جلسة 5 من مارس سنة 1968
برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.
-----------------
(74)
الطعن رقم 364 لسنة 33 القضائية
(أ) اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية". "أعمال السلطات العامة". محكمة الموضوع.
اختصاص المحاكم بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة ومدى تعلقه بأعمال السيادة. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض.
(ب) اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية". "أعمال السيادة". "الدعاوى المتعلقة بأضرار الحرب". دعوى.
عدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة. مناطه.
(ج) دعوى. "الصفة في الدعوى". نظام عام.
النزاع حول بلوغ سن الرشد نزاع حول الصفة. لا شأن له بالنظام العام ولا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) إثبات. "طرق الإثبات". "قرائن قضائية".
لقاضي الموضوع أن يستنبط من وقائع الدعوى ومن مسلك الخصوم فيها القرائن التي يعتمد عليها في قضائه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما الأولين أقاما الدعوى رقم 1981 سنة 1957 كلي القاهرة ضد وزارة الحربية - الطاعنة - وضد المطعون عليه الثالث يطلبان الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 10000 ج. وقالا شرحاً لها إنه بتاريخ 29/ 10/ 1956 هاجمت قوات الاعتداء الثلاثي الأراضي المصرية، وفي يوم 1/ 11/ 1956 أغارت طائراتها على مطار كبريت بالضفة الشرقية من القنال حيث كان مورثهما المرحوم حسني محمد يحيى يعمل ميكانيكياً بالقوات الجوية وأصيب أثناء هذه الغارة في إحدى رجليه ثم نقل إثر إصابته إلى مستشفى كبريت العسكري بإسعافه المطعون عليه الثالث وهو كبير الأطباء فيه ولكنه تركه جريحاً في مكانه وغادر المستشفى فقضى النزيف على حياته وثبت هذا الإهمال الجسيم على المطعون عليه الثالث بحكم من مجلس عسكري وقتي ميداني بتاريخ 14/ 11/ 1956 قضى باعتباره مذنباً وتكديره تكديراً شديداً وإذ لحق المطعون عليه الأول ضرر بالغ وألم نفسي شديد بفقد ولده وأصابه بصفته ولياً شرعياً على أولاده ابنه كما أصاب المطعون عليها الثانية وهي زوجة المتوفى ضرر شديد بفقد عائلهم الوحيد وكان تعويض هذا الضرر يقدر بمبلغ 10000 ج فقد أقاما دعواهما ضد المطعون عليه الثالث وضد الطاعنة - وزارة الحربية بصفتها متبوعة له ومسئولة عن أعماله للحكم لهما بطلباتهما. دفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى لأن موضوعها متعلق بعمل من أعمال السيادة. وبتاريخ 27/ 2/ 1961 حكمت محكمة أول درجة برفض الدفع وبرفض الدعوى. استأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1147 سنة 78 ق القاهرة وصممت الطاعنة على دفعها بعدم الاختصاص ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 11/ 12/ 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما الأولان أن المطعون عليه الثالث أهمل في العناية بمورثهما لتركه جريحاً في المستشفى وأن هذا الإهمال أدى إلى وفاته وأنه لحقهما من ذلك أضرار مادية وأدبية مع بيان مداها وصرحت للطاعنة والمطعون عليه الثالث بنفي ذلك وإثبات أن سبب الوفاة يرجع إلى القوة القاهرة ولم ينفذ حكم التحقيق. وبتاريخ 25/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبإلزام الطاعنة والمطعون عليه الثالث متضامنين بأن يدفعا إلى المطعون عليهما بالسوية بينهما مبلغ 1000 ج. طعنت الطاعنة في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تعنى الطاعنة بالسبب الأول والشق الأول من السبب الخامس على الحكمين المطعون فيهما الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وتقول في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن إهمال المطعون عليه الثالث - كبير أطباء المستشفى العسكري بكبريت - في إسعاف مورث المطعون عليهما الأولين الذي أصيب في ميدان القتال أثناء الاعتداء الثلاثي على البلاد هو فعل صادر منه بإرادته وحده ولا يمكن إسناده إلى السلطة التنفيذية كما لا تحتمه أعمال الحرب فلا يعتبر من أعمال السيادة المحظور على المحاكم نظرها، هذا في حين أن مورث المطعون عليهما أصيب في مطار كبريت بمقذوف ناري من طائرات العدو ثم نقل إلى المستشفى العسكري الملحق بالمطار وصدر في ذلك الوقت أمر عام لجميع القوات بالانسحاب السريع إلى الضفة الغربية للقنال لحكمة حربية، وكان ذلك هو سبب وفاة المورث وليس فعل المطعون عليه الثالث الذي كان ينفذ أوامر لا تحتمل التأخير ووقع الحادث بذلك نتيجة لسير العمليات الحربية، وهي تعد من أعمال السيادة التي تخرج عن نطاق المنازعات القضائية أمام المحاكم. وإذ قضى الحكم المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى التي رفعت بالمطالبة بالتعويض عن هذا الحادث فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأضافت الطاعنة تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن صدور هذه الأوامر بالانسحاب السريع هو السبب المباشر في وفاة مورث المطعون عليهما الأولين مما ينفي رابطة السببية بين فعل المطعون عليه الثالث ووفاة المورث ولكن الحكم المطعون فيه الثاني الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 والذي فصل في الموضوع لم يرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض ولما كان يشترط حتى لا تختص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلق بالأضرار الناتجة عن أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة أن تكون هذه الأضرار قد وقعت نتيجة مباشرة وحتمية للعمليات الحربية وسيرها وكان الثابت من الحكم المطعون فيه الأول أن المطعون عليهما الأولين أقاما الدعوى ضد الطاعنة - وزارة الحربية - وضد المطعون عليه الثالث لمطالبتهما بالتعويض عن الضرر الذي لحقهما نتيجة إهمال المطعون عليه الثالث في إسعاف مورثهما الذي كان يعمل بالقوات الجوية في مطار كبريت وأصيب يوم 1/ 11/ 1956 أثناء غارة جوية لطائرات الأعداء على هذا المطار لأن الطاعنة بصفتها متبوعة للمطعون عليه الثالث مسئولة عن إهماله وكان هذا الحكم قد حصل أن المطعون عليه الثالث عندما كان معيناً كبيراً لأطباء المستشفى العسكري الملحق بمطار كبريت قد أهمل في تأدية واجبة بترك مورث المطعون عليهما الأولين بالمستشفى المذكور عند إخلاء المطار دون أن يتخذ الإجراءات اللازمة لنقله إلى مستشفى آخر وأن هذا الخطأ لا تحتمه أعمال القتال لأنه يرجع إلى إرادة المطعون عليه الثالث وحده ومنقطع الصلة بالسلطة التنفيذية واستند الحكم في ذلك إلى حكم المجلس العسكري الذي قضى بإدانة المطعون عليه الثالث وتكديره تكديراً شديداً لإهماله بترك المصاب حسني محمد يحيى - مورث المطعون عليهما الأولين - بمستشفى كبريت العسكري أثناء إخلاء مطار كبريت دون أن يقوم بنقله مما أدى إلى وفاته وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه المشار إليه على ما سلف بيانه أن الفعل الخاطئ المنسوب إلى المطعون عليه الثالث لم يكن يستلزمه تنفيذ عملية الانسحاب وبالتالي لا يكون قد وقع نتيجة لأعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة والتي لا تختص المحاكم بنظر دعوى المطالبة بالتعويض عنها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الثاني قد خلص إلى أن خطأ المطعون عليه الثالث بترك مورث المطعون عليهما الأولين جريحاً في مستشفى كبريت العسكري هو الذي أدى إلى وفاته وكان هذا الذي حصله ذلك الحكم وانتهى إليه يتضمن الرد على دفاع الطاعنة بشأن انتفاء رابطة السببية بين الخطأ والوفاة - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه الأول لا يكون قد خالف القانون إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى ويكون النعي بالقصور على الحكم المطعون فيه الثاني على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني خطأ الحكمين المطعون فيهما في تطبيق القانون ذلك أن الحكم الأول الصادر في 11/ 12/ 1962 قضى بقبول استئناف المطعون عليها الثانية شكلاً كما قضى لها الحكم الثاني الصادر في 25/ 6/ 1963 بالتعويض هذا في حين أن المطعون عليها الثانية لم تكن خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة إذ أقامها المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أولاد ابنه المتوفى للمطالبة بالتعويض أما ما ذكره المطعون عليه الأول بصحيفة الدعوى من أنه ولي شرعي على المطعون عليها الثانية باعتبارها من الورثة فغير صحيح قانوناً لأنها كانت قد بلغت سن الرشد وقتذاك ولها أهلية التقاضي ولم يكن له أن يباشر أي تصرف نيابة عنها ويكون حكم محكمة أول درجة قد صدر ضد المطعون عليه الأول وحده وليس للمطعون عليها الثانية أن تطعن عليه بالاستئناف وإذ قضى الحكم المطعون فيه الأول بقبول استئنافها شكلاً وقضى لها الحكم الثاني بالتعويض فإنهما يكونان قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النزاع الذي تثيره الطاعنة بأن المطعون عليها الثانية كانت قد بلغت سن الرشد وقت تمثيلها في الدعوى أمام محكمة أول درجة بالمطعون عليه الأول باعتباره ولياً شرعياً عليها - هو مما يتعلق بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمر لا شأنه له بالنظام العام وإذ لم تتمسك الطاعنة بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع وكان تحقيقه يخالطه واقع فإنه يكون سبباً جديداً لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وإذ قضى الحكم المطعون فيه الأول بقبول استئناف المطعون عليها الثانية شكلاً ثم قضى لها الحكم المطعون فيه الثاني بالتعويض فإن النعي عليهما بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الصادر في 25/ 6/ 1963 مخالفة القانون والتناقض في الأسباب ذلك أن المطعون عليهما الأولين طلبا ضم ملف المحاكمة العسكرية للمطعون عليه الثالث عن الإهمال المنسوب إليه في رعاية مورثهما وقررت محكمة الاستئناف في حكمها الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 أنه لا محل لإلزام الطاعنة بتقديم هذا الملف لأنه ليس ورقة مشتركة بين الخصوم في حكم المادة 253 من قانون المرافعات كما قررت المحكمة أن الصورة الشمسية لنشرة وزارة الحربية عن قرار المجلس العسكري بمحاكمة المطعون عليه الثالث والتي قدمها المطعون عليهما الأولان هي صورة غير رسمية ولم يعترف بها من الخصوم فلا تصلح بذاتها دليلاً قانونياً كافياً على صحة ما تحتويه ولكن المحكمة عادت في حكمها الثاني الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 وقررت إنه إذ امتنع أحد الخصوم عن تقديم ورقة كلفته المحكمة بتقديمها كان لها أن تحكم في موضوع الدعوى لمصلحة الخصم الذي ترجح لديها أنه المحق وأنها تأخذ بمحتويات الصورة الشمسية لنشرة وزارة الحربية عن قرار المجلس العسكري وتستند إليها في قضائها بالتعويض وتقول الطاعنة إن ما قرره الحكم الثاني فيه مخالفة لحجية الحكم الأول فضلاً عن أنه يتناقض مع ما جاء بأسباب ذلك الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من الحكمين المطعون فيهما أن المطعون عليهما الأولين استندا في دعواهما بالمطالبة بالتعويض إلى صورة شمسية من نشرة وزارة الحربية لقرار المجلس العسكري بمحاكمة المطعون عليه الثالث عن إهماله في رعاية مورثهما مما أدى إلى وفاته وطلبا أمام محكمة أول درجة ضم ملف هذه المحاكمة وكان الحكم المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 قد قرر إن الطاعنة غير ملزمة بتقديم هذا الملف وأن الصورة الشمسية لقرار المجلس العسكري هي صورة غير رسمية لم يعترف بها الخصوم ولا تصلح بذاتها دليلاً قانونياً كافياً على صحة ما تحتويه ثم أحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات أركان المسئولية وكان الحكم المطعون فيه الثاني الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 قد حكم للمطعون عليهما الأولين بالتعويض وقرر إن مسلك الطاعنة في الدعوى بامتناعها عن تنفيذ قرار محكمة أول درجة بتقديم ملف محاكمة المطعون عليه الثالث عسكرياً وبامتناعها عن إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان تنفيذاً لحكم التحقيق الذي أصدرته المحكمة يعد قرينة على صحة ما يدعيه المطعون عليهما الأولان من ثبوت الإهمال المنسوب إلى المطعون عليه الثالث في ملف المحاكمة العسكرية وعلى أن الصورة الشمسية لقرار المجلس العسكري تطابق القرار الأصلي الذي صدر بإدانته عن هذا الإهمال فإن هذا الذي أورده الحكم الثاني لا مخالفة فيه لحجية الحكم الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 ولا يناقض ما جاء فيه ذلك أنه استنبط القرينة التي استند إليها في قضائه من امتناع الطاعنة عن تقديم ملف محاكمة المطعون عليه الثالث وهو أمر لا يتعارض مع كونها غير ملزمة بتقديمه وإذ لم يقطع الحكم الأول في دلالة الصورة الشمسية لنشرة وزارة الحربية الخاصة بقرار المجلس العسكري ولم يستبعد قوتها في الإثبات بل قرر إنها لا تصلح بذاتها دليلاً قانونياً كافياً على صحة ما تحتويه وكانت المحكمة في حكمها الثاني قد عززت اقتناعها على النحو السالف بيانه بما استجد من وقائع بعد صدور الحكم الأول وهي امتناع الطاعنة عن إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان تنفيذاً لحكم الإحالة إلى التحقيق بأن اتخذت من ذلك قرينة على أن الصورة الشمسية لقرار المجلس العسكري تطابق القرار الأصلي فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع والشق الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه استند في قضائه إلى أن الطاعنة منعت إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان للإدلاء بمعلوماتهم في الدعوى وأن منع هؤلاء الضباط من الشهادة بما بلغ علمهم أثناء قيامهم بعلمهم متروك لتقديرهم الذي يخضع هؤلاء لرقابة الجهة المختصة فضلاً عن أن أحكام المجالس العسكرية تنشر في نشرات عامة توزع على وحدات الجيش مما يخرجها عن الحظر الوارد في المادة 206 من قانون المرافعات هذا في حين أنه يبين من نص هذه المادة أن أداء الموظف للشهادة بما يكون قد وصل إلى علمه أثناء قيامه بالعمل لا يخضع لتقديره هو وإنما يخضع لتقدير السلطة المختصة وقد منعت الطاعنة الضباط الذين أعلنهم المطعون عليهما الأولان من الأداء بمعلوماتهم استعمالاً لهذا الحق كذلك لم يبين الحكم المصدر الذي استند إليه فيما قرره من نشر أحكام المجالس العسكرية على وحدات الجيش مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه في الرد على السبب الثالث أنه استند في استنباط القرينة التي عول عليها في قضائه إلى مسلك الطاعنة بمنعها إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان وما ترتب عليه من الحيلولة دون تنفيذ حكم الإحالة إلى التحقيق ولما كان ما استند إليه الحكم من منع الطاعنة إعلان الضباط للحضور لسماع شهادتهم في التحقيق لا شأن له بحق الطاعنة في الإذن لهؤلاء الضباط بأداء الشهادة على النحو الذي تقرره المادة 206 من قانون المرافعات وكان لقاضي الموضوع أن يستنبط من وقائع الدعوى ومن مسلك الخصوم فيها القرائن التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته وكان ما قرره الحكم على النحو السالف يكفي لحمله فإن ما استطرد إليه بشأن تفسير المادة المشار إليها يعتبر تزيداً لم يكن الحكم بحاجة إلى تقريره ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص غير منتج وبالتالي يصبح النعي عليه بالقصور ولا محل له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) راجع نقض 21/ 2/ 1967 - الطعن 136 لسنة 33 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 418.
(2) راجع نقض 23/ 5/ 1967 الطعن 10 لسنة 34 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1084.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق