جلسة 2 من إبريل سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة عثمان رمزي، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع المستشارين.
--------------
(45)
الطعن رقم 367 سنة 24 القضائية
نزع ملكية:
تقدير قيمة التعويض في حالة الاستيلاء على جزء من عقار بغير اتباع الإجراءات القانونية ق 5 لسنة 1907.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 318 سنة 1949 كلي الزقازيق على الطاعنتين طالبين الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 3250 جنيهاً والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة... وقالا في دعواها إن وزارة الأشغال استولت في سنة 1945 بغير اتخاذ الإجراءات المرسومة في قانون نزع الملكية للمنفعة العامة على أطيان تبلغ مساحتها 4 ف و18 ط منها 4 أفدنة مملوكة للمطعون عليه الأول يدخل فيها 1 ف 12 ط حديثة - ومنها 18 ط مملوكة للمطعون عليها الثانية - ويبلغ ثمن الفدان في أرض الحديقة 800 جنيه وفي باقي الأطيان 500 جنيه - ويستحق المطعون عليه الأول 2450 جنيهاً والمطعون عليها الثانية 360 جنيهاً - وإزاء ما تبينته محكمة أول درجة من اختلاف وجهات النظير بين الطاعنتين والمطعون عليهما في شأن مقدار المسطح المنزوعة ملكيته - وفي الثمن الذي قدره المطعون عليهما على النحو السالف بيانه وقدرته الطاعنتان بواقع 250 جنيهاً للفدان الواحد - وفي أحقية المطعون عليهما المذكورين لقبض هذا الثمن - قضت محكمة أول درجة في 6/ 3/ 1951 بندب خبير للاطلاع على أوراق الدعوى والانتقال إلى الأرض المستولى عليها ومقاسها ومعاينة تربتها ودرجة ضعفها لبيان مقدار ما استولت عليه وزارة الأشغال منها ونصيب كل من المطعون عليهما فيها - وثمن هذه الأطيان في وقت الاستيلاء - وبعد أن باشر الخبير عمله وقدم تقريره الذي أوضح فيه أن ما استولت عليه وزارة الأشغال من ملك المطعون عليه الأول في سنة 46 - 47 مساحة مقدارها 3 ف 10 ط، 12 س ويبلغ ثمنه على أساس ثمن الفدان في وقت الاستيلاء 350 جنيهاً مبلغ 1203 جنيهاً و25 مليماً وأن ما استولت عليه من ملك المطعون عليها الثانية في تلك السنة أيضاً مساحة مقدارها 19 ط 20 س ثمنها على الأساس سالف الذكر يبلغ 288 جنيهاً و136 مليماً - قضت المحكمة الابتدائية بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1952 بإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون عليه الأول مبلغ 1031 جنيهاً و250 مليماً وللمطعون عليها الثانية مبلغ 247 جنيهاً و916 مليماً والمصروفات المناسبة، 300 قرش أتعاب للمحاماة - وأقامت المحكمة الابتدائية قضاءها في شأن تقدير قيمة الأطيان لا على أساس الثمن الوارد بتقرير الخبير - بل على أساس أن ثمن الفدان هو 300 جنيه في سنة الاستيلاء باعتبار أنه هو الثمن الذي جرى به التعامل في الأطيان الملاصقة للأطيان موضوع الاستيلاء.
وبتاريخ 18/ 11/ 1953 استأنفت الطاعنتان هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 15 لسنة 5 ق المنصورة طالبتين قبوله شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف فيما زاد على مبلغ 1065 جنيهاً و973 مليماً - وأقام المطعون عليهما استئنافاً مقابلاً طلبا في موضوعه الحكم لهما قبل الطاعنتين بالمبلغ الذي لم يحكم لهما به ومقداره 1970 جنيهاً و973 مليماً كما طلبا رفض الاستئناف الأصلي وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به. وبتاريخ 22 يونيه سنة 1954 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام وزارتي المالية والأشغال بأن تدفعا للمطعون عليه الأول مبلغ 1203 جنيهاً و125 مليماً والمصاريف المناسبة عن الدرجتين، 500 قرش أتعاباً للمحاماة وبأن تدفعا للمطعون عليها الثانية مبلغ 289 جنيهاً و236 مليماً والمصاريف المناسبة عن الدرجتين، 300 قرش أتعاباً للمحاماة عنهما - وبرفض استئناف وزارتي الأشغال والمالية وإلزامهما بالمصروفات وبتاريخ 23 أكتوبر سنة 1954 طعنت وزارتا المالية والأشغال في هذا الحكم بالنقض. وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لأن الحكم المطعون فيه مرجح نقضه بالنسبة للسبب الأول. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 4 من فبراير سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها - وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 19 من مارس سنة 1959 - وفيها صممت النيابة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن الطعن مقام على سببين نعت الطاعنتان في السبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه بالبطلان - ثم تنازلتا عن التمسك بهذا السبب فيتعين النظر فيما تضمنه النعي في السبب الأول من مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ومخالفته للثابت في الأوراق - وفي بيان ذلك ذكرت الطاعنتان أن المادتين 13 و14 من قانون نزع الملكية تقضيان أن يقدر ثمن العين المنزوعة ملكيتها - بحسب حالتها في وقت نزع الملكية وبصرف النظر عن أي اعتبار آخر وعلى الأخص بصرف النظر عن اعتبار ما قد يكون قد عاد على هذه العين من تحسين بسبب المشروع الذي من أجله نزعت الملكية ثم يراعى بعد ذلك ما عاد على باقي العين من تحسين أو فائدة بسبب نزع الملكية ويخصم قدر هذا التحسين أو هذه الفائدة من ثمن القدر موضوع نزع الملكية على أن لا يتجاوز الخصم على كل حال نصف الثمن - تلك هي الطريقة المرسومة في قانون نزع الملكية لتحديد التعويض الواجب أداؤه لأصحاب العين المستولى عليها وإجراء التقدير على غير هذه الطريقة يخالف مقاصد الشارع ولم يجر تقرير الخبير الذي أخذت به محكمة الاستئناف وفق هذا المنهج ذلك لأن الخبير أجرى تثمين الأرض المستولى عليها مراعياً في التثمين مقدار ما عاد على ذات هذه الأرض من فائدة بسبب المشروع لا ما عاد على باقي الأرض المملوكة للمطعون عليهما الأول والثانية من تحسين - ومع أن الطاعنتين تمسكتا أمام محكمة الموضوع - وفي مرحلتي التقاضي - بحكم القانون السالف بيانه - ومع أن المطعون عليهما لم ينكرا ما طرأ على باق أرضهما من تحسين إلا أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بوجهة نظر الطاعنتين - كما أن الخبير وإن كان قد ذكر أن باقي أرض المطعون عليهما قد استفادت إلا أنه لم يعن باستظهار عناصر هذه الاستفادة ومداها حتى كان يمكن إجراء تثمين الأطيان المستولى عليها تثميناً متفقاً مع ما تقضي به نصوص قانون نزع الملكية - وهو على كل حال لم يجر تقديره للأطيان المستولى عليها على أساس من ذلك النظر القانوني السابق إيراده - ولا يغني في هذا الخصوص - ما ذكره الحكم المطعون فيه من أن المحكمة تدخل ضمن عناصر تقديرها للثمن ما عاد على باقي أطيان المطعون عليهما من تحسين بسبب تنفيذ المشروع وأن الخبير قد راعى في تقديره تلك المنفعة التي أضافها المشروع إلى أطيان المطعون عليهما - ذلك أن ما أورده الحكم المطعون فيه من هذه المعاني لا يطابق ما جاء في حكم 6 مارس سنة 1951 القاضي بندب الخبير فإن ذلك الحكم لم يجعل لهذا الاعتبار وزناً - ولم ينط بالخبير أية مأمورية بخصوصه - وفي نطاق هذا الحكم باشر الخبير عمله - ولم يجعل من أسس تقديره للثمن ما عاد من نفع على باقي أطيان المطعون عليهما بسبب تنفيذ المشروع - وقالت الطاعنتان أن ما ساقتاه في وجه الطعن من مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون مستند إلى حكم المحكمة الابتدائية - التي لم تلق بالاً للاعتبار الذي يوجبه قانون نزع الملكية والسالف تفصيله.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وإن كانت قد أقرت الطاعنين على ما تمسكا به من أنه يجب أن يراعى في تقدير قيمة الأطيان المنزوعة ملكيتها مقدار ما عاد على باقي الأرض من منفعة - من جراء مشروع الصرف الذي أنشئ في الجزء المنزوعة ملكيته وأوردت ضمن أسباب حكمها أن الخبير "قد راعى هذا في تقديره وجاء تقريره مبيناً لتلك المنفعة التي أضفاها المشروع على أطيان المستأنف ضدهم (المطعون عليهما) ومعنى هذا أن الخبير لم يغفل تلك المنفعة عند التقدير... وأنه من ثم لا يكون هناك مسوغ للهبوط بالتقدير والنزول به إلى هذا المدى الذي قررته الحكومة" وذكرت في موضع آخر "أن أطيان المطعون عليهما الباقية قد أفادت أيما فائدة من مشروع إنشاء المصرف... ومن أجل هذا ترى "المحكمة" أن تقدير الخبير مناسب كل المناسبة ويمثل الحقيقة إلى حد كبير لأنه تنبه إلى جميع عناصر التقدير ولم يغفل شيئاً منها" - إلا أنه يبين من الاطلاع على تقرير الخبير (المقدمة صورته الرسمية ضمن مستندات الطاعنين) أنه قدر ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها "بمراعاة حالتها من حيث قوتها وجودتها ومعدنها وتربتها وريها وسهولة مواصلاتها ووفرة الأيدي العاملة بالجهة ومراعاة الحالة الاقتصادية وقت الاستيلاء" ومؤدى ذلك أنه لم يراع في تقدير ثمن الجزء المنزوعة ملكيته - ما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 5 الصادر بتاريخ 24/ 4/ 1907 بشأن نزع ملكية العقارات للمنافع العمومية والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 بتاريخ 18/ 6/ 1931 من أنه "إذا كان نزع الملكية قاصراً على جزء من العقار يكون تقدير ثمن هذا الجزء باعتبار الفرق بين قيمة العقار جميعه وبين الجزء الباقي منه للمالك" وما نصت عليه المادة 14 من ذلك القانون من أنه "إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك حسب أحكام المادة السابقة" ذلك أن إعمال هاتين المادتين يستوجب مراعاة ما يكون قد طرأ على الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية من زيادة أو نقص - بخصمه أو إضافته إلى ثمن الجزء المستولى عليه على حسب الأحوال - وإذا كان الخبير المعين لتقدير ثمن المقادير المستولى عليها لم يتبع في التقدير هذه الأسس - وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد تقدير الخبير للثمن مع ما في هذا التقدير من مخالفته للطريقة الواجب اتباعها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق