلسة 2/ 4/ 2016، في الدعوى رقم 123 لسنة
31 قضائية دستورية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
----------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعي أقام أمام محكمة جنوب الجيزة الابتدائية الدعوى رقم 485 لسنة 2013
ضرائب كلي، ضد المدعى عليهما الأول والثاني بطلب الحكم، أصليًا: باعتماد إقرارات
الضريبة على الدخل المقدمة منه عن السنوات من 1995 وحتى 2004، مع ما يترتب على ذلك
من آثار. واحتياطيًّا: بتعديل قرار لجنة الطعن المطعون فيه، وتخفيضه بما يتناسب مع
أوجه الاعتراضات المبداة بصحيفة الطعن. وذلك على سند من القول بأن قراري لجنة
الطعن الضريبي في الطعنين رقمي 475، 476 لسنة 2010 و77 لسنة 2011، قد جاءا مجحفين
بحقوقه، فأقام دعواه. وبجلسة 15/ 7/ 2013، قضت المحكمة برفض الدعوى بحالتها. طعن
المدعي على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة مأمورية استئناف الجيزة بالاستئناف
رقم 1487 لسنة 130 قضائية، وبجلسة 25/ 2/ 2015، حكمت المحكمة بإلغاء الحكم
المستأنف فيما قضي به من رفض الدعوى بحالتها، وبرفض الاستئناف وتأييد قراري اللجنة
المطعون عليهما.
وإذ ارتأى المدعي أن الحكمين: الابتدائي والاستئنافي السالفي الذكر،
يحولان دون تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 12/ 5/ 2013،
في الدعوى رقم 229 لسنة 29 قضائية دستورية، وثانيهما بجلسة 2/ 4/ 2016، في الدعوى
رقم 123 لسنة 31 قضائية دستورية. فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن
التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه،
وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن
ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتهــا موضـــوع منازعة التنفيذ أو محلها،
تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو
الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام
وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ
متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص تشريعي؛ فإن حقيقة
مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها،
وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها؛ هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية،
وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص
المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ
التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة في مواجهة الأشخاص الاعتباريين
والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد
وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو
بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون
إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من
صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية
لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيـذ لا تعـد طريقًا للطعـن فـي
الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 12/ 5/ 2013، في الدعوى
رقم 229 لسنة 29 قضائية دستورية، أولًا: بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من
المادة (103) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981
المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، فيما تضمنه من تخويل مصلحة الضرائب عدم
الاعتداد بالإقرار وتحديد الإيرادات والأرباح بطريق التقدير، دون وضع ضوابط أو
معايير لهذا التقدير. ثانيًا: عدم دستورية عبارة قبل أول أكتوبر سنة 2004 الواردة
بنص المادة الخامسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل،
وسقوط الأحكام المقابلة الواردة بالكتاب الدوري رقم 3 لسنة 2005 الصادر من وزير
المالية بشأن قواعد انقضاء الخصومة وفقًا لأحكام النص المشار إليه. وقد نشر هذا
الحكم بالجريدة الرسمية - العدد 21 (مكررًا) في 26 مايو سنة 2013.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا
في الدعاوى الدستورية - على ما استقر عليه قضاؤها - يقتصر نطاقها على النصوص
التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا
حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن
قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل بهذا المنطوق من الأسباب
اتصالًا حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
متى كان ذلك، وكان مناط إعمال حكم الفقرة الأولى من المادة الخامسة من
القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصــدار قانون الضريبة على الدخل ألا يتجاوز الوعاء
السنوي للضريبة محل النزاع عشرة آلاف جنيه، وكان الثابت من طلب إنهاء المنازعة
المقدم من المدعي لمأمورية الضرائب، أن الوعاء السنوي للضريبة عن سنوات النزاع
الضريبي - الفترة من 1995 وحتى 2004 - يتجاوز عشرة آلاف جنيه عن كل سنة؛ ومن ثم
فإن الخصومة الموضوعية تخرج عن نطاق إعمال حكم المادة الخامسة من القانون 91 لسنة
2005، ويكون قضاء محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 1487 لسنة 130 قضائية القاهرة
منبت الصلة بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 229 لسنة 29
قضائية دستورية. ومن ثم لا يشكل بالتالي عقبة في تنفيذه، مما يتعين معه الحكم بعدم
قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 2/ 4/ 2016، في الدعوى
رقم 123 لسنة 31 قضائية دستورية، أولًا: بعدم دستورية عبارة قبل أول أكتوبر سنة
2004 الواردة بنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005
بإصدار قانون الضريبة على الدخل. ثانيًا: بسقوط الأحكام المقابلة الواردة بالكتاب
الدوري رقم 4 لسنة 2005 الصادر من وزير المالية بشأن قواعد إنهاء المنازعات
المقيدة أو المنظورة أمام المحاكم وفقًا لحكم المادة السادسة من قانون الضريبة على
الدخل. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية - العدد 14 (مكررًا) بتاريخ 9 من
أبريل سنة 2016.
وحيث إن مفاد نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 معدلًا بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168
لسنة 1998؛ أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا لنفاذ أحكامها، فإن الأصل في قضائها
بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية - يكون لها أثر رجعي
ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التي يتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان سابقًا على نشره
بالجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر
أمرها بالتقادم، أو بناء على حكم قضائي باتّ صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية
العليا.
وحيث كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة
استئناف القاهرة - مأمورية الجيزة - بجلسة 25/ 2/ 2015، في الاستئناف رقم 1487
لسنة 130 قضائية، المصور عقبة في التنفيذ، قد صار باتًّا لعدم الطعن عليه بالنقض،
وذلك قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/ 4/ 2016، في الدعوى رقم
123 لسنة 31 قضائية دستورية. ومن ثم، فإن المراكز القانونية لطرفي النزاع تكون قد
استقرت بصفة نهائية قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، مما مؤداه
عدم اعتبار حكم محكمة الاستئناف المار ذكره عقبة في تنفيذ حكم هذه المحكمة، في
الدعوى رقم 123 لسنة 31 قضائية دستورية، ولزامه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق