الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 517 لسنة 5 ق جلسة 11 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 91 ص 689

جلسة 11 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن المستشارين.

---------------

(91)

القضية رقم 915 لسنة 5 القضائية

(أ) موظف - تأديب - إجراءات 

- صدور القرار التأديبي صحيحاً متى روعيت فيه كافة الإجراءات والضمانات اللازمة - وجود قصور في التحقيق الابتدائي لا يخل بصحة القرار متى تداركت المحاكمة التأديبية هذا العيب.
(ب) إثبات - قرار إداري - سببه 

- ضياع أوراق التحقيق لا تؤدي إلى اعتبار القرار منتزعاً من غير أصول موجودة - يكفي في هذا ثبوت خلاصتها وما انتهى إليه مجلسا التأديب الابتدائي والاستئنافي من دلائل اقتنعا بها.

-----------------
1 - إذا كان الثابت أن مجلس التأديب الاستئنافي الذي أصدر القرار المطعون فيه كان مشكلاً تشكيلاً قانونياً وأنه واجه المدعيين بالوقائع المكونة لما اتهما به من مخالفات إدارية وبمصادرها التي تم استجماعها منها ومكنهما من إبداء أقوالهما ودفاعهما وملاحظاتهما بعد تمكينهما من الاطلاع على التحقيقات التي أجريت والأوراق المتعلقة بها فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر بعد مراعاة الضمانات الأساسية التي تقوم عليها حكمة إجراءات التأديب إذ توافرت في الإجراءات التي اتبعت ضمانة السلامة والحيدة والاستقصاء لصالح الحقيقة. كما كفلت حماية حق الدفاع للمدعيين تحقيقاً للعدالة، ومن ثم فلا وجه للنعي على القرار المذكور بالبطلان لعدم صلاحية بعض المحققين الذين اشتركوا في التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة التأديبية أو لأن بعضهم كان غير مختص بسبب نوع عمله أو مستوى درجته. فإن صح أن التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة التأديبية قد شابه قصور أو خلا من مقومات التحقيق الصحيح فقد تداركت المحاكمة التأديبية هذا العيب.
2 - إن القول بأن عدم تقديم أوراق التحقيق الابتدائي أو فقدها يجعل القرار المطعون فيه كأنه منتزع من غير أصول موجودة - قول ظاهر الخطأ، فما كان ضياع أوراق التحقيق بل سند الحق بمضيع للحقيقة ذاتها في شتى مجالاتها مدنياً أو جنائياً أو إدارياً ما دام من المقدور الوصول إلى هذه الحقيقة بطرق الإثبات الأخرى. وهذا الدليل قائم في خصوصية هذه المنازعة على ما سجله مجلس التأديب الابتدائي ثم مجلس التأديب الاستئنافي في قراريهما من خلاصة وما انتهيا إليه من دلائل اقتنعا بها فيما انتهيا إليه من نتيجة.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 30 من مايو سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 30 من مارس سنة 1959 من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية في الدعوى رقم 547 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ راتب عبد السيد ضد السكة الحديد والدعوى رقم 554 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ الفونس ميخائيل ضد السكة الحديد والقاضي بقبول الدعويين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات الصادر في 29 من يونيه سنة 1954 فيما قضى به من توقيع جزاء بخصم عشرة أيام من مرتب السيد/ راتب عبد السيد وخصم سبعة أيام من مرتب السيد/ الفونس ميخائيل وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوين وإلزام المدعيين المصروفات. وأعلنت صحيفة الطعن إلى السكة الحديد في 28 من يونيه سنة 1959 وإلى المطعون ضدهما في 4 من يوليه سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 وأبلغ الطرفان في 29 من يونيه سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وتداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون حتى جلسة 11 من ديسمبر سنة 1960 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 14 من يناير سنة 1961 وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن السيد/ راتب عبد السيد أقام الدعوى رقم 14156 لسنة 8 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1954 بطلب الحكم بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات الصادر في 29 من يونيه سنة 1954 فيما قضى به من توقيع جزاء عليه بخصم عشرة أيام من مرتبه مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأقام السيد/ الفونس ميخائيل الدعوى رقم 14157 لسنة 8 القضائية أمام المحكمة المذكورة بصحيفة أودعت في ذات التاريخ الذي أودعت فيه صحيفة الدعوى الأولى بطلب الحكم بإلغاء ذات القرار فيما قضى به من تأييد الجزاء الموقع عليه بخصم سبعة أيام من مرتبه مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 7 من سبتمبر سنة 1955 قررت محكمة القضاء الإداري إحالة الدعويين إلى المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكة الحديد للاختصاص بالتطبيق للمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة فقيدت الدعوى الأولى تحت رقم 547 لسنة 2 القضائية وقيدت الدعوى الثانية تحت رقم 554 لسنة 3 القضائية. وبجلسة 19 من فبراير سنة 1957 قررت المحكمة الإدارية ضم الدعوى رقم 554 لسنة 2 القضائية إلى الدعوى رقم 547 لسنة 2 القضائية للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ونعى المدعي الأول على القرار المطعون فيه بطلانه لعيب شكلي شاب مراحل التحقيق والمحاكمة في التحقيق الابتدائي وقع باطلاً لأن المصلحة انتدبت السيد/ أحمد عثمان حته مفتش المباحث للتحقيق على حين أنه سبق أن كون رأيه في التهم. ولأن المصلحة استبدلت في التحقيق الابتدائي بالسيد/ لطفي الأنصاري مساعد رئيس أقسام حركة أسيوط وهو المختص، موظفاً آخر هو السيد/ محمود عز الدين وهو لا يعتبر قانوناً أهلاً لتولي هذه المهمة. وتشكيل مجلس التأديب الابتدائي وقع باطلاً لأن رئيسه السيد/ عبد الحميد منصور مساعد المدير العام وأحد أعضائه وهو السيد/ محمد المتولي أحمد نجيب وكيل مصلحة التليفونات ليسا في درجة مدير عام وبالنسبة للموضوع ذكر المدعي الأول أنه نسبت إليه أربع تهم الأولى حيازته مهمات بمسكنه وبقصد استعماله الشخصي والثانية مخالفته التعليمات واللوائح المصلحية وذلك بأن سمح بنقل خزانات شركة السكر بطريقة غير قانونية بالاشتراك مع رئيسه مفتش الحركة والثالثة تأخيره إرسال عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات وإهماله عمل عمليات التلغرافات وتغييره مواعيد حضوره وانصرافه والرابعة سفره بالقطارات بدون تذكرة قانونية اعتماداً على أنه يصحبه مفتش الحركة وذلك بالمخالفة للتعليمات. وقال أن مجلس التأديب الاستئنافي برأه من التهمة الرابعة. وأدانه في باقي التهم على حين أن التهمة الأولى غير ثابتة والتهمتين الثانية والثالثة لا تقومان على أساس ونعى المدعي الثاني على القرار المطعون فيه بطلانه لذات الأسباب التي ساقها المدعي الأول. وبالنسبة للموضوع ذكر أن مجلس التأديب الاستئنافي أدانه في تهمة واحدة هي إهماله في الإشراف على عهدة محطة أرمنت الإضافية وعدم مراجعة أعمالها وعدم جرد ومراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وحصر المتبقي من الأعوام السابقة. وقال المدعي الثاني أن الشق الأول من هذه التهمة غير مستخلص من الأوراق والشق الثاني مجهل غير محدد والشق الثالث لا يقوم على أساس والشق الرابع يتعلق بمهمة تخرج عن اختصاصه ولا يصح محاسبته عنها. وأجابت الهيئة العامة للسكة الحديد على الدعويين بأنه في يوم 15 من ديسمبر سنة 1951 ضبطت مهمات مصلحية بمنزل المدعي الأول وكان يعمل معاوناً لمحطة أرمنت الإضافية وقد وجدت هذه المهمات في أكثر من غرفة ودون قيدها في الكشوف مع استعمال بعضها استعمالاً شخصياً مثل الغاز والأدوات الكتابية وقد ثبت من التحقيق الانضمامي الذي أجري في هذا الشأن مسئولية المدعي الأول عن هذه الواقعة كما ثبت فيه اشتراكه مع مفتش الحركة المدعي الثاني في السماح بنقل خزانات شركة السكر بطريقة غير قانونية وكذلك ثبت تأخير المدعي الأول في إرسال عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات وعدم عمله عملية التلغراف المروي وتغييره مواعيد الحضور والانصراف بالمخالفة لكشف توزيع العمل وسفره بالقطارات بدون تذاكر قانونية بصحبة مفتش الحركة المذكور. وثبت مسئولية المدعي الثاني مفتش الحركة بأقسام الأقصر في عدم إشرافه على عهدة محطة أرمنت الإضافية وأعمالها وعدم مراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وعدم التفاته للمتبقي في السنوات السابقة واستصحاب معاون المحطة المدعي الأول في المرور على الخط بدون داع وبدون تذاكر تسمح للمعاون بهذا المرور وإعطائه تعليمات غير قانونية في عملية نقل خزانات شركة السكر مما قد يؤدي إلى ضياع الإيراد وإقامة حفلات تمثيلية وتوزيع تذاكرها على الموظفين المرؤوسين له بما يتنافى وكرامة وظيفته فضلاً عن إثارته للنعرة الدينية بحالة تدل على عدم تقديره للمسئولية وقدم المدعيان إلى مجلس التأديب فقرر بجلسة 11 من أبريل سنة 1954 مجازاة المدعي الأول بخصم عشرة أيام من مرتبه ومجازاة المدعي الثاني بخصم سبعة أيام من مرتبه فاستأنف المدعيان كما استأنفت الوزارة هذا القرار فقرر مجلس التأديب الاستئنافي بجلسة 29 من يونيه سنة 1954 تبرئة المدعي الأول من التهمة الرابعة وإدانته في باقي التهم وبراءة المدعي الثاني من التهم الثانية والثالثة والرابعة وإدانته في التهمة الأولى وتأييد القرار المستأنف فيما قضى به من جزاء. وانتهت هيئة السكة الحديد إلى طلب رفض الدعوى لأن القرار المطعون فيه صادر من السلطة التي تملكه ولم يلحقه أي عيب شكلي أو موضوعي. وبجلسة 30 من مارس سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعويين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات الصادر في 29 من يونيه سنة 1954 فيما قضى به من توقيع جزاء بخصم عشرة أيام من مرتب المدعي الأول وخصم سبعة أيام من مرتب المدعي الثاني وما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أنها طلبت مراراً من الجهة الإدارية إيداع التحقيقات الإدارية والتحقيق الانضمامي وصورة من الشكوى الإدارية رقم 110 لسنة 1952 الخاصة بالمخالفات التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه ولكن الجهة الإدارية ماطلت في تنفيذ هذا القرار ثم قررت أخيراً أن هذه الأوراق دشتت. فتكون قد أقامت حائلاً بين المحكمة وبين رقابتها القانونية على القرار المطعون فيه وجعلت هذا القرار وكأنه منتزع من غير أصول موجودة ولا يصح أن يبحث على أسباب الجزاء في مذكرة التحقيق عارية عن أوراق التحقيق ذاته وإلا كانت الرقابة القانونية للقضاء الإداري منعدمة أو كانت ضرباً من الشكليات أو نوعاً من التسليم بوجهة نظر الإدارة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ملفي خدمة المدعين قد تضمنا من الأوراق الإدارية الصحيحة المنتجة ما يوضح أسباب القرار وحقيقة صدوره عن أسباب صحيحة. ومن ذلك مذكرة بنتيجة التحقيق الذي أجري في فبراير سنة 1953 وكذلك قرار مجلس التأديب الابتدائي والاستئنافي وسائر المكاتبات التي تبودلت بين الأقسام المختلفة أثناء التحقيق والتي أثبت فيها كاتبوها ما لمسوه عن حالة المضبوطات واعتراف المدعي الأول بأوجه خطئه في عدم رصد المهمات وعدم القيام بواجبه. وهي كلها قاطعة في صدور هذه الأفعال منه وصحة السبب الذي بني عليه القرار. وهذا فضلاً عن أن معظم دفاع المدعين لا يقوم على إنكار الوقائع وإنما يقوم على مناقشة التعليمات. فلم تكن التحقيقات لازمة هذا اللزوم الذي جعل المحكمة ترى عدم ضمها حائلاً بينها وبين مراقبة مشروعية القرار فالتهم آخذة بخناق المدعيين تشهد عليهما عيون أوراق الدعويين بحالتيهما.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة القرار المطعون فيه أنه صادر بتاريخ 29 من يونيه سنة 1954 من مجلس التأديب الاستئنافي لوزارة المواصلات المشكل برئاسة السيد المهندس جمال بدوي حمدي الوكيل الدائم لوزارة المواصلات وعضوية كل من السيد الأستاذ الحسيني العوضي المحامي العام والسيد الأستاذ عبد الفتاح بيومي نصار المستشار المساعد بمجلس الدولة وجاء بأسبابه أنه يبين حسبما هو وارد بقرار إحالة المدعيين إلى المحاكمة التأديبية أنه قد أسند إلى كل منهما ارتكاب المخالفات الآتية:
أولاً: المدعي الأول المعاون بمحطة أرمنت الإضافية.
1 - حاز مهمات مصلحية بمسكنه وبقصد استعماله الشخصي.
2 - خالف التعليمات واللوائح المصلحية وذلك بأن سمح بنقل خزانات شركة السكر بطريقة غير قانونية بالاشتراك مع رئيسه مفتش الحركة.
3 - تأخير إرسال عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات وإهماله عمل عملية التلغراف وتغيير مواعيد حضوره وانصرافه.
4 - سفره بالقطارات دون تذاكر قانونية اعتماداً على أنه يصحبه مفتش الحركة وذلك بالمخالفة للتعليمات.
ثانياً - المدعي الثاني مفتش الحركة بأقسام قبلي:
1 - إهماله الإشراف على عهدة محطة أرمنت الإضافية وعدم مراجعته أعمالها وعدم جرد ومراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وحصر المتبقي من الأعوام السابقة.
2 - ارتكابه عملاً منافياً لواجبه وهو استصحاب معاون محطة أرمنت الإضافية المدعي الأول أثناء مروره في دائرة قسمه وذلك دون مبرر ودون تصاريح سفر قانونية.
3 - إصدار تعليمات غير قانونية لمرؤوسيه في عملية نقل خزانات شركة السكر مما يؤدي إلى ضياع الإيراد.
4 - إقامته حفلات تمثيلية وتوزيع تذاكرها على مرؤوسيه مما يتنافى وكرامة وظيفته وإثارته للنعرة الدينية مع إيعازه لرؤسائه كذباً بأنه مضطهد بلا سبب وذلك بطريقة تدل على عدم تقديره للمسئولية وتبرهن على ضعف تفكيره. وهذا يتنافى مع ما يجب أن يتحلى به موظف يشغل مركز رئيسي كمفتش حركة. وأن مجلس التأديب الابتدائي قضى في 11 من أبريل سنة 1954 بثبوت جميع التهم المنسوبة للمدعين على أساس ما بان له من التحقيق الإداري وأنه بالاطلاع على أوراق التحقيق الانضمامي والتحقيق الجنائي في الشكوى رقم 110 لسنة 1952 وعلى ما قدمه المدعيان من مستندات وبعد سماع أقوالهما بالجلسة اتضح أن التهم الثلاثة الأولى الواردة بقرار الإحالة المنسوبة إلى المدعي الأول ثابتة ضده وذلك استناداً إلى أن المهمات المصلحية المبينة بأوراق التحقيق حتى على فرض أن معظمها كان موجوداً بالسكن المصلحي قبل استلامه العمل بالمحطة بعلم المصلحة كما جاء بدفاعه فإن من المقطوع به أن بعضها كان من العهدة الخاصة بالاستراحة وكان من المتعين إبقاءها بها. ومن غير الجائز أن يقوم بنقلها إلى سكنه وفضلاً عن ذلك فإن المجلس تبين أن المعاون المذكور سبق أن جوزي بتاريخ 23 من مارس سنة 1951 بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لوجود مهمات خاصة بالاستراحة بمنزله وكل ذلك يشعر باستعماله الشخصي لها خصوصاً إذا ما لوحظ أن هذه المهمات عند ضبطها لم تكن مشونة في غرفة واحدة بل وجدت شائعة في جميع غرف المنزل. وفيما يتعلق بالتهمة الثانية والثالثة فالمخالفة فيها واضحة من اعترافه بالتأخير في تحرير الاستمارات الخاصة بنقل قزانات شركة السكر وفي تأخير عملية التذاكر الواردة وجداول وكشوف القطارات ولا ينهض مبرراً لذلك ما يسوقه على سبيل الدفاع من أن العمل يجرى عرفاً في معظم الأحايين بالتجاوز عن مثل هذا التأخير. أما عن التهمة الرابعة وهي الخاصة بسفره بالقطارات بدون تذاكر قانونية اعتماداً على أنه بصحبة مفتش الحركة فقد بدأ للمجلس براءته منها وذلك بالنظر إلى أن انتقالاته هذه كانت داخلية في حدود دائرة عمله المنوط به الإشراف عليها وهذا الحق مسلم به ولا مخالفة فيه. وأنه بالنسبة للمدعي الثاني مفتش الحركة فقد بان لهذا المجلس أن المخالفات التي يمكن إدانته فيها مقصورة على ما أسند إليه في التهمة الأولى الواردة بقرار الإحالة سالف الذكر وهي الخاصة بإهماله الإشراف على عهدة محطة أرمنت الإضافية وعدم مراجعته أعمالها وعدم جرد ومراجعة المهمات التي تطلب عادة لموسم العصير وحصر المتبقي من الأعوام السابقة. وبقدر تراخيه وإهماله في الإشراف على عمل معاون المحطة، وعلى عهدته خصوصاً إذا كان ذلك منصباً على ما يمس أهم واجباته في هذه المنطقة بالنسبة لموسم العصير بالذات وذلك بالرغم من أنه سبق أن حذر وألفت نظره رسمياً في 13 من مارس سنة 1951 لعدم مفاجأته الاستراحة بالتفتيش والجرد كما هو ثابت بصحيفة الجزاءات الواردة للمجلس ضمن ملف خدمته. أما بالنسبة لباقي التهم الثلاثة المنسوبة إليه فقد اتضح أن الاتهام فيها لا يقوم على أساس من الوقائع الصحيحة ومن ثم لم ير المجلس ما يوجب مؤاخذته تأديبياً على شيء منها وبالتالي فإنه يتعين براءته منها. وأنه مع ما يقرره المجلس من براءة المعاون من التهمة الرابعة وبراءة المفتش من التهم الثلاثة الأخيرة. فإن المجلس لا يزال يرى أن الجزاء الواجب توقيعه على هذين الموظفين بالنسبة للتهم التي أدينا فيها ويكون الرادع لهما على ما اقترفاه، خصوصاً مع استئناف الوزارة لقرار مجلس التأديب الابتدائي فيما قضى به من عقوبة طالبة تشديدها هو ذات الجزاء الذي قضى به المجلس الابتدائي عن جميع التهم. وانتهى القرار إلى براءة المدعي الأول من التهمة الرابعة وإدانته في باقي التهم وبراءة المدعي الثاني من التهم الثانية والثالثة والرابعة وإدانته في التهمة الأولى وتأييد القرار المستأنف فيما قضى به من جزاء بالنسبة لكل من الموظفين المذكورين وكان المجلس الابتدائي قد قرر مجازاة المدعي الأول بخصم عشرة أيام من مرتبه ومجازاة المدعي الثاني بخصم سبعة أيام من مرتبه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مجلس التأديب الاستئنافي الذي أصدر القرار المطعون فيه كان مشكلاً تشكيلاً قانونياً صحيحاً وأنه واجه المدعيين بالوقائع المكونة لما اتهما به من مخالفات إدارية وبمصادرها التي تم استجماعها منها ومكنهما من إبداء أقوالهما ودفاعهما وملاحظاتهما بعد تمكينهما من الاطلاع على التحقيقات التي أجريت والأوراق المتعلقة بها. وبذلك صدر القرار المطعون فيه بعد مراعاة الضمانات الأساسية التي تقوم عليها حكمة إجراءات التأديب إذ توافرت في الإجراءات التي اتبعت ضمانة السلامة والحيدة والاستقصاء لصالح الحقيقة. كما كفلت حماية حق الدفاع المدعيين تحقيقاً للعدالة، ومن ثم فلا وجه للنعي على القرار المذكور بالبطلان لعدم صلاحية بعض المحققين الذين اشتركوا في التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة الابتدائية أو لأن بعضهم كان غير مختص بسبب نوع عمله أو مستوى درجته. فإن صح أن التحقيق الابتدائي الذي سبق المحاكمة التأديبية قد شابه قصور أو خلا من مقومات التحقيق الصحيح فقد تداركت المحاكمة التأديبية هذا العيب كما أنه لا وجه للنعي على القرار المذكور بالبطلان لأن مجلس التأديب الابتدائي كان مشكلاً تشكيلاً غير صحيح ذلك أنه ثابت من الأوراق أن رئيس المجلس السيد المهندس عبد الحميد منصور مساعد المدير العام لمصلحة السكك الحديدية وعضوه السيد المهندس محمد المتولي أحمد نجيب وكيل مصلحة التلغرافات والتليفونات كان كل منهما في درجة مدير عام.
ومن حيث إن الفهم الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن عدم تقديم أوراق التحقيق الابتدائي أو فقدها يجعل القرار المطعون فيه كأنه منتزع من غير أصول موجودة - هذا الفهم ظاهر الخطأ، فما كان ضياع أوراق التحقيق بل ضياع سند الحق بمضيع للحقيقة ذاتها في شتى مجالاتها مدنياً أو جنائياً أو إدارياً ما دام من المقدور الوصول إلى هذه الحقيقة بطرق الإثبات الأخرى. وهذا الدليل قائم في خصوصية هذه المنازعة على ما سجله مجلس التأديب الابتدائي ثم مجلس التأديب الاستئنافي في قراريهما من خلاصة وما انتهيا إليه من دلائل اقتنعا بها فيما انتهيا إليه من نتيجة. هذا إلى أن أوراق التحقيق الانضمامي قد قدمت إلى هذه المحكمة بجلسة 20 من نوفمبر سنة 1960 أمام دائرة فحص الطعون.
ومن حيث إنه بان للمحكمة من مطالعة الأوراق أن النتيجة التي انتهى إليها القرار المطعون فيه مستمدة من أصول موجودة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً. وما ينعاه المدعيان بالنسبة لموضوع التهم سبق أن ردداه أمام مجلس التأديب الاستئنافي. وهو يخرج عن رقابة القضاء الإداري للقرار المطعون فيه. وهي رقابة قانونية تقف عند حد التحقق من مدى مطابقة القرار أو عدم مطابقته في هذا الخصوص للقانون ولا تعني أن يحل القضاء الإداري نفسه محل مجلس التأديب فيما هو متروك لتقديره ووزنه واقتناعه. فيستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى مجلس التأديب من دلائل وبينات وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب أو يتدخل في تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب وخالف القانون فيتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعويين وإلزام المدعيين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعويين وألزمت المدعيين بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق